• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: الحج قصة وذكرى وعبرة
    مطيع الظفاري
  •  
    خطبة: الرشد أعظم مطلب
    يحيى سليمان العقيلي
  •  
    السنة في حياة الأمة (1)
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    خطبة: عاشوراء
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    تفسير: (قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    الدرس التاسع والعشرون فضل ذكر الله
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    وجوب إعفاء اللحية وتحريم حلقها ووجوب قص الشارب
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    وبشر الصابرين..
    إلهام الحازمي
  •  
    أشنع جريمة في التاريخ كله
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    تحريم الاستعاذة بغير الله تعالى فيما لا يقدر عليه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    البخل سبب في قطع البركة
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    قصة المنسلخ من آيات الله (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    نعمة الأولاد (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    خطبة (المسيخ الدجال)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    وقفات تربوية مع سورة العاديات
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    من أسباب الثراء الخفية
    د. عبدالله بن يوسف الأحمد
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / تفسير القرآن
علامة باركود

النجاة من الخسران المبين بالإيمان والعمل: في رحاب سورة العصر (3) (خطبة)

النجاة من الخسران المبين بالإيمان والعمل في رحاب سورة العصر
وضاح سيف الجبزي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 11/11/2022 ميلادي - 17/4/1444 هجري

الزيارات: 11549

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

النجاة من الخسران المبين بالإيمان والعمل

في رحاب سورة العصر (3)

 

الحمدُ لله ربِّ العَالَمِين، حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه كما يحبُّ ربنا ويرضاه، وأشهد أن لا إله إلا الله، لا ربَّ غيره ولا معبودَ بحقٍّ سواه، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبده ورسوله، أفضل نبي وأشرفه وأزكاه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، ومَن اقتفى أثره، واتَّبَع هُداه.

 

صلَّتْ عليك ملائكُ الرَّحمنِ
وسرى الضياءُ بِسَائر الأكوانِ
لما طلعْتَ على الوجودِ مزودًا
بحمى الإله ورايةِ القرآنِ
بلغ العُلا بكمالهِ
كشف الدُّجى بجمالهِ
حَسُنتْ جميعُ خصالهِ
صَلُّوا عليه و آلهِ

 

اللهم صلِّ وسلِّم وبارك عليه.

...................
صَلاةً تُبَارِي الرِّيحَ مِسْكًا وَمَنْدَلا
وَتُبْدِي عَلَى أَصْحابِهِ نَفَحَاتِها
بِغَيْرِ تَنَاهٍ زَرْنَبًا وَقَرَنْفُلَا

 

وبعد: أيها المسلمون، ومع الدرس الثالث من دروس سورة العصر.


عباد الله، لما ذَكَر الله أنَّ جِنْس الإنسان في خسرٍ وتباب، استثنى منه مَن اتَّصف بصفاتٍ أربعٍ، تُعَدُّ أصولَ النجاة والفوزِ من العذاب والخسران، وهذه الصفات هي التي وردت في قوله تعالى: ﴿ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾ [العصر: 3]، فأوَّلُ أصلٍ من هذه الأصول: هو الإيمان، فهو أصل الأصول، والأساس الذي تقوم عليه أعمِدةُ الدين، وبدونه لا ينتفع العبد من عمل ولا قول؛ إذ الأعمالُ قُيِّد الانتفاعُ بها بتحقُّق الإيمان، قال الله تعالى: ﴿ وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا ﴾ [النساء: 124]، وقال: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النحل: 97]، وقال: ﴿ وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا ﴾ [الإسراء: 19]، وقال: ﴿ وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا ﴾ [طه: 112]، وقال: ﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ ﴾ [الأنبياء: 94]، وقال: ﴿ مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [غافر: 40].

 

وقد ورد ذِكرُ جُلِّ هذه الأركان في كتاب الله في قوله سبحانه: ﴿ لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 177]، وقال جل جلاله: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا ﴾ [النساء: 136]، كما جاء ذلك مبيَّنًا في حديث جبريل الطويل، وفيه: قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ الْإِيمَانِ، قَالَ: ((أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ، وَمَلَائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ))[1].

 

اعْلم أُخَيَّ أنَّ للإيمَانِ
سِتَّةَ أرْكَانٍ بِلا نُكْرَانِ
إيمَانُنَا بِالله ذِي الْجَلال
وَمَا لَهُ مِنْ صِفَةِ الْكَمَالِ
وَبالْمَلائِكةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَه وَ
كُتْبهِ الْمُنْزَلَةِ الْمُطَهَّرَهْ
ورُسْلِهِ الهُدَاةِ لِلأَنَامِ
مِن غَيْرِ تَفْرِيقٍ ولا إيهَامِ

 

عباد الله، الإيمان بالله أفضلُ الأعمال؛ سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: ((إِيمَانٌ بِاللهِ))[2].

 

إذا الإيمانُ ضاعَ فلا أمانٌ
ولا دُنْيا لمن لم يُحْيِ دِينا
ومَنْ رَضِيَ الحياةَ بِغَير دينٍ
فقد جعل الفَناء لها قَرينا

 

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه، أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ؟ فَقَالَ: ((رَجُلٌ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللهِ بِمَالِهِ وَنَفْسِهِ))، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ((مُؤْمِنٌ فِي شِعْبٍ مِنَ الشِّعَابِ يَعْبُدُ اللهَ رَبَّهُ، وَيَدَعُ النَّاسَ مِنْ شَرِّهِ))[3].

 

وقال الله جلَّ ذِكْرُه: ﴿ أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ ﴾ [التوبة: 19].

 

عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِاللَّهِ الثَّقَفِيِّ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قُلْ لِي فِي الْإِسْلَامِ قَوْلًا لَا أَسْأَلُ عَنْهُ أَحَدًا بَعْدَكَ، قال: ((قُلْ: آمَنْتُ بِاللهِ، فَاسْتَقِمْ))[4].

 

وفي روايةٍأَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مُرْنِي فِي الْإِسْلَامِ بِأَمْرٍ لَا أَسْأَلُ عَنْهُ أَحَدًا بَعْدَكَ، قَالَ: ((قُلْ: آمَنْتُ بِاللَّهِ، ثُمَّ اسْتَقِمْ))[5].

 

قال الله: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ﴾ [فصلت: 30].

 

ومما يبين أن النجاة من الخسران لا تكون إلا بتحقُّقِ الإيمان قولُه: ﴿ يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [الحديد: 12]، وقوله: ﴿ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [التحريم: 8].

 

عباد الله، إن الجنة لا تطلب إلا قلبًا مؤمنًا؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((لَا تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا))[6].

 

يقول شيخ الإسلام: الإنسان إذا كان مُقِيمًا على طاعة الله باطنًا وظاهرًا؛ كان في نعيم الإيمان والعلم، واردًا عليه من جهاته، وهو في جنة الدنيا[7].

 

وقال: إن في الدنيا جنةً من لم يدخلها لن يدخل جنة الآخرة[8].

 

قال مالك بن دينار: خرج أهل الدنيا من الدنيا ولم يذوقوا أطيب شيء فيها، قيل: وما هو؟ قال: معرفة الله تعالى[9].

 

وقال بعض العارفين: مساكين أهل الدنيا، خرجوا منها وما ذاقوا أطيب ما فيها، قيل: وما أطيبُ ما فيها؟ قال: محبة الله، والأنس به، والشوق إلى لقائه، والتنعُّم بذكره وطاعته[10].

 

فَلَوْ شَاهَدَتْ عيناكَ مِن حُسنِنا الذي
رأوه لمَا ولَّيتَ عنَّا لغيرِنا
ولوْ سمِعَتْ أُذناك حُسنَ خطابِنا
خَلَعْتَ ثيابَ العُجبِ عنك وجئتَنا
ولوْ لاحَ مِن أنوارِنا لك لائِحٌ
تركتَ جميعَ الكائِناتِ لأجْلِنا
ولو ذُقتَ مِن طعمِ المحبةِ ذرةً
عذَرتَ الذي أضحى قتيلًا بحُبِّنا
ولو نسمَتْ مِن قُربِنا لك نسمةٌ
لَمُتَّ غرِيبًا واشتِياقًا لقُرْبِنا

 

قلت ما سمعتم، وأستغفر الله.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله، نحمدُه على النعمِ الغامرة، حمدًا يُعيد قِفارَ القلوبِ عامرة، ونقرُّ له بالتوحيد على عقيدة ظاهرة، وأصلي وأسلم على عبده ورسوله محمدٍ صلاةً تجلب لنا صلاةً إلى صلاةٍ إلى عاشرة، وعلى آله أُولي المناقب الفاخرة، وصحبه ذوي الفضائل المتكاثرة.

 

عباد الله، وثاني أصلٍ من أصول النجاة من الخسران -بعد الإيمان-: العمل الصالح، فالعمل الصالح جزءٌ لا يتجزَّأ من الإيمان.

اعْلَمْ بِأَنَّ الدِّينَ قَوْلٌ وَعَمَلْ
فَاحْفَظْهُ وَافْهَمْ مَا عَلَيْهِ ذَا اشْتَمَلْ

 

والمراد بالعمل الصالح -كما ذكر الإمام الطبري عند قوله تعالى: ﴿ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ﴾ [العصر: 3]؛ أي: أَدَّوا مَا لَزِمَهُمْ مِنْ فَرَائِضِهِ، وَاجْتَنبُوا مَا نَهَاهُمْ عَنْهُ مِنْ مَعَاصِيهِ[11].

 

ولأهمية العمل الصالح؛ فقد ذُكر في القرآن في مواطن كثيرة، وبعدة وجوه، مقرونًا بالإيمان، قال جل جلاله: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [البقرة: 277]، وقال: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُوا إِلَى رَبِّهِمْ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [هود: 23]، ولقبول العمل شروط:

شَرْطُ قَبُولِ السَّعْي أنْ يَجْتَمِعَا
فِيهِ إصَابَةٌ وإخْلاصٌ مَعَا
للهِ رَبِّ العَرْشِ لا سِوَاهُ
مُوَافِقَ الشَّرْعِ الَّذِي ارْتَضَاهُ
فكُلُّ مَا خَالَفَ لِلوَحْيَيْنِ
فَإنَّهُ رَدٌّ بِغَيْرِ مَيْنِ
وكُلُّ مَا فِيهِ الخِلافُ نَصَبَا
فَرَدُّهُ إليْهِمَا قَدْ وَجَبَا
فَالدِّينُ إنَّمَا أتَى بِالنَّقْلِ
ليْسَ بِالأوْهَامِ وَحَدْسِ الْعَقْل

 

فشرط قبول العمل: الإخلاص، واتِّباع سُنَّة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وكل ما خلف سُنَّته صلى الله عليه وسلم فهو ردٌّ، وبقدر قرب المرء من السنة يكون قربه من الله، قال الله: ﴿ مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ﴾ [النساء: 80].

 

أن ورود الناس الحوض وشربهم منه يوم العطش الأكبر بحسب ورودهم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشربهم منها؛ فمن وردها في هذه الدار وشرب منها وتضلَّع؛ ورَدَ هناك حوضه وشرب منه وتضلَّع، والذين يذودهم هو والملائكة عن حوضه يوم القيامة؛ هم الذين كانوا يذودون أنفسهم وأتباعهم عن سنته، ويؤثرون عليها غيرها، فمَنْ ظمأ من سُنَّتِه في هذه الدنيا ولم يكن له منها شرب؛ فهو في الآخرة أشدُّ ظمأ وأحَرُّ كبدًا، وإن الرجل ليلقى الرجل فيقول: يا فلان أشربت؟ فيقول: نعم والله، فيقول: لكني والله ما شربت، وا عطشاه![12].

 

فَرِدْ أَيُّهَا الظَّمْآنُ وَالْوِرْدُ مُمْكِنٌ ف
َإِنْ لَمْ تَرِدْ فَاعْلَمْ بِأَنَّكَ هَالِكُ
وَإِنْ لَمْ يَكُنْ رِضْوَانُ يَسْقِيكَ شَرْبَةً
سَيَسْقِيكَهَا إِذْ أَنتَ ظَمْآنُ مَالِكُ
وَإِنْ لَمْ تَرِدْ فِي هَذِهِ الدَّارِ حَوْضَهُ
سَتُصْرَفُ عَنْهُ يَوْمَ يَلْقَاكَ آنِكُ

 

وما يندم النَّادِمُون مثلَ ندمهم على فوات الصالحات، ولا يتحسَّر المتحسِّرون إلا على ساعة مرَّتْ بغير طاعة، ومضت من غير قربة، وما يتمنَّى المتمنون عودًا إلى الدنيا إلا لأجل الاستزادة من الصالحات كما قال ربي جل جلاله: ﴿ حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ﴾ [المؤمنون: 99، 100]، وكما قال أيضًا: ﴿ وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ ﴾ [السجدة: 12]، وقال: ﴿ وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ ﴾ [فاطر: 37].

 

مَن لاحَ في عارِضِهِ القَتيرُ
فَقَد أَتاهُ بِالبَلى النَّذيرُ
إِنِ اخْتَفَى مَا فِي الزَّمَانِ الآتِي
فَقِسْ عَلَى المَاضِي مِنَ الأَوْقَاتِ
عَلِمتَ يا مُجاشِعُ بنَ مَسعَدَةْ
أَنَّ الشَبابَ وَالفَراغَ وَالجِدَةْ

 

مَفسَــــدَةٌ لِلمَـــــــــرءِ أَيُّ مَفســـــدَةْ

يا لِلشَبابِ المَرِح التَصابي
رَوائِحُ الجَنَّةِ في الشَّبابِ
لَيسَ عَلى ذي النُّصحِ إِلَّا الجَهدُ
الشَّيبُ زَرعٌ حانَ مِنهُ الحَصدُ
ما تَطلُعُ الشَّمسُ وَلا تَغيبُ
إِلَّا لِأَمرٍ شَأنُهُ عَجيبُ

 

«اللَّهُمَّ إِنَّا نسْأَلُكَ الثَّبَاتَ فِي الْأَمْرِ، والعَزِيمَةَ على الرُّشْدِ، وَنسْأَلُكَ شُكْرَ نِعْمَتِكَ، وَحُسْنَ عِبَادَتِكَ، وَنسْأَلُكَ لِسَانًا صَادِقًا، وَقَلْبًا سَلِيمًا، وَنسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا تَعْلَمُ، وَنعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا تَعْلَمُ، وَنسْتَغْفِرُكَ مِمَّا تَعْلَمُ، إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ».



[1] رواه مسلم في صحيحه، من حديث أمير المؤمنين عمر الفاروق رضي الله عنه، باب معرفة الإيمان، والإسلام، والقدر وعلامة الساعة (1/ 36).

[2] رواه البخاري في صحيحه، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، باب فضل الحج المبرور (2/ 133)، ورواه مسلم في صحيحه، بيان كون الإيمان بالله تعالى أفضل الأعمال (1/ 88).

[3] رواه مسلم في صحيحه، باب فضل الجهاد والرباط (3/ 1503).

[4] رواه مسلم في صحيحه، باب جامع أوصاف الإسلام (1/ 65).

[5] رواه أحمد في مسنده، من حديث سفيان الثقفي (22/ 170)، قال شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح.

[6] رواه أحمد في مسنده، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه (16/ 381)، ورواه البخاري في الأدب المفرد (ص340)، وابن ماجه في سننه (4/ 649)، وابن حبان في صحيحه (1/ 471)، صححه الألباني، تخريج الكلم الطيب (1/ 154).

[7] مجموع الفتاوى (14/ 160).

[8] المستدرك على مجموع الفتاوى (1/ 153).

[9] سير أعلام النبلاء (5/ 363).

[10] روضة المحبين (ص166).

[11] تفسير الطبري (24/ 590).

[12] اجتماع الجيوش الإسلامية (2/ 85).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • وقفات مع سورة العصر: في رحاب سورة العصر (1) (خطبة)
  • الخسران المبين: في رحاب سورة العصر (2) (خطبة)
  • وتواصوا بالحق: في رحاب سورة العصر (5) (خطبة)
  • في رحاب سورة (والليل)
  • تدبر سورة العصر (خطبة)
  • بين يدي سورة العصر (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • مشروع النجاة من النار في رمضان: 30 سببا لنجاتك من النار (PDF)(كتاب - ملفات خاصة)
  • سورة العصر وأصول النجاة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من فوائد حديث: " ما النجاة؟ "(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حفظ اللسان من أعظم أسباب النجاة(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • النجاة في إخلاص العمل لله وترك السمعة والرياء (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • النجاة في إخلاص العمل لله وترك السمعة والرياء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سبيل النجاة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أهوال الصراط وأسباب النجاة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: العشر من ذي الحجة وطريق النجاة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة النجاة من الفتن(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الزيادة المستمرة لأعداد المصلين تعجل تأسيس مسجد جديد في سانتا كروز دي تنريفه
  • ختام الدورة التاسعة لمسابقة "جيل القرآن" وتكريم 50 فائزا في سلوفينيا
  • ندوة في سارنيتسا تبحث تطوير تدريس الدين الإسلامي وحفظ التراث الثقافي
  • مشروع للطاقة الشمسية وتكييف الهواء يحولان مسجد في تيراسا إلى نموذج حديث
  • أكثر من 5000 متطوع مسلم يحيون مشروع "النظافة من الإيمان" في زينيتسا
  • في حفل مميز.. تكريم المتفوقين من طلاب المسلمين بمقاطعة جيرونا الإسبانية
  • ندوة دولية في سراييفو تبحث تحديات وآفاق الدراسات الإسلامية المعاصرة
  • النسخة الثانية عشرة من يوم المسجد المفتوح في توومبا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 8/1/1447هـ - الساعة: 11:30
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب