• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    فضل يوم النحر
    محمد أنور محمد مرسال
  •  
    تخريج حديث: إذا أتى أحدكم البراز فلينزه قبلة ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    تحفة الرفيق بفضائل وأحكام أيام التشريق (خطبة)
    السيد مراد سلامة
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (العزيز، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    {إن أكرمكم عند الله أتقاكم}: فوائد وعظات
    د. محمد أحمد صبري النبتيتي
  •  
    إمساك المضحي عن الأخذ من الشعر والظفر في عشر ذي ...
    د. عبدالله بن يوسف الأحمد
  •  
    وقفات مع عشر ذي الحجة (1)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    خطبة عيد الأضحى 1446هـ (مختصرة وشاملة)
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    فتاوى الطلاق الصادرة عن سماحة مفتي عام المملكة ...
    أ. د. عبدالله بن محمد الطيار
  •  
    عناية النبي بضبط القرآن وحفظه في صدره الشريف
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    على علم عندي
    عبدالسلام بن محمد الرويحي
  •  
    عظمة الإسلام وتحديات الأعداء - فائدة من كتاب: ...
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    خطبة: أهمية التعامل مع الأجهزة الإلكترونية
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    نصيحتي إلى كل مسحور باختصار
    سلطان بن سراي الشمري
  •  
    الحج عبادة العمر: كيف يغيرنا من الداخل؟
    محمد أبو عطية
  •  
    تفسير سورة البلد
    أبو عاصم البركاتي المصري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / تفسير القرآن
علامة باركود

تفسير الجزء الثاني من سورة الملك (خطبة)

تفسير الجزء الثاني من سورة الملك (خطبة)
الشيخ عبدالله محمد الطوالة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 6/9/2023 ميلادي - 21/2/1445 هجري

الزيارات: 9553

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تفسير الجزء الثاني من سورة الملك

 

الحمدُ للهِ الذي كانَ بعبادهِ خبيرًا بصيرًا، و﴿ تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا ﴾ [الفرقان: 1].. وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدهُ لا شريكَ لهُ، ﴿ تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا ﴾ [الإسراء: 44].. والصلاةُ والسلامُ على من بعثهُ اللهُ تباركَ وتعالى هاديًا ومبشِّرًا ونذيرًا، وداعيًا إلى الله بإذنه وسِراجًا منيرًا، صـلوات اللهُ وسلامهُ عليـه، وعلى آله الأطهارِ، وصحابتهِ الأبْرارِ الأخيار، والتابعين وتابعيهم بإحسانٍ ما تعاقبَ الليلُ والنّهار، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.

 

أمَّا بعدُ: فاتقوا اللهَ عبادَ اللهِ، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [الحديد: 28].

 

معاشر المؤمنين الكرام: ذكرنا في خطبةٍ سابقة تفسير النصف الأول من سورة الملك.

 

وتوقفنا عند قوله تعالى: ﴿ أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ * أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ * وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ ﴾ [الملك: 16- 18].

 

أي: يا معشر الكفار، أأمنتم سطوة الجبار: ﴿ أَأَمِنْتُمْ ﴾ عِقاب ﴿ مَنْ فِي السَّمَاءِ ﴾، وهو اللهُ الواحدُ القهار، الذي لا يخفى عليه شيءٌ من أمركم، ولا يُعجزهُ عقابكم، فكما جعلَ الله لكم سطحَ الأرضِ آمنًا ذلولًا، فهو القادرُ سبحانه، على ﴿ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ ﴾ باطن ﴿ الْأَرْضَ ﴾ من تحتكم، ﴿ فَإِذَا هِيَ ﴾ وما عليها ﴿ تَمُورُ ﴾ مورًا عنيفًا، وتضطربُ بكم اضطرابًا شديدًا، يكون معه دماركم وهلاككم المحقق..

 

﴿ أَمْ أَمِنْتُمْ ﴾ عِقاب ﴿ مَنْ فِي السَّمَاءِ ﴾، وهو اللهُ الكبيرُ المتعال، ﴿ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا ﴾، وريحًا قاصفًا، تقذفكم بالحجارة والحصى، حتى تهلكوا عن آخركم، ﴿ فَسَتَعْلَمُونَ ﴾ حينها ﴿ كَيْفَ نَذِيرِ ﴾ اللهِ لكم حقيقًا، وأنَّ تهديدهُ إياكم قد وقعَ فعليًا.. ﴿ وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ﴾ كقوم نوحٍ وعادٍ وثمود، والذين كانوا يظنون كما ظننتم أنَّ كونَ الأرضِ ذلولًا مستقرةً، هو أمانٌ لهم من العذاب، ﴿ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ ﴾ الله عليهم، وانتقامهُ منهم.. وقد تكرر الإنذار بمثل هذا في سور الأنعامِ والنحلِ والإسراء.. قال تعالى: ﴿ أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلًا ﴾ [الإسراء: 68]..

 

﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ * أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ * أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ ﴾ [الملك: 19- 21]..

 

فيا عجبًا لهؤلاء الجاحدين، ﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا ﴾ إلى عجيب قدرة الله، أولا يصرفون تفكيرهم ﴿ إِلَى ﴾ عالم ﴿ الطَّيْرِ ﴾ بمختلف أحجامها وأشكالها، فهي قريبةٌ منهم، وتحلقُ ﴿ فَوْقَهُمْ ﴾ باستمرار.. أولا يتساءلون؟ كيف تظلُ معلقةً في جو السماء دون أن تسقط، أهو بسبب تحريكهن لأجنحتهن، فتراهن ما بين ﴿ صَافَّاتٍ ﴾ لها ﴿ وَيَقْبِضْنَ ﴾ـها أحيانًا؟، كلا فـ﴿ مَا يُمْسِكُهُنَّ ﴾ عن السقوط ﴿ إِلَّا ﴾ قدرةُ ﴿ الرَّحْمَنُ ﴾ جلَّ وعلا، ﴿ الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى ﴾ [طه: 50]، والخبيرُ سبحانهُ بما هو أصلحُ وأنسبُ لكلٍّ مخلوقٍ منها، ﴿ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ ﴾.. فيا أيها المعاندون: ﴿ أَمَّنْ هَذَا الَّذِي ﴾ بزعمكم ﴿ هُوَ جُنْدٌ ﴾ مُعينٌ ﴿ لَكُمْ ﴾، قادرٌ أن ﴿ يَنْصُرُكُمْ ﴾ ويحميكم ﴿ مِنْ دُونِ ﴾ مشيئة ﴿ الرَّحْمَنِ ﴾، وأن يحقِّقَ لكم الأمن والأمان، ﴿ إِنِ الْكَافِرُونَ ﴾ جميعًا ﴿ إِلَّا فِي غُرُورٍ ﴾ وتباب، قد انخدعوا بما مُنحوا من قوةٍ وأسباب.. ويا أيها المعاندون: ﴿ أَمَّنْ هَذَا الَّذِي ﴾ بزعمكم هو قادرٌ على أن ﴿ يَرْزُقُكُمْ ﴾، ويوفرَ لكم غِذاءكم واحتياجاتكم، ﴿ إِنْ أَمْسَكَ ﴾ الرحمنُ عنكم ﴿ رِزْقَهُ ﴾، وحرمكم أكرمُ الأكرمين فضله.. فإن كان لا قِوام لحياتكم إلا بالأمن والغذاء، فهما بيد الله وحده، فلم لا تُعبدوه وحده، ﴿ فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ ﴾ [قريش:3، 4].. لكن هؤلاء المعاندين ومع كل ما ذُكر من الدلائل والحجج، فإنهم لم يتراجعوا عن غيهم، ﴿ بَلْ لَجُّوا ﴾ وتمادوا ﴿ فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ ﴾، واستمروا في عنادٍ وصلفٍ وغرور.. فضرب اللهُ لهم مثلًا واقعيًا محسوسًا، حتى يتضح لهم الفارق بين حالهم وحال المؤمنين، وأيهما الأهدى سبيلًا؟ ومن منهما الأقومُ قيلا؟..

 

﴿ أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [الملك: 22].

 

﴿ أَفَمَنْ ﴾ كان مطأطئ الرأس، منحني القامة، ﴿ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ ﴾، حائرًا في أمره، متخبطًا في سيره، لا يستبين شيئًا مما أمامه.. أهذا ﴿ أَهْدَى ﴾ وأقربُ وصولًا للمقصِد، ﴿ أَمَّنْ ﴾ هوَ مرفوعُ الرأس، معتدلُ القامة، واضحُ الرؤية، ثابتُ الخطى، على ثقةٍ من أمره، ﴿ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾، وطريقهُ مستوٍ لا اعوجاج فيه..

 

لا شك أنَّ مجرد النظرِ إلى حال هذين الرجلين، يُظهرُ ما بينها من فارقٍ كبير، فكيف بالفارق بين أحوال المؤمنين والكافرين، لا شك أنَّ الفارقَ أوضحُ وأكبر، فاعتبروا يا أولي الأبصار..

 

ثم يقول الله جلَّ في علاه: ﴿ قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ * قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴾ [الملك:23، 24]..

 

فيا أيها الرسول: ﴿ قُلْ ﴾ لهؤلاء المنكرين للبعث، إنَّ الله جلَّ وعلا وحدهُ ﴿ هُوَ ﴾ الذي أوجدكم من العدم، وهو ﴿ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ ﴾ أطوارًا ومراحل، خلقًا من بعد خلق، ثمَّ ﴿ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا ﴾ [النحل: 78]، ﴿ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ﴾، كلُّ ذلك لتدركوا مبدأ أمركم ومنتهاه، وتعقلوا حِكمةَ اللهِ في خلق الموتِ والحياة، ولتعلموا كم هي عظيمةٌ وكثيرةٌ نِعمُ اللهِ عليكم، وأنكم عن آياته وذكرهِ غافلون، وأنكم ﴿ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ ﴾..

 

و﴿ قُلْ ﴾ لهم يا محمدُ أيضًا: أنَّ الله جلَّ وعلا ﴿ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ ﴾ وكثر نسلكم، ونشركم ﴿ فِي ﴾ ربوع ﴿ الْأَرْضِ ﴾ وبثَّكم فيها.. وكما أنشأكم منها، وذرأكم فيها، فإنه من بعد موتكم سينشئكم ويبعثكم منها تارةً أخرى، ثمَّ إليه مرجعكم، ﴿ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴾.. فينبئكم بما كنتم تعملون..

 

ونستأنف بقية تفسير السورة في الخطبة الثانية بعون الله..

 

أقول ما تسمعون...

 

الخطبة الثانية

الحمد لله وكفى، وصلاة وسلامًا على عباده اللذين اصطفى..

 

أما بعد: فاتقوا الله عباد الله وكونوا مع الصادقين، وكونوا من ﴿ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [الزمر: 18]..

 

معاشر المؤمنين الكرام: إنكار البعث هو أكثرُ ما كان يجادلُ فيه المشركون: يقولون: ﴿ أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ ﴾ [الصافات: 16]، ﴿ وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [الملك:25].. فهم كانوا ولا زالوا في طغيانهم يعمهون، بل ﴿ وَيَقُولُونَ ﴾ لكم في تهكم مشين، ﴿ مَتَى ﴾ سيتحقق ﴿ هَذَا الْوَعْدُ ﴾ المزعوم، ﴿ إِنْ كُنْتُمْ ﴾ في دعواكم ﴿ صَادِقِينَ ﴾.. ﴿ قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ ﴾ [الملك: 26].. فيا أيها النبيُّ ﴿ قُلْ ﴾ لهؤلاء المشككين، إنني على ثقةٍ من ربي ويقين، وأما موعدُ البعثِ والحشرِ فـ﴿ إِنَّمَا الْعِلْمُ ﴾ به ﴿ عِنْدَ اللَّهِ ﴾، ولا يعلمُ به أحدٌ سواه، ﴿ وَإِنَّمَا أَنَا ﴾ فقط مُبلغٌ أَمِينٌ، و﴿ نَذِيرٌ مُبِينٌ ﴾..

 

﴿ فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ ﴾ [الملك:27]..

 

هنا ينتقلُ المشهدُ مرةً أخرى ليوم القيامة: وكما هي عادةُ القرآنِ عندما يتحدثُ عن مشاهد القيامة، يستخدمُ صيغة الماضي تأكيدًا على حتمية وقوعه، لسانُ حال المشهدِ يقول: ﴿ فَلَمَّا ﴾ جاءَ الموعدُ وتحقَّقَ البعثُ و﴿ رَأَوْهُ ﴾ واقعًا مُتحققًا، ﴿ زُلْفَةً ﴾ على مقربةٍ منهم، ﴿ سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ﴾ فاسودت وكلُحت، وعلاها القترُ والمهانة، وغشِيها الرعبُ والهلع، وملأها الندمُ والحسرة، ﴿ وَقِيلَ ﴾ لهم على سبيل التوبيخ والتقريع: أليس ﴿ هَذَا ﴾ هو الوعد ﴿ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ ﴾، وله تستعجلون، ﴿ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ ﴾ [الأنعام: 30]..

 

﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَنْ يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ [الملك: 28]..

 

فيا أيها النبي ﴿ قُلْ ﴾ لهم قطعًا للجاجهم: ﴿ أَرَأَيْتُمْ ﴾ أيها الآمنونَ من مكر اللهِ وعذابه، ﴿ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ ﴾ أنا ﴿ وَمَنْ مَعِيَ ﴾ من المؤمنين، سواءً بالعذاب المذكور سابقًا أو بغيره، أو ﴿ رَحِمَنَا ﴾ ولطفَ بنا فلم يعذبنا، ﴿ فَمَنْ يُجِيرُ ﴾ أمثالكم من ﴿ الْكَافِرِينَ ﴾، ويحميَهم ﴿ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾، وهم ما زالوا في غيهم سادرين، وعلى كفرهم مصرين..

 

﴿ قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ * قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ ﴾ [الملك:29، 30].. ويا أيها النبيُّ ﴿ قُلْ ﴾ لهم: إنما إلاهنا: ﴿ هُوَ ﴾ الله ﴿ الرَّحْمَنُ ﴾ الرحيم، ﴿ آمَنَّا بِهِ ﴾ وصدقنا، ﴿ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا ﴾ واعتمدنا، وبه وثقنا وتعلقنا، وإن لم تؤمنوا به ﴿ فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾.. ومن الذي منا أو منكم كان على الحقِّ المبين..

 

ويا أيها النبيُّ ﴿ قُلْ ﴾ لهم أخيرًا، ﴿ أَرَأَيْتُمْ إِنْ ﴾ جفَّت غُدرانكم، ونضُبت آباركم، و﴿ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ ﴾ الذي لا حياةَ لكم بدونه، بعيدًا جدًا عنكم، ﴿ غَوْرًا ﴾ نازلًا في باطن الأرض لا تصِلهُ قدرتكم، ﴿ فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ ﴾ عذبٍ ﴿ مَعِينٍ ﴾، سهلِ التناولِ من قريب.. والجوابُ المقدر: ليس لكم من أحدٍ سوى الله، فأنى تؤفكون..

 

وهكذا كانت هذه السورة الفريدة.. كنزٌ من الحكم البليغة، والعبرِ الملهمة، والتوجيهاتِ القيمة..

 

فاقرؤوا يا مسلمون كتاب ربكم متدبرين، وتأملوا معانيهِ الجليلةِ مُتعظين، وقفوا عند عجائبهِ مُتفكرين، حركوا به القلوب، وأعْمِلوا به العقول، وزكوا به الأخلاق، وأصلحوا به الأحوال، ﴿ كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ ﴾..

 

ويا ابن آدم عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، البر لا يبلى والذنب لا ينسى، والديان لا يموت، وكما تدين تدان..

 

اللهم صل على محمد..





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تفسير الجزء الأول من سورة الملك (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • تفسير: (قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء ...)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • معاني أسماء الله الحسنى: {العظيم، الملك، المالك، المليك، مالك الملك}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التسمية بقاضي القضاة، ملك الأملاك، ملك الملوك(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تؤتي الملك من تشاء، وتنزع الملك ممن تشاء(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • تفسير قوله تعالى: {قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء.....}.(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مختصر تفسير سورة الملك من تفسير الطبري (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • تفسير الآية 8 من سورة الأنعام: (وقالوا لولا أنزل عليه ملك ولو أنزلنا ملكا لقضي الأمر ..)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فوائد وأحكام من قوله تعالى: {قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء...}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الملك ملكه والأمر أمره(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مجلس في تفسير سورة ق من تفسير ابن جزي الغرناطي المالكي - الجزء الثاني(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بعد عامين من البناء افتتاح مسجد جديد في قرية سوكوري
  • بعد 3 عقود من العطاء.. مركز ماديسون الإسلامي يفتتح مبناه الجديد
  • المرأة في المجتمع... نقاش مفتوح حول المسؤوليات والفرص بمدينة سراييفو
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 8/12/1446هـ - الساعة: 0:14
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب