• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    حقوق الزوجة على زوجها (2)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    غابة الأسواق بين فريسة الاغترار وحكمة الاغتناء
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    فرق بين الطبيب والذباب
    محمد بن عبدالله العبدلي
  •  
    بين الدعاء والفرج رحلة الثقة بالله (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    يوم القيامة: نفسي.. نفسي
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    من مائدة السيرة: الدعوة السرية
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    خطبة: عاشوراء وطلب العلم
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    سلسلة الأسماء الحسنى (2) اسم (الرب)
    نجلاء جبروني
  •  
    نطق الشهادة عند الموت سعادة (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    خصائص الجمع الأول للقرآن ومزاياه
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    الإسلام يأمرنا بإقامة العدل وعدم الظلم مع أهل ...
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    ذكر الله عز وجل (خطبة)
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    عناية الأمة بروايات ونسخ «صحيح البخاري»
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    وحي الله تعالى للأنبياء عليهم السلام
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    تفسير قوله تعالى: { ودت طائفة من أهل الكتاب لو ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    عاشوراء بين مهدي متبع وغوي مبتدع (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / العبادات / الحج والأضحية
علامة باركود

الحج على الأبواب (خطبة)

الحج على الأبواب (خطبة)
الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي التميمي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 24/6/2022 ميلادي - 25/11/1443 هجري

الزيارات: 12866

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الحج على الأبواب

 

الْخُطْبَةُ الْأُولَى

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَخَلِيلُهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلِّمَ تَسْلِيمًا كثيرًا.

 

أمَّا بَعْدُ:

عبادَ اللهِ، إِنَّ منْ فضلِ اللهِ علَى عبَادِهِ وَنِعَمِهِ؛ أَنْ جَعَلَ لَـهُمْ مَوَاسِمَ عَظِيمَةً لِلْطَاعَاتِ، تُقَالُ فِيهَا العَثَرَاتُ، وَتُـجَابُ فِيهَا الدَّعَوَاتُ؛ شَرَّفَهَا عَلَى غَيْرِهَا. كَذَلِكَ شَرَّفَ أَمَاكِنَ عَلَى غَيْرِهَا؛ وَقَدِ اجتمعتْ فِي الْـحَجِّ فضيلَةُ الزَّمانِ والْمَكَانِ؛ فَهُوَ مَغْنَمٌ للطَّائِعِينَ وَمَيْدَانٌ لِلْمُتَنَافِسِينَ.

 

عبادَ اللهِ، إِنَّ الأمةَ الإسلاميةَ عَلَى بابِ مَوْسمٍ عظيمٍ؛ أَلَا وَهُوَ الحَجُّ إِلَى بيتِ اللهِ الْـحَرَامِ، الَّذِي فَرَضَ اللهُ علَى عِبَادِهِ حَجَّهُ، فَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ﴾ [آل عمران: 97]، ولقولهِ، -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-، في الحديثِ الطويلِ الذي رواهُ مسلمٌ: "يأيُّهَا النَّاسُ قَدْ فُرِضَ عَلَيْكُمْ الْحَجُّ فَحُجُّوا"، وَالْحَجُّ ركْنٌ مِنْ أركانِ الإِسْلَامِ، الَّتِي بُنِيَ علَيْهَا، وَفَرْضُ عَيْنٍ بالإجماعِ، ومعلومٌ مِنَ الدينِ بالضرورةِ.

 

إِنَّ القلوبَ الْمُؤْمِنَةَ لَتَسْتَجِيبُ لأمرِ اللهِ تَعَالَى بالحجِّ إِلَى بيتِهِ؛ شَوْقًا إِلَى مغفرتِهِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ ﴾ [الحج: 27].

 

إِنَّ القلوبَ المؤمنةَ لَتَنْطَلِقُ شوقًا إِلَى هَذَا البيتِ؛ تحقيقًا لدعاءِ الخليلِ عليهِ الصلاةُ والسلامُ: (فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ) ،فقلوبُ المؤمنينَ تَهْوِي إِلَى ذلكَ البيتِ العظيمِ، الذي أُقِيمَ علَى التَّوحيدِ مِنْ أَوَّلِ لحظةٍ، فَمَا أَنْ أَذَّنَ الخليلُ بالحجَّ -بَعْدَمَا فَرَغَ مِنْ إِقَامَتِهِ عَلَى الأساسِ الَّذِي كُلِّفَ بِإِقَامَتِهِ عَلَيهِ- إِلَّا وجُموعُ المؤمنينَ تأتِي إليهِ مُلّبِّيَةً، يَتَقَاطَرُونَ مِنْ كُلِّ فّجٍّ: رِجَالًا عَلَى أَقْدَامِهِمْ يَسْعُونَ، وَرُكُوبًا عَلَى كُلِّ ضَامِرٍ.

 

وَمَا يَزَالُ وَعْدُ اللهِ يَتَحَقَّقُ مُنْذُ عَهْدِ إِبْرَاهِيمَ -علَيْهِ السلامُ- إلى اليومِ والغَدِ، ولَا تَزالُ أفئدةُ الناسِ تَهْوَي البيتَ الْحَرَامَ، وتَهْفُو إِلَى رُؤْيتِهِ، والطَّوافِ بِهِ، مَا بَيْنَ غَنِيٍّ قَادِرٍ، يَجِدُ الظَّهْرَ فَيَرْكَبُهُ، وفَقِيرٌ لَا يَجِدُ إِلَّا قَدَمَيْهِ. إِنَّ مَلَايِينَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَتَقَاطَرُونَ مِنْ فِجَاجِ الأَرْضِ البَعِيدةِ؛ لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ، وَيَذْكُرُوا اِسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ.

 

ومنافِعُ الحجِّ كثيرةٌ، لَا تُعَدُّ وَلَا تُـحْصَى؛ فَهُوَ مَوْسِمٌ تَلْتَقِي فِيهِ الدُّنْيَا والآخرةُ، وَمَوْسِمُ عبادةٍ تصفُو فيهِ الأرواحُ، وهِيَ تَسْتَشْعِرُ قُرْبَـهَا مِنَ اللهِ فِي بَيْتِهِ الْـحَرَامِ.

 

إِنَّ الْـحَجِيجَ لَا يَزَالُوا يَتَوَافَدُونَ مِنْ كُلِّ فِجَاجِ الأرضِ: القَاصِي مِنْهَا، وَالدَّانِي. وَحَنَاجِرُهُمْ تَـجْأَرُ بِإجَابَةِ التَّوْحِيدِ ونداءِ الإخلاصِ، لبيكَ اللهمَّ لبيكَ، لبيكَ لَا شَرِيكَ لكَ لبيكَ. يُـجِيبُونَ دَاعِيَ التوحيدِ بإعلانِ التوحيدِ. إنَّ هذِهِ الجموعَ الْمُلَبِّيَةَ الْمُسْتَجِيبةَ؛ تَأِتي مُنْضَوِيَةً تحتَ رايةِ العقيدةِ، تتوارَى في ظِلِّهَا فوارقُ الأجناسِ، وَتَـمَايُزُ الأَلوَانِ وتباعُدُ الأوطانِ.

 

عِبَادَ اللهِ، جَعَلَ اللهُ جَلَّ وَعَلَا لِلْحَجِّ مِنَ الْفَوَائِدِ مَا لَيْسَ لِغَيْـرِهِ؛ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ، -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ- سُئِلَ: أَيُّ العَمَلِ أَفْضَلُ؟ فَقَالَ: "إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ" قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ:"الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ" قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: "حَجٌّ مَبْرُورٌ"؛ مَتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَالْـحَجُّ الْمَبْـرُورُ هُوَ الَّذِي لَا يُـخَالِطُهُ إِثْـمٌ، وَلَا رِيَاءٌ، وَلَا سُـمْعَةٌ، وَلَا رَفَثٌ، وَلَا فُسُوقٌ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ ﴾.

 

وَقَالَ، -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-: "مَنْ حَجَّ لِلَّهِ فَلَمْ يَرْفُثْ، وَلَمْ يَفْسُقْ، رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ" (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ).

 

فَعَلَى مَنْ تَاقَتْ نَفْسُهُ إِلَى حَجِّ بَيْتِ اللهِ الْـحَرَامِ، أَنْ يَتَزَوَّدَ فِي حِجِّهِ بِـخَيْـرِ الزَّادِ؛ أَلَا وَهُوَ زَادُ التَّقْوَى، فَهِيَ زَادُ الْقُلُوبِ وَالأَرْوَاحِ، مِنْهَا تَقْتَاتُ، وَمِنْهَا تَتَقَوَّى، وَعَلَيْهَا تَسْتَنِدُ فِي الوُصُولِ وَالنَّجَاةِ. وَمِنَ التَّزَوُّدِ بِالتَّقْوَى: رَدُّ الْمَظَالِـمِ إِلَى أَصْحَابِـهَا، وَالتَّحَلُّلُ مِنْ أَهْلِهَا، وَمِنْ زَادِ التَّقْوَى أَنْ يُنْفِقَ عَلَى حِجِّهِ أَطْيَبَ مَالِهِ، فَعْنْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ، -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-،: " أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ اللهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا، وَإِنَّ اللهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ، فَقَالَ: (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا، إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ)، وَقَالَ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ)، ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ، يَا رَبِّ، يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ"؟ (رَوَاهُ مُسْلِمٌ).

 

فَمِنْ أَعْظَمِ الْغَبـْنِ أَنْ يَـحُجَّ الْـحَاجُّ بـمَالٍ مُـحَرَّمٍ، مِنْ مَالٍ رَبَوِيٍّ، أَوْ رِشْوَةٍ، أَوْ مَالٍ أَكَلَهُ مِنْ يَتِيمٍ أَوْ مِسْكِينٍ، فَهُوَ لَا يَنَالُ بِسَبَبِهِ مِنْ حِجِّهِ إِلَّا نَصَبًا وَتَعَبًا، قَالَ الإِمَامُ أَحْـمَـدُ، رَحِـمَهُ اللهُ:

إِذَا حَجَجْتَ بِمَالٍ أَصْلُهُ سُحْتٌ
فَمَا حَجَجْتَ وَلَكِنْ حَجَّتِ الْعِيرُ
لَا يَقْبَلِ اللهُ إِلَّا كُلَّ طَيِّبَةٍ
مَا كُلُّ مَنْ حَجَّ بّيْتَ اللهِ مَبْرُورُ

 

فَعَلَى مَنْ نَوَى الْـحَجَّ أَنْ يُـخْرِجَ النَّفَقَةَ مِنْ خَيْـرِ مَالِهِ، وَأَنْ يَتَزَوَّدَ لِـحِجِّــهِ بِرُفْـــقَـــةٍ صَالِـحَةٍ، رِفْقَةٍ إِذَا رَأَيْتَهُمْ ذَكَرْتَ اللهَ، تَسْتَصْغِرُ نَفْسَكَ عِنْدَهُمْ، يُعِينُونَكَ عَلَى التَّقْوَى، يُذَكِّرُونَكَ بِرَبِّكَ وَبِالدَّارِ الآخِرَةِ، فِيهِمْ مَـحَاسِنُ الشِّيَمِ، وَمَكَارِمُ الأَخْلَاقِ.

 

أَوْصَى عَلْقَمَةُ اِبْنَهُ فَقَالَ: "اِصْحَبْ مِنَ الرِّجَالِ مَنْ إِنْ صَحِبْتَهُ زَانَكَ، وَإِنْ خَدَمْتَهُ صَانَكَ، وَإِنْ سَأَلْتَهُ أَعْطَاكَ، وَإِنْ لَـمْ تَسْأَلْهُ اِبْتَدَاكَ، اِصْحَبْ مَنْ لَا تَأْتِيكَ مِنْهُ الْبَوَائِقُ، وَلَا تَـخْتَلِفُ مِنْهُ عَلَيْكَ الْـخَلَائِقُ، وَلَا يَـخْذُلْكَ عِنْدَ الْـحَقَائِقِ".

 

فَاِحْرِصْ -رَحِـمَكَ اللهُ – عَلَى أَنْ تَصْحَبَ مَنْ فِيهِ حُسْنُ الصُّحْبَةِ لِمَنْ صَحِبَ.

 

قَالَ مُـجَاهِدٌ –رَحِـمَهُ اللهُ -: "صَحِبْتُ اِبْنَ عُمَرَ وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَخْدُمَهُ، فَكَانَ يَـخْدُمُنِـي أَكْثَرَ".

 

فَحُجَّ – يَا عَبْدَ اللهِ – بِرِفْقَةِ أُولِي الْـهِمَمِ الْعَالِيَةِ، أَهْلِ التَّوَاضُعِ وَالْـخُضُوعِ، وَالتَّذَلُّلِ وَلِـيـنِ الْـجَانِبِ، وَاِجْتَنِبْ أَهْلَ: الْمِرَاءِ وَالْـجَدَلِ، وَالْـجَبَـرُوتِ وَالْقَسْوَةِ، وَالتَّعَاظُمِ وَالتَّفَاخُرِ، وَالْعَجْزِ وَالْكَسَلِ.

 

اللَّهُمَّ رُدَّنَا إِلَيْكَ رَدًّا جَمِيلًا، وَاخْتِمْ بِالصَّالِحَاتِ آجَالَنَا.

 

أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

 

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى عِظَمِ نِعَمِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَخَلِيلُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا، أمَّا بَعْدُ...

عِبَادَ اللهِ، إِنَّ فِي الْـحَجِّ مِنَ الْمَوَاقِفِ الْعَظِيمَةِ مَا يَـجِلُّ عَنِ الْوَصْفِ؛ لِمَا فِيهَا مِنَ الأَجْرِ وَالْغَنِيمَةِ، وَمِنْ أَعْظَمِهَا وَأَجَلِّهَا، مَوْقِفُ عَرَفَةَ؛ فَهُوَ عُمْدَةُ الْـحَجِّ؛ فَعَلَى صَعِيدِ عَرَفَاتَ، يَـجْتَمِعُ جُـمُوعُ الْـحَجِيجِ فِي مَنْظَرٍ مَهِيبٍ، مُتَجَرِّدِينَ مِنَ كُلَّ سِـمـَةٍ إِلَّا سِـمَةَ الإسلامِ، لَا يـُمَيَّزُ فَرْدٌ عَنْ فردٍ، وَلَا قَبِيلةٌ عَنْ قَبِيلَةٍ، وَلَا جِنْسٌ عَنْ جنسٍ، لباسُهُمْ وَاحِدٌ، وَشِعَارُهُمْ وَاحِدٌ، لَــبَّــيْــكَ اللهُمَّ لَــبَّــيْــكَ، تَكْبِيـرٌ وَتَـهْلِيلٌ. فتُسْكَبُ الْعَبَـرَاتُ، وَتُقَالُ الْعَثَرَاتُ، وتُسْتَجَابُ الدَّعَوَاتُ، وَتُغْفَرُ السَّيِّــئَاتُ؛ مـَحْرُومٌ – وَرَبِّي – مَنْ لَمْ يَتَذَوَّقْ طَعمَهُ وَلَوْ مَرَّةً فِي حَيَاتِهِ، مَشْهَدٌ جليلٌ، لَا يَعْرِفُ عَظَمَتْهُ إِلَّا مَنْ وَقَفَهُ.

 

فلِلهِ ذاكَ الموقفُ الأعظمُ الَّذِي
كموقفِ يومِ العَرْضِ بلْ ذاكَ أعظمُ
ويدْنُو بهِ الجبّارُ جَلَّ جلالُهُ
يُباهِي بهمْ أمْلاكَه فهو أكرَمُ
يقولُ عِبادِي قدْ أتونِي مَحَبَّةً
وَإنِّي بهمْ بَرٌّ أجُودُ وأرْحَمُ
فأشْهِدُكُمْ أنِّي غَفَرْتُ ذنُوبَهُمْ
وَأَعْطيْتُهُمْ ما أمَّلوهُ وأنْعِمُ
فبُشراكُمُ يا أهلَ ذَا الْمَوقِفِ الَّذِي
بِهِ يَغفرُ اللهُ الذنوبَ ويَرحمُ
فكمْ مِن عتيقٍ فيه كَمَّلَ عِتقهُ
وَآخَرُ يَسْتسعَى وربُّكَ أرْحَمُ

 

قَالَتْ عَائِشَةُ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ، مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَإِنَّهُ لَيَدْنُو، ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمِ الْمَلَائِكَةَ، فَيَقُولُ: مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ؟" (رواهُ مسلمٌ).

 

قَالَ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-، لِـمَنْ سَأَلَهُ عَنْ أَجْرِ وقوفِهِ: "وَأَمَّا وَقُوفُكَ بِعَرَفَةَ، فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَنْزِلُ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا فَيُبَاهِي بِهِمُ الْمَلَائِكَةَ فَيَقَوُلُ: هَؤُلَاءِ عِبَادِي جَاءُوا شُعْثًا غُبْرًا مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ، يَرْجُونَ رَحْمَتِي وَيَخَافُونَ عَذَابِي، وَلَمْ يَرَوْنِي، فَكَيْفَ لَوْ رَأُونِي، فَلَوْ كَانَ عَلَيْكَ مِثْلُ رَمْلِ عَالِجٍ، أَوْ مِثْلُ أَيَّامِ الدُّنْيَا، أَوْ مِثْلُ قَطْرِ السَّمَاءِ ذُنُوبًا غَسَلَهَا اللَّهُ عَنْكَ، وَأَمَّا رَمْيُكَ الْجِمَارَ، فَإِنَّهُ مَذْخُورٌ لَكَ، وَأَمَّا حَلْقُكَ رَأْسَكَ، فَإِنَّ لَكَ بِكُلِّ شَعْرَةٍ تَسْقُطُ حَسَنَةً، فَإِذَا طُفْتَ بِالْبَيْتِ، خَرَجْتَ مِنْ ذُنُوبِكَ كَيَوْمِ وَلَدَتْكَ أُمُّكَ" (رَوَاهُ عَبْدُ الرَّازَقُ بسندٍ صحيحٍ).

 

فكيفَ يفرطُ مسلمٌ، لَمْ يُؤَدِّ فرضَهُ، بيومِ المُباهَاةِ؟! فالمحرومُ مَنْ حُرِمَهُ، وقدْ أَوْسَعَ اللهُ لَهُ في رِزْقِهِ، ونَسَأَ لَهُ في أَجَلِهِ، وَلَا يَغْدُو إِلَى بيتِ رَبِّه مَعَ كمالِ صِحَّتِهِ وعَافِيَتِهِ.

 

وعلى مَنْ وقَفَهُ أنْ يَستَشْعِرَ هَيبتَهُ، خَطَبَ عمرُ بنُ عبدِ العزيزِ بعرفةَ فقالَ: "إِنَّكُمْ قَدِ جِئْتُمْ مِنَ القريبِ والبعيدِ، واَضْنَيْتُمْ الظَّهْرَ، وأَخْلَقْتُمْ الثِّيَابَ، وليسَ السابِقُ اليومَ مَنْ سَبَقَتْ دَابَّتُهُ ورَاحِلَتُهُ، وإِنَّمَا السَّابِقُ مَنْ غُفِرَ لهُ"، وفِي روايةٍ: "وتَكَلَّفْتُمْ مِنَ المؤونةِ مَا شَاءَ اللهُ".

وقفَ حكيمُ بنُ حِزَامٍ -رضي اللهُ عنهُ- عَشِيَّةَ عَرَفَةَ؛ فَأَعْتَقَ عَبِيْدَهُ، فضَجَّ النَّاسُ بالبكاءِ والدعاءِ يقولونَ: هَذَا عَبْدُكَ قَدْ أَعْتَقَ عَبِيدَهُ، وَنَحْنُ عَبِيدُكَ فَأَعْتِقْنَا.

 

رأَى الفُضَيلُ بكاءَ الناسِ بعرفةَ فقالَ: أَرَأَيْتُمْ لَو أَنَّ هَؤُلَاءِ صَارُوا إِلَى رَجُلٍ فَسَأَلُوهُ دِرْهَـمًا، أَكَانَ يَرُدُّهُمْ؟ قَالُوا: لَا وَاللهِ، قَالَ: وَاللهِ، لَلْمَغْــفِرَةُ عِنْدَ اللهِ أَهْوَنُ مِنْ إِجَابَةِ رَجُلٍ بِدَانِقٍ، ثُـمَّ أَنْشَدَ:

وَإِنِّي لَأَدْعُو اللهَ أَسْأَلُ عَفْوَهُ
وَأَعْلَمُ أَنَّ اللهَ يَعْفُو وَيَغْفِرُ
لَئِنْ أَعْظَمَ النَّاسُ الذُّنُوبَ فَإِنَّهَا
وَإِنْ عَظُمَتْ فِي رَحْمَةِ اللهِ تَصْغُرُ

 

فَعَلَى مَنْ وَقَفَ هَذَا الْمَوْقِفَ أَنْ يَسْتَغِلَّهُ فِي الدُّعَاءِ، وَأَلَّا يُفَرِّطَ فِي دَقَائِقِهِ وَلَا فِي ثَوَانِيهِ؛ فَهِيَ سُوَيْعَاتٌ مَعْدُودَاتٌ. أَسْأَلُ اللهَ أَلَّا يَـحْرِمَنَا أَجْرَهَا.

 

عِبَادَ اللهِ، وَمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَجُّ؛ فَلَمْ يَـحُجْ، وَهُوَ قَادِرٌ؛ فَعَلَيْهِ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ مَـخْذُولٌ، وَلِنَفْسِهِ ظَالِـمٌ مُبِينٌ.

 

اللَّهُمَّ احْفَظْنَا بِحِفْظِكَ، وَوَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا، وَوَلِيَّ عَهْدِهِ لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى؛ وَاحْفَظْ لِبِلَادِنَا الْأَمْنَ وَالْأَمَانَ، وَالسَّلَامَةَ وَالْإِسْلَامَ، وَانْصُرِ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى حُدُودِ بِلَادِنَا؛ وَانْشُرِ الرُّعْبَ فِي قُلُوبِ أَعْدَائِنَا؛ وَاجْعَلْنَا هُدَاةً مَهْدِيِّينَ غَيْرَ ضَالِّينَ وَلَا مُضِلِّينَ؛ وَنَسْأَلُهُ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ؛ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى الْـمُرْسَلِينَ، وَالْحَمْدُ لِلهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

 

وَقُومُوا إِلَى صَلَاتِكمْ يَرْحَـمـْكُمُ اللهُ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الحج المبرور وعلامات القبول
  • أخطاءٌ عامَّةٌ وشائعةٌ في الحجِّ
  • الخطبة الأولى في شروط وجوب الحج
  • الخطبة الثانية في صفة الحج والعمرة
  • صفة الحج
  • الحج.. وفصاحة الأعراب

مختارات من الشبكة

  • الحج الأكبر (فضائل الحج، والحج على الفور)(مقالة - ملفات خاصة)
  • تأملات في الحج (10) ماذا بعد الحج؟! (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تأملات في الحج (8) الحج بين الفضائل والبدائل (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أنساك الحج وأيها أفضل(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الحج: الآداب والأخلاق(مقالة - موقع د. زيد بن محمد الرماني)
  • أركان وواجبات الحج وأحكام العمرة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فقه الحج - دروس من الحج(مادة مرئية - موقع الشيخ عبدالله بن محمد بن سعد آل خنين)
  • فقه الحج - صفة الحج(مادة مرئية - موقع الشيخ عبدالله بن محمد بن سعد آل خنين)
  • فقه الحج - آداب الحج(مادة مرئية - موقع الشيخ عبدالله بن محمد بن سعد آل خنين)
  • فقه الحج - الحج وشروطه(مادة مرئية - موقع الشيخ عبدالله بن محمد بن سعد آل خنين)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بعد خمس سنوات من الترميم.. مسجد كوتيزي يعود للحياة بعد 80 عاما من التوقف
  • أزناكايفو تستضيف المسابقة السنوية لحفظ وتلاوة القرآن الكريم في تتارستان
  • بمشاركة مئات الأسر... فعالية خيرية لدعم تجديد وتوسعة مسجد في بلاكبيرن
  • الزيادة المستمرة لأعداد المصلين تعجل تأسيس مسجد جديد في سانتا كروز دي تنريفه
  • ختام الدورة التاسعة لمسابقة "جيل القرآن" وتكريم 50 فائزا في سلوفينيا
  • ندوة في سارنيتسا تبحث تطوير تدريس الدين الإسلامي وحفظ التراث الثقافي
  • مشروع للطاقة الشمسية وتكييف الهواء يحولان مسجد في تيراسا إلى نموذج حديث
  • أكثر من 5000 متطوع مسلم يحيون مشروع "النظافة من الإيمان" في زينيتسا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/1/1447هـ - الساعة: 14:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب