• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    إذا استنار العقل بالعلم أنار الدنيا والآخرة
    السيد مراد سلامة
  •  
    خطبة: أم سليم صبر وإيمان يذهلان القلوب (2)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    تحريم أكل ما ذبح أو أهل به لغير الله تعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    الكبر
    د. شريف فوزي سلطان
  •  
    الفرق بين إفساد الميزان وإخساره
    د. نبيه فرج الحصري
  •  
    مهمة النبي عند المستشرقين
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (3)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    ماذا سيخسر العالم بموتك؟ (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    فقه الطهارة والصلاة والصيام للأطفال
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    ثمرة محبة الله للعبد (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    خطبة: القلق من المستقبل
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    فوائد وعبر من قصة يوشع بن نون عليه السلام (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    خطبة: المخدرات والمسكرات
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    {وما النصر إلا من عند الله} ورسائل للمسلمين
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرزاق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    الأحق بالإمامة في صلاة الجنازة
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / الدعوة وطلب العلم
علامة باركود

خطوات الدعوة إلى الله

خطوات الدعوة إلى الله
د. شيلان محمد علي القرداغي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 31/12/2018 ميلادي - 22/4/1440 هجري

الزيارات: 13865

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تأملات قرآنية (8)

خُطواتُ الدعوةِ إلى اللهِ

 

﴿ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ﴾ [النحل: 125].

 

مهما تَطوَّرَ العقلُ البشريُّ واجْتهَدَ، وبذلَ غايَتَه لكَي يصلَ إلى الرُّقيِّ في الخِطابِ مع الآخرينَ، واستخدمَ أحدَثَ طُرقِ التواصُلِ في التحاوُرِ، فإنَّه لنْ يصلَ إلى شيءٍ إِلا بعدَ أنْ يتَّبِعَ الخُطُواتِ الثلاثَ التي حدَّدها الخالِقُ لنا وهيَ:

1-             الحِكْمَةُ: اتِّباعُ الحِكمةِ مُقَدِّمةٌ للدَّعْوةِ، فَالحِكْمةُ كما قال الخليل بن أحمد الفَراهِيدِيُّ: مَرْجِعُها إلى العَدلِ والعِلمِ والحِلْمِ، ويُقالُ: أَحْكَمتْهُ التَّجارِبُ إذا كان حَكيمًا[1].

 

﴿ يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [البقرة: 269].

 

وسبَبُ نجاحِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ في دَعْوَتِه منْذُ البَدْءِ هو اسْتِخدامُه لِلْحِكمةِ في الدَّعوَةِ، والتَّعامُلُ مع المُخالِفِ، وصَبْـرُهُ على مَنْ آذاهُ، وعدمُ انْتِقامِه منْهُم في مَكَّةَ قبلَ الهِجْرةِ، وَمِنْ ثَمَّ عَوْدَتُه إلى مَكَّةَ وطوافُه حولَ البيْتِ، وفِيه ِ(360) صَنَمًا دونَ أَنْ يَكسِرَ مِنها شَيئًا أو يَسُبَّها، أو يَسُبَّ وَيَشتُمَ مَنْ يَعبُدُها، وهو مِنَ الحِكمةِ التي أُوْتِيها[2]، فَلِكُلِّ مرحلةٍ شأنُها الخاصُّ الذي يجبُ مُراعاتُه.

 

ولَوْ اتَّبَعَ الناسُ في يومِنا الحاضِرِ تِلكَ الحِكمَةِ، والحِكَمَ المذْكُورَةَ في كُتُبِ سِيْرةِ الرَّسولِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ، وسِيَرِ الخُلَفاءِ والصَّحابَةِ والتَّابِعِينَ، وجَعَلُوها نُصْبَ أَعْيُنِهِم، لَاستَطَعْنا أَنْ ننهضَ بِالأُمَّةِ مِنْ جدِيدٍ كما نَهَضُوا بها، وأن نَجعَلَ النَّاسَ تَدْخُلُ الإِسلامَ زَرافاتٍ وَوُحْدانًا.

 

2-             الموْعِظَة الحسَنة: وهي الخُطْوةُ الثانيةُ بعدَ التفَكُّرِ والعِلمِ بحالِ المُخاطَبينَ، تأتِي خطوةُ المحادَثَةِ والتَّكلُّمِ مَعهم بِأُسلوبٍ شَيِّقٍ، مُؤَثِّرٍ، مُشَوِّقٍ، مُقْنِعٍ، غير جارحٍ، ولا مُمِلٍّ، ولا مُقْتَضَبٍ فلايُبَيِّنُ، ولا مُطَوَّلٍ، فَيَضِيع الرَّبطُ والفَهْمُ لدى المُسْتَمِعِ، فالكلامُ يَجِبُ أنْ يكونَ وَعْظًا، والوَعْظُ عادةً فِيه المعلوماتُ المِهمَّةُ والمفِيدةُ والمُؤَثِّرةُ، فالموعِظةُ كَمٌّ منَ البياناتِ تُنْقَلُ لِلمُتلَقِّي؛ ولكِنْ هَل يكْفِي أن نَنْقُلَ المعلوماتِ بأَيِّ أُسلوبٍ كان؟

 

لا بلِ العُنصُرُ المُكَمِّلُ لِلوَعْظِ هُو طريقةُ الإِلقاءِ والإِيصالِ، فالأمرُ، والنهيُ، والزَّجرُ، والوَعيدُ والتَّهدِيدُ لا يُمكِنُ بها أن تقنعَ المُقابِلَ؛ بلِ الأُسْلُوبُ يَجبُ أَنْ يَكونَ حَسنًا (الْمَوْعِظَة الْحَسَنَة) والحسنُ تختارُهُ أنت بِحِكْمَتِكَ، فَأُسْلوبُكَ الحَسَنُ معَ المُراهِقِينَ، ليسَ الأُسلوبَ الذي تَسْتطِيعُ أَن تُقنِعَ به الشَّبابَ على نَفْسِ الأَمرِ، كما أَنَّ أُسلوبَ التَّحَدُّثِ معَ المُتَعَلِّمِينَ يختلفُ كُلِّيًّا عنه مع غيرِ المُتعَلِّمينَ.

 

وهذا منْ ناحيةِ العُمْرِ والمُستَوى الثَّقافي، أمَّا مِنَ النَّواحي الأُخْرى كالمُستوى الاجْتِماعي والمادِّي والنَّفسِي وغيرِها، فَكُلُّها يجبُ أنْ يُراعِيها المتكلِّمُ في خطابِه وتواصُلِه، فلا يُراعي منْها أمْرًا بِمَعْزِلٍ عنِ البَقيَّةِ، فكُلُّها أمورٌ تُحدِثُ خَلَلًا بِعَدمِ مُراعاتِها أو مراعاةِ جزءٍ مِنها، وتكونُ سبَبًا في عدمِ اهتِمامِ المخاطَبِ بحديثِنا وإهمالِه وعدمِ طاعَتِه.

 

أما نوعيةُ الخِطابِ فيَجبُ أنْ يكونَ هَيِّنًا ليَّنًا سَلِسًا، مفْهُومًا، ذا عباراتٍ بسِيطةٍ على فَهْمِ السَّامِعِ، دوْنَ تجْرِيحٍ أَوْ تَقْريعٍ أَوْ تَوْبيخٍ؛ لِأَنَّها إِنِ احْتَوَتْ ذلكَ، كانَتْ مَحْكَمَةً لا مَوْعِظةً.

 

ويجب أن يُرافق كل ذلك الوجه المنْبَسِط المنشرح البسَّام، فالأَخذُ بكل ما سبقَ مع وَجهٍ كَئِيبٍ، أو مُنعَقِدِ الأَسَارِيرِ يَقطُرُ غَضَبًا وشررًا لن يأتيَ بِنَتيجَةٍ؛ بَل إنَّ السَّامِعَ سَيَخرُجُ مِن عِندِكَ وقد عَلَت وجهَهُ الكآبةُ والغَضَبُ حتى وإن كُنتَ تحُدِّثُهُ عن قَواعدِ السعادةِ.

 

3- المُجادَلةُ بِالأَحسَنِ:

وهي المَرحَلَةُ الأَخِيرةُ في أيِّ حِوارٍ، فَبَعْدَ الحدِيثِ الحَسَنِ المُشَوِّقِ الذي بَذَلَ فيه المتكلِّمُ جُهْدَه؛ لِيُقنِعَ السَّامِعَ، تَتَوَلَّدُ في ذهنِ السَّامِعِ أمورٌ وتَساؤُلاتٌ لا يَستَطِيعُ السُّكوتَ عنها، وهنا يجبُ أنْ تَأْخُذَ الحِكْمةُ مرةً أُخرى مَجْراها، فالمُتَكَلِّمُ النَّاجِحُ هوَ الذي يستطيعُ أنْ يُسَيْطِرَ على زِمامِ أَمْرِهِ قبْلَ كلِّ شَيءٍ، وأَلَّا يَجعَلَ العَصَبِيَّةَ لِرَأْيِهِ تَأْخُذُه بعِيدًا عنِ العَدْلِ في حَدِيثِه، فَمِنَ العَدْلِ أَنْ يَسْتَمِعَ لمُخَاطِبهِ، وأنْ يَعرِفَ رَأْيَهُ، كمَا اسْتَمَعَ هو بِدَورِهِ لَهُ، ويجبُ أنْ يعرِفَ وِجْهَةَ نَظَرِهِ، ومِنْ ثَمَّ يَرُدُّ عليهِ بأُسلوبٍ أَحسنَ، وأَهْدأَ وأَرْقى منْ أُسلوبِ مَوْعِظتِهِ؛ لِأنَّ اللهَ أَمَرَهُ بِذلكَ.

 

والحكمةُ منْ ذلك - والله أَعلمُ - هي أنَّك حينَ الموعظةِ تكونُ المتكلِّمَ الوحيدَ - على الأغلبِ - فتستطيعُ عَرْض رأيِكَ بِسُهولةٍ ويُسْرٍ، والأُسلوبُ الحَسَنُ هُنا كافٍ لإِبْداءِ الآراءِ، أمَّا حينَ تبدأُ المناقَشَةُ فَهُنا تبدَأُ المُهِمَّةُ الأَصعَبُ؛ لأَنَّ الشَّخصَ إِنْ لمْ يملِكْ زِمامَ أمْرِه، فإِنَّه يَحْتَدُّ في كلامِه على مُقابِلِه، وقد يصلُ الأَمرُ في النِّهايةِ إلى النِّزاعِ في الآراءِ وعدمِ الوصولِ إلى رأيٍ واحدٍ؛ بل قد يَنقلِبُ الأَمرُ، ويكونُ الموقِفُ هذا سببًا لتمسُّكِ المخاطَبِ بِرأيِهِ الخاطِيءِ إلى الأَبدِ.

 

لذلك أَمَرَ الموْلى بِأَنْ يكونَ الجدالُ بالتي هي أَحْسَنُ، و(أحسنُ) هي اسم تفضيل مِن الحسنِ، فهوَ لم يرضَ بالمجادلةِ الحسَنَةِ؛ بلْ أمرَ بالأحْسَنِ؛ أي: الأفضل.

 

وقدْ يتبادَر إلى الذِّهنِ أنَّ المجادَلةَ مع المسلمِينَ يجبُ أنْ تكونَ بالأحسنِ فقطْ، أمَّا غيرُ المسلِمِينَ فَلَيْسَ شرطًا؛ ولكنَّنا حينَ نَتَتَبَّعُ آياتِ القرآنِ لِنَستخرِجَ مِنْها الإِحْسانَ في أسالِيبِ القَولِ، فإنَّنا نَجِدهُ قد أمَرَ بِها في مَواطِنَ:

1- معَ المسلِمِينَ: الإحسانُ في قَولِ المسلمينَ بعضهم معَ بعضٍ ﴿ وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا ﴾ [الإسراء: 53].

 

2- معَ أهلِ الكِتابِ: مَيَّزَ أهلَ الكِتابِ بِالإحْسانِ في المجادَلةِ مَعهُم؛ لأنَّ لُغةَ التَّحاوُرِ والتَّفاهُمِ معهُم قد تكونُ قَلِيلَةً، وسرعانَ ما يَبْدَأُ الجدالُ، وذلك لِلْبُعْدِ الفِكْرِيِّ والعَقَدِيِّ بينَ الطَّرَفَينِ، فَوَجبَ الإحسانُ في المجادلَةِ، علَّنا نكونُ سببًا في هدايَتِهم إلى الصِّراطِ المستَقِيمِ ﴿ وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ﴾ [العنكبوت: 46].

 

3- معَ المُشرِكِينَ: ويتوضح الأسلوب الأمثل في الحديث مع الكافرين في آيات عديدة منها:

الأسلوب الذي أمر الله سبحانه وتعالى سيدَنا موسى عليه السلام باتِّباعه مع فرعونَ ﴿ فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ﴾ [طه: 44].

 

وكذلك الطريقة الرائعة التي تَنُمُّ عن أدب جَمٍّ، وبرٍّ عظيم في حديث سيدنا إبراهيم عليه السلام مع والده، كما في سورة مريم: ﴿ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا * يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا * يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا * يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا ﴾ [مريم: 42 - 45]، ثم بعد كل هذا اللِّين والرفق في الحديث أتاه الردُّ القاسي من والده المشرك: ﴿ قَالَ أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا ﴾ [مريم: 46]، ثم تتجلَّى عظمة سيدنا إبراهيم مرة أخرى، فبعد أن توعَّدَه والدُه بالرجم والطرد، كان جوابه له هيِّنًا ليِّنًا؛ بل هو أقصى ما يستطيع من البر للوالد الكافر: ﴿ قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا ﴾ [مريم: 47].

 

أمَّا السُّنَّةُ النَّبَوِيَّةُ، فَفِيْها أيضًا مِنَ الحِكَمِ ما فيها:

1- فرسول الرحمة صلوات ربي وسلامه عليه كان هَيِّنًا لَيِّنًا مع المسلمينَ، فلم يوبِّخْ أحدًا لخطأ قام به، كما روى أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: "خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين، ما قال لي في شيء فعلتُه: لمَ فعلتَه؟ ولشيء لم أفعلْه: لمَ لم تفعلْه؟"[3]، إلا إذا أخطأ أحد في حدٍّ من حدود الله، فكان يردُّه إلى الصواب.

 

2- مع المنافقين: بالرغم من الأذية الكبيرة التي كان يتسبب فيها المنافقون في المجتمع الإسلامي، إلا أن الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم كان شديد الصبر معهم؛ بل كان يسامحهم على أخطائهم، ولا يتردَّد في الدعاء لهم بالهداية، فبالرغم مما فعله عبدالله بن أُبي بن سلول من إشاعة خبر الإفْكِ، إلَّا أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يعاقبْه، وقبل وفاته طلب قميص الرسول صلى الله عليه وسلم؛ ليُكَفَّن فيه، فبعثَه إليه، وكان رئيس المنافقين هذا يتفنَّن قبل ذلك في إلحاق الأذى بالرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم، وأشار عدد من الصحابة على الرسول بأن يقتلوه، وتبرَّع ابنُه بأن يقتله بنفسه؛ لشدَّة أذيَّته للرسول؛ ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم قال له: ((بل نرفق به، ونحسن صحبته ما بقي معنا))، وجعل بعد ذلك اليوم إذا أحدث الحدث كان قومه هم الذين يُعاتبونه، ويأخذونه ويُعنِّفُونه ويتوعَّدونه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب حين بلغه ذلك عنهم من شأنهم: (( كيف ترى يا عمر، أما والله لو قتلته يوم أمرتني بقتله لأَرعَدَت لَهُ آنُفٌ، لو أمرتُها اليَومَ بِقَتلِهِ لَقَتَلَتهُ))؛ قال: فقال عمر: قد والله علِمتُ لأمرُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم أعظَمُ بَركَةً مِن أمرِي[4].

 

3- مع المشركين: الأمثلة هنا كثيرة جدًّا نستطيع أن نبدأها بحِوارِه السلس المؤدَّب مع عمِّهِ حين أراد أن يَثْنيه عن دعوته، ونمرُّ على قصته مع زَيْد بْن سُعْنَةَ حين أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَقَاضَاهُ، فَجَبَذَ ثَوْبَهُ عَنْ مَنْكِبِهِ الْأَيْمَنِ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّكُمْ يَا بَنِي عَبْدِالْمُطَّلِبِ أَصْحَابُ مَطْلٍ، وَإِنِّي بِكُمْ لَعَارِفٌ، فَانْتَهَرَهُ عُمَرُ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: ((أَنَا وَهُوَ كُنَّا إِلَى غَيْرِ هَذَا أَحْوَجَ مِنْكَ: أَنْ تَأْمُرَنِي بِحُسْنِ الْقَضَاءِ، وَتَأْمُرَهَ بِحُسْنِ التَّقَاضِي، انْطَلِقْ يَا عُمَرُ إِلَى حَائِطِ بَنِي فُلَانٍ، فَأَوْفِهِ حَقَّهُ، أَمَا إِنَّهُ قَدْ بَقِيَ مِنْ أَجَلِهِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، وَزِدْهُ ثَلَاثِينَ صَاعًا لِرَدِّكَ عَلَيْهِ))[5].

 

وخلاصة القول: الداعية إذا صدق مع الله تعالى وتأثَّر بما يدعو إليه، وأحسن عرض موضوعه تأثَّر الناس بقوله في الغالب.

 

وما وَصَلَنا منْ آثارِ الصَّحابةِ والتَّابعينَ وحُسْنِ تعامُلِهم بعضهم مع بعض، ورفْقِهم بأهلِ الكتابِ والمشركينَ وحتى الظلمة من المسلمين، ما يوقف مدَّعِي حقوقِ الإنسانِ أمامَهُ عاجزينَ، ولا يمْنَعُهم الاعترافَ بأنَّ الشَّرعَ الإسْلامي هو أكملُ وأصلَحُ شرعٍ للإنسانيةِ إلا الكِبْرُ.

 

وصلَّى الله على سيدنا محمد مُعلِّم الناس الخيرَ، وعلى آله وصحبه وسلم.



[1] العين: 3 /99.

[2] هذا عند العمرة وقبل الفتح.

[3] المعجم الأوسط؛ للطبراني؛ باب: العين، من اسمه: مقدام، ومن اسمه: مفضل، حديث: ‏.9396‏.

[4] جامع البيان في تفسير القرآن؛ للطبري، سورة المنافقون، القول في تأويل قوله تعالى: ﴿ يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ ﴾ [المنافقون: 8]، حديث: ‏31619.‏

[5] المستدرك على الصحيحين؛ أبو عبدالله الحاكم محمد بن عبدالله بن محمد النيسابوري المعروف بابن البيع (ت: 405هـ)، تحقيق: مصطفى عبدالقادر عطا، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1411 – 1990: 2|37 برقم2237.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • رسالة الدعوة إلى الله
  • واجب الدعوة
  • الدعوة إلى الله تعالى في القرآن: نظرات في المنهج والأركان
  • عن الدعوة والإصلاح (1)
  • من أولويات الدعوة
  • تطبيقات الدعوة بالقرآن
  • الدعوة الإسلامية وأهميتها
  • مفهوم الدعوة
  • أنواع الدعوة في الإسلام
  • الدعوة مسؤولية الجميع
  • أثر المرأة المسلمة في الدعوة إلى الله
  • الانتفاع بالوسائل الممكنة والمباحة في الدعوة إلى الله
  • فوائد تتعلق بالدعوة إلى الله (1)
  • الفروق بين منهج أئمة الدعوة الإصلاحية ومنهج مخالفيهم
  • فضل الدعوة إلى الله تعالى في القرآن الكريم
  • {ولكن ذكرى لعلهم يتقون} فن الدعوة مع المخالفين
  • الدعوة إلى الله اليوم والأمس {وجعلنا له نورا يمشي به في الناس}
  • الدعوة إلى الله تعالى مهمة وتشريف لهذه الأمة
  • أنواع الوصول إلى الله
  • الدعوة إلى الله عز وجل بالحكمة

مختارات من الشبكة

  • خطوات الإعراب... خطوة بخطوة(مقالة - حضارة الكلمة)
  • خطوة خطوة في تعليم وتعلم اللغة التركية: الخطوة الأولى: القراءة والكتابة (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • خطوات الدعوة والوعظ(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطوات في طريق الدعوة الفردية(مقالة - موقع د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري)
  • خطوات عملية لاستغلال العشر الأواخر بشكل مثالي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • رمضان: خطوة بخطوة نحو القرب من الله تعالى (PDF)(كتاب - ملفات خاصة)
  • التخطيط اليومي لتحقيق الإنتاجية: خطوات وعادات لبناء روتين فعال وإنجاز الأهداف(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • خطبة: خطوات الشيطان لإضلال الإنسان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المشي إلى الجمعة خطوات في سبيل الله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطوات تحصيل السعادة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 17/11/1446هـ - الساعة: 9:44
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب