• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
شبكة الألوكة / ملفات خاصة / محمد صلى الله عليه وسلم / مقالات
علامة باركود

الإساءة بين العقلانية والتدين

الإساءة بين العقلانية والتدين
مها الحبار

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 11/10/2012 ميلادي - 25/11/1433 هجري

الزيارات: 6718

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الإساءة بين العقلانية والتدين


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.

 

وبعد:

فمن المُسلَّمات أنَّ الله - تعالى - قد نصر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منذ بدء الدعوة وإلى قيام الساعة: ﴿ وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا ﴾ [الفتح: 3]، وحثَّ المسلمين على نصرته بقوله: ﴿ إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ ﴾ [التوبة: 40].


فالمسلم الحقُّ عليه أن ينصر نبيَّه في كلِّ وقت وحين، وأن يهبَّ للدفاع عنه بشتى الوسائل والثقافات، وفي ذلك شرفٌ له وتكريم؛ لأنه ينصر من كان اللهُ ناصرَه.

 

ولكن لنقلِّب كتب السيرة النبوية الشريفة، وننظر مَن أول من نصَر الرسولَ الكريم في بدء الدعوةِ، وبالتحديد بعد نزول الوحي عليه؟!

كلنا يعلم أنه - صلى الله عليه وسلم - ذهب إلى سيدتنا خديجة - رضي الله عنها - وحكى لها خبرَ الوحي، وخففت عنه ما كان من شدة نزول الوحي بكلماتها التي تنمُّ عن شخصيتها العظيمة، وحبها الشديد للمصطفى الكريم، لكنك ستفاجَأُ إذا علمتَ أن أولَ من وعده بالنصر المؤزَّر رجلٌ يُدعى: ورقةَ بن نوفل، وكان امرأً تنصَّر في الجاهلية.

 

جاء في صحيح البخاري عن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت للنبي - صلى الله عليه وسلم - بعد أن أخبرها خبر الوحي: "...كلا، أبشِرْ، فوالله لا يُخزيك الله أبدًا؛ إنك لتصِلُ الرحم، وتصدُق الحديث، وتحمل الكَلَّ، وتَقْري الضيف، وتُعين على نوائب الحق"، ثم انطلقت به خديجةُ حتى أتت به ورقةَ بن نوفل بن أسد بن عبدالعزى بن قصي، وهو ابن عم خديجة، أخي أبيها، وكان امرأً تنصَّر في الجاهلية، وكان يكتب الكتاب العربيَّ، فيكتب بالعربية من الإنجيل ما شاء اللهُ أن يكتبَ، وكان شيخًا كبيرًا قد عمِيَ، فقالت له خديجة: أيِ ابنَ عمِّ، اسمعْ من ابن أخيك، فقال ورقة: ابنَ أخي، ماذا ترى؟ فأخبره النبي - صلى الله عليه وسلم - ما رأى، فقال ورقة: هذا الناموس الذي أُنزل على موسى، يا ليتني فيها جذَعًا أكون حيًّا حين يخرجك قومُك، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أوَمخرجيَّ هم؟!))، فقال ورقة: نعم، لم يأتِ رجلٌ قط بمثل ما جئتَ به إلا عُودِي، وإن يدركْني يومك أنصُرْك نصرًا مؤزَّرًا، ثم لم ينشَبْ ورقةُ أن توفِّيَ" [1].

 

وهذا من المواقف التي تحسب له، رجلٌ أعمى اللهَ بصره، لكنه طهَّر بصيرتَه بنور الحق؛ حيث شهد أن الذي جاء به محمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم - مكمِّلاً لِما جاء به موسى - عليه السلام - وتمنى أن لو كان في ريعان شبابه؛ ليتمكنَ من نصرته نصرًا بالغًا شديدًا.

 

أردت أن ألفت نظرك أيها القارئ الكريم إلى أن غيرَ المسلم المنصف يعلم يقينًا ما جاء به النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم - بدليل قول ابن نوفل: "هذا الناموسُ الذي أنزل على موسى"، ومصداق ذلك قوله - تعالى -: ﴿ لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ * وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ ﴾ [المائدة: 82، 83].

 

لكن من يشكِّك في نبوة سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - استكبارًا وعلوًّا وخشيةَ غلبة الدين الإسلامي على دينه، لا يعترف بذلك، إذا كانوا لا يحكُمون بما أنزل الله في كتابهم، فلا عجب من صنيعهم، قال - تعالى -:

﴿ وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ * وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ﴾ [المائدة: 46 - 48].

 

ولا نَنْسَ قصة ملِك الحبشة وموقفَه الخالد في نصرة دين الله - تعالى - ونبيه، واعترافه بأن ما جاء به نبيُّنا المصطفى - صلى الله عليه وسلم - وموسى - صلى الله عليه وسلم - يخرج من مشكاة واحدة.

 

خلاصة القول: إن النصارى يعلمون يقينًا صحةَ دعوة النبوة، لكن ما نسمعه من بعضهم من الإساءة للدين والرسول الكريم لا يتخطَّى أمرين:

الأول: الجهل بدين الله وسنَّة نبيه الكريم، وتبِعات ذلك تقع علينا نحن معشر المسلمين؛ وذلك بتقصيرنا في ميدان الدعوة إلى الله، والتعريف بسنَّة حبيبِه المصطفى الكريم وأخلاقه وشمائله.

 

الثاني: ترفعًا منهم أن تكون الهيمنة والغلبة للدين الإسلامي الحنيف، وأن يكونَ محمدٌ - صلى الله عليه وسلم - خاتمَ الأنبياء، وصاحب الشفاعة العظمى في اليوم الموعود، ومثل هؤلاء هم السفهاء حقًّا، لكن ينبغي أن يُرَدَّ عليهم بإهمالهم وتجاهلهم؛ تحرزًا من أن يتمادَوْا في الإساءة؛ لأنهم كالأنعام، بل هم أضلُّ.

﴿ وَإِذَا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولاً * إِنْ كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلَا أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلاً * أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً * أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً ﴾ [الفرقان: 41 - 44].

 

وقال - تعالى -: ﴿ وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [الأنعام: 108].

 

قال الشافعي[2]:

إذا نطق السَّفيهُ فلا تُجبْهُ
فخيرٌ من إجابتِه السكوتُ
فإنْ كلَّمْتَه فرَّجتَ عنهُ
وإنْ خلَّيْتَه كمَدًا يموتُ

 

ومن أمثلة من استكبر منهم عن اتباع المصطفى رغم اعترافه بصدق الدعوة والنبوة:

هِرَقلُ ملِك الروم عندما أرسل إلى أبي سفيان، وسأله عن خبر الدعوة وعن محمد - صلى الله عليه وسلم - وأجابه الأول عن كل ما سأله من أخبار النبي - صلى الله عليه وسلم - وأتباعِه وشمائله وصفاته، وإلى ما يدعو إليه، فقال هرقل: "...إن كان ما تقول حقًّا، فسيملِك موضعَ قدميَّ هاتين، وقد كنتُ أعلمُ أنه خارج، لم أكنْ أظنُّ أنه منكم، فلو أني أعلم حتى أخلص إليه، لتجشَّمتُ لقاءه، ولو كنت عنده لغسلتُ عن قدمه...، ثم كتب هرقل إلى صاحبٍ له برومية وكان نظيرَه في العلم، وسار هرقل إلى حمص فلم يَرُمْ حمص حتى أتاه كتاب من صاحبه يوافق رأي هرقل على خروج النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنه نبي، فأذِن هرقل لعظماء الروم في دَسْكرة له بحمص، ثم أمر بأبوابها فغلِّقت، ثم اطلع فقال: يا معشر الروم، هل لكم في الفلاح والرشد، وأن يثبتَ مُلككم فتُبايعوا هذا النبي؟ فحاصوا حَيْصة حُمُر الوحش إلى الأبواب، فوجدوها قد غلِّقت، فلما رأى هرقلُ نفرتهم، وأيِس من الإيمان، قال: ردُّوهم عليَّ، وقال: إني قلت مقالتي آنفًا أختبر بها شدتَكم على دينكم، فقد رأيت، فسجدوا له ورضُوا عنه، فكان ذلك آخرَ شأن هرقل" [3].

 

وهذه سنة الله في رسله؛ فقد واسى - جل وعلا - حبيبه بقوله:

﴿ وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴾ [الأنعام: 10].

 

﴿ وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ ﴾ [الطور: 48].

 

﴿ قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ * وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَأِ الْمُرْسَلِينَ * وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ ﴾ [الأنعام: 33 - 35].

 

ثم قل لي بربك: أيُّ رد أعظمُ من رد الله - تبارك وتعالى - لكارهي حبيبه بقوله: ﴿ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ ﴾ [الكوثر: 3]؟


وهذه سنَّة الله في خَلقه؛ قال - تعالى -:

﴿ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ﴾ [هود: 118].

 

﴿ وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴾ [الحجر: 11].

 

وعليه تكون حتمية الموازنة بين العقلانية والدين في التعامل مع من يخالفه أمرًا مطلوبًا لا مناص منه، لا سيما إذا كان متفوقًا علميًّا وتقنيًّا وفكريًّا، فليس من الحكمة في شيء حرقُ السفارات، والقتل والتهديد؛ نصرةً للمصطفى الكريم، لكنك إن نشرت صفاتِه، وتخلَّقت بأخلاقه، ودعوتَ إلى دينه مخاطبًا إياهم على مستوى تفكيرهم، كنتَ خيرَ ناصرٍ له - صلى الله عليه وسلم - ومستنًّا بسنته الغراء في الدعوة إلى الله، فعندما قال سيدنا علي - رضي الله عنه وأرضاه - في موقعة خيبر: نقاتلهم حتى يكونوا مثلنا؟ قال - صلى الله عليه وسلم -: ((على رِسْلك حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعُهم إلى الإسلام، وأخبِرْهم بما يجب عليهم، فوالله لأنْ يُهدى بك رجلٌ واحدٌ خيرٌ لك من حُمْر النَّعَم)) [4].

 

ومن أخلاقه أنه كان يستطيع أن يدعوَ على من كذَّبه واستهزأ به من قومه فيَهلِك، عندما سأله ملك الجبال: "يا محمد، إن شئتَ أن أُطبقَ عليهم الأخشبينِ؟ فقال - صلى الله عليه وسلم -: ((بل أرجو أن يُخرجَ اللهُ من أصلابهم من يعبد اللهَ وحده لا يشرك به شيئًا)) [5].

 

وسُئلت عائشةُ عن خُلُقِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: "كان خُلُقُه القُرآن" [6]، تعني: أنَّه تأدَّب بآدابه، وتخلَّق بأخلاقه، فما مدحه القرآنُ، كان فيه رضاه، وما ذمَّه القرآنُ، كان فيه سخطه، وجاء في رواية عنها، قالت: "كان خُلُقُه القُرآن، يَرضى لِرضاه، ويَسخَطُ لسخطه".

 

وكان - صلى الله عليه وسلم - لِشدَّةِ حيائه لا يُواجِهُ أحدًا بما يكره، بل تُعْرَف الكراهة في وجهه، كما في الصحيح عن أبي سعيد الخدري قال: كان النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أشدَّ حياءً من العذراءِ في خِدْرها، فإذا رأى شيئًا يكرهه، عرفناه في وجهه، ولما بلَّغَه ابنُ مسعودٍ قَولَ القائل: هذه قسمةٌ ما أريد بها وجهُ الله، شقَّ عليه - صلى الله عليه وسلم - وتَغيَّر وجهه، وغَضِبَ، ولم يَزِدْ على أنْ قال: ((قد أوذِيَ موسى بأكثرَ من هذا، فصبر)) [7].

 

وفَّقنا الله وإياكم لنصرة النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم - قولاً وعملاً وأخلاقًا، وحشرنا تحت لوائه يوم الدين؛ إنه وليُّ ذلك والقادر عليه آمين، وآخر دعوانا أن الحمدُ لله رب العالمين، وصلَّى الله وسلَّم على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه وأنصاره إلى يوم الدين.



[1] الجامع الصحيح المختصر، المعروف بصحيح البخاري، البخاري: أبو عبدالله، محمد بن إسماعيل البخاري الجُعْفيت 256هـ، ج6/ ص 2561، رقم: 6581، باب أول ما بُدِئَ به رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - من الوحي الرؤيا الصالحة، ط3، ضبط وترقيم وفهرسة: د. مصطفى ديب البغا، دار ابن كثير،بيروت - 1407هـ - 1987م.

[2] ديوان الإمام الشافعي، الشافعي: أبو عبدالله، محمد بن إدريس الشافعيت 204هـ، ص 4، تحقيق: أحمد أحمد شتيوي، دار الغد - مصر1424هـ-2003م.

[3] صحيح البخاري، ج1/ ص7، رقم: 7، باب: كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم.

[4] صحيح البخاري، ج3/ ص 1077، رقم: 2783، باب: دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الإسلام والنبوة، وألا يتخذ بعضهم بعضًا أربابًا من دون الله.

[5] صحيح البخاري، ج3/ ص 1180، رقم: 3059، باب: دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم.

[6] مسند أحمد بن حنبل، والأحاديث مذيلة بأحكام شعيب الأرناؤوط، الإمام أحمد: أبو عبدالله، أحمد بن حنبل الشيبانيت241هـ، ج 6 /ص 91، رقم: 24645، مسند: عائشة - رضي الله عنها - مؤسسة قرطبةالقاهرة - د.ت، وصحَّحه الأرناؤوط.

[7] صحيح البخاري، ج5/ ص2263، رقم: 5751، باب: من لم يواجه الناس بالعتاب.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • بيان المجلس حول محاولة الإساءة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -
  • لماذا الإساءة لنبي الأمة باسم الأقباط؟!
  • المنحة في الإساءة إلى الرحمة المهداة
  • الإساءة بين الإهمال والترويج
  • ضعف التدين
  • بين الدين والتدين (تصحيح مفهوم)
  • العقلانيون، من هم؟
  • أساليب "العقلانيين" في التعامل مع "السنة النبوية" (1)

مختارات من الشبكة

  • الرد على الإساءة بالإساءة(استشارة - الاستشارات)
  • الشايع لـ"سبق": هذا الحكم مستند قانوني مهم للدفاع عن نبينا ضد أي إساءة أو ازدراء في أوروبا(مقالة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • زعيم حزب دنماركي يخير المسلمين بين قبول الإساءة أو الرحيل(مقالة - المسلمون في العالم)
  • باريس: المحكمة الأوروبية لحقوق الانسان: الإساءة للرسول لا تندرج ضمن حرية التعبير(مقالة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • الهند: الإساءة للنبي عبر واتس آب في ولاية أوتاراخند(مقالة - المسلمون في العالم)
  • الهند: الإساءة للقرآن الكريم في جامعة متهلا(مقالة - المسلمون في العالم)
  • مقابلته صلى الله عليه وسلم الإساءة بالإحسان (قصة للأطفال)(مقالة - موقع أ. د. عبدالحليم عويس)
  • أستراليا: مسلمة تواجه حملات الإساءة بالتبرع للأطفال المحتاجين(مقالة - المسلمون في العالم)
  • الحلم والعفو وعدم الغضب ومقابلة الإساءة بالإحسان(مقالة - موقع عرب القرآن)
  • مقترحات للتصدي لحملات الإساءة إلى مقام النبي صلى الله عليه وسلم(مقالة - ملفات خاصة)

 


تعليقات الزوار
1- ومن اليهود من كان أيضا يعلم
kreemali_64 - مصر 12-10-2012 02:19 AM

يشهد بذلك مارواه الإمام البخاري رحمه الله في إسلام عبد الله بن سلام رضي الله عنه فقد كان حبرا من فطاحل علماء اليهود ولما سمع بمقدم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المدينة في بني النجار جاءه مسعجلا وألقى إليه أسئلة لا يعلمها إلا نبي ولما سمع ردوده صلى الله عليه وسلم عليها آمن به ساعته ومكانه ثم قال له أن اليهود قوم بهت أن علموا بإسلامي قبل أن تسألهم عني بهتوني عندك. فأرسل رسول الله صلي الله عليه وسلم فجاءت اليهود ودخل عبد الله بن سلام البيت فقال صلى الله عليه وسلم أي رجل فيكم عبد الله بن سلام؟ قالوا أعلمنا وابن أعلمنا وأخيرنا وابن أخيرنا وفي لفظ(سيدنا وابن سيدنا) خيرنا وابن خيرنا وأفضلنا وابن أفضلنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفرأيتم إن أسلم؟ فقالوا أعاذه الله من ذلك مرتين أو ثلاثة فخرج إليهم عبد الله فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله فقالوا شرنا وابن شرنا ووقعوا فيه وفي لفظ قال: يا معشر اليهود اتقوا الله فوالله الذي لا إله إلا هو إنكم لتعلمون أنه رسول الله وأنه جاء بحق فقالوا كذبت.
وهناك من الأمثلة الكثير والكثير يطول ذكره وشرحه
الشجر والحجر والجن وكل المخلوقات شهدت له بالنبوة
فلا ضيم ممن يتقول الآن على جنابه وذاته الشريفة
فهو حقا وصدقا ويقينا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا
جمعني الله وإياكم على حوضه بإذن الله نشرب من يده الشريفه شربة هنئة لا نظمأ بعدها أبدا
بسم الله الرحمن الرحيم:
{تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ * مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ * سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ * وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ * فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ}.
بسم الله الرحمن الرحيم:
{إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ}
صدق الله العظيم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخوكم
كريم علي

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب