عناية العلامة السيوطي بخطوط العلماء، والكتب التي وقف عليها بخطوط مصنفيها

عناية العلامة السيوطي بخطوط العلماء، والكتب التي وقف عليها بخطوط مصنفيها

(1)

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:

فهذه كلماتٌ أُلقي فيها الضوء على موضوع مهم يتعلَّق بتراثنا المجيد، وآثارنا العريقة، ألا وهو معرفة الكتب التي بخطوط مصنِّفيها، وقد سَلِمت من عَوادي المحن وأيادي الفِتن.

ومعلوم أنَّ الكتاب يكتسب مكانةً عالية ومنزلة ساميةً بعدَّة أمور؛ أهمها أن يكون بخطِّ المصنِّف نفسه، أو أن يكون مقروءًا عليه ومقابَلاً معه وعليه خطُّه، وغير ذلك.

وأثناء جَردي لتراث العلاَّمة السيوطي رحمه الله وجدتُّه يهتم بهذا الأمر، وينصُّ على الكتب التي وقفَ عليها بخطوط مصنِّفيها.

فأحببتُ أن أجمعَها وألتقطَها في هذا المقال وما يتلوه بإذن الله تعالى.

وفي ذلك عدَّة فوائد:

منها: بيان خِبرة العلامة السيوطي ومهارته في معرفة خطوط العلماء، واعتنائه بها، ومعرفته لقيمتها.

ومنها: متانة الأصول والمصادر التي كان يَستقي منها العلامة السيوطيُّ علمه، ويورد منها نُقولَه.

ومنها: معرفة أن هذه النُّسخَ النفيسة التي بخطوط العلماء كانت متوفِّرة إلى عصر الإمام السيوطيِّ؛ سواء ملَكها أو اطَّلع عليها في مكتبةٍ عامة؛ كالمحموديَّة، أو مكتبة خاصة لأحدِ علماء عصره ومصره في منتصف القرن التاسع وأوَّل العاشر؛ مما يبعث الأمل في البحث عنها للعثور عليها.

♦     ♦     ♦

من تلك الكتب

1- "الوافي بالوَفَيات"؛ للصفدي:

قال رحمه الله في مطلع كتابه "بُغية الوعاة"، وهو يعدِّد المصادر التي اعتمَد عليها:

"والتاريخ الكَبير للصلاح الصَّفَدي، وهو بِخَطِّه في أَكثرَ من خمسين مجلدًا".

2 - "تذكرة جمال الدين اليغموري":

قال رحمه الله في مطلع كتابه "بغية الوعاة"، وهو يعدد المصادر التي اعتمد عليها:

"ومن تذكرة الجمال يوسف بن أحمد بن محمود بن أحمد بن محمد الأسدي الدِّمشقي، المعروف باليعموري، ستِّ مجلدات؛ ثلاثٍ بمكة، وثلاثٍ بالقاهرة بخطِّه".

3 - "تلخيص المفتاح"؛ لجلال الدين القزويني:

قال رحمه الله في "بغية الوعاة" في ترجمته:

"وَلَا أعلمهُ نظم شَيْئا مَعَ قُوَّة بَاعه فِي الْأَدَب، وَله من التصانيف: "تَلْخِيص الْمِفْتَاح" فِي الْمعَانِي وَالْبَيَان؛ وهُوَ من أجلِّ المختصَرات فِيهِ، وَقد ملكتُه بِخَطِّهِ الحسن المليح، ونظمتُه في أرجوزة[1]".

قلتُ: وهذا تصريح من العلامة السيوطيِّ بأنه مِن ضمن ممتلكاته ومحتويات خزانته العامرة، وسأفصِّل القول فيها في مقال آخر بحول الله تعالى وقوته.

4- "تذكرة تاج الدين ابن مكتوم":

قال رحمه الله في ترجمته في "بغية الوعاة" وهو يعدد مصنفاته:

"التَّذكرة ثلاث مجلدات، سمَّاها: قيد الأوابد، وقفتُ عليها بخطِّه في المحمودية[2]، أعادنا الله إلى الانتفاع منها كما كنَّا قريبًا".

5- "شرح الاستعاذة والبسملة"؛ لابن أم قاسم المرادي المصري:

قال رحمه الله في ترجمته في "بغية الوعاة" وهو يعدد مصنفاته:

"وَشرح الِاسْتِعَاذَة والبسملة؛ كرَّاس ملكته بِخَطِّهِ".

6 - "تَارِيخ حلب"؛ لِابْنِ العديم:

قال في بغية الوعاة في ترجمة ابن خالويه وهو يعدد تصانيفه:

كتاب ليس - يقول فيه: ليس في كلام العرب كذا إلا كذا؛ وعمل عليه بعضُهم كتابًا سماه "كتاب الميس"، بل استدرَك عليه أشياءَ... إلى أن قال: وهذه فائدةٌ رأيت ألا أُخلي منها هذا الكتاب؛ رأيتُ في "تاريخ حلب" لابن العديم بخطِّه، قال: رأيتُ في جزءٍ من أمالي ابن خالويه: سأل سيفُ الدولة جماعةً من العلماء بحضرته ذاتَ ليلة: هل تعرفون اسمًا ممدودًا، وجمعُه مقصور؟ فقالوا: لا، فقال لابن خالويه: ما تقول أنت؟ قلتُ: أنا أعرف اسمَين، قال: ما هُما؟ قلتُ: لا أقول لك إلا بألف درهم؛ لئلاَّ تؤخذ بلا شُكر؛ وهما صَحراء وصحارى، وعذراء وعذارى؛ فلمَّا كان بعد شهر أصبتُ حرفين آخرين، ذكرَهما الجرمي في كتاب التنبيه؛ وهما صلفاء وصلافى - وهي الأرض الغليظة - وخبراء وخبارى - وهي أرض فيها ندوة - ثم بعد عشرين سنةً وجدتُّ حرفًا خامسًا ذكَره ابنُ دُريد في "الجمهرة"، وهي سَبتاء وسباتى، وهي: الأرض الخشنة.

7- "شرح الهادي"؛ للزَّنجاني:

قال رحمه الله في ترجمته في "بغية الوعاة":

عبدالوهَّاب بن إبراهيم بن عبدالوهَّاب، ابن أبي المعالي الخزرجي الزَّنجاني، صاحب شرح الهادي المشهور. أكثر الجاربرديُّ من النَّقل عنه في "شرح الشافية"، وقفتُ عليه بخطه، وذكر في آخره أنه فرَغ منه ببغداد في العشرين من ذي الحجَّة سنة أربع وخمسين وستِّمائة، ومتن الهادي له أيضًا، وله التصريف المشهور بتصريف العِزِّي، ومؤلَّفات في العَروض والقوافي.

وخطُّه في غاية الجودة، تكرَّر ذكره في "جمع الجوامع"[3].

8- "نظم الفرائد، وحصر الشوارد"؛ لمهلب بن حسن بن بركات بن المهلَّب البهنسي:

قال رحمه الله في ترجمته في بغية الوعاة:

"رأيت له تأليفًا في الفوائد النحويَّة نظمًا وشرحًا، وهو مجلَّد لطيف، وهو عندي بخطِّه".