• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
شبكة الألوكة / ملفات خاصة / ملف الحج / عشر ذي الحجة
علامة باركود

العمل الصالح في عشر ذي الحجة

العمل الصالح في عشر ذي الحجة
عبدالله بن عبده نعمان العواضي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 28/1/2018 ميلادي - 11/5/1439 هجري

الزيارات: 13855

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

العمل الصالح في عشر ذي الحجة [1]


إن الحمد لله نحمده ونستعينه، ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له[2]، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.


﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ﴾ [النساء: 1].

 

أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.


أيها الناس، إن الحياة الدنيا مجال رحب للتنافس على الأهداف المرجوة: شريفها ووضيعها، قريبها وبعيدها، حسيها ومعنويها، خاصها وعامها.


وبذلُ الجهد واستعذاب التعب للوصول إلى الآمال المنشودة من قبل آمليها، وإن كان مرهقاً لهم إلا إنهم يوقنون أن ذلك العناء والبذل سيُنسى عند أول لقاء مع ما بذلوا لأجله.


أما الكسالى والقاعدون الذين يرون مواكب المتنافسين متسارعة متلاحقة في سبيلها فإنهم سيعضون أيادي الندم، ويتجرعون غصص الألم حينما يجدون أهل العزائم والهمم قد حصّلوا ما اجتهدوا من أجله وألفوا الراحة بعد التعب في ظله. عند ذاك يقول القاعدون: ﴿ يَاْ لَيتَنِي كُنتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً ﴾ [النساء: 73].


ولكن هيهات هيهات فلن ينفع بكاء المفرط في زمن البذر عند رؤية حصاد العاملين المجدين.


عباد الله، إن التنافس الحق هو الذي تعظم غاياته، وتسمو أهدافه، ويُصلح عاجل أمر الإنسان وآجله.

والتنافس على الأشياء التافهة يدل على تفاهة هواتها. ولا تنافس أتفه من تنافس يعود وبالاً على صاحبه يجر إليه الويلات والحسرات.


إن المشاهد لتنافس الناس في الحياة الدنيا ومسارعتهم فيها يجد أكثر ذلك لغرض العلو في الدنيا والراحة فيها، مع أنه قليلة منقطعة. وهذا التنافس على القليل المنقطع قد يُنسي صاحبه التنافس على الكثير الدائم، وذلك هو الحياة الأخروية.


أيها الأفاضل، إن الإنسان ليعجب ممن رُزق العقل حينما ينافس على ما يفنى، ويتناسى ما يبقى، ويقدم المسارعة إلى الملذات المشوبة، ويؤخر الملذات الخالصة.


فيا من منّ الله عليه بالعقل السليم فكر وتأمل في الشيء الذي يجب عليك أن تسارع إليه فاسلك سبيله، ودع كل منافسة تجلب لك الشقاء في الدنيا والآخرة.


أيها المسلمون، إن ربنا تبارك وتعالى قد دعانا إلى التنافس والتسابق والإسراع إلى الخيرات وأعمال الجنات.

فقال عز وجل: ﴿ إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * عَلَى الْأَرَائِكِ يَنظُرُونَ * تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ * يُسْقَوْنَ مِن رَّحِيقٍ مَّخْتُومٍ * خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ ﴾ [المطففين: 22-26]. وقال: ﴿ سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاء وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴾ [الحديد: 21].


وقال: ﴿ وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [آل عمران: 133].

وكذلك رسولنا صلى الله عليه و سلم فقد قال: (التؤدة في كل شيء خير إلا في عمل الآخرة) [3].


عباد الله، إن الله تعالى حثنا على استباق الخيرات لعظيم ما ينتظر المسابقين من الربح الذي لا ينبغي التكاسل عنه، ولأن المسارعة تثبّت الإنسان على الاستمرار على عمل الآخرة، ولأن الحياة الدنيا فرصة؛ فقد تعرض للإنسان فيها صوارف تمنعه من المسابقة إلى عمل الخير والصبر عليه؛ فالدنيا كثيرة الأمراض والهموم والحوائل والفتن وتقلبات الأحوال ومفاجأة الآجال.


قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: (بادروا بالأعمال؛ فتناً كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمناً، ويمسي كافراً، أو يمسي مؤمناً ويصبح كافراً يبيع دينه بعرض من الدنيا) [4].


وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل وهو يعظه: (اغتنم خمساً قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك) [5]


قال الحسن البصري رحمه الله: " المبادرة المبادرة؛ فإنما هي الأنفاس لو حبست انقطعت عنكم أعمالكم التي تتقربون بها إلى الله عز وجل، رحم الله امرأ نظر إلى نفسه وبكى على عدد ذنوبه، ثم قرأ هذه الآية ﴿ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا ﴾ [مريم: 84].

وقال أيضاً: يتوسد المؤمن ما قدم من عمله في قبره، إنْ خيراً فخير، وإن شراً فشر، فاغتنموا المبادرة رحمكم الله في زمن المهلة.


أحبتي الكرام، إن ميدان التنافس على أعمال الخير ميدان فسيح يستطيع المسلم صاحب الهمة العالية أن يربح فيه ويغنم، وإن اختلفت أحواله وكثرت أعماله وقلت معرفته وخبرته. فالمسابقة في أداء الواجبات وترك المحرمات القولية والفعلية. والمسابقة في نوافل العبادات كالصلوات والصيام والصدقات. والمسابقة في الإحسان إلى الناس وتفريج كروبهم وإعانتهم على صلاح دينهم ودنياهم. والمسابقة في الدفاع عن شريعة الله والحفاظ على هوية الأمة وحماية بيضتها وأهلها. والمسابقة في كثرة ذكر الله تعالى وقراءة القرآن وحضور مجالس العلم والسؤال عما يجهل المسلم من أمر دينه. والمسابقة في استغلال مواسم الخير التي يتفضل الله بها على عباده؛ ليغتنموا خيراتها وبركاتها، فتثقل بها موازين حسناتهم وترتفع درجاتهم عند ربهم.


عباد الله، إن من مواسم الخير الشريفة التي ينبغي استغلالها بالمسابقة إلى الأعمال الصالحة: العشر الأول من ذي الحجة. فهي أيام فاضلة، وغنيمة باردة على العاقل أن يعمرها بالطاعة المضاعفة.


إن مما يدل على مكانة هذه الأيام وفضلها: أن الله تعالى أقسم بها، ولا يقسم الله إلا بعظيم. فقال تعالى: ﴿ وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ ﴾ [الفجر: 1-2].

قال مسروق رحمه الله: "هي عشر الأضحى، هي أفضل أيام السنة"، وكذا قال مجاهد وقتادة والضحاك رحمهم الله.


وليالي هذه الأيام العشر هي الليالي التي أتم الله بها لموسى عليه السلام ميقات المناجاة والتكليم، فكلمه وناجاه يوم النحر. قال تعالى: ﴿ وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاَثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ﴾ [الأعراف: 142]. وهذا القول قاله مجاهد ومسروق وابن جريج.

ومن فضائل هذه الأيام المباركات: أنها الأيام المعلومات التي أمر الله بذكره فيها، خصوصاً التسمية عند الذبح.


قال تعالى: ﴿ وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ ﴾ [الحج: 27-28].


ومن فضائل هذه الأيام: أنها تجتمع فيها أمهات العبادات التي لا تجتمع في غيرها من صيام وصدقة وحج وذبح ابتغاء وجه الله وذكر ودعاء ونحو ذلك من العبادات؛ ولأجل هذا كانت خير أيام السنة، بل أيامها أفضل من أيام العشر الأواخر من رمضان، كما قال بعض العلماء.


فقد صار العمل الصالح فيها خيراً من الخروج للجهاد في سبيل الله بالنفس والمال وعدم الرجوع من ذلك بشيء؛ ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: (ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام العشر) قالوا: يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: (ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء) [6].

وفي رواية للدارمي: (ما من عمل أزكى عند الله ولا أعظم أجراً من خير يعمله في عشر الأضحى).


وعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أفضل أيام الدنيا العشر يعني: عشر ذي الحجة، قيل: ولا مثلهن في سبيل الله؟ قال: ولا مثلهن في سبيل الله، إلا رجل عفر وجهه بالتراب الحديث) [7].


عباد الله، من أفضل هذه الأيام الفاضلة: يوم عرفة، وهو اليوم الذي أكمل الله به لأمة محمد عليه الصلاة والسلام الدين وأتم به النعمة على العالمين، قال تعالى: ﴿ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا ﴾ [المائدة: 3].


عن عمر بن الخطاب أن رجلاً من اليهود قال له: (يا أمير المؤمنين، آية في كتابكم تقرؤونها لو علينا معشر اليهود نزلت - لاتخذنا ذلك اليوم عيدا. قال: أي آية؟ قال: ﴿ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا ﴾. قال عمر: قد عرفنا ذلك اليوم والمكان الذي نزلت فيه على النبي صلى الله عليه و سلم وهو قائم بعرفة يوم جمعة) [8].


إن يوم عرفة يوم خير كثير للحاج والمقيم، ففيه عتق من النار لمن شاء الله من عباده، قال رسول صلى الله عليه وسلم: (ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهى بهم الملائكة فيقول: ما أراد هؤلاء) [9].


وفيه أن الله يباهي ملائكته بأهل عرفة، يقول النبي صلى الله عليه و سلم: (إن الله عز و جل يباهي ملائكته عشية عرفة بأهل عرفة، فيقول: انظروا إلى عبادي آتوني شعثاً غبرا) [10].


وفيه قبول الدعاء والإثابة الكبيرة عليه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (خير الدعاء دعاء يوم عرفة) [11].


وفيه الصيام للمقيم الذي يكفر ذنوب سنتين، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده) [12].

قال ابن سيرين رحمه الله في فضل هذا اليوم: " كانوا يرجون في ذلك حتى للحمل في بطن أمه".


أيها المسلمون، وفي هذه الأيام المباركة: يوم النحر وهو يوم العاشر من ذي الحجة، وهو يوم فضيل، بل هو أعظم الأيام عند الله تعالى، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن أعظم الأيام عند الله تبارك وتعالى يوم النحر ثم يوم القر) [13].


وهو يوم الحج الأكبر-أي: الذي تحصل فيه أعظم أعمال الحج وأكثرها- عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: وقف النبي صلى الله عليه و سلم يوم النحر بين الجمرات في الحجة التي حج فيها وقال: (هذا يوم الحج الأكبر) [14].


فيا أيها المسلمون، هذا خير كثير في وقت يسير فأين أهله الحريصون على اغتنامه؟ جعلنا الله جميعاً من أهله المسابقين إلى فضله.

قلت ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم؛ إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله الذي أنعم علينا وأكرم، والصلاة والسلام على خير من هدى وعلّم، محمد بن عبد الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.

 

أما بعد:

أيها المسلمون، يقول علي رضي الله عنه: "هتف العلم بالعمل..." فبعد أن عرفنا فضل هذه الأيام وكثرة خيرها لم يبق إلا البذل من الأوقات والهمم الصادقة المشتاقة إلى هذا الخير؛ لتسمو الروح، وتنشرح الصدور، وتبتهج النفوس، وتحيا القلوب، وتستنير العقول، وتصلح الدنيا والآخرة.


لم يبق أمامنا إلا الجد والاجتهاد والمسارعة إلى الأعمال الصالحة في هذه الأيام المشرقة؛ فقد كان دأب السلف في هذه الأيام الاجتهاد والجد، فسعيد بن جبير رحمه الله كان إذا دخلت عليه العشر اجتهد اجتهاداً شديداً حتى ما يكاد يقدر عليه، وكان يقول لأهله: " لا تطفئوا سرجكم ليالي العشر". كناية عن كثرة القيام والقراءة.


قال ابن رجب رحمه الله:" لما كان الله سبحانه و تعالى قد وضع في نفوس المؤمنين حنيناً إلى مشاهدة بيته الحرام، و ليس كل أحد قادراً على مشاهدته في كل عام فرض على المستطيع الحج مرة واحدة في عمره، و جعل موسم العشر مشتركاً بين السائرين و القاعدين فمن عجز عن الحج في عام قدر في العشر على عمل يعمله في بيته يكون أفضل من الجهاد الذي هو أفضل من الحج".


عباد الله، فما هي العبادات التي ينبغي أن نسارع إليها في هذه العشر؟

رياض الخير كثيرة وأبوابها مشرعة لمن رغب في ولوجها، سواء كانت عبادات قولية أم فعلية متعدية أو لازمة، لكن هناك عبادات ينبغي الإكثار منها في هذه العشر، فمنها:

الإكثار من ذكر الله تعالى، خاصة التكبير، في البيت وفي السوق وفي المساجد وغيرها.


قال النبي صلى الله عليه و سلم: (ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه من العمل فيهن من هذه الأيام العشر، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد) [15].

وكان ابن عمر وأبو هريرة رضي الله عنهم يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما.


وعن ميمون بن مهران رحمه الله قال: " أدركت الناس وإنهم ليكبرون في العشر، حتى كنت أشبهه بالأمواج من كثرتها، ويقول: إن الناس قد نقصوا في تركهم التكبير".


ومن الأعمال الصالحة في هذه الأيام القادمة: الإكثار من الصيام، فعن بعض أزواج النبي صلى الله عليه و سلم قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يصوم تسع ذي الحجة، ويوم عاشوراء، وثلاثة أيام من كل شهر أول اثنين من الشهر والخميس) [16].


عباد الله، ومن الأعمال الصالحة كذلك في هذه الأيام الفاضلة: الحرص على الأضحية ممن كان قادراً عليها؛ فإنها عبادة من أجلّ العبادات التي يتقرب بها المسلم في هذه الأيام إذا صلحت نية صاحبها.


وفي هذه العبادة هناك بعض التنبيهات:

منها: أن على من أراد الأضحية إذا دخلت عليه العشر أن لا يأخذ من شعره ولا من ظفره شيئاً حتى يذبح أضحيته، وهذا في حق رب الأسرة فقط وليس على جميع أفرادها.


فعن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحى فليمسك عن شعره وأظفار) [17].

وإذا نوى الأضحية أثناء العشر أمسك عن ذلك من حين نوى.


وكذلك عليه أن يستسمن الأضحية أي: يبحث عن الأحسن والأجود؛ لأن المقصود الأعظم هو التقرب إلى الله تعالى تعظيماً له. ويحذر الأضحية العوراء البين عورها والعرجاء والعمياء وكل ذات عيب مؤثر في لحمها.


نسأل الله أن يجعلنا من أهل اغتنام الخيرات المسابقين إلى الأعمال الصالحات.

هذا وصلوا وسلموا على الرحمة المهداة..



[1] ألقيت في مسجد ابن الأمير الصنعاني في 28/ 11/ 1434هـ، 4/ 12/ 2013م.

[3] رواه أبو داود والبيهقي والحاكم، وهو صحيح.

[4] رواه مسلم.

[5] رواه البيهقي، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.

[6] رواه ابن حبان وأحمد وأبو داود، وهو صحيح.

[7] رواه البزار بإسناد حسن وأبو يعلى بإسناد صحيح .

[8] متفق عليه.

[9] رواه مسلم.

[10] رواه أحمد والطبراني وابن خزيمة، وإسناده لا بأس به.

[11] رواه الترمذي، وهو حسن.

[12] رواه مسلم.

[13] رواه أبو داود وأحمد والبيهقي والنسائي، وهو صحيح.

[14] رواه البخاري.

[15] رواه أحمد والبيهقي، وهو صحيح.

[16] رواه أحمد وأبو داود، وهو صحيح.

[17] رواه مسلم.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • فضل عشر ذي الحجة
  • فضائل عشر ذي الحجة وبعض حكم الحج
  • أحكام عشر ذي الحجة
  • عشر ذي الحجة
  • العمل الصالح وشروط القبول

مختارات من الشبكة

  • العمل الصالح وثمراته في الدنيا والآخرة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضل العمل الصالح عند فساد الزمن والمداومة على العمل وإن قل(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من فضائل عشر ذي الحجة وفضل العمل الصالح فيها(مقالة - ملفات خاصة)
  • أفضل أيام الدنيا عشر ذي الحجة وشرف العمل الصالح فيها(مقالة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • عشر ذي الحجة أفضل أيام الدنيا وفضل العمل الصالح فيها(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • عشر ذي الحجة وثمرات العمل الصالح(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • خطبة عن العمل الصالح في عشر ذي الحجة(مقالة - ملفات خاصة)
  • العمل الصالح في عشر ذي الحجة (تصميم)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • ثمرات العمل الصالح في عشر ذي الحجة(محاضرة - ملفات خاصة)
  • المحافظة على العمل الصالح في عشر ذي الحجة(مقالة - ملفات خاصة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب