• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    يوم العيد وأيام التشريق (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    المقصد الحقيقي من الأضحية
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    خطبة الأضحى 1446 هـ (إن الله جميل يحب الجمال)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    خطبة عيد الأضحى 1446هـ
    عبدالوهاب محمد المعبأ
  •  
    لبس البشت فقها ونظاما
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    خطبة: مضت أيام العشر المباركة
    محمد أحمد الذماري
  •  
    خطبة عيد الأضحى المبارك لعام 1446هـ
    د. عبدالرزاق السيد
  •  
    خطبة عيد الأضحى لعام 1446 هــ
    أ. شائع محمد الغبيشي
  •  
    خطبة عيد الأضحى المبارك: تضحية وفداء، صبر وإخاء
    الشيخ الحسين أشقرا
  •  
    خطبة عيد الأضحى 1446هـ
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    خطبة عيد الأضحى 1446 هـ
    عبدالعزيز أبو يوسف
  •  
    حكم صلاة الجمعة لمن صلى العيد إذا وافق يوم الجمعة ...
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    المسائل المختصرة في أحكام الأضحية
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    الثامن من ذي الحجة
    د. سعد مردف
  •  
    خطبة عيد النحر 1446 هـ
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    التشويق لفضائل النحر والتشريق (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

أول يوم في القبر حسرة وندامة على الكافرين وسرور وبشر للمؤمنين (خطبة)

أول يوم في القبر حسرة وندامة على الكافرين وسرور وبشر للمؤمنين (خطبة)
الشيخ فؤاد بن يوسف أبو سعيد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 2/11/2021 ميلادي - 27/3/1443 هجري

الزيارات: 28483

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أولُ يومٍ في القبرِ حسرةٌ وندامةٌ على الكافرين

وسرورٌ وبِشرٌ للمؤمنين

 

إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71].

 

أما بعد؛ فإنَّ أصدق الحديث كتابُ الله، وخيرَ الهديِ هديُ محمد صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعة ضلالة، وكلَّ ضلالةٍ في النار.

 

أعاذني الله وإياكم وسائر المسلمين من النار، ومن كل عمل يقرب إلى النار، اللهم آمين.

 

ولنتذكَّرْ عباد الله أوَّل يومٍ في القبر، إنَّه حسرةٌ وندامةٌ على الكافرين، وسرورٌ وبِشرٌ للمؤمنين؛ قال جلَّ جلاله: ﴿ كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ﴾ [الرحمن: 26، 27]، وقال عظم جاهه، قال لنبيِّه صلى الله عليه وسلم: ﴿ إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ﴾ [الزمر: 30]، وقال سبحانه: ﴿ قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [الجمعة: 8]، وقال مالكُ الملك، الحي الذي لا يموت، قال: ﴿ اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الزمر: 42]، هذا هو حال المخلوقات أجمعين، كلُّ مخلوقٍ فيه روحٌ سيأتي يومٌ كما دخلت فيه الروح، سيأتي أجلٌ وأمَدٌ وفي وقتٍ أن تخرجَ منه هذه الروح، لذلك روى أحمد والبخاريُّ، ومسلم والترمذيُّ، وأبو داود وابن ماجه والنسائيُّ، وعند بعضهم ما ليس عند الآخر، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله تعالى عنه قَالَ: ((خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي جِنَازَةِ رَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ، فَانْتَهَيْنَا إِلَى الْقَبْرِ وَلَمْ يُلْحَدْ بَعْدُ))؛ يعني: قبل أن يتم الحفر، وقبل أن توضع الجثة في القبر، ((فَجَلَسَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى شَفِيرِ الْقَبْرِ))؛ أي: على حافته، ((مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ، وَجَلَسْنَا حَوْلَهُ كَأَنَّ عَلَى رُؤُوسِنَا الطَّيْرَ))؛ في سكوت وفي سكون، ((وَفِي يَدِهِ صلى الله عليه وسلم عُودٌ يَنْكُتُ بِهِ فِي الْأَرْضِ، فَبَكَى)) بأبي هو وأمِّي، ((حَتَّى بَلَّ الثَّرَى مِنْ دُمُوعِهِ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: يَا إِخْوَانِي، لِمِثْلِ هَذَا الْيَوْمِ فَأَعِدُّوا))، فلنكرر قوله: يَا إِخْوَانِي، لِمِثْلِ هَذَا الْيَوْمِ فَأَعِدُّوا، ((ثُمَّ قَالَ)) عليه الصلاة والسلام: ((اسْتَعِيذُوا بِاللهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، اسْتَعِيذُوا بِاللهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ))، نعوذ بالله من عذاب القبر، نعوذ بالله من عذاب القبر، ((ثُمَّ قَالَ)) مُبَيِّنًا وموضِّحًا شيئًا لا نراه نحن ولا نعلمه، شيئًا من الغيب وضَّحه، رأينا الميِّت؟ رأيناه وهو في آخر أنفاسه، رأيناه وهو يضع ساقًا على ساق، رأيناه وهو يتنفَّس بصعوبة، رأيناه وهو يغرغر حتى إذا خرجت الروحُ هَمَدَت النفس، بعد ذلك لا ندري ولا نعلم إلا ما علمناه نبينا صلى الله عليه وسلم، بعد ذلك قمنا بواجبنا من وتغسيله وتكفينه والصلاة عليه ودفنه.


والآن جاء دور الروح؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّ الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ إِذَا كَانَ فِي انْقِطَاعٍ مِنْ الدُّنْيَا وَإِقْبَالٍ مِنْ الْآخِرَةِ، نَزَلَ إِلَيْهِ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ)) هذه وظائف الملائكة للميت، عدَّة وظائفَ تقوم بها الملائكة، أكثر من عشر وظائف عندما يموت الميت، فالمؤمن تنزل إليه ملائكة الرحمة، ((مِنَ السَّمَاءِ، بِيضُ الْوُجُوهِ، كَأَنَّ وُجُوهَهُمْ الشَّمْسُ، مَعَهُمْ كَفَنٌ حَرِيرَةٌ بَيْضَاءُ مِنْ أَكْفَانِ الْجَنَّةِ))، إذًا الروحُ تُكَفَّنُ والجسدُ يكفَّن، الجسد يكفِّنه الناس، والروح تكفِّنها الملائكة، فالكفن معهم، ((وَحَنُوطٌ مِنْ حَنُوطِ الْجَنَّةِ)) أيضًا على هذه الروح وهذا الكفن الطيب، والحَنوط: ما يُخْلط من الطِّيب لأكفان الموْتَى وأجْسَامِهم خاصَّة، ((حَتَّى يَجْلِسُوا مِنْهُ مَدَّ الْبَصَرِ، ثُمَّ يَجِيءُ مَلَكُ الْمَوْتِ عليه السلام حَتَّى يَجْلِسَ عِنْدَ رَأْسِهِ، فَيَقُولُ: اخْرُجِي أَيَّتُهَا النَّفْسُ الطَّيِّبَةُ كَانَتْ فِي الْجَسَدِ الطَّيِّبِ، اخْرُجِي حَمِيدَةً، اخْرُجِي رَاضِيَةً مَرْضِيًّا عَنْكِ، اخْرُجِي إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ اللهِ وَرِضْوَانٍ، وَأَبْشِرِي))؛ بشرى من الملائكة في تلك اللحظة، وأبشري أيتها النفس المؤمنة ((بِرَوْحٍ وَرَيْحَانٍ وَرَبٍّ غَيْرِ غَضْبَانَ، فَلَا يَزَالُ يُقَالُ لَهَا ذَلِكَ حَتَّى تَخْرُجَ))، يستدرجونها للخروج بالكلام الطيب، حتى تخرج من أظافر القدمين، ثم تخرج في النهاية من العينين.


((قَالَ: فَتَخْرُجُ تَسِيلُ كَمَا تَسِيلُ الْقَطْرَةُ مِنْ فِي السِّقَاءِ))، كيف تسيل القطرة من فمِ القربة؟ برفق ولين، ((فَيَأْخُذُهَا مَلَكُ الْمَوْتِ عليه السلام، وَيَخْرُجُ مِنْهَا كَأَطْيَبِ رِيحِ مِسْكٍ وُجِدَتْ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ، فَإِذَا أَخَذَهَا، لَمْ يَدَعُوهَا))؛ أي: لم يدعْها أولئك الملائكة؛ ملائكة الرحمة الذين نزلوا معهم الحنوط ومعهم الكفن، لم يدعوها، ((فِي يَدِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ حَتَّى يَأْخُذُوهَا، حَتَّى أَنَّهُ لَيُنَاوِلُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا))؛ كل واحد يعطي الثاني هذه الروح، انظروا إلى الروح الطيبة، يخرج منها روح وريحان، في بعض الروايات كل ملك يشمها: ((حَتَّى إِنَّهُمْ لِيُنَاوِلُهُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا يَشُمُّونَهُ)).


((ثُمَ يَجْعَلُونَهَا فِي ذَلِكَ الْكَفَنِ، وَفِي ذَلِكَ الْحَنُوطِ، فَيَتَلَقَّاهَا مَلَكَانِ يُصْعِدَانِهَا، حَتَّى يَنْتَهُوا بِهَا إِلَى بَابِ السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَيَسْتَفْتِحُونَ لَهُ فَيُفْتَحُ لَهُم، فَيَقُولُ أَهْلُ السَّمَاءِ: مَا أَطْيَبَ هَذِهِ الرِّيحَ! رُوحٌ طَيِّبَةٌ))؛ الرَّوْح بِالْفَتْحِ: الرَّاحَة وَالنَّسِيم، ((جَاءَتْكُمْ مِنَ الْأَرْضِ: مَنْ هَذَا؟!، فَيَقُولُونَ: فُلَانٌ بْنُ فُلَانٍ - بِأَحْسَنِ أَسْمَائِهِ الَّتِي كَانُوا يُسَمُّونَهُ بِهَا فِي الدُّنْيَا- فَيُقَالُ: مَرْحَبًا بِالنَّفْسِ الطَّيِّبَةِ كَانَتْ فِي الْجَسَدِ الطَّيِّبِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْكِ، وَعَلَى جَسَدٍ كُنْتِ تَعْمُرِينَه، ادْخُلِي حَمِيدَةً، وَأَبْشِرِي بِرَوْحٍ وَرَيْحَانٍ، وَرَبٍّ غَيْرِ غَضْبَانَ، وَيُشَيِّعُهُ مِنْ كُلِّ سَمَاءٍ مُقَرَّبُوهَا إِلَى السَّمَاءِ الَّتِي تَلِيهَا))؛ من السماء الثانية موكب آخر، السماء الثالثة موكب ثالث، موكب رابع وآخر إلى السماء السابعة، وهي هي الروح، في الكفن والروائح الطيبة يستقبلها أهل السماء.


((قَالَ: فلَا يَزَالُ يُقَالُ لَهَا ذَلِكَ، حَتَّى يُنْتَهَى بِهَا إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، الَّتِي فِيهَا اللهُ عز وجل، فَيُنْطَلَقُ بِهِ إِلَى رَبِّهِ عز وجل، فَيَقُولُ اللهُ عز وجل: اكْتُبُوا كِتَابَ عَبْدِي فِي عِلِّيِّينَ، وَأَعِيدُوهُ إِلَى الْأَرْضِ، فَإِنِّي مِنْهَا خَلَقْتُهُمْ، وَفِيهَا أُعِيدُهُمْ، وَمِنْهَا أُخْرِجُهُمْ تَارَةً أُخْرَى، قَالَ: فَتُعَادُ رُوحُهُ فِي جَسَدِهِ))؛ هذا الكلام الذي قلناه من الأرض إلى السماء السابعة كلُّه في طرفة عين، قبل أن تغمض عينك وتفتحها حصل هذا مع الميت ورجعت روحه إلى جسده، قال: ((إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ، وَإِنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ، فَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ، أَسْوَدَانِ أَزْرَقَانِ))؛ أَيْ: أَزْرَقَانِ أَعْيُنُهُمَا، ((يُقَالُ لِأَحَدِهِمَا: الْمُنْكَرُ، وَالْآخَرُ: النَّكِيرُ))؛ كِلَاهُمَا ضِدُّ الْمَعْرُوفِ، سُمِّيَا بِهِمَا؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ لَمْ يَعْرِفْهُمَا، وَلَمْ يَرَ صُورَةً مِثْلَ صُورَتِهِمَا؛ لذلك فهما بالنسبة له منكر، ينكرهما لا يعرفهما، ((فَيُجْلِسَانِهِ غَيْرَ فَزِعٍ وَلَا مَشْعُوفٍ))، الشَّعَف: شِدَّة الْفَزَع والخوف، حَتَّى يَذْهَبَ بِالْقَلْبِ، لكنَّ هذا المؤمن غير فزع ولا مشعوف، ((فَيَقُولَانِ لَهُ: مَنْ رَبُّكَ؟))؛ أَيْ: مَا هُوَ اِعْتِقَادُك فِيهِ؟ ((فَيَقُولُ: رَبِّيَ اللهُ، فَيَقُولَانِ لَهُ: هَلْ رَأَيْتَ اللهَ؟! فَيَقُولُ: مَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَرَى اللهَ))؛ أي: في الدنيا، ((فَيَقُولَانِ لَهُ: مَا دِينُكَ؟! فَيَقُولُ: دِينِيَ الْإِسْلَامُ، فَيَقُولَانِ لَهُ: مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ))، يسألونه عن محمد صلى الله عليه وسلم، ((الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ؟ فَيَقُولُ: هُوَ عَبْدُاللهِ وَرَسُولُهُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، فَيَقُولَانِ لَهُ: وَمَا يُدْرِيك؟!)) أَيْ: أَيُّ شَيْء أَخْبَرَك وَأَعْلَمَك بِمَا تَقُولُ مِنْ الرُّبُوبِيَّة وَالْإِسْلَام وَالرِّسَالَة؛ أي: كيف عرفت أنه عبدالله ورسوله؟ وكيف عرفت دينك وكيف عرفت أنَّ ربَّك الله؛ أي شيء أخبرك وأعلمك بما تقوله في الربوبية والإسلام والرسول عليه الصلاة والسلام؟ ((فَيَقُولُ: قَرَأتُ كِتَابَ اللهِ))، فأبشروا يا حفظةَ كتابِ اللهِ، يا من تقرؤونه، وتقرؤون آيات الله آناء الليل وأطراف النهار، ينفعكم ذلك عند الله عزَّ وجل، فيقولان له ما يدريك؟ فيقول قرأت كتاب الله، ((فَآمَنْتُ بِهِ، وَجَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ عِنْدِ اللهِ فَصَدَّقْنَاهُ، قَالَ: فَذَلِكَ قَوْلُ اللهِ عز وجل: ﴿ يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ﴾ [إبراهيم: 27]، فَيُنَادِي مُنَادٍ فِي السَّمَاءِ أَنْ: صَدَقَ عَبْدِي؛ فَأَفْرِشُوهُ مِنْ الْجَنَّةِ، وَأَلْبِسُوهُ مِنْ الْجَنَّةِ، وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى الْجَنَّةِ))؛ كلُّ هذا يحدث في قبره مما لا نراه، من الغيب الذي لا نعلمه، وبكيفية لا ندريها ولا نعلمها، ((فَيَقُولَانِ لَهُ: قَدْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُولُ هَذَا، فَيُفْرَجُ لَهُ فُرْجَةٌ قِبَلَ النَّارِ))، يُفتح له فتحة حتى يرى النار، ((فَيَنْظُرُ إِلَيْهَا يَحْطِمُ بَعْضُهَا بَعْضًا، فَيُقَالُ لَهُ: انْظُرْ إِلَى مَا وَقَاكَ اللهُ، ثُمَّ يُفْرَجُ لَهُ قِبَلَ الْجَنَّةِ، فَيَنْظُرُ إِلَى زَهْرَتِهَا وَمَا فِيهَا، فَيُقَالُ لَهُ: هَذَا مَقْعَدُكَ، فَيَأْتِيهِ مِنْ رَوْحِهَا))؛ يعني: يهبُّ عليه من ريح الجنة، ((وَطِيبِهَا، وَيُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ مَدَّ بَصَرِهِ، ثُمَّ يُنَوَّرُ لَهُ فِيهِ))؛ أَيْ: يُجْعَلُ النُّورُ لَهُ فِي قَبْرِهِ الَّذِي وُسِّعَ عَلَيْهِ، وَفِي رِوَايَةِ اِبْنِ حِبَّانَ: وَيُنَوَّرُ لَهُ كَالْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، ((وَيُقَالُ لَهُ: عَلَى الْيَقِينِ كُنْتَ، وَعَلَيْهِ مُتَّ، وَعَلَيْهِ تُبْعَثُ إِنْ شَاءَ اللهُ، ثُمَّ يُقَالُ لَهُ: نَمْ، فَيَقُولُ: دَعُونِي، أَرْجِعُ إِلَى أَهْلِي، فَأُبَشِّرُهُمْ))؛ يبشرهم بالنعيم الذي وجده، بالراحةِ والسكونِ، يا أهل الإيمان والتوحيد، كلُّ ميِّتٍ مات على ذلك يطلب من الله أن يرجع إلى أهله، فيبشِّرهم بما حدث له، ولكنَّ الفراقَ سببُ الحزن، ((فَيَقُولَانِ لَهُ: نَمْ كَنَوْمَةِ الْعَرُوسِ الَّذِي لَا يُوقِظُهُ إِلَّا أَحَبُّ أَهْلِهِ إِلَيْهِ))، هَذَا عِبَارَةٌ عَنْ عِزَّتِهِ وَتَعْظِيمِهِ عِنْدَ أَهْلِهِ، يَأْتِيهِ غَدَاةَ لَيْلَةِ زِفَافِهِ مَنْ هُوَ أَحَبُّ وَأَعْطَفُ عليه، أعطف منهم وأحبُّ على الميت، سيأتيه من يقول له: نم، ولا يوقظه إلا أحب الناس إليه، فَيُوقِظُهُ عَلَى الرِّفْقِ، وهذا يدل على الرفق في معاملته، وَاللُّطْفِ، واللين له، ((حَتَّى يَبْعَثَهُ اللهُ مِنْ مَضْجَعِهِ ذَلِكَ، قَالَ: وَيَأْتِيهِ رَجُلٌ حَسَنُ الْوَجْهِ، حَسَنُ الثِّيَابِ، طَيِّبُ الرِّيحِ، فَيَقُولُ: أَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُرُّكَ، هَذَا يَوْمُكَ الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ، فَيَقُولُ لَهُ: مَنْ أَنْتَ؟! فَوَجْهُكَ الْوَجْهُ يَجِيءُ بِالْخَيْرِ")، والإنسان في الحياة الدنيا يستأنسُ بأهلِ الخير، بالوجه المشرق، بالناس الصالحين، ((فَيَقُولُ: أَنَا عَمَلُكَ الصَّالِحُ، فَيَقُولُ: رَبِّ أَقِمْ السَّاعَةَ، حَتَّى أَرْجِعَ إِلَى أَهْلِي وَمَالِي))، وعند قيامِ الساعة يرجعُ الناس إلى بعضهم بعض، يتعارفُ الأهلُ، ويتعارف الناس فيما بينهم والأقارب والأرحام، وفي رواية: ((فَيَأْتُونَ بِهِ أَرْوَاحَ الْمُؤْمِنِينَ))، هذه الروحُ يأتون بها إلى أرواح المؤمنين، ((فَلَهُمْ أَشَدُّ فَرَحًا بِهِ مِنْ أَحَدِكُمْ بِغَائِبِهِ يَقْدَمُ عَلَيْهِ))، الغائب عندما يأتي من بلادٍ أخرى، ويرجع إلى أهله سالمًا غانمًا يجتمع الناس حوله، والكلُّ يسأل عمَّا في تلك البلاد التي تركها، وإذا كان لهم أقارب في تلك البلاد سألوا عنهم، هذه الروح جاءت إلى الدنيا وأقبلت على الآخرة، والناس هناك في شوقٍ لمعرفة ما فعل أهلوهم من بعدهم، ((فَيَسْأَلُونَهُ مَاذَا فَعَلَ فُلَانٌ؟! مَاذَا فَعَلَ فُلَانٌ؟!))؛ هذا يسأل عن ابنه، وهذا يسأل عن أبيه، وهذا يسأل عن أمِّه، وهذا يسأل عن جاره، وهذا يسأل عن ابنته، ماذا فعل فلان؟ ماذا فعل فلان؟ ((فَيَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ))؛ الأرواح يخاطبُ بعضها بعضًا: ((أَنْظِرُوا أَخَاكُمْ حَتَّى يَسْتَرِيحَ، فَإِنَّهُ كَانَ فِي كَرْبٍ))؛ يعني: جاء من الدنيا من تعب ومشقة وانتقل إلى الآخرة، ((فَيُقْبِلُونَ عَلَيْهِ يَسْأَلُونَهُ: مَا فَعَلَ فُلَانٌ؟! مَا فَعَلَتْ فُلَانَةُ؟! هَلْ تَزَوَّجَتْ؟!))، وهذه الرواية في الزهد والرقائق لابن المبارك والزهد لنعيم بن حماد (1/ 149) ح (443)، ((فَإِذَا سَألُوا عَنِ الرَّجُلِ قَدْ مَاتَ قَبْلَهُ))؛ تسأل الأرواح الروح التي قدِمت حديثًا عن رجل أو إنسان مات قبله، ((قَالَ لَهُمْ: إِنَّهُ قَدْ هَلَكَ، أَمَا أَتَاكُمْ؟! قَالُوا: إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، ذُهِبَ بِهِ إِلَى أُمِّهِ الْهَاوِيَةِ، فَبِئْسَتِ الْأُمُّ، وَبِئْسَتِ الْمُرَبِيَّةُ))؛ يعني: هذا مات على الكفر، وأرواح الكافرين لا تتلاقى مع أرواح المؤمنين ((قَالَ: فَيَعْرِضُ عَلَيْهِمْ أَعْمَالُهُمْ))؛ الميتُ حديثًا روحُه تعرِض أعمالَ الأحياءِ على أرواح الموتى، ((فَإِذَا رَأَوْا حَسَنًا))، من أبنائهم من أقاربهم رأوا أشياء طيبة، ((فَرِحُوا وَاسْتَبْشَرُوا، وَقَالُوا: اللَّهُمَّ هَذِهِ نِعْمَتُكَ عَلَى عَبْدِكَ فَأَتِمَّهَا))، أرواح المؤمنين تستبشر تدعو لأبنائها وأهليها الصالحين.


((وَإِنْ رَأَوْا سُوءًا))؛ يعني: إذا علموا أن بعض أولاده من بعده ترك الصلاة، أو افتعل المشاكل مع أعمامه وأخواله، أو ارتكب المنكرات، وما شابه ذلك، ماذا تقول أرواح الأموات؟ ((قَالُوا: اللَّهُمَّ رَاجِعْ بِعَبْدِكِ))؛ أَيْ: رُدَّهُ إِلَى دِينِكَ وَطَاعَتِ؛ يدعون له أن يرجع إلى الله، فإنا لله وإنا إليه راجعون.


أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.


الخطبة الآخرة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، واهتدى بهداه إلى يوم الدين؛ أما بعد:

فنكمل هذا الحديث في الشِّق الثاني، ما يحصل للكافر والعياذ بالله، فقد جاء في هذا الحديث أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن سرد ما مضى عن أرواح المؤمنين: ((قَالَ: وَإِنَّ الْكَافِرَ الرَّجُلَ السَّوْءَ، إِذَا احْتُضِرَ أَتَتْهُ مَلَائِكَةُ الْعَذَابِ، سُودُ الْوُجُوهِ، مَعَهُمْ الْمُسُوحُ))؛ الـمُسُوح: جَمع الـمِسح بالكسر؛ وهو اللباس الخشن، ((فَيَجْلِسُونَ مِنْهُ مَدَّ الْبَصَرِ، ثُمَّ يَجِيءُ مَلَكُ الْمَوْتِ حَتَّى يَجْلِسَ عِنْدَ رَأْسِهِ، فَيَقُولُ: اخْرُجِي أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْخَبِيثَةُ كَانَتْ فِي الْجَسَدِ الْخَبِيثِ، اخْرُجِي ذَمِيمَةً، اخْرُجِي سَاخِطَةً مَسْخُوطًا عَلَيْكِ إِلَى عَذَابِ اللهِ عز وجل، وَأَبْشِرِي بِحَمِيمٍ وَغَسَّاقٍ، وَآخَرَ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ، قَالَ: فَتَفَرَّقُ فِي جَسَدِهِ))؛ تهرب الروح في كلِّ شريان أو وريد صغير، أو عصب صغير في الجسد، تفرُّ في مكان، ((فَيَنْتَزِعُهَا كَمَا يُنْتَزَعُ السَّفُّودُ مِنْ الصُّوفِ الْمَبْلُولِ))، والسفُّود عودٌ من حديد، فيه ثنايا إلى الخلف، توضع فيه اللحوم لتشوى على النار، هذا يوضع في الصوف ثم يخرج، فماذا يخرج معه؟ كمية كبيرة من الصوف، معناه ألمٌ شديد عند خروج الروح من هذا الكافر، ((فَتَتَقَطَّعُ مَعَهَا الْعُرُوقُ وَالْعَصَبُ، وَيَخْرُجُ مِنْهَا كَأَنْتَنِ))؛ أي: كأقبح ((رِيحِ جِيفَةٍ وُجِدَتْ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ، فَإِذَا أَخَذَهَا لَمْ يَدَعُوهَا فِي يَدِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ حَتَّى يَجْعَلُوهَا فِي تِلْكَ الْمُسُوحِ))؛ أي: الملابس والأكفان الخشنة، ((ثُمَّ يُعْرَجُ بِهَا، حَتَّى يَأْتُونَ بَابَ الْأَرْضِ))، الذي هو مقابل أول باب من أبواب السماء، ((فَيَقُولُ أَهْلُ السَّمَاءِ: (مَا أَنْتَنَ هَذِهِ الرِّيحَ، رُوحٌ خَبِيثَةٌ جَاءَتْ مِنْ قِبَلِ الْأَرْضِ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَرَدَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم- رَيْطَةً كَانَتْ عَلَيْهِ عَلَى أَنْفِهِ هَكَذَا))؛ كأنه شمَّ تلك الرائحة عليه الصلاة والسلام، والرَّيْطَة كما في شرح النووي: ثَوْب رَقِيق، وَقِيلَ: هِيَ الْمُلَاءَة، وَكَانَ سَبَب رَدِّهَا عَلَى الْأَنْف بِسَبَبِ مَا ذَكَرَ مِنْ نَتْنِ رِيحِ رُوح الْكَافِر، ((مَنْ هَذَا؟! فَيَقُولُونَ: فُلَانٌ بْنُ فُلَانٍ - بِأَقْبَحِ أَسْمَائِهِ الَّتِي كَانَ يُسَمَّى بِهَا فِي الدُّنْيَا، فَيُقَالُ: لَا مَرْحَبًا بِالنَّفْسِ الْخَبِيثَةِ كَانَتْ فِي الْجَسَدِ الْخَبِيثِ، ارْجِعِي ذَمِيمَةً، فَإِنَّهَا لَا تُفْتَحُ لَكِ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ ﴾ [الأعراف: 40]؛ سواء الجَمَل المعروف يدخل في خرم الإبرة، أو الجمل أي: الحبل الذي يوضع للسفينة، وأحيانا يضعونه للسيارات حبل غليظ، هل يدخل في ثقب الإبرة؟ لن يدخل، وهذا للاستحالة، ((فَيَقُولُ اللهُ عز وجل: اكْتُبُوا كِتَابَهُ فِي سِجِّينٍ فِي الْأَرْضِ السُّفْلَى، فَتُطْرَحُ رُوحُهُ طَرْحًا، ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ﴿ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنْ السَّمَاءِ ﴾؛ أي: سقط من السماء، ﴿ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ ﴾ [الحج: 31]، فَيُرْسَلُ بِهَا مِنْ السَّمَاءِ، ثُمَّ تَصِيرُ إِلَى الْقَبْرِ، فَتُعَادُ رُوحُهُ فِي جَسَدِهِ، وَيَأْتِيهِ الْمَلَكَانِ فَيُجْلِسَانِهِ، فِي قَبْرِهِ فَزِعًا مَشْعُوفًا))؛ أي: شديد الخوف، ((فَيَقُولَانِ لَهُ: مَنْ رَبُّكَ؟))، ومن شدة الخوف والهلع والدهشة لا يستطيع أن يجيب، ((فَيَقُولُ: هَاهْ! هَاهْ! لَا أَدْرِي، فَيَقُولَانِ لَهُ: مَا دِينُكَ؟! فَيَقُولُ: هَاهْ! هَاهْ! لَا أَدْرِي))، (هَاهْ) كَلِمَة يَقُولهَا الْمُتَحَيِّر عندما لا يجد جوابًا، وهو الَّذِي لَا يَقْدِر مِنْ حِيرَته لِلْخَوْفِ، أَوْ لِعَدَمِ الْفَصَاحَة أَنْ يَسْتَعْمِل لِسَانَه فِي فِيهِ ((فَيَقُولَانِ لَهُ: مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ؟)) صلى الله عليه وسلم ((فَيَقُولُ: هَاهْ! هَاهْ! لَا أَدْرِي))، لا يعرف الله، لا يعرف من ربه، ولا يعرف ما دينه، ولا يعرف الرسول صلى الله عليه وسلم لكن عند الرسول يقول: ((سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ قَوْلًا فَقُلْتُ مِثْلَهُ، فَيَقُولَانِ لَهُ: لَا دَرَيْتَ وَلَا تَلَيْتَ))؛ أَيْ: لَا فَهِمْتَ، وَلَا قَرَأتَ الْقُرْآن، وَالْمَعْنَى: لَا دَرَيْت، وَلَا اِتَّبَعْت مَنْ يَدْرِي، ((قَدْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُولُ ذَلِكَ، ثُمَّ يُضْرَبُ بِمِطْرَقَةٍ مِنْ حَدِيدٍ ضَرْبَةً بَيْنَ أُذُنَيْهِ، فَيَصِيحُ صَيْحَةً يَسْمَعُهَا الْخَلْقُ إِلَّا الثَّقَلَيْنِ))؛ أي: الإنس والجن لا يسمعون هذا، ((فَيُفْرَجُ لَهُ قِبَلَ الْجَنَّةِ))، تفتح له فتحةً ناحية الجنة، ((فَيَنْظُرُ إِلَى زَهْرَتِهَا وَمَا فِيهَا، فَيَقُولَانِ لَهُ: انْظُرْ إِلَى مَا صَرَفَ اللهُ عَنْكَ، ثُمَّ يُفْرَجُ لَهُ))؛ أي: يفتح، ((فُرْجَةٌ قِبَلَ النَّارِ، فَيَنْظُرُ إِلَيْهَا يَحْطِمُ بَعْضُهَا بَعْضًا، فَيَقُولَانِ لَهُ: هَذَا مَقْعَدُكَ، عَلَى الشَّكِّ كُنْتَ، وَعَلَيْهِ مُتَّ، وَعَلَيْهِ تُبْعَثُ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى، فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنْ السَّمَاءِ أَنْ: كَذَبَ)) عبدي ((انْطَلِقُوا بِهِ إِلَى آخِرِ الْأَجَلِ))، إذًا هنا أولُ أجل، قال القاضي عياض رحمه الله: الْمُرَاد بِالْأَوَّلِ: اِنْطَلِقُوا بِرُوحِ الْمُؤْمِن إِلَى سِدْرَة الْمُنْتَهَى، وَالْمُرَاد بِـالأجل الثَّانِي: اِنْطَلِقُوا بِرُوحِ الْكَافِر إِلَى سِجِّين، فَهِيَ مُنْتَهَى الْأَجَل، وَيُحْتَمَل أَنَّ الْمُرَاد إِلَى اِنْقِضَاء أَجَل الدُّنْيَا، ((حَتَّى تَأتُوا بِهِ أَرْوَاحَ الْكُفَّارِ، فَافْرِشُوا لَهُ مِنْ النَّارِ، وَأَلْبِسُوهُ مِنْ النَّارِ، وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى النَّارِ، فَيَأْتِيهِ مِنْ حَرِّهَا وَسَمُومِهَا وَيُضَيَّقُ عَلَيْهِ قَبْرُهُ، فَيُقَالُ لِلْأَرْضِ: الْتَئِمِي عَلَيْهِ، فَتَلْتَئِمُ عَلَيْهِ حَتَّى تَخْتَلِفَ فِيهَا أَضْلَاعُهُ، فَلَا يَزَالُ فِيهَا مُعَذَّبًا، حَتَّى يَبْعَثَهُ اللهُ مِنْ مَضْجَعِهِ ذَلِكَ، وَيَأْتِيهِ رَجُلٌ قَبِيحُ الْوَجْهِ، قَبِيحُ الثِّيَابِ، مُنْتِنُ الرِّيحِ، فَيَقُولُ: أَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُوءُكَ، هَذَا يَوْمُكَ الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ، فَيَقُولُ: مَنْ أَنْتَ؟! فَوَجْهُكَ الْوَجْهُ الَّذِي يَجِيءُ بِالشَّرِّ، فَيَقُولُ: أَنَا عَمَلُكَ الْخَبِيثُ، فَيَقُولُ: رَبِّ لَا تُقِمْ السَّاعَةَ))، وفي رواية: ((ثُمَّ يُقَيَّضُ لَهُ أَعْمَى أَبْكَمُ))؛ أي: ملك بهذه الصورة المخيفة، ((لَا يَسْمَعُ صَوْتَهُ فَيَرْحَمَهُ، مَعَهُ مِرْزَبَّةٌ مِنْ حَدِيدٍ، لَوْ ضُرِبَ بِهَا جَبَلٌ لَصَارَ تُرَابًا، فَيَضْرِبُهُ بِهَا ضَرْبَةً يَسْمَعُهَا مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ؛ إِلَّا الثَّقَلَيْنِ، فَيَصِيرُ تُرَابًا، ثُمَّ تُعَادُ فِيهِ الرُّوحُ)).


هذا ما أخبرنا به النبي صلى الله عليه وسلم بشيء من الاختصار، وهذا الكلام يثير بعض الخوف، فكيف بالواقع يا عباد الله؟! كيف بأول يوم في القبر؟ هذا يوم واحد في القبر؛ اليوم الأول، فكيف ببقية الأيام؟!


فعلينا أن نتقيَ الله في أنفسنا وفي أهلينا، نتقيَ الله في ديننا، نتقيَ الله في سنة نبينا صلى الله عليه وسلم، الذي صلى الله عليه في كتابه فقال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].

 

اللهم صلِّ وسلِّمْ وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.

 

اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، إنك سميع قريب مجيب الدعوات يا رب العالمين.

 

اللهم لا تدعْ لنا في مقامنا هذا ذنبًا إلا غفرته، ولا همًّا إلا فرجته، ولا دَينًا إلا قضيته، ولا مريضًا إلا شفيته، ولا مبتلًى إلا عافيته، ولا غائبًا إلا رددته إلى أهله سالمًا غانمًا يا رب العالمين.

 

اللهمَّ كُنْ معنا ولا تَكنْ علينا، اللهمَّ أيِّدْنا ولا تخذُلْنا، اللهم انصرْنا ولا تنصُرْ علينا، برحمتك يا أرحم الراحمين.

 

﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾ [العنكبوت: 45].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • نعيم المؤمنين وعذاب العصاة في القبر
  • عقوبة الكذب في القبر
  • من يعذب في القبر؟
  • في القبر (قصيدة)

مختارات من الشبكة

  • حديث: طعام أول يوم حق، وطعام يوم الثاني سنة، وطعام يوم الثالث سمعة(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • أيام الله المعظمة: يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق(مقالة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • فلنحذر الحرص على الإمارة والوزارة فإنها حسرة وندامة وخسارة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أعمال اليوم الحادي عشر من ذي الحجة (أول أيام التشريق)(مقالة - ملفات خاصة)
  • يوم عرفة يوم من أيام الله (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • ما الحكم إذا اجتمع يوم العيد ويوم الجمعة في يوم واحد؟(مقالة - ملفات خاصة)
  • يوم من أيام الله عزوجل (خصوصية يوم عرفة)(مادة مرئية - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • يوم من أيام الله عزوجل (تحقيق الدعوة يوم عرفة)(مادة مرئية - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • يوم من أيام الله عزوجل (أنه يوم الدعاء)(مادة مرئية - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • تفسير: (والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بعد عامين من البناء افتتاح مسجد جديد في قرية سوكوري
  • بعد 3 عقود من العطاء.. مركز ماديسون الإسلامي يفتتح مبناه الجديد
  • المرأة في المجتمع... نقاش مفتوح حول المسؤوليات والفرص بمدينة سراييفو
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/12/1446هـ - الساعة: 17:59
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب