• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    يوم العيد وأيام التشريق (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    المقصد الحقيقي من الأضحية
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    خطبة الأضحى 1446 هـ (إن الله جميل يحب الجمال)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    خطبة عيد الأضحى 1446هـ
    عبدالوهاب محمد المعبأ
  •  
    لبس البشت فقها ونظاما
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    خطبة: مضت أيام العشر المباركة
    محمد أحمد الذماري
  •  
    خطبة عيد الأضحى المبارك لعام 1446هـ
    د. عبدالرزاق السيد
  •  
    خطبة عيد الأضحى لعام 1446 هــ
    أ. شائع محمد الغبيشي
  •  
    خطبة عيد الأضحى المبارك: تضحية وفداء، صبر وإخاء
    الشيخ الحسين أشقرا
  •  
    خطبة عيد الأضحى 1446هـ
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    خطبة عيد الأضحى 1446 هـ
    عبدالعزيز أبو يوسف
  •  
    حكم صلاة الجمعة لمن صلى العيد إذا وافق يوم الجمعة ...
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    المسائل المختصرة في أحكام الأضحية
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    الثامن من ذي الحجة
    د. سعد مردف
  •  
    خطبة عيد النحر 1446 هـ
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    التشويق لفضائل النحر والتشريق (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

خطبة عن الاحترام (معناه، مجالاته، أمور لا تنافي الاحترام ولا تعارضه)

خطبة عن الاحترام (معناه، مجالاته، أمور لا تنافي الاحترام ولا تعارضه)
أحمد رضوان محمد وزيري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 23/10/2021 ميلادي - 17/3/1443 هجري

الزيارات: 59723

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

خطبة عن الاحترام

(معناه، مجالاته، أمور لا تنافي الاحترام ولا تعارضه)

 

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله الا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]؛ أما بعد:

فالاحترام قيمة من قيم الإسلام، والاحترام ينبع من قلب طيب، ونفس مطمئنة.

 

الاحترام دليل على احترام الشخص لنفسه؛ فعن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه، قيل: يا رسول الله، وكيف يلعن الرجل والديه؟ قال: يسب الرجل أبا الرجل، فيسب أباه ويسب أمه))؛ [صحيح البخاري، كتاب الأدب، باب: "لا يسب الرجل والديه"].

 

والاحترام لا يعني فقط كف الأذى؛ بل هو فوق ذلك بكثير.

 

الاحترام إجمالًا:

• الاحترام يعني الكلمة الطيبة وتجنب الكلمة الجارحة.


• الاحترام يعني نظرة التوقير، وتجنب نظرات الاحتقار وعدم الهمز واللمز.


• فلتكن حريصًا على نظرات التوقير.


• واحترام العقول.


• ومن الاحترام لعقول الناس مراعاة الفروق الفردية في الفهم.


• احترام عقائد الناس من صميم الأخلاق الإسلامية، مع الحرص على دعوتهم.


• والاحترام يكون على أساس الإنسانية، ((أَلَيْسَتْ نَفْسًا))؛ جملة يحتاجها كل فرد في المجتمع.


• وفقر الإنسان أو غناه لا يقلل من احترامه.


• ليس هذا فحسب؛ بل يتعامل مع السائلين بكل احترام، ثم يتبع هذا بالإرشاد والتوجيه.


• ويحترم الإسلام تعب الناس ويقدر عَرقَهم وأموالهم.


• ويحترم المريض والضعيف ويراعي حاله؛ فيتعامل معه بما يرفع عنه الحرج فلا يشق عليه.


• احترام أصحاب الهمم.


• ديننا يحترم الأُمي والمخطئ، ويرفق به ويعلمه دون أن يجرح مشاعره.


• وكما يحترم الإسلام الفرد يحترم الجماعة وينهى عن السخرية.


• احترام عادات الناس التي لا تتعارض مع الشرع الحنيف.


• صور من الاحترام.

 

هذا الاحترام إجمالًا، وإليكم التفصيل بالدليل:

• الاحترام لا يعني فقط تجنب الكلام الجارح للمشاعر؛ بل والحرص على الكلمة الطيبة: ((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليقل خيرًا أو ليصمت))، ولا عجب، فقد جعل النبي ((الكلمة الطيبة صدقة)).

 

فلا للكلام الجارح، حتى وإن لم يسمعه صاحبه؛ فعن أبي العالية، قال: "الهُمزة: يهمزه في وجهه، واللمزة: من خلفه".

 

وحتى إن لم تقصد إهانة الشخص، فلا يصح التكلم بكلام يُنقص من قدره؛ فعن السيدة عائشة قالت: ((فقلت: يا رسول الله، إن صفية امرأة، وقالت بيدها هكذا، كأنها تعني قصيرة، فقال: لقد مزحتِ بكلمة لو مُزجت بها ماء البحر لمُزج)).

 

• الاحترام يعني تجنب نظرات الاحتقار وعدم الهمز واللمز: ﴿ وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ ﴾ [الهمزة: 1]؛ قال مجاهد: "الهمزة باليدين والعين، واللمزة باللسان".

 

فالاحترام أن تراعي كل شيء حتى النظرات، وهو من أخلاق الأنبياء: ((إنه لا ينبغي لنبيٍّ أن تكون له خائنة الأعين))؛ [رواه أبو داود والبيهقي].

 

• فلتكن حريصًا على نظرات التوقير؛ ولنتعلم ذلك من الصحابة ومنهم سيدنا عمرو بن العاص إذ يقول: ((وما كانَ أحَدٌ أحَبَّ إلَيَّ مِن رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، ولا أجَلَّ في عَيْنِي منه، وما كُنْتُ أُطِيقُ أنْ أمْلأَ عَيْنَيَّ منه إجْلالًا له، ولو سُئِلْتُ أنْ أصِفَهُ ما أطَقْتُ؛ لأَنِّي لَمْ أكُنْ أمْلأُ عَيْنَيَّ منه، ولو مُتُّ علَى تِلكَ الحالِ لَرَجَوْتُ أنْ أكُونَ مِن أهْلِ الجَنَّةِ)).

 

احترام العقول:

ونبينا الذي علم الدنيا الأخلاق والاحترام ينهاك عن الاستخفاف بعقول الآخرين، فيعلمنا كيفية احترام عقول الناس، فيخاطب عقولهم حتى يصلوا إلى الحق؛ كما في قصة الشاب الذي أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال: ((يا رسول الله، ائذن لي بالزنا، فأقبل القوم عليه فزجروه، وقالوا: مه مه، فقال: ادْنُهُ، فدنا منه قريبًا، قال: فجلس، قال: أتحبه لأمك؟ قال: لا والله، جعلني الله فداءك، قال: ولا الناس يحبونه لأمهاتهم، قال: أفتحبه لابنتك؟ قال: لا والله يا رسول الله، جعلني الله فداءك، قال: ولا الناس يحبونه لبناتهم، قال: أفتحبه لأختك؟ قال: لا والله، جعلني الله فداءك، قال: ولا الناس يحبونه لأخواتهم، قال: أفتحبه لعمتك؟ قال: لا والله، جعلني الله فداءك، قال: ولا الناس يحبونه لعمَّاتهم، قال: أفتحبه لخالتك؟ قال: لا والله، جعلني الله فداءك، قال: ولا الناس يحبونه لخالاتهم، قال: فوضع يده عليه، وقال: اللهم اغفر ذنبه، وطهر قلبه، وحصِّن فَرْجَه، فلم يكن بعد - ذلك الفتى - يلتفت إلى شيء؛ [رواه أحمد بإسناد صحيح].

 

ومن الاحترام لعقول الناس مراعاة الفروق الفردية في الفهم:

قَالَ سيدنا عَلِيٌّ: ((حَدِّثُوا النَّاسَ بما يَعْرِفُونَ؛ أتُحِبُّونَ أنْ يُكَذَّبَ اللَّهُ ورَسولُهُ؟))؛ [رواه البخاري].

 

• ولا شك أن احترام عقائد الناس من صميم الأخلاق الإسلامية؛ مع الحرص على دعوتهم، أما احترام عقيدتهم فـ ﴿ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ﴾ [البقرة: 256]، ﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ ﴾ [التغابن: 2].

 

وأما الحرص على دعوتهم؛ فيكون بالتي هي أحسن، وانظر كيف يُصنع الاحترام والإكرام كما في قصة ثمامة بن آثال؛ روى الإمام البخاري ومسلم وأحمد يقول أبو هريرة: ((بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خيلًا قِبَل نجد، فجاءت برجل من بني حنيفة، يقال له: "ثمامة بن أثال" سيد أهل اليمامة، فربطوه بسارية من سواري المسجد، فخرج إليه النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ما عندك يا ثمامة؟ فقال: عندي خير يا محمد، إن تقتلني تقتل ذا دم، وإن تُنْعِم تُنْعِمْ على شاكر، وإن كنت تريد المال، فسَلْ تُعْطَ منه ما شئت، فتركه رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى كان بعد الغد، فقال: ما عندك يا ثمامة؟ قال: ما قلت لك: إن تنعم تنعم على شاكر، وإن تقتل تقتل ذا دم، وإن كنت تريد المال فسل تعط منه ما شئت، فتركه رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى كان من الغد، فقال: ماذا عندك يا ثمامة؟ فقال: عندي ما قلت لك: إن تنعم تنعم على شاكر، وإن تقتل تقتل ذا دم، وإن كنت تريد المال فسل تعط منه ما شئت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أطلقوا ثمامة، فانطلق إلى نخل قريب من المسجد، فاغتسل ثم دخل المسجد، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، يا محمد، والله ما كان على الأرض وجه أبغض إليَّ من وجهك، فقد أصبح وجهك أحب الوجوه إليَّ، فقد أصبح وجهك أحب الوجوه كلها إليَّ، والله ما كان من دين أبغض إلى من دينك، فأصبح دينك أحب الدين كله إليَّ، والله ما كان من بلد أبغض إليَّ من بلدك، فأصبح بلدك أحب البلاد كلها إليَّ، وإن خيلك أخذتني وأنا أريد العمرة، فماذا ترى؟ فبشره رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمره أن يعتمر، فلما قدم مكة، قال له قائل: أصبوت؟ وفي رواية البخاري ومسلم: قال: لا، ولكن أسلمت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا والله لا يأتيكم من اليمامة حبة حنطة، حتى يأذن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم)).

 

وهذه القصة تؤكد أن الاحترام يكون على أساس الإنسانية: ﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ ﴾ [الإسراء: 70]، فالنبي يكرم ثمامة قبل أن يسلم، ويطعمه ويعرض عليه الإسلام دون إكراه.

 

=وها هو النبي يقوم لجنازة يهودي، يقوم لأن الموت فزع، يقوم للملك كما جاء في الروايات؛ ومنها ما جاء في البخاري من حديث عبدالرحمن بن أبي ليلى قَالَ: ((كَانَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ وَقَيْسُ بْنُ سَعْدٍ قَاعِدَيْنِ بِالْقَادِسِيَّةِ، فَمَرُّوا عَلَيْهِمَا بِجَنَازَةٍ، فَقَامَا، فَقِيلَ لَهُمَا: إِنَّهَا مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ - أَيْ: مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ - فَقَالَا: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّتْ بِهِ جِنَازَةٌ، فَقَامَ،فَقِيلَ لَهُ: إِنَّهَا جِنَازَةُ يَهُودِيٍّ،فَقَالَ: أَلَيْسَتْ نَفْسًا))؛ جملة يحتاجها كل فرد في المجتمع:

- يحتاجها القاضي حتى لا يسجن الضعيف ويصفح عن الشريف.

 

- يحتاجها الطبيب حتى يعالج الفقير والغني بنفس الطريقة.

 

- يحتاجها الأستاذ حتى لا يميز بين التلاميذ.

 

• وفقر الإنسان أو غناه لا يقلل من احترامه؛ نقول هذا لأن بعض الناس ينظر دائمًا للغنيِّ نظرة اتهام، وكأن الزهد يقتضي منه أن ينخلع من ماله.

 

• فيحترم الإسلام الغني ويثني عليه لبلائه في فعل الخير: ((ما ضرَّ عثمان ما صنع بعد اليوم)).

 

جاء عثمانُ إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ بألفِ دينارٍ في كُمِّه - حينَ جهز جيشَ العسرةِ - فنثَرها في حِجرِه فرأيت النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يُقلِّبُها في حِجرِه ويقولُ: ((ما ضَرَّ عثمانُ ما عمل بعدَ اليومِ؛ مرتينِ)).

 

ويحترم الفقير ويثمن عمله مهما كان قليلًا؛ ولهذا أنكر القرآن على المنافقين لمزهم للفقراء: ﴿ الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [التوبة: 79].

 

وها هو القرآن يثني على الفقراء قائلًا: ﴿ لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ ﴾ [الحشر: 8]، ليس هذا فحسب، بل يتعامل مع الفقراء السائلين بكل احترام، ثم يتبع هذا بالإرشاد والتوجيه؛ فعندما جاء بعض الفقراء يسألون رسول الله الصدقة فأعطاهم، ثم سألوه فأعطاهم، ثم سألوه فأعطاهم، حتى نفد ما عنده؛ فقال: ((إن يكن عندي من شيء، فلن أدخره عنكم)) يا ألله، قمة الاحترام ثم أرشدهم لما فيه صلاح شؤونهم بالسعي والعمل طلبًا للعفة فقال: ((ومن يستعفف يعفه الله ومن يستغن يغمه الله))، ثم نصحهم بما يعينهم على حياتهم: ((ومن أعطي أحد عطاء خيرا وأوسع من الصبر))؛ [رواه مسلم].

 

• ويحترم الإسلام تعب الناس ويقدر عَرقَهم وأموالهم، مع معاملة المعتدي من جنس عمله:

((جاء رجُلٌ إِلَى رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم فَقَال: يَا رسولَ اللَّه أَرأَيت إنْ جاءَ رَجُلٌ يُرِيدُ أَخْذَ مَالِي؟ قَالَ: فَلا تُعْطِهِ مالكَ، قَالَ: أَرأَيْتَ إنْ قَاتلني؟ قَالَ: قَاتِلْهُ، قَالَ: أَرأَيت إنْ قَتلَني؟ قَالَ: فَأنْت شَهيدٌ، قَالَ: أَرأَيْتَ إنْ قَتَلْتُهُ؟ قَالَ: هُوَ فِي النَّارِ))؛ [رواهُ مسلمٌ].

 

ويؤكد لنا هذا الحديث قيدًا هامًّا؛ وهو أن الاحترام لا يعني ضياع الحقوق؛ فمن يحترم نفسه وغيره، فهو جدير بالاحترام؛ أما المعتدي فليردعه الحد والعقوبة، ولا يلومن إلا نفسه؛ ﴿ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ﴾ [الطلاق: 1].

 

• ويحترم المريض والضعيف ويراعي حاله؛ فيتعامل معه بما يرفع عنه الحرج فلا يشق عليه؛ فعَن عُثمانَ بنَ أبي العاصِ، قالَ: ((يا رَسولَ اللَّهِ اجعَلني إمامَ قَومي، قالَ: أنتَ إمامُهُم واقتَدِ بأضعفِهِم))؛ [رواه مسلم].

 

ونقول للطبيب والمفتي: اعلم أن المسلَّمات لديك مشكلاتٌ عند المريض والمستفتي كذلك، فإن أراد توضيحًا أو مزيد شرح وبيان، فلا تتعجب؛ فهو لم يدرس ما درست؛ فالرفق الرفق.

 

• احترام أصحاب الهمم هو احترام لخلق الله، فلا يسلبه حقه في الاحترام مهما كان شكله؛ وإن لم تقصد إهانته فلا يصح ذلك؛ فعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: ((أنه كان يجتني سواكًا من الأراك، وكان دقيق الساقين، فجعلت الريح تكفؤه، فضحك القوم منه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ممَّ تضحكون؟ قالوا: يا نبي الله، من دقة ساقيه، فقال: والذي نفسي بيده، لهما أثقل في الميزان من أُحُد))؛ [رواه أحمد].

 

وفي رواية أخرى: ((فنظر أصحابه إلى حموشة ساقيه فضحكوا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما يُضحككم؟ لَرِجْل عبدالله في الميزان أثقل من أُحُد))؛ [رواه الطبراني].

 

• ديننا يحترم الأُميَّ والمخطئ، ويرفق به ويعلمه دون أن يجرح مشاعره:

فها هو سيدنا معاوية السلمي - وكان حديث عهد بالإسلام – يقول: ((بيْنَا أنَا أُصَلِّي مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، إذْ عَطَسَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ، فَقُلتُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ فَرَمَانِي القَوْمُ بأَبْصَارِهِمْ، فَقُلتُ: واثُكْلَ أُمِّيَاهْ، ما شَأْنُكُمْ؟ تَنْظُرُونَ إلَيَّ، فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَ بأَيْدِيهِمْ علَى أفْخَاذِهِمْ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ يُصَمِّتُونَنِي لَكِنِّي سَكَتُّ، فَلَمَّا صَلَّى رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَبِأَبِي هو وأُمِّي، ما رَأَيْتُ مُعَلِّمًا قَبْلَهُ ولَا بَعْدَهُ أحْسَنَ تَعْلِيمًا منه، فَوَاللَّهِ، ما كَهَرَنِي ولَا ضَرَبَنِي ولَا شَتَمَنِي، قالَ: إنَّ هذِه الصَّلَاةَ لا يَصْلُحُ فِيهَا شيءٌ مِن كَلَامِ النَّاسِ، إنَّما هو التَّسْبِيحُ والتَّكْبِيرُ وقِرَاءَةُ القُرْآنِ)).

 

• احترام الشخص إن كان فردًا مع جماعة بعدم التناجي سرًّا دونه: فعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا كنتم ثلاثة، فلا يتناجى اثنان دون صاحبهما؛ فإنَّ ذلك يُحزِنُه))؛ [رواه مسلم]، وعن عبدالله بن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إِذا كُنْتُمْ ثلاثة فلا يتناجى اثْنان دون الثَّالث، إلَّا بإذنه، فإنَّ ذلك يُحْزِنه))؛ [رواه أحمد].

 

• وكما يحترم الإسلام الفرد يحترم الجماعة وينهى عن السخرية وعن التنابز بالألقاب: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [الحجرات: 11].

 

• احترام عادات الناس التي لا تتعارض مع الشرع الحنيف: يقول تعالى: ﴿ خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ﴾ [الأعراف: 199].

 

• ومن صور الاحترام، مراعاة آداب وحق المجلس: ((لا يُقِيمُ الرَّجُلُ الرَّجُلَ مِن مَقْعَدِهِ، ثُمَّ يَجْلِسُ فيه ولَكِنْ تَفَسَّحُوا وتَوَسَّعُوا))؛ [رواه مسلم].

 

والحرص على جلوس القادم رفعًا للحرج عنه: ﴿ إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا ﴾ [المجادلة: 11]؛ قال السعدي في تفسيره: "هذا تأديب من الله لعباده المؤمنين، إذا اجتمعوا في مجلس من مجالس مجتمعاتهم، واحتاج بعضهم أو بعض القادمين عليهم للتفسح له في المجلس، فإن من الأدب أن يفسحوا له تحصيلًا لهذا المقصود، وليس ذلك بضارِّ الجالس شيئًا، فيحصل مقصود أخيه من غير ضرر يلحقه هو، والجزاء من جنس العمل، فإن من فسح فسح الله له، ومن وسع لأخيه، وسع الله عليه".

 

ومن صور الاحترام هذا المشهد الذي ينظم فيه النبي آداب السلام: فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يسلم الراكب على الماشي، والماشي على القاعد، والقليل على الكثير))؛ [متفق عليه].

 

وفي رواية للبخاري: ((ويسلم الصغير على الكبير)).

 

الاحترام للوالدين وشيء من مظاهره: ((أتى رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رجلٌ ومعه شيخٌ، فقال له: يا فلانُ، مَن هذا معك؟ قال: أبي، قال: فلا تمشِ أمامَه، ولا تجلِسْ قبلَه، ولا تدَعُه باسمِه، ولا تستَسِبَّ له))؛ [مجمع الزوائد، وأخرجه الطبراني في المعجم الأوسط].

 

الاحترام للعلماء وأهل القرآن:

قالَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّ مِنْ إِجْلالِ اللَّهِ تَعَالَى: إِكْرَامَ ذِي الشَّيْبةِ المُسْلِمِ، وَحَامِلِ الْقُرآنِ غَيْرِ الْغَالي فِيهِ والجَافي عَنْهُ، وإِكْرَامَ ذِي السُّلْطَانِ المُقْسِطِ))؛ [حديثٌ حسنٌ، رواه أَبُو داود].

 

قَالَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: ((لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا، وَيَعْرِفْ شَرَفَ كَبِيرِنَا))؛ [رواه أحمد].

 

بعض الأمور التي لا تتنافى مع الاحترام، ولا تعارض الأدب:

1ــ طلب الرجوع عند الزيارة.

 

2ــ قولك (لا) بلطف لشيء لا تستطيعه.

 

3ــ كلام الصغير بما يعلم في حضرة الكبير.

 

1ـ طلب الرجوع عند الزيارة:

ربما تريد أن تزور صديقا أو غيره وعند الاستئذان يعتذر عن استقبالك، فلا حرج عليه ولا عليك، فهو أعلم بظروف بيته وأهله؛ قال تعالى: ﴿ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ ﴾ [النور: 28]، كما دلت على ذلك السنة المطهرة:

فها هو سيدنا أبو موسى الأشعري جاء يستأذن على عمر بن الخطاب، فاستأذن ثلاثًا ثم رجع، فأرسل عمر بن الخطاب في أثره، فقال: ما لك لم تدخل؟ فقال أبو موسى: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((الاستئذان ثلاثًا، فإن أُذِن لك، فادخل، وإلا فارجع)).

 

2ـ قولك (لا) بلطف لشيء لا تستطيعه، وخاصة مع الشخص الفضولي، لا حرج عليك إن قطعت أسئلته التي لا تعنيه؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مِنْ حُسْنِ إِسْلامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لا يَعْنِيهِ))، في ذلك الحديث رفض تام لسلوك الشخص الفضولي، فهو ينهى عن التدخل فيما لا يعنيه، ويؤكد أن من آداب الإسلام ترك المسلم لما لا يخصه.

 

بل ننصح الشخص الفضولي أن يحترم خصوصيات الناس.

 

3ـ كلام الصغير بما يعلم في حضرة الكبير: يُخيل للبعض أن كلام الصغير في حضرة الكبير يتنافى مع الأدب والاحترام، وهذا خطأ؛ بل الصواب أن يحرص الكبير على تكلُّم الصغير ليثمِّن له صوابه ويصحح له خطأه، وإلا فمتى يتعلم الصغير، والدليل: قول سيدنا عمر لابنه: ((لأن تكون قلتَها أحبُّ إليَّ من أن يكون لي كذا وكذا))؛ فها هو سيدنا عمر يرشد ولده للكلام، وإن كان في حضرة الكبار، وأن هذا لا يتعارض مع الاحترام، والقصة بكاملها:

يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ من الشجرةِ شجرةٌ لا يسقطُ ورقها وهي مَثَلُ المؤمنِ، حدِّثوني: ما هيَ؟ قال عبدُاللهِ: فوقعَ الناسُ في شجرِ البوادي، ووقع في نفسي أنها النخلةُ، فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: هي النخلةُ، فاستحييتُ - يعني أن أقولَ - قال عبدُاللهِ: فحدَّثتُ عمرَ بالذي وقع في نفسي، فقال: لأن تكون قلتَها أحبُّ إليَّ من أن يكون لي كذا وكذا)).

 

اللهم اغفر لنا وارحمنا.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الحبُّ والاحترام.. في رباط الزوجية..! (استطلاع رأي)
  • المدرب عبدالله علي الجميلي في لقاء بعنوان ( المحافظة على الاحترام ) تطبيقات عمليه
  • التقوى معيار الاحترام والمفاضلة بين الناس
  • الاحترام
  • تحفة الأنام بخلق الاحترام (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • أمور لا تنافي الصبر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أنواع الخطابة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الشراهة في الطعام تنافي مقاصد الصيام(مقالة - موقع د. زيد بن محمد الرماني)
  • خطبة صلاة الكسوف(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)
  • اسم الله الأول: معناه والمسائل العقدية المتعلقة به وآثار الإيمان به (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • أين قلبك من خطبة الجمعة!؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أنواع الخطب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة حجة الوداع والدروس المستفادة منها (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حكم وزواجر من خطب البلغاء (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بعد عامين من البناء افتتاح مسجد جديد في قرية سوكوري
  • بعد 3 عقود من العطاء.. مركز ماديسون الإسلامي يفتتح مبناه الجديد
  • المرأة في المجتمع... نقاش مفتوح حول المسؤوليات والفرص بمدينة سراييفو
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/12/1446هـ - الساعة: 17:59
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب