• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: عشر ذي الحجة فضائل وأعمال
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    علام يقتل أحدكم أخاه؟! خطورة العين وسبل الوقاية ...
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    أحكام القذف - دراسة فقهية - (WORD)
    شهد بنت علي بن صالح الذييب
  •  
    إلهام الله لعباده بألفاظ الدعاء والتوبة
    خالد محمد شيت الحيالي
  •  
    الإسلام يدعو لحرية التملك
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    تفسير قوله تعالى: ﴿ قد خلت من قبلكم سنن فسيروا في ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    تخريج حديث: جاءني جبريل، فقال: يا محمد، إذا توضأت ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    قصة الرجل الذي أمر بنيه بإحراقه (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    الإيمان بالقدر خيره وشره
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    الأمثال الكامنة في القرآن
    قاسم عاشور
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (6)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: السميع
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    سفيه لم يجد مسافها
    محمد تبركان
  •  
    ليس من الضروري
    د. سعد الله المحمدي
  •  
    خطبة: إذا أحبك الله
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    هل الخلافة وسيلة أم غاية؟
    إبراهيم الدميجي
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الأسرة والمجتمع / قضايا الأسرة
علامة باركود

عظمة حق الزوج على زوجته

عظمة حق الزوج على زوجته
يحيى بن حسن حترش

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 17/1/2024 ميلادي - 6/7/1445 هجري

الزيارات: 18556

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

(عظمة حق الزوج على زوجته)


الخطبة الأولى

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.


﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102 ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]، أما بعد:

فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها, وكل محدثة بدعة, وكل بدعة ضلالة, وكل ضلالة في النار، أما بعد:

أيها المسلمون عباد الله، لقد كتب الله على عباده حقوقًا متنوعة، فمنها الواجبة، ومنها الممنوعة، وجعل لها مراتب ودرجات، فمنها الصغائر، ومنها الموبقات، وإن من أعظم هذه الحقوق والواجبات - بعد حق الله ورسوله - هو حق الأزواج على الزوجات الذي هو موضوع حديثنا في هذه اللحظات، المعدودات، ولقد كان حديثنا معكم في الجمعة الماضية عن حقوق زوجاتنا علينا، وذكرنا ما ذكرنا من وصايا حبيبنا عليه الصلاة والسلام بأزواجنا في حياته، وحين وداعه لأمته، وأصحابه، وهو يقول: «ألا واستوصوا بالنساء خيرًا؛ فإنما هن عوانٍ عندكم، ألا هل بلغت؟ ألا هل بلغت؟ اللهم فاشهد».


نعم لقد تحدثنا في الجمعة الماضية عما أوصانا به حبيبنا عليه الصلاة والسلام تجاه نسائنا، وها نحن في هذه الجمعة، وفي هذه الخطبة المباركة، النافعة لنان ولنسائنا، ومن سيسمعنا - بإذن ربنا - ومن بيده قلوبنا - نتكلم عن حقوق الأزواج على الزوجات، وما لذي ينبغي لهم فعله من الطاعات والقربات.

 

ونحب أن ننبه أنفسنا وإخواننا، ونساءنا، أنه ينبغي علينا أن نأتمر بأمر ربنا، ونمتثل قول نبينا عليه الصلاة والسلام، ونصغي بأسماعنا، وقلوبنا إلى ما يريده الله منا، فحيث ما سمعت أيها الزوج، وأيتها الزوجة نصًّا، أو حثًّا، أو نهيًا يأمركما، أو ينهاكما، فيما يتعلق بالحقوق التي بينكما، فإياكما، ثم إياكما أن تقدما عواطفكما، أو رغباتكما على أمر ربكما، أو تأخذا ما يناسبكما، وتتركا ما خالف أهواءكما، ولتعلما أن الله لا يأمر ويشرع إلا ما يصلحكما، ويسعدكما، ويعود نفعه عليكما، فهو سبحانه أعلم بمصلحتكما، وأرحم بكما من أنفسكما: ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا ﴾ [الأحزاب: 36].

 

ومن هنا نوجه رسالة للنساء عامة، ولمعشر الزوجات خاصة، إليك أيتها الزوجة، أيتها الأم المربية: كما تعلمي، وكما قد سمعتِ في الخطبة الماضية من تلك الحقوق، والواجبات التي لكِ، وشرعها الله من أجلكِ، وألزم بها زوجكِ، وكما أنك تعتزي، وينشرح صدرك بالحقوق التي فرضها الإسلام على زوجك؛ فلابد لك، وينبغي عليك، ورجاؤنا منك في هذا اليوم أن: تصغي بأُذُنِك، وتعيرينا سمعك؛ للحقوق التي تجب عليك تجاه زوجك، وتقولي بقول ربك: ﴿ إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [النور: 51].

 

فهيا اسمعي يا بنة الإسلام، إلى ما قاله ربكِ سبحانه وتعالى وقاله رسوله عليه الصلاة والسلام في حق زوجك عليكِ؛ لتكوني على بينةٍ من أمركِ، ولتعلمي ما يريده الله وما لا يريده منكِ.

 

وما سأستوعب حقوق زوجك عليك في مقامي هذا، ولكني سأقتصر على بعضها، وأهمها، فمن ذلك - وهو أوسعها، وأعمها-: حق طاعته بالمعروف، وعدم عصيانه، ومخالفته، يقول سبحانه وتعالى: ﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ﴾ [النساء: 34]، نقل ابن كثير رحمه الله عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما في قوله: ﴿ قَوَّامُونَ ﴾، قال: «يعني أمراء عليهن، أي: تطيعه فيما أمرها به من طاعتِه، وطاعتُه أن تكون محسنة إلى أهله، محافظةً لماله »[1].

 

ويقول عليه الصلاة والسلام فيما صححه الألباني رحمه الله: «خير النساء اللآتي تسره إذا نظر، وتطيعه إذا أمر، ولا تخالفه في نفسها، ولا في ماله بما يكره. ثم تلا هذه الآية: ﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ ﴾» [2].

 

معاشر المسلمات، أيتها الأمهات، والزوجات، إن معرفتك لحقيقة القوامة التي جعلها الله لزوجك، ومعرفتك بالحقوق التي فرضها الله على زوجك من أجلك سيجعلك تعرفين حقيقة قوامته، وحق طاعته، وما افترضه الله عليك وأوجبه من أجله، فلقد أمره الله بالإنفاق عليك، والاعتناء بك، وبلباسك، وطعامك، وما تحتاجين إليه في حياتك؛ حتى ولو كان معك ما يكفيك، ويغنيك؛ إلا أنه مطالبٌ، ومأمورٌ بمطالِبِك، فمن أجل ذلك ترين زوجك يجد ويتعب من أجلك، ومن أجل أولادكِ، ومن أجلك قد يعمل بأصعب الأعمال وأشقها، وقد يلاقي ما يلاقي من مصاعب الحياة وأتعابها، ومن أجلك قد لا يهنأ في طعام، ولا يغمض في منام، ومن أجلك قد يترك بلاده، وأولاده، وأحبابه، وأقاربه، ويظل في غربته وقتًا من عمره، وشبابه، ومن أجلك أنفق مجهود شبابه، وخلاصة أتعابه؛ حتى جاءك بصداقك، ولباسك، ولوازم زواجك.

 

فاعرفي - رحمك الله- حق زوجك، وكوني من خيار النساء اللاتي وصفهن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا نظر إليك سُرَّ برؤيتكِ، وانشرح صدره باستقبالك، وحسن خطابك وتحببكِ، وإذا ما أمرك استجبتِ لأمره، وابتعدت عن مكابرته، ومخالفته, كوني محافظة على ماله، وثمرة جهده وتعبه، ولقمة عيشه، وقوت أولاده تحببي إليه، توددي إلى قلبه، أشعريه بطاعتك، وبانقيادك، فهو سعادتك، وسببٌ لرضاء وحب خالقك سبحانه وتعالى.

 

معاشر المسلمين، والمسلمات، إن حق الزوج عظيم، بل هو أعظم الحقوق بعد حق الله عز وجل. يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «وليس على المرأة حقٌّ بعد حق الله ورسوله أوجب من حق الزوج»[3].

 

نعم أيتها المرأة، إن معرفتك لحق زوجك؛ ليهون عليك طاعته، ويجعلك تتلذذين بمحبته، وتستمتعين بخدمته, وإن المرأة العاقلة، الرشيدة هي التي تستشعر أن طاعة زوجها هو طاعةٌ لربها، وخالقها؛ لأنه هو الذي أمرها، وحثها، ورغبها، بل لو كان السجود جائزًا لأحد غير الله لأُمرت المرأةُ أن تسجد لزوجها, فلقد روى ابن ماجه، وصححه الألباني رحمهما الله أن معاذ بن جبل لما قدم من الشام سجد للنبي صلى الله عليه وسلم فقال له: «ما هذا، يا معاذ!؟»، قال أتيت الشام فوافقتهم يسجدون لأساقفتهم وبطارقتهم، فوَدِدتُ في نفسي أن أفعل ذلك بك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فلا تفعلوا؛ فإني لو كنت آمرًا أحدا أن يسجد لغير الله؛ لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها!»[4].

 

وقال صلى الله عليه وسلم فيما صححه الألباني رحمه الله «حق الزوج على زوجته؛ أن لو كانت به قرحةٌ فلحستها ما أدت حقه!»[5]، بل إن حق الله تعالى عليها متوقف على أداءها حق زوجها؛ فقد روى ابن ماجه، وصححه الألباني رحمهما الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «والذي نفسي بيده لا تؤدي المرأة حق ربها، حتى تؤدي حق زوجها!» [6].

 

سبحان الله العظيم! أي تقدير واحترام، وأي إكرام واهتمام، من رب العالمين للزوج على زوجته!

 

الله جل جلاله بعظمته، وقوته، يخبر عنه رسوله «أن المرأة لا تعد مؤديةً لحق خالقها، ورازقها، حتى تؤدي حق زوجها»[7].

 

بل قد قال عليه الصلاة والسلام أصرح، وأشدَّ من ذلك - كما عند الترمذي، وصححه الألباني رحمهما الله: «ثلاثة لا ترفع صلاتهم فوق رؤوسهم: العبد الآبق حتى يرجع، وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط، وإمام قوم وهم له كارهون!»[8]؛ نعوذ بالله من سخط الله، وعقابه!

 

أيرضيك أيتها الزوجة الصائمة، القائمة، أيسرك أيتها العابدة المتصدقة؛ أن أعمالك من صلاة، وصيام، ومجلس ذكرٍ، وحضور الخير والعلم، إلى غير ذلك، ولا تقبل منك بسبب سخط زوجك عليك.

 

فهلا أصلحت حالك، وطلبتِ رضاء زوجك؟ فهو أنسكِ، وسكنك، ولباسك، وأنت له، وهو لكِ.

 

وقد كان من حرص النبي عليه الصلاة والسلام أنه يسأل عن حال الزوجات مع أزواجهن؛ حرصًا عليهن؛ ففي الصحيحة للعلامة الألباني رحمه الله عن الحُصين بن محصَن، أن عمةً له أتت النبي عليه الصلاة والسلام في حاجةٍ فقضى حاجتها، فقال لها رسول الله عليه الصلاة والسلام: «أذات زوجٍ أنتِ؟» قالت: نعم، «قال كيف أنتِ له؟»، فقالت: ما آلُه إلا ما عجزت عنه، فقال صلى الله عليه وسلم: «فانظري أين أنت منه؟ فإنما هو جنتك، ونارك!»[9].

 

ما أحرانا أمام هذه الوصية النبوية، وأمام هذه التوجيهات التربوية، ما أحوج الآباء مع بناتهم، والعلماء والنصحاء؛ مع من جاء يطلب نصحهم وإرشادهم إلى أن يوجهوهم، وأن يوصوهم بأزواجهم.

 

نعم، سل ابنتك أيها الأب، سلها كيف هي مع زوجها؟ وهل هي قائمةٌ بحقوق بيتها؟ هل تحفظ زوجها في ماله وأولاده؟ هل هو راضٍ عنها؟ هذا إذا كنت تحبها، وتخاف أن يسخط عليها ربها.

 

أما أن تسألها عن معايب زوجها؟ وعدد أخطائه، وما الذي تنقمه عليه؟ وتحرضها، وتشعرها بمساندتك لها؛ فهذا غشٌّ لها، وخرابٌ لبيتها، وسببٌ لغضب الله عليها.

 

وصدق أو لا تصدق أن كثيرًا من أسباب المشاكل الزوجية، وخراب البيوت الأسرية هم الآباء والأمهات، هن الأعمام، والعمات، كما سيأتينا في المشاكل الزوجية.

 

فيا أيتها المرأة هذا هو زوجك، وهذه هي مكانته، ومنزلته، عند خالقك، فامتثلي له، وانقادي لتسعدي بدنياك وآخرتكِ؛ فإن السعادة، والكرامة، هي بالطاعة والاستقامة.

 

فإذا أردت السعادة فهذا هو طريقها، إن أردتِ طعم الإيمان، ولذته؛ فزوجك باب من أبوابها، فقد قال صلى الله عليه وسلم «لا تجد المرأة حلاوة الإيمان: حتى تؤدي حق زوجها».

 

بل إن طاعة المرأة لزوجها هي سببٌ عظيم لدخولها جنة ربها؛ فقد قال عليه الصلاة والسلام فيما صححه الألباني رحمه الله: «إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحصَّنَت فرجها، وأطاعت زوجها، قيل لها: ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئتِ!»[10].

 

ولقد أدركت النساء الصالحات عظيم حق أزواجهن عليهن؛ فَكُنَّ من خير من امتثل أمر نبيهن عليه الصلاة والسلام.

 

قالت امرأة سعيد بن المسيب رحمها الله: «ما كنا نكلم أزواجنا إلا كما تكلمون أمراءكم، أصلحكَ الله، عافاكَ الله»[11].

 

وتقول أم حميد رحمها الله: «كان نساء أهل المدينة إذا أردن أن يبنين بامرأةٍ على زوجها؛ بدأنا بعائشة رضي الله عنها فأدخلناها عليها، فتضع يدها على رأسها، ثم تدعو لها، وتأمرها بتقوى الله، وحق زوجها» [12].

 

وكانت تقول رضي الله عنها: يا معشر النساء: «لو تعلمن بحق أزواجكن عليكن؛ لجعلت المرأة منكن تمسح الغبار عن قدمي زوجها بخد وجهها».

 

وأوصت أمامة بنت الحارث التغلبية ابنتها وهي تزفها إلى زوجها - الحارث ابن عمرو- فكان مما قالته: بنية، إنك قد فارقت الحمى الذي منه خرجتِ، والعش الذي فيه درجتِ، إلى وكرٍ لم تعرفيه، وقرينٍ لم تألفيه، فأصبح بملكه لكِ مليكًا، فكوني له أمةً؛ يكن لك عبدًا وشيكًا، وأشد ما تكونين له إعظامًا أشد ما يكون لك إكرامًا، وأشد ما تكونين له موافِقة أطول ما يكون لك موافَقة، واعلمي يا بنية أنك لا تقدرين على ذلك حتى تؤثري رضاه على رضاكِ، وتقدمي هواه على هواك، فيما أحببت أو كرهتِ. فيا للكلام.

فلو كن النساء كمثل هذي
لفضلت النساء على الرجال

كذلك من الحقوق بل هو من أعظم حقوق الزوج على زوجته، ومن أعظم مقاصد النكاح، هو حق الفراش، الذي من خلاله يحصل الستر والعفاف، وتحصل المصالح الدينية، والدنيوية والبدنية.

 

فإن الله قد أودع في الرجل غريزةً في جسده؛ تجذبه وتدفعه إلى المرأة بطبيعته، وبما أودع الله في جسده؛ لذلك شرع له الزواج ليقضي وطره، ويحصن فرجه.

 

فإذا امتنعت الزوجة عن زوجها، وعن هذا المقصد العظيم من زواجها؛ فقد عصت زوجها، واستحقت بذلك السخط والغضب من ربها.

 

فلتسمع المرأة أي ذنبٍ ترتكبه، وأي عقوبةٍ تستحقها؛ إذا امتنعت عن فراش زوجها.

 

روى الإمام مسلمٌ - في صحيحه - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده؛ ما من رجلٍ يدعو امرأته إلى فراشها؛ فتأبى عليه، إلا كان الذي في السماء ساخطًا عليها حتى يرضى عنها»[13].

 

وروى البخاري، ومسلم رحمهما الله عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم «إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت؛ فبات غضبانًا عليها، لعنتها الملائكة حتى تصبح!»[14]؛ نعوذ بالله من لعنة الله، وغضبه، ونعوذ بالله من سخطه وعقابه!


معاشر المسلمين، والمسلمات، إن الغريزة الجنسية التي أودعها الله في الرجل قد تسيطر عليه أحيانًا سيطرةً عظيمة، تكاد تغطي عقله، وتشل تفكيره، وقد تتحرك فيه، وتشعله بدون اختياره، وتأتيه بوقتٍ، ومكان دون إرادته، وقوة ذلك، وتأثيره في الرجال باختلاف غرائزهم، وطبائعهم التي أودعها الله فيهم.

 

ولذلك أرشد النبي صلى الله عليه وسلم المرأة، بل وأمرها إذا دعاها زوجها لحاجته منها، فلتأته ولو كانت منشغلةً بإعداد خبزها، وطعامها, فقال عليه الصلاة والسلام فيما رواه الترمذي، وصححه الألباني رحمهما الله عن طلق بن علي رضي الله عنه قال: «إذا دعا الرجل زوجته لحاجته؛ فلتأته وإن كانت على التنور!» [15].

 

نعم، فلتأت زوجها، وإن كان خبزها على تنورها، وإن لم يكن من يقوم معها، بل وإن سقط خبزها في تنورها؛ لأن إعفاف زوجها أَولى من طعامه، وطعامها.

 

فإياك ثم إياك، وحذارِ ثم حذار أيتها المرأة أن تعصي زوجك في عفته، وقضاء وطره؛ لأنك بذلك قد منعته من الحلال، ولعله قد يفعل الحرام وأنت السبب في ذلك، فقد أرشد النبي عليه الصلاة والسلام «من رأى امرأةً لا تحل له فليأت زوجته التي تحل له؛ فإن معها مثلها».

 

وروى ابن حبان وصححه الألباني عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم «رأى امرأةً فدخل على زينب فقضى حاجته وخرج، وقال: إن المرأة إذا أقبلت، أقبلت في صورة شيطان، فإذا رأى أحدكم امرأةً أعجبته فليأت أهله؛ فإن معها مثل الذي معها!»[16].

 

ولعل امتناعك سيجلب النفرة، والوحشة، بينكما، وستنشأ المشاكل المستمرة في حياتكما، ولماذا كل هذا؟ لماذا؟ لأنكِ له وهو لكِ، وأنت لباسه، وهو لباسك، وأنت سكنٌ له وهو سكنك، وأنت أرضه وهو بذرك، وسقاؤك، ولا تستغني عنه، ولا يستغني عنك.

 

وقد قيل في الدراسات العلمية: إن هرمون الجماع له علاقةٌ كبيرة في المحبة بين الزوجين.

 

وقبل ذلك هو قربة عظيمة عند الله تبارك وتعالى؛ فقد قال عليه الصلاة والسلام «وفي بضع أحدكم صدقة»[17]، قالوا: يا رسول الله، أيأتي أحدنا شهوته؛ ويكون له فيها أجر؟ قال: «أرأيتم لو وضعها في حرام كان عليه وزر؟»، قالوا: نعم، قال: «كذا لو وضعها في حلال، كان له أجر».


وقلَّ أن تجد مشكلةً بين زوجين إلا وسوء علاقة الفراش له دورٌ وحظٌّ في ذلك، بل حتى في حالات الطلاق، وتعدد الزوجات، إلى غير ذلك من المشاكل والخلافات.

 

فتجنبي أيتها المرأة ما يغضب زوجك؛ خاصةً في فراشه، واستشعري أن هذا أمر خالقك سبحانه وتعالى احتسبي أجركِ على الله بإعفاف زوجكِ، وإدخال السرور على قلبه، وكسب محبته، ومودته.

 

أسأل الله أن يعيننا على حقوق نسائنا، وأن يعين نساءنا على أداء حقوقنا! أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم، ولجميع المسلمين، من كل ذنب؛ فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم!

 

(الخطبة الثانية)

الحمد لله أمر بتقواه، وأخبر أن من اتقاه وقاه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه، وعلى آله وصحبه، وسلم تسليمًا كثيرًا.

 

معاشر المسلمين، قبل مواصلة حديثنا عن حقوق الأزواج على زوجاتهم، نحب تنبيه بعض الأزواج الذين يسمعون هذه الحقوق التي لهم، ونقول: أيها الأزواج، إنَّ أمْرَ الله لزوجتك بطاعتك، وتخويفها، وترهيبها من مخالفتك في فراشك، لَيَجعلك تستشعر حقها، وترأف بها وترحمها؛ خاصةً وقت حاجتك منها، فإذا كانت مريضة - مثلًا- فلا تكلفها، وتتعبها، وإذا كانت غريزتك فوق طاقتها؛ فلا تشق عليها، ولكن اشغل نفسك بما يخفف رغبتك فيها، فهي إنسانٌ لها وعليها.

 

كذلك إياك ثم إياك أن تطلب منها ما حرمه الله عليك وعليها، بأن تأتيها في مكانٍ لا يحل لك منها؛ كدُبرها، أو في أيام حيضها، وإن فعلت فإنك ملعون، فقد قال عليه الصلاة والسلام كما روى أبو داود وصححه الألباني رحمه الله: «ملعونٌ من أتى امرأةً في دبرها»[18].


وقال في روايةٍ أخرى - كما صحح ذلك الألباني - رحمه الله: «ملعون من أتى حائضًا، أو امرأة في دبرها! ومن أتى كاهنا فقد كفر بما أنزل على محمد!»[19].

 

ولعلكم تعجبون أو تستغربون من طرق وذكر هذه الفاحشة المنكرة على مسامعكم الطاهرة، فأقول: وأنا والله أعجب مثلكم، ولولا أمانة التبليغ لاستحييت من عرض هذا الكلام على مسامعكم، لكني والله ما زلت أسمع بين الحين، والآخر، ويصلني ذلك بطريقةٍ، وبأخرى - أن هناك من بعض المعكوسين من يُكره امرأته على إتيانها في دبرها، ويهددها وقد يضربها.

 

ألا قاتل الله أصحاب الشهوات البهيمية الذين يستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير، والأقذار، والأنجاس، والأماكن الممنوعة، بالأماكن الطاهرة المباحة المشروعة.

 

ولعل هؤلاء قد يعبرون بذلك عن دناءتهم، وسوء أفعالهم، ودسائسهم قبل زواجهم بزوجاتهم.

 

فيا من يفعل ذلك أبشر بلعنة الله لك، أبشر بلعنة الله لك من فوق سماواته، وإن طاوعته المرأة، وشاركته في قذاراته، فقد تشاركه في اللعن، وفي الوعيد وتبعاته!

 

لا يجوز للمرأة أن تمكِّن زوجها من إتيانها في المكان الذي حرمه الله عليه وعليها، نعم لا يجوز لها ذلك وإن هدَّدها بفراقها وطلاقها، فإنه لا طاعة لمخلوقٍ في معصية الخالق.

 

وهذا الموضوع قد يتحرج منه كثيرٌ من الناس، فأقول: لهذا طرقته، وطرحته، وعرضته، فإن كثيرًا من النساء قد تشكو وتعاني من هذه القضية، ومن شناعة هذه الفاحشة المنكرة، لكنها تستحيي من ذكرها، ولا تدري لمن تشتكيها، أو تسأل عنها، ولعلها تجلس زمنًا عند زوجها، وقد يصبح الأمر هينًا ومهينًا عندها، ولا يُكتشَف أمرها إلا بعد ما تحصل هناك مشكلةٌ بينها وبين زوجها، فتخرج أسراره، ويخرج أسرارها؛ سأل الله الستر والعافية!

 

كذلك من حقوق الزوج على زوجته أن تحفظه في نفسها، وماله في حال غيابه عنها، وأن تصون ماله عن التبذير، وشراء ما لا يتناسب مع حالته، وقدرته، فهي مسؤولة عن مال زوجها؛ فلقد روى البخاري، ومسلم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «والمرأة راعيةٌ في بيت زوجها، ومسؤولةٌ عن رعيتها»[20].

 

وسُئل عليه الصلاة والسلام: عن خير النساء؟ فقال: «هي التي تحفظك في غيبتك في نفسها، ومالك» [21].

 

نعم، إن من علامة خيرية المرأة: أن تحافظ على مال زوجها، وتحافظ على نفسها، وعرضها، في حال غياب زوجها عنها، كذلك تحافظ على مال زوجها، في حال غياب زوجها عنها، وفي حال إقامته معها، فإذا وضع عندها مالًا، أو أرسل لها من غربته شيئًا، فلا بد أن تحفظه، ولا تأخذ منه إلا ما يسد حاجتها، وتستشعر فيه تعب زوجها، وبعده عنها، فهو ما اغترب، وابتعد عنها، وعن أولادها إلا من أجل أن يوفر لهم لقمة عيشهم، وألا يجعلهم يلجؤون، أو ينظرون إلى غيرهم.

 

ولعله قد يحرم نفسه من أشياء أو مآكل ومشارب يحبها ويشتهيها، لكنه يَحرم نفسه منها من أجل أن يرجع إلى بلده، ويعمل له مصدرًا وسببًا لرزقه ورزق أولاده.

 

وللأسف بعض النساء تعامل زوجها كأنه عدوها، أو غريمها، وكأنها تريد أن تنتقم منه من خلال كثرة مطالبها، وتَعَدُّد حوائجها، فترى بعض الناس له زمنٌ في غربته، ومع ذلك ما استطاع أن يبني له بيتًا، أو يقضي عنه دينًا، أو حتى يعيش كجيرانه، أو بقية أسرته، فإذا ما أرسل لها مالًا يكفيها طول شهرها؛ فما هي إلا أيام وإذا بها ترسل له قائمة من الطلبات، وتأتيه بالمنغِّصات والمزعجات، فلا هو سلم منها في بلده، ولا في حال بعده وغربته، فليس هؤلاء من خيار النساء، ليس هؤلاء من خيار النساء، كذلك تحفظ ماله إذا كان معها، بحيث لا تكثر من طلباتها، وتعدُّد رغباتها، فلا تكلفه فوق طاقته، ولا فيما يتناسب مع وضعه وحالته.

 

إياك أيتها المرأة أن تشعري زوجك، أو يشعر منك بعدم الرفق بماله، أو بعدم الرحمة بجهده، وتعبه.

 

إياك إذا وضع عندك مالًا لقوته وقوت أولاده - أن تفرِّقيه وتمزِّقيه بما لا يعود نفعه عليك، وعلى أولادك، واعلمي أن هذا المال ما وصل إليك إلا من تعب وكد زوجك.

 

نقول هذا الكلام لأننا نسمع كثيرًا من الأزواج يئنون من زوجاتهم لعدم حفظهن لأموالهم.

 

أحدهم يقول: قد مضى على غربتي سنوات وما شعرت أني وفَّرت لي شيئًا يعود لمستقبل أولادي، والسبب أن زوجتي تنزفني بكثرة مطالبها، فإن أبيت أن أعطيها حركت مشاعري، وأسالت دموعي، وجعلت أولادي هم الذين يطالبونني استغلالًا لعاطفتي وبعدي عن أولاد.

 

وآخر يقول: زوجتي كثيرًا ما تذكر لي أن فلانة أو بيت فلان معهم ومعهم، أو ما معنا مثلهم.


وآخر يقول: إني أشتري حاجات وضروريات بيتي التي تكفيني إلى أن أستلم مرتبي، أو إيجار بيتي، فبسبب تبذيرها، وعدم تدبيرها لطعامنا وحاجاتنا، ما إن ينتصف الشهر إلا وقد كتبت لي قائمة مليئة بالحاجات والطلبات.

 

ومنهم من يقول: إن مدخولي الشهري لا يساوي عشر مدخول جارتها، أو زوج أختها، أو بيت أبيها، ومع ذلك كلما اشتروا شيئًا طلبت مني أن أشتري لها مثلهم، أو أكسو أولادي ككسوتهم، وقد تعيرني بفقري، وقلة مالي.

 

وكم وكم هي الصور والمواجع التي يتوجع الأزواج من زوجاتهم، بعدم حفظهن لأموالهم والرفق بهم، فليس هؤلاء من خيار النساء، فالمرأة الخيِّرة هي التي تحافظ على مال زوجها، ولا تخرج منه إلا ما أَذِنَ ورضِي لها، بل إن من حسن عشرتها لزوجها أن تستأذنه حتى في المال الخاص بها، فقد قال رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-: «وليس للمرأة أن تنتهك شيئًا من مالها إلا بإذن زوجها»، فالمرأة قد لا تُحسن التصرف بمالها، فقد تبيع حُليَّها، أو إرثًا ورثته عن أبيها، فتشتري به ما لا يعود عليها نفعها، بل قد يضرها.

 

ولا نعني بذلك أن يكون الزوج شحيحًا مع زوجته، وأن يحاسبها عن كل صغيرة، وكبيرة، ولا نعني بذلك إقرار ما يفعله بعض الأزواج حين يأكل ويشرب بالآلاف، ثم يحاسب زوجته على دقائق الأشياء التي صرفتها من ماله، أو أن يأكل ويشرب ما اشتهت نفسه، ثم يترك زوجته وأولاده يعانون قسوة الحياة، وشظف العيش، لا ولا، ولكن قد جعل الله لكل شيءٍ قدرًا، وكلكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيته.

 

كذلك من حق الزوج على زوجته: أن تحفظه في حال غيابه عنها.


فإن المرأة الحرة الحصينة هي التي تعلم أنها لزوجها، وأن زوجها لها، فإذا استشعرت ذلك، فعليها أن تحفظ نفسها وعفَّتها وعفافها، فلا تبدي زينتها إلا لزوجها، ولا تخضع بصوتها إلا لشريك حياتها، ولا تعرض مفاتنها إلا لمن جعله الله لباسا لها، فإذا كان زوجها مسافرًا عنها، فلا تفعل ما يغضبه، ولا تخرج إلا بإذنه، وإذا خرجت فلتحافظ على عفافها وحيائها، ولا تلبس ما يظهر مفاتنها، وإذا أرادت أن تشتري شيئًا، فلا تكثر من الكلام مع الرجال الأجانب عنها، وتمازحهم ليفتتنوا بها، أو تخضع لهم بالقول ليخفضوا الأسعار لها، وإذا ذهبت مكانًا فلا تنزع ثيابها في غير بيت زوجها، قل مثل ذلك: النظر إلى الرجال الأجانب عبر جوالها، أو شاشة بيتها، هذا كله من حفظها لزوجها، ومن حفظها كذلك لزوجها ألا تُخرج أخباره، وتفشي أسراره، حتى مع أقرب الناس إليها؛ لأن زوجها هو الذي سيبقى لها، وستعيش معه حلوَ الحياة ومرَّها.

 

فبعض النساء ما إن تجلس مع أمها، أو أحد أقاربها، بل حتى إحدى صديقاتها إلا وتخرج جميع أسرار زوجها، حتى - للأسف - تتكلم عن أمر الفراش الذي بينها وبين زوجها.

 

ألا فاتقي الله أيتها الزوجة، واحفظي زوجك في ماله، وعرضه، وجميع أسراره؛ لتكوني من خيار النساء اللاتي وصفهن رسول الله صلى الله عليه وسلم بخيار النساء.

 

من حق الزوج على زوجته أن تَقَر في بيتها، وألا تخرج بغير إذن زوجها، والأصل في قراراها قول الله تعالى: ﴿ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ ﴾ [الأحزاب: 33]، وقوله عليه الصلاة والسلام كما عند الترمذي، وصححه الألباني رحمهما الله عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: «إن المرأة عورة، فإذا خرجت استشرفها الشيطان، وأقرب ما تكون من رحمة ربها وهي في قعر بيتها»[22].

 

وإن من صفات المرأة المطيعة لزوجها هي التي ليست بخراجة، ولا ولَّاجة أي: لا تكثر من الدخول، ولا من الخروج من بيتها.

 

وإن المرأة العاقلة الرشيدة هي التي تمتثل أمر ربها، وتجعل البيت قرارها، ومقرها، هي التي تعلم أن البيت للمرأة كالقوقعة بالنسبة لجوهرتها، تزداد فيه ضياءً، وبهاءً، ونورًا، وجمالًا، وحين تخرج منه يخبو نورها، ويتضاءل ضياؤها، ويذهب حسنها، وجمالها، فالبيت حصن المرأة الحصين، وملجؤها الأمين.


فاجعلي البيت قرارك أيتها المرأة، فإذا ما دعتكِ الحاجة لأن تخرجي؛ فليكن خروجُك بإذن زوجكِ، وأشعريه بوجهتكِ، ومقصد خروجِكِ، وإياك أن تكثري؛ فإن ذلك لا يتناسب مع قرارك الذي هو أمر ربكِ سبحانه وتعالى.

 

وإلى الله المشتكى من نساء هذا الزمان، فلقد أصبحنا نراهن في كل مكان، فبعض النساء لا يقر لها قرار، ولا يهدأ لها بال؛ إن لم تخرج يومًا من بيتها، فتراها في الأسواق التجارية، والمحلات، وصالات الأعراس، والمناسبات، وربما كل يوم وهي في بيت واحدةٍ من جيرانها، وأحسنهن هي التي تذهب إلى بيت أهلها، حتى أصبح استئذان الزوجة من زوجها في هذا الزمان نسيًا منسيًّا.

 

ولا نعني بذلك منع النساء من خروجهن من بيوتهن، فقد تحتاج المرأة أحيانًا لأن تخرج لمرضٍ، أو زيارةٍ، أو صلاة، أو سماع خطبة ومحاضرة، أو غير ذلك.

 

أما أن يكون الخروج ديدنها، فيومًا عند أهلها، ويومًا عند جارتها، ويومًا في السوق لتشتري بعض حاجتها، ويومًا في عرس صاحبتها، حتى أصبح بعض النساء يتفقن مع بعضهنَّ، ويجعلنا لأنفسهن جدولًا لعدد أيام أسبوعهن، فيومًا عند فلانة، ويومًا في سوق أو زيارة، وهكذا.... والله المستعان.

 

فالله الله أيتها المرأة، فليس هذا من الأدب، والمعاشرة بالمعروف مع أزواجكن، ومن جعل الله له القوامة عليكن، أسال الله أن يهدينا، وإياكن.

 

كذلك من حق الزوج على زوجته: ألا تدخل بيته أحدًا يكرهه إلا بإذنه، ولو كان من أقاربها أو أقاربه، فقد روى الإمام مسلم رحمه الله عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ولكم عليهن ألا يوطئن فرشكم أحدًا تكرهونه»[23].

 

فالرجل له القوامة على بيته، وعلى زوجته، فمن حقه أن يدخل بيته من شاء، ويمنع من شاء، فإذا منع الزوج زوجته من إدخال أحدٍ من أقاربها، أو أقاربه؛ فلا يجوز لها أن تخالفه في ذلك، فقد يعلم الزوج مثلًا أن أحدًا من أقارب زوجته إذا دخل بيته أفسد عليه زوجته بأي نوعٍ من أنواع الإفساد؛ فيضطر إلى أن يمنعها من إدخاله.

 

فالمرأة ضعيفة، وسريعة العاطفة، فقد يدخل عليها أخوها ويملأ قلبها على زوجها، أو تدخل عليها أمها، وتعلمها، وتحرِّضها على أن تكثر المطالب على زوجها، ويجعلها كفلانة من أقاربها، أو قد تكون لها صاحبة من جيرانها، أو من أهل حيها وهي سيئةٌ بسمعتها، ومشهورةٌ بقلة حيائها، فتتأثر الزوجة بمن دخل بيتها، فمن حق الزوج أن يمنعها، فإن لم تفعل فهي عاصيةٌ لزوجها، ومخالفةٌ لأمر نبيها عليه الصلاة والسلام.

 

ولا ينبغي للزوج أن يمنع زوجته أن تُدخل أحدًا من أقاربها؛ إلا إذا خشي فسادها، أو إفسادها، أما بدون ذلك فليتق الله فيها، فإنه سيجلب لها العداوة مع أهلها، ولعلها ستكون كالطريدة بين أقاربها.


كذلك من حق الزوج على زوجته القيام بخدمة بيته، وإعداد طعامه، وشرابه، فهذا من المعاشرة بالمعروف، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «فيجب على المرأة خدمة زوجها بالمعروف، من مثلها لمثله، ويتنوع ذلك بتنوع الأحوال، فخدمة البدوية ليست كخدمة القروية، وخدمة القوية ليست كخدمة الضعيفة»[24]، ولا شك أن هذا من مقتضى الحياة الزوجية، فكما أن الزوج يكد، ويتعب، في السعي وراء رزق أولاده، وعول عائلته، كذلك المرأة تتعب في خدمة زوجها، والقيام على بيتها، وتربية أولادها، وهذا ما كانت عليه الحياة في زمن، وعهد نبينا عليه الصلاة والسلام؛ فلقد روى البخاري رحمه الله عن أسماء بنت أبي بكرٍ الصديق رضي الله عنها، قالت تزوجني الزبير، وما له في الأرض من مالٍ، ولا مملوك، ولا ناضح، غير فرسه، فكنت أعلف فرسه، وأستقي الماء، وكنت أنقل النوى من أرض الزبير التي أقطعه رسول الله صلى الله عليه وسلم على رأسي، وهي مني على ثلثي فرسخ، فجئت يومًا والنوى على رأسي، فلقيت رسول الله عليه الصلاة والسلام ومعه نفرٌ من الأنصار[25].

 

وروى البخاري رحمه الله أن فاطمة رضي الله عنه كانت تشكو من يدها وهي تخدم عليًّا رضي الله عنه، كانت تشكو التعب الذي تعانيه من خدمة زوجها، وهذا يدل على أن ذلك من حق الزوج على زوجته، فعلى المرأة أن تخدم زوجها، وتعتني بنظافة بيتها، وإعداد الطعام لزوجها وأولادها[26].

 

ويستحب للرجل أن يقوم بخدمة أهله، ويعينها في خدمة بيتها، فهذا لا ينقص من رجولته، ولا من قوامته، بل هو دليلٌ على حسن عشرته، ومودته لزوجته؛ فقد كان عليه الصلاة والسلام يقوم بخدمة أهله، كما تقول عائشة رضي الله عنها.

 

كذلك من حق الزوج على زوجته - وبها نختم حديثنا - أن تشكره، وتعترف بفضله، وبإحسانه، فهو الذي يطعمها، ويكسوها، ويتعب من أجلها، ويقوم على مرضها ودوائها، ومدة حياته معها وهو قائمٌ بحقها.

 

فواجبٌ عليها أن تشكره، وتذكره، وتعترف بخيره، وإحسانه، وإن لم تفعل فقد عرضت نفسها لعقوبة ربها، بأنَّ الله لا ينظر إليها؛ فقد قال عليه الصلاة والسلام فيما صححه الألباني رحمه الله: «لا ينظر الله تبارك وتعالى إلى امرأةٍ لا تشكر لزوجها، وهي لا تستغني عنه!»[27].

 

فإياك أيتها المرأة أن تكوني ناكرةً للعشرة وجاحدةً للنعمة، إياك أن تكوني كبعض النساء اللاتي يحسن إليها زوجها، ويلبي رغباتها، ويؤدي حقوقها، واحتياجاتها، ويظل محسنًا زمنًا وعمرًا معها، ثم إذا ما قصر عليها يومًا بشيء أنكرت، وجحدت، وكفرت العشير، وقالت ما أخبر به النبي عليه الصلاة والسلام: «ما رأيت منك خيرًا قط!»[28]، والله المستعان.


ما أحوج النساء، خاصةً في هذا الزمان، وهذه الأيام، في ظل هذه الأوضاع التي أوجعت كثيرًا من الأزواج، وقهرت كثيرًا من الرجال، إلى أن تظهر المرأة جلدها، وتصبر على زوجها.

 

فكم سمعنا عن امرأةٍ تنكرت لزوجها، وطلبت منه أن يطلقها، عندما انقطع عن عمله، أو عن وظيفته، وهو الذي عاش معها سنوات من عمرها، وصبر على اعوجاجها، وتقلب معها بين حلو الحياة ومرها.

 

فالحذر أيتها المرأة من النكران، والكفران، الحذر من النكران والكفران فتخسري زوجك، وتبأسي بحياتك، فقد أثبتت الدراسات: أن أسعد النساء مع أزواجهن هن الشاكرات لهم، المعترفات بفضلهم.

 

ختامًا، أيتها المرأة العاقلة، أيتها الزوجة الفاضلة، إنما سمعتيه من هذه الحقوق التي تجب عليك تجاه زوجك، وشريك حياتك، وسكنك ولباسك، ليست صادرةً من قوانين غربية، أو أحكامٍ وضعية، ليس منبعها ممن يدَّعون زورًا وتضليلًا بالحقوق الإنسانية، إنما هي صادرةٌ عن رب البرية، وعن رسوله أرحم الخلق بالبشرية، فاجعلي هذه الحقوق فوق رأسك، ولتَطِبْ بها نفسُك، وينشرح لها صدرك؛ لتؤدي حق زوجك بكل إذعانٍ وتسليمٍ واطمئنان.

 

إياك وإيانا جميعًا أيها الناس أن نفهم من عرض هذه الحقوق هو تجبر، وتكبر الرجال على النساء، واستضعافهن، وإذلالهن، وبخسهن من حقوقهن، لا وكلا، وألف كلا؛ فلهن حقوق، وعليهن حقوق، وقد ذكرنا قبلُ بعض حقوقهن، وأفردنا هذه الجمعة بالحقوق التي عليهن، وسنتحدث في الخطبة القادمة - إن شاء الله - عن الحقوق المشتركة بينهن وبين أزواجهن.

 

أسأل الله العظيم بمنه، وكرمه: أن يصلحنا، وأن يصلح نساءنا! نسأل الله أن يصلحنا لنسائنا، وأن يصلح نساءنا لنا، وأن يجعل هذه الخطبة وما سيأتي بعدها سببًا للحياة الهانئة بين الأزواج والزوجات، وأن يجعل حياتهم عامرةً بالطاعات، والقربات...



[1] تفسير ابن كثير (2/ 293).

[2] رواه أحمد (7421)، والنسائي (3231).

[3] مجموع فتاوى ابن تيمية (32/ 275).

[4] رواه ابن ماجه (1853)، وصححه الألباني.

[5] رواه ابن حبان في صحيحه (4164).

[6] رواه ابن ماجه (1853).

[7] رواه أحمد (19403).

[8] رواه الترمذي (360).

[9] رواه أحمد (19003).

[10] رواه أحمد (1661).

[11] رواه أبو نعيم في الحلية (5/ 198).

[12] رواه ابن أبي شيبة في المصنف (17416).

[13] رواه مسلم (1436).

[14] رواه البخاري (5193)، ومسلم (1436).

[15] رواه الترمذي (1160).

[16] رواه ابن حبان (5572)، والترمذي (1158).

[17] رواه مسلم (1006).

[18] رواه أحمد (10206)، وأبو داود (2162).

[19] رواه الترمذي (135).

[20] رواه البخاري (893).

[21] رواه الطبراني (386).

[22] رواه الترمذي (1173).

[23] رواه مسلم (1218).

[24] مجموع فتاوى ابن تيمية (34/ 91).

[25] رواه البخاري (5224)، ومسلم (2182).

[26] رواه البخاري (5361)، ومسلم (2727).

[27] رواه الحاكم في مستدركه (2771).

[28] رواه البخاري (5197)، ومسلم (907).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • حق الزوجة
  • حق الزوج
  • حق الزوج على الزوجة
  • خطبة حق الزوج
  • حق الزوج على المرأة
  • أروع ما قالته زوجة لزوجها
  • صفات الزوج الصالح والزوجة الصالحة

مختارات من الشبكة

  • عظمة الشمس من عظمة خالقها(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • تفسير: (ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التبيان في بيان حقوق القرآن (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مسائل عظام في حق التشريع(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإخلاص في الذكر عند قيام الليل والأذان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حق النبي صلى الله عليه وسلم على أمته (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • منهج فهم معاني الأسماء الحسنى والتعبد بها (2) الملك(مقالة - موقع د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري)
  • حق القرآن الكريم (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حق الزوجة وحق الزوج(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • الفرق بين حق الأم وحق الزوجة(استشارة - موقع الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 23/11/1446هـ - الساعة: 18:47
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب