• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    علامات الساعة (1)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    تفسير: (يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان ...
    تفسير القرآن الكريم
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / تفسير القرآن
علامة باركود

خطبة: {ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين}

خطبة: {ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين}
الشيخ عبدالله محمد الطوالة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 22/10/2023 ميلادي - 7/4/1445 هجري

الزيارات: 25442

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

﴿ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ﴾

 

الحمدُ للهِ، الحمدُ للهِ الكريمِ الشّكورِ، الحليمِ الصبورِ، ﴿ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ ﴾ [الملك: 2]، ﴿ يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ ﴾ [غافر: 19]..

 

وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدهُ لا شريكَ لهُ، ﴿ لهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ * يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴾ [الحديد: 5]..

 

وأشهدُ أن محمدًا عبدهُ ورسولهُ، ومصطفاهُ وخليلهُ، المبعوثُ بالهدى والرحمةِ والنورِ.. صلَّى اللهُ وسلَّمَ وباركَ عليهِ، وعلى آله وصحبهِ ذوي الفضلِ المشهورِ، والعملِ المبرورِ، والتابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم البعثِ والنشورِ، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.

 

أمَّا بعدُ: فـ ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ ﴾ [لقمان: 33]..

 

معاشر المؤمنين الكرام: مع نهاية غزوةُ أُحدٍ، وما خلفته من جراحٍ كبيرة، وآلامٍ شديدة، فرسولَ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ قد شُجَّتْ جبهتُه، وكُسِرتْ رُباعيتُه، وجُرِحتْ شَفَتُه، ودَخلتْ بعض حَلَقاتِ المِغفرِ في وَجنَتِه، وقتل سبعونَ صحابيًا من خِيرةِ صحابتِه، بل ومُثِّلَ بِهم أبشع تمثيل، فَقُطِّعتْ أنوفُهم وآذانُهم، وبُقرتْ بطونُهم، ومن أشدهم تمثيلًا سيِّدُ الشُّهداءِ حمزةُ بنُ عبدِالمطلِّبِ رضى الله عنه، عمُّ النبي صلى الله عليه وسلم ومن أحب الناس إلى قلبه.. خلافًا للجرحى والمكلومين، ومن قتل أباه أو أخاه، ومن فقدت زوجها وأخيها وأبيها.. فكانَ يومًا على المسلمينَ شديدًا مؤلما، حتى قالَ قائدُ المشركينَ يومئذٍ أبو سفيانَ: يَومٌ بيَومِ بَدرٍ، والحَربُ سِجالٌ.. ولكنَّ العَجيبَ أنَّه لمَّا نزلتْ آياتُ سورةِ آلِ عِمرانَ وكان أكثرها عن غزوةِ أُحدٍ، جاء فيها: ﴿ وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴾، إنَّها رسالةٌ ربَّانيةٌ، وعزاءٌ إلاهيٌ كريم: أنَّ أهلَ الإيمانِ والتقوى، هم الأعلى، وهم الأعزُّ، وهم الأقوى، حتى مع الضعف والجراح والبلوى، ومع الآلام وتسلُّطِ الأعداءِ، نعم: فالمؤمنُ عزيزٌ بربِّه، عزيزٌ بدينِه، عزيزٌ بثباتِه على مبدأه وعقيدتِه.. ولذلكَ لمَّا قالَ أبو سفيانَ: أُعْلُ هُبَلْ، قالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: أَلَا تُجِيبُوه؟، قالوا: يا رَسولَ اللَّهِ، ما نَقُولُ؟، قالَ: قُولوا: اللَّهُ أَعْلَى وأَجَلُّ، فَقالَ أبو سُفيانَ: لَنَا العُزَّى ولَا عُزَّى لَكُمْ، فَقالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: أَلَا تُجِيبُوه؟، قالَ: قالوا: يا رَسولَ اللَّهِ، ما نَقُولُ؟، قالَ: قُولوا: اللَّهُ مَوْلَانَا، ولَا مَوْلَى لَكُم.. فلما قال يوم بيوم.. أجابوه: لا سَوَاء، قَتلانَا في الجَنَّةِ, وَقَتلاكُم في النَّارِ.. الله أكبر والعزة لله ولرسوله وللمؤمنين..

 

أيها المسلمون: كم أوذي المستضعفونَ من المسلمينَ منذ فجر التاريخ، وكم تعرضوا لأشدَّ أنواع العذابِ، عمَّارُ بنُ ياسرٍ وأبوهُ وأمُّه، وبلالُ بنُ رباحٍ، وخبَّابُ بنُ الأرتِّ، وغيرهم كثير.. لكنهم مع ذلكَ كانوا أعزَّةً شامخين، أقوياء بإيمانهم وعلى الحقِّ ثابتينَ، حتى عَجزَ عنهم صناديدُ قُريشٍ، وأصابهم الذُّل والهَزيمةُ النَّفسيةُ بسببِ يأسِهم من صدِّهم عن دينِهم وردهم عن عَقيدَتِهم، وصدَقَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حينَ قالَ في الحديث الصحيح: "ليبلغنَّ هذا الأمرُ ما بلغَ اللَّيلُ والنَّهارُ، ولا يتركُ اللهُ بيتَ مدَرٍ ولا وبَرٍ إلَّا أدخلَهُ اللهُ هذا الدِّينَ، بعِزِّ عزيزٍ، أو بذلِّ ذليلٍ، عزًّا يعزُّ اللهُ به الإسلامَ، وذلًّا يذِلُّ اللهُ به الكفرَ"..

 

أيها المؤمنون.. إن الشعور بالدونيّة والهزيمة النفسية شرُّ هزيمة تُمْنى بها أمة؛ تفت في عضدها، وتفلّ حدها، وتهظم قدَرَها، وتجرّئ عُداتها عليها، ولا تقوم معه للحق قائمة.. أما الله جل في علاه، فقد أراد لأمة الإسلام أن تكون أمة عزيزة: ﴿ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [المنافقون: 8]؛ فمهما بلغ القرح، وغار الجرح، واستشرس عدوها، فالله يقول لها: ﴿ وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [آل عمران: 139]..

 

عِزَّةُ المؤمنِ يا عباد الله: هيَ التي جَعلتْ الصحابي الجليل خُبيبَ بنَ عدِيٍّ رضى الله عنه يقفُ شامخًا عزيزًا أمامَ كُفَّارِ قُريشٍ، يُصلي ركعتينِ قبلَ مَقتلِه، وَيَقولُ: واللهِ لَولا أَن تَظنُّوا أني إنَّما طَوَّلتُ جَزَعًا من القَتلِ لاستَكثَرتُ من الصَّلاةِ، ثُمَّ قالَ قبلَ أن يُصلبَ: ولَستُ أُبالي حِينَ أُقتَلُ مُسلِمًا.. على أيِّ جنبٍ كانَ في اللهِ مَصرَعي.. وذلك في ذاتِ الإلهِ وإنْ يَشَأْ.. يُبارِكْ على أوْصالِ شِلْوٍ مُمَزَّعِ.. ثم دعا عليهم: اللهم احصهم عددا، واقتلهم بددا، ولا تغادر منهم أحدًا..

 

عِزَّةُ المؤمنِ: هي التي جَعلتْ أصحابَ الأخدودِ، لا يُبالونَ بتلك النيران العظيمةِ، التي أوقدها ذلك الملك الطاغية، وملأ بها الأخاديدَ في الطُّرقاتِ، ثم رمى بالمؤمنين فيها، يُحرِّقُ بعضُهم أمامَ بعضٍ، وهم في ثباتٍ عجيب على إيمانِهم، حتى تأتي المرأةٌ ومعها طفلها الصغير، فتتقاعسَ عن الوُقوعِ خوفًا على صَغيرِها، فيَقولَ لَهَا الغُلَامُ: يا أُمَّاه، اصْبِرِي فإنَّكِ علَى الحَقّ..

 

عِزَّةُ المؤمنِ هي التي جَعلَتْ الإمامَ أحمدَ بنَ حنبلٍ رحمَه اللهُ يقفُ أمامَ دعاة الفِتنةِ موقفَ الجبالِ الرَّاسياتِ، رغم طول السِّجنِ وكثرة التعذيب والجَلدِ، حتى غدا علمًا وإمامًا لأهلِ السُّنةِ والجَماعةِ.. وعزة المؤمن: هي التي جعلتْ شيخَ الإسلامِ ابنَ تيميةَ رحمه الله يَقولُ عندما أغلقوا عليه باب السجن: مَا يَفعلُ أَعدائي بي، إنَّ سِجنيَ خَلوةٌ، ونَفييَ سِياحةٌ، وقَتليَ شَهادةٌ..

 

أيها المسلمون، ولئن كانت الأمة تمرّ في أوقاتها الراهنة بأوضاعٍ من الضعف والهوان، بينما يمرّ أعدائها بموجةٍ من الاستعلاء وقوة النفوذ، فإن ذلك بعون الله يشيرُ إلى فرجٍ قريب، ومُستقبلٍ مُشرقٍ بإذن الله، نعم يا عباد الله: فلئن كان الباطل يزداد بطشًا وطغيانًا وغدرًا، وصورة ذلك لا تحتاج إلى برهان، فلا طغيان أكبر من طغيان يهود، ولا عدوان أكبر من عدوانهم.. فإن تلك وفق سنة الله بداية نهايتهم بإذن الله: تأمل: ﴿ حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ ﴾ [يوسف: 110].. ﴿ أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ ﴾ [البقرة: 214]، ﴿ هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ ﴾ [الحشر: 2].. وإن أمل المسلم بالفرج، وثقته بنصر ربه، عقيدةٌ راسخةٌ في قلبه، أصَّلها كتاب الله عز وجل، بقوله: ﴿ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُون ﴾ [يوسف: 87]، وقله تعالى: ﴿ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ ﴾ [الحجر: 56].. ثم إن البلاء مهما عظم, فإنما يُحتملُ بعظم الرجاء في الله، وإنما طريق الفرج الثقة بنصر الله جل وعلا، فهو القائل سبحانه: ﴿ إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ ﴾ [غافر: 51].. وهو القائل جل وعلا: ﴿ وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا ٱلْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ ٱلْمَنصُورُونَ * وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ ٱلْغَـٰلِبُونَ ﴾ [الصافات: 171].. وهو القائل تبارك وتعالى: ﴿ وَكَأَيّن مّن نَّبِىّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا ٱسْتَكَانُواْ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلصَّـٰبِرِينَ * وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ ربَّنَا ٱغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِى أَمْرِنَا وَثَبّتْ أَقْدَامَنَا وٱنصُرْنَا عَلَى ٱلْقَوْمِ ٱلْكَـٰفِرِينَ * فَـاتَـٰهُمُ ٱللَّهُ ثَوَابَ ٱلدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ ٱلآخِرَةِ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلْمُحْسِنِينَ ﴾ [آل عمران: 146]..

 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿ لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ﴾ [آل عمران: 186]..

باركَ اللهُ لي..

 

الخطبة الثانية

الحمد لله وكفى وصلاة وسلامًا على عباده الذين اصطفى..

 

أما بعد: ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [التغابن: 16]..

 

معاشر المؤمنين الكرام: كما سمعنا آنفًا، فكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم مليئان بالمبشِّرات، ﴿ وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [الروم: 6].. وأمّةُ الإسلام أكرمها الله بدينٍ عزيز، عصِيٍّ على الفناء، له قدرةٌ عجيبةٌ على بعثِ الروح الهامِدَة، وتحريك الهممِ الجامدة، ﴿ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [يوسف: 21].. ﴿ لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ * مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ ﴾ [آل عمران: 196].. ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ ﴾ [الأنفال: 36]، ﴿ إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا * وَأَكِيدُ كَيْدًا * فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا ﴾ [الطارق: 15].. والمنهج الرباني للعودة للريادة والعزة تؤكده آيتين كريمتين من كتاب الله.. الأولى: ﴿ إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [يوسف: 90].. والثانية: ﴿ وَلا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الكَافِرُونَ ﴾ [يوسف: 87].. الآيةِ الأولى نهجٌ واضحٌ في التحلي بالصبرِ والاستقامة على التّقوى، وفي الأخرَى استنادٌ إلى عون الله في التطلع لمستقبَلٍ أفضل، مهما أظلَمَت الآفاق وتراكمت الخطوب، ﴿ إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ * يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ ﴾ [غافر: 51].. يقول الأديب الإسلامي الكبير: مصطفى صادق الرافعي.. جرت سنة الحياة أن يكون النصر لمن يحتمل الضربات، لا لمن يضربها، وأن النصر مع الصبر.. فمن صبر ظفر.. وكما قال عنترة لمن سأله كيف تَغلِب ولا تُغلب قال: عض إصبعي وأعضُ إصبعك.. فإن لم تصرخ أنت.. صرخت أنا..

 

فاتقوا عباد الله وأيقنوا بوعد الله.. فعن أُبي بن كعب رضى الله عنه قال: قال رسول الله: (بشّر هذه الأمة بالسَّناء والرفعة والدين والنصر والتمكين في الأرض)، الحديث صححه الألباني، وعن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله: (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك) والحديث في مسلم..

 

ووالله إن العزة باقيةٌ وستبقى لأهل الحقِّ والإيمان ما استقاموا على النهج، وأصلحوا أحوالهم، وأخذوا بأسباب التقدم والرقي، ذلك أن العزة لا تجتمع مع السفاسف والدنايا والبعد عن منهج الله.. فاللهُ تَعالى قد ربطَ العزَّةَ بالإيمانِ، فقالَ سُبحانَه: ﴿ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [المنافقون: 8]، فمتى وُجِدَ الإيمانُ، وُجِدَتْ العِزَّةُ، فَصبرًا يا أهلَ غَزَّةَ، فالنصر قادم، وَأمَّةُ الإسلام مَعَكم بَالقلبِ والدَّعاءِ..

 

وجزى اللهُ خَيرًا بِلادَنا وولاةَ أمرِنا على مَوقفِهم تِجاهَ إخوانهم في فلسطين، ومَا يَقومونَ بِهِ من مَساعٍ جَادَّةٍ لِرَفعِ الحَصارِ، وَوَقفِ إطلاقِ النَّارِ، مَحافظةً على أرواحِ الأبرياءِ والمَدنيينَ، واعتِبارَ ذلكَ مُخَالفًا لِجَميعِ الأعرافِ والقَوانينَ..

 

اللهم يا ناصِر المظلُومين، ويا مُنجِيَ المُؤمنين، يا غياث الملهوفين، يا أمان الخائفين، اللهم إن إخوانَنا في فلسطين مظلُومون فانتصر لهم، اللهم تقبَّل شُهداءَهم، وعافِ جرحَاهم، واشفِ مرضَاهم، ورُدَّهم سالِمين غانِمِين، اللهمَّ أَعزَّ الإسلامَ والمسلمينَ، ودمر أعداء الدين، اللهم عليك باليهود الصهايِنة، اللهم عليك بهم فإنهم لا يُعجِزونَك.. اللهم احصهم عددًا....

 

اللهم آمِنَّا في أوطاننا...

سبحان ربك رب العزة عما يصفون....





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين (خطبة)
  • {ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون} (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • أنواع الخطابة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة صلاة الكسوف(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)
  • خطبة الحاجة بين الإفراط والتفريط(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حكم وزواجر من خطب البلغاء (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: عام مضى وعام أتى (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كيف تكون خطبة الجمعة خطبة عظيمة ومؤثرة؟ (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الخطبة الأخيرة من رمضان (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • خطبة سلسلة خطب الدار الآخرة (13)(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • خطبة سلسلة خطب الدار الآخرة (12)(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • خطبة سلسلة خطب الدار الآخرة (10)(محاضرة - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب