• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    ما انتقد على «الصحيحين» ورجالهما، لا يقدح فيهما، ...
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    على ضفاف عاشوراء {ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه} ...
    وضاح سيف الجبزي
  •  
    وما ظهر غنى؟
    السيد مراد سلامة
  •  
    سؤال وجواب في أحكام الصلاة
    الشيخ صلاح نجيب الدق
  •  
    خطبة: يكفي إهمالا يا أبي
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    خطبة: فتنة التكاثر
    عبدالعزيز أبو يوسف
  •  
    تحريم الاستغاثة بغير الله تعالى فيما لا يقدر عليه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بأن الله تعالى ...
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    إبراهيم عليه السلام في القرآن الكريم
    د. وفا علي وفا علي
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { ودت طائفة من أهل ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    إطعام الطعام من أفضل الأعمال
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    { لا تكونوا كالذين كفروا.. }
    د. خالد النجار
  •  
    دعاء من القرآن الكريم
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    تخريج حديث: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    أخلاق وفضائل أخرى في الدعوة القرآنية
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    مراتب المكلفين في الدار الآخرة وطبقاتهم فيها
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / السيرة والتاريخ / السيرة
علامة باركود

الهجرة الأولى إلى الحبشة ونبذة عن الملك الصالح النجاشي أصحمة (خطبة)

الهجرة الأولى إلى الحبشة ونبذة عن الملك الصالح النجاشي أصحمة (خطبة)
سعد محسن الشمري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 12/10/2023 ميلادي - 28/3/1445 هجري

الزيارات: 9731

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الهجرة الأولى إلى الحبشة ونُبذة عن الملك الصالح النجاشيِّ أَصْحَمَةَ

 

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهدِهِ الله، فلا مضلَّ له، ومن يضلل، فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

 

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]؛ أما بعد:

 

فإن أصدقَ الحديث كتابُ الله، وأحسنَ الهَدْيِ هَدْيُ محمد صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمور مُحْدَثاتُها، وكلَّ مُحْدَثَةٍ بدعةٌ، وكلَّ بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

 

عباد الله، إن أعظم العصور العصرُ الذي عاش فيه النبي صلى الله عليه وسلم، ولا سيما أيام رسالته، وزمن نبوته، وأيام تنزُّل القرآن عليه، عليه الصلاة والسلام، فحياته عليه الصلاة والسلام من ولادته إلى وفاته هي سيرته العطرة، وأيامه العطرة، وأيامه النضرة ما قبل نبوته، عُرِف بصدق أقواله وحسن أعماله، وبعظيم سجاياه وأصالة رأيه، حتى لُقِّب بالصادق عليه الصلاة والسلام، والصدق هو جُماع الأخلاق الفاضلة.

 

ما عرف بعبادة وثنٍ ولا بشيء مما عليه قومه من العادات الجاهلية.

 

طهَّره الله وزكَّاه، حتى أذِن له بالرسالة، وفاجأه الوحي وهو بغار حراء:

﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴾ [العلق: 1 - 5].

 

فدعا النبي صلى الله عليه وسلم قومه إلى أن يعبدوا الله وحده لا شريك له، وأن يتركوا عبادة ما سواه، وأن يُخْلِصُوا العبادة لله وحده، فتبِعه الآحاد من الناس من رجال ونساء ومن ضَعَفَةِ القوم، فانزعج صناديد قريش من هذه الدعوة، وكان قولهم ما أخبر الله عز وجل به عنهم: ﴿ أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ * وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ * مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ * أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ ﴾ [ص: 5 - 8].

 

ومن أيام سيرته العطرة التي تُعَدُّ مدرسة متكاملة، ومنهجًا واضحًا، وصراطًا مستقيمًا؛ لِما فيها من مواقفَ شريفة، وفوائدَ نبيلة، وعِبَرٍ وعِظاتٍ.

 

فمن تلكم الأحداث أن ضيَّق الكافرون على المؤمنين في أول أيام الرسالة، فأذاقوهم سوء العذاب، واشتد على المسلمين الأذى.

 

أمر النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين أن يهاجروا إلى أرض الحبشة؛ إذ إن فيها مَلِكًا عادلًا لا يُظلَم عنده أحد، ولا يقبل بالظلم أبدًا، وكانت بلاد الحبشة يومئذٍ على النصرانية، فهاجر جمع من المسلمين إليها، وركِبوا البحر حتى وصلوا إلى الحبشة آمنين، وكان ذلك في السنة الخامسة من البعثة، ثم تضاعف عدد المهاجرين إليها في العام العاشر من البعثة، وكانت هذه الهجرة هجرة لله ولرسوله، إخلاصًا واتباعًا، هجرة من بلد الخوف إلى بلد الأمن، والأمر بالهجرة - عباد الله - على هذا النحو يدل على عظيم ما عليه النبي صلى الله عليه وسلم من الرأفة والرحمة بالمؤمنين، وما كان عليه الصلاة والسلام من حِنْكَةٍ وحكمة في تدبير أمر المسلمين، وقد حصل من وراء هذه الهجرة أمن وأمان وثبات على الدين؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن بأرض الحبشة مَلِكًا لا يُظلَم أحد عنده؛ فالحَقوا ببلاده، حتى يجعل الله لكم فَرَجًا ومخرجًا مما أنتم فيه))[1].

 

تقول أم سلمة رضي الله عنها وهي ممن هاجر: "فخرجنا إليها أرسالًا حتى اجتمعنا بها، فنزلنا بخير دار إلى خير جارٍ، آمنين على ديننا، ولم نخشَ فيها ظلمًا"[2].

 

ومَلِكُ الحبشة الملقَّب بالنجاشي واسمه أصْحَمَةُ، عُرِف بعدله واشتهر بعلمه، يعلم التوراة والإنجيل، وقد ذهبت وفود قريش إلى النجاشي ليسترجعوا المسلمين معهم إلى مكة، فدخل عليه عبدالله بن أبي ربيعة، وعمرو بن العاص، ومعهم الهدايا والأَعْطِيَات، وطلبوا منه أن يردَّ من لجأ إليه من المسلمين إليهم، ولم يرضَ النجاشي حتى يسمع من المسلمين، فتكلم جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه فقال: "أيها الملك، كنا قومًا أهلَ جاهلية نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسيء الجِوار، يأكل القوي منا الضعيف، فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولًا منا، نعرف نسبه وصدقه، وأمانته وعفافه، فدعانا إلى الله لنوحِّدَه ونعبده، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان، وأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء، ونهانا عن الفواحش وقول الزور، وأكل مال اليتيم، وقذف المحصنة، وأمرنا أن نعبد الله وحده لا نشرك به شيئًا، وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام - قال: فعدد عليه أمور الإسلام - فصدَّقناه وآمنا به، واتبعناه على ما جاء به، فعبدنا الله وحده فلم نشرك به شيئًا، وحرمنا ما حرم علينا، وأحْلَلْنا ما أحلَّ لنا، فعدا علينا قومنا، فعذَّبونا وفتنونا عن ديننا؛ ليردونا إلى عبادة الأوثان من عبادة الله، وأن نستحِلَّ ما كنا نستحل من الخبائث..."[3].

 

وألقى عمرو بن العاص على مسامع النجاشي وقومه ما يقوله المسلمون في عيسى عليه السلام.

 

فقال جعفر بن أبي طالب: "هو عبدُالله وكلمته، ألقاها إلى مريم وروح منه، وتلى عليه صدر سورة مريم: ﴿ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا * فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا * قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا * قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا * قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا * قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا * فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا * فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا * فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا * وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا *فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا * فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا * يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا * فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا * قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا * وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا * وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا * وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا ﴾ [مريم: 16 - 33].

 

وما إن سمع النجاشي هذه الآيات حتى اخضلَّت لحيته من الدمع: ﴿ لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ * وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ * وَمَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ * فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ بِمَا قَالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [المائدة: 82 - 85].

 

وما كان من شأن النجاشي إلا أنه لم يسلِّم أحدًا من المسلمين إلى قريش، وبقِيَ جُلُّ المسلمين في الحبشة مدة من الزمن، هاجر النبي صلى الله عليه وسلم فيها إلى المدينة، وبنى دولة المسلمين، وغزا الغزوات، ومرت أحداث عظيمة، حتى جاء مهاجرو الحبشة إلى المدينة في السنة السابعة من الهجرة، مكرَّمين معزَّزين مبتهجين.

 

نسأل الله أن ينفعنا بما سمعنا.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم، فاستغفروه من كل ذنب يغفر لكم؛ إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده؛ نبينا محمد وعلى آله وصحبه؛ أما بعد عباد الله:

فإن الملك العادل أصحمة - النجاشي ملك الحبشة - قد أسلم وآمن بالنبي صلى الله عليه وسلم، وحسن إسلامه، وكان المسلمون في الحبشة معزَّزين مكرمين، لم يؤذوا بشيء، ولم يسمعوا ما يكرهونه، ومن محاسن النجاشي أن شهِد زواج أم حبيبة رملة بالنبي صلى الله عليه وسلم، وأعطاها الصَّداق عن النبي صلى الله عليه وسلم 400 دينار، رحم الله النجاشي.

 

وفي السنة التاسعة من الهجرة تُوفِّيَ النجاشي أصحمة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه ينعاه: ((إن أخاكم النجاشيَّ قد مات، فقوموا فصلوا عليه، قال: فقمنا فصففنا عليه كما يُصَفُّ على الميت، وصلينا عليه كما يُصلَّى على الميت))[4].

 

ولم يصلِّ عليه الصلاة والسلام على غائب غيره، وذلك لما قدم للإسلام والمسلمين، وكان له قدم صدق عند رب العالمين.

 

والنجاشي أصحمة ممن أُوتِيَ أجره مرتين: آمن بنبيه عيسى وبموسى، وآمن بالنبي صلى الله عليه وسلم المبشَّر به في التوراة والإنجيل، ولما قُرِئ على النجاشي كتابُ رسول الله قال: "أشهد بالله أنه للنبي الذي ينتظره أهل الكتاب، وأن بشارة موسى عليه الصلاة والسلام براكب الحمار، كبشارة عيسى عليه الصلاة والسلام براكب الجمل، وأن العيان ليس بأشفى من الخبر".

 

فهذه الحادثة العظيمة، وهذه السيرة العطرة، والترجمة المميزة لَتحمل عِبَرًا وفوائدَ، وعظاتٍ وفرائدَ.

 

رحم الله النجاشي رحمة واسعة، وغفر له وأسكنه فسيح جناته.

نسأل الله أن يهدينا الصراط المستقيم، ويهدي من ضل إلى الهدى.



[1] أخرجه البيهقي "السنن" (18190)، وأورده الألباني في السلسلة الصحيحة، برقم: 3190.

[2] سيرة ابن كثير (2 /17).

[3] رواه أحمد، 1740.

[4] رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • دروس من الهجرة النبوية
  • الهجرة النبوية
  • عاشوراء والهجرة النبوية
  • دروس من الهجرة النبوية
  • جنود على طريق الهجرة
  • دروس وعبر من الهجرة النبوية
  • خطبة: المحكمة الدولية... والنجاشي
  • إيذاء المشركين للمؤمنين والهجرة الأولى إلى الحبشة (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • على ضفاف عاشوراء {ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه} (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: يكفي إهمالا يا أبي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: فتنة التكاثر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تدخل عمها أفسد الخطبة(استشارة - الاستشارات)
  • خطبه الجمعة 31-6-1439 طلوع الشمس وخروج الدابة(محاضرة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • أبو بكر الصديق .. خطبه ومواعظه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء ...)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إعلان محاضرة القيم العليا للإسلام ونبذه للتطرف والإرهاب(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن محمد بن سعد آل خنين)
  • استعانة الملك الصالح بالفرنجة(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • نعم المال الصالح للرجل الصالح(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • فعاليات متنوعة بولاية ويسكونسن ضمن شهر التراث الإسلامي
  • بعد 14 عاما من البناء.. افتتاح مسجد منطقة تشيرنومورسكوي
  • مبادرة أكاديمية وإسلامية لدعم الاستخدام الأخلاقي للذكاء الاصطناعي في التعليم بنيجيريا
  • جلسات تثقيفية وتوعوية للفتيات المسلمات بعاصمة غانا
  • بعد خمس سنوات من الترميم.. مسجد كوتيزي يعود للحياة بعد 80 عاما من التوقف
  • أزناكايفو تستضيف المسابقة السنوية لحفظ وتلاوة القرآن الكريم في تتارستان
  • بمشاركة مئات الأسر... فعالية خيرية لدعم تجديد وتوسعة مسجد في بلاكبيرن
  • الزيادة المستمرة لأعداد المصلين تعجل تأسيس مسجد جديد في سانتا كروز دي تنريفه

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 19/1/1447هـ - الساعة: 10:1
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب