• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الرد على شبهات حول صيام عاشوراء
    د. ثامر عبدالمهدي محمود حتاملة
  •  
    صلة السنة بالكتاب
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    خطبة: ماذا بعد الحج
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    خطبة في فقه الجزية وأحكام أهل الذمة
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    تفسير: (قل من يرزقكم من السماوات والأرض قل الله ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تحريم الاستعانة بغير الله تعالى فيما لا يقدر عليه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    الستر فريضة لا فضيحة (خطبة)
    د. مراد باخريصة
  •  
    فوائد ترك التنشيف بعد الغسل والوضوء
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    إطعام الطعام من خصال أهل الجنة
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    صفة الوضوء
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    التمييز بين «الرواية» و«النسخة» في «صحيح البخاري»
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    أسماء الله الحسنى من خلال الجزء (السابع والعشرون) ...
    محمد نور حكي علي
  •  
    شرح متن طالب الأصول: (1) معنى البسملة
    أبو الحسن هشام المحجوبي ويحيى بن زكرياء ...
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (القريب، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    قبسات من علوم القرآن (3)
    قاسم عاشور
  •  
    من دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم
    الشيخ محمد جميل زينو
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / العبادات / الصلاة وما يتعلق بها
علامة باركود

ضرورة حفظ الأنفس ومكانتها في الإسلام (خطبة)

ضرورة حفظ الأنفس ومكانتها في الإسلام (خطبة)
الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي التميمي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 15/9/2022 ميلادي - 19/2/1444 هجري

الزيارات: 20940

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ضرورة حفظ الأنفس ومكانتها في الإسلام

 

الْخُطْبَةُ الْأُولَى:

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَخَلِيلُهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلِّمَ تَسْلِيمًا كثيرًا.

أمَّا بَعْدُ...

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: لَقَدْ حَافَظَ الْإِسْلَامُ عَلَى الْكُلِّيَّاتِ الْخَمْسِ الضَّرُورِيَّةِ؛ وَهِيَ: الدِّينُ، وَالنَّفْسُ، وَالنَّسْلُ، وَالْعَقْلُ، وَالْمَالُ، وَوَضَعَ الْحُدُودَ وَالْقُيودَ الَّتِي تُحَافِظُ عَلَى بَقَاءِ تِلْكَ الضَّرُورِيَّاتِ؛ وَلِأَجْلِ الْحِفَاظِ عَلَى النَّفْسِ حُرِّمَ قَتْلُ النَّفْسِ الْمُسْلِمَةِ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَأُمِرَ بِالْقَصَاصِ فِي الْقَتْلِ، فَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 179].

 

قَالَ -صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (لا يحِلُّ دمُ امرءٍ مسلمٍ إلَّا بإحدَى ثلاثٍ، الزِّنَى، والنَّفسُ بالنَّفسِ، والتَّاركُ لدينِه المفارقُ للجماعةِ) أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ.

 

فَدَمُ الْمُسْلِمِ حَرَامٌ، وَمَالُهُ حَرَامٌ، وَعِرْضُهُ حَرَامٌ.

 

وَقَدْ صَانَ الْإِسْلَامُ الدِّمَاءَ وَالْأَمْوَالَ وَالْفُرُوجَ، وَلَا يَجُوزُ اسْتِحْلَالُهَا إِلَّا فِيَما أَحَلَّهُ اللهُ فِيهِ وَأَبَاحَهُ، وَقَتْلُ الْمُسْلِمِ بِغَيْرِ حَقٍّ مِنْ كَبَائِرِ الذُّنُوبِ، وَالْقَاتِلُ مُعَرَّضٌ لِلْوَعِيدِ، وَقَدَ نَهَى اللهُ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- عَنْ قَتْلِ النَّفْسِ بِغَيْرِ حَقٍّ، فَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ﴾ [الأنعام: 151].

 

وَحِفَاظًا عَلَى النَّفْسِ الْمُسْلِمَةِ الْبَرِيئَةِ مِنْ إِزْهَاقِهِا وَقَتْلِهَا بِغَيْرِ حَقٍّ نَهَى رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنِ الْإِشَارَةِ إِلَى مُسْلِمٍ بِسِلَاحٍ وَلَوْ كَانَ مُزَاحًا؛ سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ، وَحَسْمًا لِمَادَّةِ الشَّرِّ الَّتِي قَدْ تُفْضِي إِلَى الْقَتْلِ، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (لا يُشِيرُ أحَدُكُمْ علَى أخِيهِ بالسِّلاحِ؛ فإنَّه لا يَدْرِي لَعَلَّ الشَّيْطانَ يَنْزِعُ في يَدِهِ، فَيَقَعُ في حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ) أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ.

 

وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ: (مَنْ أشارَ إلى أخيهِ بحديدَةٍ، فإِنَّ الملائِكَةَ تلْعَنُهُ، وإِنْ كانَ أخاهُ لأبيهِ وأُمِّهِ)؛ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.

 

فَإِذَا كَانَ مُجَرَّدُ الْإِشَارَةِ إِلَى مُسْلِمٍ بِالسِّلَاحِ نَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَحَذَّرَ مِنْهُ، وَلَوْ كَانَ الْمُشِيرُ بِالسِّلَاحِ مَازِحًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَقَعُ الْمَحْذُورُ، وَلَاتَ حِينَ مَنْدَمٍ، فَحَرَّمَ الْإِسْلَامُ الْإِشَارَةَ إِلَى الْمُسْلِمِ بِالسِّلَاحِ؛ لِأَنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ يَنْزِعُ فِي يَدِهِ، فَيَقْتُلُ نَفْسًا بِغَيْرِ حَقٍّ، فَيَتَحَمَّلُ الْوِزْرَ عِنْدَ اللهِ، وَمَعْنَى "يَنْزِعُ": أَيْ: يَرْمِي فَيَقَعُ الْفَسَادُ، فَكَيْفَ بِمَنْ يَقْتُلُ الْأَنْفُسَ الْبَرِيئَةَ، وَيُرَوِّعُ الْمُسْلِمِينَ، وَيُرَمِّلُ النِّسَاءَ، وَيُيَتِّمُ الْأَطْفَالَ، وَيَسْتَهْدِفُ أَرْوَاحَ الْأَبْرِيَاءِ، فَيَقْتُلُ الْأَنْفُسَ بِغَيْرِ حَقٍّ، فَيَا لَهَا مِنْ جَرِيمَةٍ نَكْرَاءَ، وَيَا لَهَا مِنْ بَشَاعَةٍ تَقْشَعِرُّ مِنْهَا الْأَبْدَانُ!

 

فَكَمْ سَمِعْنَا وَسَمِعَ غَيْرُنَا عَنْ قَتْلِ نَفْسٍ مِنْ أَجْلِ دَرَاهِمَ مَعْدُودَاتٍ، وَنَفْسٍ مِنْ أَجْلِ لُعَاعَةٍ مِنَ الدُّنْيَا الْفَانِيَةِ، أَوْ مِنْ أَجْلِ سُبَّةٍ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ التَّفَاهَاتِ.

 

فَيَا عِبَادَ اللهِ: اعْلَمُوا أَنَّ دَمَ الْمُسْلِم وَالْمُعَاهَدِ مَعْصُومٌ، وَمَالَهُ مَعْصُومٌ، وَلَا يَجُوزُ اسْتِبَاحَةُ الدِّمَاءِ والْأَمْوَالِ إِلَّا بِحَقِّهَا.

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّ جَرِيمَةَ قَتْلِ النَّفْسِ جَرِيمَةٌ كُبْرَى، وَمَفْسَدَةٌ عُظْمَى، فَقَتْلُ نَفْسٍ بِغَيْرِ حَقٍّ فَسَادٌ فِي الْأَرْضِ عَرِيضٌ، وَهُوَ كَقَتْلِ النَّاِس كُلِّهِمْ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا ﴾ [المائدة: 32].

 

وَلَقَدْ حَقَّ غَضَبُ اللهِ وَلَعْنَتُهُ عَلَى مَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا بِغَيْرِ حُكْمٍ شَرْعِيٍّ، وَحَقٍّ مَرْعِيٍّ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 93].

 

وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا ﴾ [الفرقان: 68 - 70].

 

إِنَّ النُّفُوسَ لَهَا حُرْمَتُهَا، قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ ﴾ [التكوير: 8، 9].

 

وَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ)، فَذَكَرَ قَتْلَ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ. وَقَالَ رَجُلٌ للنَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: أيُّ الذَّنْبِ عِنْدَ اللَّهِ أكْبَرُ؟ قالَ: أنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وهو خَلَقَكَ. قُلتُ: ثُمَّ أيٌّ؟ قالَ: ثُمَّ أنْ تَقْتُلَ ولَدَكَ خَشْيَةَ أنْ يَطْعَمَ معكَ. قُلتُ: ثُمَّ أيٌّ؟ قالَ: أنْ تُزَانِيَ بحَلِيلَةِ جَارِكَ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.

 

وَقَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (إِذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ)، فَقُلتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَذَا الْقَاتِلُ، فَمَا بَالُ الْمَقْتُولِ؟ قَالَ: (إنَّه كَانَ حَرِيصًا علَىَ قَتْلِ صَاحِبِهِ)؛ أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ.

 

وَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ)؛ أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ.

 

وَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (لَا يَزَالُ الْمُؤْمِنُ فِي فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا)؛ أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ.

 

وَقَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-: (أَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي الدِّمَاءِ)؛ أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ.

 

وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: (قتلُ المؤمنِ أعظمُ عِندَ اللهِ من زوالِ الدُّنيا)؛ أَخْرَجَهُ النِّسَائِيُّ.

 

وَقَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (الكَبائِرُ: الإشْراكُ باللَّهِ، واليَمِينُ الغَمُوسُ)؛ أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ.

 

هَذِهِ نُصُوصٌ شَرْعِيَّةٌ تُحَرِّمُ التَّعَرُّضَ لِلنَّفْسِ الْمُحَرَّمَةِ، وَهِيَ فَيْضٌ مِنْ غَيْضٍ، وَقَلِيلٌ مِنْ كَثِيرٍ فِي بَيَانِ تَوَعُّدِ اللهِ تَعَالَى لِقَاتِلِ النَّفْسِ بِغَيْرِ حَقٍّ.

 

اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ أَنْ نُصِيبَ دَمًا حَرَامًا، اللَّهُمَّ اعْصِمْ نُفُوسَنَا مِنْ كَبَائِرِ الذُّنُوبِ، وَعَظَائِمِ الْأُمُورِ وَصَغَائِرِهَا، اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنَ الْفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، رَبَّنْا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا، إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

 

اللَّهُمَّ رُدَّنَا إِلَيْكَ رَدًّا جَمِيلًا، وَاخْتِمْ بِالصَّالِحَاتِ آجَالَنَا.

 

أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

 

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:

الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى عِظَمِ نِعَمِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَخَلِيلُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.

أمَّا بَعْدُ...

عِبَادِ اللَّهِ لَقَدْ حَّمَ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ الانتِحَارَ فقَالَ رَسُولُ اللّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: « مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ يَتَوَجَّأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ شَرِبَ سُمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ يَتَرَدَّى فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا » [مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ]. فَنَفْسَك لَيْسَت مُلْكَاً لَك تَتَصَرَّف بِهَا كَمَا تَشَاءُ، بَلْ هِيَ أَمَانَةٌ عِنْدَك، فَعَلَيْك الْمُحَافَظَةُ عَلَيْهَا ؛فَمِنْ حُقُوقِ النَّفْسِ الْبَشَرِيَّةِ: اتِّخَاذُ الأَسْبَابِ الشَّرْعِيَّةِ وَالْحِسِّيَّةِ صِيَانَةً لَهَا، وَدَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهَا ؛ عَمَلاً بِقَوْلِهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: « لاَ ضَرَرَ وَلاَ ضِرَارَ » [رَوَاهُ أَحْمَدُ، بِسَنَدٍ صَحِيحٍ].

 

وَمِنْ ذَلِكَ: الاِهْتِمَامُ بِالصِّحَّةِ، وَكَذَلِكَ مَعْرِفَةُ وَسَائِلِ الإِسْعَافَاتِ الأَوَّلِيَّةِ مِنْ مَصَادِرِهَا الْمَوْثُوقَةِ لإِنْقَاذِ الْأَنْفُسِ؛ كَإِنْقَاذِهِمْ مِنَ الْغَرَقِ وَالْحَرِيقِ، وَالنَّوْبَاتِ الْقَلْبِيَّةِ الْمُفَاجِئَةِ، وَالاِخْتِنَاقِ، وَالنَّزِيفِ، وَالْحَوَادِث، وَغَيْرِ ذَلِكَ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ﴾ [المائدة: 32].

 

قَالَ مُجَاهِدٌ: (وَمَنْ أَحْيَاهَا) أَيْ: أَنْجَاهَا مِنْ غَرَقٍ أَوْ حَرَقٍ أَوْ هَلَكَةٍ.

 

وَتَأَمَّلُوا –عِبَادَ اللهِ– الأَجْرَ الْمُتَرَتِّبَ عَلَى إِحْيَاءِ الإِنْسَانِ في الْحَيَاةَ الدُّنْيَوِيَّةِ، فَكَيْفَ سَيَكُونُ جَزَاءُ مَنْ أَحْيَا نَفْسًا حَيَاةً إِيمَانِيَّةً فَرَبَطَهَا بِكِتَابِ اللهِ، وَسُنَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، وَمَنْهَجِ سَلَفِ الْأُمَّةِ.

 

عِبَادَ اللَّهِ: وَمَنْ صُوَرِ الانتِحَارِ، وَقَتْلِ الأنفْسِ بِغَيْرِ حَقٍ؛ مَا نَرَاهُ مِنْ الْجَهَالَةِ فِي قِيادَة السَّيَّاراتِ مِنْ بَعْضِ الَّذِين يَقُودُونَ السَّيَّارَاتِ بِسُرْعَةٍ مُتَهَوِّرَةٍ؛ مِمَّا تُؤَدِّي إلَى قَتْلِهِمْ لِأَنْفُسِهِم وَلِغَيْرِهِم؛ كَذَلِكَ مِنْ صُوَرِ الِاعْتِدَاءِ عَلَى النَّفْسِ،تَمْكِينُ صِغَارِ السِّنِّ مِنْ قِيادَةِ السَّيَّاراتِ مِنْ قِبَلِ آبَائِهِمْ، مِمَّا يُؤَدِّي بِهِمْ إلَى إتْلَافِ الْأَنْفُس، وإزهَاقِ الْأَرْوَاحِ بِغَيْرِ حَقٍّ ؛فبَعْض الْآبَاءِ يَتَسَاهَلُونَ فِي مَسْأَلَةِ القِيادَةِ، وَيُخَالِفُونَ الأنْظِمَةَ واللَّوَائِحَ الَّتِي ضَبَطَتْ السِّنَّ الْمُنَاسِبةِ لِلْقِيَادَةِ،وَاَلَّذِي يُجْعَلُ فِيهِ التَّكْلِيفُ وَالْإِدْرَاكُ شَرْطَاً لقِيادَةِ السَّيَّارَاتِ، فَيَتَسَرَّعُ بَعْضُ الْآبَاءِ بِتَسْلِيمِ وَلَدهِ السَّيَّارَةُ؛ مِمَّا يُؤَدِّي لِإِتْلَافِهِ لِنَفْسِهِ وَلِلْأَنْفُسِ، وَهَذَا مِنْ قَتْلِ النَّفْسِ بِغَيْرِ حَقٍّ ؛وَكَذَلِكَ مَا يَتَسَاهَلُ بِهِ بَعْضُ مُلَّاكِ الْمَاشِيَةِ مِنْ جَعَلِ الْمَاشِيَةِ تَسِيرُ فِي الطُّرُقِ، وَخَاصَّةً الطُّرُقَ الطَّوِيلَةَ مِنْ دُونِ مُرَاقَبَةٍ، ومِنْ دُونِ مُتَابَعَةٍ،مِمَّا يُؤَدِّي إلَى تَسَبُّبِ الْحَوَادِثِ الَّتِي قُتِلَ بِسَبَبِهَا الْآلَاف مِنَ الْأَنْفُسِ، فَهَذَا كُلُّهُ مِنْ الْأُمُورِ الَّتِي جَاءَتْ الشَّرِيعَةُ الْإِسْلَامِيَّةُ بِتَحْرِيمِهَا؛ لِأَنَّ الْمُحَافَظَةَ عَلَى النَّفْسِ أَمَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِهَا.

 

إنْ هَذِهِ التَّساهُلَاتِ الَّتِي تَحْدُثُ مِنَ الْبَعْضِ مُخَالِفَةٌ لِنَصِّ الْكِتَابِ، وَسُنَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

 

اللَّهُمَّ احْفَظْنَا بِحِفْظِكَ، وَوَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا، وَوَلِيَّ عَهْدِهِ لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى؛ وَاحْفَظْ لِبِلَادِنَا الْأَمْنَ وَالْأَمَانَ، وَالسَّلَامَةَ وَالْإِسْلَامَ، وَانْصُرِ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى حُدُودِ بِلَادِنَا؛ وَانْشُرِ الرُّعْبَ فِي قُلُوبِ أَعْدَائِنَا؛ وَاجْعَلْنَا هُدَاةً مَهْدِيِّينَ غَيْرَ ضَالِّينَ وَلَا مُضِلِّينَ؛ وَنَسْأَلُهُ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ؛ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى الْـمُرْسَلِينَ، وَالْحَمْدُ لِلهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

 

وَقُومُوا إِلَى صَلَاتِكمْ يَرْحَـمـْكُمُ اللهُ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • السنة ومكانتها في الإسلام وفي أصول التشريع
  • الصلاة ومكانتها في الإسلام
  • الصلاة ومكانتها في الإسلام ووجوب صلاة الجماعة
  • السيرة النبوية ومكانتها في الإسلام
  • أهمية الدعوة ومكانتها في الإسلام والثبات عليها في أزمنة الفتن والتضييق
  • أهمية الأسرة ومكانتها في الإسلام

مختارات من الشبكة

  • حفظ الأنفس والأهل والأموال من الحسد (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فوائد وأحكام من قوله تعالى: { ودت طائفة من أهل الكتاب لو يضلونكم وما يضلون إلا أنفسهم... }(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إصلاح الأنفس والقلوب وتهيئتهما لما يقدم عليها في شهر رمضان من العبادات(مقالة - ملفات خاصة)
  • {وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين وأنتم فيها خالدون}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الهجرة غير الشرعية والحفاظ على الأنفس (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حديث قاتل الأنفس (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • خطبة عيد الفطر للعام 1439هـ الأنفس الفائزة بيوم العيد يوم الجائزة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المقاصد الشرعية من تحريم العدوان على الأنفس والأموال (صوتية)(محاضرة - موقع الشيخ عبدالله بن محمد بن سعد آل خنين)
  • الأنفس المعصومة(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ستولاك تستعد لانطلاق النسخة الثالثة والعشرين من فعاليات أيام المساجد
  • موافقة رسمية على مشروع تطويري لمسجد بمدينة سلاو يخدم التعليم والمجتمع
  • بعد انتظار طويل.. وضع حجر الأساس لأول مسجد في قرية لوغ
  • فعاليات متنوعة بولاية ويسكونسن ضمن شهر التراث الإسلامي
  • بعد 14 عاما من البناء.. افتتاح مسجد منطقة تشيرنومورسكوي
  • مبادرة أكاديمية وإسلامية لدعم الاستخدام الأخلاقي للذكاء الاصطناعي في التعليم بنيجيريا
  • جلسات تثقيفية وتوعوية للفتيات المسلمات بعاصمة غانا
  • بعد خمس سنوات من الترميم.. مسجد كوتيزي يعود للحياة بعد 80 عاما من التوقف

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 21/1/1447هـ - الساعة: 23:22
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب