• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    فضل يوم النحر
    محمد أنور محمد مرسال
  •  
    تخريج حديث: إذا أتى أحدكم البراز فلينزه قبلة ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    تحفة الرفيق بفضائل وأحكام أيام التشريق (خطبة)
    السيد مراد سلامة
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (العزيز، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    {إن أكرمكم عند الله أتقاكم}: فوائد وعظات
    د. محمد أحمد صبري النبتيتي
  •  
    إمساك المضحي عن الأخذ من الشعر والظفر في عشر ذي ...
    د. عبدالله بن يوسف الأحمد
  •  
    وقفات مع عشر ذي الحجة (1)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    خطبة عيد الأضحى 1446هـ (مختصرة وشاملة)
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    فتاوى الطلاق الصادرة عن سماحة مفتي عام المملكة ...
    أ. د. عبدالله بن محمد الطيار
  •  
    عناية النبي بضبط القرآن وحفظه في صدره الشريف
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    على علم عندي
    عبدالسلام بن محمد الرويحي
  •  
    عظمة الإسلام وتحديات الأعداء - فائدة من كتاب: ...
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    خطبة: أهمية التعامل مع الأجهزة الإلكترونية
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    نصيحتي إلى كل مسحور باختصار
    سلطان بن سراي الشمري
  •  
    الحج عبادة العمر: كيف يغيرنا من الداخل؟
    محمد أبو عطية
  •  
    تفسير سورة البلد
    أبو عاصم البركاتي المصري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / مواضيع عامة
علامة باركود

ادعموا جمعيات التحفيظ

الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 5/11/2015 ميلادي - 23/1/1437 هجري

الزيارات: 7082

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ادعموا جمعيات التحفيظ


أَمَّا بَعدُ، فَـ ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 21].


أَيُّهَا المُسلِمُونَ:

حِينَ تَشتَدُّ الفِتَنُ وَتُحِيطُ بِالنَّاسِ المِحَنُ، وَتَتَخَطَّفُهُمُ المُضِلاَّتُ وَالمُشكِلاتُ، وَتَتَنَازَعُهُمُ الشُّبُهَاتُ وَالشَّهَوَاتُ، وَيَقَعُ في أَوحَالِ المَعَاصِي كِبَارٌ قَبلَ الصِّغَارِ، وَيَتَرَاجَعُ عَن سَبِيلِ الحَقِّ أَقوَامٌ كَانُوا عَلَيهِ في ظَاهِرِ الأَمرِ، حِينَئِذٍ لا يَثبُتُ في المَيدَانِ وَيَسمَعُ المُنَادِيَ، وَيَقِفُ صَامِدًا أَمَامَ الأَعدَاءِ وَالعَوَادِي، إِلاَّ مَن كَانَ القُرآنُ بَينَ جَنبَيهِ، قَد حَفِظَهُ وَوَعَاهُ، وَقَرَأَهُ حَتَّى صَارَ دَأَبَهُ وَهِجِّيرَاهُ، وَقَصَرَ عَلَيهِ أَوقَاتَهُ مُعَلِّمًا وَمُتَعَلِّمًا، وَعَاشَ عُمُرَهُ في حَلَقَاتِهِ مُقرِئًا وَمُتَلَقِّنًا، فَاستَوعَبَ مَعَانِيَ آيَاتِهِ، وَاستَظهَرَ أَحكَامَهُ وَعِظَاتِهِ، فَصَارَ لا يَخرُجُ عَمَّا خَاطَبَهُ اللهُ بِهِ فِيهِ، وَلا يُقدِمُ أَو يُحجِمُ إِلاَّ بِأَمرٍ مِنهُ أَو نَهيٍ أَو تَوجِيهٍ. إِنَّهُ كِتَابُ اللهِ وَهُدَاهُ، الَّذِي مَن أَخَذَ بِهِ سَعِدَ وَهُدِيَ، وَمَن أَعرَضَ عَنهُ خُذِلَ وَشَقِيَ، وَمَا ذَاكَ إِلاَّ أَنَّهُ المَنهَجُ الَّذِي أَنزَلَهُ خَالِقُ الإِنسَانِ عَلَى الإِنسَانِ ﴿ أَلا يَعلَمُ مَن خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الخَبِيرُ ﴾ وَمَهمَا تَقَدَّمَ الإِنسَانُ في طَرِيقِ الحَضَارَةِ خُطُوَاتٍ، أَو تَرَقَّى في سُلَّمِ المَدَنِيَّةِ دَرَجَاتٍ، فَإِنَّ التَّأرِيخَ يَحكِي وَيَروِي، وَالوَاقِعَ يَدُلُّ وَيَشهَدُ، أَنَّهُ مَا تَرَكَت أُمَّةٌ كِتَابَ اللهِ، وَابتَدَعَت لِنَفسِهَا مَنهَجًا غَيرَهُ، إِلاَّ اضطَرَبَت أَنظِمَتُهَا وَانحَرَفَ سُلُوكُهَا، وَفَسَدَت أَخلاقُهَا وَازدَادَ قَلَقُهَا، وَعَصَفَت بها رِيحُ الانحِرَافَاتِ وَاشتَدَّ عَنَتُهَا، وَمَاتَتِ في مُجتَمَعَاتِهَا المُرُوءَاتُ، وَخَلَت مِن الآدَابِ صُدُورُهَا، فَقَسَت قُلُوبُهَا وَتَحَجَّرَت، وَجَفَّت مَنَابِعُ الإِيمَانِ مِن أَفئِدَتِهَا وَيَبِسَت، فَلا تَرَى فِيهَا حِينَئِذٍ إِلاَّ شُحًّا مُطَاعًا وَهَوًى مُتَّبَعًا، وَدُنيَا مُؤثَرَةً وَإِعجَابَ كُلِّ ذِي رَأيٍ بِرَأيِهِ، وَشَهَوَاتٍ مُقتَحَمَةً وَرَغَبَاتٍ مُطَاعَةً، وَصَدَقَ اللَّطِيفُ الخَبِيرُ إِذْ قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ﴾ [طه: 123، 124] وَفي المُقَابِلِ فَإِنَّهُ لم يَحمِلِ التَّنزِيلَ الحَكِيمَ قَومٌ وَيَحفَظُوهُ، وَيَهتَمُّوا بِتَعَلُّمِهِ وَتَعلِيمِهِ وَيَدعَمُوهُ، إِلاَّ أَنَارَ اللهُ بَصَائِرَهُم، وَمَنَحَهُم مَخَافَتَهُ وَرَزَقَهُم تَقوَاهُ، وَتَفَتَّحَت لَهُم أَبوَابُ العِلمِ وَالمَعرِفَةِ، وَزَكَت عُقُولُهُم وَأَحلامُهُم، وَاتَّسَعَت حَوَافِظُهُم وَأَفهَامُهُم، وَصَفَت أَذهَانُهُم وَتَهَذَّبَت أَفكَارُهُم.


أَيُّهَا المُسلِمُونَ:

لم يُرَبِّ المُعَلِّمُ الأَوَّلُ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - صَحبَهُ الكِرَامَ في مَدرَسَةٍ غَيرِ المَسجِدِ، وَلا أَصلَحَ قُلُوبَهُم بِمَنهَجٍ غَيرِ القُرآنِ ﴿ لَقَد مَنَّ اللهُ عَلَى المُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِم رَسُولاً مِنهُم يَتلُو عَلَيهِم آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِم وَيُعَلِّمُهُمُ الكِتَابَ وَالحِكمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِن قَبلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ ﴿ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ * وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ ﴾ [النمل: 91، 92] نَعَم - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - لَقَد كَانَ المَسجِدُ هُوَ المَدرَسَةَ، وَالقُرآنُ هُوَ المَنهَجَ، وَفي مَدرَسَةِ المَسجِدِ العَظِيمَةِ وَمَنهَجِ القُرآنِ الكَامِلِ المُحكَمِ، تَخَرَّجَ ذَلِكُمُ الرَّعِيلُ الأَوَّلُ، وَنَبَت جِيلٌ عَظِيمٌ اصطَفَاهُ اللهُ وَاختَارَهُ، جِيلٌ لم يَعرِفِ التَّأرِيخُ قَومًا مِثلَهُم في خُلُقٍ وَأَدَبٍ، وَصِدقٍ وَوَفَاءٍ، وَجِهَادٍ في سَبِيلِ اللهِ بِأَنفُسٍ وَأَموَالٍ، وَمَا ذَاكَ إِلاَّ أَنَّهُم عَايَشُوا التَّنزِيلَ الحَكِيمَ، وَتَلَقُّوا القُرآنَ الكَرِيمَ، وَشَافَهُوا صَاحِبَ الخُلُقِ العَظِيمِ وَالهَادِي إِلى الصِّرَاطِ المُستَقِيمِ.

أَنتَجَ المَسجِدُ الكَرِيمُ أُنَاسًا
أَنجَبَتهُم مَدَارِسُ القُرآنِ
صَقَلَتهُم يَدُ الرَّسُولِ فَأَضحَوا
غُرَّةَ الدَّهرِ في جَبِينِ الزَّمَانِ


أَجَل - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - إِنَّ القُرآنَ هِدَايَةٍ وَنُورٍ، وَطُمَأنِينَةٌ لِلقُلُوبِ وَشِفَاءٌ لِمَا في الصُّدُورِ، وَهُوَ الهَادِي إِلى الحَقِّ وَإِلى طَرِيقٍ مُستَقِيمٍ، التَّمَسُّكُ بِهِ هُدًى وَرَشَادٌ، وَالإِعرَاضُ عَنهُ ضَلالٌ وَخَسَارٌ، قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ -: تَكَفَّلَ اللهُ لِمَن قَرَأَ القُرآنَ وَاتَّبَعَ مَا فِيهِ أَلاَّ يَضِلَّ في الدُّنيَا وَلا يَشقَى في الآخِرَةِ
. وَكَمَا أَصلَحَ القُرآنُ الكَرِيمُ المُجتَمَعَ الَّذِي نَزَلَ فِيهِ وَمَا بَعدَهُ مِن مُجتَمَعَاتٍ أَخَذَت بِهَديِهِ وَاستَضَاءَت بِنُـورِهِ، فَهُوَ كَفِيلٌ بِأَن يُصلِحَ المُجتَمَعَاتِ المُعَاصِرَةَ، وَأَن يُعَالِجَ القَضَايَا المُتَجَدِّدَةَ؛ لأَنَّهُ آخِرُ كِتَابٍ أُنزِلَ عَلَى آخِرِ رَسُولٍ لآخِرِ أُمَّةٍ، وَلَن يَزَالَ إِلى أَن يَرِثَ اللهُ الأَرضَ وَمَن عَلَيهَا نِبرَاسًا لِلإِصلاحِ، وَحَلاًّ لِكُلِّ مُشكِلَةٍ، وَعِصمَةً مِن كُلِّ زَلَلٍ، وَحِمَايَةً مِن كُلِّ ضَلالَةٍ وَفِتنَةٍ، مِصدَاقًا لِقَولِ مَن لا يَنطِقُ عَنِ الهَوَى: " إِنَّ هَذَا القُرآنَ سَبَبٌ طَرَفُهُ بِيَدِ اللهِ وَطَرَفُهُ بِأَيدِيكُم، فَتَمَسَّكُوا بِهِ؛ فَإِنَّكُم لَن تَضِلُّوا وَلَن تَهلِكُوا بَعدَهُ أَبَدًا " رَوَاهُ الطَّبَرَانيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَإِنَّ لَنَا في هَذِهِ البِلادِ المُبَارَكَةِ وللهِ الحَمدُ وَالمِنَّةُ تَجرِبَةً نَاضِجَةً في تَعلِيمِ القُرآنِ الكَرِيمِ، وَرَبطِ النَّشءِ بِهِ في بُيُوتِ اللهِ، وَتَربِيَتِهِم عَلَى تَرتِيلِهِ وَحِفظِهِ وَتَدَبُّرِ آيَاتِهِ في حَلَقَاتِ التَّحفِيظِ، أَنجَبَت جِيلاً قُرآنِيًّا مُحَصَّنًا مِن أَدوَاءِ الفَرَاغِ القَاتِلَةِ، سَالِمًا مِن آثَارِ البَرَامِجِ الإِعلامِيَّةِ السَّاقِطَةِ، بَعِيدًا عَن مَسَاوِئِ الصُّحبَةِ الفَاسِدَةِ، تَجَاوَزُوا مَرحَلَةَ الإِيمَانِ النَّظَرِيِّ إِلى مَرحَلَةِ التَّطبِيقِ العَمَلِيِّ، حَيثُ عَاشُوا في المَسَاجِدِ أوقاتًا أَطوَلَ مِن غَيرِهِم، وَتَرَدَّدُوا عَلَيهَا أَكثَرَ مِمَّن سِوَاهُم، وَمَارَسُوا فِيهَا العِبَادَاتِ وَالطَّاعَاتِ، وَحَافَظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالجَمَاعَاتِ، وَاستَمَعُوا المَوَاعِظَ وَالتَّوجِيهَاتِ، وَصَاحَبُوا الصَّالِحِينَ، وَبَنَوا عِلاقَاتٍ مَتِينَةً مَعَ المُصَلِّينَ، وَسَلِمُوا مِن مُصَاحَبَةِ المُنحَرِفِينَ، وَوَقَفُوا مَوَاقِفَ بُنِيَت فِيهَا شَخصِيَّاتُهُم بِنَاءً سَوِيًّا، وَغُرِسَ في نُفُوسِهِم تَعظِيمُ بُيُوتِ اللهِ، وَحُبِّبَ إِلَيهِم ارتِيَادُهَا، وَحُفِظَت أَوقَاتُهُم فِيهَا وَمُلِئَت بما يُزَكِّي عُقُولَهُم وَيُطَهِّرُ قُلُوبَهُم، وَيُقَوِّي عَزَائِمَهُم وَيَرفَعُ هِمَمَهُم، وَأُشبِعَت حَاجَاتِهِم بِطَرِيقٍ مَشرُوعَةٍ، بَدَلاً مِنَ التَّشَبُّعِ بِالأَفكَارِ الزَّائِغَةِ وَالمَبَادِئِ السَّاقِطَةِ، أَوِ اتِّبَاعِ المَنَاهِجِ الفَاسِدَةِ وَالطُّرُقِ المُنحَرِفَةِ، أَوِ الوُقُوعِ في الشُّبُهَاتِ المُضِلَّةِ وَالشَّهَوَاتِ المُهلِكَةِ، وَالَّتِي تَعَلَّمَهَا غَيرُهُم أَمَامَ القَنَوَاتِ، وَتَلَقَّاهَا في بَرَامِجِ التَّوَاصُلِ عَبرَ أَجهِزَةِ الاتِّصَالاتِ، وَطَبَّقَهَا مَعَ أَصحَابِ السُّوءِ وَأَصدِقَاءِ الفَسَادِ في المَقَاهِي وَالمُنتَدَيَاتِ، وَعَلَى أَرصِفَةِ الشَّوَارِعِ وَفي الطُّرُقِ وَالاستِرَاحَاتِ، إِنَّهُ الاجتِمَاعُ المُبَارَكُ عَلَى كِتَابِ اللهِ في بُيُوتِ اللهِ، انفَرَدَ عَن التَّعلِيمِ في مَحَاضِنِ التَّربِيَةِ الأُخرَى، بِأَنَّهُ اجتِمَاعٌ عَلَى ذِكرِ اللهِ، وَحَبسٌ لِلنُّفُوسِ على تَعَلُّمِ أَشرَفِ كِتَابٍ، وَمُرَابَطَةٌ عَلَى مُدَارَسَةِ خَيرِ كَلامٍ، اجتِمَاعٌ تَنزِلُ السَّكِينَةُ عَلَى مَن فِيهِ، وَتَغَشَاهُمُ الرَّحمَةُ، وَتَحُفُّهُمُ المَلائِكُةُ، وَيَذكُرُهُمُ العَلِيُّ الأَعلَى في المَلأِ الأَعلَى، وَصَدَقَ مُعَلِّمُ النَّاسِ الخَيرَ حَيثُ قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا رَوَاهُ مُسلِمٌ: " مَا اجتَمَعَ قَومٌ في بَيتٍ مِن بُيُوتِ اللهِ، يَتلُونَ كِتَابِ اللهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَينَهُم، إِلاَّ نَزَلَت عَلَيهِمُ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتهُمُ الرَّحمَةُ، وَحَفَّتهُمُ المَلائِكَةُ، وَذَكَرَهَمُ اللهُ فِيمَن عِندَهُ " أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - وَإِذَا أَرَدنَا الصَّلاحَ الحَقِيقِيَّ لأَبنَائِنَا، وَالخَيرِيَّةَ لِمُجتَمَعَاتِنَا، فَلْنَطلُبْ ذَلِكَ في رِحَابِ القُرآنِ تَعَلُّمًا وَتَعلِيمًا، وَمُدَارَسَةً وَحِفظًا، قَالَ - تَعَالى -: ﴿ إِنَّ هَذَا القُرآنَ يَهدِي لِلَّتي هِيَ أَقوَمُ ﴾ وقال - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " خَيرُكُم مَن تَعَلَّمَ القُرآنَ وَعَلَّمَهُ " أَخرَجَهُ البُخَارِيُّ وَغَيرُهُ.

 

أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ: ﴿ ثُمَّ أَورَثنَا الكِتَابَ الَّذِينَ اصطَفَينَا مِن عِبَادِنَا فَمِنهُم ظَالِمٌ لِنَفسِهِ وَمِنهُم مُقتَصِدٌ وَمِنهُم سَابِقٌ بِالخَيرَاتِ بِإِذنِ اللهِ ذَلِكَ هُوَ الفَضلُ الكَبِيرُ * جَنَّاتُ عَدنٍ يَدخُلُونَهَا يُحَلَّونَ فِيهَا مِن أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤلُؤًا وَلِبَاسُهُم فِيهَا حَرِيرٌ ﴾.


الخطبة الثانية

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ، وَاشكُرُوهُ وَلا تَكفُرُوهُ، وَاحفَظُوا مَا أَنعَمَ بِهِ عَلَيكُم مِن نِعَمٍ بِشُكرِهَا، يَزِدْكُم وَيُبَارِكْ لَكُم فيها، وَيُمِدَّكُم بِخَيرٍ مِنهَا.

 

أَلا وَإِنَّ مِن نِعَمِ اللهِ عَلَينَا في هَذِهِ البِلادِ، هَذِهِ الجَمعِيَّاتِ الخَيرِيَّةَ الَّتِي خُصِّصَت لِتَحفِيظِ كِتَابِ اللهِ وَتَعلِيمِهِ وَتَجوِيدِهِ، وَانتَشَرَت حَلَقَاتُهَا وَدُورُهَا في كُلِّ مَدِينَةٍ وَقَريَةٍ، وَأَقبَلَ عَلَيهَا طَالِبُو الخَيرِيَّةِ رِجالاً وَنِسَاءً وَصِغَارًا وَكِبَارًا، وَكَثُرَ فِيهَا المُعَلِّمُونَ وَالمُعَلِّمَاتُ وَالمُشرِفُونَ وَالمُشرِفَاتُ، وَاحتَاجَت إِلى مِيزَانِيَّاتٍ ضَخمَةً لِتَشغِيلِهَا، وَأَموَالٍ كَثِيرَةٍ لِدَعمِ مَسِيرَتِهَا، فَكَانَ مِمَّا لا بُدَّ مِنهُ أَن تَتَظَافَرَ جُهُودُ المُحسِنِينَ لِلنُّهُوضِ بِذَلِكَ وَحَملِ هَذِهِ الخَيرِيَّةِ، وَعَدَمِ الغَفلَةِ عَنهَا وَتَركِهَا لِتَضعُفَ أَو تَتَوَقَّفَ.


وَإِنَّهُ لَمِنَ الخَسَارَةِ حَقًّا - أَيُّهَا الإِخوَةُ - أَن تُبَدَّدَ الأَموَالُ في وَلائِمَ وَمُنَاسَبَاتٍ وَحَفَلاتٍ، وَمَرَاسِمَ وَاجتِمَاعَاتٍ، وَشِرَاءِ سَيَّارَاتٍ وَبِنَاءِ عِمَارَاتٍ، بَل وَفي تَنوِيعِ أَجهِزَةٍ وَجَوَّالاتٍ، ثم لا يَجعَلَ أَحَدُنَا لِنَفسِهِ نَصِيبًا مِن دَعمِ تَعلِيمِ القُرآنِ وَالدُّخُولِ في الخَيرِيَّةِ الَّتي شَهِدَ بها النَّبيُّ - عَلَيهِ الصَّلاةُ - لِمَن تَعَلَّمَ القُرآنَ وَعَلَّمَهُ، إِذ إِنَّ تَعلِيمَ القُرآنِ - أَيُّهَا الكِرَامُ - لا يَقتَصِرُ عَلَى مُعَلِّمٍ في حَلَقَتِهِ، وَلَكِنَّهُ يَتَّسِعُ بِفَضلِ اللهِ؛ لِيَشمَلَ مَن دَعَمَ بِمَالِهِ وَجَاهِهِ، وَبَذَلَ وَأَعطَى، فَأَعطُوا مِمَّا أَعطَاكُمُ اللهُ يَزِدْكُم، وَأَنفِقُوا يُبَارِكْ لَكُم؛ فَإِنَّكُم إِلى اللهِ رَاجِعُونَ، وَلِمَا قَدَّمتُم وَاجِدُونَ ﴿ مَن ذَا الَّذِي يُقرِضُ اللهَ قَرضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لهُ أَضعَافًا كَثِيرَةً وَاللهُ يَقبِضُ وَيَبسُطُ وَإِلَيهِ تُرجَعُونَ ﴾ وَإِنَّ لِلدَّعمِ طُرُقًا مُتَنَوِّعَةً وَقَنَوَاتٍ مُتَعَدِّدَةً، وَمَا عَلَى المُسلِمِ النَّاصِحِ لِكِتَابِ رَبِّهِ، إِلاَّ أَن يَضرِبَ لِنَفسِهِ بِسَهمٍ فِيمَا يَستَطِيعُ، إِمَّا بِاستِقطَاعٍ شَهرِيٍّ مِن رَاتِبِهِ، أَو كَفَالَةِ مُعَلِّمٍ أَو كَفَالَةِ طَالِبٍ، أَو كَفَالَةِ دَارٍ نِسَائِيَّةٍ أَو كَفَالَةِ مُجَمَّعٍ تَعلِيمِيٍّ، أَو بِالمُسَاهَمَةِ في وَقفٍ يُبنَى، أَو بِوَقفِ أَرضٍ لَهُ أَو مَبنًى، أَو بِتَخصِيصِ جُزءٍ مِن وَصِيَّتِهِ في ذَلِكَ الشَّأنِ العَظِيمِ، وَمَا أَجمَلَهُ بِنَا بَعدَ ذَلِكَ أَن نَدُلَّ غَيرَنَا عَلَى هَذَا البَابِ العَظِيمِ لِنَأخُذَ مِثلَ أَجرِهِ، وَخَاصَّةً أَقَارِبَنَا وَأَهلِينَا وَلا سِيِّمَا النِّسَاءُ اللاَّتي قَد يَكُونُ لَهُنَّ رَوَاتِبُ، فَيُضعِنْهَا في الكَمَالِيَّاتِ وَالتَّحسِينِيَّاتِ، وَيَنسَينَ أَنَّ عَلَيهِنَّ فِيهَا للهِ حَقًّا، وَأَنَّ لَهُنَّ بما بَذلَن ثَوَابًا وَأَجرًا  ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثمِ وَالعُدوَانِ وَاتَّقُوا اللهَ ﴾ [المائدة: 2].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • حلقات تحفيظ القرآن الكريم (1)
  • حلقات تحفيظ القرآن الكريم (2)
  • البدء بتعليم الأولاد القرآن وتحفيظهم إياه

مختارات من الشبكة

  • خطط لتحفيظ القرآن ومراجعته لدور التحفيظ(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الشيخ: عبدالرحمن بن عبدالله الهذلول في محاضرة بعنوان ( مسيرة جمعية تحفيظ القرآن في تحفيظ القرآن الكريم )(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز بن عقيل العقيل)
  • كراسة متابعة الطالب لحفظ القرآن الكريم (في مقر التحفيظ) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • دور الآباء في إنجاح حلقات التحفيظ(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • كوسوفو: مدرسة التحفيظ تبدأ دورة جديدة لحفظ القرآن الكريم(مقالة - المسلمون في العالم)
  • مشروع (أسلمت فعلمني) يستقبل طلاب التحفيظ الجدد(مقالة - المسلمون في العالم)
  • طلاب حلقات التحفيظ(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أدعم طلاق أمي من أبي(استشارة - الاستشارات)
  • مسيرة جمعية تحفيظ القرآن الكريم(مادة مرئية - موقع الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز بن عقيل العقيل)
  • الشيخ عبدالرحمن الهذلول في لقاء بعنوان ( تجربتي مع جمعية تحفيظ القرآن الكريم )(مقالة - موقع ثلاثية الأمير أحمد بن بندر السديري)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بعد عامين من البناء افتتاح مسجد جديد في قرية سوكوري
  • بعد 3 عقود من العطاء.. مركز ماديسون الإسلامي يفتتح مبناه الجديد
  • المرأة في المجتمع... نقاش مفتوح حول المسؤوليات والفرص بمدينة سراييفو
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 8/12/1446هـ - الساعة: 0:14
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب