• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    يوم العيد وأيام التشريق (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    المقصد الحقيقي من الأضحية
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    خطبة الأضحى 1446 هـ (إن الله جميل يحب الجمال)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    خطبة عيد الأضحى 1446هـ
    عبدالوهاب محمد المعبأ
  •  
    لبس البشت فقها ونظاما
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    خطبة: مضت أيام العشر المباركة
    محمد أحمد الذماري
  •  
    خطبة عيد الأضحى المبارك لعام 1446هـ
    د. عبدالرزاق السيد
  •  
    خطبة عيد الأضحى لعام 1446 هــ
    أ. شائع محمد الغبيشي
  •  
    خطبة عيد الأضحى المبارك: تضحية وفداء، صبر وإخاء
    الشيخ الحسين أشقرا
  •  
    خطبة عيد الأضحى 1446هـ
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    خطبة عيد الأضحى 1446 هـ
    عبدالعزيز أبو يوسف
  •  
    حكم صلاة الجمعة لمن صلى العيد إذا وافق يوم الجمعة ...
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    المسائل المختصرة في أحكام الأضحية
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    الثامن من ذي الحجة
    د. سعد مردف
  •  
    خطبة عيد النحر 1446 هـ
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    التشويق لفضائل النحر والتشريق (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب / في النصيحة والأمانة
علامة باركود

إنما تنذر الذين يخشون ربهم بالغيب

إنما تنذر الذين يخشون ربهم بالغيب
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 13/4/2013 ميلادي - 3/6/1434 هجري

الزيارات: 16489

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

إنما تنذر الذين يخشون ربهم بالغيب


أَمَّا بَعدُ، فَأُوصِيكُم - أَيُّهَا النَّاسُ - وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ - ﴿ فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [الأعراف: 35]

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، المُتَأَمِّلُ في الحَيَاةِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا، يَظُنُّ أَنْ لَيسَ لِلإِنسَانِ فِيهَا إِلاَّ النَّكَدُ وَالتَّعَبُ وَالنَّصَبُ، وَأَنَّ الشَّقَاءَ قَد كُتِبَ عَلَى كُلِّ مَن فِيهَا بِلا استِثنَاءٍ، يَظُنُّ ذَلِكَ لما يَرَاهُ مِن دُوَلٍ كُبرَى تُصَارِعُ دُوَلاً مِثلَهَا، أَو تَتَعَدَّى عَلَى أُخرَى صَغِيرَةٍ فَتَلتَهِمُهَا، وَهُنَا مُؤَسَّسَاتٌ تُصَارِعُ مُؤَسَّسَاتٍ، وَأَفرَادٌ يُنَافِسُونَ أَفرَادًا، وَطَبَقَةٌ غَنِيَّةٌ تَحتَقِرُ فَقِيرَةً، وَفُقَرَاءُ يَحقِدُونَ عَلَى أَغنِيَاءَ، وَقَبَائِلُ تَتَفَاخَرُ وَتَتَكَاثَرُ، وَأُسَرٌ تَتَكَبَّرُ عَلَى أُسَرٍ، وَامرَأَةٌ تَتَحَيَّزُ ضِدَّ الرَّجُلِ، وَرَجُلٌ يَسعَى لِلوُصُولِ لِلمَرأَةِ، وَجَارٌ يُطَالِبُ جَارَهُ وَدَائِنٌ يُطَارِدُ مَدِينًا، وَصِرَاعَاتٌ مُحتَدِمَةٌ وَانقِسَامَاتٌ، وَفَوضَى عَارِمَةٌ وَتَحَدِّيَاتٌ، وَأَحوَالٌ مُتَنَاقِضَةٌ وَأَوضَاعٌ مُتَبَايِنَةٌ، لا تَستَقِرُّ لِلإِنسَانِ فِيهَا حَالٌ وَلا يَهدَأُ لَهُ بَالٌ، وَيَتَسَاءَلُ عَاقِلٌ وَيَقُولُ: لماذَا كُلُّ هَذَا الظُّلمِ وَالتَّظَالُمِ وَالتَّجَاوُزِ؟ وَمَا سَبَبُهُ وَمَا مَصدَرُهُ؟ فَيُقَالُ إِنَّهُ بِاختِصَارٍ عَدَمُ الإِيمَانِ بِالغَيبِ، قَالَ - سُبحَانَهُ -:﴿ بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ ﴾ [يونس: 39].

 

نَعَم - أَيُّهَا المُؤمِنُونَ - إِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لا يُؤمِنُونَ الإِيمَانَ الكَافيَ بِالقَضَاءِ وَالقَدَرِ، وَيَغفُلُونَ عَن أَنَّ اللهَ - سُبحَانَهُ - قَد كَتَبَ كُلَّ شَيءٍ قَبلَ أَن يَخلُقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرضَ بِخَمسِينَ أَلفَ سَنَةٍ، وَأَنَّهُ قَد قَضَى لِكُلِّ إِنسَانٍ رِزقَهُ وَعَمَلَهُ وَأَجَلَهُ، وَحَظَّهُ مِن شَقَاءٍ أَو سَعَادَةٍ، فَلَن يَنَالَهُ إِلاَّ مَا كُتِبَ لَهُ، وَأَمَّا مَا لم يُقسَمْ لَهُ، فَلا سَبِيلَ لَهُ إِلى الوُصُولِ إِلَيهِ، هَذَا مِن جِهَةِ مَا عَلَيهِ العُقُولُ قَبلَ حُصُولِ التَّصَرُّفَاتِ وَفي أَثنَائِهَا، وَأَمَّا مَا بَعدُ، فَإِنَّ ثَمَّةَ ضَعفًا شَدِيدًا في تَصُوُّرِ عَوَاقِبِ الأُمُورِ وَمَآلاتِهَا، وَتَغَافُلاً عَن قُربِ نِهَايَةِ الدُّنيَا وَتَجَاهُلاً لِسُرعَةِ زَوَالِهَا، وَغَفلَةً مُطبِقَةً عَمَّا يَنتُجُ عَن كَثِيرٍ مِنَ التَّصَرُّفَاتِ الهَوجَاءِ مِنِ احتِمَالِ مَظَالِمَ وَاكتِسَابِ مَغَارِمَ، لَن يَكُونَ قَضَاؤُهَا في الآخِرَةِ إِلاَّ بِالأَخذِ مِنَ الحَسَنَاتِ، أَوِ احتِمَالِ الظَّالِمِ مَزِيدًا مِنَ السَّيِّئَاتِ. وَلَو أَنَّ النَّاسَ آمَنُوا بِالغَيبِ الإِيمَانَ الحَقِيقِيَّ الَّذِي لا شَكَّ مَعَهُ، إِيمَانَ مَن كَأَنَّهُ يَرَى الغَيبَ رَأيَ عَينٍ بِيَقِينٍ، لأَثمَرَ ذَلِكَ لَهُم خَوفًا في القُلُوبِ وَخَشيَةً لِعَلاَّم ِالغُيُوبِ، وَاستِقَامَةً لِلأَلسِنَةِ وَعَمَلاً صَالحًا بِالجَوَارِحِ، وَلاجتَنَبُوا المَعَاصِيَ وَالسَّيِّئَاتِ وَالمُنكَرَاتِ، وَلَهَدَأَت نُفُوسُهُم وَاطمَأَنَّت قُلُوبُهُم، وَلانزَاحَت عَن صُدُورِهِم كَثِيرٌ مِنَ الهُمُومِ وَالأَثقَالِ، لَكِنَّ أَكثَرَهُم لا يَعلَمُونَ وَلا يَعقِلُونَ، وَمِن ثَمَّ فَقَد آثَرُوا الفَانيَ عَلَى البَاقي، وَبَاعُوا الكَثِيرَ بِالقَلِيلِ، وَفُضِّلَتِ الأُولى لَدَيهِم عَلَى الأُخرَى. وَأَمَّا القِلَّةُ القَلِيلَةُ مِنَ المُؤمِنِينَ الصَّادِقِينَ، الَّذِينَ زَادَهُمُ اللهُ تَقوًى وَيَقِينًا وَهُدًى، فَقَد آمَنُوا بِالغَيبِ إِيمَانَ مَن يَشهَدُهُ، وَصَدَّقُوا بِهِ تَصدِيقَ مَن لا يَغِيبُ عَنهُ، وَمِن ثَمَّ فَقَد حَازُوا في دُنيَاهُمُ الطُّمَأنِينَةَ وَكَسِبُوا رَاحَةَ البَالِ، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ [الرعد: 28] نَعَم - إِخوَةَ الإِيمَانِ - إِنَّ المُؤمِنَ مُطمَئِنُّ القَلبِ دَائِمًا، سَاكِنُ الجَأشِ أَبَدًا، إِن أَصَابَهُ خَيرٌ اطمَأَنَّ بِهِ، وَإِنِ ابتُلِيَ بِشَرٍّ أَو فِتنَةٍ، صَبَرَ وَتَحَمَّلَ وَلم يَنقَلِبْ عَلَى وَجهِهِ، وَمَا ذَاكَ إِلاَّ لِيَقِينِهِ أَنَّ مَا وَقَعَ فَهُوَ بِقَضَاءٍ وَقَدَرٍ، وَأَنَّ بَعدَ الدُّنيَا دَارًا لِلجَزَاءِ وَالحِسَابِ، وَيَومًا تَصغُرُ فِيهِ هُمُومُ الدُّنيَا مَهمَا كَبُرَت، وَسَاعَةً تُوَفىَّ فِيهَا كُلُّ نَفسٍ مَا كَسَبَت، فَيُؤخَذُ فِيهَا لِلمَظلُومِ بِمَظلَمَتِهِ، وَيُوفىَّ فِيهَا المَهضُومُ حَقَّه، وَأَنَّ مَعَ الصَّبرِ نَصرًا، وبَعدَ الكَربِ وَالعُسرِ فَرَجًا وَيُسرًا.

 

لَقَد عَلِمَ المُؤمِنُونَ الصَّادِقُونَ المُصَدِّقُونَ، أَنَّ الدُّنيَا لا تُسَاوِي عِندَ اللهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ، وَأَنَّهَا سِجنُ المُؤمِنِ وَجَنَّةُ الكَافِرِ، وَأَنَّهَا مَلعُونَةٌ مَلعُونٌ مَا فِيهَا إِلاَّ ذِكرَ اللهِ وَمَا وَالاهُ، وَأَنَّ مَا قَلَّ وَكَفَى خَيرٌ مِمَّا كَثُرَ وَأَلهى، وَأَنَّهُ لَيسَ الغِنى عَن كَثرَةِ العَرَضِ، وَلَكِنَّ الغِنى غِنى النَّفسِ، وَأَنَّ رَكعَتَينِ يَركَعُهُمَا مُسلِمٌ قَبلَ الفَجرِ، أَو تَسبِيحَةً أَو تَهلِيلَةً أَو تَكبِيرَةً أَو تَحمِيدَةً، خَيرٌ مِنَ الدُّنيَا وَمَا طَلَعَت عَلَيهِ الشَّمسُ فِيهَا، وَأَنَّ مَوضِعَ سَوطِ المُؤمِنِ في الجَنَّةِ خَيرٌ مِنَ الدُّنيَا وَمَا فِيهَا، وَمِن ثَمَّ فَقَد تَرَفَّعُوا عَنِ التَّشَاحُنِ وَالتَّنَافُسِ، وَاتَّصَفُوا بِالعَفوِ وَالتَّسَامُحِ، وَطَهَّرُوا قُلُوبَهُم مِنَ البَغضَاءِ وَالأَحقَادِ، وَسَلِمُوا مِنَ التَّدَابُرِ وَالعَدَاوَاتِ، وَتَرَاهُم وَإِنْ غَلَبَتهُم بَشَرِيَّتُهُم، فَنَالَهُم شَيءٌ مِنَ الحُزنِ أَوِ اعتَرَاهُم ضِيقٌ في الصُّدُورِ، أَوِ اغتَمُّوا وَهُم يَرَونَ الكُفَّارَ أَوِ الفُجَّارَ أَوِ الظَّلَمَةَ قَد أَخَذُوا مِن حَقِّهِم مَا أَخَذُوا، أَو نَهَبُوا مِن نَصِيبِهِم مَا نَهَبُوا، أَو كَانَت لهم في وَقتٍ مِنَ الأَوقَاتِ الدَّولَةُ وَالغَلَبَةُ فَآذَوا مِن عِبَادِ اللهِ مَن آذَوا؛ إِلاَّ أَنَّ إِيمَانَهُمُ العَمِيقَ بِالغَيبِ وَيَقِينَهُم بِأَنَّ المَرَدَّ إِلى اللهِ، يَعُودُ بِهِم إِلى الاستِقرَارِ النَّفسِيِّ وَالاطمِئنَانِ القَلبيِّ، وَيُورِثُهُم مِنِ انشِرَاحِ الصُّدُورِ مَا لَو قُسِمَ عَلَى أُمَّةٍ لَوَسِعَهُم، وَفي الجَانِبِ المُقَابِلِ، فَإِنَّهُم مَهمَا أُعطُوا مِن دُنيَاهُم أَو فُتِحَ عَلَيهِم فِيهَا مَا فُتِحَ، فَإِنَّ إِيمَانَهُم بِأَنَّ مَا عِندَ اللهِ خَيرٌ وَأَبقَى، وَأَنَّ الحَيَاةَ الدُّنيَا مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَالآخِرَةَ خَيرٌ لِمَنِ اتَّقَى، يُكسِبُهُم حَمدَ اللهِ - سُبحَانَهُ - على نِعَمِهِ، وَيُلهِمُهُمُ المَزِيدَ مِن شُكرِهِ وَذِكرِهِ وَحُسنِ عِبَادَتِهِ، فَلا يَشغَلُهُم عَنِ اليَومِ الآخِرِ شَاغِلٌ، وَلا يُطغِيهِم عَلَى مَن سِوَاهُم مُكتَسَبٌ، أُولَئِكُم هُمُ المُؤمِنُونَ المُتَّقُونَ ﴿ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ ﴾ [الأنبياء: 49] الَّذِينَ استَحضَرُوا في كُلِّ وَقتٍ وَآنٍ قَولَ رَبِّهِم: ﴿ إِنَّ اللَّهَ عَالِمُ غَيْبِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴾ [فاطر: 38] وَقَولَهُ: ﴿ وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [النحل: 77] وَقَولَهُ: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [الحجرات: 18] وَأَمَّا مُدَّعُو الإِيمَانِ بِلا عَمَلٍ صَالِحٍ، مَعَ ظُلمِ عِبَادِ اللهِ وَالتَّعَدِّي عَلَى حُقُوقِهِم، فَإِنَّمَا هُم أَدعِيَاءٌ كَاذِبُونَ، وَإِلاَّ لَصَدَّقُوا بِالغَيبِ وَاستَعَدُّوا لِذَلِكَ اليَومِ العَصِيبِ، فَنَالُوا بِذَلِكَ عَظِيمَ الأَجرِ وَصَادِقَ الوَعدِ مِمَّن لا يُخلِفُ المِيعَادَ، القَائِلِ - سُبحَانَهُ -: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ * وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴾ [الملك: 12 - 13] وَالقَائِلِ - عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿ وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ * هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ * مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ * ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ * لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ ﴾ [ق: 31 - 35] اللَّهُمَّ إِنَّا نَسأَلُكَ خَشيَتَكَ في الغَيبِ وَالشَّهَادَةِ، وَنَسأَلُكَ كَلِمَةَ الحَقِّ في الغَضَبِ وَالرِّضَا، وَنَسأَلُكَ القَصدَ في الفَقرِ وَالغِنى، وَنَسأَلُكَ نَعِيمًا لا يَنفَدُ، وَنَسأَلُكَ قُرَّةَ عَينٍ لا تَنقَطِعُ، وَنَسأَلُكَ الرِّضَا بَعدَ القَضَاءِ، وَبَردَ العَيشِ بَعدَ المَوتِ، وَنَسأَلُكَ لَذَّةَ النَّظَرِ إِلى وَجهِكَ الكَرِيمِ وَالشَّوقَ إِلى لِقَائِكَ، مِن غَيرِ ضَرَّاءَ مُضِرَّةٍ وَلا فِتنَةٍ مُضِلَّةٍ، اللَّهُمَّ زَيِّنَّا بِزِينَةِ الإِيمَانِ وَاجعَلْنَا هُدَاةً مُهتَدِينَ.

 

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقوا اللهَ - تَعَالى - وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ، وَاعلَمُوا أَنَّ الإِيمَانَ بِالغَيبِ رَحمَةٌ مِنَ اللهِ وَنِعمَةٌ، لا يَهَبُهَا بَعدَ فَضلِهِ إِلاَّ لِمَن أَخلَصَ لَهُ قَلبَهُ وَتَوَاضَعَ وَتَطَامَنَ، وَتَحَرَّى الحَقَّ وَرَغِبَ في الهُدَى، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ ﴾ [فاطر: 18] وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ ﴾ [يس: 11] وَقَدِ امتَدَحَ - تَعَالى - عِبَادَهُ المُتَّقِينَ أَوَّلَ مَا امتَدَحَهُم بِإِيمَانِهِم بِالغَيبِ فَقَالَ: ﴿ ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ * أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [البقرة: 2 - 5]

 

إِنَّ الإِيمَانَ بِالغَيبِ يُورِثُ القُلُوبَ تَوَجُّهًا إِلى اللهِ صَادِقًا وَاتِّبَاعًا حَسَنًا، وَيُكسِبُ النُّفُوسَ انقِيادًا تَامًّا وَتَسلِيمًا كَامِلاً، وَيُخضِعُ العِبَادَ لأَوَامِرِ رَبِّهِم وَنَوَاهِيهِ، وَبِهِ تَنقَلِبُ حَيَاةُ الأَفرَادِ مِن ضَلالٍ وَخَسَارَةٍ إِلى هدًى وَفَلاحٍ، وَتَسلَمُ المُجتَمَعَاتُ مِن أَمرَاضِ الشُّحِّ وَالشَّحنَاءِ وَالاعتِدَاءِ، وَتُجَنَّبُ أَدوَاءَ الكَذِبِ وَالبُهتَانِ وَالمَكرِ وَالخِيَانَةِ، وَتَحيَا بِهِ في النَّاسِ جُذُورُ التَّقوَى وَتَقوَى لَدَيهِم بَوَاعِثُ الوَرَعِ، وَيَسلُكُونَ سُبُلَ الصَّلاحِ وَالإِصلاحِ ﴿ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ ﴾ [الحديد: 25] أَلا فَاتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللهِ،،

فَلاَ تَكْتُمُنَّ اللهَ مَا فِي نُفُوسِكُمْ
لِيَخْفَى وَمَهْمَا يُكْتَمِ اللهُ يَعْلَمِ
يُؤَخَّرْ فَيُوضَعْ فِي كِتَابٍ فَيُدَّخَرْ
لِيَوْمِ الحِسَابِ أَوْ يُعَجَّلْ فَيُنْقَمِ




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تقوى الله في الحج
  • غايتنا تقوى الله تعالى، والفوز بالجنة، والنجاة من النار
  • تقوى الله سبحانه وتعالى وإخلاص النية
  • الذين يخشون ربهم بالغيب (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • تفسير قوله تعالى: {إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (وما كنت بجانب الطور إذ نادينا ولكن رحمة من ربك لتنذر قوما)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (قال الذين حق عليهم القول ربنا هؤلاء الذين أغوينا أغويناهم كما غوينا تبرأنا إليك)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قوله تعالى: { الذين يؤمنون بالغيب }(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قوله تعالى: ( الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة )(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (فإنما يسرناه بلسانك لتبشر به المتقين وتنذر به قوما لدا)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بعد عامين من البناء افتتاح مسجد جديد في قرية سوكوري
  • بعد 3 عقود من العطاء.. مركز ماديسون الإسلامي يفتتح مبناه الجديد
  • المرأة في المجتمع... نقاش مفتوح حول المسؤوليات والفرص بمدينة سراييفو
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/12/1446هـ - الساعة: 17:59
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب