• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الأحكام الفقهية والقضائية للذكاء الصناعي (PDF)
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    لطائف دلالات القرآن في خواتم سرد القصص
    بشير شعيب
  •  
    فضل التعوذ بكلمات الله التامات
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    حقوق الوطن (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    الكرامة قبل العطاء
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    شموع (113)
    أ.د. عبدالحكيم الأنيس
  •  
    مبادرة لا تغضب
    د. خالد بن حسن المالكي
  •  
    محبة النبي صلى الله عليه وسلم (خطبة)
    د. عبد الرقيب الراشدي
  •  
    شرب النبيذ في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    مختصر شروط صحة الصلاة
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    حكم من ترك أو نسي ركنا من أركان الصلاة
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    وقفات تربوية مع سورة الماعون (خطبة)
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    تفسير قوله تعالى: {أفمن اتبع رضوان الله كمن باء ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    احترام كبار السن (خطبة)
    الشيخ أحمد إبراهيم الجوني
  •  
    نعمة الماء من السماء ضرورية للفقراء والأغنياء ...
    الشيخ الحسين أشقرا
  •  
    من عظماء الإسلام
    عبدالستار المرسومي
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / تفسير القرآن
علامة باركود

وقفات تربوية مع سورة الماعون (خطبة)

وقفات تربوية مع سورة الماعون (خطبة)
رمضان صالح العجرمي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 1/10/2025 ميلادي - 9/4/1447 هجري

الزيارات: 484

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

وَقَفَاتٌ تَربَوِيَّةٌ مَعَ سُورَةُ الْمَاعُونِ


1- مُقَدِّمَةٌ عَنْ السُّورَةِ.

2- الصِّفاتُ الذَّميمةُ للمكذِّبِين بِيومِ الدِّينِ.

 

(الهَدَفُ مِنَ الخُطبَةِ)

التَّذكِيرُ والتَّحذِيرُ من الصِّفاتِ الذَّميمةِ للمكذِّبِين بِيومِ الدِّينِ؛ وَهي: البخلُ، وتركُ الصلاةِ، والرِّياءُ، ومنعُ المَاعُونِ.

 

مُقَدِّمَةٌ ومَدَخَلٌ للمُوْضُوعِ:

أيُّهَا المُسلِمُونَ عِبَادَ اللهِ، فَهَٰذِهِ وَقَفَاتٌ تَربَوِيَّةٌ مَعَ سُورَةِ الْمَاعُونِ؛ وَهِيَ سُورَةٌ مَكِيَّةٌ، وَآيَاتُهَا سَبْعُ آياتٍ.

 

ومن أَسْمَاء السُّورَةِ: (سُورَةُ الْمَاعُونِ)، (وَسُورَةُ أَرَأَيْتَ)، وَسُورَةُ (أَرَأَيْتَ الَّذِي).

 

وسُمِّيَت بهذا الاسم: لانفرادها دون غيرها من السور بذكر "الْمَاعُونِ" فيها.

 

موضُوعَاتُ السُّورَةِ: التَّحذيرُ من أَربَعِ صفاتٍ ذميمةٍ ينبغي للمسلم أن يتنزَّهَ عنها حتى لا يُشابهَ صفاتِ المشركين المكذِّبِين بيوم القيامة؛ وهذه الصِّفاتُ هي: البخلُ، وتركُ الصلاةِ، والرِّياءُ، ومنعُ المُعَاونَةِ.

 

مُنَاسَبةُ السُّورَةِ لِمَا قبلها:

فِي سُورَةِ قُرَيْشٍ: أنعم الله تعالى عليهم بنعمة الإطعام من الجوع؛ فهل شكروا هذه النعمة؟ يأتي الجوابُ في سُورَةِ الْمَاعُونِ؛ فإن الله تعالى قد أطعمهم من الجوع، وأمَّنَهم من خوف؛ ومع ذلك فهم يُكذِّبُون بالدِّين، ويدعُّون اليتيم، ولا يحضُّون على طعام المسكين!

 

ولَمَّا أمرهم في سُورَةِ قُرَيْشٍ بعبادته؛ فقال تعالى: ﴿ فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ ﴾ [قريش: 3]، ذمَّ سبحانه وتعالى في سُورَةِ الْمَاعُونِ من سَهَا عن صلاته التي يُتَوجَّهُ فيها إلى هذا البيت.

 

يقول الله تعالى: ﴿ أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ * فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ * وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ * فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ * الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ * وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ ﴾ [الماعون: 1 - 7].

 

بدأت السُّورةُ بأسلوب اسْتِفْهامٍ، وهو للتنبيه والتَّعَجُّب!

 

قَولُهُ: ﴿ أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّين ﴾؛ أي: هل رأيتَ يا محمدُ صلى الله عليه وسلم المكذِّبين بِالْجَزاءِ وَالْحِسَابِ، والخِطابُ لجميع الأمة.

 

والدِّينُ: هو الجَزَاءُ والحسابُ يوم القيامة؛ كما قال تعالى: ﴿ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾ [الفاتحة: 4]، وقال تعالى: ﴿ وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ * ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ * يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ ﴾ [الانفطار: 17 - 19]، وقال تعالى: ﴿ وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ ﴾ [الذاريات: 6]، وقال تعالى: ﴿ وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ ﴾ [الحجر: 35]، وقال تعالى: ﴿ وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ ﴾ [الشعراء: 82]، وقال تعالى: ﴿ وَقَالُوا يَا وَيْلَنَا هَذَا يَوْمُ الدِّينِ ﴾ [الصافات: 20].

 

وذلك لأنَّ التَّصديقَ بالدِّينِ والحسابِ والجزاءِ، يحمِلُ صاحبَه على فعلِ الحسناتِ وتركِ السيئات، وأمَّا الذي لا يرجُو اللهَ والدارَ الآخرةَ، فهذه هي حاله كمَا بيَّنتها باقي آيات السورة.

 

قَولُهُ: ﴿ فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيم ﴾؛ أي: يَدْفَعُهُ دَفْعًا عَنِيفًا وَيَزْجُرُهُ، وَلَا يُطْعِمُهُ، وَلَا يُحْسِنُ إِلَيْهِ، وَلَا يَرْحَمُهُ، فَالدَّعُّ: هُوَ الدفعُ بشدةٍ وعُنفٍ!

 

والْيَتِيمُ: هو من مات أبوه وهو دون سنِّ البلوغ، سواءٌ كان ذكرًا أو أنثى، ويستمر وصفه باليتم حتى يبلغَ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا يُتْمَ بَعْدَ احْتِلامٍ))؛ [رواه أبو داود، وصححه الألباني].

 

هذا في حقِّ من لا يحسنُ إلى اليتيم، فما ظنُّك بمن يأكلُ مالَ اليتيمِ؛ كما قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا ﴾ [النساء: 10].

 

ولقد اهتمت الشريعة اهتمامًا بالغًا باليتامى؛ فذُكِرَ في أكثر من عشرين آية في القرآن الكريم حثًّا على الإحسان إليهم، وتحذيرًا من الإساءة لهم؛ قال تعالى: ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [البقرة: 220]، وقال تعالى: ﴿ وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا ﴾ [الإسراء: 34].

 

وبيَّنَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم فضلَ وثواب الاهتمام بالأيتامِ ورعايتهم، فعن سهل بن سعد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ فِي الْجَنَّةِ هَكَذَا))، وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى، وَفَرَّجَ بَيْنَهُمَا؛ [رواه البخاري].

 

قَولُهُ: ﴿ وَلاَ يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِين ﴾؛ أَيْ: وَلَا يَحُثُّ غَيْرَهُ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِين، فهو لا يفعله وَلاَ يَحُضُّ عليه؛ وذلك لِعَدَمِ اعْتِقادِهِ بِالْجَزاءِ يَوْمَ الدِّينِ.

 

ومن باب أَولى أنه لا يُطعم المسكين، فهذا الذي يَدُعُّ الْيَتِيم فكيف يرجو منه إطعام المساكين؟!

 

وقد جاء في سورة الفجر نفس هذا المعنى؛ فقال تعالى: ﴿ كَلَّا بَلْ لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ * وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ ﴾ [الفجر: 17، 18].

 

قَولُهُ: ﴿ فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّين ﴾: الوَيلُ: كلمةٌ للزجرِ والوعيدِ الشديدِ؛ بمعنى الهلاك والعذاب، وقيل: وادٍ في جهنمَ.

 

وقد تستغرب! كيف فصل بينها وبين الآية التي بعدها؟! قالوا: من باب التشويق، لتتعجَّبَ لحال هؤلاء المُصلِّين!

 

قَولُهُ: ﴿ الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاَتِهِمْ سَاهُون ﴾؛ أَيْ: غَافِلُونَ مُتَشَاغِلُونَ غَيْرُ مُبالِينَ بِها.

 

لَمْ يَقُلْ: (فِي صَلَاتِهِمْ)؛ لِأَنَّ السَّهْوَ فِي الصَّلَاةِ أَمْرٌ طَبِيعيٌّ، وَلَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهُ، وَقَدْ وَقَعَ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَقَال: ((إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ، فَإِذَا نَسِيتُ فَذَكِّرُونِي، وإذَا شَكَّ أحَدُكُمْ في صَلَاتِهِ، فَلْيَتَحَرَّ الصَّوَابَ، فَلْيُتِمَّ عليه، ثُمَّ لِيُسَلِّمْ، ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ))؛ [متفق عليه، من حديث ابن مسعود رضي الله عنه]، قَالَ عَطَاءُ بْنُ دِينَارٍ رحمه الله: "الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي قَالَ: ﴿ عَن صَلاَتِهِمْ سَاهُون ﴾، وَلَمْ يَقِلْ: (فِي صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ).

 

فَلمَّا ذكر الله سبحانه وتعالى تقصيرَ هؤلاء في حقوق المخلوقين من الأيتام والمساكين، انتقل إلى ذِكر تقصيرهم في حق الخالق سبحانه وتعالى، وأنهم لا يُصلُّون له إلا رياءً وسُمعةً، فمن ضيَّع حقوقَ الله تعالى فهو لحقوق العباد أضيع!

 

وهذا السَّهوُ عن الصَّلاةِ له صُوَرٌ:

1- إمَّا أن يترُكَها بِالْكُلِّيَّةِ؛ كما قال ابن عباس رضي الله عنهما: "يعني المنافقين الذين يُصلون في العلانية ولا يُصلون في السر".

 

وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((العَهدُ الَّذي بيننا وبينهم الصَّلاةُ، فمَن تركَها فَقد كَفرَ))؛ [رواه الترمذي، والنسائي، وابن ماجه، وصححه الألباني].

 

وهذا من أخطر ما يكون، فقد توعَّدهم الله تعالى بأشدِّ العذاب؛ فَقَالَ تَعَالَى: ﴿ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ﴾ [مريم: 59].

 

2- وإمَّا أن يضيِّعَ أوقات الصَّلاة؛ فَيُؤَخِّرهَا عن أوقاتها الْمُقَدَّرة شَرْعًا؛ فعَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدِ بنُ أبِي وقَاصٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبِي سَعْدًا عن قوله: ﴿ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ ﴾، أَسَهْوُ أَحَدِنَا فِي صَلَاتِهِ حَدِيثُ نَفْسِهِ؟ قَالَ سَعْدٌ: أَوَلَيْسَ كُلُّنَا يَفْعَلُ ذَلِكَ؟ وَلَكِنَّ السَّاهِي عَنْ صَلَاتِهِ الَّذِي يُصَلِّيهَا لِغَيْرِ وَقْتِهَا، فَذَلِكَ السَّاهِي عَنْهَا"، قَالَ مُصْعَبٌ مُرَّةً أُخْرَى: "تَرْكُهُ الصَّلَاةَ فِي مَوَاقِيتِهَا"؛ [رواه أبو يعلى بإسناد حسن].

 

3- وَإِمَّا بتضييع أَرْكَانِهَا وَشُرُوطِهَا وواجبَاتِها؛ دخل سعيد بن جبير رحمه الله يومًا إلى المسجد، وقد سُئِلَ: عن هذه الآية، فرأى رجالًا ينقرون الصلاة نقرًا، فقال: هؤلاء الذين سألتني عنهم: ﴿ الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاَتِهِمْ سَاهُون ﴾.

 

4- وإمَّا ألا يُبالي بحضور قلبه في الصلاة، فلا يخشعُ فِيهَا وَلا يتدَبَّرُ في مَعانِيهَا؛ وهذه الخواطر التي تَرِدُ على القلبِ في الصلاة لا يسلَم منها أحدٌ، لكنَّ الواجِبَ أن يدفَعَها عن نفسه بقدر المستطاع.

 

قال ابنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللهُ: "فَاللَّفْظُ يَشْمَلُ هَذَا كُلَّهُ، وَلَكِنْ مَنِ اتَّصَفَ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فله قِسْطٌ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ، وَمَنِ اتَّصَفَ بِجَمِيعِ ذَلِكَ، فَقَدْ تَمَّ نَصِيبُهُ مِنْهَا، وَكَمُلَ لَهُ النِّفَاقُ الْعَمَلِيُّ".

 

نسأل الله العظيم أن يَجعلنا من المحافظين على الصلاة.

 

الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

بقيَّةُ صفات الذين ذمَّهم اللهُ تعالى.

 

قَولُهُ: ﴿ الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُون ﴾؛ أي: يُحْسِنُونَ الْعَمَلَ وَالْعِبَادَةَ في الظَّاهِرِ؛ لِغَرَضِ كَسْبِ الْمَدْحِ وَالثَّنَاءِ مِنَ النَّاسِ.

 

وفي هذه الآية التَّحْذِيرُ مِنَ الرِّيَاءِ؛ وهو أخوف ما خافه النبي صلى الله عليه وسلم على أُمَّتِه؛ فعَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمُ الشِّرْكُ الْأَصْغَرُ))، قَالُوا: وَمَا الشِّرْكُ الْأَصْغَرُ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: ((الرِّيَاءُ، يَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: إِذَا جُزِيَ النَّاسُ بِأَعْمَالِهِمْ: اذْهَبُوا إِلَى الَّذِينَ كُنْتُمْ تُرَاءُونَ فِي الدُّنْيَا فَانْظُرُوا هَلْ تَجِدُونَ عِنْدَهُمْ جَزَاءً؟!))؛ [رواه أحمد، وصحَّحه الألباني].

 

فقد سمَّاه النبيُّ صلى الله عليه وسلم شركًا؛ فعن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((قَالَ اللهُ تَعَالَى: أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ، مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي، تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ))؛ [رواه مسلم].

 

وَلِعَظيمِ خَطَرِهِ، وَبَالِغِ ضَرَرِهِ، وَكَثْرَةِ الاِبْتِلَاءِ بِهِ، فقد بَالَغَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي التَّحْذِيرِ مِنْهُ؛ فعن أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِمَا هُوَ أَخْوَفُ عَلَيْكُمْ عِنْدِي مِنَ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ؟))، قَالَ: قُلْنَا: بَلَى، فَقَالَ: ((الشِّرْكُ الْخَفِيُّ، أَنْ يَقُومَ الرَّجُلُ يُصَلِّي فَيُزَيِّنُ صَلَاتَهُ، لِمَا يَرَى مِنْ نَظَرِ رَجُلٍ))؛ [رواه أحمد، وابن ماجه، وحسَّنه الألباني].

 

وعلاجُ ذلك أن نُخلِصَ لله تعالى في جميع الأقوال والأفعال؛ فلا خلاص إلا بالإخلاص، وقد جاء في تعريف الإخلاص أنه تصفية الفعل عن ملاحظة المخلوقين؛ قال تعالى: ﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ ﴾ [البينة: 5]، وقال تعالى: ﴿ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ * أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ ﴾ [الزمر: 2، 3].

 

ومما يُعينُ على الإخلاصِ:

1- أن تسأل الله تعالى أن يَرزُقك الإخلاص، وأن يُطَهِّرَ أعمالك من الرياء.

 

2- ألا يعمل العمل من أجل أن يراه الناس، أو يسمعوا به، ففي الصحيحين عن جُنْدُب رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنْ يُسَمِّعْ يُسَمِّعِ اللهُ بِهِ، وَمَنْ يُرَائِي يُرَائِي اللهُ بِهِ)).

 

3- أن تُعظِّمَ اللهَ تعالى في قلبك حتى لا يتعاظم غيرُهُ في قلبك، وأن تعلمَ أنه مُطَّلِع عليك وعلى أعمالك؛ كما قال تعالى: ﴿ قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ ﴾ [آل عمران: 29]، وقال تعالى: ﴿ وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ ﴾ [القصص: 69].

 

4- أن تجعلَ لك خفايا من الأعمال لا يطَّلِعُ عليها أحدٌ إلا الله تعالى، ولقد كان حالُ السَّلفِ عجيبًا في إخفَاءِ العمل، ومَا ذَاكَ إلا خُوفًا من الرِّياءِ؛ قال الحسن رحمه الله: "كان الرجلُ يكون عنده زوَّار، فيقومُ من الليل يصلي، ولا يعلمُ به زوَّارُه"، وكانوا يجتهدون في الدعاء، ولا يسمع لهم صوتًا، وكان أحدهم يصوم الدهر ولا يعلم به أهله، ولا من في السوق، وكان الرجل ينام مع امرأته على وسادة، فيبكي طول ليلته وهي لا تَشعُر، ولِمَّا مات عليُّ بنُ الحسنِ وجدوه يعولُ مائة بيت في المدينة، وسُئل بعضُ الحُكماء: مَن المخلص؟ فقال: "المخلص الذي يَكْتُم حسناتِه كما يكتم سيئاتِه".

 

5- أن تعلم أنه ليس أحدٌ ينفع مدحُه، أو يضُرُّ ذمُّه إلا الله تعالى، فلو مدحك جميعُ الناس فلن تنتفع بذلك شيئًا إذا كنت مذمومًا عند الله.

 

6- أن تقطع الطمع فيما عند الناس، وتُعلِّق القلب فيما عند الله تعالى من ثواب وجزاء، وأجر عظيم، ونعيم مقيم، فإن الجزاء عند الله تعالى هو الجنة، أما الجزاء عند الناس إنما هو عرض زائل، (شهادات تقدير، نياشين)، وكلها تزول بزوال الدنيا.

 

قَولُهُ: ﴿ وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُون ﴾؛ أي: يَمْنَعُونَ إِعَارَةَ مَا يُنْتَفَعُ بِإِعَارَتِهِ مِنَ الْآنِيَةِ؛ مثل: الدلو، والفأس، والقِدر، وَغَيْرِها؛ عَنْ ابن مسعود رضي الله عنه قال: "كُنَّا نَعُدُّ الْمَاعُونَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الدَّلْوَ، وَالْفَأْسَ، وَالْقِدْرَ".

 

قال ابنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللهُ: "أي: لا أحْسنوا عبادة ربِّهم، ولا أحسنوا إلى خلقه حتى، ولا بإعارة ما يُنتفع به، ويستعان به مع بقاء عينه، ورجوعه إليهم".

 

وَقَدِ اسْتَدَلَّ الْعُلَمَاءُ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْعَارِيَةِ، وَأَنَّهَا مُسْتَحَبَّةٌ وَمَنْدُوبٌ إِلَيْهَا؛ لِأَنَّها تَدْخُلُ في عُمُومِ التَّعَاوُنِ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى؛ كما قال تَعَالَى: ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى ﴾ [المائدة: 2].

 

والعَارِيَّة: هي العينُ المأخوذةُ للانتِفَاعِ معَ بَقَاءِ عيْنُهَا؛ كأن يستعيرَ إنسانٌ من آخَرٍ مَا يُنتَفَعُ بِهِ؛ كالأَوَانِي والقُدُورُ، وَنَحوِ ذلك، فقد ذَمَّ اللهُ سبحانه وتعالى من يمنعُ المَاعُونَ، وتَدخُلُ فيه العاريةُ، فدلَّ ذلك على أنها مستحبةٌ مندوبٌ إليها.

 

والعَارِيَّةُ: من عقود التبرعات، وصورة من صور التراحم والتعاون، والتكافل الاجتماعي، وهي من العقود الجائزة؛ أي: غير اللازمة، فللمعير الرجوع فيها متى شاء، ما لم يضرَّ بالمستعير، فإن أضرَّ به لم يجز الرجوع.

 

وقيل: إنَّ المَاعُونَ من السهولة واليسر، فيدخل فيه كلُّ صور المعروف، فيكون المعنى أنهم يمنعون كل ما يُعان به الخلق من الأموال والأمتعة؛ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ رحمه الله: ﴿ وَيَمْنَعُونَ الْماعُونَ ﴾؛ أي: الْمَعْرُوفُ، وَلِهَذَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: ((كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ))، فالماعون: هو كل مُعاوَنة بمال أو منفعة أو غيره، قَالَ عِكْرِمَةُ رحمه الله: "رَأْسُ الْمَاعُونِ: زَكَاةُ الْمَالِ، وَأَدْنَاهُ: الْمُنْخُلُ وَالدَّلْوُ وَالْإِبْرَةُ".

 

وقد حثَّ ورغَّبَ النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك؛ فعن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النبي صلى الله عليه وسلم: ((وَاللهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ)).

 

ومن أحكام العاريةِ أنَّ مَن استعار شيئًا يجب عليه أن يحافظَ عليه، ويرُدَّهُ من غير نقصٍ؛ فعن أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ((العَارِيَةُ مُؤَدَّاةٌ))؛ [رواه أبو داود، والترمذي، وصححه الألباني].

 

ولا يجوزُ له إعارتُها لغيره؛ لأنه غيرُ مالكٍ لها، وكذا لا يجوز له تأجيرَها، إلا إذا أذِنَ المالكُ في ذلك.

 

والعاريةُ أمانةٌ في يدِ المُستعِير، يجبُ عليه أن يحافظَ عليها، ويردُّها سليمة كما أخذها، فإن تعدى أو فَرَّط ضَمِنها، فعلى اليَدِ مَا أَخَذَت.

 

نسأل الله العظيم أن يُطهِّر أعمالنا من الرياء، وأنفسنا من الشح والبخل.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • وقفات تربوية مع سورة التكاثر
  • وقفات تربوية مع سورة الهمزة (خطبة)
  • وقفات تربوية مع سورة العصر
  • وقفات تربوية مع دعاء: (اللهم استر عوراتي، وآمن روعاتي)
  • وقفات تربوية مع سورة الفيل (خطبة)
  • وقفات تربوية مع سيد الأخلاق
  • وقفات تربوية مع قوله تعالى: (فصل لربك وانحر)

مختارات من الشبكة

  • وقفات ودروس من سورة آل عمران (4)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات ودروس من سورة آل عمران (3)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات إيمانية وتربوية حول اسم الله العفو جل جلاله(كتاب - آفاق الشريعة)
  • وقفات مهمة لتعظيم الله جل جلاله (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • وقفات مع اسم الله الفتاح (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات مع اسم الله الرازق الرزاق (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات مع اسم الله القريب (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات مع بداية العام الدراسي (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات مع شهر الله المحرم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات مع اسم الله العليم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • منح دراسية للطلاب المسلمين في بلغاريا تشمل البكالوريوس والماجستير والدكتوراه
  • مبادرة "زوروا مسجدي 2025" تجمع أكثر من 150 مسجدا بمختلف أنحاء بريطانيا
  • متطوعو كواد سيتيز المسلمون يدعمون آلاف المحتاجين
  • مسلمون يخططون لتشييد مسجد حديث الطراز شمال سان أنطونيو
  • شبكة الألوكة تعزي المملكة العربية السعودية حكومة وشعبا في وفاة سماحة مفتي عام المملكة
  • برنامج تعليمي إسلامي شامل لمدة ثلاث سنوات في مساجد تتارستان
  • اختتام الدورة العلمية الشرعية الثالثة للأئمة والخطباء بعاصمة ألبانيا
  • مدرسة إسلامية جديدة في مدينة صوفيا مع بداية العام الدراسي

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 8/4/1447هـ - الساعة: 16:15
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب