• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    سورة الكافرون.. مشاهد.. إيجاز وإعجاز (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    من آداب المجالس (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطر الميثاق
    السيد مراد سلامة
  •  
    أعظم فتنة: الدجال (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    فضل معاوية والرد على الروافض
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    ما جاء في فصل الشتاء
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرحمن، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    تفسير: (فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تخريج حديث: إذا استنجى بالماء ثم فرغ، استحب له ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    اختر لنفسك
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون (خطبة) - باللغة ...
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / تفسير القرآن
علامة باركود

حديث القرآن عن سيد الخلق صلى الله عليه وآله وسلم (3)

حديث القرآن عن سيد الخلق صلى الله عليه وآله وسلم (3)
عبدالله بن عبده نعمان العواضي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 23/9/2018 ميلادي - 12/1/1440 هجري

الزيارات: 32361

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

حديث القرآن عن سيد الخلق صلى الله عليه وآله وسلم

الجزء الثالث[1]


إن الحمد لله نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ﴾ [النساء: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71].


أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي رسوله محمد بن عبد الله، صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.


أيها الناس، ما زال الحديث متصلاً بحديث القرآن الجميل عن سيد الورى صلى الله عليه وآله وسلم، وقد سمعنا في جمعتين سابقتين حديث القرآن عن ثناء الله عليه، وعن تزكيته له، وعن إنعامه عليه، وعن دفاعه سبحانه عنه وحمايته له، وعن إراحته وتطمينه وإذهاب الحزن عنه، وعن مهمته التي أرسله الله تعالى لأجلها.


واليوم - بعون الله تعالى - سنأخذ جوانب أخرى مهمة تتعلق بالنبي عليه الصلاة والسلام تحدث عنه القرآن الكريم، وبها نختم حديث القرآن عنه، وإن كان حديث كتاب الله عن خير الأنام أوسع وأكثر مما ذكرنا وسنذكر، ولكن ما تطرقنا له هو إشارات تبرز عناية الذكر الحكيم بالنبي الكريم عليه الصلاة والسلام.


عباد الله، فمن حديث القرآن عن النبي صلى الله عليه وسلم: أوامره ونواهيه له، وهذا الجانب نال حظًا وافراً من آيات القرآن الكريم في مجالات متعددة وموضوعات مختلفة، منها أوامر ونواهٍ للرسول عليه الصلاة والسلام وهي لأمته معه كذلك، ومنها أوامر ونواهٍ خاصة به صلى الله عليه وسلم.


وقد استجاب رسول الله عليه الصلاة والسلام لتلك الأوامر فعمل بها، ولتلك النواهي فتجنبها.

فمن تلك الأوامر الكثيرة العامة: أنه أمره بالاستقامة على دينه كما أمره تعالى، فقال: ﴿ فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ [هود: 112]. فعلينا أن نستقيم كما استقام رسول الله صلى الله عليه وسلم.


وأمره بالصبر في مواضع عديدة؛ بالصبر على أذى قومه، وأقوالهم الباطلة فيه وفي القرآن، والصبر على إعراضهم عنه، والصبر على انتظار حكم الله فيهم، والصبر على مجالسة المؤمنين الضعفاء، والصبر على مشقة الدعوة وعلى أمور أخرى.


قال تعالى: ﴿ فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ ﴾ [الروم: 60]، وقال: ﴿ فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ ﴾ [ق: 39]، وقال: ﴿ وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [هود: 115]، وقال: ﴿ وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ ﴾ [يونس: 109]، وقال: ﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ﴾ [الكهف: 28]. فعلينا أن نكون صابرين غير جزعين.


وأمره تعالى أيضًا: بأمر أهله بالصلاة، وبالاصطبار عليها، فقال تعالى: ﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى ﴾ [طه: 132]. فعلينا أن نأمر أهلنا وأولادنا بالصلاة ونصبر على أمرهم بذلك.


وأمره سبحانه أيضًا: بالتوكل عليه في آيات كثيرة؛ قال تعالى: ﴿ وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا ﴾ [الفرقان: 58]. فعلينا أن نتوكل على الله كما توكل رسول الله.


وأمره بتقواه واتباع وحيه فقال له: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا ﴾ [الأحزاب:1]، ﴿ وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ﴾ [الأحزاب:2]، ﴿ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا ﴾ [الأحزاب:3]. فعلينا أن نتقي الله ونوكل عليه.


وأمره بقيام الليل وترتيل القرآن، فقال له: ﴿ يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ ﴾ [المزمل: 1] ﴿ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ [المزمل: 2]، ﴿ نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا ﴾ [المزمل:3]، ﴿ أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا ﴾ [المزمل: 4].


أيها المسلمون، وأما النواهي التي نهي عنها رسول الله في القرآن فقد نهاه سبحانه وتعالى عن أشياء متعددة، فمن ذلك:

أنه تعالى نهاه عن اتباع الكفار: المشركين والمنافقين واليهود وطاعتهم في أهوائهم، فقال تعالى: ﴿ وَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا ﴾ [الأحزاب: 48] وقال: ﴿ وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ ﴾ [المائدة: 49].


ونهاه جل وعلا عن الغم لمكر المشركين وكيدهم، وليجعلْ صدره خاليًا من الضيق بذلك، فقال تعالى: ﴿ وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ ﴾ [النحل: 127].


ونهاه تبارك وتعالى عن تمني ما لدى الكفار من متاع الدنيا الزائل؛ وأخبره أن ما عنده له خير من الدنيا كلها وأبقى، فقال تعالى: ﴿ وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى ﴾ [طه: 131].


ونهاه سبحانه عن استعجال العذاب على قومه، فقال تعالى: ﴿ فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ ﴾ [الأحقاف: 35]، وقال: ﴿ فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا ﴾ [مريم: 84].


عباد الله، فعلينا أن نعمل بأوامر الله تعالى ونسارع إلى امتثالها كما فعل قدوتنا عليه الصلاة والسلام، وأن ننكف عن نواهي الله ونحذر القرب منها، كما كف عنها رسولنا صلى الله عليه وسلم؛ فإنه لا سعادة ولا فلاح إلا بفعل أوامر الشرع وتجنب نواهيه.


أيها المسلمون، ومن حديث القرآن الكريم عن نبينا صلى الله عليه وسلم: حديثه عن وجوب طاعته واتباعه. فطاعة رسول الله مع طاعة الله هي التكليف الذي كلِّفنا به؛ وبه صلاح حالنا ونجاتنا في الدنيا والآخرة. وقد تحدث القرآن الكريم عن طاعة رسول الله في آيات كثيرة بعبارات مختلفة؛ فتارة يعبر عن ذلك بلفظ الطاعة، وتارة بلفظ الاستجابة، وتارة بلفظ الاتباع، وتارة بلفظ الأخذ، وتارة بالأمر بهذا كله، وتارة أخرى بالنهي عن معصيته ومخالفته، وترك قبول حكمه.


ولهذا جاء حديث القرآن عن الأمر بطاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم عبر أساليب مختلفة، فمن ذلك:

الأمر بأخذ كل ما جاء عن رسول الله من أمر ونهي، فقال تعالى: ﴿ وَمَاْ آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [الحشر: 7].


ومن ذلك: الأمر بطاعة الله وطاعته، وردِّ الأمور عند التنازع إليهما، وبيان أن ذلك الرد إليهما خير للناس وأحسن عاقبة، فقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ﴾ [النساء: 59].


ومن ذلك: أنه نفى الإيمان عمن لم يقبل حكم رسول الله، أو قبله ولكن في نفسه كراهية له، فقال تعالى: ﴿ فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [النساء: 65].


ومن ذلك: بيان أن طاعته عليه الصلاة والسلام طاعة لله، وأن من أطاعه فقد أطاع الله، قال تعالى: ﴿ مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا ﴾ [النساء: 80].


قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله)[2].


ومن ذلك: أنه سبحانه يأمر بطاعته وطاعة رسوله مقرونتين بالعطف، وهذا قد جاء على أنحاء شتى:

فأحيانًا يأمر بطاعته وطاعة رسوله فمن تولى عن ذلك فليس أهلاً لمحبة الله تعالى، مبينًا أنه ليس على رسوله عتاب، فما عليه إلا البلاغ وقد أداه، كما قال تعالى: ﴿ قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ ﴾ [آل عمران: 32]، وقال: ﴿ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ ﴾ [التغابن: 12].


وأحيانًا يأمر بطاعته وطاعة رسوله ومعقبًا ذلك بأن معصيتهما مبطلة للعمل؛ كما قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ ﴾ [محمد: 33].


وأحيانًا يأمر بطاعته وطاعة رسوله مشيراً إلى أن التزام طاعتهما عاصمة من التنازع المؤدي إلى الضعف وتفرق الكلمة، كما قال تعالى: ﴿ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ [الأنفال: 46].


وأحيانًا يأمر بطاعته وطاعة رسوله مبينًا أن التزام ذلك من أمارات الإيمان، كما قال تعالى: ﴿ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [الأنفال: 1].


ومن ذلك: أنه بيَّن ثمرة طاعة رسول الله عليه الصلاة والسلام؛ فمن تلك الثمرات: مرافقة خاصة عباد الله الصالحين في الجنة، كما قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقًا ﴾ [النساء: 69].


ومن تلك الثمرات: نيل الفوز العظيم، كما قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ ﴾ [النور: 52]. وقال: ﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 71].


ومن تلك الثمرات: نيل رحمة الله التي تقي من عذابه، كما قال تعالى: ﴿ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [آل عمران: 132]. وقال تعالى: ﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [التوبة: 71].


ومن تلك الثمرات: الوصول إلى الفلاح، كما قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [النور: 51].


ومن تلك الثمرات: نيل محبة الله، وغفران الذنوب، كما قال تعالى: ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [آل عمران: 31].


ومن تلك الثمرات: الحصول على الهداية، كما قال تعالى: ﴿ قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ ﴾ [النور: 54].


ومن تلك الثمرات: إصلاح الحياة في الدنيا والآخرة، كما قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴾ [الأنفال: 24].


ومن تلك الثمرات: دخول الجنة، كما قال تعالى: ﴿ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [النساء: 13].


قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى). قالوا: يا رسول الله، ومن يأبى؟ قال: (من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى)[3].


ومن حديث القرآن عن طاعة رسول الله: بيان أن معصية رسول الله مع معصية الله سبب لكل ضرر في الدنيا والآخرة:

فمعصيتهما سبب للضلال، كما قال تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا مُبِينًا ﴾ [الأحزاب: 36].


ومعصيتهما سبب لدخول النار، كما قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ ﴾ [النساء:14].


كما بين تعالى أن معصية رسوله عليه الصلاة والسلام على الخصوص سبب للمحن والمصائب والعذاب الأليم، كما قال تعالى: ﴿ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [النور: 63].


عباد الله، لقد سمعتم هذه الآيات الكثيرة الحاثّة على طاعة رسول الله، والمحذرة من معصيته، فما علينا بعد هذا إلا صدق الالتزام بطاعته صلى الله عليه وسلم، والحذر الشديد من معصيته، وأن لا نجعل أهواءنا وشهوات نفوسنا حائلاً يمنعنا من التمسك بطاعته، فمن أطاعه كما أمر الله في أمره ونهيه فقد ربح خير الدنيا والآخرة.


أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.


الخطبة الثانية

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه. أما بعد:

أيها المسلمون، ومن حديث القرآن عن نبينا صلى الله عليه وسلم: حديثه عن الأدب معه.

فقد ذكر الله تعالى في كتابه الكريم آيات عديدة تدعو المسلم أن يكون على أدب جم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته وبعد مماته.


فمن الأدب الذي أدب الله به المؤمنين معه حال حياته: أنه نهى أنه يخاطب بكلمة نهى الله عنها معه؛ ككلمة " راعنا" التي كان يقولها اليهود قاصدين بها سبَّه، عليهم لعائن الله وغضبه، قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 104].


ومن الأدب الذي أدب الله به المؤمنين معه حال حياته: أنه نهى عن الانصراف من مجمع جمع المسلمين مع رسول الله حتى يُستأذن، قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ﴾ [النور: 62].


ومن الأدب معه عليه الصلاة والسلام: أن لا ينادى باسمه المجرد، بل يشرّف بندائه بـ: يا رسول الله، يا نبي الله، قال تعالى: ﴿ لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا ﴾ [النور: 63].


ومن الأدب معه عليه الصلاة والسلام: الابتعاد عن كل سبب يؤدي إلى التثقيل عليه، أو يوصل إلى إيذائه، فقد أدب الله المؤمنين السابقين بأن لا يثقلوا عليه بأن لا يدخلوا بيوت رسول الله لتناول طعام إلا بإذنه، فإذا دعوا إلى ذلك فعليهم أن لا يطيلوا البقاء حال كراهية رسول الله لذلك، كما أنه تعالى جعل من الأدب مع رسوله أن لا يتزوج أحد إحدى نسائه من بعده، وأن لا يؤذيه أحد فيهن؛ لأنهن زوجاته في الدنيا والآخرة، قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 53].


ومن الأدب معه عليه الصلاة والسلام: أن يصلى ويسلم عليه خصوصًا عند ذكره، كمال قال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].


قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا)[4].


وقال عليه الصلاة والسلام: (أكثروا الصلاة علي يوم الجمعة وليلة الجمعة)[5]. صلى الله عليه وآله وسلم.


ومن الأدب معه عليه الصلاة والسلام: أن لا يقدم على قوله وتشريعه قولٌ ولا رأي ولا قانون، وأن لا يرفع صوت فوق صوته، وأن لا ينادى باسمه كما ينادى غيره، فمن رفع صوته فوق صوته وقدم قولاً على قوله، وقلّ أدبه معه؛ فذاك لا عقل له، وقد يؤدي ذلك إلى حبوط عمله.


وأما من التزم الأدب معه في هذه الأمور فذلك دليل على تقوى قلبه، وسبيل إلى مغفرة ذنبه، وحصوله على الأجر العظيم، قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ * إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ * إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ * وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [الحجرات: 1- 5].


فعلينا -عباد الله- التزام الأدب مع الرسول صلى الله عليه وسلم فلا نقدم قول أحد على قوله، ولا نرفع أصواتنا عند ذكره أو سماع شيء من سنته.


أيها المسلمون، إن نبينا صلى الله عليه وسلم رجل من البشر يصيبه ما يصيبهم من مرض وموت، ووصول قدراته إلى حد معلوم، فهو رسول الله وخيرته من خلقه لكنه لا يعلم من الغيب إلا ما علمه الله منه، ولا يستطيع أن يملك لنفسه ولا لغيره ضراً ولا نفعًا إلا بإذن الله.


ولذلك تحدث القرآن عن هذا الجانب من شخصيته عليه الصلاة والسلام.

فقد بين سبحانه وتعالى أن الضر والنفع ليس بيد رسوله، وأنه عليه الصلاة والسلام لا يعلم الغيب إلا ما علمه الله، وأنه لو كان يعلمه لتجنب كل سبب يوصله إلى السوء، غير أن الله تعالى أعلى شأنه على غيره بالوحي والرسالة، قال تعالى: ﴿ قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾ [الأعراف: 188]، وقال: ﴿ قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ ﴾ [الأنعام: 50]، وقال: ﴿ مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الأَعْلَى إِذْ يَخْتَصِمُونَ ﴾ [ص: 69] ﴿ إِنْ يُوحَى إِلَيَّ إِلَّا أَنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ ﴾ [ص: 70]، وقال: ﴿ قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا رَشَدًا ﴾ [الجن: 21] ﴿ قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا ﴾ [الجن: 22] ﴿ إِلَّا بَلاغًا مِنَ اللَّهِ وَرِسَالاتِهِ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ﴾ [الجن: 23]، وقال: ﴿ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ ﴾ [فصلت: 6].


وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما أنا بشر، وإنكم تختصمون إلي، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض، وأقضي له على نحو مما أسمع، فمن قضيت له من حق أخيه شيئًا فلا يأخذ؛ فإنما أقطع له قطعة من النار)[6].


وعن عبد الله بن مسعود قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يوعك وعكًا شديداً-أي: يحم- فمسسته بيدي فقلت: يا رسول الله، إنك لتوعك وعكًا شديدًا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أجل، إني أوعك كما يوعك رجلان منكم) فقلت: ذلك أن لك أجرين؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أجل )[7].


وبيّن الله تعالى أن نبيه عليه الصلاة والسلام سيموت كما يموت غيره من الأحياء حينما نزلت عليه آيات إعلان الوداع، قال تعالى: ﴿ إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ﴾ [الزمر: 30]، وقال: ﴿ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِينْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ ﴾ [آل عمران: 144]. ثم مات صلى الله عليه وسلم كما يموت كل حي من المخلوقين. عن أنس قال: لما ثقل النبي صلى الله عليه وسلم جعل يتغشاه، فقالت فاطمة عليها السلام: واكرب أباه! فقال لها: ( ليس على أبيك كرب بعد اليوم ). فلما مات قالت: يا أبتاه أجاب ربا دعاه يا أبتاه مَن جنةُ الفردوسِ مأواه، يا أبتاه إلى جبريل ننعاه[8].


نعم، لقد مات رسول الله -يا عباد الله- ولكن لم يمت دينه ولن يموت وقد وعد الله بإظهاره على الدين كله، ولم يمت هديه الذي مازال يهدي الناس في كل زمان ومكان.


قال حسان رضي الله عنه:

فَبَيْنَا هُمُ في ذلكَ النّورِ إذْ غَدَا
إلى نُورِهِمْ سَهْمٌ من المَوْتِ مُقصِدُ
فأصبحَ محموداً إلى اللهِ راجعا
يبكّيهِ جفنُ المرسلاتِ ويحمدُ
وأمستْ بِلادُ الحَرْم وَحشاً بقاعُها
لِغَيْبَةِ ما كانَتْ منَ الوَحْيِ تعهدُ
فَبَكّي رَسولَ الله يا عَينُ عَبْرَة
ولا أعرفنْكِ الدهرَ دمعكِ يجمدُ
ومالكِ لا تبكينَ ذا النعمةِ التي
على الناسِ منها سابغٌ يتغمدُ
فَجُودي عَلَيْهِ بالدّموعِ وأعْوِلي
لفقدِ الذي لا مثلهُ الدهرِ يوجدُ
وَمَا فَقَدَ الماضُونَ مِثْلَ مُحَمّد
ولا مثلهُ حتى القيامةِ يُفقدُ
أعفَّ وأوفى ذمةً بعدَ ذمة
وأقْرَبَ مِنْهُ نائِلاً لا يُنَكَّدُ
وأكرمَ حياً في البيوتِ إذا انتمى
وأكرمَ جداً أبطحياً يسوّدُ
وأثْبَتَ فَرْعاً في الفُرُوعِ وَمَنْبِتا
وَعُوداً غَداة َ المُزْنِ فالعُودُ أغيَدُ
معَ المصطفى أرجو بذاكَ جواره
وفي نيلِ ذاك اليومِ أسعى وأجهدُ[9].

فيا أيها الأحباب الكرام، يا أمة محمد، يا من تحبون رسول الله صلى الله عليه وسلم، كونوا على عناية كبيرة بنبيكم وبما جاء به؛ فقد سمعتم عناية القرآن العظيمة بهذا النبي الكريم، فبرهنوا على ذلك بتعظيمه وحبه، واتباعه ولزوم طاعته، ودافعوا عن دينه وشِرعته، وأحبوا من أحب، وأبغضوا من أبغض، وسيروا على منواله حتى اللقاء به في يوم جوائز المؤمنين، وفرح اللقاء برب العالمين.

هذا وصلوا على سيد الخلق أجمعين..



[1] ألقيت في مسجد ابن الأمير الصنعاني في: 11 /1 /1440هـ، 21 /9 /2018م.

[2] متفق عليه.

[3] رواه البخاري.

[4] رواه مسلم.

[5] رواه البيهقي، وهو حسن.

[6] متفق عليه.

[7] متفق عليه.

[8] رواه البخاري.

[9] ديوان حسان بن ثابت (ص: 47).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • حديث القرآن عن سيد الخلق صلى الله عليه وآله وسلم (1)
  • حديث القرآن عن سيد الخلق صلى الله عليه وآله وسلم (2)

مختارات من الشبكة

  • ترصيع الخلق بمحبة سيد الخلق صلى الله عليه وسلم(مقالة - ملفات خاصة)
  • القصص الحق في سيرة سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم (PDF)(كتاب - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • محبة سيد الخلق صلى الله عليه وسلم(مقالة - ملفات خاصة)
  • سيرة سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سيد الخلق.. بشر صلى الله عليه وسلم (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • صدر حديثاً كتاب (حملة القرآن من الصحابة الكرام) للدكتور سيد ساداتي الشنقيطي حفظه الله(مقالة - موقع الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن معاضة الشهري)
  • صدر حديثاً (جامع البيان في تفسير القرآن) للعلامة السيد معين الدين الإيجي (ت894هـ)(مقالة - موقع الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن معاضة الشهري)
  • شرح حديث: "إن ابني هذا سيد باختصار"(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مخطوطة عقد الجوهر الثمين في أربعين حديثا من أحاديث سيد المرسلين (النسخة 3)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • من سلسلة أحاديث رمضان حديث: حمزة سيد الشهداء عند الله يوم القيامة(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 13/11/1446هـ - الساعة: 23:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب