• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / عقيدة وتوحيد / الملائكة
علامة باركود

من أصول الإيمان: الإيمان بالملائكة (خطبة)

من أصول الإيمان: الإيمان بالملائكة (خطبة)
السيد مراد سلامة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 24/2/2019 ميلادي - 18/6/1440 هجري

الزيارات: 20168

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

من أصول الإيمان

الإيمان بالملائكة (خطبة)


الخطبة الأولى

أما بعد، إخوة الإيمان، أحباب النبي العدنان صلى الله عليه وسلم، نعيش اليوم مع ركن من أركان الإيمان بالله تعالى؛ إنه الإيمان بالملائكة؛ لنتعرف على مكانتهم ومنزلتهم، فالإيمان بهم أصل من أصول البر؛ قال الله تعالى: ﴿ لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 177].

 

فمن هم الملائكة؟ وما حكم الإيمان بهم؟ وما هي صفاتهم؟ وما هي وظائفهم؟ أعيروني القلوب والأسماع.

 

أولًا: تعريفهم:

الملائكة: جمع مَلَك، أخذ من (الأَلُوكة)؛ وهي: الرسالة.

 

وهم إخوة الإيمان، خلقٌ من مخلوقات الله، لهم أجسام نورانية لطيفة، قادرة على التشكُّل والتمثُّل والتصوُّر بالصور الكريمة، ولهم قوى عظيمة، وقدرة كبيرة على التنقُّل، وهم خَلْقٌ كثيرٌ لا يعلم عددهم إلا الله، قد اختارهم الله واصطفاهم لعبادته والقيام بأمره، فلا يعصون الله ما أمرهم، ويفعلون ما يُؤمَرون.

 

أصل خلقهم: والمادة التي خلق الله منها الملائكة هي "النور"؛ فعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خُلقت الملائكة من نور، وخُلق الجانُّ من مارجٍ من نار، وخُلِق آدم ممَّا وُصِف لكم))[1]. والمارج هو: اللهب المختلط بسواد النار.

 

ثانيًا: الإيمان بالملائكة:

اعلموا - علمني الله وإياكم - أن الإيمان بالملائكة ركنٌ من أركان الإيمان بالله تعالى، وقد نصَّ الله على ذلك في كتابه، وأخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم في سُنَّتِه؛ قال تعالى: ﴿ آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ ﴾ [البقرة: 285]، فأخبر أن الإيمان بالملائكة مع بقية أركان الإيمان ممَّا أنزله على رسوله، وأوجبه عليه، وعلى أُمَّتِه؛ وأنهم امتثلوا ذلك، وقال تعالى في آية أخرى: ﴿ لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ ﴾ [البقرة: 177]، فجعل الإيمان بهذه الخصال دليل البرِّ - والبرُّ اسم جامع للخير - وذلك أن هذه الأشياء المذكورة هي أصول الأعمال الصالحة، وأركان الإيمان التي تتفرَّع منها سائر شعبه.

 

كما أخبر الله عز وجل في مقابل هذا أن من كفر بهذه الأركان، فقد كفر بالله، فقال: ﴿ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا ﴾ [النساء: 136]، فأطلق الكفر على من أنكر هذه الأركان، ووصفه بالبُعْد في الضلال، فدلَّ ذلك على أن الإيمان بالملائكة ركنٌ عظيم من أركان الإيمان، وأن تركَه مُخرِجٌ من الملَّة.

 

وقد دلَّت السنة كذلك على هذا، وهو ما جاء موضحًا في حديث جبريل المشهور الذي أخرجه الإمام مسلم في صحيحه من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: «بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم، إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يرى عليه أثر السفر، ولا يعرفه منا أحد، حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأسند ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع كفيه على فخذيه، وقال: يا محمد، أخبرني عن الإسلام؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلًا))، قال: صدقت، قال: فعجبنا له، يسأله ويصدقه، قال: فأخبرني عن الإيمان؟ قال: ((أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره))، قال: صدقت»[2].

 

ثالثًا: صفات الملائكة:

أخي المسلم، اعلم - بارك الله فيك - أن الله تعالى وصف الملائكة في القرآن الكريم بصفات عديدة، نذكر منها:

لقد تضمن الكتاب العزيز والسنة المطهرة الكثير من النصوص المبينة لصفات الملائكة وحقائقها، فمن ذلك:

الصفة الأولى القوة والشدة: أنهم موصوفون بالقوة والشدة، كما قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ ﴾ [التحريم: 6]، وقال تعالى في وصف جبريل عليه السلام: ﴿ عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ﴾ [النجم: 5]، وقال في وصفه أيضًا: ﴿ ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ ﴾ [التكوير: 20].

 

الصفة الثانية عظم الخلق: وهم موصوفون بعظم الأجسام والخلق، ففي صحيح مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها وقد سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن معنى قوله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ ﴾ [التكوير: 23]، وروى الإمام أحمد عَنْ عَبْدِاللهِ، قَالَ: «رَأَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جِبْرِيلَ فِي صُورَتِهِ، وَلَهُ سِتُّمِائَةِ جَنَاحٍ، كُلُّ جَنَاحٍ مِنْهَا قَدْ سَدَّ الْأُفُقَ، يَسْقُطُ مِنْ جَنَاحِهِ مِنَ التَّهَاوِيلِ وَالدُّرِّ وَالْيَاقُوتِ مَا اللهُ بِهِ عَلِيمٌ »[3].

 

وروى أبو داود من حديث جَابِرِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ عَنِ النَّبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((أُذِنَ لِي أَنْ أُحَدِّثَ عَنْ مَلَكٍ مِنْ مَلَائِكَةِ اللَّهِ مِنْ حَمَلَةِ الْعَرْشِ إِنَّ مَا بَيْنَ شَحْمَةِ أُذُنِهِ إِلَى عَاتِقِهِ مَسِيرَةُ سَبْعِمِائَةِ عَامٍ))[4].

 

الصفة الثالثة: التفاوت في الخلق: فهم يتفاوتون في الخلق والمقدار، فهم ليسوا على درجة واحدة، فمنهم من له جناحان ومنهم من له ثلاثة، ومنهم من له أربعة، ومنهم من له ستمائة جناح؛ قال تعالى: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ ﴾ [فاطر: 1].

 

الصفة الرابعة الجمال: جمال الخلقة والمنظر، فقد منح الله تعالى ملائكته الحسن والجمال؛ يقول تعالى في حق جبريل عليه السلام: ﴿ عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى * ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى ﴾ [النجم: 5، 6]، قال ابن عباس رضي الله عنهما: "ذو مرة: ذو منظر حسن"، وقال قتادة: "ذو خلق طويل حسن".

 

وقال تعالى مخبرًا عن النسوة عند رؤيتهن ليوسف عليه السلام: ﴿ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ ﴾ [يوسف: 31]؛ وإنما قلن ذلك لما هو مُقرَّر عند الناس من وصف الملائكة بالجمال الباهر.

 

الصفة الخامسة: أنهم كرام بررة:

ومن صفاتهم التي وصفهم الله بها أنهم كرام أبرار؛ قال تعالى: ﴿ بِأَيْدِي سَفَرَةٍ * كِرَامٍ بَرَرَةٍ ﴾ [عبس: 15، 16]، وقال عز وجل: ﴿ وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ ﴾ [الانفطار: 10، 11].

 

ومن صفاتهم الحياء؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في حق عثمان رضي الله عنه: ((أَلَا أَسْتَحِي مِنْ رَجُلٍ تَسْتَحِي مِنْهُ الْمَلَائِكَةُ؟))[5].

 

رابعًا: خصائص الملائكة:

اعلموا عباد الله أن الله تعالى اختصَّ ملائكته بخصائص ليست لأحد من الخلق، وامتازوا بها عن الجن والإنس وسائر المخلوقات: نذكر منها:

الخاصية الأولى: أن مكانهم في السماء:

فقد دلَّت الآيات البيِّنات والسنن الواضحات أن مكان الملائكة في السماوات العلى؛ وإنما يهبطون إلى الأرض تنفيذًا لأمر صاحب الأمر جل جلاله؛ قال تعالى: ﴿ يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ﴾ [النحل: 2]، وقال تعالى: ﴿ وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ ﴾ [الزمر: 75]، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلَائِكَةٌ بِاللَّيْلِ، وَمَلَائِكَةٌ بِالنَّهَارِ، وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ وَصَلَاةِ الْعَصْر،ِ ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ فَيَسْأَلُهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي، فَيَقُولُونَ: تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ، وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ))[6].

 

الخاصية الثانية: أنهم لا يوصفون بالذكورة ولا الأنوثة:

قال تعالى منكرًا على الكُفَّار ذلك: ﴿ وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ ﴾ [الزخرف: 19]، وقال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلَائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنْثَى ﴾ [النجم: 27].

 

الخاصية الثالثة: العصمة من الذنوب والمعاصي:

فهم قد فطرهم الله تعالى على طاعته وامتثال أمره كما قال تعالى في وصفهم: ﴿ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ [التحريم: 6]، وقال أيضًا: ﴿ لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ ﴾ [الأنبياء: 27].

 

الخاصية الرابعة: أنهم لا يملون ولا يفترون ولا يسأمون من العبادة:

قال تعالى: ﴿ وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ * يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ ﴾ [الأنبياء: 19، 20]، وقال في آية أخرى: ﴿ فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ ﴾ [فصلت: 38].

 

خامسًا: وظائف الملائكة:

اعلم - بارك الله فيك - أن للملائكة وظائف كثيرة يضيق المقام عن ذكرها؛ ولكنني في عجالة أذكر أهم تلك الوظائف:

الوظيفة الأولى: تبليغ الوحي عن الله تعالى:

فمن الملائكة من هو موكَّل بالوحي من الله تعالى إلى رسله عليهم الصلاة والسلام وهو جبريل عليه السلام؛ قال تعالى: ﴿ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ ﴾ [الشعراء: 193 -195].

 

الوظيفة الثانية: ومنهم من هو الموكل بالقطر والنبات وهو ميكائيل عليه السلام وقد ورد ذكره في القرآن؛ قال تعالى: ﴿ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ ﴾ [البقرة: 98]، وهو ذو مكانة عالية، ومنزلة رفيعة عند ربِّه؛ ولذا خصَّه الله هنا بالذكر مع جبريل، وعطفهما على الملائكة، مع أنهما من جنسهم لشرفهما، من قبيل عطف الخاص على العام، وكذا ورد ذكره في السنة على ما تقدَّم في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الليل أنه يقول: ((اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل))[7]، ولذا قال العلماء: إن هؤلاء الثلاثة المذكورين هم أفضل الملائكة.

 

الوظيفة الثالثة: ومنهم الموكل بالصُّور وهو إسرافيل عليه السلام وهو:

ثالث الملائكة المفضلين المتقدِّم ذكرهم، وهو أحد حملة العرش، والصور: قرن عظيم يُنفخ فيه، روى الإمام أحمد في المسند عن عبدالله بن عمرو بن العاص، قال: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ما الصور؟ فقال: ((قرن ينفخ فيه))[8].

 

وأخرج الإمام أحمد والترمذي من حديث أبي سعيد الخُدْري رضي الله عنه «أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((كيف أنعم وقد التقم صاحب القرن القرن، وحنى جبهته، وأصغى سمعه ينظر متى يؤمر))، قال المسلمون: يا رسول الله، فما نقول؟ قال: قولوا: حسبنا الله ونعم الوكيل، على الله توكلنا»[9].

 

وينفخ إسرافيل في الصور ثلاث نفخات: نفخة الفزع، ونفخة الصعق، ونفخة البعث؛ قال تعالى: ﴿ وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ﴾ [النمل: 87]، وهذه هي نفخة الفزع، وقد دلَّ على النفختين الأخريين قوله تعالى: ﴿ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ ﴾ [الزمر: 68].

 

الوظيفة الرابعة: قبض الأرواح:

وهو ملك الموت؛ قال تعالى: ﴿ قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ ﴾ [السجدة: 11]، ولملك الموت أعوان من الملائكة، يأتون العبد بحسب عمله، وإن كان محسنًا، ففي أحسن هيئة، وإن كان مسيئًا ففي أشنع هيئة؛ قال تعالى: ﴿ حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ ﴾ [الأنعام: 61].

 

الوظيفة الخامسة: ومنهم الملك الموكل بالرحم على ما دلَّ عليه حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله عز وجل وكَّل ملكًا يقول: يا ربِّ، نطفة، يا ربِّ، علقة، يا ربِّ، مضغة، فإذا أراد أن يقضي خلقه، قال: أذكر أم أنثى؟ شقي أم سعيد؟ فما الرزق والأجل؟ فيكتب في بطن أمه))[10].

 

الوظيفة السادسة ومنهم حملة العرش؛ قال تعالى: ﴿ الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا ﴾ [غافر: 7]، وقال تعالى: ﴿ وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ ﴾ [الحاقة: 17].

 

الوظيفة السابعة: ومنهم خزنة الجنة؛ قال تعالى: ﴿ وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ ﴾ [الزمر: 73]، وقال تعالى: ﴿ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ ﴾ [الرعد: 23].

 

الوظيفة الثامنة: ومنهم الكرام الكاتبون وعملهم كتابة أعمال الخلق وإحصاؤها عليهم؛ قال تعالى: ﴿ وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ ﴾ [الانفطار: 10 -12]، وقال تعالى: ﴿ إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ [ق: 17، 18]، قال مجاهد في تفسير الآية: ملك عن يمينه، وآخر عن يساره، فأما الذي عن يمينه فيكتب الخير، وأما الذي عن شماله فيكتب الشر.

 

وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ.

 

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشْهَدُ أن لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، هُوَ يَتَوَلَّى الصَالِحِينَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وصلى الله عليه وسلم، صَلَاةً وَسَلَامًا دَائِمَيْنِ مُتَلَازِمَيْنِ إِلَى يَومِ الدِّينِ.


أثر الإيمان بالملائكة وأثره في نشر روح البر في المجتمع:

المراقبة: وهذه من أعظم ثمرات الإيمان بالملائكة أن المسلم يعي أن معه ملكين وكَّلهما الله تعالى بكتابة الحسنات والسيئات، وعندها ينأى المسلم بنفسه عن الذنوب والمعاصي ﴿ وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ ﴾ [الانفطار: 10 -12]، وقال تعالى: ﴿ إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ ﴾ [الطارق: 4]، وقال تعالى: ﴿ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ﴾ [ق: 16].

 

ويقول أيضًا جلَّ في علاه: ﴿ أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ ﴾ [الزخرف: 80]، ورسلنا يقصد بهم الملائكة، فالله يسمع السرَّ والنجوى، والملائكة تكتب، وهذا من آثار الإيمان بالملائكة، وعندها يحيا المجتمع في بوتقة الطاعة فلا ترى سارقًا أو غاشًّا أو خائنًا أو ظالِمًا؛ لأن الجميع يعي حقيقة الرقابة الملائكية.

 

ثانيًا: تنمية خلق الحياء لدى الفرد والمجتمع:

عندما يرتقي المسلم في سلم الإيمان بالله وملائكته يعلم علم يقين أن معه ملائكة لا يفارقونه ينظرون إليه، ويكتبون ما يقوم به، فيدعوه ذلك إلى خلق الحياء.

 

ثالثًا: أن يتجنَّب المسلم ما يوجب لعنة الملائكة:

ونذكر من ذلك أن من أشار إلى أخيه المسلم بحديدة فإن الملائكة تلعنه؛ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنْ أَشَارَ إِلَى أَخِيهِ بِحَدِيدَةٍ، فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَلْعَنُهُ حَتَّى يَضَعَهَا، وَإِنْ كَانَ أخاهُ لأبيهِ وَأمِّه))[11] فمن روَّع أخاه المسلم وخوَّفه وعرَّضه لما يُؤذيه، فقد حلَّت به اللعنة: "وإن كان أخاه لأبيه وأمه"، وهذا مبالغة في إيضاح التحريم، والنهي في كل مسلم، حتى من لا يُتَّهم فيه الإنسان كأخيه، وتأكيدًا للتحريم هزلًا ولعبًا؛ وعليه، فكل حديدة أو سلاح، لا يجوز الإشارة بها لمسلم، ولو كان الإنسان مازحًا؛ لأن فيه ترويع للمسلم، ولأن الشيطان قد يوقعه مازحًا أو عامدًا أو مستهينًا في قتل نفس مؤمنة.

 

الدعاء...



[1] صحيح مسلم برقم (2996).

[2] صحيح مسلم برقم (2401).

[3] مسند الإمام أحمد: (1 / 395)، (6 / 294).

[4] سنن أبي داود: (5/ 96)، برقم (4727).

[5] أخرجه مسلم (4/ 1866، رقم 2401)، وأبو يعلى (8/ 240، رقم 4815).

[6] صحيح البخاري برقم (555)، وصحيح مسلم برقم (632).

[7] رواه الإمام أحمد في المسند: 6 / 156، والنسائي في السنن: 3 / 213، برقم (1625)، ونحوهما مسلم في الصحيح برقم (770)، وابن ماجه برقم (1357).

[8] المسند: 2 / 162، 192.

[9] صحيح البخاري، برقم (3231)، ومسلم برقم (1795).

[10] صحيح البخاري برقم (318)، ومسلم برقم (2646).

[11] أخرجه: البخاري 9/ 62 (7072)، ومسلم 8/ 33 (2616) (125).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تذكير بني الإنسان بأصول الإيمان (1)
  • تذكير بني الإنسان بأصول الإيمان (2)
  • الإيمان بالأنبياء والرسل من أصول الإيمان
  • خطبة عيد الأضحى 1439هـ (أصول الإيمان)
  • الإيمان بالملائكة وثمراته
  • خطبة: الملائكة عباد مكرمون
  • خطبة: الإيمان بالملائكة
  • الإيمان بالملائكة وثمراته (خطبة)
  • أصول الإيمان

مختارات من الشبكة

  • من قضايا أصول النحو عن علماء أصول الفقه (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • المقدمات في أصول الفقه: دراسة تأصيلية لمبادئ علم أصول الفقه (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • خصائص ومميزات علم أصول الفقه: الخصيصة (3) علم أصول الفقه علم إسلامي خالص(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خصائص ومميزات علم أصول الفقه: الخصيصة (1) علم أصول الفقه يجمع بين العقل والنقل (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • من قضايا أصول النحو عند علماء أصول الفقه (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • تفصيل ثلاثة أصول من أصول العقائد (5)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفصيل ثلاثة أصول من أصول العقائد (4)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفصيل ثلاثة أصول من أصول العقائد (3)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفصيل ثلاثة أصول من أصول العقائد (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفصيل ثلاثة أصول من أصول العقائد (1)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب