• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    يوم العيد وأيام التشريق (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    المقصد الحقيقي من الأضحية
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    خطبة الأضحى 1446 هـ (إن الله جميل يحب الجمال)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    خطبة عيد الأضحى 1446هـ
    عبدالوهاب محمد المعبأ
  •  
    لبس البشت فقها ونظاما
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    خطبة: مضت أيام العشر المباركة
    محمد أحمد الذماري
  •  
    خطبة عيد الأضحى المبارك لعام 1446هـ
    د. عبدالرزاق السيد
  •  
    خطبة عيد الأضحى لعام 1446 هــ
    أ. شائع محمد الغبيشي
  •  
    خطبة عيد الأضحى المبارك: تضحية وفداء، صبر وإخاء
    الشيخ الحسين أشقرا
  •  
    خطبة عيد الأضحى 1446هـ
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    خطبة عيد الأضحى 1446 هـ
    عبدالعزيز أبو يوسف
  •  
    حكم صلاة الجمعة لمن صلى العيد إذا وافق يوم الجمعة ...
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    المسائل المختصرة في أحكام الأضحية
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    الثامن من ذي الحجة
    د. سعد مردف
  •  
    خطبة عيد النحر 1446 هـ
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    التشويق لفضائل النحر والتشريق (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب / في النصيحة والأمانة
علامة باركود

التهاون بالعصيان سبب الخذلان

الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 11/8/2014 ميلادي - 15/10/1435 هجري

الزيارات: 21451

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

التهاون بالعصيان سبب الخِذلان


أَمَّا بَعدُ، فَـ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 21] ".

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ:

إِذَا أَرَادَ اللهُ بِعَبدِهِ خَيرًا بَصَّرَهُ بِتَقصِيرِهِ وَعُيُوبِهِ، وَرَزَقَهُ الإِقرَارَ بِخَطَئِهِ وَالاعتِرَافَ بِذُنُوبِهِ، وَأَمَّا إِذَا كَانَ العَبدُ في غَيِّهِ يَعمَهُ، ثم لا يَرَى نَفسَهُ عَلَى حَقِيقَتِهَا، فَقَد مُكِرَ بِهِ حِينَئِذٍ وَأُملِيَ لَهُ؛ لِيُؤخَذَ بَعدَ ذَلِكَ عَلَى غِرَّةٍ وَتُنتَزَعَ رُوحُهُ وَهُوَ في غَفلَةٍ.

 

وَإِنَّ مِن أَشَدِّ العُقُوبَاتِ الَّتي تُبلَى بها الأُمَمُ أَفرَادًا وَمُجتَمَعَاتٍ، عَدَمَ التَّوفِيقِ لِلطَّاعَاتِ، وَالتَّقصِيرَ في الوَاجِبَاتِ، وَالإِخلالَ بِالأَركَانِ وَالأُصُولِ الثَّابِتَاتِ، وَعَدَمَ الأَسَفِ عَلَى مَا نَقَصَ مِنهَا أَو فَاتَ، وَلا الشُّعُورِ بِالخَسَارَةِ عَلَى ما ضَاعَ مِن أَوقَاتٍ.

 

قَد يَتَسَاهَلُ امرُؤٌ في بَعضِ السُّنَنِ وَالنَّوَافِلِ فَيَتَنَاسَاهَا أَو يَنسَاهَا، وَقَد يَغفَلُ أَحيَانًا عَن فَضلِ بَعضِ المُستَحَبَّاتِ وَالمَندُوبَاتِ فَلا يَأتِيهَا، وَقَد يَقَعُ في الجَانِبِ الآخَرِ في شَيءٍ مِنَ المَكرُوهَاتِ فَيَغشَاهَا، وَكُلُّ هَذَا وَلا شَكَّ إِنَّمَا هُوَ حِرمَانٌ مِنَ الخَيرِ، سَبَبُهُ ذُنُوبٌ وَمُخَالَفَاتٌ وَقَعَ فِيهَا وَتَسَاهَلَ بِإِتيَانِهَا، فَعُوقِبَ عَلَيهَا بِأَن لم يُوَفَّقَ لِلتَّزَوُّدِ مِنَ الخَيرِ، وَثَقُلَ عَنِ اكتِسَابِ الحَسَنَاتِ، قَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ﴾ [الشورى: 30] وَقَالَ تَعَالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴾ [يونس: 44].

 

نَعَم، إِنَّ تَضيِيعَ الأَوقَاتِ وَعَدَمَ التَّزَوُّدِ مِنَ الخَيرَاتِ، وَلا الرَّغبَةِ في اكتِسَابِ الحَسَنَاتِ، إِنَّهُ لَمُصِيبَةٌ جَرَّتهَا الذُّنُوبُ السَّابِقَاتُ، وَلَكِنَّ السُّؤَالَ الأَهَمَّ الَّذِي يَجِبُ عَلَى كُلِّ مُسلِمٍ أَن يَسأَلَهُ نَفسَهُ وَيَقِفَ عِندَهُ طَوِيلاً وَلا يَتَجَاوَزَهُ: أَنَّهُ إِذَا كَانَ الحِرمَانُ مِن نَافِلَةٍ أَوِ الوُقُوعُ في مَكرُوهٍ سَبَبُهُ ذَنبٌ سَابِقٌ، فَمَا الذَّنبُ الَّذِي سَبَّبَ حِرمَانَ كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ اليَومِ مِنَ الفَرَائِضِ وَمَنَعَهُم فِعلَ الوَاجِبَاتِ؟!

 

كَثِيرُونَ لا يُوَفَّقُونَ لِلقِيَامِ لِصَلاةِ الفَجرِ في أَكثَرِ أَيَّامِ العَامِ، ثُمَّ هُم أَنفُسُهُم يَترُكُونَ صَلاةَ الظُّهرِ وَالعَصرِ في أَيَّامِ الإِجَازَاتِ، وَآخَرُونَ لا يُوَفَّقُونَ لِلصَّلاةِ في جَمَاعَةِ المُسلِمِينَ وَلا شُهُودِهَا في بُيُوتِهِ الَّتِي أَذِنَ أَن تُرفَعَ وَيُذكَرَ فِيهَا اسمُهُ، وَثَمَّةَ مَن لا يُوَفَّقُ لِبِرِّ وَالِدَيهِ، وَهُنَاكَ مَن يَقطَعُ أَرحَامَهُ، وَيُوجَدُ مَن عَادَ لا يَتَوَرَّعُ عَن أَكلِ الحَرَامِ بِجَمِيعِ أَنوَاعِهِ، وَمَعَ هَذَا فَقَد لا يُحِسُّونَ وَلا يَشعُرُونَ، أَنَّهُم يَتَقَلَّبُونَ في عُقُوبَاتٍ إِلَهِيَّةٍ عَظِيمَةٍ، بَل وَتَسِيرُ حَيَاتُهُم وَكَأَنَّ شَيئًا لم يَكُنْ، يَأكُلُونَ وَيَشرَبُونُ وَيَنكِحُونَ، وَيَنَامُونُ وَيَغدُونَ وَيَرُوحُونَ، وَيُسَافِرُونَ وَيَتَمَتَّعُونَ وَيَعُودُونَ، وَيَضحَكُونَ وَهُمَ سَامِدُونَ غَافِلُونَ، وَقَد يَنظُرُ بَعضُهُم إِلى مَن حَولَهُ مِن أُمَمِ الأَرضِ بَعِيدًا وَقَرِيبًا، مِمَّن بُلُوا بِحَربٍ وَضَربٍ وَقَصفٍ وَتَدمِيرٍ، أَو فَقرٍ وَأَمرَاضٍ وَأَوبِئَةٍ، أَوِ اجتَاحَتهُم جَائِحَةٌ مِن زَلزَالٍ أَو أَعَاصِيرَ أَو غَيرِهَا، فَيَظُنُّ أَنَّهُم هُمُ المُعَاقَبُونَ وَالمَغضُوبُ عَلَيهِم، وَأَنَّهُ وَمَن عَلَى شَاكِلَتِهِ هُمُ المُرضِيُّ عَنهُمُ المُنعَمُ عَلَيهِم، المُعَافَونَ مِن كُلِّ بَلاءٍ وَالسَّالِمُونَ مِنَ كُلِّ شَرٍّ، وَمَا ذَاكَ إِلاَّ أَنَّهُ ظَنَّ أَنَّ العُقُوبَةَ مَقصُورَةٌ عَلَى التَّلَفِ المَاليِّ وَالجَسَدِيِّ، أَوِ الاختِلالِ الاجتِمَاعِيِّ وَالأَمنِيِّ وَالاقتِصَادِيِّ، وَغَفَلَ أَو تَغَافَلَ وَنَسِيَ أَو تَنَاسَى، أَنَّ الحِرمَانَ مِنَ الطَّاعَاتِ وَزُهدَ النَّفسِ في الأَعمَالِ الصَّالِحَاتِ، وَالوُقُوعَ الدَّائِمَ في المَعَاصِي وَاعتِيَادَ السَّيِّئَاتِ وَالمُخَالَفَاتِ، وَخَاصَّةً الكَبَائِرَ وَالعَظَائِمَ وَالمُوبِقَاتِ، أَنَّهُ لَونٌ مِن أَلوَانِ العُقُوبَةِ، وَنَوعٌ مِن أَنوَاعِ الخِذلانِ، بَل هُوَ أَشَدُّ أَنوَاعِ العُقُوبَةِ وَأَقسَاهَا وَأَمَرُّهَا.

 

وَلَكِنَّ المُشكِلَةَ هِيَ القَنَاعَةُ الَّتي يَعِيشُ بها بَعضُ المُسلِمِينَ، إِذ يَرَونَ أَنَّ العُقُوبَةَ الإِلَهِيَّةَ، لا تَكُونُ إِلاَّ بِنَقصِ الأَموَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ، وَيَظُنُّونَ أَنَّ اللهَ إِذَا رَضِيَ عَن مُجتَمَعٍ فَإِنَّهُ يُسبِغُ عَلَيهِ النِّعَمَ وَيَرزُقُهُ الأَمنَ وَيُضفِي عَلَيهِ الاطمِئنَانَ، وَإِن غَضِبَ عَلَى آخَرَ جَعَلَ عَيشَهُ نَكِدًا وَخَوفَهُ عَامًّا، وَحَالَهُ مُتَقَلِّبَةً وَرِزقَهُ مَحدُودًا. وَهَذَا وَإِن كَانَ صَحِيحًا في العُمُومِ، إِلَّا أَنَّ بَعضَ النِّعَمِ قَد يَكُونُ استِدرَاجًا، وَبَعضَ النِّقَمِ قَد يَكُونُ رَحمَةً لِمَن أَصَابَهُ وَتَطهِيرًا لَهُ، حَتَّى يُوَافِيَ رَبَّهُ يَومَ القِيَامَةِ مُمَحَّصًا مُخَلَّصًا، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللهَ لَيُملِي لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لم يُفلِتْهُ"، وَقَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: "أُمَّتي أُمَّةٌ مَرحُومَةٌ، لَيسَ عَلَيهَا عَذَابٌ في الآخِرَةِ، عَذَابُهَا في الدُّنيَا الفِتَنُ وَالزَّلازِلُ وَالقَتلُ"؛ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.

 

نَعَم أَيُّهَا المُسلِمُونَ إِنَّ بَعضَ مَا قَد يُصِيبُ الأُمَّةَ مِمَّا ظَاهِرُهُ أَنَّهُ عَذَابٌ، فَإِنَّمَا هُوَ حَظُّهَا مِنَ العَذَابِ يُعَجَّلُ لها في الدُّنيَا، ثم تَسلَمُ في الآخِرَةِ، وَأَّمَا العَذَابُ المُهِينُ حَقًّا، وَالَّذِي هُوَ مِن أَشَدِّ العُقُوبَاتِ الإِلَهِيَّةِ وَالمَقتِ الرَّبَّانيِّ لِلعَبدِ، فَهُوَ أَن يُملَى لَهُ في دُنيَاهُ، وَتُغدَقَ عَلَيهِ النِّعَمِ وَيُعَافى وَيُؤَمَّنَ، وَمَعَ هَذَا يَرفَعُ اللهُ عَنهُ رَحمَتَهُ، فَلا يُوَفَّقُ لِلطَّاعَاتِ، وَلا تَكُونُ لَهُ رَغبَةٌ في نَيلِ الحَسَنَاتِ، بَل وَيُوكَلُ إِلى نَفسِهِ الضَّعِيفَةِ الظَّلُومَةِ الجَهُولَةِ المَلُولَةِ، فَيَكُونُ عَبدًا لِهَوَاهُ وَمَا تُملِيهِ عَلَيهِ نَزَوَاتُ نَفسِهِ، فَمَا رَغِبَت فِيهِ أَتَاهُ وَإِن كَانَ مِن كَبَائِرِ الذُّنُوبِ وَشَرِّ المُوبِقَاتِ، وَمَا رَغِبَت عَنهُ تَرَكَهُ وَإِن كَانَ مِن أَفضَلِ القُرُبَاتِ وَآكَدِ الطَّاعَاتِ، وَهَذَا هُوَ عَينُ الضَّلالِ وَالخَسَارَةِ، وَالَّذِي بِسَبَبِهِ يَكُونُ العَذَابُ الأُخرَوَيُّ الشَّدِيدُ، قَالَ سُبحَانَهُ لِنَبِيِّهِ دَاوُدَ عَلَيهِ السَّلامُ: ﴿ يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ ﴾ [ص: 26].

 

أَلا فَاتَّقُوا اللهَ أَيُّهَا المُسلِمُونَ فَإِنَّهَا لَخَسَارَةٌ وَأَيُّ خَسَارَةٍ، أَن يَكُونَ اللهُ قَد أَعَدَّ لِعِبَادِهِ الصَّالِحِينَ جَنَّةً عَرضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرضُ، فِيهَا مَا لا عَينٌ رَأَت وَلا أُذُنٌ سَمِعَت وَلا خَطَرَ عَلَى قَلبِ بَشَرٍ، ثم لا يُوجَدَ لأَحَدِنَا مَكَانٌ فِيهَا؛ لأَنَّهَا قَد أُعِدَّت لِلمُتَّقِينَ الصَّالِحِينَ، وَهُوَ لَيسَ مِنهُم، بَل حَيَاتُهُ كُلُّهَا غَفلَةٌ وَتَفرِيطٌ وَتَبَاطُؤٌ وَإِضَاعَةٌ، وَكَسَلٌ عَنِ الطَّاعَاتِ وَإِصرَارٌ عَلَى المَعَاصِي، قَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأكُلُوا الرِّبَا أَضعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُم تُفلِحُونَ * وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتي أُعِدَّت لِلكَافِرِينَ * وَأَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُم تُرحَمُونَ * وَسَارِعُوا إِلى مَغفِرَةٍ مِن رَبِّكُم وَجَنَّةٍ عَرضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرضُ أُعِدَّت لِلمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنفِقُونَ في السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالكَاظِمِينَ الغَيظَ وَالعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللهُ يُحِبُّ المُحسِنِينَ * وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَو ظَلَمُوا أَنفُسَهُم ذَكَرُوا اللهَ فَاستَغفَرُوا لِذُنُوبِهِم وَمَن يَغفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللهُ وَلم يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُم يَعلَمُونَ * أُولَئِكَ جَزَاؤُهُم مَغفِرَةٌ مِن رَبِّهِم وَجَنَّاتٌ تَجرِي مِن تَحتِهَا الأَنهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعمَ أَجرُ العَامِلِينَ ﴾ [آل عمران: 130 - 136].

 

الخطبة الثانية

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالى وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ، وَاشكُرُوهُ وَلا تَكفُرُوهُ.

 

أَيُّهَا المُسلِمُ المُوَحِّدُ، المُتَعَبِّدُ لِمَولاهُ الطَّالِبُ رِضَاهُ، يَا عَبدَاللهِ، إِن لم يَكُنْ في بَرنَامَجِكَ اليَومِيِّ مُحَافَظَةٌ تَامَّةٌ عَلَى الصَّلَوَاتِ الخَمسِ في جَمَاعَةٍ، وَقِيَامٌ بما أَوجَبَهُ اللهُ عَلَيكَ مِنَ البِرِّ، وَإِحسَانٌ إِلى الخَلقِ وَكَفٌّ لِلأَذَى عَنِ النَّاسِ، وَتَوَرُّعٌ عَنِ الحَرَامِ وَأَكلٌ لِلطَّيِّبَاتِ، وَتَوبَةٌ مِنَ الذُّنُوبِ وَسُرعَةٌ في الرُّجُوعِ إِلى اللهِ، مَعَ مَا يُيَسِّرُهُ اللهُ لَكَ مِن نَوَافِلَ وَوِترٍ مِنَ اللَّيلِ، وَقِرَاءَةِ قُرآنٍ وَصَدَقَةٍ وَكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ، وَدَعوَةٍ إِلى اللهِ وَأَمرٍ بِمَعرُوفٍ وَنَهيٍ عَن مُنكَرٍ، فَأَيُّ عَيشٍ تَعِيشُ إِذًا؟! وَمَا طَعمُ حَيَاتِكَ وَمَا قِيمَتُهَا؟!

 

أَلا فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ وَاحذَرُوا الكَسَلَ عَن طَاعَةِ اللهِ وَخَاصَّةً الصَّلاةَ، فَإِنَّهُ مِن شِرِّ حَبَائِلِ الشَّيطَانِ الَّتِي يَنصِبُهَا لِيَصطَادَ بها النَّاسَ وَيُوقِعَهُم في الفَوَاحِشِ وَالمُنكَرَاتِ، وَيَصُدَّهُم عَن ذِكرِ اللهِ وَيَحرِمَهُمُ الخَيرَ، وَأَكثَرُ مَا يَكُونُ ذَلِكَ في صَلاةِ الفَجرِ خَاصَّةً، وَالَّتِي مَا تَكَاسَلَ امرُؤٌ عَن أَدَائِهَا مَعَ الجَمَاعَةِ أَو تَرَكَهَا، إِلاَّ خُذِلَ في عَامَّةِ يَومِهِ وَعَجَزَ عَمَّا يَنفَعُهُ، وَما وُفِّقَ عَبدٌ لأَدَائِهَا في المَسجِدِ مَعَ المُسلِمِينَ، إِلاَّ أَصبَحَ طَيِّبًا مُطَيَّبًا، وَمُنِحَ بَرَكَةَ يَومِهِ وَسَعِدَ وَأُعِينَ، قَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ﴾ [العنكبوت: 45]، وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ عَن قَومِ شُعَيبٍ: ﴿ قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ ﴾ [هود: 87]، وَقَالَ تَعَالى: ﴿ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ﴾ [مريم: 59]، وَقَالَ جَلَّ وَعَلا: ﴿ فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (5) الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ (6) وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ ﴾ [الماعون: 4 - 7].

 

وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "يَعقِدُ الشَّيطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأسِ أَحَدِكُم إِذَا هُوَ نَامَ ثَلاثَ عُقَدٍ، يَضرِبُ عَلَى كُلِّ عُقدَةٍ: عَلَيكَ لَيلٌ طَوِيلٌ فَارقُدْ، فَإِنِ استَيقَظَ فَذَكَرَ اللهَ تَعَالى انحَلَّت عُقدَةٌ، فَإِن تَوَضَّأَ انحَلَّت عُقدَةٌ، فَإِن صَلَّى انحَلَّت عُقَدُهُ كُلُّهَا فَأَصبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفسِ، وَإِلاَّ أَصبَحَ خَبِيثَ النَّفسِ كَسلانَ"؛ مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

 

إِنَّهَا عِلاقَةٌ وَثِيقَةٌ لا تَكَادُ تَنفَكُّ وَلا تَزُولُ، فَمَن حَافَظَ عَلَى صَلاتِهِ مَعَ الجَمَاعَةِ صَلَحَت حَالُهُ وَانتَظَمَ أَمرُهُ وَأَفلَحَ، وَطَابَ نَفسًا وَخُلُقًا، وَمَن تَكَاسَلَ عَنهَا وَتَبَاطَأَ إِلَيهَا، كَانَ في سَائِرِ أُمُورِهِ مُفَرِّطًا، وَلِمَا يَنفَعُهُ وَيَرفَعُهُ مُضَيِّعًا، وَالفَلاحُ الحَقِيقِيُّ أَوِ الخَسَارَةُ الكُبرَى، حِينَ يُحَاسَبُ العَبدُ يَومَ القِيَامَةِ فَيُنظَرُ أَوَّلَ مَا يُنظَرُ في صَلاتِهِ، فَإِن صَلَحَت فَقَد أَفلَحَ، وَإِن فَسَدَت خَابَ وَخَسِرَ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • من أسباب الخذلان (1)
  • من أسباب الخذلان (2)
  • من أسباب الخذلان (3)
  • من أسباب الخذلان (4)
  • من أسباب الخذلان (5)
  • خذلان الله للعبد: معناه وأسبابه

مختارات من الشبكة

  • خطورة التهاون في الصلاة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضل الإله في التنبيه على خطورة التهاون في تسوية الصفوف في الصلاة (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الانزلاق في مواطن الفتن وحديث عن التهاون في التكفير واستباحة الدماء(محاضرة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن عبدالله السحيم)
  • خطبة عن التهاون بالصلاة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إلى متى هذا التهاون في اللباس يا مسلمات؟(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • التهاون وضعف الغيرة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطر التهاون بالصلاة وعقوباته(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التهاون في السنن الرواتب(استشارة - موقع الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي)
  • تحذير الأمة من التهاون بصلاة الجماعة والجمعة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لا للتهاون بالصيام(مقالة - ملفات خاصة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بعد عامين من البناء افتتاح مسجد جديد في قرية سوكوري
  • بعد 3 عقود من العطاء.. مركز ماديسون الإسلامي يفتتح مبناه الجديد
  • المرأة في المجتمع... نقاش مفتوح حول المسؤوليات والفرص بمدينة سراييفو
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/12/1446هـ - الساعة: 17:59
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب