• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    يوم العيد وأيام التشريق (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    المقصد الحقيقي من الأضحية
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    خطبة الأضحى 1446 هـ (إن الله جميل يحب الجمال)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    خطبة عيد الأضحى 1446هـ
    عبدالوهاب محمد المعبأ
  •  
    لبس البشت فقها ونظاما
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    خطبة: مضت أيام العشر المباركة
    محمد أحمد الذماري
  •  
    خطبة عيد الأضحى المبارك لعام 1446هـ
    د. عبدالرزاق السيد
  •  
    خطبة عيد الأضحى لعام 1446 هــ
    أ. شائع محمد الغبيشي
  •  
    خطبة عيد الأضحى المبارك: تضحية وفداء، صبر وإخاء
    الشيخ الحسين أشقرا
  •  
    خطبة عيد الأضحى 1446هـ
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    خطبة عيد الأضحى 1446 هـ
    عبدالعزيز أبو يوسف
  •  
    حكم صلاة الجمعة لمن صلى العيد إذا وافق يوم الجمعة ...
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    المسائل المختصرة في أحكام الأضحية
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    الثامن من ذي الحجة
    د. سعد مردف
  •  
    خطبة عيد النحر 1446 هـ
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    التشويق لفضائل النحر والتشريق (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

{ وأحسن كما أحسن الله إليك } (خطبة)

{ وأحسن كما أحسن الله إليك } (خطبة)
الشيخ عبدالله محمد الطوالة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 26/3/2022 ميلادي - 23/8/1443 هجري

الزيارات: 20970

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

﴿ وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ ﴾


إن الحمد لله، نحمَده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلوات الله وسلامه عليه، أما بعد:

فإن أصدقَ الحديثِ كتابُ الله، وخيرَ الهديِ هديُ رسولِه محمدٍ بن عبدِ الله صلى الله عليه وسلم، وشرَ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعةٍ ضلالة، وكلَّ ضلالةٍ في النار، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71].

 

معاشر المؤمنين الكرام؛ لقد أخبرَ الله جلَّ جلالهُ عبادهُ أنه سيبعثُهم جميعًا في يومٍ لا ريب فيه، وسيجمعُهم في مكانٍ واحد، لا يغادرُ منهم أحدًا، فتُنشَرُ الصحف، وتعرضُ السجلات، وتوزَنُ الأعمال، وتكشفُ السرائر، ﴿ يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ ﴾ [الحاقة: 18]، فينظرُ كلٌّ منهم لميزانه بإشفاقٍ ووجَل، ﴿ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي ﴾ [الفجر: 24]، يتمنَّى أنه أحسنَ فيما قدَّم.

 

نعم أيها الكرام؛ سيأتي ذلك اليوم العصيبُ الرهيب: ﴿ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [المطففين: 6]، ﴿ يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ ﴾ [الانفطار: 19]، ﴿ يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ ﴾ [عبس: 34، 35]، ﴿ يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ مَا سَعَى * وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرَى ﴾ [النازعات: 35، 36]، ﴿ يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ ﴾ [آل عمران: 106]، ﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾ [الشعراء: 88، 89]، ﴿ يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ * فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴾ [الزلزلة: 6 - 8]، فما مِن أحدٍ إلا وسَيعضُّ أصابع الندم، المقصِّرُ، يتحسَّرُ على تقصِيره، ﴿ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ ﴾ [الزمر: 56]، ويتمنى الرجوعَ لعلهُ يعملُ صالحًا، فيقال له: كلَّا، والمحسنُ يندَمُ أن لو كان قد ازدادَ إحسانًا، ولأنَّ الرسولَ الكريم صلوات الله وسلامهُ عليه كان حريصًا كلَّ الحرصِ على مصلحة أُمَّتهِ، فقد أكثرَ من وصاياهُ العظيمةِ لهم، ومن أعظم تلك الوصايا وأجلِّها، ما جاء في حديث مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه أَن رَسُولَ صلى الله عليه وسلم أَخَذَ بِيَدِهِ، وَقَالَ: "يَا مُعَاذُ، وَاللهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ، وَاللهِ إِني لَأُحِبُّكَ، أُوصِيكَ يَا مُعَاذُ لَا تَدَعَنَّ فِي دُبُرِ كُل صَلَاةٍ تَقُولُ: اللهُمَّ أَعِني عَلَى ذِكْرِكَ، وَشُكْرِكَ، وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ"، صححه الألباني.

 

هذا الدعاء العظيم يا عباد الله هو طلبٌ لتحقيق مُرادِ اللهِ جلَّ وعلا في قوله: ﴿ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ﴾ [الملك: 2]، وقوله تعالى: ﴿ إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ﴾ [الكهف: 7]، فحُسنُ العبادةِ مرتَبَةٌ زائدةٌ على مجرَّد الأداء، وهي التي تبلُغُ بالعبدِ منازلًا عظيمةً من القَبولِ والمغفرةِ وحُسنِ الجزاءِ.

 

وايم الله يا عباد الله، إن الرجلين لينصرِفان من صلاتهِما خلفَ إمامٍ واحدٍ، وبَينهما كما بين السماءِ والأرض.

 

نعم يا عباد الله، قد يتساوَى العابدان في العمل الظاهر، لكنهما يختلِفان كثيرًا في القبولِ والثوابِ، وهذا الاختلافُ الكبير مردُّهُ إلى حِرصِ أحدِهما على تحسِين عبادتهِ وإتمامها، وتقصيرِ الآخرِ فيها وعدمِ الاهتمام بها، في صحيح مسلِم أن عثمانَ بن عفان رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما مِن امرئٍ مسلم تحضرُه صلاةٌ مكتوبة، فيُحسِن وضوءَها وخشوعَها وركوعَها، إلا كانت كفَّارةً لما قبلَها من الذنوبِ ما لم تُؤتَ كبيرةٌ، وذلك الدهرَ كلَّه"، وقد أوصى صلى الله عليه وسلم رجلًا أن يُصلِّيَ صلاة مودع؛ يَعني: أن يستشعرَ أنه يُصلي آخرَ صلاةٍ له، وأنهُ لن يُصلي بعدها صلاةً أخرى، مما يَحمِلهُ على إتقانها، وتكميلها وتحسينها، ولذلك شُرِعَ للمسلم أن يُحسِّنَ ويكمِّلَ عباداتهِ الواجبة، بنوافلَ من جِنسِها، كالسنن الرواتب بالنسبة للصلاة المفروضة، وكصيام الاثنينِ والخميسِ بالنسبة لصوم رمضان، وكالصدقة بالنسبة للزكاة المفروضة، وكنافلة العُمرةِ بالنسبة لفريضة الحج، فكلُّ ذلك جبرٌ وتحسينٌ وإتمامٌ لما نقَصَ من الفرائض والواجباتِ؛ كما جاء في الحديث القدسي الصحيح أن الله عز وجل يقول يومَ القيامة: انظروا هل لعبدي من تطوُّع، فيُكمَّلَ بها ما انتقَصَ من الفريضة"، كما أنَّ مَن إحسانِ العملِ المحافظةِ عليه بعد أدائه، وذلك بتجنُّب ما قد يُبطِلُ ثوابَهُ، أو يُنقصُ جزاءهُ، تأمَّل قولهُ تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ ﴾ [محمد: 33]، وفي صحيحِ مسلمٍ عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أَتَدْرُونَ من المُفْلِسُ؟ قالوا: المُفْلِسُ فِينا مَن لا دِرْهَمَ له ولا مَتاعَ، فقالَ: المُفْلِسَ مِن أُمَّتي من يَأْتي يَومَ القِيامَةِ بصَلاةٍ، وصِيامٍ، وزَكاةٍ، ويَأْتي قدْ شَتَمَ هذا، وقَذَفَ هذا، وأَكَلَ مالَ هذا، وسَفَكَ دَمَ هذا، وضَرَبَ هذا، فيُعْطَى هذا مِن حَسَناتِهِ، وهذا مِن حَسَناتِهِ، فإنْ فَنِيَتْ حَسَناتُهُ قَبْلَ أنْ يُقْضَى ما عليه أُخِذَ مِن خَطاياهُمْ فَطُرِحَتْ عليه، ثُمَّ طُرِحَ في النَّارِ، ولذا كان الإحسانُ هو أعلى مراتبِ الدين، وهو أن تعبدَ الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه، فإنه يراك؛ قال الامام النووي رحمه الله تعالى: "هذا من جوامع كلِمهِ صلى الله عليه وسلم؛ لأنَّا لو قدَّرنا أنَّ أحدَنا قامَ في عبادةٍ وهو يُعايِن ربَّهُ سبحانهُ وتعالى لم يترُك شيئًا مما يقدِرُ عليهِ من الخضوعِ والخشوعِ وحُسنِ السَّمتِ واجتماعِه بظاهره وباطنهِ على الاعتناءِ بتتميمها على أحسنِ وجوهِها إلا أتى به".

 

إذًا فأمرُ النبي صلى الله عليه وسلم لأمته أن ندعو الله بهذا الدعاء، عقِب كلِّ صلاة، أمرٌ هامٌ وعظيم، يحبهُ اللهُ ويُريدهُ من عباده، وإذا كان الناسُ في أمسِّ الحاجةِ إلى عون اللهِ وتوفيقهِ في كل أمورهم، فكيف بما يُقربهم لمولاهم، ويُكسِبهم رضاهُ ومحبتهُ، ويكفِّرُ عنهم سيئاتهم ويرفعُ درجاتهم، فحقٌّ على كلِّ مُسلِمٍ يرجو ما عند الله، ويسعى لمرضاته أن يجتهد في تحسينِ عبادته، فالمحسِنُونَ همُ الفَائِزون بمحبَّةِ اللهِ جلَّ وعلا: ﴿ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [آل عمران: 134]، وهمُ السُّعدَاءُ بمعيَّتهِ جلَّ وعلا: ﴿ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ ﴾ [النحل: 128]، وهمُ المنتفِعونَ بآياتِ القُرآنِ العَظيمِ: ﴿ الم * تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ * هُدًى وَرَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ ﴾ [لقمان: 1 - 3]، وهمُ الأقْرَبُ لنَيلِ رَحمةِ ربِّ العالمين: ﴿ إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الأعراف: 56]، وهمُ الأكرمُ على اللهِ: ﴿ لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الزمر: 34]، أجرُهُم محفُوظٌ: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [التوبة: 120]، ولا يَزالونَ مُبشَرِينَ: ﴿ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الحج: 37]، ومَوعُودُونَ بالمزيد: ﴿ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [البقرة: 58]، ﴿ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ ﴾ [يونس: 26].

 

ولتحقيق الإحسان في العبادة أسبابٌ كثيرة، أوَّلُها وأهمها: الإخلاصُ، فالإخلاص هو الأساس، وهو أن يبتغي بعبادته وجه الله تعالى وحده؛ قال تعالى: ﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ﴾ [البينة: 5]، وفي الحديث القدسي: قال الله تبارك وتعالى: "أنا أغنى الشُّركاء عن الشركِ، من عمِل عملًا أشرك فيه معِيَ غيري تركتُه وشركه"؛ رواه مسلم، وثانيها: دقةُ المتابعةُ للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، "صلوا كما رأيتموني أصلي"، "خذوا عني مناسككم"، "من عمِل عملًا ليس عليه أمرُنا فهو رد"، والأحاديث كلها صحيحة، ومن أعظم الأسباب المعينة على تحسين العبادة: الاستعانة بالله جلَّ وعلا وكثرةِ دعاءه، كما جاء في حديث معاذ السابق: "اللهم أعني على ذكرك وشكرك.... قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "تأمَّلت أنفع الدعاء: فإذا هو سؤال الله العون على مرضاته"، وجاء في حديث صحيح: "أتُحبُّون أن تجتهدوا في الدعاء؟ قولوا: اللهمَّ أعنا على شكرك وذكرك وحسن عبادتك".

 

ومن الأمور المعينة كذلك: قراءةُ سِيَرِ وتراجم السلف، ولا سيما المجتهدونَ في العبادة منهم، خُصوصًا قبل المواسِم الفاضلة، فهي ترفعُ الهمة، وتقوي العزيمة، وترغِّبُ في الاجتهاد، بلغنا الله وإياكم رمضان، ونحن في أحسن حال، وأعاننا فيه على إحسان الصيام والقيام، وعلى كل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال، وجعلني الله وإياكم من المحسنين الذين قال عنهم: ﴿ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ ﴾ [يونس: 26]، وقال عنهم أيضًا: ﴿ فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ بِمَا قَالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [المائدة: 85]..

 

أقول ما تسمعون..

 

الخطبة الثانية

الحمد لله وكفى، أما بعد: فاتقوا الله عباد الله وكونوا مع الصادقين، ومن الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنة.

 

معاشر المؤمنين الكرام، الدِّفاعُ عن الدين والشَرِيعَة، وحفظُ الأمن، ومحاربةِ الفساد والمفسدين في الأرض، فَرْضٌ عَلى الجميع، كل بحسب مكانتهِ واستطاعته، وما ذاك إلا لأنَّ الأَمْنَ أمرٌ ضروريٌ للجميع، ولا يَعْرِفُ قَدْرَهُ وقيمته إلَّا مَنْ اكْتَوى بِنيران فقده، نسأل الله السَّلامةَ لنا ولجميع المسلمين.

 

نعم يا عباد الله، ففِي ظِل الأَمْنِ تُحْفَظُ النُّفُوسُ، وتُصَانُ الأَعْرَاضُ والأمْوَالُ والممتلكات، ويَسُودُ الْمَعْروفُ، ويضمحل المنكر، وتُعمَرُ المسَاجِدُ، وتقامُ الشعائرُ، ويحْصُلُ الاستِقْرارُ، وتزدهر البلاد، ويطيبُ العيشُ، وتحلو الحياة، ففي الحديث الحسن قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ مُعَافًى فِي جَسَدِهِ عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ؛ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا بِحَذَافِيرِهَا».

 

وَفِي يَوْمَ النَّحْرِ العظيم، خَطَبَ النَّبِيُّ الكريم صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟! قَالُوا يَوْمٌ حَرَامٌ، قَالَ فَأَيُّ بَلَدٍ هَذَا؟! قَالُوا بَلَدٌ حَرَامٌ، قَالَ فَأَيُّ شَهْرٍ هَذَا؟! قَالُوا شَهْرٌ حَرَامٌ، قَالَ فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ؛ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فَأَعَادَهَا مِرَارًا، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: فَوَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهَا لَوَصِيَّتُهُ إِلَى أُمَّتِهِ، فَلْيُبْـلِـغْ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ، لَا تَـرْجِعـُوا بَعْــدِي كُفَّـارًا يَضْـرِبُ بَعْضُـكُمْ رِقَـــابَ بَعْضٍ)؛ رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ، وفي صحيح البُخَارِي، قال صلى الله عليه وسلم: (لَا يَزَالَ المُؤْمِنُ فِي فُسْحَـةٍ مِنْ دِينِهِ، مَا لَــمْ يُصِبْ دَمًا حَـرَامًا)، وفي تفسير قوله تعالى: ﴿ إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ [المائدة: 33]؛ يَقُولُ الإمامُ السَّعْدِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: وَإِذَا كَانَ هَذَا شَأْنُ عِظَمِ هَذِهِ الجَرِيْمَةِ، عُلِمَ أَنَّ تَطْهِيْرَ الأَرْضِ مِنَ المُفْسِدِينَ، وَتَأْمِينَ السُّبُلِ وَالطُّرُقِ عَنِ القَتْلِ وَأَخْذِ الأَمْوَالِ وَإِخَافَةِ النَّاسِ؛ مِنْ أَعْظَمِ الحَسَنَاتِ وَأَجَلِّ الطَّاعَاتِ، وَأَنَّهُ إِصْلَاحٌ فِي الأَرْضِ، كَمَا أَنَّ ضِدَّهُ إِفْسَادٌ فِي الأَرْضِ، فلَا تُقْمَعُ الفِتَنُ، وَلَا يُوْقَفُ الظُّلْمُ، وَلَا يُزْجَرُ الظَّالِمِ، وَلَا يَتِمُّ العَدْلُ، وَلَا يَسْتِتْبُ الأَمْنُ؛ إِلَّا بِتَطْبِيقِ شَرْعِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ؛ فَبِقَتْلِ القَاتِلِ تُحْفَظُ الأَنْفُسُ، وَبِجَلْدِ الزَّانِي وَرَجْمِهِ تُحْفَظُ الأَعْرَاضُ، وَبِقَطْعِ يَدِ السَّارِقِ تُحْفَظُ الأَمْوَالُ، وَبِجَلْدِ القَاذِفِ تُكَفُّ الأَلْسِنَةُ الآثِمَةُ، وَبِجَلْدِ شَارِبِ الخَمْرِ تُحَفْظُ العُقُولُ.. فَإِقَامَةُ الحُدُودِ صَلَاحٌ لِلْعِبَادِ والبلاد، ومَطْهَرَةٌ لِلْأَرْضِ مِنَ الفَسَادِ، جاء في حديث حسنه الامام الألباني، قال صلى الله عليه وسلم: "حدٌّ يَعملُ بِهِ في الأرضِ، خيرٌ لأَهْلِ الأرضِ من أن يُمطَروا أربَعينَ صباحًا"، وفي قول الحقِّ جلَّ وعلا: ﴿ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا ﴾ [آل عمران: 103].

 

نعلم يقينًا أن الاعتصامَ بحبلِ اللهِ جميعًا، والتمسكَ بكتابِ اللهِ وسنةَ رسولهِ صلى الله عليه وسلم، وتطبيقَ شرع الله تعالى، هو السبيلُ الوحيدُ الذي يجمعُ الأمَّةَ على الحقِّ، ويوحِّدُ الكلمةَ، ويُقوِّي اللُّحْمةَ، ويقطعُ الطريقَ على الأعداءِ المتربصين بالأمن والاستقرار، نسألُ الله تعالى أن يجنبنا الفتن، ما ظهر منها وما بطن، وأن يردَّ كيدَ الكائدينَ في نحورهم.

اللهم أعز...

 





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • وأحسن كما أحسن الله إليك

مختارات من الشبكة

  • خطبة وأحسن كما أحسن الله إليك(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • بيان عاجل (إليك... إليك)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • اللهم أسلمت نفسي إليك ووجهت وجهي إليك(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إليك إلهي إليك أتيت (قصيدة)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • تفسير: (نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • آداب النوم في الإسلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شرح حديث البراء بن عازب: إذا أويت إلى فراشك، فقل: اللهم أسلمت نفسي إليك(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (وأوفوا الكيل إذا كلتم وزنوا بالقسطاس المستقيم ذلك خير وأحسن تأويلا)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بعد عامين من البناء افتتاح مسجد جديد في قرية سوكوري
  • بعد 3 عقود من العطاء.. مركز ماديسون الإسلامي يفتتح مبناه الجديد
  • المرأة في المجتمع... نقاش مفتوح حول المسؤوليات والفرص بمدينة سراييفو
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/12/1446هـ - الساعة: 17:59
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب