• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    علامات الساعة (1)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    تفسير: (يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تحية الإسلام الخالدة
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    الشباب والإصابات الروحية
    د. عبدالله بن يوسف الأحمد
  •  
    من فضائل الصدقة (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / تفسير القرآن
علامة باركود

المحكم والمتشابه في الشريعة (1)

الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

المصدر: ألقيت بتاريخ: 11/11/1430هـ
مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 4/11/2009 ميلادي - 16/11/1430 هجري

الزيارات: 25027

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

المحكم والمتشابه في الشريعة (1)


الحمد لله العليم الحكيم؛ خَلَق فأتقن، وشرع فأحكم، وابتلى العباد بشريعته، فمنهم المهتدون، ومنهم الضالون؛ ﴿ إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا ﴾ [الإنسان: 3]، نحمده على آلائِه، ونشكره على إحسانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ تفرَّد بالخلْق والحُكم، فالخلْقُ خلقُه، والأمرُ أمرُه، لا ينازعه فيه إلا جاهلٌ معانِد؛ ﴿ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الأعراف: 54].
وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله؛ بَعَثَهُ الله - تعالى - ابتلاء للعباد، فمَن أطاعه أفلح وفاز، ومَن عصاه خسر وخاب، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدِّين.
أما بعدُ:
فاتقوا الله - تعالى - وأطيعوه، واستَمْسِكوا بدينكم؛ فإنه الحقُّ مِن ربِّكم، ولا يغلبنكم عليه أهلُ الأهواء؛ فإنهم دُعاة على أبواب جهنَّم، مَن أجابهم قذَفُوه فيها؛ ﴿ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ ﴾ [النمل: 79].
أيها الناس:
خلَق الله - تعالى - البشر، فابتلاهم بدينه، وأرسل إليهم رسلَه، وأنزل عليهم كُتبَه، وأقام فيهم حجته، فلا يَضل بعد بلوغ الحجة إلا مستكبرٌ معاندٌ؛ ﴿ رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ ﴾ [النساء: 165].
ومن حكمته - سبحانه - أنْ جعل البشر يَفتن بعضهم بعضًا عن الحق، ويُضِل بعضهم بعضًا، كما يهدي بعضهم بعضًا؛ فدعاةٌ إلى الجنة، ودعاةٌ إلى النار؛ ﴿ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ ﴾ [الفرقان: 20]؛ أي: جعلتُ بعضكم لبعض بلاءً؛ لتَصْبروا على ما تسمعون منهم، وترون من خلافهم، وتتَّبعوا الهدى بغَيْر شيءٍ من الدنيا، ولو شئتُ أن أجعل الدنيا مع رسلي، فلا يخالَفون، لفعلْتُ، ولكنِّي قد أردتُ أن أَبتَلِيَ العباد بكم، وأبتليكم بهم؛ لأرى أيصبرون على الحق؟ أم لا يصبرون؟
وفي الحديث القدسي، قال الله - تعالى - لنبيِّه محمد - صلى الله عليه وسلم -: ((إنما بعثْتك لأبْتَليَك، وأبتلي بك))؛ رواه مسلم.
إن الله - تعالى - حين ابتلى العباد بدينه، وأَمَرَهُم بشرائعه، أحكمها لهم، وفصَّل حلالها وحرامها، وبيَّن حدودها ومعالمها، وجلَّى أوامرها ونواهيها، وأنزلها في كتابٍ محفوظ مُحكَمٍ؛ ﴿ كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ ﴾ [هود: 1]، ﴿ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ * لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ﴾ [فصلت: 41، 42].
ولأجل ذلك لَم يكن في القرآن اختلافٌ، ولا نقْص ولا زيادة، ولا تناقُض ولا باطل، كما كان في كلام البشَر؛ ﴿ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا ﴾ [النساء: 82]، وكانت الشريعةُ التي جاء بها أحسن الشرائع وأتمّها؛ ﴿ صِبْغَةَ اللهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ صِبْغَةً ﴾ [البقرة: 138]، وفي آية أخرى: ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ﴾ [المائدة: 50].
ومع هذا الإحكام والتفصيل والبيان للشريعة الربانية، فإنَّ الله - تعالى - جعل فيها مُتشابهات، وهذه المتشابهات منها ما لا يعلمه إلا الله - تعالى - ومنها ما يعلمه بعضُ الناس دون بعض، بحسب ما لديهم من علم بالشريعة، وفِقْه في الدِّين؛ ﴿ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ﴾ [آل عمران: 7]، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إِنَّ الحَلالَ بَيِّنٌ، وَإِنَّ الحَرَامَ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ، لا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ من الناس))؛ رواه الشيخان.
إن الله - تعالى - قادِرٌ على أن ينزِّل شريعة، ليس في نُصُوصها ولا أحكامها أيُّ اشتباه، فلا يقع فيها التِباس، ولا يحدث بسببها خلاف، كما أنَّه - سبحانه - قادر على أن يهدي الناس أو يضلهم، بلا رسول، ولا كتاب، ولا دعوة، ولا بيان، وهو - تعالى - قادر على أن يُنَعِّمَ من شاء من عباده، ويُعذِّبَ من شاء منهم، بلا ابتلاء، ولا امتحان، ولكنَّه - سبحانه - ابتلى العباد بشريعته، ثم جعل فيها ما يشتبه على الناس، فيقع فيه اختلاف بينهم؛ ولهذه الإرادة الربانية حِكَمٌ باهِرة، وله - سبحانه - فيها حُجج بالغة، وأسرار عجيبة، لا يملك مَن أدرك بعضها إلا أن يكبِّرَ الله - تعالى - ويُسَبحه ويحمده، ويسأله الهداية لما اختلف فيه من الحق بإذْنِه؛ فهو يهدي مَن يشاء إلى صراط مستقيم.
إن من الحِكَم العظيمة المنصوص عليها لهذا الاشتباه في بعض الشريعة: امتحانَ البشر، وابتلاءَهم بذلك؛ ليبينَ الموقن من المُذَبْذب، وليظهرَ الصادق منَ الكاذب، وليميز الورع المتقي من المتخوض في الشبُهات، التي تقود إلى الحرام، فالفريقُ الأول لا يَثْبُتون أمام الشبهات؛ ﴿ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ﴾ [آل عمران: 7]، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((ومن وَقَعَ في الشُّبُهَاتِ وَقَعَ في الحَرَامِ)).
وأما الفريق الثاني: فهم الموقنون بإيمانهم، الثابتون على دينهم؛ ﴿ وَالرَّاسِخُونَ فِي العِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا ﴾ [آل عمران: 7]، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((فَمَن اتَّقَى الشُّبُهَاتِ، اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ)).
فالمُوَفَّقون للحق يتَّقون الشبُهات، ويؤمنون بالمتشابهات، فلا تميد بهم الأهواءُ، ولا تسيرهم الشهوات، وليس في قلوبهم إلا التسليم والانقياد؛ ﴿ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا ﴾ [آل عمران: 7].
وأما أهلُ الزيغ: فهم الذين يضربون المحكَمات بالمتشابهات، ويتكِئُون على المشتبه لإباحة المحرَّم؛ من أجل دنيا يُصيبونها، أو بَشَر يرضونهم من دون الله - تعالى -: ﴿ وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ ﴾ [التوبة: 62].
فيا لله العظيم، ما أعظمها من علة! وما أجلَّها مِن حكمة! وما أشده من امتحان! ابتلاء على ابتلاء، ابتُلي البشر بأصل الدين؛ فمنهم من آمن، ومنهم من كفر، ثم ابتلي المؤمنون بالمتشابهات؛ فمنهم من فُتن، ومنهم مَن رسخ؛ ولذا ناسَب أن تُختم هذه الآية بقول الله - تعالى -: ﴿ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الأَلْبَابِ ﴾، ويعقبها هذا الدعاء المبارَك؛ ﴿ رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ ﴾ [آل عمران: 8]، نسأل الله - تعالى - أن يجعلَنا منَ الموقنين، وأن يجنِّبنا طرُق الزَّيغ والفتنة.
ومنَ الحكَم العظيمة للمُتشابه في الشريعة، إظهارُ عجْز البشر، وافتقارهم لله - تعالى - في كلِّ أحوالهم وأُمُورهم، التي أعظمها أمور الاعتقاد، والتعبُّد لربِّ العالَمين؛ ليعلموا أنَّ فوق كلِّ ذي علمٍ عليمًا، وليوقنوا أنهم مهما تَزَوَّدوا من العلم، فلم يُؤتوا منه إلا قليلاً، فتتطامن نفوسُهم عن الكبرياء، وتخنع عن كثرة الادِّعاء، ويكون حالُهم كحال الملائكة حين قالوا: ﴿ سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ العَلِيمُ الحَكِيمُ ﴾ [البقرة: 32].
ولذا كان من العلماء مَن يستعين بالاستغفار والتسبيح، والذِّكر والدعاء، على ما اشتبه عليهم من النصوص، وما أغلق عنهم من المسائل، فكان بَعْضُ السَّلَفِ يقول عند الإفتاء: "﴿ سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ العَلِيمُ الحَكِيمُ ﴾".
وكان مكحول يقول: "لا حول ولا قوة إلا بالله"، وكان الإمام مالك يقول: "ما شاء الله، لا قوة إلا بالله العلي العظيم"، وقال شيخُ الإسلام ابن تيميَّة: "ربما طالعت على الآية الواحدة نحو مائة تفسير، ثم أسألُ الله الفَهْم، وأقول: يا مُعَلِّم آدم وإبراهيم علِّمني، وكنتُ أذهب إلى المساجد المهجورة ونحوها، وأمرغ وجهي في التراب، وأسأل الله وأقول: يا مُعَلِّم إبراهيم فهمني"، فلولا هذا الاشتباه في بعض النصوص والأحكام، لما ظهر هذا الافتقار من جلة العلماء.
وبوجود المتشابه في الشريعة، تتحرَّك العقول للفكر، والتدبُّر، والاستنباط، وتنهض الهمَم للجمع والمقارنة والترجيح؛ فيكون في ذلك إعمالٌ للعقول، وتنشيطٌ لها، كما يكون فيه مزية للراسخين في العلم على غيرهم، وما فُضِّل العلماء على غيرهم إلا لأنهم يهتدون إلى الحق بعلْمِهم، ويهدون إليه غيرهم بدعوتهم، فكانوا هم أهل الهداية والخَشْية والرِّفعة؛ حتى ورثوا الأنبياء فيما ورثوا من النور والهدى.
ولو لَم يوجَد الاشتباه في الشريعة، أو هُدي الناسُ كلُّهم لفَهْمِها وإدراكها، لكان أهلُ العلم سواسيةً مع غيرهم، ولذبلت العقولُ عن النظَر والتفكُّر الذي رُتِّب عليهما عظيمُ الأجْر والثواب، وكلما كانت المسائلُ أعسر، احتاجتْ نظرًا أطول، وتفكُّرًا أكثر، وبحثًا أشق؛ فزاد العلمُ، واتسع الفهمُ، وعظم الأجرُ.

إنها شريعة أحكم الحاكمين، أحكمها وأنزلها، وجعل فيها من المتشابه ما يكون فتنةً للزائغين، وثباتًا للموقنين، فمَن أخلص لله - تعالى - في حملها وأدائها، هداه وكفاه وجازاه، ومن تحملها لدنيا، أو بلَّغها لدنيا، أو حرَّفها لدنيا، حمل من الوزر بقدر ما فعل؛ أعوذ بالله من الشيطان الرجيم؛ ﴿ فَهَدَى اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾[البقرة: 213].
بارك الله لي ولكم.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله حمدًا طيبًا كثيرًا مباركًا فيه، كما يُحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدِّين.
أما بعدُ:
فاتقوا الله - تعالى - وأطيعوه، وعظِّموا أمره فلا تعصوه، ولا تتركوا شيئًا من دينه فتضلوا؛ ﴿ وَأَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا البَلاغُ المُبِينُ ﴾ [المائدة: 92].
أيها المسلمون:
لقد كان المتشابه منَ النصوص فتنةً للذين زاغوا عن الحق، ومالوا إلى الباطل، وغالبًا ما يكون دافع ذلك هو إرضاء البشر، واتِّباع الهوى، وفي القرون الأولى من الإسلام بُهِر بعضُ المسلمين بفلسفات اليونان لَمَّا تُرجِمَت إلى العربية، فتشربها أقوامٌ حتى امتلأتْ قلوبُهم بزَيْغِها وضلالها، فعارضتْ محكمات القرآن في توحيد الربِّ - سبحانه - وأسمائه وصفاته، فعمدوا إلى المتشابه من آي القرآن؛ ليضربوا به المحكَم المعارض؛ لِمَا في قلوبهم من زَيْغٍ، فقضوا حياتَهم في شكٍّ وقلق واضطراب، فمنهم مَن مات على ذلك، ومنهم من أدركتْهُ رحمةُ الله - تعالى - قبل موته، فتاب مِنْ زَيْغِه وضلاله.
وقبل قرنَيْن من الزمان، بدأ نُهُوض الحضارة الغربية المعاصرة، وكانت علمانية فردية إباحية نفعية في كل شيء، فَفُتِن أقوامٌ من المسلمين بقوانينها وأنظمتها، ولا سيما فيما يخصُّ المرأة وحريتها واستقلالها عن الرجل، وتكرَّر ما وقع قبل قرون؛ إذ انبَرى من المسلمين مَن جعلوا حضارة الغرب هي الأصل الذي تحاكم الشريعة إليه، وراحوا يبْحَثُون عن المتشابه منَ النصوص؛ ليَضْرِبُوا به المحكم، ويستخرجوا ما يتواءَم مع أفكار الغرب، كما فَعَل السابقون مع أفكار اليونان.
وغاب عنهم أنَّ أحكام الإسلام في شُؤون الأسرة والمرأة مجافية كليًّا، لِمَا قُرِّر في الفكر الغربي؛ إذ في الإسلام:
• تغْطية المرأة وحجبها، وفي الحضارة الغربية كشْفها وتعْرِيتها.
• وفي الإسلام كان الأصلُ قرارها في المنزل، وعدم خلْطها بالرجال، وكان الأصلُ عند الغرب خُرُوجها وخلْطها بالرجال.
• وفي الإسلامِ يكون الرجلُ قوَّامًا عليها، وعند الغرب تقوم هي بنفسها.
فلماذا كل هذا الاختلاف؟
الجواب يرجع إلى أصل مهم: هو أن الزنا مُحرَّمٌ في الإسلام، مباح عند الغرب، فغاب هذا الأصلُ العظيم عمن حاولوا تقريب شريعة الإسلام من الفكر الغربي، فلجَؤُوا إلى التحريف والتأويل والانتقاء، وضرَبُوا المحكمَات بالمتشابهات.
إنَّ مَن تأمل الشريعة، وقرأ النصوص، أيْقَن أن الإسلام أوصد كل طريق موصلة إلى الزنا، فأمر بِغَضِّ البصر، وحرَّم الخُلْوة والاختلاط، ومنع سفر المرأة بلا مَحْرم، وأوجبَ الحجابَ، ومنع المرأة من إبداء زينتها للأجانب عنها؛ ليَتَحَقَّق الأصل، وهو تحريم الزنا؛ ﴿ وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلا ﴾ [الإسراء: 32].
بينما فتح الفكر الغربي كل الطرُق المؤدِّية إلى الزنا؛ لأنه يُبيحه، فمَن أراد استنساخ النظام الأُسَري من الغرب، أو أراد تقريب المسلمين منه؛ فلا بد أن يَجْنِيَ على الأصل الذي باين فيه الإسلامُ الفكرَ الغربي، وهو تحريم الزنا، فلا يأتي مُتَهَوِّك يجتر متشابهًا ليضرب به محكمًا، ويُغمض عينه عن الأصل الذي لأجله باعَد الإسلامُ بين الرجل والمرأة، وإلا كان زائغًا عن الحقِّ، محرِّفًا للكلِم، يلبس الحق بالباطل، ويجني على أصول الإسلام؛ ﴿ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ﴾ [آل عمران: 7]؛ قال نبيَّنا محمد - صلى الله عليه وسلم -: ((فإذا رَأَيْت الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ما تَشَابَهَ منه، فَأُولَئِك الَّذِينَ سَمَّى الله فَاحْذَرُوهُمْ))؛ رواه الشيخان.
نعوذ بالله من الزيغ والهوى، ومن مُضلاَّت الفتَن، ما ظهر منها وما بطن، ونسأله الموافاة على الإيمان والهدى.
وصلوا وسلموا...




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • المحكم والمتشابه في الشريعة (2)
  • اتباع المتشابه لتحريف المحكم
  • المحكم والمتشابه في القرآن
  • حمل المتشابه على المحكم

مختارات من الشبكة

  • القرآن عند الأصوليين: تعريفه وحجيته، عروبته وتواتره، المحكم والمتشابه في القرآن(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المختصر المفهوم في بيان المحكم والمتشابه عند المفسرين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • معنى المحكم والمتشابه(مقالة - موقع د. محمد منير الجنباز)
  • درس عملي في المحكم والمتشابه الاختلاط أنموذجا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سلسلة آيات العقيدة المتوهم إشكالها (5)(مقالة - موقع د. زياد بن حمد العامر)
  • القول المحكم العلي في تحقيق الفرائض على المذهب الحنبلي (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • التشريع المحكم في الميراث(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أثر تواصل أطراف الدعوى مع المحكم أو الخبير(مقالة - موقع د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر)
  • خلق المسلم في آيات من الكتاب المحكم (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة القول المحكم على ديباجة شرح السلم (نسخة ثانية)(مخطوط - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب