• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    سورة الكافرون.. مشاهد.. إيجاز وإعجاز (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    من آداب المجالس (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطر الميثاق
    السيد مراد سلامة
  •  
    أعظم فتنة: الدجال (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    فضل معاوية والرد على الروافض
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    ما جاء في فصل الشتاء
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرحمن، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    تفسير: (فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تخريج حديث: إذا استنجى بالماء ثم فرغ، استحب له ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    اختر لنفسك
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون (خطبة) - باللغة ...
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / عقيدة وتوحيد / الكتب السماوية والرسل
علامة باركود

صفات النبي - صلى الله عليه وسلم - الخلقية والخلقية

صفات النبي - صلى الله عليه وسلم - الخلقية والخلُقية
الشيخ سعيد بن علي بن وهف القحطاني

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 24/12/2013 ميلادي - 20/2/1435 هجري

الزيارات: 640729

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

صفات النبيِّ - صلى الله عليه وسلم- الْخَلْقِيّة والْخُلُقيّة


الخطبة الأولى

إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضِلَّ له، ومَنْ يُضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله؛ صلى الله عليه وعلى آله، وأصحابه، وسَلّم تسليمًا كثيرًا.

 

أَمّا بعد: عباد الله:

اتقوا الله تعالى، واعلموا أنه يجب على كل مسلم ومسلمة معرفة النبي - صلى الله عليه وسلم - التي هي من الأصول الثلاثة، التي يجب على كل مسلم ومسلمة تعلمها، والعمل بها، ويُسأل عنها في قبره. ومن هذه المعرفة معرفة صفاته الْخَلْقِيّة والْخُلُقيّة.

 

فقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - أحسن الناس خَلْقًا وخُلُقًا، وألينهم كفًّا، وأطيبهم ريحًا، وأكملهم عقلًا، وأحسنهم عشرة، وأعلمهم بالله وأشدهم له خشية[1]، وأشجع الناس، وأكرم الناس، وأحسنهم قضاء، وأسمحهم معاملة، وأكثرهم اجتهادًا في طاعة ربه، وأصبرهم وأقواهم تحمّلًا، وأخشعهم لله قلبًا، وأرحمهم بعباد الله تعالى، وأشدهم حياء، ولا ينتقم لنفسه، ولا يغضب لها؛ ولكنه إذا انتُهِكت حرمات الله، فإنه ينتقم لله تعالى، وإذا غضب لله لم يقم لغضبه أحد، والقوي والضعيف، والقريب والبعيد، والشريف وغيره عنده في الحق سواء، وما عاب طعامًا قط إن اشتهاه أكله، وإن لم يشتهه تركه، ويأكل من الطعام المباح ما تيسر ولا يتكلف في ذلك، ويقبل الهدية ويكافئ عليها، ولا يقبل الصدقة، ويخصف نعليه ويرقع ثوبه، ويخدم في مهنة أهله، ويحلِبُ شاته، ويخدِمُ نفسه، وكان أشد الناس تواضعًا، ويجيب الداعي: من غني أو فقير، أو دنيء أو شريف، وكان يحب المساكين ويشهد جنائزهم ويعود مرضاهم، ولا يحقر فقيرًا لفقره، ولا يهاب مَلِكًا لِمُلْكِهِ، وكان يركب الفرس، والبعير، والحمار، والبغلة، ويردف خلفه، ولا يدع أحدًا يمشي خلفه[2]. وخاتمه فضة وفصه منه، يلبسه في خنصره الأيمن وربما لبسه في الأيسر، وكان يعصب على بطنه الحجر من الجوع، وقد آتاه الله مفاتيح خزائن الأرض، ولكنه اختار الآخرة.

 

وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليس بالطويل البائن[3]، ولا بالقصير، ولا بالأبيض الأمهق[4]، ولا بالأدم[5]، ولا بالجعد القطط[6]، ولا بالسَّبط[7] - صلى الله عليه وسلم - [8]، وكان ضخم القدمين حسن الوجه[9]، أبيض مليح الوجه[10]، وكان رجلًا مربوعًا بعيد ما بين المنكبين، عظيم شعر الجُمَّة إلى شحمتي أذنيه، وفي وقت إلى منكبيه، وفي وقوتٍ إلى نصف أذنيه، كث اللحية، شثن الكفين والقدمين[11]، ضخم الرأس، ضخم الكراديس[12]، طويل المَسْربة[13]، إذ مشى تكفّأ تكفؤًا كأنما ينحط من صببٍ[14]، لم يُرَ قبله ولا بعده مثله، وكان عظيم الفم، طويل شِق العين، قليل لحم العقب، منظره أحسن من منظر القمر، وجهه مثل القمر، وخاتم النبوة بين كتفيه: غدّة حمراء مثل بيضة الحمامة، وقيل: الخاتم شعرات مجتمعات بين كتفيه، وكان يفرق رأسه، ويدَّهن، ويعفي لحيته ولا يأخذ منها شيئًا، ويُسرّحها، ويأمر بتوفيرها وإيفائها، وإعفائها، وكان يأمر بالاكتحال بالإثمد عند النوم، ويقول: "عليكم بالإثمد عند النوم؛ فإنه يجلو البصر ويُنبت الشعر"[15]. وقال: "إن خير أكحالكم الإثمد، يجلو البصر، ويُنبت الشعر"[16]، وكان قليل الشَّيب في رأسه وفي لحيته إذا ادَّهن لم يُرَ شيبه، وإذا لم يدَّهن رُؤي منه شيء، كان شيبه نحوًا من عشرين شيبة بيضاء، وكان يقول: "شيَّبتني هود وأخواتها"، وفي لفظ: "شيّبتني: هود، والواقعة، والمرسلات، وعمَّ يتساءلون، وإذا الشمس كُوِّرت"[17]، وشَيْبُهُ أحمر مخضوبًا، وكان يُحبّ لبس القميص، والحَبِرَة[18]، وكان يلبس العمامة، والإزار، وإزاره إلى نصف ساقه[19]، وكان يحب الطيب، ويقول: "طيب الرجال ما ظهر ريحه وخفي لونه، وطيب النساء ما ظهر لونه وخفي ريحه"[20].

 

وكان - صلى الله عليه وسلم - يتجمَّلُ للعيد، والوفود، ويُحِبّ النظافة، وكان يكره أن يقوم له أحد؛ فلا يقوم له الصحابة؛ لعلمهم بكراهته لذلك[21]، وكان يُحِبّ السّواك، ويبدأ به إذا دخل بيته، ويشوص فاه بالسواك إذا قام من الليل، وكان ينام أول الليل ثم يقوم يصلي، وكان يطيل صلاة الليل حتى تنتفخ قدماه، ثم يُوتِرُ آخر الليل قبل الفجر، وكان يُحِبّ أن يسمع القرآن من غيره، وكان يعود المرضى، ويشهد الجنائز ويصلي عليهم، وكان كثير الحياء، وكان إذا كره شيئًا عُرِف في وجهه، وكان يُحِبّ الستر، وكان يتوكل على الله حقَّ توكُّلِهِ؛ لأنه سيد المتوكّلين، قال أنس - رضي الله عنه -: خَدَمْتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - عشر سنين فما بعثني في حاجةٍ لم أُتِمَّها إلا قال: "لو قُضِيَ لكان" أو "لو قُدِّر لكان"[22]، ومع هذا فقد كان يأخذ بالأسباب. وكان لا يغدر وينهى عن الغدر، وقد حفظه الله تعالى من أمور الجاهلية قبل الإسلام[23]، ورعى الغنم في صغره وما من نبيٍّ إلاّ رعاها[24]، وكان الحجر يسلم عليه قبل البعثة[25].

 

وله - صلى الله عليه وسلم - أسماء، قال - صلى الله عليه وسلم -: "أنا محمد، وأنا أحمد، وأنا الماحي الذي يُمحى بي الكفر، وأنا الحاشر الذي يُحشر الناس على عَقِبِي[26]، وأنا العاقب"، والعاقب الذي ليس بعده نبي[27].

 

وقال - صلى الله عليه وسلم -: "أنا محمد، وأحمد، والمُقفِّي[28]، والحاشر، ونبي التوبة، ونبي الرحمة"[29]، وكنيته أبو القاسم[30]، بعثه الله ليتَمِّمَ مكارم الأخلاق[31].

 

وذكر الله تعالى اسمه في القرآن في مواضع فقال تعالى: ﴿ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ ﴾[32]، وقال سبحانه: ﴿ مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا ﴾[33]، وقال عز وجل: ﴿ šوَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ ﴾ [34]، وقال سبحانه: ﴿ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [36].

 

وكان يكثر الذكر، دائم الفكر، ويقل اللغو، ويطيل الصلاة، ويقصر الخطبة، ويحب الطيب ولا يرده، ويكره الروائح الكريهة، وكان أكثر الناس تبسمًا، وضحك في أوقاتٍ حتى بدت نواجذه[37]، قال جرير - رضي الله عنه -: ما حجبني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منذ أسلمت، ولا رآني إلا تبسَّمَ في وجهي، ولقد شكوت إليه أَنِّي لا أثبت على الخيل، فضرب في صدري، وقال: "اللهم ثبّته، واجعله هاديًا مهديًّا"[38] ويمزح ولا يقول إلا حقًّا، ولا يجفو أحدًا، ويقبل عذر المعتذر إليه، وكان يأكل بأصابعه الثلاث ويلعقهن، ويتنفس في الشرب ثلاثًا خارج الإناء، ويتكلم بجوامع الكلم، وإذا تكلم تكلَّم بكلامٍ بيِّنٍ فَصْلٍ، يحفظه من جلس إليه، ويعيد الكلمة ثلاثًا إذا لم تفهم حتى تُفهم عنه، ولا يتكلم من غير حاجة، وقد جمع الله له مكارم الأخلاق ومحاسن الأفعال، فكانت معاتبته تعريضًا، وكان يأمر بالرفق ويحثّ عليه، وينهي عن العنف، ويحث على العفو والصفح، والحلم، والأناة، وحسن الخلق ومكارم الأخلاق، وكان يحب التيمن في طهوره وتنعُّله، وترجُّله، وفي شأنه كله، ونهى عن الترجل إلا غبًا، وكانت يده اليسرى لخلائه وما كان من أذى، وإذا اضطجع اضطجع على جنبه الأيمن، ووضع كفه اليمنى تحته خده الأيمن، ويقول: أذكار النوم، وإذا عرَّس[39] قُبيل الصبح نصب ذراعه ووضع رأسه على كفه، وكان مجلسه: مجلس علم، وحلم، وحياء، وأمانة، وصيانة، وصبر، وسكينة، ولا ترفع فيه الأصوات، ولا تنتهك فيه الحرمات، يتفاضلون في مجلسه بالتقوى، ويتواضعون، وَيُوَقِّرون الكبار، ويرحَمُون الصغار، ويؤثرون المحتاج، ويخرجون دعاة إلى الخير، وكان يجلس على الأرض، ويأكل على الأرض، وكان يمشي مع الأرملة والمسكين، والعبد، حتى يقضي له حاجته. ومر على الصبيان يلعبون فسلَّم عليهم، وكان لا يصافح النساء غير المحارم، وكان يتألف أصحابه ويتفقدهم، ويكرم كريم كل قوم، ويُقبل بوجهه وحديثه على من يُحدثه، حتى على أشرِّ القوم يتألفهم بذلك، وخدمه أنس - رضي الله عنه - عشر سنين قال: (فما قال لي أُفٍّ قطّ، وما قال لي لشيء صنعته لِمَ صنعته، ولا لشيء تركته لِمَا تركته، وكان من أحسن الناس خُلُقًا ولامسست خزًّا، ولا حريرًا، ولا شيئًا كان ألين من كفِّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا شممت مسكًا قطّ ولا عطرًا أطيب من عرق النبي - صلى الله عليه وسلم -)[40]. ولم يكن فاحشًا ولا متفحشًا ولا صخَّابًا[41]، ولا يجزي بالسيئة السيئة بل يعفو ويصفح ويحلم، ولم يضرب خادمًا ولا امرأة ولا شيئًا قط، إلا أن يجاهد في سبيل الله تعالى، وما خُيِّر بين شيئين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثمًا، فإن كان إثمًا كان أبعد الناس عنه.

 

وقد جمع الله له كمال الأخلاق ومحاسن الشيم وآتاه من العلم والفضل وما فيه النجاة والفوز والسعادة في الدنيا والآخرة ما لم يؤت أحدًا من العالمين، وهو أُمٌّي لا يقرأ ولا يكتب، ولا معلم له من البشر، واختاره الله على جميع الأولين والآخرين، وجعل دينه للجن والناس أجمعين إلى يوم الدين، فصلوات الله وسلامه عليه صلاةً وسلامًا دائمين إلى يوم الدين؛ فإن خلقه كان القرآن[42].

 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ﴾[43] بارك الله لي ولكم في القرآن والسنة ونفعني وإياكم بما فيهما من الآيات والحكمة، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين، فاستغفروه من كل ذنب إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليمًا كثيرًا.

 

أما بعد: عباد الله!

اتقوا الله تعالى، واعلموا أنه ينبغي الاقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم - والتأسي به في جميع أعماله، وأقواله، وجدّه واجتهاده، وجهاده، وزهده، وورعه، وصدقه وإخلاصه، إلا في ما كان خاصًّا به، أو ما لا يُقدر على فعله؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "خذوا من الأعمال ما تطيقون فإن الله لا يَملُّ حتى تملُّوا[44]"[45]؛ ولقوله: "ما نهيتكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم"[46].

 

عباد الله! إن العبد المسلم مأمور بالاقتداء بهذا الرسول الرحيم ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾[47]، هذا وصلوا على الرحمة المهداة كما أمركم الله تعالى بذلك فقال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾[48]، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "مَن صلّى عليَّ صلاة صلى الله عليه بها عشرًا"[49]، اللهم صلِّ وسلِّم وبارك عليه، وارضَ اللهم عن أصحابه: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وعن سائر أصحاب نبيك أجمعين، وعَنّا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم أعزّ الإسلام والمسلمين، وأذلَّ الشرك والمشركين، واحمِ حوزة الدين، اللهم آمِنّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا، وجميع ولاة أمر المسلمين. اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات. اللهم اغفر لأمواتنا وأموات المسلمين، وأعذهم من عذاب القبر وعذاب النار، برحمتك يا أرحم الراحمين. اللهم إنا نسألك الهدى والتُّقى، والعفاف والغنى، اللهم اهدنا وسددنا، ﴿ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾[50].

 

عباد الله!

﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾[51]، فاذكروا الله العظيم يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم، ﴿ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾[52].



[1] ولهذا قال عبد الله بن الشَّخِّير: أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يصلي ولجوفه أزيزٌ كأزيز المِرجل من البكاء، أبو داود برقم 904، وصححه الألباني في مختصر الشمائل برقم 276، ومعنى: أزير المرجل: أي غليان القدر.

[2] أحمد 3/398، وابن ماجه برقم 246، والحاكم 4/481، وابن حبان موارد 2099، وانظر: الأحاديث الصحيحة برقم 1557.

[3] البائن: أي ليس بالطويل الطول الظاهر.

[4] الأمهق: أي ليس بالأبيض شديد البياض، وإنما أبيض مشرب بالحمرة.

[5] الأدم: الأسمر.

[6] القطط: الشعر فيه التواء وانقباض.

[7] السبط: الشعر المسترسل.

[8] مختصر شمائل، الترمذي برقم 1، وصححه الألباني. وهو في البخاري برقم 3549.

[9] البخاري، برقم 5908.

[10] مسلم، برقم 2340.

[11] عظيم الأصابع غليظها من الكفين والقدمين.

[12] الكراديس: رؤوس العظام.

[13] المَسرَبة: الشعر الدقيق الذي يبدأ من الصدر وينتهي بالسرة.

[14] الصبب: انخفاض من الأرض.

[15] الترمذي في الشمائل، وصححه الألباني في مختصر الشمائل، برقم 43، ص45.

[16] الترمذي في الشمائل، وصححه الألباني في مختصر الشمائل، برقم 44، ص45.

[17] مختصر الشمائل للترمذي، اختصره وصححه الألباني، برقم 34، 35.

[18] ثياب من نوع بُرُود اليمن، والبُرد: ثوب مخطط، ومحبّرة مزينة.

[19] مختصر شمائل الترمذي، برقم 97، وصححه الألباني.

[20] مختصر شمائل الترمذي برقم 188، وصححه الألباني.

[21] أحمد، 3/134.

[22] أحمد، 1/352 وهو صحيح.

[23] البخاري، برقم 3829، وأحمد 4/222.

[24] البخاري، برقم 2262، ورقم 3406.

[25] مسلم، برقم 2277.

[26] أي يحشر الناس على أثره، النهاية.

[27] البخاري، برقم 3532، ومسلم برقم 2354.

[28] المقفّي: الذي قفى آثار من سبقه من الأنبياء ﴿ ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آَثَارِهِمْ بِرُسُلِنَا... ﴾. [انظر: زاد المعاد، لابن القيم، 1/94].

[29] مسلم، برقم 2355، وشمائل الترمذي برقم 316 مختصر الألباني.

[30] البخاري، برقم 3537، ومسلم، 3/1682.

[31] أحمد، 2/381، برقم 8939.

[32] سورة آل عمران، الآية: 144.

[33] سورة الأحزاب، الآية: 40.

[34] سورة محمد، الآية: 2.

[35] سورة الفتح، الآية: 29.

[36] سورة الصف، الآية: 6.

[37] النواجذ: الأنياب، وقيل: [هي الضواحك التي تبدو عند الضحك] النهاية، 5/20.

[38] البخاري، برقم 3035، ورقم 3822، ورقم 6090.

[39] التعريس: نزول المسافر آخر الليل نزلةً للنوم والاستراحة. انظر: النهاية في غريب الحديث 3/206.

[40] البخاري، برقم 6038، ومسلم، برقم 2309، والترمذي في مختصر الشمائل، واللفظ له، برقم 296.

[41] الصّخَّاب: الصخب والسخب: الضجة واضطراب الأصوات للخصام، فهو - صلى الله عليه وسلم - لم يكن صخَّاباً في الأسواق ولا في غيرها. النهاية 3/14.

[42] تهذيب الأسماء واللغات للنووي، 1/25-26، و31-33، ومختصر الشمائل المحمدية للترمذي، اختصره وحققه الألباني، ص13-194.

[43] سورة التوبة، الآية: 128.

[44] البخاري مع الفتح، 4/213، برقم 1970، ومسلم 1/541، برقم 782.

[45] انظر: تهذيب السيرة النبوية للإمام النووي ص 56، ومختصر السيرة النبوية للحافظ عبدالغني المقدسي ص 77، وحقوق المصطفى للقاضي عياض 1/77 - 215، ومختصر الشمائل المحمدية للترمذي ص 112-188.

[46] البخاري برقم 7288، ومسلم برقم 2619.

[47] سورة الأحزاب، الآية: 21.

[48] سورة الأحزاب، الآية: 56.

[49] مسلم، برقم 384.

[50] سورة البقرة، الآية: 202.

[51] سورة النحل: الآية: 90.

[52] سورة العنكبوت: الآية: 45.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • صفات النبي -صلى الله عليه وسلم- الخلقية
  • من بصيرة النبي صلى الله عليه وسلم
  • كان النبي صلى الله عليه وسلم أبيض مليحا مقصدا
  • شخصية النبي وشأنه وأخلاقه وهديه وخصائصه

مختارات من الشبكة

  • صفات النبي صلى الله عليه وسلم الخلقية(مقالة - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)
  • إثبات أمية النبي صلى الله عليه وسلم صفة من صفاته ومعجزة من معجزاته(محاضرة - موقع الشيخ عبدالله بن صالح القصيِّر)
  • صفات النبي صلى الله عليه وسلم دلائل نبوته(محاضرة - موقع الشيخ د. عبدالله بن وكيل الشيخ)
  • صفات النبي صلى الله عليه وسلم ( الجزء الثاني )(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • صفات النبي صلى الله عليه وسلم ( الجزء الأول )(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • من صفات النبي صلى الله عليه وسلم(محاضرة - موقع الشيخ عبدالله بن صالح القصيِّر)
  • توحيد الأسماء والصفات واشتماله على توحيد الربوبية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من فضائل النبي: أكرم الله جبريل بأن رآه النبي صلى الله عليه وسلم في صورته الحقيقية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من فضائل النبي: استأذن ملك القطر ربه ليسلم على النبي صلى الله عليه وسلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • صفة الصلاة الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 


تعليقات الزوار
38- شكرا
حبيب الله - الجزائر 28-11-2016 07:51 PM

بارك الله فيك

37- حفظكم الله ويرعاكم
عماد الدين عجبنا - السودان 15-10-2016 04:42 PM

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

36- ما شاء الله
layal - السعوديه 22-09-2016 07:16 PM

ما شاء الله اللهم صل وسلم على سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام

35- الخطبة
أميرمحمدأحمدالعبيد - السودان 20-09-2016 04:14 PM

شكرا على هذه المعلومات الطيبة

34- لا إله إلا الله محمد رسول الله
سالم علي بن مسلم - اليمن 23-08-2016 09:57 AM

لا إله إلا الله محمد رسول الله ( صلى الله عليه وسلم)

33- اللهم صل وسلم عليه
tamara - lebanon 13-01-2016 03:53 AM

اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..
اللهم ارضى علينا واجمعنا برسولنا الكريم.

32- شكر
زينب كامل - tunisie 12-01-2016 03:50 PM

حفظك الله

31- محمد صلى الله عليه وسلم
جمال أحمد - الجزائر 29-12-2015 10:42 PM

اللهم صل وسلم على رسول الله

30- اللهم صل وسلم عليه
مامون كمشة - سوريا 26-12-2015 02:58 AM

اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم اللهم ارزقنا اتباعه في أقواله وأفعاله وأحواله حتى يرضى عنا ربنا كما رضي عن الصحابة الكرام ويحشرنا معهم آمين يا رب العالمين

29- نبي الرحمة
النزيرالنور - السودان 25-12-2015 11:54 AM

صلي الله عليه وسلم..

1 2 3 4 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب