• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / تفسير القرآن
علامة باركود

خطبة: {وإنه لكتاب عزيز}

خطبة: {وإنه لكتاب عزيز}
رمضان صالح العجرمي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 18/2/2023 ميلادي - 27/7/1444 هجري

الزيارات: 6485

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

﴿ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ ﴾

 

1- خصائص القرآن الكريم.

2- ما هي حقوق القرآن الكريم علينا؟

 

الهدف من الخطبة:

التذكير بعظمة القرآن الكريم وخصائصه، مع بيان حقوقه علينا.

 

مقدمة ومدخل للموضوع:

أيها المسلمون، عباد الله، لقد امتنَّ الله تعالى علينا بنعمةٍ جليلة، حين أنزل القرآن الكريم على عبدِهِ ونبيِّه محمد صلى الله عليه وسلم؛ فهو نعمة عظيمة، حُقَّ لنا أن نفرح بها، ونعلن هذه الفرحة والسرور؛ كما قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ * قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ﴾ [يونس: 57، 58].

 

• ولو تأملنا فيما ورد من الفضائل والخصائص لهذا الكتاب العزيز، لرأينا الشيء الكثير والعظيم.

 

1- فمن خصائص القرآن الكريم أن الله تعالى قد وصفه بأنه كتاب عزيز؛ كما قال الله تعالى: ﴿ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ * لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ﴾ [فصلت: 41، 42]؛ فهذا وصف عظيم لكتاب الله تعالى.

 

2- ومن خصائصه أنه لو أُنزِل على الجبال الرواسي، لتصدَّعت وخشعت؛ كما قال الله تعالى: ﴿ لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ﴾ [الحشر: 21].

 

3- ومن خصائصه أنه خاتم الكتب السابقة، وهو الكتاب المهيمن على ما عداه من الكتب التي أنزلها الله جل في علاه؛ كما قال تعالى: ﴿ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ﴾ [المائدة: 48].

 

4- ومن خصائصه أنه كتاب مبارك؛ فمن بركته أن بكل حرفٍ منه حسنة؛ عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قرأ حرفًا من كتاب الله، فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول: الم حرف، ولكن ألفٌ حرفٌ، ولام حرف، وميم حرف))؛ [رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح].

 

5- ومن خصائصه إعجازه والتحدي به.

• فقد تحدى الله تعالى المشركين أن يأتوا بمثله، مع أنهم أهل لغة وفصاحة في ذلك الزمان؛ كما قال تعالى: ﴿ قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا ﴾ [الإسراء: 88]، وقال تعالى: ﴿ أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَلْ لَا يُؤْمِنُونَ * فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ ﴾ [الطور: 33، 34].

 

• ‏وتحدَّاهم أن يأتوا بعشرِ سورٍ منه؛ كما قال الله تعالى: ﴿ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [هود: 13].

 

• ‏وتحداهم أن يأتوا بسورة واحدة منه؛ كما قال الله تعالى: ﴿ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [يونس: 38].

 

• ‏ثم تحداهم أن يأتوا بسورة من مثله؛ كما قال الله تعالى: ﴿ وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ ﴾ [البقرة: 23، 24].

 

6- ومن خصائصه أيضًا أنه هداية للبشرية جمعاء؛ فقد جعله الله تعالى هاديًا للناس إلى سُبُلِ السلام، ومخرجًا للعباد من الظلمات إلى النور، وهاديًا إلى الصراط المستقيم؛ كما قال تعالى: ﴿ يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [المائدة: 16]، بل يهدي لِما هو أقوم؛ كما قال تعالى: ﴿ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ﴾ [الإسراء: 9].

 

7- ومن خصائصه أنه الكتاب الربانيُّ الوحيد الذي تكفَّل الله تعالى بحفظه، ولم يكِلْ حفظه إلى مَلَكٍ مقرب، ولا لنبي مرسَل؛ فقد تكفل الله تعالى بحفظه قبل نزوله وأثناء النزول وبعده.

 

فأما حفظه قبل نزوله؛ فقد قال الله تعالى: ﴿ كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ * فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ * فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ * مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ * بِأَيْدِي سَفَرَةٍ * كِرَامٍ بَرَرَةٍ ﴾ [عبس: 11 - 16]، وقال تعالى: ﴿ بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ * فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ ﴾ [البروج: 21، 22].

 

وأما حفظ الله تعالى للقرآن أثناء نزوله؛ فيدل عليه قوله تعالى: ﴿ وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ ﴾ [الإسراء: 105].

 

‏وأما حفظه بعد نزوله؛ فيدل عليه قوله تعالى: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ [الحجر: 9].

 

‏فقد هيَّأ له أسبابًا لحفظه؛ منها:

(أ) هيأ للقرآن الكريم سهولة الحفظ؛ كما قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ﴾ [القمر: 17].

 

(ب) وهيأ له رجال تلقَّوه وحفظوه في صدورهم؛ كما قال تعالى: ﴿ بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ ﴾ [العنكبوت: 49].

 

(ت) وهيأ له رجال من هذه الأمة دوَّنوه وحفِظوه من التحريف والتبديل.

 

8- ومن خصائصه ومما يدل على عظمته هو كثرة أسمائه؛ وقد بلغت هذه الأسماء خمسة وخمسين اسمًا، ذكرها الزركشي رحمه الله في كتابه (البرهان في علوم القرآن)، وأوصلها غيره إلى أكثر من تسعين اسمًا، وهذا يدل على شرفه وعلوِّ منزلته؛ فكثرة الأسماء تدل على شرف المسمَّى وعلو قدره.

 

فهو القرآن؛ كما قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا ﴾ [الإسراء: 9]، وقال تعالى: ﴿ كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾ [فصلت: 3]، ومعنى القرآن في الأصل هو القراءة، وقد ورد ذكره ثلاثًا وسبعين مرة في القرآن الكريم، وهو أشهر الأسماء.

 

وهو الفرقان؛ كما قال الله تعالى: ﴿ تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا ﴾ [الفرقان: 1]، وسُمِّي بذلك؛ لأنه يفرق بين الحق والباطل بأدلته الدالة على صحة الحق وبطلان الباطل.

 

وهو الهدى؛ كما قال تعالى: ﴿ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [البقرة: 2]، وقال تعالى: ﴿ هُدًى لِلنَّاسِ ﴾ [البقرة: 185].

 

‏وهو الشفاء: يشفي الأمراض الحسية، والمعنوية؛ كما قال تعالى: ﴿ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الإسراء: 82]، وقال تعالى: ﴿ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ ﴾ [يونس: 57].

 

وهو البيان؛ كما قال تعالى: ﴿ هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [آل عمران: 138]؛ لأن الله تعالى بيَّن فيه الخير والحق، وطريق السعادة.

 

وهو الذكر؛ كما قال الله تعالى: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ [الحجر: 9]، وقال تعالى: ﴿ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [النحل: 44]، ومعنى الذكر: أنه ذكر من الله لعباده بالفرائض والأحكام، وأنه شرف لمن آمن به وصدق بما فيه.

 

‏وهو الكتاب؛ كما قال الله تعالى: ﴿ ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [البقرة: 2].

 

‏وهو النور؛ كما قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا ﴾ [النساء: 174].

 

وهو الموعظة؛ كما قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [يونس: 57].

 

• وهذا التعدد في أسماء القرآن الكريم هو من باب الألفاظ المترادفة؛ فهو وإن كانت أسماؤه كثيرة ومختلفة في ألفاظها، فإنها متفقة في معانيها، فجميعها تدل على شيء واحد؛ وهو القرآن.

 

9- ومن خصائصه، ومما يدل على عظمته أيضًا كثرة أوصافه التي وصف بها، وإليك طرفًا منها؛ فقد روى الترمذي والدارمي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كتاب الله، فيه نبأُ ما كان قبلكم، وخبرُ ما بعدكم، وحكم ما بينكم، وهو الفصل ليس بالهزل، مَن تركه مِن جبارٍ قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله، وهو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، هو الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبس به الألسنة، ولا يشبع منه العلماء، ولا يخلَقُ على كثرة الرَّدِّ، ولا تنقضي عجائبه، هو الذي لم تنتهِ الجن إذ سمعته حتى قالوا: ﴿ إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا * يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ ﴾ [الجن: 1، 2]، من قال به صَدَقَ، ومن عمِل به أُجِرَ، ومن حكم به عدل، ومن دعا إليه هُدِيَ إلى صراطٍ مستقيم))؛ [رواه الترمذي، والدارمي، ورجح الألباني أنه موقوف].

 

10- ومن خصائصه، ومما يدل على عظمته أنه كتاب متجدد، لا تفنى عجائبه؛ ولذلك كثرت وتعددت أنواع علومه التي تبحث في أحواله من جهات عدة؛ فقد أوصلها الزركشي رحمه الله في كتابه (البرهان في علوم القرآن) إلى سبعة وأربعين نوعًا، وأوصلها الإمام السيوطي رحمه الله في كتابه (الإتقان في علوم القرآن) إلى ثمانين نوعًا من أنواع علوم القرآن الكريم.

(أ) فمنها علوم ترجع إلى النزول زمانًا ومكانًا؛ كالمكي والمدني، الحضري والسفري، الليلي والنهاري، الصيفي والشتائي، والفراشي من الآيات، وأسباب النزول.

 

(ب) ومنها ما يرجع إلى السند؛ مثل: القراءات المتواترة والآحاد والشاذة، وقراءات النبي صلى الله عليه وسلم، والرواة والحفَّاظ من الصحابة والتابعين.

 

(ت) ومنها ما يرجع إلى الأداء؛ كالوقف والابتداء، وأحكام التجويد، وعلم القراءات.

 

(ث) ومنها ما يرجع إلى الألفاظ؛ كعلم غريب القرآن، وإعراب القرآن، وعلم إعجاز القرآن، وعلم التفسير، وأصول التفسير.

 

(ج) ومنها ما يرجع إلى مباحث المعاني المتعلقة بآيات الأحكام؛ مثل: العام الباقي على عمومه، والخاص، والمطلق والمقيد، والناسخ والمنسوخ.

 

• فكل هذه علوم صُنِّفت فيها التصانيف والمؤلَّفات؛ مما يدل على عظمة هذا الكتاب الخالد، الذي لا تنقضي عجائبه إلى قيام الساعة.

 

نسأل الله العظيم أن يجعلنا من أهل القرآن الذين يتلونه حق تلاوته.

 

الخطبة الثانية

ما هي حقوق القرآن الكريم علينا؟

1- الإيمان به، والاعتقاد بأنه كلام الله تعالى حروفُه ومعانيه، تكلم الله به حقيقةً، وأنه منزَّل على النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه غير مخلوق، والإيمان بأنه محفوظ بحفظِ الله جل في علاه؛ فقد قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا ﴾ [النساء: 136]، فإن الإيمان به من أركان الإيمان؛ كما في حديث جبريل عليه السلام.

 

2- ومن حقوقه قراءته وحفظه؛ فقد بيَّن الله تعالى أنها أعظم تجارة؛ كما قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ ﴾ [فاطر: 29]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((اقرؤوا القرآن؛ فإنه يأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابه))؛ [رواه مسلم]، وقال صلى الله عليه وسلم: ((يُقال لصاحب القرآن: اقرأ وارتَقِ ورتِّلْ كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها))؛ [رواه أبو داود، والترمذي، وقال: حسن صحيح].

 

• فينبغي أن يكون للمسلم وردٌ يومي يتلو فيه كتاب الله تعالى حتى يختمه، وليحرص أن يختمه كل شهر مرةً أو أكثر، ولا ينشغل عن قراءته بما لا ينفع.

 

3- ومن حقوقه أيضًا العمل به، والتحاكم إليه؛ كما قال الله تعالى: ﴿ وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ ﴾ [الزمر: 55]، وقال تعالى: ﴿ وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [الأنعام: 155].

 

• وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه أول من يعمل بالقرآن؛ فقد سُئلت عائشة رضي الله عنها عن خُلُقِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ((فقالت للسائل: ألستَ تقرأ القرآن؟ قال: بلى، قالت: فإن خُلُقَ نبيِّ الله صلى الله عليه وسلم كان القرآن))؛ [رواه مسلم].

 

• ‏وقال ابن مسعود رضي الله عنه: "كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن، حتى يعرف معانيهن والعمل بهن".

 

• ‏وقال أبو عبدالرحمن السلمي: "حدثنا الذين كانوا يُقرِئوننا القرآن، أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي صلى الله عليه وسلم عشر آياتٍ لم يجاوزوها حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل، قالوا: فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعًا".

 

4- ومن حقوقه أيضًا تعلمه وتعليمه؛ ففي صحيح البخاري عن عثمان رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خيركم من تعلَّم القرآن وعلَّمه)).

 

• فإن تعليم القرآن الكريم بابٌ عظيم من أبواب الدعوة إلى الله عز وجل ومجالاتها؛ كما قال تعالى: ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [فصلت: 33]؛ قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "والدعاء إلى الله تعالى يقع بأمور شتى، من جملتها تعليم القرآن، وهو أشرف الجميع".

 

• فينبغي أن يحرص المسلم على تعلمه وإتقان قراءته، ويجتهد في ذلك، فمن غير اللائق لمسلمٍ له سنوات طويلة وهو يدرس ويتعلم، ثم إذا قرأ القرآن، فإذا به لا يقيم حروفه وكلماته، وليس حاله كحال من يعذر لضعف تعليمه.

 

• ‏ومن وسائل تعلمه وإتقانه: قراءته على أحد المقرِئين، وكثرة الاستماع إليه، واستشعار أنه كلام الخالق جل وعلا، وغير ذلك.

 

5- تدبره وتفهمه، والخشوع عند قراءته؛ كما قال الله تعالى: ﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ﴾ [النساء: 82]، وقال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ﴾ [القمر: 17]، وقال تعالى: ﴿ وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا ﴾ [الإسراء: 109].

 

6- كثرة الاستماع إليه؛ إما مباشرة عن طريق قارئ، أو الاستماع إليه مسجلًا؛ ففي الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه، قال: ((قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: اقرأ عليَّ القرآن، فقلت: يا رسول الله، أقرأ عليك وعليك أُنزل؟ قال: إني أحب أن أسمعه من غيري، فقرأت عليه سورة النساء حتى جئت إلى هذه الآية: ﴿ فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا ﴾ [النساء: 41]، قال: حسبك الآن، فالتفتُّ إليه فإذا عيناه تذْرِفان)).

 

7- الإنصات عند سماعه؛ كما قال الله تعالى: ﴿ وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [الأعراف: 204]، والآية تدل بعمومها على مشروعية الاستماع للقرآن إذا تُلِيَ؛ والإنصات هو: السكوت عند الاستماع.

 

8- التزام الأدب معه.

• وذلك بألَّا يمسَّ القرآن إلا طاهر، فلا يقرؤه مَن عليه حدث أكبر حتى يغتسل؛ كما قال تعالى: ﴿ لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ ﴾ [الواقعة: 79]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ولا يمس القرآن إلا طاهر)).

 

• وألَّا يتناوله باليد اليسرى؛ تكريمًا له، ولا يرميه، ولا يمزقه، بل يحافظ عليه، فإذا تمزق، فلا يجوز رميه، بل يحرقه ويدفنه في موضع طيب.

 

• ‏وألَّا يُوضَع شيء عليه، بل يجعله أعلى من غيره؛ فإنه يعلو ولا يُعلى عليه.

 

• ‏وألَّا يتكئ عليه، ولا يجلس على شيء فيه مصحف؛ كالحقيبة والمكتب، كل هذا احترامًا لكتاب الله تعالى، والتزامًا للأدب معه.

 

نسأل الله العظيم أن يجعلنا من أهل القرآن، وأن يرزقنا الأدب معه، وتلاوته آناء الليل وأطراف النهار.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • وإنه لكتاب عزيز (أوصاف القرآن الكريم 11)
  • خطبة: أظننتم بآل أم عبد غفلة

مختارات من الشبكة

  • تفسير: (ذلك بأن الله هو الحق وأنه يحي الموتى وأنه على كل شيء قدير)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات مع قوله تعالى: (وإنه لكتاب عزيز)(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عثمان السبت)
  • الإعجاز القرآني دلالة على أن المستقبل لهذا الدين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أنواع الخطابة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة صلاة الكسوف(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)
  • حكم وزواجر من خطب البلغاء (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: عام مضى وعام أتى (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كيف تكون خطبة الجمعة خطبة عظيمة ومؤثرة؟ (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الخطبة الأخيرة من رمضان (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • خطبة سلسلة خطب الدار الآخرة (13)(محاضرة - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب