• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    حديث: مره فليراجعها
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    حقوق الانسان (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    إرشاد الأحباب إلى ما به يحصل تهوين المصاب
    الدخلاوي علال
  •  
    مصطلح (حسن الرأي فيه) مرتبته، وأثره في الحكم على ...
    د. وضحة بنت عبدالهادي المري
  •  
    خطبة: الصداقة في حياة الشباب والفتيات
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حين تمر بنا القبور دون شواهد
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    أهمية الأوقاف وضرورة المشاريع الاستثمارية الوقفية ...
    د. أبو عز الدين عبد الله أحمد الحجري
  •  
    سورة الإخلاص
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    شدة المقت الإلهي: تحليل لغوي وشرعي لآية "كبر مقتا ...
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    فضل (الصدق) وأثره على الفرد والمجتمع
    محمد الساخي
  •  
    من مائدة الفقه: الوضوء
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    {يردوكم على أعقابكم}
    د. خالد النجار
  •  
    مبدأ التخصص في الإسلام (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    نجاح موسم الحج بفضل الله وبرحمته (خطبة)
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    التحذير من المغالاة في المهور والإسراف في حفلات ...
    سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
  •  
    اشتراط الحول والنصاب في الزكاة
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / خطب الحرمين الشريفين / خطب المسجد الحرام
علامة باركود

خطبة المسجد الحرام 26 /6 /1430هـ

الشيخ صالح بن عبدالله بن حميد


تاريخ الإضافة: 20/6/2009 ميلادي - 27/6/1430 هجري

الزيارات: 14606

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الفئة الضالة بين العلم والجهل

خطبة المسجد الحرام 26 /6 /1430هـ

 

الحمد لله تفرَّدَ بالعِزَّةِ والجَبَروت، والملك والملكوت، أمات وأحيا، وأضحك وأبكى، وأفقر وأغنى، أحمدُهُ - سبحانه – وأشكره، وأتوب إليه وأستغفره، نِعَمُهُ تَتْرَى، وآلاؤُهُ لا تُحْصى.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادةً تُقرِّبُ إليه زُلفَى، وأشهدُ أن سيِّدَنا ونبيَّنا محمدًا عبدُ الله ورسولُهُ خاتمُ الأنبيا وسيِّدُ الوَرَى، صلَّى الله وسلَّمَ وبارَكَ عليه وعلى آله نجومِ الدُّجَى، وأصحابِهِ شموسِ الهُدَى، والتابِعِين ومن تَبِعَهم بإحسانٍ، وسارَ على نهجِهم فاهتدى، وسلَّم تسليمًا كثيرًا مزيدًا أبدًا.

أما بعد:
فأوصيكم - أيها الناس - ونفسي بتقوى الله - عز وجل، فاتقوا الله - رحمكم الله - ولا تغرُّنَّكم الحياةُ الدنيا، ولا يغُرَّنَّكم بالله الغرور؛ فالدنيا حلالُها حِسابٌ، وحرامُها عِقابٌ، وعامِرُها خرابٌ، الذاهِبُون فيها بلا إيابٍ، ويتوب الله على من تابَ، أيدي المنون تقطِف الأعمار قطفًا، وتتخطَّف الأرواح خطفًا، الصحيحُ فيها لا يدري متى يمرض، والمريض لا يدري متى يُشفى: ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا * فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا * لاَ تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلاَ أَمْتًا ﴾ [طه: 105- 107].

أيها المسلمون:
من استخفَّ بالعلماء أفسَدَ دينه، ومن استخفَّ بالسلطان أفسَدَ شأنه، ومن استخفَّ بالإخوان أفسَدَ مروءته، والعاقلُ لا يستخِفُّ بغيره، وأهدأُ ما في البحر أعمقُهُ، والجَلَبَةُ والضوضاءُ تُصدِرُها الأواني الفارغة، ويهزِمُك عدوُّك إذا استطاع أن يستفِزَّك، وفي التنزيل العزيز في طريق إبليس: ﴿ وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُورًا * إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلاً ﴾ [الإسراء: 64-65].

سبحان الله - عباد الله! أيكون الإنسان عدوًّا لأهله، مُفسِدًا لدينه، مُحارِبًا لوطَنِهِ، مصدرَ إزعاجٍ وقلقٍ وفسادٍ وترويعٍ؟! هل يرضى العاقلُ - فضلاً عن المسلم - أن يجلِبَ الأذى لقومه، ويُمكِّنَ لأعدائه، ويخذُلَ دينه، ويسد أبواب الخير وطرقه؟! يقال ذلك عباد الله.

والمُتابِعُ والغيور والمحب يتابِعُ اللقاءات والكتابات، والأحاديث والاعترافات التي تجري مع شباب الفئة الضالة الشباب الأغرار، يُتابِعُ ما تحمِلُهُ وسائلُ الإعلام العامةُ المُعلَنة، وشبكات المعلومات، ومنتدياتها ومواقعها من أمورٍ بالغة الأسى والألم، إنها تُبرِزُ مدى التغرير الذي يقع به هؤلاء، والضعف العلمي، وقِصَر النظر، وقلَّة الفقه.

إن المُتابِع ليأسَى حين يرى في أحاديثهم ولقاءاتهم بضاعةً مُزجاةً، وفهمًا سقيمًا؛ بل الجهل في كثيرٍ من المسلمات والبدهيات، هذا الشاب الغِرّ مُشتَّت الذهن، قلِقُ النفس، مُضطربُ التفكير، قليلُ الخبرة، عديمُ التجربة، لا يُميِّزُ بين الحق والباطل، والمصلحة والمفسدة، والمضرة والمنفعة، يتجلَّى فيه ضعفُ الحَصَانةِ والمناعَةَ، لا يملك التفكير في المستقبل؛ بل لعل الواحد منهم يكفِّر ويبدِّع ويفسِّق ويبيح الدم؛ لأنه سمع أحاديثَ مجالس، أو مُداخلاتٍ في شبكات المعلومات، أو محاوراتٍ مع رفاقٍ، أو محادثاتٍ مع جلساء، برز فيهم الانقياد الأعمى، والتبعية المطلقة، والمسارعة إلى التصديق والقبول والتسليم؛ بل الاضطراب والتقلُّب، ناهِيْكُم بعدم التثبُّت والتبيُّن.

يُضاف إلى ذلك: ضعفُ القدرة على فهمِ الأدلة، وفحصِ الحُجَج، ونقدِ البراهين؛ فبرز فيهم سرعة الاستجابة، وسهولة الانقياد ليس لدعاة التكفير والتفجير فحسب؛ بل لعملاء المخابرات وثعالب السياسة.

لقد وقعوا في براثِنِ أجهزةِ استخباراتٍ إقليميةٍ ودوليةٍ - من حيث يشعرون أو لا يشعرون، تُوجِّهُهم وتدفعُهُم، وتُزيِّنُ لهم وتُوهِمُهم وتُضَلِّلُهم؛ بل ترسُمُ لهم الخطوطَ العريضة والدقيقة، مُستهدِفةً التخريب والأذى، ونشر الفوضى، والتمكين للأعداء أعداء الدين، وأعداء الأمة، وأعداء البلاد.

شبابٌ أغرار يُدفعون دون رؤيةٍ أو رَوِيَّةٍ، هؤلاء الشباب السُّذَّج اختُطِفوا واستُغِلُّوا ليكونوا مطايا لأصحاب هذه المصالح، ليس فيها مصالحُ لأهل الإسلام ولا للدعوة ولا للحق والعدل - علم الله؛ بل من أجل إضعافِ الأمة، وإدخالِ أهلِ الإسلامِ في الصراعاتِ، ودوائرِ اليأسِ، ليتمكَّنَ الأعداءُ - كلُّ الأعداء - من تنفيذ مآربهم، وتقطيع أوصال الأمة وتمزيقها في أراضيها، وعقائدها، ومذاهبها، وطوائفها، وجرِّها إلى دهاليز ملتويةٍ، وأنفاقٍ مُظلِمةٍ، وسراديبَ مُعتِمة، شبابٌ سُذَّج وقعوا وقود فتنةٍ تصنعُها أيدٍ أجنبية، وعقولٍ استخباراتية، تخطيطٌ وتنفيذٌ لضرب الأمة في أهلها وديارها ومُقدَّراتها ومكتسباتها.

ألم يُدرِكوا تداخُلَ مصالح القوى الماكرة، وتشابُك أهداف العِدَا المتربصين، بطعنٍ في الظهر، والتفافٍ على أهل الحق؟!
إن هؤلاء الشباب في هذه الفئة الضالة أدواتٌ للصراع السياسي في ديار الإسلام، يُقدِمُونَ على ما يُقدِمون عليه بحماسٍ وانفعالٍ واندفاعٍ من غير فقهٍ ضابطٍ، ولا شرعٍ رادعٍ؛ مما أنتجَ مفاسدَ ومهالك، وأورَثَ فِتَنًا كبرى عانَى منها الشباب أنفسُهُم، وعانَتْ منها مجتمعاتهم.

لم يستفيدوا لضحالةِ تفكيرهم، وضعف إدراكهم أن هذه الأعمال الإرهابية - التي هم وقودُها - لم تكن دوافعُها ولا أهدافها دينيةٌ ولا وطنيةٌ؛ بل سياسيةٌ بحتةٌ لمصالح عدوانية خالصة، كيف انحرفوا وانجرفوا في شبكات المخططات والتخبُّطات؟! وقعوا وانزلقوا في التنظيم، وارتَمَوا وتحالفوا مع أي نظامٍ أو مذهبٍ أو طائفةٍ.

أمَا أدرك هؤلاء الأغرار أن ما يحظَون به من أموال، وما يسهّل لهم من عبور وتنقُّلات، وما يحصلون عليه من منالاتٍ ليس بأفكارهم ولا بتدبيرهم ولا بتبرُّعاتهم، ولكنه التنظيم والتخطيط، ومكرُ السيئ من دولٍ ومُنظَّماتٍ بنفوذها، وأجهزتها، وعملائها، واتصالاتها، وأهدافها، وغايتها؟!

ألم يُدرِكُوا أن غايةَ ما يُدفعون إليه هو نشرُ الفوضى، وإثارةُ الفتن، وبلبلةُ الفِكْر؛ ومِن ثَمَّ تسليمُ الساحة والمنطقة إلى خصوم الأمةِ وأعدائها من حيث يدرون أو لا يدرون؟!

عباد الله، معاشر الإخوة:
والوقفة الأخرى: مع منهجهم الذي سلكوه، وكتبهم التي استندوا إليها، والمراجع التي يرجعون إليها، والفتاوى التي يعتمدون عليها؛ ألم يُدرِكُوا أنها انحَرَفَتْ بهم إلى تبنِّي آراءٍ فاسدةٍ، ومقولاتٍ شاذّةٍ أدَّتْ بهم إلى مزيدٍ من الضعف العلميِّ، والشُّذُوذِ الفكريِّ، والتشرذُمِ العقائديِّ؟!

هلاَّ تأمَّلوا في الانحراف والانجراف الذي وقعوا فيه، والتحوُّل الخطير الذي انزَلَقوا إليه؛ فقد كانوا يقولون: إنهم لا يستهدِفُون إلا الكفار والمصالح الأجنبية، ومع أن هذا منكرٌ ممنوعٌ، ولكنَّهم تحوَّلوا يائسين بائسين إلى أن يضرِبُوا أهلهم، ويخرِبوا بيوتهم بأيديهم، وهذا مع ما يجبُ من إنكاره والمعاقبة عليه، ولكنه يُثيرُ الشفقة على هؤلاء في مدى سذاجتهم، وسهولةِ أن يكونوا ألعوبةً بأيدي هؤلاء الماكرين.

كما إنك تعجب في منهجيتهم وهم يحملون - فيما يزعُمون - مُعتَقَدَ السلف، ثم يرتمُونَ في أحضان من يُخالِفُهم ويُناوِئُهم، ولا يقال هذا إنكارًا لمذاهب أهل الإسلام وفرقهم، ولكن مخاطبةً لهؤلاء الأغرار.

يقول أحدهم بانحرافٍ وجهل: أنا لا أرغب الحديثَ عن أهلي وعائلتي، والتي ينتابُني حيالُها مشاعر متناقضة، فأخاف أحيانًا أن تأخُذَني الشفقةُ فيهم فأُخْطِئ في ديني!

سبحان الله! وهل بعد هذه الضحالة من ضحالةٍ؟! نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - يقول مُفتخِرًا بأبيه وعشيرته: ((أنا خيارٌ من خيارٍ من خيارٍ))، ويقول:

أنا النبيُّ  لا  كَذِب        أنا ابنُ عبدِ المطلب


ولم يقل هذا فخرًا ولا عصبيةً ولا قبليةً، حاشا وكلا، ولكنه اعتزازٌ بنسَبِهِ الشريف - عليه الصلاة والسلام، وبيانًا لأصالة أهله ومحتِدِه، بينما هذا الشباب المخذول يقول: لا أرغب الحديثَ عن أهلي وعائلتي خوفًا على ديني.

شبابٌ أغرار، وقودٌ لفتنةٍ، وأدواتٌ لصراعٍ للأعداء؛ تُرى هل استبانَ لهذه الفئةِ الضالة أن المسألة ليست فتاوى، ولا استدلالاً بنصوصٍ، ولا احتجاجاتٍ بأقوالٍ وآثارٍ، ولكنها تدابير دوليةٌ خبيثةٌ تدَّعِي أنها تُعادِي "القاعدة"، وتُحارِبُ الإرهاب، ولكنها هي التي تحتضِنُ "القاعدة" وتُموِّلُ الإرهاب؟!

وبعد، أيها الشباب، وبعد، أيها الناس:
إن الظنَّ أن السياسات الانتحارية، والمسالك التفجيرية، وتحويل المواطنين - أيًّا كانت هويَّتهم، أو مذاهبهم - إلى عبواتٍ ناسفةٍ، أو أسلحةٍ ناريةٍ هذا إغراقٌ في الجهالة، وسَفَهٌ في التفكير، ناهِيْكُم بأنه إهلاكٌ ودمارٌ لا ينصُرُ دِينًا، ولا يحفظُ وَطنًا، ولا يُعِزُّ شعبًا.

الشعوب تبني نفسها بصحة العقيدة، والتربية المستقيمة، والعلم وحسن التدبير، وجمع الكلمة، وليس بالتفجير والتدمير، والإهلاك والتخريب، ولا يُصغِي إلى هذه الشعارات وبطولات الانتحارات إلا مُتخلِّفُ التفكير، ضعيفُ الإدراك، قليلُ العلم.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿ أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاء وَيَهْدِي مَن يَشَاء فَلاَ تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ﴾ [فاطر: 8].

نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم، وبهدي محمدٍ - صلى الله عليه وسلم، وأقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ وخطيئةٍ؛ فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبيَّ بعده نبيِّنا محمدٍ وعلى آله وصحبه.

أما بعد، معاشر المسلمين:
يعظُمُ الأسى، ويشتدُّ الأذى حين تُستهدَف بلاد الحرمين مأرِزُ الإيمان، وقبلة أهل الإسلام، حتى قال قائلهم مُوجِّهًا هؤلاء الأغرار، ومُضَلِّلاً هؤلاء السُّذَّج: "لا يشغلكم سوى حُكَّام هذه البلاد ورجالاتها، ولا تُفكِّرُوا في غيرهم"!. هكذا وجَّهَهم - خذله الله.

أمَا كان عندَ هذه الفئة الضالة من نباهة؟ أليس لديهم ذكاءٌ وفطنةٌ؟ منعوهم أن يقارنوا قيادات هذه البلاد ورجالاتها بغيرهم؛ لأن المُقارنة والتفكير ليست في صالح عملاء الاستخبارات ومن وراءهم.

هل قبِلَ هؤلاء المساكين البائسين أن يستهدِفُوا مصالحَ بلادِهم ليُنغِّصُوا العيشَ على آبائهم وأمهاتهم وهم يرَون بلادًا تُتخطَّف من حولهم، ويُعبثُ بهم، وتُجاسُ خلال الديار؟! إنك لتعجَبْ من الانحراف الخطير، والانجراف المهلك المدمر.

وبعد، عباد الله:
فمع اعتمادنا على ربنا - سبحانه، وثقَتِنا بعد ذلك بوُلاة أمرنا وحسن إدراتهم ورعايتهم، مع ذلك يجبُ أن يؤازرَ ذلك ويُمدُّ بتحصينٍ أمثل من الداخل في خطةٍ شاملةٍ، وبرنامجٍ متكاملٍ، تشتركُ فيه كلُّ الجهاتِ والأجهزة الدينية والتعليمية والثقافية والتعليمية بفعاليةٍ وتفاعلٍ، من البيت والمدرسة والجامعة والسوق، ومن كل فئات المجتمع وتكويناته - كبارًا وصغارًا، رجالاً ونساءً - في شُمولٍ واتِّساعٍ، تُجنَّد له العُقُولُ والخبرات والكفاءات والإمكانات داخل البلاد وخارجها، والله خيرٌ حافظًا وهو أرحم الراحمين.

وإنه ليُحمَدُ لدولتنا - دولة الإسلام والحق - حسنُ منهجها في التعامل مع هذه الفئة الضالة، وسلوكُ ألوانٍ من طرقِ المُعالَجة؛ فهي تُجنِّدُ قُواهَا في حَزْمٍ وعقلٍ ورحمةٍ، ومعالجةٍ فكريةٍ، ومناصحةٍ شرعية، ومُقابلةٍ للفكرِ بالفكرِ، وتوضيحٍ لكلِّ اختصاصٍ من العلماءِ والدعاة والمختصِّين في العلوم المسلكية والنفسية وغيرها.

غير أن المُتابِع يُلاحِظ على بعض الكُتَّابِ والمُفكِّرين والإعلاميين عدمَ مواكبتهم لهذا النهج، فيطرحون طُرُوحاتٍ يتَّهِمُون فيها المناهج الشرعية، والمراكزَ الصيفية، وحلقاتِ العلم؛ بل يقولون: إن هناك مناهج خفيَّة، فإذا كانت خفيَّةً فكيف عرفوها؟ - هداهم الله وإيانا.

وقد علِمُوا أن مثل هذه الفئة الضالة، والأعمال الإرهابية موجودةٌ في دولٍ ومجتمعاتٍ ليس فيها مناهج شرعية، ولا حلقات علمية، ولا مناهج مُعلَنة ولا خفيَّة؛ بل موجودةٌ في دولٍ ومجتمعاتٍ غير إسلامية.

إن من الواجب المُتعيِّن: توحيدُ الصفِّ، والهدفِ والخطابِ لخدمة دين الله، وحمايةِ بلادنا في كلمةٍ سواء، ومنهجٍ سواء تلتقي عليه الدولةُ بمسئولِيْها وعلمائها ومُفكِّرِيْها ومناهِجِها وإعلامها.

ألا فاتقوا الله - رحمكم الله، واعتصِمُوا بحبل الله، واستمسِكُوا بشرع الله، وأطيعُوا الله ورسوله، والله وليُّ المتقين.

هذا؛ وصلُّوا وسلِّموا على الرحمة المهداة، والنعمة المُسداة؛ نبيِّكم محمدٍ رسول الله؛ فقد أمَرَكم بذلك ربكم، فقال - عزَّ قائلاً عليمًا - في محكم تنزيله - قولاً كريمًا: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].

اللهم صلِّ وسلِّمْ وبارِكْ على عبدِكَ ورسولِكَ؛ نبيِّنا محمدٍ صاحبِ الوجهِ الأنور، والجبينِ الأزهر، والخُلُقِ الأكمل، وعلى آلِ بيتِهِ الطيبين الطاهرين، وعلى أزواجه أمهات المؤمنين، وارضَ اللهم عن الخلفاء الأربعة الراشدين والأئمة المهديين: أبي بكرٍ، وعمر، وعثمان، وعليٍّ، وعن الصحابة أجمعين، والتابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بعفوك وجُودِك وإحسانِك يا أرحم الراحمين.

اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الشرك والمشركين، واحمِ حوزة الدين، وانصر عبادك المؤمنين.

اللهم آمِنَّا في أوطاننا، اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلِح أئمَّتنا وولاة أمرنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك، وابتع رضاك يا رب العالمين.

اللهم وفِّق إمامنا ووليَّ أمرنا بتوفيقك، وأعِزَّه بطاعتك، وأَعْلِ به كلمَتَك، وانصر به دينك، واجمع به كلمةَ المسلمين على الحق والهدى يا رب العالمين، اللهم وفِّقْه ونائبَيْه وإخوانَهُ وأعوانَهُ لما تحبُّ وترضى، وخُذْ بنواصِيهم للبر والتقوى.

اللهم وفِّقْ وُلاةَ أمور المسلمين للعمل بكتابك، وبسنَّةِ نبيِّكَ محمدٍ - صلى الله عليه وسلم، واجعلهم رحمةً لعبادك المؤمنين، واجمع كلمتهم على الحق يا رب العالمين.

اللهم وأبرِمْ لأمةِ الإسلام أمرَ رُشدٍ يُعزُّ فيه أهلُ الطاعة، ويُهدَى فيه أهلُ المعصية، ويُؤمَرُ فيه بالمعروف، ويُنهَى فيه عن المُنكر، إنك على كل شيء قدير.

اللهم عليك باليهود الصهاينة الغاصبين المحتلين، اللهم عليك باليهود الصهاينة الغاصبين المحتلين، اللهم عليك بهم فإنهم لا يُعجِزُونك، اللهم إنا ندرأُ بك في نحورهم، ونعوذُ بك من شرورهم.

اللهم ارفع عن الغلا والوبا والربا والزنا والزلازل والمحن، وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن، عن بلدنا وعن سائر بلاد المسلمين يا رب العالمين.

اللهم إنا نسألك خشيَتَك في الغيب والشهادة، وكلمةَ الحق في الغضب والرضا، والقصدَ في الفقر والغنى، والرضا بعد القضاء، وبَرْدَ العيش بعد الموت، ونسألُكَ نعيمًا لا ينفَدْ، وقُرَّةَ عينٍ لا تنقطع، ونسألُكَ لذَّةَ النَّظَرِ إلى وجهِكَ الكريم، والشوقَ إلى لقائك في غير ضرَّاءَ مُضِرَّةٍ، ولا فِتنةٍ مُضِلَّةٍ.

اللهم زيِّنَّا بزينةِ الإيمان، واجعلنا هداةً مهتدين، لا ضالين ولا مُضِلِّين، اللهم اشفِ مرضانا، اللهم اشفِ مرضانا، وارحم موتانا، واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين؛ الأحياء منهم والميتين.

﴿ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُوْنَنَّ مِنَ الخَاسِرِيْنَ ﴾ [الأعراف: 23]، ﴿ رَبَّنَا آتِنَا فِيْ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِيْ الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [البقرة: 201].

عباد الله:
﴿ إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيْتَاءِ ذِيْ القُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالمُنْكَرِ وَالبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [النحل: 90]، فاذكروا الله يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ﴿ وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾ [العنكبوت: 45].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


مختارات من الشبكة

  • التعريف بالبلد الحرام(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • خطبة المسجد الحرام 21/5/1433 هـ - التحذير من أكل المال الحرام(مقالة - موقع الشيخ د. أسامة بن عبدالله خياط)
  • خطبة المسجد الحرام 13 / 12 / 1434 هـ - وصايا للحجاج في ختام الحج(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد الحرام 28 / 11 / 1434 هـ - أخلاقنا في الحروب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد الحرام 21 / 11 / 1434 هـ - مظاهر العبودية لله في الحج(مقالة - موقع الشيخ د. أسامة بن عبدالله خياط)
  • خطبة المسجد الحرام 14 / 11 / 1434 هـ - الفهم والإدراك(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد الحرام 7 / 11 / 1434 هـ - حسن التصرف والوعي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد الحرام 23 / 10 / 1434 هـ - حقوق الجار في الإسلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد الحرام 16 / 10 /1434 هـ - أهمية الوحدة بين المسلمين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد الحرام 17 / 9 / 1434 هـ - الشكر وفضل الشاكرين(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
1- وفقكم الله
العربي - مصر 20-06-2009 04:20 PM

• العِلم كمرادف للمعرفة، أي إدراك الشيء بحقيقته، و نقيضه الجهل. فيقال "فلان على عِلْمٍ بالأمر أي يَعرفُه". وفي قول الله تعالى {أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى} (النجم 35). و تنسب المعرفة عادةً، في بعض السياقات، للإدراك الجزئي أو البسيط لا للمفاهيم الكّلية و المركبة فيقال "عَرفتُ الله" و لا يقال "عَلمتُ الله".
• العِلم كمرادف أو كمرتبة لليقين و نقيض للشّك و الظن، ويظهر هذا المعنى في القرآن الكريم في العديد من الآيات مثل قول القرآن {وَإِنَّ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ} (البقرة 144) و {كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمْ} (التكاثر 6،5) و يقال "اليقين هو بلوغ الإيمان في القلب لمرتبة العِلم والمعرفة التامة وتُنافي الشّك والريب عنها"
خطبة موفقة بإذن الله وجعل الله هذا العمل في موازين حسناتكم

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بعد 3 سنوات أهالي كوكمور يحتفلون بإعادة افتتاح مسجدهم العريق
  • بعد عامين من البناء افتتاح مسجد جديد في قرية سوكوري
  • بعد 3 عقود من العطاء.. مركز ماديسون الإسلامي يفتتح مبناه الجديد
  • المرأة في المجتمع... نقاش مفتوح حول المسؤوليات والفرص بمدينة سراييفو
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 18/12/1446هـ - الساعة: 17:42
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب