• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: أهمية اللعب والترفيه للشباب
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    عيد الأضحى: فرحة الطاعة وبهجة القربى
    محمد أبو عطية
  •  
    كيف يعلمنا القرآن الكريم التعامل مع الضغط النفسي ...
    معز محمد حماد عيسى
  •  
    أحكام الأضحية (عشر مسائل في الأضاحي)
    د. شريف فوزي سلطان
  •  
    زيف الانشغال
    أ. د. عبدالله بن ضيف الله الرحيلي
  •  
    خطبة الجمعة في يوم الأضحى
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    الأخذ بالأسباب المشروعة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    يوم العيد وأيام التشريق (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    المقصد الحقيقي من الأضحية
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    خطبة الأضحى 1446 هـ (إن الله جميل يحب الجمال)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    خطبة عيد الأضحى 1446هـ
    عبدالوهاب محمد المعبأ
  •  
    لبس البشت فقها ونظاما
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    خطبة: مضت أيام العشر المباركة
    محمد أحمد الذماري
  •  
    خطبة عيد الأضحى المبارك لعام 1446هـ
    د. عبدالرزاق السيد
  •  
    خطبة عيد الأضحى لعام 1446 هــ
    أ. شائع محمد الغبيشي
  •  
    خطبة عيد الأضحى المبارك: تضحية وفداء، صبر وإخاء
    الشيخ الحسين أشقرا
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / العلم والدعوة
علامة باركود

خطبة: المعلم بين الأجر والشكر (خطبة)

خطبة: المعلم بين الأجر والشكر (خطبة)
إبراهيم بن فهد الحواس

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 17/2/2021 ميلادي - 6/7/1442 هجري

الزيارات: 123535

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

المعلِّم بينَ الأجْر والشُّكر


إِن الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَتوبُ إِلَيه، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، أدَّى الأمانةَ، وبلَّغَ الرِّسالةَ، ونصحَ الأُمَّةَ، وجاهَد فِي الله حقَّ جِهادهِ حَتَّى أتاهُ اليقينُ، أَمَّا بَعْدُ:

فعبادَ الله، اتَّقُوا الله، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71].

 

عبادَ الله، فاتقُوا اللهَ، نعيشُ اليوم مَعَ أعظمِ مِهنةٍ عرَفَتْها البشريةُ، وَمِن وحيها استمرتِ الحياةُ الإنسانيةُ، إنها: مِهنةُ التعليم الخالدةُ ووظيفةُ التدريس الماجدة، كيف لا تكونُ أعظمَ مِهنةٍ وهيَ تركةُ الْأَنْبِيَاءِ وإرثُ العُلماء؟! مِنْهَا تُصنَع الحضاراتُ، وبها تتقدمُ المُجتمعاتُ، مِنْهَا تنطلقُ الأُمَمُ، وبُها يُصعَدُ إِلَى القِمَمِ، مِهنةٌ تُهذِّبُ النُّفوسَ، وتُزكِّي السُّلوكَ، وتُنمِّي الإِيمَانَ، وتُورِثُ الإحسانَ.

 

بالعلم يُحفَظ الدِّينُ مِنَ التطرُّف والتمييع والغُلُوِّ والتضييع، وبالعلمِ تُحفَظ المُجتمعاتُ مِن الخُرافات والأباطيل والإرجاف والتضاليل، بالعلمِ تُحفَظ الأُسرُ مِن التشتُّت والانحراف والجموح والانجراف، بالعلم يُحفَظُ الوطنُ مِن الأفكار المُنحرِفة والمناهج المُضلِّلَة، فما أعظمَ أثرَ العلمِ عَلَى أهلِه، وما أخطرَ شُؤمَ الجهل عَلَى حزبِه!

 

• وقد أثبتَ الواقعُ فِي سائر المُجتمعات عَلَى اختلاف توجُّهَاتها وأديانها وأفكارها: أنهُ بقَدْرِ ما يكون لدَى المرء مِن تعليمٍ بقَدْر ما يكون فردًا فاعِلًا ومُثْمِرًا فِي كُلِّ خيْرٍ، وسدًّا مَنيعًا عَنْ كُلِّ شَرٍّ، وقد أثبَتَ الواقعُ أيضًا: أنهُ بقَدْر ما يكون لدى المُجتمعات مِن مُستوَى تعليمٍ جيِّدٍ بقَدْر ما تكون آمِنةً مُطمئنةً راغدةً، فلا يكثُرُ الجهلُ فِي بلَدٍ إِلا وكان الفقرُ والخوفُ مُلازمًا لأفرادِه.

 

وكفى بالفقر والخوف تنغيصًا للعيش وإذهابًا للدِّينِ، فلا تسألُ بعد الفقر عَنْ شيءٍ؛ إذ إن المرءَ إذا افتقرَ كثيرًا ما كذَب وخدَع وسرَق وجنَى، بل رُبما فرطَ بأعظمِ ما يملكُ مِن عرضٍ أَوْ خُلُقٍ أَوْ مبدأٍ، ولا تسألُ بعد الخوف عَنْ شيءٍ إذ أن المرءَ إذا خاف، انقطعت السُّبُلُ، وتوحشَت الطُّرُقُ، وكسدت التِّجارةُ، ولزم المرءُ بيتَهُ؛ خوفًا عَلَى أهلهِ ومالِه.

 

مِن هذَا كُلِّه: يُعلَمُ أن الجهلَ أُسُّ كُلِّ بلاء، ونواةُ كُلِّ عنَاءٍ، مِن هُنا كان لِزامًا أن نقفَ مَعَ حاملي لواءِ العِلْم وقائدي جيلِ الأمَلِ وصانِعي سُلمِ المَجْد، إنها وقفةُ إجلالٍ وإكبارٍ وتذكيرٍ وإعذارٍ لإخواننا المُعلِّمين.


أَيُّهَا المُعَلِّمُ، هنيئًا لك هذَا الطريق الذِي سخرهُ اللهُ لك، هنيئًا لك هذَا العمل الذِي ساقهُ اللهُ لك، هنيئًا لك هذَا الميدان الذِي يسرَهُ اللهُ لك، هنيئًا لك هذه الحسنات الجارية وهذِه الأُجورُ المُضاعَفة، هنيئًا لك قول النبِيِّ صَلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلمَ: «إِن اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ وَأَهْلَ السمَاوَاتِ وَالْأَرَضِينَ حَتى النمْلَةَ فِي جُحْرِهَا وَحَتى الْحُوتَ لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِ الناسِ الْخَيْرَ».

 

أَيُّهَا المُعَلم: لقد هيَّأ اللهُ لك مِن أسباب الخير ما لَمْ يُهيِّئْهُ لغيرك، تُعَلِّم الجاهلَ، وتنصحُ العاصيَ، وتُوجِّهُ المُقصِّرَ، وتُعينُ الفقيرَ، وتعطفُ عَلَى اليتيم، وتكشفُ الموهوب، وتُشجِّعُ المُبادر، وتدفعُ المُتكاسلَ، وتصبرُ عَلَى الشقِيِّ، وصدق مَنْ قَالَ: "كادَ المُعَلِّمُ أن يكونَ رسولًا"؛ لأنهُ يأمرُ بالفَضائل، ويُحذِّرُ مِن الرذائل، يُربِّي النُّفُوس، ويعمرُ العقولَ، يُربِّي النُّفُوس بالإيمان، ويعمرُ العقولَ بالعلم، فاحمَد اللهَ عَلَى نِعَم الله، وانفُضْ غُبارَ الكسل، وجدِّد النِّيةَ مَعَ الله، وما خاب مَنِ اتَّجَرَ فِي سبيل الله.

 

أَيُّهَا المُعَلِّمُ، لَا بُد أن تستشعرَ عظمةَ ما أنتَ فيه، وما طُوِّقْتَ بهِ مِن أمانةٍ فِي عُنُقِك، فبيْنَ يدَيْك أعظمُ ثروة، وتحت سُلطانِك أغلَى كنزٍ، إنهُم أبناءُ المُسْلِمِيْنَ، فاللهَ اللهَ بِحُسْنِ الرِّعاية، أَيُّهَا المُعَلِّم، إِن مُهِمتَك ليست بالراتبِ والمال، بل هي رسالةُ إيمانٍ، وأمانةُ جيلٍ، وعِزُّ وطنٍ، وحضارةُ أُمةٍ، فإن أحسنْتَ البذرَ طابَ الحصادُ، أَيُّهَا المُعَلِّمُ، إِن كانَ التاجرُ يوقِفُ الأموالَ فِي سبيل الله فأنت تُوقفُ العقولَ النيِّرَةَ والنُّفوسَ المُؤمنةَ، وهي رأسُ كُلِّ خيْرٍ وأساسُ كُلِّ صلاح.

 

أَيُّهَا المُعَلِّمُ، أُوصيكَ بثلاثٍ: الحِلم الحِلْم، والصبر الصبر، والصِّدق الصِّدق، فَأَما الحِلْم فهو أصلُ كُلِّ خُلُقٍ كريم، ولَا بُد لِمَن تولى أمْرَ العِلْم أن يجعلهُ قرينَهُ فِي كُلِّ أحوالِه، فالمُعَلِّمُ يتعاملُ مَعَ فُهُومٍ مُختلفة، وعقولٍ مُتباينة، ونُفوسٍ مُتفاوتة، وظروفٍ مُختلفة، فالحِلْمَ الحلْمَ أَيُّهَا المُعَلِّمُ، إِن أردْتَ الظفرَ، وطمعْتَ فِي قطْف الثمَر، ولك فِي رَسُولِ الله صَلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلمَ أُسوةٌ حسنة، فقد كانَ عَلَيْهِ الصلَاةُ وَالسلَامُ سمحًا رفيقًا، ليِّنًا عطوفًا حليمًا.

 

• فَهذَا مُعاويةُ بن الحَكَم رَضِيَ اَللهُ عَنه يصفُ منهجَ النبِيِّ صَلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلم، وحلمَهُ فِي تعليمِه، حين تكلم في الصلاةِ بما ليسَ مِنْهَا، يقولُ مُعاويةُ: "فَبِأَبِي هُوَ وَأُمِّي، مَا رَأَيْتُ مُعَلِّمًا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ أَحْسَنَ تَعْلِيمًا مِنْهُ، فَوَاللهِ مَا كَهَرَنِي وَلَا ضَرَبَنِي وَلَا شَتَمَنِي"، وَإِنمَا قَالَ: «إِن هَذِهِ الصلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ الناسِ، إِنمَا هُوَ التسْبِيحُ وَالتكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ».

 

وقد أخذ صَلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلم بيدِ مُعاذ وهو يُعلِّمُهُ، فَقَالَ: «يَا مُعَاذُ، وَاللهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ، وَاللهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ، أُوصِيكَ يَا مُعَاذُ: لَا تَدَعَنَّ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ تَقُولُ: اللهُم أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ».

 

• وَأَما الصبرَ فهو عُدة المُعلِّمين وزادُ المُربِّين، فعليك بالصبرِ والمُثابرة، فَتِكرارُ المُتبادر، وتوضيحُ الغامض، وفكُّ المُنغلِق، وتسهيل المُمتنع، وسماع الأسئلة مهما كان درجتُها، والإنصاتُ إِلَى الإشكالات مهما كَانَتْ سطحيتُها يحتاجُ إِلَى صبرٍ ومُثابرةٍ ومُواصلة، وقد كان النبِيُّ صَلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلمَ يسمعُ أسئلةَ المُكابرين المُعاندين مِن الكُفار الجاحدين، ويُنصِتُ إِلَى شُبَه اليهود الحاقدين المُغرضين المُتعالين، ويستمعُ إِلَى غِلظةِ الأعراب الغافلين، فكيف بك وقد وصاك نبيُّك صَلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلمَ بتبليغ الْعِلْمِ النافِعِ لأبناء المُسْلِمِيْنَ.

 

وَأَما الصِّدقُ: فهو عمودُ البناء، ورأسُ الأمر، وبيتُ القصيد، وجوهرُ الخبر، واعلم أن الصِّدق فِي أمورٍ ثلاثة:

الْأَولُ: الصِّدقُ فِي مادة العلم، وفِي بذل الجُهد، وفِي إيصال المعرفةِ إِلَى الطُّلاب والحِرصِ عَلَى ترسيخها فِي العقول.

 

الثانِي: الصِّدقُ لِوَليِّ الأمر فِي إبلاغهِ عَما يستجدُ فِي أمر الطالب، والتواصُل مَعَهُ عِنْد رَصْدِ أيِّ مُخالفةٍ أَوْ جُنوحٍ أَوْ تَغُيُّرٍ فِي سلوك الطالب، وإبلاغ وليِّ الأمر بذلك.

 

الثالِثُ: الصِّدقُ مَعَ الطالب فِي نُصحهِ، وتوجيهِهِ وتذكيرهِ مهما كَانَ تخصُّصُك.

 

• أَيُّهَا المُعَلِّم، التربيةُ هي مُهِمةُ المُعلِّمين جميعًا بغضِّ النظَرِ عَنْ التخصُّصِ أَوْ العلم الذِي يُدَرس.

 

• أَيُّهَا المُعَلِّم، أعانك اللهُ فأنت رَجُلُ الميدان الْأَوَلُ، فأنت أولُ مَنْ يرصدُ المُخالفات، ويطلِعُ عَلَى التغيُّرات، ويُبصِرُ التحوُّلات التِي يَمُرُّ بها جيلُ اليوم، فَكُن مُتفائِلًا مُستبشِرًا ومُصلِحًا وناصحًا.

 

• أَيُّهَا المُعَلِّم، إِن للقدوةِ أثرًا فِي نِفوسِ المُتعلِّمين، فكُن قُدوةَ خيرٍ فِي كلامك وصمتك وهيْئَتِك، وفي صحيحِ مُسلِم: «مَنْ سَن سُنةَ خَيْرٍ فَاتُّبِعَ عَلَيْهَا فَلَهُ أَجْرُهُ وَمِثْلُ أُجُورِ مَنِ اتبَعَهُ غَيْرَ مَنْقُوصٍ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا»، عجبًا لأمرِكَ أَيُّهَا المُعَلِّم تَحرِقُ نفسَك؛ لِتُشعِل غيرَك، يا لَهُ مِن إيثارِ بالِغ وكرمٍ سابغ، ولله دَرُّ شيخِ القُدْس إذ قَالَ فِي وصفِك:

يا شمعةً فِي زوايا الصف تأتلقُ
تُنيِرُ دربَ المعالي وهي تحترقُ
لا أطفأ اللهُ نورًا أنت مصدرُهُ
يا صادقَ الفجر أنت الصبحُ والفلقُ
أيا معلّمًا يا رمز الوفا سَلمَتْ
يمينُ أهل الوفا يا خيرَ مَن صدقوا
لا فُضّ فُوكَ فمنهُ الدُرُ مُنتثرٌ
ولا حُرِمتَ فمنك الخيرُ مندفقُ
يَدٌ تَخطُّ عَلَى القرطاسُ نهج هُدًى
بها تشرَّفت الأرقامُ والورقُ
أيا مُعلمًا كم طوَّقْتَ مِن عُنقٍ
بالفضل فازدان مِنهُ الصدرُ والعُنقُ
ويا مُؤدِّبُ كم أنقذْت مِن أُممٍ
لولا سفينُكَ فِي بحر الرَّدى غرقوا
وكم بنيتَ لها مجدًا فبوَّأَها
ذُرَا المعالي ومنك الجُهد والعرقُ
وسوف تلقى جزاءَ الضِعف مُدّخرًا
فعش قريرًا ولا يقعد بك القلقُ


أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشيْطَانِ الرجِيمِ: ﴿ وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [التوبة: 105]، نفعني اللهُ وإياكُم بكتابِه، وأجارني وإياكُم مِن أليمِ عقابِه، استغفروه إنهُ هُوَ الغفور الرحيم.

 

الخُطبَةُ الثَّانِيَةُ

الْحَمْدُ لِلهِ عَلَى إحسانِه، والشُكر لَهُ عَلَى توفيقِه وامتنانِه، وَأَشْهَدُ أنْ لَا إِلَهَ إِلا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، تعظيمًا لشأنِه، وَأَشْهَدُ أَن مُحَمدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، الداعي إِلَى جِنانِهِ، والمُحذِّرُ مِن نيرانِه، عليهِ أفضلُ صلاةٍ وأتمُّ تسليم، أَما بَعْدُ:

فعباد الله، لَما كان المُعَلِّمُ يحملُ أعظمَ رسالة، ويُؤدِّي أَجَل الأدوار فِي المُجتمَع، كانَ حقُّهُ التقدير والاحترام والاعتناء والحفاوة، فلَا بُد أن تغرسوا فِي أعماق أبنائكم ليسَ احترام المُعَلِّم فقط، بل حُب المُعَلِّم، نعم حُب المُعَلم، فالمُعَلمُ ليسَ نِدًّا أَوْ عدوًّا، بل هُوَ الوالِدُ الحاني، والمُرشِدُ المُتفاني، والمُربِّي الفاضل، والمُصلِحُ المُخلص.

 

إِن العلاقةَ بين المُعَلم وتلميذِه ليسَت علاقةَ نِدِّيةٍ، وليست علاقةً مادِّية، بل هي علاقةُ محبةٍ وتربيةٍ وانتماءٍ وافتخار، ولقد أورثت تلك المحبة المُتبادلة بين المُعَلم وطُلابِه أروعَ الأمثلة فِي الاحترام والإجلالِ والهيبة، فَهذَا الإِمَامُ أبُو حنيفةَ رَحِمَهُ اللهُ يتحدثُ عَنْ احترامِهِ لشيخهِ حماد، فيقول: "ما مَدَدتُ رِجلِي نحوَ دارِ أُستاذِي حماد إجلالًا له، وكانَ بين داري ودارهِ سبعُ سِكَك، وما صليتُ صلاةً مُنذ ماتَ حماد إلا استغفَرتُ له مع والدَي".

 

وَقَالَ الإِمَامُ أحمد عَنْ شيخهِ الشافِعِيِّ: "ما بِتُّ مُنذ ثلاثين سنةً إِلا وأنا أدعو للشافِعِيِّ وأستغفرُ لَهُ"، واعلموا أن مَن يتمرَّد عَلَى المُعَلمِ فِي مدرسةٍ، فسوف يتمردُ عَلَى الوالدِ فِي البيت، وعلى رَجُلِ الأمن فِي الشارع، بل سوف يتمردُ عَلَى المُجتَمَع بأسرِه؛ لأنهُ إذا لَمْ يُؤدِّ حقَّ مَنْ لَهُ حقٌّ عليه، فَمِن باب أَولى ألا يعرفَ حقًّا لأحَدٍ.

 

• ثُم اعلموا أن المُعَلِّم إذا لَمْ يجد الاحترام والتقدير والهيبةِ المرجوةَ، فسوفَ ينعكسُ ذلكَ عَلَى أدائِهِ وعملِه، مما يورِثُ لديه الكسلَ والتقصيرَ فِي أداء رسالتهِ العظيمة، فلا يَنصحُ للطالب، ولا يجتهدُ فِي المنهج، فتقعُ الكارثةُ، وينهدمُ البناءُ مِن أصلِه.

 

وقد قَالَ الشاعرُ:

إن المعلمَ والطبيبَ كلاهما
لا يَنصحانِ إذا هُما لم يُكْرَما
فاصبرْ لِدائكَ إن أهنتَ طَبيبَهُ
واصبرْ لِجهلِكَ إن أهنتَ مُعَلمَا

 

هذَا وصلُّوا وسلِّمُوا عَلَى مَنْ أمرَكُمُ الله بالصلاةِ والسلامِ عليه.

 

اللهم أعز الإسلامَ والمسلمينَ، وأذلَّ الشـركَ والمشـركين، واحمِ حَوزةَ الدِّين، اللهمَّ انصـر المجاهدين الذين يجاهدون لإعلاء كلمتِكَ في كلِّ مكان، اللهمَّ كنْ لهم عونًا ونصيرًا ومُؤيِّدًا وظهيرًا، اللهمَّ ارحَم المستضعفين من المسلمين في كلِّ مكان، اللهمَّ اجعل ولايتنا فيمَن خافكَ واتَّقاكَ واتَّبَع رضاك، اللهمَّ وفِّق ولِيَّ أمرنا لكلِّ خير، اللهمَّ ارزُقه البطانة الصالحة التي تدلُّه على الخير وتُعينه عليه.

 

اللهمَّ اغفرْ لأمَّهاتِنا، اللهمَّ اغفر لآبائنا، اللهمَّ اغفر للمُسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات.

 

اللهم إنا نسألك الهدى والتُّقى والعفاف والغِنى، اللهم إنا نعوذُ بك مِنَ الرِّبَا والزِّنَا والزلازل والمحن والفِتَن ما ظهَرَ منها وما بطَن، سبحان ربِّك ربِّ العزةِ عما يصفونَ، وسلامٌ علَى الْمرُسلينَ، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • المعلمة المربية
  • حديث إلى المعلم
  • فوائد وآداب من بعض الأحاديث ( لأطفال الحضانة والمعلمين والمربين )
  • المعلمة الخرساء (قصة قصيرة)
  • الأستاذ المعلم
  • فضل العلم والمعلم
  • المعلم والمنهج الضمني
  • يوم المعلم
  • الشكر معناه وصلته
  • الامتنان والشكر
  • معلم مخلص ومتعلم جاد (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • توصيات نافعة للمعلم من هدي الرسول المعلم صلى الله عليه وسلم(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • واجبات المعلم تجاه زملائه المعلمين(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • استطلاع آراء المعلمين والمعلمات بشأن المعلم الباحث(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • فضل العلم وتعليمه وآداب المعلم والمتعلم (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • العقوبات وأضرارها على الطلاب(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • دور المعلم في النشاط المدرسي(مقالة - موقع أ.د.سليمان بن قاسم بن محمد العيد)
  • شكرا معلمي.. أتعلم من أنت يا معلمي؟(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • أيها المعلم الملهم.. شكرا(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • شكر المعلم وذكر محاسنه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حقوق وواجبات المعلم بين الإفراط والتفريط(مقالة - مجتمع وإصلاح)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بعد عامين من البناء افتتاح مسجد جديد في قرية سوكوري
  • بعد 3 عقود من العطاء.. مركز ماديسون الإسلامي يفتتح مبناه الجديد
  • المرأة في المجتمع... نقاش مفتوح حول المسؤوليات والفرص بمدينة سراييفو
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/12/1446هـ - الساعة: 17:59
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب