• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
شبكة الألوكة / ملفات خاصة / ملف الحج / عشر ذي الحجة
علامة باركود

خطبة: {وليال عشر}

خطبة: {وليال عشر}
وضاح سيف الجبزي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 5/7/2022 ميلادي - 5/12/1443 هجري

الزيارات: 10780

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

وليالٍ عَشْر


الحمدُ للهِ الذي رفعَ السماءَ بقدرتِهِ وأجرى الأفلاك، وبسطَ الأرضَ بمشيئتهِ ومهَّدَها للسُّلَّاك، وسَخَّرَ الفُلكَ ومهَّدَ المُلْكَ ودبَّر الأملاك، الحيُّ القيومُ جل جلاله الذي لا تأخُذُه سِنَةٌ ولا نومٌ، الذي خلقَ الموتَ والحياةَ وقدَّر النجاةَ والهلاكَ، الذي له الخلقُ والأمرُ، وبيدهِ الإطلاقُ والإمساك، الذي أنشأَ اللوحَ والقلمَ، وعلَّمَ الإنسانَ ما لم يعلمْ، ووهبَ له العقلَ الكاملَ والفهمَ والإدراكَ..

 

وَأشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيْكَ لَهُ، أهلُ الثناءِ والمجدِ، وصاحبُ الجبروتِ والملكوتِ، والكبرياءِ والعظمةِ، عالِمُ السرِّ وأخفى، قيومُ السماوات والأرضِ، عالمُ الأسرارِ، مقيلُ العثار، مدبرُ الليلِ والنهارِ، هو الأولُ فليس قبلَهُ شيءٌ، والآخرُ فليس بعدَهُ شيءٌ، والظاهرُ فليسَ فوقَهُ شيءٌ، والباطنُ فليسَ دونَهُ شيءٌ، ﴿ هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [الحديد: 3].

 

وأشهدُ أنَّ سيدنا وحبيبنا ومولانا وشفيعنا وقائدنا إلى جنات النعيم محمدًا عبد الله، حبيب الله، صفيُّ الله، نجيُّ الله، سيدي أبا القاسم يا رسول الله:

لك أحرفي وحنينُها وهواهَا
وقصائدي يَا سيدي تتباهى
بأبي وأمي أنتَ مَا عَرف الورَى
شرفًا عَلا إلا إليكَ تَناهى
صلَّى عليك اللهُ ما حنت لك ال
أرواحُ والشّوقُ العظيمُ دعَاها
ما طافَ عبدٌ بالعتيق وأحرَمَا
أوْ نحو طيبةَ بالمحبةِ يمّما
إلا ولهجُ لسانِهِ وفؤادِهِ
صلَّى الإلهُ على الحبيب وسلَّما

 

وبعد، أيها المسلمون:

‌عَشرٌ يَطيبُ الكونُ مِن نفَحاتِها
لا حظ للمَحرومِ مِن بركاتِهَا
قد خصها ربُّ الوجُودِ بحبِّهِ
واختصَّها بالفضلِ فوقَ لِدَاتها
طُوبى لمَن شدُّوا الرِّحالَ لوَصلِها
واسْتثمَروا بصِيامِها وصَلاتِها
هرعُوا إلى التَّكبِيرِ منذُ هِلالها
واسْتكثروا الخَيراتِ قبلَ فَواتِها


عنْ جَابِرٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ أيامٍ أَفْضَلُ عِنْدَ اللهِ مِنْ أَيَّامِ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ، قَال: فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، هُنَّ أَفْضَلُ أَمْ عِدَّتُهُنَّ جِهَادًا فِي سَبِيلِ اللهِ؟ قَالَ: هُنَّ أَفْضَلُ مِنْ عِدَّتِهِنَّ جِهَادًا فِي سَبِيلِ اللهِ»[1]، ويقول صلى الله عليه وسلم: «أَفْضَلُ أَيَّامِ الدُّنْيَا أَيَّامُ العَشْرِ»[2].

أَطَلَّتْ عشرُ خيرٍ فاغنمُوها
وفوزوا بالجزيلِ من العطايا
وتوبوا من ذنوبِكمُ وعُودُوا
لِدَرْبِ الرُّشْدِ واجتنبوا الخطايا

 

يقول ابن حجر: والذي يظهرُ أنَّ السبب في امتياز عشر ذي الحجة؛ لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه؛ وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يأتي ذلك في غيره[3].

 

وقال صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ أَيَّامٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ وَلَا أَحَبُّ إِلَيْهِ الْعَمَلُ فِيهِنَّ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ، فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنَ التَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّحْمِيدِ»[4].

 

﴿ لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ ﴾ [الحج: 28].

 

وها هو الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم يسوقُ لنا هذه البشارة لمن كبَّرَ وهلَّلَ في هذه العشرِ، فيقول صلى الله عليه وسلم: «ما أَهَلَّ مُهِلٌّ قطُّ إلَّا بُشِّرَ، ولا كَبَّرَ مُكَبِّرٌ قطُّ إلَّا بُشِّرَ، قيل يَا رسُولَ اللهِ: بالجنةِ؟ قال: نَعَمْ»[5].

 

وعَنْ مِسْكِينٍ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ مُجَاهِدًا، وَكَبَّرَ رَجُلٌ أَيَّامَ الْعَشْرِ، فَقَالَ مُجَاهِدٌ: أَفَلَا رَفَعَ صَوْتَهُ، فَلَقَدْ أَدْرَكْتُهُمْ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُكَبِّرُ فِي الْمَسْجِدِ، فَيَرْتَجُّ بِهَا أَهْلُ الْمَسْجِدِ، ثُمَّ يَخْرُجُ الصَّوْتُ إِلَى أَهْلِ الْوَادِي حَتَّى يَبْلُغَ الْأَبْطُحَ، فَيَرْتَجُّ بِهَا أَهْلُ الْأَبْطحِ، وَإِنَّمَا أَصْلُهَا مِنْ رَجُلٍ وَاحِدٍ»[6].

 

الله أكبرُ أحْيَتْ في مسامِعِنَا
صوتًا نَدِيًّا به قدْ قامتْ الحُجَّةْ
فكبِّروا الله وارجُوا منه رحمتَه
ما دام بلَّغَكُم عشرًا لِذِي الحِجَّةْ

 

الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

 

عباد الله، من رحمة الله أنه لَمَّا جعل عشر ذي الحجة أفضل الأيام، جعل الذِّكرَ فيها أفضلَ الأعمال؛ ذاك أن الذكر من أسهل الأعمال، وأيسرِ العبادات، وبمقدوره كل الناس الإتيان به في كل الأحوال.


قال ابن القيم رحمه الله: إذا انكشف الغطاءُ للناس يوم القيامة عن ثوابِ أعمالهم، لم يروا عملًا أفضل ثوابًا من الذِّكر، فيتحسَّر عند ذلك أقوام فيقولون: ما كان شيءٌ أيسر علينا من الذِّكر[7].

 

وقال ابن عباس رضي الله عنهما: إن الله تعالى لم يفرِض فريضةً إلا جعل لها حدًّا معلومًا، ثم عذَر أهلَها في حال العذر، أما الذِّكرُ فإنه لم يجعلْ له حدًّا ينتهي إليه، ولم يعذرْ أحدًا في تركه، إلا مغلوبًا على عقله، وأمرهم به في كلِّ الأحوال، فقال: ﴿فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ} [النساء: 103]، بالليل والنهار في البر والبحر، وفي السفر والحضر، والغنى والفقر، والسقم والصحة، والسر والعلانية، وعلى كل حال، وقال: ﴿ وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ﴾ [الأحزاب: 42]، فإذا فعلتم ذلك؛ صلى عليكم هو وملائكته، قال الله جل جلاله: ﴿ هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ ﴾ [الأحزاب: 43][8].

 

اللهُ أكبرُ كمْ في العُمر مِنْ مِنَحٍ
وكمْ لهونا وضاعتْ تِلكُمُ الِمنَحُ
هذي هي العشرُ والرَّحمنُ فَضَّلَها
يا ويحَ مَنْ أدركُوها ثُم ما ربِحُوا
ونَضرَ اللَّهُ أقوامًا ذوي هِمَمٍ
فيها إلى صالِحِ الأعمالِ قدْ جَنَحُوا

 

أيها الموحِّدون، إنما دلَّنا رسولُنا صلى الله عليه وسلم على الإكثار من التهليل والتحميد والتكبير في هذه الأيام المباركة؛ لأن هذه الكلمات هن أفضل الكلام وأحبه إلى الله، فقد أخرج مسلم عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ بلفظ: «أَحَبُّالْكَلَامِإِلَىاللَّهِأَرْبَعٌ: سُبْحَانَاللَّهِوَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّااللَّهُوَاللَّهُ أَكْبَرُ لَا يَضُرُّكَ بِأَيِّهِنَّ بَدَأْتَ»[9].


وتأمَّل هذا الفضل العظيم، والخير العميم، والكنز الفريد؛ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذْ قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: اللهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا، وَسُبْحَانَ اللهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مِنَ الْقَائِلُ كَلِمَةَ كَذَا وَكَذَا؟»، قَالَ رَجُلٌ مَنِ الْقَوْمِ: أَنَا، يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: «عَجِبْتُ لَهَا، فُتِحَتْ لَهَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ» قَالَ ابْنُ عُمَرَ: «فَمَا تَرَكْتُهُنَّ مُنْذُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ ذَلِكَ»[10].

 

قال ابن القيم: إن في دوام الذكر في الطريق والبيت، والحضر والسفر، والبقاع، تكثيرًا لشهود العبد يوم القيامة، فإن البقعة والدار والجبل والأرض تشهد للذاكر يوم القيامة[11].

 

فيا أيها المسلمون:

كَبّروا اللهَ بُكرةً وعشِيًّا
واذكُروهُ ذِكرًَا كثِيرًا وفيَّا
واعمُروا العَشرَ بالتَّلاواتِ أحيُوا
ليلَكُم، صُومُوا النّهَارَ الجليَّا
وارفعُوا بالدُّعاء كَفا ذليلًا
وابسُطوا بالسّخاءِ كفًّا نديَّا
إنَّما العشْرُ فُرصةٌ وستَمضِي
هَذِه عِظةٌ لِمن كانَ حيَّا

 

﴿ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾ [العنكبوت: 45]، ﴿ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ ﴾ [المدثر: 3]، ﴿ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا ﴾ [الإسراء: 111].

 

ردِّدُوا: اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرْ
ولْتَهزُّوا بِرَعْدِها كلَّ مِنبرْ!
هذه العشرُ خيرُ مَيدانِ ذِكرٍ
فاز والله من شدا الله كَبَّرْ
سبِّحوا الله هلِّلوا كلَّ وقتٍ
واحمدوا الله ألفَ حمدٍ وأكثرْ
في بيوتٍ ومسجدٍ وطريقٍ
رددوها؛ مَنْ يَذْكُرِ اللهَ يُذْكَرْ!
إن في الذكر للقلوب نعيمًا
حين مِنْ هَمِّها القلوبُ تُسَعَّرْ!
ليس في الصالحات كالذِّكر شيءٌ
فاذكروا الله تَسعدوا يوم نُنْشَرْ!
لا تقل قد ذكرتُ بل زدْ فهذا
موسمٌ في غدٍ يُوَلِّي فتخسرْ!
ثم صلوا صلاةَ صدقٍ على مَن
أنذر الناس رأفةً ثم بَشَّرْ!
فصلاةٌ من الكريم بعشرٍ
سَعْدَ عبدٍ عليه صلى وعَزَّرْ
صَلِّ يا رب كلَّ حين إلى أنْ
نلتقيْ في جواره يوم نُحشَرْ!

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنبٍ، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، كما يُحب ربنا ويرضى، فهو مستحقُّ الحمد وأهلُه، وهو أهلُ التقوى وأهلُ المغفرة، والصلاة والسلام على رسوله وخليله ومجتباه؛ محمد صلى الله عليه وسلم سيدِ ولد عدنان، وعلى آله وأصحابه الذين كانوا مصابيح الدجى، ونجوم الهدى، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

فيا أيها الموحِّدون، في العشر قربات لا تُعد، وأبوابٌ لا تُسدُّ، ودعواتٌ لا تُرد، وسوانحُ لا تُمد، وطاعات لا تحصى، وعباداتٌ لا تستقصى.

 

وإذا جالت فرسان المتعبدين في ميادين الكفاح، طارتْ رؤوس الشياطين في مهابِّ الرياح، والطريق إلى الخالق بعدد أنفاس الخلائق.

 

ومِن أَحَبِّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ: سُرُورٌ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ، أَوْ تَكْشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً، أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دِينًا، أَوْ تَطْرُدُ عَنْهُ جُوعًا، أَوْ تُطْعِمَهُ خُبْزًا، أوْ تُفَرِّجَ عَنْه كُرْبَةً، أو تخفِّف عنه همًا[12].

 

عباد الله، المعروف ذخيرة الأبد، والسعي في شؤون الناس زكاة أهل المروءات، والكسل عن الفضائل بئس الرفيق، وحب الدعة والراحة يورث من الندم ما يربو على كل متعة.

 

من وصايا لقمان الحكيم: يا بُني، إنه من يَرحم يُرحم، ومن يصمت يسلَم، ومن يقل الخير يغنَم، ومن لا يملك لسانه يندم[13].

 

وفي الحديث: «خَابَ عَبدٌ وَخَسِرَ، لَمْ يَجعلِ اللهُ تَعَالَى في قَلبِهِ رَحمةً لِلبَشرِ»[14].

 

إن كان قلبُك لم تعطِفْهُ عاطِفَةٌ
على المسَاكِينِ فاسْتَبْدِلْ بهِ حجَرَا
والنَّاسُ ما لم يواسُوا بعضَهُم فَهُمُ
كالسائماتِ وإنْ سمَّيتَهُم بشَرَا

 

‏ في تاريخ دمشق: عن عامر الشعبي قال: أرسل الأشعثُ بن قيس إلى عدي بن حاتم يستعير قدورَ حاتم، فأمر بها عديٌّ؛ فمُلِئَت، وحَملها الرجالُ إلى الأشعث، فأرسل إليه الأشعث: إنما أردناها فارغة، فأرسل إليه عديٌّ: إنا لا نُعيرها فارغة[15].

 

فيا عبد الله، إن لله عليك نعمتين: السراء للتذكير، والضراء للتطهير، فكن في السراء عبدًا شكورًا، وفي الضراء حرًّا صبورًا.

وقديمًا قيل: لا خير في السرف، ولا سرف في الخير[16].

 

فلا تقطعِ المعروفَ حتى لعلةٍ
تخاف وتخشى من مغبَّتها شرَّا
ولا تمنع المألوفَ عمَّن يرجِّهِ
وإن صِرتَ شغلًا ترفد الكون والدَّهرا
إذا سكن البحر العظيم تصدَّفتْ
بأحشائه الأحياءُ حتى تجد بحرَا
لذلك لا تلقى سكونًا لموجِهِ
تمور ولا تنفكَّ عنه ولا تعرَى


قال عمرو بن العاص: في كل شيء سَرَفٌ إلا في ابتناء المكارم، أو اصطناع المعروف، أو إظهار مروءة[17].

 

خُذِ العفوَ وَأْبَ الضيمَ واجتَنِبِ الأذى=وأَغْضِ تَسُد وارفُقْ تَنَلْ واسْخُ تُحْمَدِ

يقول صلى الله عليه وسلم: « مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا، نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ، يَسَّرَ اللهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا، سَتَرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَاللهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ...»[18].

 

«إِنَّ هَذَا الْخَيْرَ خَزَائِنُ، وَلِتِلْكَ الْخَزَائِنِ مَفَاتِيحُ، فَطُوبَى لِعَبْدٍ جَعَلَهُ اللَّهُ مِفْتَاحًا لِلْخَيْرِ، مِغْلَاقًا لِلشَّرِّ، وَوَيْلٌ لِعَبْدٍ جَعَلَهُ اللَّهُ مِفْتَاحًا لَلشَّرِّ، مِغْلَاقًا لِلْخَيْرِ»[19].

 

طوبى لمن حجُّوا إلى الإكرامِ
وسَعَوا على الفقراءِ والأيتامِ
وتحسّسوا جِيرانَهم وتفقّدوا
إخوانَهم في هذه الأيامِ
طوبى لمن وقفوا على عَرَفاتهم
يومًا وطافُوا كعبة الأرحامِ
مَنْ أحْرموا طُهْرًا بِصِدْق إنابةٍ
وتحلّلوا من رِقة الآثامِ
باتوا بمِشْعرِ خوفهم من ربهم
وتوجّهوا لِمَنى الحنينِ السّامي
ورَموا حبال اليأس خلف ظهورهم
وعَلَوا بروح الفأل في الإسلامِ
ضحَّوا بزهْرةِ عُمْرهم من أجله
وهو الكريمُ البَرُّ ذو الإنعامِ
طوبى لمن هطَلوا على أوجاعنا
عيدًا نعوذُ به من الآلامِ
وسقَوا يباسَ قلوبنا بِوِدادهم
وكسَوا عَراء دموعنا بِوئامِ

 

﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ﴾ [الكهف: 110].

اللهم أهدنا وسدِّدنا، واغفر لنا وارحمنا، وعافنا واعفُ عنا.

 

اللهم وفِّقنا لما تحب وترضى، واجعل عواقب أمورنا خيرًا.

 

اللهم إنا نسألك خير المسألة، وخير الدعاء، وخير النجاح، وخير العمل، وخير الثواب، وخير الحياة، وخير الممات.



[1] رواه ابن حبان في صحيحه، من حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنهما، باب ذكر رجاء العتق من النار لمن شهد عرفات يوم عرفة (9/ 164)، صححه الألباني، صحيح الترغيب والترهيب (2/ 32).

[2]رواه البزار في كشف الأستار، من حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنهما، باب في أيام العشر (2/ 28)، صححه الألباني، صحيح الترغيب والترهيب (2/ 32).

[3] فتح الباري (2/ 460).

[4] رواه أحمد في المسند، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما (9/ 323)، قال شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح.

[5] أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه (7/ 379)، صححه الألباني، السلسلة الصحيحة (2/ 365).

[6] مصنف ابن أبي شيبة (3/ 250).

[7] الوابل الصيب (ص78).

[8] تفسير الطبري (20/ 280).

[9] صحيح مسلم، باب كراهة التسمية بالأسماء القبيحة وبنافع ونحوه (3/ 1685).

[10] صحيح مسلم، باب ما يقال بين تكبيرة الإحرام والقراءة (1/ 420).

[11] الوابل الصيب(ص81).

[12] والحديث أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما(6/ 139)، وفي المعجم الصغير(2/ 106)، والكبير(12/ 453)، حسنه الألباني، صحيح الترغيب والترهيب(1/ 564).

[13] مجاني الأدب في حديقة العرب(2/ 51).

[14] أخرجه الدولابي في الكنى والأسماء، من حديث عمرو بن حبيب رضي الله عنه (2/ 535)، حسنه الألباني، صحيح الجامع الصغير وزيادته (1/ 611).

[15] تاريخ دمشق لابن عساكر (40/ 88).

[16] تفسير الثعلبي (12/ 238).

[17] بهجة المجالس(ص64).

[18] رواه مسلم في صحيحه، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر (4/ 2074).

[19] رواه ابن ماجه في سننه، من حديث سهل بن سعد، باب من كان مفتاحًا للخير (1/ 87)، حسنه الألباني، صحيح الترغيب والترهيب (1/ 135).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • وليال عشر
  • أيام معلومات وليال عشر
  • وليال عشر (بطاقة)
  • وليال عشر (خطبة)
  • خطبة: وليال عشر
  • الحلم زينة الأخلاق وعقد مفاخرها

مختارات من الشبكة

  • تحري ليلة القدر(مقالة - ملفات خاصة)
  • ليلة القدر أعظم ليالي العام ليلة الرحمة والمغفرة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ليلة 21 من رمضان أول ليالي العشر(محاضرة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • مجلس قرآني في دلالة قوله تعالى: وليال عشر(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • وليال عشر(محاضرة - موقع الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن معلا اللويحق)
  • وليال عشر (بطاقة دعوية)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • كلمة بعنوان (وليال عشر)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • والفجر وليال عشر (مطوية)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مضت من العشر ليلة (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • وانتصفت ليالي العشر (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب