• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: عشر ذي الحجة فضائل وأعمال
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    علام يقتل أحدكم أخاه؟! خطورة العين وسبل الوقاية ...
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    أحكام القذف - دراسة فقهية - (WORD)
    شهد بنت علي بن صالح الذييب
  •  
    إلهام الله لعباده بألفاظ الدعاء والتوبة
    خالد محمد شيت الحيالي
  •  
    الإسلام يدعو لحرية التملك
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    تفسير قوله تعالى: ﴿ قد خلت من قبلكم سنن فسيروا في ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    تخريج حديث: جاءني جبريل، فقال: يا محمد، إذا توضأت ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    قصة الرجل الذي أمر بنيه بإحراقه (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    الإيمان بالقدر خيره وشره
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    الأمثال الكامنة في القرآن
    قاسم عاشور
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (6)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: السميع
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    سفيه لم يجد مسافها
    محمد تبركان
  •  
    ليس من الضروري
    د. سعد الله المحمدي
  •  
    خطبة: إذا أحبك الله
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    هل الخلافة وسيلة أم غاية؟
    إبراهيم الدميجي
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / السيرة والتاريخ
علامة باركود

حب النبي صلى الله عليه وسلم

أحمد بن عبدالله الحزيمي


تاريخ الإضافة: 11/4/2018 ميلادي - 25/7/1439 هجري

الزيارات: 15745

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

حب النبي صلى الله عليه وسلم

 

الحمدُ للهِ، ثم الحمدُ لله، الحمدُ للهِ حمداً يُوافي نِعمَهُ, ويُكافئُ مَزيدَه، ربَّنا لك الحمدُ كما ينبغي لجلالِ وجهِكَ وعظيمِ سلطَانِكَ. سبحانكَ اللهم لا نُحصِي ثناءً عليك أنتَ كما أثنيتَ على نفسِك. ونشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ لَه، ونشهدُ أن محمداً عبدُه ورسولُه وصفيُّه وخليلُه. خيرُ نبيٍ أرسلَه. أَرسلَه اللهُ إلى العالَمِ كلِّهِ بشيراً ونذيراً. اللهمَّ صل وسلِّمْ وباركْ على سيدِنا ونبيِّنا محمدٍ وعلى آلِ محمدٍ صلاةً وسلاماً دائمَينِ متلازمَينِ إلى يومِ الدين، أما بعد:

 

فأوصيكم أيها المسلمونَ ونفسي بتقوى اللهِ تعالى. تقوى اللهِ مَن أخذ بها نجَا وسَعِدَ في الآخرةِ والأولى.

 

بلالُ بنُ رَباحٍ مؤذنُ النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, كان قد رحلَ عنِ المدينةِ بعد مَوتِه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلَم يَستطعِ العَيشَ فيهَا بعدَ مَوتِهِ فسكنَ الشامَ واستقرَّ بها، ثمَّ إنه عَادَ إلى المدينةِ يَوماً فسألَ المسلمونَ عُمرَ أن يَسألَ بلالًا ليُؤذِّنَ لَهم، فسأَلَه، فَفَعَلَ، وَعَلاَ السَّطْحَ، وَوَقَفَ. فَلَمَّا أَنْ قَالَ: الله أَكْبَرُ، الله أَكْبَرُ، ارْتَجَّتِ المَدِيْنَةُ. فَلَمَّا أَنْ قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهَ، ازْدَادَ رَجَّتُهَا. فَلَمَّا قَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُوْلُ اللهِ، خَرَجَتِ العَوَاتِقُ مِنْ خُدُوْرِهِنَّ. وَقَالُوا: بُعِثَ رَسُوْلُ اللهِ. فَمَا رُؤِيَ يَوْمٌ أَكْثَرَ بَاكِياً وَلاَ بَاكِيَةً بِالمَدِيْنَةِ بَعْدَ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ ذَلِكَ اليَوْمِ.

 

سعدُ بنُ الرَّبيعِ له مَكانَتُهُ اللائقةُ في قَلبِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وفي غَزوةِ أُحُدٍ طَالتْ سِهامُ الموتِ سعداً، ففَقدُوه ما بينَ الجَرحَى والقَتلَى, فقالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَمِنْ رَجُلٍ يَنظُرُ مَا فَعلَ سَعدُ بنُ الربيعِ أفي الأحياءِ أم الأمواتِ؟" فقالَ أُبيُّ بنُ كَعبٍ رضي الله عنه: أنَا أَنظُرُه لكَ يا رسولَ اللهِ, فقال له صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إنْ رأيتَ سَعدَ بنَ الربيعِ فأَقْرِئه مِنِّي السلامَ وقل له: يقولُ لكَ رسولُ اللهِ كيفَ يَجِدُكَ؟ فانطلقَ أبيُّ بنُ كَعبٍ يَنظُرُ في القَتلَى فوجدَ سَعداً جَريحاً بهِ رَمَقٌ (أي يَحتضِر) فقالَ له: إنَّ رسولَ اللهِ أَمرنِي أنْ أَنظرَ أفِي الأَحياءِ أنتَ أم في الأمواتِ؟

 

فقالَ سَعدٌ: قَد طُعِنْتُ اثنتَيْ عَشرةَ طَعنَةً, ثم استطردَ فقالَ: قُل لرسولِ اللهِ إني أَجِدُ رِيحَ الجنَّة, وقُلْ لَقومِي الأَنصار: "لاَ عُذرَ لَكمْ عندَ اللهِ إنْ خَلَصَ إلى رَسولِ اللهِ أحدٌ وفيكُم عَينٌ تَطْرِفُ".. ثُم فَاضَتْ رُوحُهُ رضيَ اللهُ عَنه.. رواه ابنُ المُبَاركِ.

 

نَسِينا في وِدَادِكَ كلَّ غَالٍ * فأنتَ اليومَ أَغلى مَا لَدينَا

نُلامُ على محبَّتِكُم ويَكفِي * لنا شَرفاً نُلامُ ومَا عَلينَا

ولَمَّا نَلْقَكُمْ لِكنَّ شَوقاً * يُذكِّرُنَا فكيفَ إذا الْتَقيْنَا

 

أيها الإخوةُ: المؤمنُ الصادقُ يتمنى حقيقةً أن يكون قد عاش في عهدِه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واكتحلتْ عينُه برؤيتِهِ, يتمنى رؤيَتَه ولو لَحظةً، وقدِ اشتاقَ الصحابةُ إلى النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حياتِه وبعدَ مماتِه، وأحبُّوه حُباً لم يَعرفِ التاريخُ مِثلَه، حتى قالَ أَنسٌ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقْبِلُ وَمَا عَلَى الْأَرْضِ شَخْصٌ أَحَبَّ إِلَيْنَا مِنْهُ".

وقال عليٌّ رضي الله عنه: "كانَ - واللهِ - أحبَّ إلينا مِن أموالِنَا وأولادِنا وآبائِنا وأمهاتِنا ومِنَ الماءِ البَاردِ على الظَّمأ".

 

وَلَوْ سُئِلْتُ أَنْ أَصِفَهُ مَا أَطَقْتُ.. كما عَبَّر بذلكَ عمرُو بنُ العاصِ رضي الله عنه، ثم يقولُ بعد ذلك: "لِأَنِّي لَمْ أَكُنْ أَمْلَأُ عَيْنَيَّ مِنْهُ".

 

وَمِن عَجِيبِ مَا يُروَى مِن مَحَبَّةِ الصَّحَابِةِ الكِرامِ لِنَبِيِّنا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ رَجُلاً مِن أَهْلِ البَصْرَةِ فِي خِلافَةِ مُعَاوِيَةِ بنِ أبي سُفيانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يُقَالُ لَهُ: كَابِسُ بنُ رَبِيعَةَ كَانَ يُشْبِهُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَوَجَّهَ مُعَاوِيَةُ أنْ أحضِرُوهُ، فَلَمَّا دَخَلَ عليهِ قَامَ لَهُ، وَقبَّلَ بَينَ عَينَيهِ، فَقَالَ القَومُ: أَتَقُومُ لِهَذا الشَّيخِ وَأَنْتَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ؟ قَالَ: نَعَمْ لأنِّي رَأَيْتُ فِيه مُشَابَهَاً مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَكَانَ أَنَسٌ إذَا رَآهُ بَكَى وقَالَ: هَذَا أَشْبَهُ النَّاسِ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

 

وكانَ بِلالٌ رضي اللهُ عنه عِندَ وَفاتِه تَبكِي زَوجَتُهُ بِجوارِهِ، فيقولُ: "لا تَبكِي.. غَدًا نَلْقَى الأَحِبَّةَ.. محمَّداً وصَحْبَهُ".. فكانَ يَشتَاقُ للقاءِ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهكذا رُوِيَ عن كَثيرٍ مِنهم عندَ وفَاتِهِم - رضي الله عنهم - قَولُهُمْ: غَداً نَلقى الأَحبةَ، محمَّداً وصَحبَهُ.

 

لم يكُنِ الشوقُ - أيها الكرامُ - ولم تكنِ المحبةُ ولم يكنِ المَيْلُ مِن البشرِ إليه فقط، فالجنُّ لهم نَصيبٌ مِن هذا الحبِّ الخالدِ؛ فقدِ الْتَقَوا بالحبيبِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أكثرَ مِن مَرةٍ، وقرأَ عليهمُ القرآنَ كما في البخاريِّ ومسلمٍ.

 

والحيواناتُ كذلكَ لهَا نَصيبٌ وَافرٌ مِن هذَا الحبِّ, فقد كانَ جالساً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع أصحابِه فإذا بجملٍ يَشقُّ الطريقُ إليهِ حتى حاذَ رأسَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فناجَى النبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يَذرِفُ الدمعَ بحديثٍ لا يفهَمُهُ إلاَّ مَن أرسلَه اللهُ رحمةً للعالمينَ فرفعَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأسَه ثم قالَ: "مَن صَاحبُ هذا الجملَ؟" فقال شَابٌّ أنصاريٌّ: أنا يا رسولَ اللهِ. فقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إنَّ هذا الجملَ يَشتكِي منكَ قِلَّةَ الزادِ وكثرةَ العَملِ".

 

بل وللجماداتِ نصيبٌ من هذا الحُبِ؛ فقد كانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يخطُبُ إِلَى جِذْعٍ، فَلَمَّا صُنِعَ لَهُ الْمِنْبَرُ وَكَانَ عَلَيْهِ سُمِعَ لِذَلِكَ الْجِذْعِ صَوْتٌ كَصَوْتِ الْعِشَارِ (وفي رِوَايَةٍ: فَصَاحَتِ النَّخْلَةُ صِيَاحَ الصَّبِيِّ فَسَمِعُوا مِنْ حَنِينِهَا حَتَّى كَثُرَ بُكَاؤُهُمْ) حَتَّى جَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَضَعَ يَدَهُ الشريفةَ عَلَيْهَا فَسَكَنَتْ.

 

وقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الجِذعِ: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ لَمْ أَلْتَزِمهُ لَمَا زَالَ هَكَذَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَة". كما في البخاريِّ.

 

والحَجَرُ كان يحبُّ أن يُكلِّمَ رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فقد قالَ: "إني لأَعرِفُ حَجَرًا بمكةَ كان يُسلِّمُ عليَّ قبلَ أنْ أُبعَثَ، إني لأَعرِفُهُ الآنَ" رواه مسلمٌ.

والجبالُ تحبُّه كذلك, فإنَّه لما بدا جَبلُ أُحدٍ للنبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: "هذا جَبلٌ يُحِبُّنَا ونُحِبُّهُ" رواه البخاريُّ ومسلمٌ.

 

والعجيبُ في هذا الأمرِ أنَّ حبَّ الحبيبِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَزدادُ على مرِّ الأجيالِ وتَعاقُبِ الأيامِ والدُّهُورِ.

 

فأصحابُ محمدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما زالوا في حبِّ محمدٍ حتى إنكَ لتجِدُ المقصرينَ وأصحابَ الهفواتِ والزلاتِ إذَا ذُكِرَ اسمُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَهافَتتْ قُلوبُهُم شَوقاً وحُبًّا وحَنيناً إليهِ.

 

بل العجبُ الأكبرُ أن يكونَ هذا الحبُّ والإعجابُ من غيرِ المسلمينَ المنصفينَ.

واسمعوا لبعضِ مقالاتِهِم, يقولُ النَّضرُ بنُ الحارثِ، وكانَ من سادةِ قريشٍ، وكان مِن أكبرِ المعارضينَ للنبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فقد أَلقَى يوماً خطاباً في جمعٍ من قريشٍ، فقال فيه :"يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، إنَّهُ وَاَللَّهِ قَدْ نَزَلَ بِكُمْ أَمْرٌ مَا أَتَيْتُمْ لَهُ بِحِيلَةِ بَعْدُ، قَدْ كَانَ مُحَمَّدٌ فِيكُمْ غُلَامًا حَدَثًا أَرْضَاكُمْ فِيكُمْ، وَأَصْدَقَكُمْ حَدِيثًا، وَأَعْظَمَكُمْ أَمَانَةً، حَتَّى إذَا رَأَيْتُمْ فِي صُدْغَيْهِ الشَّيْبَ، وَجَاءَكُمْ بِمَا جَاءَكُمْ بِهِ، قُلْتُمْ سَاحِرٌ، لَا وَاَللَّهِ مَا هُوَ بِسَاحِرٍ، لَقَدْ رَأَيْنَا السَّحَرَةَ وَنَفْثَهُمْ وَعَقْدَهُمْ، وَقُلْتُمْ كَاهِنٌ، لَا وَاَللَّهِ مَا هُوَ بِكَاهِنٍ، قَدْ رَأَيْنَا الْكَهَنَةَ وَتَخَالُجَهُمْ وَسَمِعْنَا سَجْعَهُمْ، وَقُلْتُمْ شَاعِرٌ، لَا وَاَللَّهِ مَا هُوَ بِشَاعِرٍ، قَدْ رَأَيْنَا الشِّعْرَ، وَسَمِعْنَا أَصْنَافَهُ كُلَّهَا هَزَجَهُ وَرَجَزَهُ، وَقُلْتُمْ مَجْنُونٌ، لَا وَاَللَّهِ مَا هُوَ بِمَجْنُونٍ، لَقَدْ رَأَيْنَا الْجُنُونَ فَمَا هُوَ بِخَنْقِهِ، وَلَا وَسْوَسَتِهِ، وَلَا تَخْلِيطِهِ، يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، فَانْظُرُوا فِي شَأْنِكُمْ، فَإِنَّهُ وَاَللَّهِ لَقَدْ نَزَلَ بِكُمْ أَمْرٌ عَظِيمٌ". ذكرَه ابنُ هشامٍ في سِيرتِهِ.

 

وأمَّا مِن غيرِ المسلمينَ من المعاصرينَ فيقولُ الدكتور زويمر: (إنَّ محمدًا كانَ ولا شكَّ مِن أعظمِ القادةِ المسلمينَ الدينيينَ، ويَصدُقُ عليهِ القولُ أيضًا بأنه كان مصلحًا قديرًا وبليغًا فصيحًا وجريئًا مِغوارًا، ومُفكرًا عظيمًا، ولا يجوزُ أن نَنسبَ إليه ما يُنافي هذه الصفاتِ، وهذا قرآنُه الذي جاء به وتاريخُه يَشهدانَ بصحةِ هذا الادعاءِ).

 

ويقولُ الفيلسوفُ الألمانيُّ (غوته): «لقد بَحثتُ في التاريخِ عن مَثَلٍ أَعلَى لهذا الإنسانِ؛ فوجدتُهُ في النبيِّ محمدٍ»

 

ويقول مؤلفُ كتابِ "المئةِ الأوائلِ" -الذي دَرَسَ تاريخَ البشريةِ، واختارَ مِن بينِ عُظماءِ البشريةِ على مرِّ التاريخِ مِئةَ شَخصيةٍ، وسمى كتابَه "المئةَ الأوائلِ"، فجعلَ محمداً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على رأسِ المئةِ في التاريخِ- قال:" هو الإنسانُ الأولُ من بينِ المئةِ الأوائلِ في تاريخِ البشريةِ كلِّها من حيث قوةِ التأثيرِ، ومن حيث نوعِ التأثيرِ، ومن حيث امتدادِ أمدِ التأثيرِ، ومن حيث اتساعِ رقعةِ التأثيرِ".

 

اللهم صلِّ وسلم على عبدِك ونبيِّك محمد، اللهم باركْ عليه وعلى آلِه وصحبِه وأزواجِه وذريتِه، اللهم اجعَلْنَا مِن أتباعِه، واحشُرْنا في زُمرتِه، واسْقِنا من حَوضِه، وارْزُقْنا شفاعَتَه، واجْعَلْه أحبَّ إلينا من أولادِنا، وأموالِنا وأزواجِنا، إنك سميعٌ مجيبٌ.

 

الخطبة الثانية

الحمدُ للهِ، أحمدُه سبحانه وأشكرُه، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحده لا شريكَ له، له الخلقُ والأمرُ، وأشهدُ أنَّ حبيبَنَا ونبيَّنَا محمداً عبدُه ورسولُه، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعلى آله وصحبه كلما أضاءَ قَمرٌ، وانشقَّ فجرٌ.

 

أخي رعاكَ اللهُ: هكذا كانوا يُحبونَه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حباً قَدَّمُوه على أنفسِهِم وأهلِيهِم وأموالِهِم والناسِ أجمعين، فأين نحن مِن ذلك؟! سَل نَفسكَ: هل أنتَ فعلاً تُحبُّ رسولَ اللهِ؟! هل أنت فعلاً تُؤْثِرُ أَمرَ اللهِ وأمرَ رسولِ اللهِ على أمرِ نفسِك وهواكَ؟! هل أنت فعلاً تَشتاقُ لرسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟! هل أنتَ فِعلاً تَتمنَّى أن تُحشَرَ معَ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يومَ القيامةِ؟

 

إنَّ مِن أَعظمِ عَلاماِت حبِّنا لرسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنْ نَتَّخِذَهُ أُسوةً وقدوةً لنا في كلِّ شيءٍ، وأن نَحذُوَ حَذوَهُ في كلِّ شَأنٍ، وأن نتَتَبَّعَ سنَّتَهُ في كلِّ حال، فتلكَ عَلامةُ المحبةِ الحقيقيةِ لرسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

 

ومحبةُ النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليستْ مُجَرَّدَ كَلماتٍ يردِّدُهَا اللسانُ، أو دُروسٍ وخُطبٍ يتلوها الوعَّاظُ والخطباءُ، ولا يَكفِي فيها الادعاءُ فحَسب، بل لا بُدَّ أنْ تَكونَ مَحبَّتُهُ عَليهِ الصلاةُ والسلامُ حَياةً تُعاشُ، ومَنهجاً يُتَّبَعُ، وصدقَ اللهُ إذْ يَقولُ: ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ ﴾.

 

نسألُ اللهَ تعالى أنْ يُعَظِّمَ محبةَ رسولهِ في قلوبِنَا، وأن يجعلَ مَحبَّتَه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أعظمَ عِندنا مِن محبةِ أنفسِنَا، وأن يجعل محبةَ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طمأنينةَ قُلوبِنَا، وانشراحَ صُدورِنَا، وأن يَجعلَهَا عَونًا لنَا على طاعةِ اللهِ عز وجل، وحسنِ الصلةِ بهِ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


مختارات من الشبكة

  • "حب بحب" حب الأمة لحاكمها المسلم "مسؤوليات الأمة تجاه الحاكم"(مقالة - موقع أ. د. فؤاد محمد موسى)
  • بالحب في الله نتجاوز الأزمات (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كلمات الحب في حياة الحبيب عليه الصلاة والسلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • اختناق الحب بالحب(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الحب الشرعي وعيد الحب (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ما الحب في عيد الحب(مقالة - ملفات خاصة)
  • اللهم إنا نسألك حبك وحب من يحبك (تصميم)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • من أسباب محبة الله تعالى عبدا ( الحب في الله وحب الأنصار )(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أردتُ معرفة الحب، فحرمني أبي من الحب(استشارة - الاستشارات)
  • ويوم ينتهي الحب تطلق النحلة الزهرة(مقالة - مجتمع وإصلاح)

 


تعليقات الزوار
1- حب واعجاب
أحمد - السعودية 04-09-2021 11:51 PM

جزى الله خيرا شيخنا الخطيب على هذه الخطبة الرائعة جدا بارك الله فيه.. الأمة في حاجة إلى مثل هذه الخطب الموجزة القوية المؤثرة
شكرا من القلب وسف أخطب بها في مكة المكرمة بمشيئة الله تعالى.

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 22/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب