• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    سورة الكافرون.. مشاهد.. إيجاز وإعجاز (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    من آداب المجالس (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطر الميثاق
    السيد مراد سلامة
  •  
    أعظم فتنة: الدجال (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    فضل معاوية والرد على الروافض
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    ما جاء في فصل الشتاء
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرحمن، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    تفسير: (فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تخريج حديث: إذا استنجى بالماء ثم فرغ، استحب له ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    اختر لنفسك
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون (خطبة) - باللغة ...
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
شبكة الألوكة / ملفات خاصة / ملف الحج / مقالات في الحج
علامة باركود

أفضل أيام الدنيا (عشر ذي الحجة)

نجلاء جبروني

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 31/8/2017 ميلادي - 8/12/1438 هجري

الزيارات: 26333

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أفضل أيام الدنيا

(عشر ذي الحجة)


الحمد لله كما حمد سـبحانه وتعالى نفسه، وكما هو أهله ومسـتحقه، وكما حمده الحامدون من جميع خلقه، وأسـتعين به اسـتعانة من فوض إليه أمره، وأسـتغفره اسـتغفار معترف بذنبه ومقر بخطيئته، وأشكره على سـابغ نِعمه وعظيم منته، وأشـهد أن لا إله إلا الله وحده لا شـريك له، وأشـهد أن محمدًا عبد الله ورسـوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسـان إلى يوم الدين.


أما بعد:

فأحبتي في الله، خلق الله تعالى الخلق، فجعلهم مراتب عنده جل وعلا، وفضَّل الله تعالى بعض الخلائق على بعض، وفضَّل بعض الأيام على بعض، وبعض الأشهر على بعض، وبعض البلدان على بعض، وبعض الرسل على بعض، فجعل الله تعالى لكل منهم مرتبة اختارها؛ قال تعالى: ﴿ وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ [القصص: 68]، ومن فضل الله تعالى على عباده أن جعل لهم مواسم للطاعات، أوقاتًا فاضلة يستكثرون فيها من العمل الصالح، يعظم الله تعالى فيها الأجور والحسنات.


فالله عز وجل جعل أعمار أمتنا أقصر من أعمار الأمم السابقة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين، وأقلهم من يجوز ذلك))[1].


وقد كانت الأمم السابقة ربما عاش أحدهم ألف سنة أو ألفي سنة، ألا تعلم أن نوحًا عليه الصلاة والسلام كانت فترة دعوته فقط قريبًا من الألف سنة، فما بالك بما عاش قبلها وما عاش بعدها؟!

أعمارنا أقصر من الأمم السابقة، لكنا نسبقهم يوم القيامة؛ لأن الله بفضله ورحمته عوضنا عن ذلك بأيام فاضلات جعل الله العبادة فيها أعظم أجرًا من العبادة في غيرها، أيام ومواسم تضاعف فيها الحسنات وترفع فيها الدرجات، ومن هذه المواسم الفاضلة شهر رمضان نسأل الله أن يتقبله منا، وها نحن نستقبل موسمًا آخر من تلك المواسم، إنها العشر القادمة علينا، "عشر ذي الحجة" أفضل أيام الدنيا، الأيام التي أقسم الله بها في كتابه قال عز وجل: ﴿ وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ ﴾ [الفجر: 1، 2].


والعظيم لا يقسم إلا بعظيم، وهي الأيام المعلومات التي شـرع الله تعالى فيها ذكره؛ قال تعالى: ﴿ لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ ﴾ [الحج: 28].


على أن المراد بها عشـر ذي الحجة؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((ما مِن أيامٍ أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهنَّ من هذه الأيام العشر، فأكثِروا فيهنَّ من التهليل والتكبير والتحميد))[2].

 

أفضل أيام الدنيا أعظم فرصة في حياتك، آخر فرصة، كيف؟

لو كنت في امتحان الورقة في يدي والوقت أوشك على الانتهاء، نسـيت كل شيء ذاكرته، لا أستطيع الكتابة، المراقب نادى بـصوت عال: انتبه، باق من الزمن 10 دقائق، ماذا سيحصل؟

سأحاول أن أجيب عن الأسئلة، سأجتهد وأكتب بسـرعة.

وقت الامتحان سينتهي.

وهذا هو حالنا - إلا من رحم الله - طول السـنة في غفلة.

باق من السـنة أيام عشـرة يمكن أن تعوض فيها ما فاتك طول السـنة.

آخر فرصة تلحق لتدرك من سـبقك، العشـر الأوائل من ذي الحجة، أفضل أيام الدنيا أحب الأيام إلى الله.

نريد أن نتكلم عنها، ما فضلها؟ كيف نتقرب فيها لله عز وجل؟ كيف نسـتغلها استغلالًا صحيحًا؛ كي نعوض ما فاتنا طول السنة؟

 

فضل العشـر الأوائل من ذي الحجة:

1) أن الله تعالى أقسـم بها: والعظيم لا يقسـم إلا بعظيم: جمهور المفسـرين على أن المراد بها عشـر ذي الحجة، والله تعالى يقسـم بما شـاء من خلقه أما المسـلم فلا يقسـم إلا بالله عز وجل.


2) أنها أفضل أيام الدنيا: قال صلى الله عليه وسلم: ((أفضل أيام الدنيا أيام العشر))[3].


3) أنها الأيام المعلومات التي شـرع فيها ذكر الله؛ قال تعالى: ﴿ لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ ﴾ [الحج: 28].

والتي تجتمع فيها أمهات العبادات وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج، وذلك لا يجتمع في غيرها من الأيام؛ إذ نسـتطيع في أي يوم أن نصلي ونصوم ونتصدق، لكن لا نسـتطيع أن نحج، أما في الأيام العشـر فإننا نسـتطيع أن نجمع كل أنواع العبادات، وهذا من فضل هذه الأيام على غيرها.


4) أنها اشـتملت على أيام فاضلات، ففيها يـوم عرفة، وهو اليـوم التاسـع منها، فعن أبي قتادة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((صيام يوم عرفة، أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله، والسنة التي بعده))[4].


يـوم عرفة خير يـوم طلعت فيه الشـمس، اليـوم الذي ما رؤي الشـيطان أذل ولا أحقر منه في يـوم عرفة، إلا ما كان في يـوم بدر فإنه رأى تنزُّل الملائكة.


ومن فضل تلك الأيام أن فيها يوم النحر، وهو اليوم العاشر، وهو يوم العيد، يوم الحج الأكبر الذي يؤدي المسلمون فيه مناسك الحج من طواف وسعي وذبح للهدي وحلق أو تقصير، ولذا سمي هذا اليوم يوم الحج الأكبر؛ لأنه تؤدى فيه معظم مناسك الحج، وهذا يوم الحج الأكبر، وهناك الحج الأصغر وهو العمرة.


5) ومن فضائلها أنها الأيام التي أكمل بها موسى عليه السلام موعده للقاء ربه: ﴿ وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [الأعراف: 142].


عشر ذي الحجة صامها موسى كلها استعدادًا للقاء ربه، واليوم الذي كلمه الله تعالى فيه كلامًا يليق بجلاله وعظمته هو يوم الحج الأكبر يوم النحر.


أعظم الأيام عند الله عز وجل تلك الأيام التي كلم الله فيها موسى عليه السلام، وتجلى للجبل، وكتب له في الألواح من كل شيء موعظة وتفصيلًا، وأعطاه التوراة.


هي الأيام التي أنزل الله فيها على النبي محمد صلى الله عليه وسلم ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [المائدة: 3]، قيل: نزلت يوم عرفة، وقيل: يوم النحر، تلك الأيام التي أكمل الله فيها الدين، وأتم فيها الشريعة، وأتم علينا النعمة، أيام عظيمة عند الله عز وجل.


الأيام العشر من ذي الحجة ماذا نفعل فيها؟!

اسمع لهذا الحديث العظيم، قال صلى الله عليه وسلم: ((ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام العشر))، قالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ((ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء))[5].


كيف؟ هل هذا معقول؟

كيف أن العمل الصالح في الأيام العشر أفضل من الجهاد؟ كيف والجهاد أعلى المنازل وأفضل الأعمال؟

والصحابي لما سـأل النبي صلى الله عليه وسـلم، فقد جاءرجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: دلني على عمل يعدل الجهاد، قال: ((لا أجده))، قال: ((هل تستطيع إذا خرج المجاهد أن تدخل مسجدك فتقوم، ولا تفتر، وتصوم، ولا تفطر))، قال: ومن يستطيع ذلك، قال أبو هريرة: "إن فرس المجاهد ليستن في طوله، فيكتب له حسنات"[6].


قال له: تستطيع إذا خرج المجاهد أن تصوم فلا تفطر وأن تقوم فلا تفتر، قال: ومن يستطيع ذلك؟ كيف هذه الأيام أفضل من الجهاد، كيف والنبي صل الله على عليه وسلم قال: ((إن في الجنة مائة درجة، أعدها الله للمجاهدين في سبيله، كل درجتين ما بينهما كما بين السماء والأرض، فإذا سألتم الله فسلوه الفردوس، فإنه أوسط الجنة، وأعلى الجنة، وفوقه عرش الرحمن، ومنه تُفجَّر أنهار الجنة))[7].


زيد بن حارثة رضي الله عنه دخل الفردوس بساعة جهاد، وجعفر الطيار رضي الله عنه طار في الجنة بيوم جهاد، كيف أن هذه الأيام أعظم من الجهاد؟

الجهاد أعلى شيء وذِروة سنام الإسلام ... لكن العبادة في الأيام العشر أفضل من الجهاد، لذلك نتشجع للعبادة، ونقبل على الله أكثر وأكثر، ونحب ربنا أكثر وأكثر، الأيام العشر أفضل أيام الدنيا، أحب الأيام إلى الله.


حال السلف في هذه الأيام:

كان سعيد بن جبير رحمه الله، إذا دخلت العشر يشتغل بالعبادة والذكر والتسبيح، ويجتهد اجتهادًا عظيمًا حتى لا يكاد أحد يصل إليه، ينشغل عن الناس، ينشغل بالعبادة حتى لو أراد أحد أن يكلمه أو يجالسه ما استطاع.

وكان سعيد يقول: "إذا دخلت عليكم العشر فلا تُطفئوا السُّرُج"، كناية عن كثرة القراءة والذكر والتسبيح والصلاة.


هذه الأيام العشر ينبغي أن نغتنمها غاية الاغتنام، وهذا هو دأب المؤمنين الصالحين أنهم يغتنمون الأيام الفاضلة التي تمر عليهم، فلا تمر علينا كغيرها من الأوقات.


والله تعالى يحب عباده الذين يتقربون إليه في عموم أوقاتهم، فما بالك إذا جاءت تلك المواسم الفاضلة؟

فالمرء ينبغي أن يجمع لنفسه أعمالًا صالحة وأن يقدم خيرًا ينفعه بعد موته؛ سواء في قبره أم عند لقاء ربه، فلا يدري الإنسان متى ينقطع عمله:

كلُّ امرئ مصبحٌ في أهلِه *** والموت أدنى مِن شراكِ نَعلِه

كم من إنسان كان يؤمل لنفسه أن يعيش حياةً طويلة، ثم قطع عليه الموت لذته وقصر عليه أمله!

وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن موت الفجأة يكثر في آخر الزمان.

فإذا رأيت الموت يخطف العباد يمينًا وشمالًا ففكر في نفسـك: ماذا قدمت لحياتي الآخرة التي أنا مقبل عليها؟

ماذا قدمت للعرض على الله يوم الحسـاب؟ ماذا قدمت لأول ليلة أقضيها في قبري؟ كيف سيكون حالي؟

الله عز وجل خلقنا وخلق لنا كلَّ ما في الكون لنعبده وحده؛ قال تعالى: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذاريات: 56].


هذه وظيفتي في الحياة ولا بد للعبد من ملاقاة الله، خلق لنا الليل والنهار وجعلهما مطيتين للأعمال؛ قال تعالى: ﴿ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا ﴾ [الفرقان: 62].

ليلك أو نهارك فيما تقضيه؟

في العبادة؟

في الطاعة؟

قراءة القرآن؟

الصلاة؟

الأمر بمعروف؟

الدعوة إلى الله، وحضور مجالس العلم والذكر؟

أو في مشـاهدة القنوات ومتابعة الأفلام والمسلسلات؟ وفي مجالس الغيبة والاختلاط؟ السـهرات والأفراح والحفلات التي لا ترضي رب الأرض والسـماوات.


كلُّ يوم يمضي يقرب الإنسـان من أجله؛ قال الحسن البصري رحمه الله: "إنما أنت أيام مجموعة كلما مضى يوم مضى بعضك".

هذه الأيام التي تقطعها لن تعود إلى يوم القيامة.

كلُّ يوم ينادي المنادي: يا ابن آدم، أنا يوم جديد، وعلى عملك شـهيد، فاغتمني، فإني لن أعود إلى يوم القيامة.


الأيام هي خزائن الأعمال، سـتجدها عند الله؛ قال تعالى: ﴿ يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ ﴾ [آل عمران: 30].


فحاسب نفسك قبل فوات الأوان؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [الحشر: 18].


أبو بكر رضي الله عنه الذي إيمانه يعدل إيمان الأمة، سيُدعى من أبواب الجنة كلها، يمسك لسانه ويقول: "هذا الذي أوردني المهالك".


والأحنف بن قيس الذي كان يضرب به المثل في الحلم وحسن الخلق، كان يقرب يده من المصباح، فإذا استشعر حرارته قال لنفسه: "يا حنيف، ما حملك على ما صنعت يوم كذا وكذا".


علام أُحاسب نفسي؟

هل أديت الفرائض على الوجه المطلوب، خالصة لله أم شابها شوائب الرياء والسمعة؟!

هل كاملة أم فيها نقص وتقصير؟ هل انتهيت عن كل النواهي؟ هل أنا متيقظ دائمًا أم عندي غفلة؟

هل أحافظ على تلاوة القرآن والأذكار والسنن والرواتب كل يوم وليلة؟

جوارحي، لساني، عيني، يدي، أذني، هل فعلت ما يرضي الله؟


إن كانت الإجابة لا ترضي الله، فلا بد من تصحيح المسار، فاعمل واغتنم حياتك، الوقت أنفس وأغلى شيء تملكه، لو ضاع منك لن تعوضه:

والوقت أنفسُ ما عنيت بحفظِه *** وأراه أسهلَ ما عليك يَضيع


الزمن ينقص بسرعة، ويمر مرَّ السحاب:

دقاتُ قلب المرء قائلةٌ له *** إن الحياةَ دقائق وثوانِ

استيقظ من نومك قبل أن تندم، حياتك فرصة، لا تُضيعها في معصية الله، فتندمَ يوم لا ينفع الندم.

نشغل حياتنا قبل فوات الأوان، قبل الموت، قبل الرحيل عن الدنيا، عشر ذي الحجة أيام لا تعوض.

آخر فرصة لنا في هذه السنة، لا تدري سندركها مرة أخرى أم لا؟!

نجدد قلوبنا، ننطلق إلى الله عز وجل نصحح وجهتنا.

ماذا نفعل في الأيام العشر؟


أتدري ما هو أول وأهم شيء نستقبل به مواسم الطاعة؟

بالتخلية قبل التحلية:

1 - التوبة: أول ما نستلمه عندما نرى الكعبة نستلم الحجر الأسود، انظر كيف اسْوَدَّ؟ اسود بذنوبنا ومعاصينا، انظر إلى أثر الذنوب ماذا تصنع؟


حياتك اسودَّت بسبب الذنوب والمعاصي، قلبك اسودَّ، أمورك تعسَّرت، طريقك أصبح ظلامًا، حياتك مكدرة، عيشك منغص، صدرك ضيق، لا تشعر براحة ولا سكينة، دائمًا حزين، محروم من السعادة ومن الفرح ومن راحة البال.

عشر ذي الحجة فرصتك لحياة جديدة، حياة سـعيدة، تفتح صفحة جديدة مع الله في أحب أيام الله.


أحد السلف اشترى جارية، اسـتيقظ من الليل فوجدها سـاجدة تناجي ربها وتقول: "بحبِّك إياي لا تعذبني"، فقال لها بعد ذلك: كيف عرفت أنه يحبك؟ قالت: "لولا حبُّه إياي لما أقامني بين يديه وأنامك".


إذا أحبك الله سيقيمك بين يديه، سيجعلك تعبده، سيملأ قلبك بحبه، سيسـتعمل جوارحك في طاعته، ولسانك في ذكره، سيرزقك تلاوة كتابه، إذا أحبك لن يخذلك، إذا أحبك سيوقظك من الغفلة، ويعمر أوقاتك بالصالحات.


أنا أريد أن أتوب وأترك الذنوب، لكن لا أسـتطيع، قلبي معلق بالذنب أحبه، أحب (الأغاني – الأفلام – التبرج – الغيبة – العلاقات العاطفية... إلخ)، أقول لك: ما أجمل ترك المعاصي!


لماذا؟ لأن من ترك شيـئًا لله عوضه الله خيرًا منه، كيف؟ لأن السـعادة في طاعة الله والشـقاء في معصيته، فالإنسـان القريب مِن الله يجد الراحة والهناء، ولذلك فإن أماكن الطاعة هي مواضع السعادة والراحة، فالمسـاجد بيوت الله لو دخلها مهموم أو حزين أزال الله همه وحزنه، والسـعادة في طاعة الله وعبادته والقرب منه، أما المعاصي فهي سـبب في ضيق الصدر وظلمة القلب واليأس.


اترك الذنب ستجد انشراحًا في صدرك، وحلاوة في قلبك؛ قال تعالى: ﴿ فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [الأنعام: 125].

اللهم اشرح صدورنا لشرائع الإسلام وأوامره.


2 - أداء مناسك الحج والعمرة:

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة))[8].

من أفضل الأعمال في هذه العشر الحج والعمرة.


إن لم ييسر لك اللهُ الحجَّ هذا العام، فاعزم وانوِ الحج في العام القادم، ومن عزم على طاعة أعانه الله تعالى، وهيأ له الأسباب، ومن صدق الله صدقه الله، وإن العبد ليبلغ بنيته ما لم يبلغه بعمله.


3 - كيف تكون مليونيرًا بالحسنات؟

شعارنا في هذه الأيام: (يا ليتني قدمت لحياتي)، (لبيك اللهم لبيك).

لبيك اللهم لبيك، ليس فقط الحجاج يقولون: لبيك اللهم لبيك، فنحن أيضًا، بمجرد ما تسمع المؤذن يقول: (الله أكبر)، قلبك وجوارحك تقول: لبيك اللهم لبيك.


اترك الدنيا، أخرجها من قلبك، لبِّ نداء ربك: ((أحب الأعمال إلى الله الصلاة على وقتها))، الفرائض في وقتها، السنن الرواتب 12 ركعة في اليوم والليلة، صلاة الضحى (8، 6، 4، 2) ركعات، صلاة الوتر (11، 9، 7، 5، 3) ركعات، صلاة قيام الليل كل ليلة... إذا لم تصلِّ في هذه الأيام فمتى تصلي؟

كل صلاة مئات الحسنات، وربما آلاف، نتعامل مع الكريم سبحانه تعالى، ثواب الوضوء الذي لا تغسل فيه أعضاءك فحسب بل ذنوبك، تكون طهارة حسية ومعنوية، ضياءً ونورًا؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((إذا توضأ العبد المسلم أو المؤمن، فغسل وجهه خرج من وجهه كلُّ خطيئة نظر إليها بعينيه مع الماء، أو مع آخر قطر الماء، فإذا غسل يديه خرجت من يديه كلُّ خطيئة كان بطشتها يداه مع الماء أو مع آخر قطر الماء، فإذا غسل رجليه، خرجت كلُّ خطيئة مشتها رجلاه مع الماء، أو مع آخر قطر الماء، حتى يخرج نقيًّا من الذنوب))[9].


ترديد الأذان والصلاة على النبي حتى تنال الشفاعة، ثواب السنة القبلية والبعدية (بيت في الجنة)، ثواب الصلاة ركوعها وسجودها وخشوعها، ثواب النوافل في هذه الأيام عظيم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله قال: من عادى لي وليًّا فقد آذنته بالحرب، وما تقرَّب إليَّ عبدي بشيء أحب إلى مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته: كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينَّه، ولئن استعاذني لأُعيذنه))[10].


قيام الليل عبادة المميزين، وعبادة الأخيار، والأغنياء في حسنات، شرف المؤمن؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين، ومن قام بمائة آية كتب من القانتين، ومن قام بألف آية كتب من المقَنْطِرين))[11].

(المقنطرين) أي: هم الذين أعطوا قنطارًا من الأجر.


والقنطار مقدار كبير من الذهب، وأكثر أهل اللغة على أنه أربعة آلاف دينار، والدينار يساوي اليوم 4,25 جم ذهب (أربعة جرامات وربع الجرام من الذهب)، فالقنطار فيه 4000 ×4,25= 17,000جم ذهبًا.

لو قلنا: سعر الجرام في هذه الأيام = (600جنيه)، فالذي يملك قنطارَ ذهبٍ يكون لديه: 17,000 ×600 =10,200.000جنيه.


والذي يملك قنطارًا من الحسنات يكون عنده كلُّ هذا العدد من الحسنات، أصبح غنيًّا بالحسنات كما أن صاحب القنطار غني بالأموال.


والمراد من الحديث تعظيم أجر من قام بألف آية، وقد روى الطبراني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((والقنطار خير من الدنيا وما فيها))[12].


فائدة:

قال الحافظ ابن حجر: " من سورة (تبارك) إلى آخر القرآن ألف آية "اهـ.

فمن قام بسورة تبارك إلى آخر القرآن فقد قام بألف آية، والله أعلم.

ورفعة الدرجات مطردة بحسب الاستكثار من الصلوات بين يدي الله سبحانه وتعالى؛ عن معدان بن أبي طلحة اليعمري قال: "لقيت ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: أخبرني بعمل أعمله يدخلني الله به الجنة، أو قال: قلت: بأحب الأعمال إلى الله فسكت، ثم سألته فسكت، ثم سألته الثالثة، فقال: سألت عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ((عليك بكثرة السجود لله، فإنك لا تسجد لله سجدةً إلا رفعك الله بها درجةً، وحطَّ عنك بها خطيئةً))، قال معدان: ثم لقيت أبا الدرداء فسألته فقال لي مثل ما قال لي ثوبان"[13].


4 - "إلا الصيام، فإنه لي وأنا أجزي به":

فعن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من صام يومًا في سبيل الله، بعد الله وجهه عن النار سبعين خريفًا))[14].


وعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: "قلت: يا رسول الله، مرني بعمل، قال: ((عليك بالصوم فإنه لا عدل له))، قلت: يا رسول الله، مرني بعمل، قال: ((عليك بالصوم فإنه لا عدل له))[15].

وعن حذيفة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من ختم له بصيام يوم دخل الجنة))[16].


وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((قال الله: كل عمل ابن آدم له إلا الصيام، فإنه لي وأنا أجزي به، والصيام جنة، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل: إني امرؤ صائم، والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، للصائم فرحتان يفرحهما إذا أفطر فرح، وإذا لقي ربه فرِح بصومه))[17].


فما بالك لو اجتمع الصيام مع فضل الزمان؛ عن حفصة رضي الله عنها قالت: "أربع لم يكن يدعهن رسول الله صلى الله عليه وسلم: صيام يوم عاشوراء والعشر، وثلاثة أيام من كلِّ شهر، والركعتين قبل الغداة"[18].

يوم عاشوراء: (10محرم).

العشر: العشر الأوائل من ذي الحجة.

ثلاثة أيام من كل شهر عربي: (13 - 14 - 15).

وقال صلى الله عليه وسلم: ((صيام يوم عرفة، أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله، والسنة التي بعده))[19].

وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ما مِن يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدًا من النار، من يوم عرفة، وإنه ليدنو، ثم يباهي بهم الملائكة، فيقول: ما أراد هؤلاء))[20].


يوم التضرع والإنابة والانكسار إلى الله، يستحب فيه الإكثار من قول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير))[21].

 

5 - "لا يزال لسانك رطبًا من ذكر الله":

قال صلى الله عليه وسلم: ((ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه من العمل فيهن من هذه الأيام العشر، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد))[22].

 

والتكبير في هذا الزمان صار من السنن المهجورة، فلا نكاد نسمعه إلا من القليل، فيجب علينا الجهر به للرجال، والمرأة تسمع نفسها - إحياءً للسنة وتذكيرًا للغافلين - والمراد أن كلَّ واحد يكبر بمفرده وليس المراد التكبير الجماعي بصوت واحد فهذا بدعة.


يبدأ التكبير من أول دخول الشهر وخلال الأيام العشر، وهذا يسمى (التكبير المطلق بالليل والنهار)، وهناك التكبير المقيد من بعد صلاة الفجر من يوم عرفة وبعد باقي الصلوات حتى آخر أيام التشريق (11، 12، 13) من ذي الحجة بعد كل صلاة يرفع صوته بالتكبير إظهارًا لهذه الشعيرة؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله عز وجل)[23]، كبِّر وأنت في الشارع، في السوق، ماشيًا أو قاعدًا أو مضطجعًا، بصوت تسمعه.


صيغة التكبير: (الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد)، قال الشافعي: وإن زاد فقال: (الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرة وأصيلًا، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، لا إله إلا الله وحده، صدق وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، لا إله إلا الله والله أكبر)، إن قال هذا فحسنًا، كما ذكره ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد.


فصل في أحكام التكبير في العشر: أنواعه وصيغه [24]:

التكبير: من الأعمال والعبادات العظيمة، فيشرع للمسلم في هذه الأيام، ويستحب له أن يكثر من التكبير لله عز وجل، ورفع الصوت بذلك قال الله تعالى: ﴿ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ ﴾ [الحج: 28]، والأيام المعلومات هي عشر ذي الحجة كما ذهب إلى ذلك جمهور أهل العلم.


قال ابن عباس رضي الله عنهما: "واذكروا الله في أيام معلومات أيام العشر، والأيام المعدودات أيام التشريق"، وكان ابن عمر وأبو هريرة رضي الله عنهما يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبران، ويكبر الناس بتكبيرهما؛ أخرجه البخاري في صحيحه معلقًا، (1 / 329).

والتكبير في هذه العشر على ضربين: تكبير مطلق، وتكبير مقيد.

فالتكبير المطلق: هو أن يكون من أول العشر إلى نهاية أيام التشريق.


وأما المقيد: فيبدأ من بعد صلاة الفجر من يوم عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق على الصحيح، وهو مقيد بأدبار الصلوات المكتوبة.


قال القاضي أبو يعلى: "التكبير في الأضحى مطلق ومقيد، فالمقيد: عقيب الصلوات، والمطلق: في كل حال، في الأسواق وفي كل زمان"؛ المغني (2 / 225).


أما صيغ التكبير فلم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم صيغة معينة في التكبير، وإنما ثبت عن صحابته رضي الله عنهم في ذلك عدة صيغ منها:

الصيغة الأول: قول: (الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر كبيرًا)، وهذه الصفة ثابتة عن سلمان الفارسي رضي الله عنه؛ أخرجها البيهقي في السنن الكبرى (3/ 316)، وصحح الحافظ ابن حجر سندها كما في الفتح (2/ 462).


الصيغة الثانية: قول: (الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد)، وهذه الصفة ثابتة عن ابن مسعود رضي الله عنه؛ أخرجها ابن أبي شيبة في مصنفه (5633).


الصيغة الثالثة: قول: (الله أكبر كبيرًا، الله أكبر كبيرًا، الله أكبر وأجل، الله أكبر، ولله الحمد)، وهذه الصفة ثابتة عن ابن عباس رضي الله عنهما؛ أخرجها ابن أبي شيبة في مصنفه (5646).


ملحوظة: ليعلم أن الأمر في التكبير واسع؛ وذلك لعدم وجود نص ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم يحدد صيغة معينة، وما دام الأمر كذلك فللمسلم أن يكبر بأي صيغة من صيغ التكبير حتى لو لم تكن فيما ذكر، والله تعالى أعلم وأحكم؛ أ.هـ.


لا تشغل لسانك في هذه الأيام بمحادثات ولا مكالمات ولا رسائل ولا غير ذلك، اجعل هذه الأيام للذكر؛ قال تعالى: ﴿ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾ [العنكبوت: 45].


قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((والحمد لله تملأ الميزان، وسبحان الله والحمد لله تملآن ما بين السماء والأرض))[25].

وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله العظيم، سبحان الله وبحمده))[26].

 

من أفضل الأعمال: ذكر الله، وقال صلى الله عليه وسلم: ((ألا أخبركم بخير أعمالكم لكم وأزكاها عند مليككم، وأرفعها لدرجاتكم، وخير لكم من إعطاء الوَرِق والذهب، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم، فيضربون رقابكم وتضربون رقابهم - ذكر الله عز وجل))[27].


لا تجعل الدنيا تنسيك ربك جل وعلا، فقبل أن تأكل، قبل أن تشرب، عندما تخرج من بيتك، عندما ترجع، عندما تركب السيارة، عندما تستيقظ من نومك - عليك بذكر الله في كل وقت وحين.


المؤمن الصادق ملتزم في كل ثانية في حياته بطاعة الله، لكن هذه المواسم فيها قفزات، أما المؤمن فكل أيامه طاعة وعبادة وبذل وعطاء.


6 - ختمة في العشر:

اختم القرآن في العشر، 3 أجزاء كلَّ يوم، ملايين الحسنات، كل آية من القرآن دواء يعالج داء في القلب، يقول ابن مسعود رضي الله عنه: "لا تهذوه هذَّ الشعر، ولا تنثروه نثر الدقل"، بائع التمر يكون عنده تمر رديء، يرميه في جانب من الدكان ولا يهتم به؛ لأن ربحه قليل.

كيف نتعامل مع القرآن؟ هل نتعامل معه هكذا؟

على أنه أقل شيء نربح منه؟!لا والله، القرآن أعظم ربح في حياتنا.

لا تتعامل مع القرآن معاملةَ التاجر الدقلَ.

اجعل كل آية في قلبك، اجعل القرآن رفيقك، لن يتركك، في الدنيا كرامات وفتوحات، أسيد بن حضير لما قرأ القرآن نزلت الملائكة تستمع إلى قراءته، وفي الآخرة شفاعة وعلو درجات.


وأنت في قبرك لن يتركك، لحظة البعث، في الجنة، يقال لصاحب القرآن: ((يقال لصاحب القرآن: اقرأ وارتق ورتِّل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلك عند آخر آية تقرؤها))[28].


يوم القيامة في الحر الرهيب، البقرة وآل عمران سحابتان من فوقك، القرآن يشفع لك عند الله، فلو قرأت وبكيت تكون في ظل الله يوم لا ظل إلا ظله؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((سبعة يظلهم الله تعالى في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجل قلبه معلق في المساجد، ورجلان تحابا في الله؛ اجتمعا عليه، وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال، فقال: إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة، فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خاليًا ففاضت عيناه))[29].


لا تترك القرآن حتى لا يتركك، وحتى لا تكون ممن يقول عنهم النبي صلى الله عليه وسلم: ﴿ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا ﴾ [الفرقان: 30]، هجر القراءة، هجر التدبر، هجر السماع، هجر العمل، هجر التداوي والاستشفاء.


7 - مشروع يوم العيد (الأضحية):

قربان عظيم نتقرب به إلى الله ((ما عمل ابن آدم من عمل يوم النحر أحب إلى الله من هراقة الدم، وإنه لتأتي يوم القيامة بقرونها وأشعارها وأظلافها، وإن الدم ليقع من الله بمكان قبل أن يقع بالأرض، فطيبوا بها نفسًا))[30].

 

أحكام الأضحية:

الأضحية سنة مؤكدة؛ قاله الجمهور وهو مذهب الشافعي ومالك وأحمد في المشهور عنهما، وقال بعضهم بوجوبها، قاله الأوزاعي والليث وأبو حنيفة وإحدى الروايتين عن الإمام أحمد، وقال به شيخ الإسلام ابن تيمية، وهو أحد القولين في مذهب مالك، واستدل أصحاب هذا القول بحديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من وجد سعةً فلم يُضح، فلا يقربن مصلانا))[31]؛ رواه أحمد وابن ماجه وصححه الحاكم، لكن الراجح أن هذا الحديث موقوف على أبي هريرة.

 

وذبح الأضحية أفضل من الصدقة بثمنها؛ لأن ذلك عمل النبي صلى الله عليه سلم والمسلمين معه، ولأن الذبح من شعائر الله تعالى؛ قال تعالى: ﴿ لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ ﴾ [الحج: 37].


س: هل يجوز الاشتراك في الأضحية؟ وكم عدد المسلمين الذين يشتركون في الأضحية؟!

ج: يجوز الاشتراك في الأضحية إذا كانت من الإبل أو البقر، أما الشاة فلا يجوز الاشتراك فيها، ويجوز أن يشترك سبعة أشخاص في واحدة من البقر أو الإبل، ولا يجوز اشتراك اثنين في سُبعٍ واحد.


روى مسلم عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما أنه قال: "نحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية البدنة عن سبعة، والبقرة عن سبعة"[32].

 

شروط الأضحية:

1) ويشترط في المضحى به أن يكون من بهيمة الأنعام وهي الإبل والبقر والغنم.


2) أن يبلغ السن الذي حدده الشرع؛ وهو نصف سنة للضأن، وسنة للماعز، وسنتان للبقر، وخمس سنوات للإبل، عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تذبحوا إلا مسنةً، إلا أن يعسر عليكم، فتذبحوا جذعةً من الضأن))[33]؛ رواه مسلم وأحمد والنسائي وأبو داود.


3) أن يسلم من العيوب المانعة من الإجزاء وهي أربعة، بيَّنها الرسول صلى الله عليه وسلم: ((لا يجوز من الضحايا: العوراء البيِّن عورها، والعرجاء البيِّن عرجها، والمريضة البيِّن مرضها، والعَجفاء التي لا تُنقي))[34]، ورواية: (والكسيرة التي لا تنقي)، و(الهزيلة)؛ أي: لا مخ فيها لضَعفها وهزلها.


4) وكذلك التي بمعناها أو أشد مثل العمياء، ومقطوعة اليد أو الرجل، فإنها بمعناها أو أشد، والعقيقة لها الشروط نفسها أيضًا.


5) أن تكون الأضحية في الوقت المحدد وهو بعد صلاة يوم عيد النحر؛ قال تعالى: ﴿ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ﴾ [الكوثر: 2]، إلى غروب شمس آخر يوم من أيام التشريق.

فمن فضل الله أن مدَّ أيام الذبح ثلاثة أيام بعد يوم العيد.


ما يجتنبه من أراد أن يضحي:

عن أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا دخلت العشر، وأراد أحدكم أن يضحي، فلا يمس من شعره وبشره شيئًا))[35]، وفي لفظ لمسلم وأبي داود والنسائي: ((فلا يأخذ من شعره شيئًا حتى يضحي))، ولمسلم والنسائي أيضًا وابن ماجه: ((فلا يمس من شعره وبشره شيئًا))؛ أي شعر في جسم الإنسان حتى ولو لم يشتر الأضحية بعد.


وإذا دخل العشر وهو لا يريد الأضحية، ثم أرادها في أثناء العشر أمسك عن أخذ ذلك منذ إرادته ولا يضر ما أخذ قبل إرادته.


وقد اختلف العلماء في هذا النهي، هل هو للكراهة أو للتحريم؟ والأصح أنه للتحريم؛ لأنه الأصل في النهي ولا دليل يصرفه عن ذلك، ولكن لا فدية فيه إذا أخذه لعدم الدليل على ذلك.


وأما من احتاج إلى أخذ الشعر والظفر والبشرة، مثل أن يكون به جرح، فيحتاج إلى قص الشعر عنه، أو ينكسر ظفره، فيؤذيه فيقص ما يتأذى به، أو تتدلى قشرة من جلده، فتؤذيه فيقصها، فلا حرج عليه في ذلك كله.


ما الكيفية الصحيحة لذبح الأضحية؟

الكيفية الصحيحة أن ينحر الإبل قائمة معقولة اليد اليسرى؛ قال تعالى: ﴿ وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ ﴾ [الحج: 36].

﴿ والبُدْنَ ﴾: جمع بدنة: وهي الإبل.

﴿ جعلناها لكم من شعائر الله ﴾: أعلام دينه.

﴿ لكم فيها خير ﴾ نفع في الدنيا، وأجر في العقبى.

﴿ فاذكروا اسم الله عليها ﴾: عند نحرها.

﴿ صواف ﴾ قائمة على ثلاث معقولة اليد اليسرى؛ أي: "وجعلنا لكم نحر البدن من شعائر الدين وأعلامه؛ لتتقربوا بها إلى الله، لكم فيها - أيها المتقربون - خير في منافعها من الأكل والصدقة والثواب والأجر، فقولوا عند ذبحها: بسم الله، وتنحر الإبل واقفة قد صفت ثلاث من قوائمها وقيدت الرابعة".


فإن لم يتيسر نحرها قائمة جاز له نحرها باركة، أما إذا كانت الأضحية من الغنم (الضأن والماعز)، فإنه يضجعها على الجانب الأيسر، ويضع رجله على رقبتها، ويمسك بيده اليسرى رأسها حتى يتبين الحلقوم، ثم يمر السكين على الحلقوم والودجين والمريء بقوة.


قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله كتب الإحسان على كلِّ شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليُحد أحدُكم شفرته، وليُرح ذبيحته))[36].


والواجب التسمية، وما زاد على ذلك فهو مستحب وليس بواجب، والسنة أن يقول عند الذبح: (بسم الله، الله أكبر، اللهم هذا منك ولك، اللهم هذه عني وعن أهل بيتي).


معنى (اللهم منك)؛ أي: هذه الأضحية عطية ورزق وصل إليَّ منك، (ولك)؛ أي: خالصة لك.

أما غير الأضحية فيفعل فيها هكذا، لكنه يقول عند الذبح: بسم الله، والله أكبر فقط، (وإن كان يذبح أضحية غيره قال: هذا عن فلان، اللهم تقبل من فلان وآل فلان)، وضحَّى النبي صلى الله عليه وسلم عن أمته، فعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بكبش أقرن، يطأ في سواد، ويبرك في سواد، وينظر في سواد؛ فأُتي به ليُضحى به، فقال لها: يا عائشة، هَلُمي المدية، ثم قال: اشحذيها بحجر، ففعلت: ثم أخذها وأخذ الكبش فأضجعه، ثم ذبحه، ثم قال: باسم الله، اللهم تقبل من محمد وآل محمد، ومن أمة محمد، ثم ضحى به))[37].


ويشرع للمضحي أن يأكل من أضحيته، ويطعم الفقراء ويهدي منها إلى من يشاء من جيرانه وأحبابه؛ قال تعالى: ﴿ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ ﴾ [الحج: 28]، وقوله تعالى: ﴿ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [الحج: 36].


فالقانع السائل المتذلل، والمعتر المتعرض للعطية بدون سؤال، وقال النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((كلوا وأطعموا وادَّخروا))[38].

 

والإطعام يشمل الهدية للأغنياء والصدقة على الفقراء، ويجتهد في الشيء الطيب من الإبل والغنم والبقر، وتجزئ عن الرجل وأهل بيته الواحدة أو السُّبع من البقر أو الإبل، ولو كانوا كثيرًا، يذبحها الرجل عن زوجته وأولاده ووالديه.

ويحرم أن يبيع شيئًا من الأضحية، فلا يجوز بيع لحمها باتفاق العلماء والجلد تابع للحمها؛ لأنه جعلها لله فكيف يبيع منها شيئًا، ولا يعطي الجزارَ شيئًا منها في مقابلة الأجرة أو بعضها؛ لأن ذلك بمعنى البيع، فعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: "أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقوم على بدنه، وأن أتصدق بلحمها وجلودها وأَجِلَّتِها، وألا أعطي الجزار منها، قال: "نحن نعطيه من عندنا"[39].


وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من باع جلد أضحيته فلا أضحية له))[40].

ويجوز إعطاء الجلد للقائمين على المسجد، وتتأكد أنهم يأخذون توكيلًا من الفقير ببيع الجلد لصالحه.


احذر بيع الغرر:

لا بد من معرفة السعر الكامل للأضحية قبل الشراء وحسب الاتفاق تدفع جزءًا للجزار وتبقي جزءًا، أو تدفع المبلغ بالكامل، لكن احذر أن تتفق على الثمن، ثم يقول لك الجزار: "سوف نزن الأضحية مرة أخرى يوم الذبح، وإذا كان هناك فرق ستدفعه"، فهذا بيع غرر وهو محرم؛ لأنك تملكت الأضحية (حتى لو تركتها عنده)، ولا يجوز أن يثمنها لك مرة أخرى يوم الذبح، الحل أن تعرف ثمن الأضحية بالكامل في وقت الشراء، ثم تتفق مع الجزار أن تدفع مبلغًا للأكل والشرب للأضحية حتى يوم الذبح.


فلنجتهد في هذه الأيام العشر في أن نقوم بأعمال صالحة كثيرة منها:

• الصلاة على وقتها، الصيام، الذكر والتكبير، ختم القرآن، الأضحية ولا تنس باقي أعمال البر وأولها بر الوالدين، (الشباب والبنات الذين يعقون آباءهم وأمهاتهم، لا تأمن على نفسك ذنب العقوق وعاقبته في الدنيا والآخرة).


• صلة الأرحام والأقارب، إطعام الطعام، لين الكلام وحسن الخلق، إفشاء السلام على من عرفت ومن لم تعرف، الأمر بالمعروف، الإصلاح بين الناس، الصدقة والإنفاق في سبيل الله، الإحسان إلى الجار، كفالة الأيتام، زيارة المرضى، السعي في حوائج المسلمين وكف الشر عنهم، الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، غض البصر عن الحرام، الدعاء للمسلمين بظهر الغيب، سلامة الصدر وترك التباغض والشحناء، التعاون على الخير.


نريد أن نبدأ من الآن، ندرب أنفسنا على فعل الخيرات، نجتهد في هذه العشر، نريد أن نتغير، ننشر فضل هذه الأيام، اجتهد لا تبخل على نفسك في تلك الأيام.

أما أولئك الذين يضيعون هذه الأيام في الحفلات والسفريات والأفراح والأسواق، فهؤلاء المساكين محرومون.


الأيام العشر، رمضان من جديد، صيام من جديد، قيام من جديد، قراءة قرآن من جديد، لكن الشياطين في رمضان كانت مصفدة فكانت العبادة سهلة، أما هذه الأيام العشر، فالعبادة أصعب، لكن نجتهد والله عز وجل لن يخذلنا.


الله سيعيننا وسيفتح لنا أبواب طاعته، وسيستعملنا وسينصر الدين على أيدينا بإذن الله، هذا ظننا بالله: ((أنا عند ظن عبدي بي))؛ ليس لأننا نستحق، ولكن لأنه رب كريم.


الأيام العشر من ذي الحجة نعمة أنعم الله بها علينا، وفرصة عظيمة، فلتبادر باغتنامها، كن في نهارك صائمًا، وفي ليلك قائمًا وتاليًا للقرآن، ولسانك مشغول بالذكر وبدنك مشغول بالعبادة، قدِّم لآخرتك، اغتنم أوقات الفضل قبل فواتها وقبل أن تقول: ﴿ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ ﴾ [الزمر: 56]، قبل أن يندم المفرط، ويسأل الرجعة فلا يجاب إلى ما سأل.


أهل النار إذا أُلقوا فيها قالوا: ﴿ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ ﴾ [فاطر: 37]، يقول الله عز وجل: ﴿ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ ﴾ [فاطر: 37].


احفظ أوقاتك من الضياع، عمِّر حياتك بالطاعة، ما أحوجنا أن نملأ صحائفنا بذكر الله، وأن نترك المحرمات، وأن نصلح ما بيننا وبين رب الأرض والسماوات!

وما أحوجني إلى دمعة تطفئ حرارة قلبي يُغسَل بها ذنبي، فيرضى عني ربي!

تفكر في أهل القبور قد حيل بينهم وبين ما يشتهون!


ترى ماذا يشتهون؟

والله لو أنهم سُئِلوا عن أحب شيء إليهم ما تمنوا القصور التي سكنوها، ولا المراكب التي ركبوها، ولا مُتع الدنيا التي تمتعوا بها، ما تمنوا إلا تسبيحة أو تهليلة تزاد في صحيفة أحدهم، استغفار وتوبة، طاعة وعبادة، نُقبل بها على الله عز وجل من جديد.


اللهم إنا نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العلا أن ترحم ضعفنا وعجزنا، وأن تردنا إليك ردًّا جميلًا.

اللهم ثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، واجعلنا من أولئك المقربين وعبادك الصالحين.

اللهم بلغنا عشر ذي الحجة وأعنا فيها على طاعتك.

اللهم استعملنا ولا تستبدلنا، اللهم اهدنا واهدِ بنا، واجعلنا سببًا لمن اهتدى.

سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.

 


[1] صحيح ابن حبان (2980).
[2] مسند أحمد (9/ 14) من حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما، إسناده صحيح.
[3] صحيح الجامع (1133) من حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنه.
[4] رواه مسـلم (1162).
[5] صحيح ابن حبان (324) من حديث عبدالله بن عباس رضي الله عنهما.
[6] صحيح البخاري (2785) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
[7] رواه البخاري (7423) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
[8] صحيح البخاري (1773).
[9] صحيح الجامع: (450).
[10] رواه البخاري (6502).

[11] صحيح الجامع (6439)، السلسلة الصحيحة (642).

[12] حسنه الألباني في صحيح الترغيب (638).
[13] رواه مسـلم (488).
[14] رواه البخاري (2840).
[15] صحيح النسائي (2222).
[16] صحيح الجامع (6224).
[17] صحيح البخاري(1904).
[18] صحيح ابن حبان (6422).
[19] رواه مسلم (1162).
[20] رواه مسلم (1348).
[21] صحيح الترمذي (3585).
[22] مسند أحمد (7/ 224) من حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما، إسناده صحيح.
[23] شرح معاني الآثار للطحاوي (2/ 244) من حديث عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، صحيح.
[24] ظَافِرُ بْنُ حَسَن آل جَبْعَان، موقع صيد الفوائد.
[25] صحيح الجامع (3957) من حديث أبي مالك الأشعري رضي الله عنه.
[26] رواه البخاري (6406) ومسـلم (2694) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
[27] مجمع الزوائد للهيثمي (10/ 76) من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه، إسناده حسن.
[28] صحيح أبي دواد (1464)، من حديث عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما.
[29] رواه البخاري (1423).
[30] تخريج مشكاة المصابيح لابن حجر العسقلاني (2/ 132)، [حسن كما قال في المقدمة].
[31] مسند أحمد (16/ 120) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، إسناده حسن.
[32] رواه مسـلم (1318).
[33] رواه مسـلم (1963).
[34] صحيح ابن حبان (5921) من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه.
[35] رواه مسـلم (1977) من حديث أم سلمة هند بنت أبي أمية رضي الله عنها.
[36] رواه مسلم (1955) من حديث شداد بن أوس رضي الله عنه.
[37] رواه مسـلم (1967).
[38] صحيح البخاري (5569) من حديث سلمة بن الأكوع رضي الله عنه.
[39] صحيح مسلم (1317).
[40] حسنه الألباني في صحيح الجامع (6118).




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • أفضل أيام الدنيا
  • أفضل أيام الدنيا
  • أفضل أيام الدنيا (خطبة)
  • خطبة أفضل أيام الدنيا (فضل عشر ذي الحجة)
  • فضل عشر ذي الحجة
  • الأسرة واستثمار عشر ذي الحجة
  • عشر ذي الحجة (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • أفضل أيام الدنيا عشر ذي الحجة الأوائل(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أفضل أيام الدنيا عشر ذي الحجة وشرف العمل الصالح فيها(مقالة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • عشر ذي الحجة أفضل أيام الدنيا وفضل العمل الصالح فيها(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • أفضل أيام الدنيا: عشر ذي الحجة(مقالة - ملفات خاصة)
  • عشر ذي الحجة أفضل أيام الدنيا(مقالة - ملفات خاصة)
  • أفضل أيام الدنيا أيام العشر من ذي الحجة(محاضرة - ملفات خاصة)
  • الدنيا متاع وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • مخطوطة مجموع فيه ذم الدنيا لابن أبي الدنيا ومنتخب الزهد والرقائق للخطيب البغدادي(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • (مادامت روحك بين جنبيك فها هي أفضل أيام الدنيا بين يديك) (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أفضل أيام الدنيا (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب