• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    فقه الأولويات في القصص القرآني (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    حقوق المعلم
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    الهم والغم والحزن: أسبابها وأضرارها وعلاجها في ...
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    حرص الصحابة رضي الله عنهم على اقتران العلم ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    إجارة ما منفعته بذهاب أجزاءه مع بقاء أصله
    عبدالرحمن بن يوسف اللحيدان
  •  
    خطبة: يا شباب عليكم بالصديق الصالح
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    صفة الرزق والقوة والمتانة
    عبدالعزيز بن محمد السلمان
  •  
    من مائدة الحديث: الحث على العفو والتواضع
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    حكم السفر لبلاد يقصر فيها النهار لأجل الصوم بها: ...
    أ. د. عبدالمجيد بن محمد بن عبدالله ...
  •  
    تحريم التفكر في ذات الله جل وعلا
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    امتنان الله تعالى على الخليل عليه السلام بالهداية
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    التفاف الرعية بالراعي ونبذ الفرقة والشقاق (خطبة)
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    العفو في هدي النبي صلى الله عليه وسلم وأثره
    التجاني صلاح عبدالله المبارك
  •  
    التسبيح هو أفضل الكلام
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    التحذير من الكسل (2)
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    توهم إضاعة الدين بسبب الاختلاف في ثبوت بعض ...
    عمرو عبدالله ناصر
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن

اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 30/3/2013 ميلادي - 19/5/1434 هجري

الزيارات: 75446

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

اللهم إني أعوذ بك من الهمّ والحزن


أَمَّا بَعدُ، فَأُوصِيكُم - أَيُّهَا النَّاسُ - وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ -﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآَمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [الحديد: 28].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، إِذَا دَخَلَ أَهلُ الجَنَّةِ الجَنَّةَ وَاستَقَرُّوا فِيهَا، فَإِنَّ مِن أَوَّلِ دُعَائِهِم مَا ذَكَرَهُ اللهُ - تَعَالى - عَنهُم حَيثُ قَالَ: ﴿ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ ﴾ [فاطر: 34] مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الحَزَنَ أَو جُزءًا مِنهُ، لا بُدَّ أَن يُصِيبَ العَبدَ في هَذِهِ الحَيَاةِ، وَأَنَّ الدُّنيَا لَيسَت بِدَارِ سَعَادَةٍ كَامِلَةٍ، وَلا يَذُوقُ فِيهَا العَبدُ رَاحَةً تَامَّةً، نَالَ مَا نَالَ مِن مَالٍ، أَو حَصَّلَ مَا حَصَّلَ مِن زِينَةٍ وَمَتَاعٍ، أَو وَصَلَ إِلى مَا وَصَلَ إِلَيهِ مِن جَاهٍ أَو حَسَبٍ، فَلا بُدَّ مِنَ النَّقصِ في دَارِ النَّقصِ، وَلا مَنَاصَ فِيهَا مِنَ التَّعَبِ وَالنَّصَبِ ﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ ﴾ [البلد: 4].

ثَمَانِيَةٌ تَجرِي عَلَى النَّاسِ كُلِّهِم
وَلا بُدَّ لِلإِنسَانِ يَلقَى الثَّمَانِيَهْ
سُرُورٌ وَحُزنٌ وَاجتِمَاعٌ وَفُرقَةٌ
وَيُسرٌ وَعُسرٌ ثُمَّ سُقمٌ وَعَافِيَه

 

فَتِلكَ طَبِيعَةُ الحَيَاةِ الدُّنيَا:

طُبِعَت عَلَى كَدَرٍ وَأَنتَ تُرِيدُهَا
صَفوًا مِنَ الأَقذَاءِ وَالأَكدَارِ؟
وَمُكَلِّفُ الأَيَّامِ ضِدَّ طِبَاعِهَا
مُتَطَلِّبٌ في المَاءِ جَذوَةَ نَارِ!

 

نَعَم - عِبَادَ اللهِ - لا بُدَّ لِلإِنسَانِ في هَذِهِ الدُّنيَا مِن شَيءٍ مِنَ الهَمِّ وَالحَزَنِ وَالكَدَرِ، غَيرَ أَنَّ نِسبَةَ السَّعَادَةِ وَالحُزنِ في القَلبِ، مَقرُونَةٌ بِقَدرِ مَا فِيهِ مِن إِيمَانٍ وَهِدَايَةٍ، فَمَتى قَوِيَ إِيمَانُ العَبدِ بِاللهِ وَزَادَ يَقِينُهُ وَصَلَحَ وَاهتَدَى، استَقَرَّت نَفسُهُ وَاطمَأَنَّ قَلبُهُ، وَسَكَنَت رُوحُهُ، وَأَحَسَّ بِرَاحَةٍ وَسَعَادَةٍ، وَإِنْ بَدَا لِلنَّاسِ أَنَّهُ شَقِيٌّ أَو مَحرُومٌ، أَو كَانَتِ الحَوَادِثُ وَالمَصَائِبُ تَتَخَطَّفَهُ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ، قَالَ - تَعَالى -: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ﴾ [النحل: 97] وَقَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [آل عمران: 139] وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [البقرة: 277] وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [البقرة: 38] وَمَعَ هَذَا الإِيمَانِ الَّذِي يُزِيحُ عَن القَلبِ أَثقَالَ الحُزنِ وَيَقشَعُ عَنهُ سَحَائِبَ الهَمِّ، فَلا بُدَّ لِلعَبدِ مِن صَبرٍ يُقَوِّي عَزمَهُ وَيُثَبِّتُ جَنَانَهُ، وَدُعَاءٍ صَادِقٍ يَستَعِينُ بِهِ رَبَّهُ وَمَالِكَ قَلبِهِ، وَأَسبَابٍ حِسِّيَّةٍ يَتَنَاوَلُهَا تَنَاوُلَ الدَّوَاءِ، مُتَّكِلاً عَلَى اللهِ مُعتَصِمًا بِهِ، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ ﴾ [النحل: 127] وَعَن أَنسٍ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - أَنَّ النَّبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - كَانَ كَثِيرًا مَا يَقُولُ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الهَمِّ وَالحَزَنِ، وَالعَجزِ وَالكَسَلِ، وَالبُخلِ وَالجُبنِ، وَضَلَعِ الدَّينِ وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ" رَوَاهُ البُخَارِيُّ. وَإِنَّ نَظرَةً فَاحِصَةً في هَؤُلاءِ الدَّعَوَاتِ الَّتي كَانَ يَرفَعُهَا أَفقَهُ النَّاسِ وَأَعلَمُهُم - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - لَتُعطِي العَبدَ مَزِيدًا مِنَ التَّعَرُّفَ عَلَى مُنَغِّصَاتِ الحَيَاةِ وَمُسَبِّبَاتِ الحُزنِ وَالضِّيقِ، لِيَتَجَنَّبَهَا وَيَتَخَلَّصَ مِنهَا، تِلكُم هِيَ ضِيقُ الصَّدرِ بِسَبَبِ مَا يَظُنُّهُ المَرءُ وَيَتَوَقَّعُهُ مُستَقبَلاً، أَو حُزنُهُ بِسَبَبِ مَا يُفَكِّرُ فِيهِ مِمَّا مَضَى وَلَن يَعُودَ، أَو عَجزُهُ عَنِ القِيَامِ بما يَأمَلُهُ وَيَطمَحُ إِلَيهِ، أَو كَسَلُهُ وَرُكُونُهُ إِلى الرَّاحَةِ وَالدَّعَةِ، وَعَدَمُ سَعيِهِ فِيمَا يَنفَعُهُ وَيُصلِحُ شَأنَهُ، أَو جُبنُهُ عَنِ المَعَالي وَتَرَاجُعُهُ وَكَثرَةُ خَوفِهِ، وَعَدَمُ إِقدَامِهِ عَلَى مَا فِيهِ مَصَلَحَةٌ مُتَحقِّقَةٌ أَو رَاجِحَةٌ، أَو بُخلُهُ بما آتَاهُ اللهُ أَن يُنفِقَهُ في زَكَاةٍ أَو صَدَقَةٍ أَو إِيثَارٍ لِمُحتَاجٍ، وَلَو تَفَكَّرَ مُتَفَكِّرٌ مِنَّا اليَومَ، لَوَجَدَ أَنَّ هَذِهِ الأَسبَابَ مُجتَمِعَةً أَو بَعضَهَا، هِيَ مَنشَأُ مَا يَعتَرِي الكَثِيرِينَ مِن هُمُومٍ وَأَحزَانٍ، وَأَسَاسُ مَا يُحيطُ بِقُلُوبِهِم مِن ضِيقٍ وَآلامٍ، فَتَفرِيطٌ في العَبَادَاتِ، وَتَقصِيرٌ في الطَّاعَاتِ، وَتَوَرَّطٌ في كَثِيرٍ مِنَ المُخَالَفَاتِ، وَضَيَاعُ أَيَّامٍ في التُّرَّهَاتِ، وَشَغلُ أَوقَاتٍ بَالمَعَاصِي وَالسَّيِّئَاتِ، وَتَقَاعُسٌ عَنِ السَّعيِ فِيمَا يَنفَعُ وَاعتِمَادٌ عَلَى الآخَرِينَ، بَل وَإِسَاءَةٌ إِلَيهِم وَظُلمٌ وَعَدَمُ إِحسَانٍ، وَشُحٌّ وَبُخلٌ وَمَنعُ حُقُوقٍ وَبُهتَانٌ، كُلُّ هَذَا مِمَّا أَمرَضَ النُّفُوسَ وَضَيَّقَ الصُّدُورَ، وَضَاعَفَ أَدوَاءَ القُلُوبِ بَل وَأَمَاتَ بَعضَهَا. وَأَمَّا النُّفُوسُ الشَّرِيفَةُ الكَبِيرَةُ - عِبَادَ اللهِ - فَإِنَّهَا لا تُفَكِّرُ كَثِيرًا فِيمَا لا تَملِكُ التَّصَرُّفَ فِيهِ مِمَّا مَضَى أَو مِمَّا هُوَ آتٍ، بَل تَصرِفُ فِكرَهَا إِلى مَا يَنفَعُهَا، وَتَبذُلُ الأَسبَابَ في تَحقِيقِ مَا خُلِقَت لَهُ مِن عُبُودِيَّةِ رَبِّهَا، مُوقِنَةً أَنَّهَا مَتى مَا كَانَت لَهُ عَلَى مَا يُحِبُّهُ وَيَرضَاهُ، كَانَ لَهَا عَلَى مَا تُحِبُّهُ وَتَرضَاهُ، فَهُوَ - سُبحَانَهُ - غَفُورٌ شَكُورٌ، لا يَحزَنُ مَن كَانَ مَعَهُ وَإِن تَخَطَّفَتهُ أَيدِي المُشكِلاتِ أَو أَحَاطَت بِهِ شِبَاكُ المُصِيبَاتِ، وَقَد حَكَى - تَعَالى - لِعِبَادِهِ قَولَ نَبِيِّهِ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - لِصَاحِبِهِ: ﴿ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا ﴾ [التوبة: 40] نَعَم - إِخوَةَ الإِيمَانِ - لا فَرَحَ لِلعَبدِ وَإِن نَالَ شَهَوَاتِهِ وَحَصَّلَ مَلَذَّاتِهِ وَهُوَ غَافِلٌ عَن أَمرِ آخِرَتِهِ، وَلا حُزنَ لَهُ وَاللهُ مَعَهُ وَإِن قَلَّ مَا في يَدِهِ، وَإِنَّمَا الحُزنُ لِمَن فَاتَهُ اللهُ وَتَخَلَّى عَنهُ مَولاهُ وَإِن جَمَعَ الدُّنيَا وَحَازَهَا بِحَذَافِيرِهَا، قَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ﴾ [يونس: 58].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، إِذَا عَلِمَ العَبدُ بِيَقِينٍ أَنَّ الأَجلَ مَحدُودٌ وَالرِّزقَ مَقسُومٌ، وَأَنَّ اللهَ هُوَ خَالِقُ الكَونِ وَمُدَبِّرُهُ بما فِيهِ، ثُمَّ أَخَذَ الأُمُورَ بِسَمَاحَةٍ نَفسٍ وَسِعَةِ صَدرٍ وَطِيبِ قَلبٍ، مُوقِنًا أَنَّهُ لَيسَ بِدعًا مِنَ النَّاسِ فِيمَا يُصِيبُهُ، مُستَحضِرًا أَنَّهُ حَتى أَنبِيَاءُ اللهِ وَأَولِيَاؤُهُ لم يَسلَمُوا في هَذِهِ الدُّنيَا أَن يُصِيبَهُم نَصِيبٌ مِنَ الحُزنِ وَالهَمِّ، أَورَثَهُ ذَلِكَ العِلمُ رَاحَةً وَنَعِيمًا وَأُنسًا، وَأَنسَاهُ كُلَّ هَمٍّ وَأَبعَدَ عَنهُ كُلَّ غَمٍّ، قَالَ - تَعَالى - عَن يَعقُوبَ - عَلَيهِ السَّلامُ -: ﴿ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ ﴾ [يوسف: 84] وَقَالَ عَن نَبِيِّهِ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: ﴿ وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ ﴾ [الحجر: 97] وَقَالَ: ﴿ وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ ﴾ [الحجر: 97] وَفي البُخَارِيِّ قَالَت عَائِشَةُ - رَضِيَ اللهُ عَنهَا - وَهِيَ تَقُصُّ قِصَّةَ الوَحيِ: وَفَتَرَ الوَحيُ فَترَةً حَتى حَزِنَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا بَلَغَنَا حُزنًا غَدَا مِنهُ مِرَارًا كَي يَتَرَدَّى مِن رُؤُوسِ شَوَاهِقِ الجَبَالِ... وَفِيهِ أَيضًا عَنهَا - رَضِيَ اللهُ عَنهَا - أَنَّهَا قَالَت لِلنَّبيِّ - صَلَّى الله عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: هَل أَتى عَلَيكَ يَومٌ كَانَ أَشَدَّ مِن يَومِ أُحُدٍ؟ قَالَ: "لَقَد لَقِيتُ مِن قَومِكِ مَا لَقِيتُ، وَكَانَ أَشَدَّ مَا لَقِيتُ مِنهُم يَومَ العَقَبَةِ، إِذ عَرَضتُ نَفسِي عَلَى ابنِ عَبدِ يَالِيلَ بنِ عَبدِ كُلالٍ فَلَم يُجِبْني إِلى مَا أَرَدتُ، فَانطَلَقتُ وَأَنَا مَهمُومٌ عَلَى وَجهِي، فَلَم أَستَفِقْ إِلاَّ وَأَنَا بِقَرنِ الثَّعَالِبِ... الحَدِيثَ، وَرَوَى مُسلِمٌ عَنهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: "الدُّنيَا سِجنُ المُؤمِنِ وَجَنَّةُ الكَافِرِ" وَفي الصَّحِيحَينِ مِن حَدِيثِ أَبي قَتَادَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - أَنَّهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - مُرَّ عَلَيهِ بِجَنَازَةٍ فَقَالَ: "مُستَرِيحٌ وَمُستَرَاحٌ مِنهُ" قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا المُستَرِيحُ وَالمُستَرَاحُ مِنهُ؟! قَالَ: " العَبدُ المُؤمِنُ يَستَرِيحُ مِن نَصَبِ الدُّنيَا وَأَذَاهَا إِلى رَحمَةِ اللهِ، وَالعَبدُ الفَاجِرُ يَستَرِيحُ مِنهُ العِبَادُ وَالبَلادُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ "إِنَّهَا الحَقِيقَةُ الَّتي تَهُونُ بالعِلمِ بها كُلُّ المَصَائِبِ، وَتَذهَبُ بِاستِصحَابِهَا كُلُّ الهُمُومِ، فَكَيفَ إِذَا عَلِمَ العَبدُ أَنَّ مَا قَد يُصِيبُهُ إِنَّمَا هُوَ تَكفِيرٌ لِسَيِّئَاتِهِ وَرِفعَةٌ لِدَرَجَاتِهِ؟! قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: "مَا يُصِيبُ المُسلِمَ مِن نَصَبٍ وَلا وَصَبٍ وَلا هَمٍّ وَلا حُزنٍ وَلا أَذًى وَلا غَمٍّ، حَتى الشَّوكَةُ يُشَاكُهَا إِلاَّ كَفَّرَ اللهُ بها مِن خَطَايَاهُ" رَوَاهُ البُخَارِيُّ، أَلا فَاتَّقُوا اللهَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - وَاستَعِينُوا بِالصَّبرِ وَالصَّلاةِ وَقِرَاءَةِ القُرآنِ وَذِكرِ اللهِ، فَقَد قَالَ - تَعَالى - عَن كِتَابِهِ: ﴿ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ ﴾ [فصلت: 44] وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الإسراء: 82] وَقَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ [الرعد: 28].

 

الخطبة الثانية

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ، وَاعلَمُوا أَنَّ مِمَّا يُشَتِّتُ النُّفُوسَ وَيُفَرِّقُ شَملَهَا وَيُلبِسُهَا الهَمَّ وَالحَزَنَ، أَن يَصرِفَ العَبدُ نَظَرَهُ وَيَجعَلَ هَمَّهُ في دُنيَاهُ، وَيَتَغَافَلَ عَن مَصِيرِهِ وَيَتَعَامى عَن أُخرَاهُ، قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: "مَن كَانَتِ الدُّنيَا هَمَّهُ، فَرَّقَ اللهُ عَلَيهِ أَمرَهُ، وَجَعَلَ فَقرَهُ بَينَ عَينَيهِ، وَلَم يَأتِهِ مِنَ الدُّنيَا إِلاَّ مَا كُتِبَ لَهُ، وَمَن كَانَتِ الآخِرَةُ نَيَّتَهُ، جَمَعَ اللهُ لَهُ أَمرَهُ، وَجَعَلَ غِنَاهُ في قَلبِهِ، وَأَتَتهُ الدُّنيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ" رَوَاهُ ابنُ مَاجَه وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. فَاتَّقُوا اللهَ رَبَّكُم وَالجَؤُوا إِلَيهِ وَتَوَكَّلُوا عَلَيهِ، فَقَد كَانَ نَبِيُّكُم - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - يُعَلِّمُ أَصحَابَهُ اللُّجُوءَ إِلى اللهِ عِندَ الكَربِ وَعَدَمَ الاستِسلامِ لِلأَحزَانِ، فَعَن عَبدِالرَّحمَنِ بنِ أَبي بَكرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - أَنَّ النَّبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: "دَعَوَاتُ المَكرُوبِ: اللَّهُمَّ رَحمَتَكَ أَرجُو، فَلا تَكِلْني إلى نَفسِي طَرفَةَ عَينٍ، وَأَصلِحْ لي شَأني كُلَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنتَ" رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ، وَعَنِ ابنِ مَسعُودٍ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: "مَا أَصَابَ أَحَدًا قَطُّ هَمٌ وَلا حَزَنٌ فَقَالَ: اللهُمَّ إِنِّي عَبدُكَ وَابنُ عَبدِكَ وَابنُ أَمَتِكَ، نَاصِيَتِي بِيَدِكَ، مَاضٍ فِيَّ حُكمُكَ، عَدلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ، أَسأَلُكَ بِكُلِّ اسمٍ هُوَ لَكَ، سَمَّيتَ بِهِ نَفسَكَ، أَو أَنزَلتَهُ في كِتَابِكَ، أَو عَلَّمتَهُ أَحَدًا مِن خَلقِكَ، أَوِ استَأثَرتَ بِهِ في عِلمِ الغَيبِ عِندَكَ، أَن تَجعَلَ القُرآنَ رَبِيعَ قَلبي، وَنُورَ صَدرِي، وَجَلَاءَ حُزنِي وَذَهَابَ هَمِّي، إِلَّا أَذهَبَ اللهُ هَمَّهُ، وَأَبدَلَهُ مَكَانَ حُزنِهِ فَرَحًا" رَوَاهُ أَحمَدُ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ، فَإِذَا لَهَجَ العَبدُ إِلى رَبِّهِ بِقَلبٍ حَاضِرٍ وَنِيَّةٍ صَادِقَةٍ وَاجتَهَدَ في تَحصِيلِ أَسبَابِ الإِجَابَةِ، وَأَحسَنَ إِلى خَلقِ اللهِ وَفَرَّجَ عَن المَكرُوبِينَ وَيَسَّرَ عَلَى المُعسِرِينَ، حَقَّقَ اللهُ رَجَاءَهُ وَأَجَابَ دُعَاءَهُ، وَانقَلَبَ هَمُّهُ وَحُزنُهُ فَرَحًا وَسُرُورًا ﴿ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ﴾ [الطلاق: 3] وَ﴿ هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ ﴾ [الرحمن: 60].

 

اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنَ الهَمِّ وَالحَزَنِ وَالجُبنِ وَالبُخلِ، وَنَعُوذُ بِكَ مِن غَلَبَةِ الدَّينِ وَقَهرِ الرِّجَالِ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • وشر الأمور محدثاتها
  • وأحسن كما أحسن الله إليك
  • أيها المحزون
  • الهم والحزن
  • (أعوذ بالله من قول: أنا) كلام لا معنى له
  • الهم والحزن الضيفان الثقيلان
  • اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم ومن عذاب القبر
  • الهم: أسبابه وعلاجه (خطبة)
  • أدعية للهم والحزن والكرب وضيق الرزق.. وغيرها
  • دعاء تفريج الهم والحزن
  • اللهم إني أعوذ بك من الحور بعد الكور

مختارات من الشبكة

  • من سؤال الرسول صلى الله عليه وسلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات تربوية مع دعاء: (اللهم استر عوراتي، وآمن روعاتي)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • توجيهات تربوية من حديث: "اللهم إني أسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني...." الحديث (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن (تصاميم إسلامية)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الهم والغم والحزن: أسبابها وأضرارها وعلاجها في ضوء الكتاب والسنة (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • من استعاذة الرسول صلى الله عليه وسلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفريج الهم.. وتنفيس الكرب(محاضرة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • مرتبة الراسخون في العلم في القرآن(مقالة - موقع أ. د. فؤاد محمد موسى)
  • الغش والخداع في البيع: غش وخداع ومكر في السوبر ماركت(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
1- تعقيب
سميح - مصر 03/12/2015 08:28 AM

الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله وبعد،
أخي هذه الزيادة في الصحيح مما طار بها فرحا أعداء السنة من النصارى و أهل البدع المنتسبين للإسلام، زاعمين أن في أصح كتاب عند المسلمين –بعد كتاب الله تعالى- قصة فيها أن النبي حاول قتل نفسه مرارا في بداية بعثته...و الحق أن هذه الزيادة الموجودة في بعض نسخ صحيح البخاري و ليس كلها ليست صحيحة لا سندا و لا حتى متنا كما بينه العلماء و قبل أن أنقل نتفا من كلامهم أحب أن أبين شيئا قد خفي عن بعض الناس ألا و هو أن ليس كل ما في الصحيحين هو على شرطهما و بالتالي لا يجوز لأحد أن يروي شيئا من ذلك و يعزوه لهما أو أحدهما، فالإمام البخاري سما كتابه الصحيح "الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه" فهو مسند، فكل ما فيه مما لم يتصل إسناده فهو ليس على شرطه. و إجماع الأمة على صحة ما في الصحيحين إلا أحرفا يسيرة، المقصود منه إجماعهم على صحة ما كان على شرطهما في كتابيهما رحمهما الله. و هذه الزيادة ليست متصلة و هي كما قال الإخوة من بلاغات الزهري فهي ضعيفة، و هي في السلسلة الضعيفة للألباني برقم 4859 قال:
- لما نزل عليه الوحي بـ (حراء)؛ مكث أياما لا يرى جبريل، فحزن حزناشديدا، حتى كان يغدو إلى ثبير مرة، وإلى حراء مرة، يريد أن يلقي نفسهمنه ، فبينا رسول الله صلي الله عليه وسلم كذلك عامدا لبعض تلك الجبال ؛إلى أن سمع صوتا من السماء ، فوقف رسول الله صلي الله عليه وسلم صعقا للصوت ، ثم رفع رأسه فإذا جبريل على كرسي بين السماء والأرض متربعا عليه يقول : يا محمد ! أنت رسول الله صلي الله عليه وسلم حقا، وأنا جبريل. قال: فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أقر الله عينه، وربط جأشه. ثم تتابع الوحي بعد وحمي.
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة"10/451:
باطل.
أخرجها بن سعد في "الطبقات" (1/ 196) : أخبرنا محمد بن عمر قال : حدثني إبراهيم بن محمد بن أبي موسى عن داود بن الحصين عن أبي غطفان بن طريف عن ابن عباس :
أن رسول الله صلي الله عليه وسلم لما نزل عليه...
قلت: وهذا إسناد موضوع ؛ آفته : إما محمد بن عمر - وهو الواقدي - ؛ فإنه متهم بالوضع . وقال الحافظ في "التقريب" :
"متروك مع سعة علمه" . وقد تقدمت كلمات الأئمة فيه أكثر من مرة .

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • النسخة السادسة من مسابقة تلاوة القرآن الكريم للطلاب في قازان
  • المؤتمر الدولي الخامس لتعزيز القيم الإيمانية والأخلاقية في داغستان
  • برنامج علمي مكثف يناقش تطوير المدارس الإسلامية في بلغاريا
  • للسنة الخامسة على التوالي برنامج تعليمي نسائي يعزز الإيمان والتعلم في سراييفو
  • ندوة إسلامية للشباب تبرز القيم النبوية التربوية في مدينة زغرب
  • برنامج شبابي في توزلا يجمع بين الإيمان والمعرفة والتطوير الذاتي
  • ندوة نسائية وأخرى طلابية في القرم تناقشان التربية والقيم الإسلامية
  • مركز إسلامي وتعليمي جديد في مدينة فولجسكي الروسية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 13/5/1447هـ - الساعة: 14:3
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب