• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: أهمية اللعب والترفيه للشباب
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    عيد الأضحى: فرحة الطاعة وبهجة القربى
    محمد أبو عطية
  •  
    كيف يعلمنا القرآن الكريم التعامل مع الضغط النفسي ...
    معز محمد حماد عيسى
  •  
    أحكام الأضحية (عشر مسائل في الأضاحي)
    د. شريف فوزي سلطان
  •  
    زيف الانشغال
    أ. د. عبدالله بن ضيف الله الرحيلي
  •  
    خطبة الجمعة في يوم الأضحى
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    الأخذ بالأسباب المشروعة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    يوم العيد وأيام التشريق (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    المقصد الحقيقي من الأضحية
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    خطبة الأضحى 1446 هـ (إن الله جميل يحب الجمال)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    خطبة عيد الأضحى 1446هـ
    عبدالوهاب محمد المعبأ
  •  
    لبس البشت فقها ونظاما
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    خطبة: مضت أيام العشر المباركة
    محمد أحمد الذماري
  •  
    خطبة عيد الأضحى المبارك لعام 1446هـ
    د. عبدالرزاق السيد
  •  
    خطبة عيد الأضحى لعام 1446 هــ
    أ. شائع محمد الغبيشي
  •  
    خطبة عيد الأضحى المبارك: تضحية وفداء، صبر وإخاء
    الشيخ الحسين أشقرا
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

موعظة القلوب الغافلة (خطبة)

موعظة القلوب الغافلة (خطبة)
أحمد بن عبدالله الحزيمي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 6/1/2020 ميلادي - 11/5/1441 هجري

الزيارات: 990248

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

موعظة القلوب الغافلة


الحمدُ للهِ جامعِ الناسِ ليومِ لا ريبَ فيهِ، عالمِ ما يُسِرُّه العبدُ وما يُخفيهِ، أحصى عليه خَطرَاتِ فِكرِه وكلماتِ فِيهِ، أحمدُهُ سُبحانَه وأتوبُ إليهِ وأستغفرُهُ وأَستهدِيهِ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ لَه، غافرُ الذَّنبِ، وقابِلُ التَّوبِ، شديدُ العِقابِ، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه، الأوَّاهُ المُنيبُ، أخشانَا للهِ، وأحفظَنَا لحُدُودِهِ، اللهمَّ صلِّ على محمدٍ وعلَى آلِهِ وصَحبِهِ ومَن حُمِدَتْ في الإسلامِ سِيرتُهُ ومَساعِيهِ، وسَلِّم تَسلِيمًا كثيرًا.

 

أمَّا بعدُ:

فيا عبادَ اللهِ، اتقوا اللهَ تعالى بامتثالِكُم لأوامرِهِ، واجتنابِكُم لِما نَهى عنه وزجَرَ، وتودَّدُوا إليهِ بالإكثارِ مِن الصالحاتِ، والمسارعةِ إلى الطاعاتِ، ولُوذُوا بجَنَابِه مُتذلِّلينَ مُنكسرِينَ، تَائبينَ مِنْ ذُنُوبِكُم مُستغفرينَ، تَنالُوا مَغفرَتَه وعَفوَهُ ورَحمتَهُ، وتَفوزُوا بثَوابِهِ ونَعيمِهِ، وتَكونوا مِنَ المفلِحِينَ.


فاللهَ نَسألُ أن يغفرَ لنا ذُنوبَنَا، وأنْ يُعينَنَا على ذكرِهِ وشكرِهِ وحسنِ عِبادتِهِ، اللهمَّ اغفر لنَا ما قدَّمنا، وما أخَّرنَا، ومَا أَعلنَّا، ومَا أَسررنَا، وما أنتَ أَعلَمُ بهِ مِنَّا، أنتَ المقدِّمُ، وأنت المؤخرُ، لا إله إلا أنتَ.


أيها الإخوة، شيخٌ كبيرٌ هَرِمٌ، قد احْدَوْدَبَ ظهرُه، وابيضَّ شعرُه، وسقطَ حَاجباهُ على عَينَيْهِ، يجرُّ خُطواتِهِ نحو المصطفى صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قد عَلاهُ الأَسى، وامتلأ قلبُه مِنَ الرَّجاءِ، فيقِفُ على رأسِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم فيقولُ: يا رسولَ اللهِ، رَجُلٌ غَدَرَ وَفَجَرَ، لَمْ يَدَعْ حَاجَةً وَلَا دَاجَةً إِلَّا اقْتَطَعَهَا بِيَمِينِهِ، لَوْ قُسِّمَتْ خَطِيئَتُهُ بَيْنَ أَهْلِ الْأَرْضِ لَأَوْبَقَتْهُمْ، فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ؟ فَقَالَ: النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَسْلَمْتَ؟» فَقَالَ: أَمَا أَنا، فَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَإِنَّ اللَّهَ غَافِرٌ لَكَ مَا كُنْتَ كَذَلِكَ وَمُبِدِّلٌ سَيِّئَاتِكَ حَسَنَاتٍ»، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: وَغَدْرَاتِي وَفَجْرَاتِي قَالَ: «وَغَدْرَاتَكَ وَفَجْرَاتَكَ»، قَالَ: فَوَلَّى الرَّجُلُ يُكَبِّرُ وَيُهَلِّلُ مِن شِدَّةِ الفرَحِ حتَّى توارَى عن أَعينِ النَّاسِ" رواه الطبرانيُّ والبَزَّارُ وصحَّحه الهَيثمِيُّ والألبانيُّ.

 

عبدَ اللهِ، مَهمَا كَثُرَ عَليكَ حَديثُ التَّوبةِ ومَهمَا طَرَقَ مَسمعَكَ وبَصرَكَ حَديثُ الموعظةِ فلا تتَضجَّرْ ولا تَتأفَّفْ بل الأولى والأحسنُ أنْ تَفرحَ بدَاعِي الرحمنِ وعَطايَاهُ.


كلُّنَا وبلا استثناءٍ محتاجُونَ للتوبةِ، محتاجونَ لمن يُذكِّرُنَا باللهِ تعَالَى، لِمَنْ يُرقِّقُ قلوبَنَا لِمَنْ يُقرِّبنَا إلى رَبِّنَا أكثرَ وأَكثرَ.


يقولُ اللهُ تعالَى: ﴿ ‏‏قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾‏‏.


في هذهِ الآيةِ خِطابٌ لنَا مِن رَبِّ العِزِّةِ. فيه مِنَ الجمالِ ما يعجَزُ اللسانُ عن وَصفِه! تَأمَّلْ قولَ اللهِ ﴿ يا عِبادِيَ ﴾ وتِلكُمُ الطمأنينةُ التي تَنبعِثُ مِن بَينِ الحُروفِ والكلماتِ! فمَهمَا كَانتْ ذُنوبُكَ وزَلاتُكُ فلا تَجزعْ ولا تَيأسْ مِن مَغفرَةِ اللهِ، فَقطْ أَقدِمْ إلى اللهِ واسْتغفِرْهُ تَجدْهُ سُبحانَه غَفوراً رَحِيماً، يَقولُ اللهُ تعالى: ﴿ وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾.


قالَ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: "قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ فِيكَ وَلَا أُبَالِي، يَا ابْنَ آدَمَ لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ، وَلَا أُبَالِي، يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الأَرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لَقِيتَنِي لَا تُشْرِكُ بِي شَيْئًا لَأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً" رواه الترمذيُّ وحسَّنَه الألبانيُّ.


أيها الأَخُ المباركُ، مهمَا كانَ انهمَاكُكَ في الدنيا ومهمَا كانتْ أعمالُكَ كثيرةً وارتبَاطَاتُكَ عَديدةً ومهمَا أَشغَلتْكَ الدُّنيَا ببريقِهَا وزُخرُفِهَا وجَمالِهَا. هناكَ لَيلتانِ اثنتانِ يجبُ على كلِّ واحدٍ مِنَّا أَن يجعلَهُمَا نُصبَ عَينيهِ؛ ليلةٌ في بيتِهِ مُنعَّمًا سعيدًا مع أهلِهِ وأَطفالِهِ وأَصحابِهِ في صحةٍ جَيدةٍ وعَيشٍ رَغيدٍ. وليلةٌ تَليهَا حَلَّ فيها الضعفُ مكانَ القوةِ، والحزنُ مكانَ الفَرَحِ، والسكراتُ مكانَ الضحكاتِ؛ فلا القوةُ تَنفعُ القَويَّ ولا الذَّكاءُ يَنفعُ الذَّكيَّ ولا المالُ يَنفعُ الغَنيَّ، يقولُ اللهُ سبحانه وتعَالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ * وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ ﴾ [الحشر: 18 - 20].


عبادَ اللهِ، كلُّنَا نَعرِفُ ذُنوبَنَا، ونَعرِفُ مَعاصِينَا، ونَعرِفُ السِّيئاتِ التي نُمارِسُهَا ونَفعَلُهَا، ونُكثِرُ منهَا ونُدمِنُهَا، فما علينا إلاَّ أنْ نُقبِلَ على اللهِ، وننطَرحَ بينَ يَديِ اللهِ، ونَسألُه العفوَ والغفرانَ، والصفحَ والأمانَ، والمغفرةَ والإحسانَ، وتوبةً تُجلِي أنوارُها ظُلماتِ الإساءةِ والعصيانِ، فإنَّ ربَّنا رحيمٌ غفورٌ كريمٌ منَّانٌ، يفرحُ بتوبةِ عبدِه إذا تابَ إليهِ واستكَانَ: ﴿ وَاسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ ﴾ [هود: 90]. ويقول النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللهَ تعالى يَقْبَلُ تَوْبَةَ عَبْدِهِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ" أي تَخرُج رُوحُه، رواهُ أحمدُ وحسَّنه الألبانيُّ.

 

وماذَا لو انتقلنَا في لحظةٍ واحدةٍ مِن عَالَمِ الدنيا إلى عالَمِ الآخرةِ، ومِن هذه الحياةِ إلى حياةِ القَبرِ والبَرزخِ؟ ماذا سنقولُ لربِّنَا عن تفرِيطِنَا وتَقصِيرِنَا؟ وكيفَ سَنقابِلُ اللهَ ونحنُ مُلوَّثونَ وملطَّخونَ بمعاصِينا وآثَامِنَا؟ وكيفَ سَنعتذِرُ في يومٍ لا ينفعُ فيهِ الاعتذارُ ولا تُجدِي فيه الحسراتُ ولا تنفعُ فيه الأنَّاتُ والآهاتُ؟ ﴿ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ * وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ * أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ ﴾ [الزمر: 54، 55].

 

اللهمَّ إنَّا نشكو إليكَ غَفلتَنَا، ونتوبُ إليكَ مما فعلَتْه أيدِينا، وارتكبَتْه أنفُسُنَا، ونَستغفرُكَ مما عَلِمْنا مِن خطايانا ومَا لَم نَعلَمْ.

فاستغفروه سبحانه وتوبوا إليه.

 

الخطبة الثانية

الحمدُ للهِ وكفَى، وسلامٌ علَى عبادهِ الذينَ اصطفَى، وأشهدُ أنْ لَا إلهَ لَا إلهَ وحدهُ لَا شريكَ لهُ، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدهُ ورسولهُ، أمَّا بعدُ:

يُحكَى أنَّ مَيمونَ بنَ مِهرَانَ لقِيَ الحسنَ البصريَّ، المعروفُ بزهدِهِ وورَعِهِ، فقال له مَيمونُ: "قَد كُنتُ أُحِبُّ لِقاءَكَ فعِظْنِي؟ فقرأَ عَليهِ الحسنُ البصريُّ -رحمهُ اللهُ- قولَ اللهِ سبحانه وتعالى: ﴿ أَفَرَأَيْتَ إِن مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ * ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ * مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ ﴾ [الشعراء: 205، 207] فقالَ: عليكَ السلامُ أبَا سَعيدٍ، لقد وَعظْتَ فأَحسنْتَ الموعظةَ".


أيها المباركونَ، مِن كَثرةِ انهماكِ كثيرٍ مِنَ الناسِ في الدنيا وانغمَاسِهِمْ بها صارَ حَالُ بَعضِ الناسِ أنه يَعيشُ وكأنَّه لا يُصدِّقُ أنَّ في الدنيا موتاً؟ فهم يَقرؤونَ المَواعظَ، ويسمعونَ النُّذُرَ فيظنُّونَ أنها لغيرِهِم؟ ويرونَ الجَنائزَ ويمشونَ فيها ويتحدثونَ حَديثَ الدنيا والآمالِ والأمانِي .. وكأنَّهم لن يَموتُوا كما مَاتَ هَؤلاءِ الذين يمشونَ في جَنائزِهِم، وكأنَّ هؤلاءِ الأمواتَ مَا كانوا يوماً أحياءً مثلَهُم، في قلوبِهِم آمالٌ أكبرُ مِن آمالِهِم، ومَطامعُ أَبعدُ من مطامِعِهِم؟


عبادَ اللهِ:

تَمرُّ علينا الأيامُ سِراعاً، وتُطوَى الليالي كالبَرقِ، انقضاءُ يَومٍ يَتلوهُ يَومٌ، وشَهرٌ يَتبعُهُ شَهرٌ، وعامٌ يَليهِ عَامٌ، ونَحنُ لا نَزالُ كمَا كنَّا لم نَتقدَّمْ وحَالُنا كما هو حَالُنا لَم يَتغيَّر، أَلهتْنا الدنيا عن أداءِ صَلواتِنَا، وحالتْ بَيننَا وبينَ القِيامِ بعبادَاتِنَا، وأَوقعتْنَا في ارتكابِ ما يُغضِبُ اللهَ، طَمعاً في مَتاعِهَا الزَّائلِ، وغُرورِهَا الذَّاهبِ، يقولُ اللهُ تبارك وتعالى محذِّراً لنا مِن غُرورِهَا، وداعياً إيَّانا إلى الانتباهِ مِنَ الوقوعِ في مَفاتِنِهَا وشِباكِهَا: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ ﴾ [فاطر: 5].

 

رُبَّ إنسانٍ مِنَّا أشرفَ -يوماً من الأيامِ- أو كادَ أن يَقعَ في حادثٍ، وربما أصابه مَرضٌ شَديدٌ ظنَّ أنَّ فيه حَتفَهَ وهَلاكَهُ، وربما شاهدَ أباهُ أو أخاهُ أو قَريبَه وهو يَلفِظُ أنفاسَهُ، وربما وَضعَ الإنسانُ يَديْهِ على رَأسِهِ -يوماً مِن الأيامِ- وهو يَظنُّ أنه في آخرِ أيامِهِ ولياليِهِ، أو آخرِ سَاعاتِهِ ودَقائِقِ عُمُرِهِ، ثُم أنجاهُ اللهُ مِن ذلك، لكنَّ القلبَ بعدهَا مَا ازدادَ إلا قسوةً، والنفسُ ما ازدادتْ إلا إِعرَاضاً، ﴿ ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً ﴾ [البقرة: 74] جَديرٌ بكَ عبد الله أن تَختلِيَ بنفسِكَ لحظةً وتتساءل: هذه المواعظُ التي سِمعتُ وأَعظمُهَا مَواعظُ رَبِّنَا عزَّ وجلَّ، هذه المواعظُ التي سَمعتُ، بل هذه المواعظُ التي رأيتُ أين كانَ مَصيرُها؟ هَل زادتِ العبدَ قُرباً منَ اللهِ عزَّ وجلَّ؟ هل زَادَتْهُ بصيرةً في نفسِهِ؟ هل زادتْهُ خَوفاً مِنَ اللهِ؟ هَل زادتْهُ رغبةً في الجنةِ؟ هل زادتْهُ خوفاً مِنَ النارِ؟ هل زادته إقبالاً على الطاعةِ؟ هل زادته إعراضاً عنِ المعصيةِ؟


معاشرَ المسلمينَ، الإنابةَ الإنابةَ، قبل غَلقِ باب الإجابةِ، والغنيمةَ الغنيمةَ، بانتهازِ الفُرصةِ، فما منها عِوضٌ، ولا يعادلها قيمةٌ، فمَن أَصبحَ أو أَمسَى وهو على غَيرِتوبةٍ، فهو على خَطرٍ؛ قال سبحانَه وتعالى: ﴿ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾.


إنَّ مِن نِعَمِ اللهِ تعالى أن يَسَّر للمذنبينَ طَريقَ التوبة والهدايةِ والرجوعِ إلى الصراطِ المستقيمِ، بلْ مِن نِعَمِ اللهِ أن جعلَ لهُم بابَ التوبةِ مَفتوحاً على مِصرَاعيْهِ لمن أرادَ أن يتوبَ توبةً نصوحاً لا يُصَدُّ عنه قَاصدٌ، ولا يُغلَقُ في وجهِ لاجئٍ أياً كانَ وأياً ما ارتكبَ مِنَ الذنوبِ والآثامِ.


صلوا وسلموا على خير خلقه كما أمركم ربكم بذلك.

اللهم أحينا على ملته وأمتنا على سنته وانفعنا يوم القيامة بشفاعته واحشرنا إلى الجنة في زمرته.

اللهم كما آمنا به ولم نره فلا تفرق بيننا وبينه حتى تدخلنا مدخله مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقًا.

صل اللهم وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين ومن تابعهم بإحسان إلى يوم الدين.

اللهم اجعلنا من الذين إذا أعطيتَهم شكروا وإذا ابتليتَهم صبروا وإذا ذكَّرتَهم ذَكروا، واجعل لنا قلوبًا توابة، لا فاجرةً ولا مرتابة.

اللهم وفقْنا للصالحاتِ قبل المماتِ، وأرشدْنا إلى استدراكِ الهفواتِ من قبل الفواتِ. وألهمْنا أخذَ العُدةِ للوَفاة قبل المُوافاة.

اللهم احفظ بلادَنا بالأمنِ والإيمانِ وتحكيمِ شرعِك، يا رب العالمين.

اللهم عُمَّ أوطانَ المسلمين بالخيرِ والسلامِ، وحقق للمسلمين جميعًا اجتماعَ كلمتهم، وصلاحَ أحوالهم.

اللهم وفق ولي امرنا لما تحبه وترضاه ووفقه لخير البلاد والعباد

اللهم واحفظْ جنودَنا في حراساتِهم وثكناتِهم وتفتيشاتِهم، واخلفُهم في أهليهم بخير.

عِبَادَ اللهِ: اُذْكُرُوا اللهَ العَظِيمَ الجَلِيلَ يَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ يَزِدْكُم وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • حين تسلم القلوب
  • صفير البغض بين القلوب
  • هندسة فاتن القلوب
  • مهوى القلوب (قصيدة)
  • وصفة لأصحاب القلوب الحية
  • خطبة فيها موعظة
  • موعظة في تمييز الإنسان بالعقل
  • يقظة القلوب (خطبة)
  • موعظة وتذكير (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • الموعظة النافعة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تعريف الوعظ والموعظة وضابطها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مخطوطة تنوير القلوب والبصائر بمواعظ الخطب على إعداد المنابر(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • سلسلة أنواع القلوب(11) تأثر القلوب الحية بمواقف اليهود العدوانية(1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • القلوب في القرآن والسنة: غمرة القلوب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • القلوب في القرآن والسنة: القلوب المريضة بالشهوة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • قلوب قلبها مقلب القلوب فأسلمت واهتدت(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سلسلة أنواع القلوب (12) تأثر القلوب الحية بمواقف اليهود العدوانية (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سلسلة أنواع القلوب (1) القلوب في القرآن الكريم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من أسباب صلاح القلوب: (3) الموعظة الحسنة(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
12- جزاك الله خيرا
إدريس فلون - España 07-04-2025 12:14 AM

بارك الله فيكم وجزاكم بخير وجعل الثواب مضاعف.

11- الموعظة الحسنة
Sam - الجزائر 09-02-2025 09:36 AM

جزاكم الله كل خير والله كنت أقرأ وتخيلت نفسي أني واقف على المنبر وأخطب في الناس سبحان الله.. بارك الله فيكم درس في القمة..

10- ما شاء الله
أبو حمزة - مصر 10-01-2025 10:44 AM

بارك الله فيكم.

9- شكر الله سعيكم
على ناجي - تونس 18-10-2024 07:25 PM

بوركتم وبارك الله سعيكم وجزاكم خيرا على هذه الموعظة البليغة.

8- بارك الله فيكم
السيد مشعل - مصر 20-07-2024 01:41 AM

ما شاء الله.. درس وافي وشامل للتوبة.. جزاكم الله خيرا على مجهوداتكم في الدعوة والموعظة.
كنت في موقع في الجبل بحكم عملي ويوم الجمعة لم يحضر أحد لخطبة الجمعة.. وطلب مني صديق أن اقوم وألقي الخطبة حتي نصلي الجمعة وقرأت هذه الخطبة.. والجميل أني رأيت في وجوه الحاضرين الانسجام لهذا الشرح الوافي الكافي. والأغرب أن هذه أول مرة في حياتي أقف على المنبر وأخطب خطبة جمعة. وكانت مؤثرة ومفيدة وأثارت إعجاب الجميع. جزاكم الله كل خير.

7- نفع الله بعلمكم
سعيد - Kuwait 03-05-2024 11:32 AM

ما شاء الله.. موعظة بليغة وجيزة

6- شكر
المختار أحمد محمود - موريتانيا 24-02-2024 11:53 PM

شكرا جزيلاً 
جزاكم الله خيرا وبارك فيكم

5- ما شاء الله
شعبان جابر عبدالشافي توفيق - مصر 18-08-2023 03:01 PM

ربنا يحفظ مشايخنا الشرفاء

4- شكر للخطيب
زائر - Sudan 11-08-2023 07:42 PM

جزاك الله خير الجزاء على ما سردته من كلمات موعظة للقلوب الغافلة

3- شكر وامتنان
أيوب ايت إبراهيم - المغرب 22-07-2023 10:12 PM

بسم الله الرحمن الرحيم
شكرا جزيلا مشايخنا على هذه الموعظة
وفقكم الله لما يحبه ويرضاه
محبكم في الله

1 2 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بعد عامين من البناء افتتاح مسجد جديد في قرية سوكوري
  • بعد 3 عقود من العطاء.. مركز ماديسون الإسلامي يفتتح مبناه الجديد
  • المرأة في المجتمع... نقاش مفتوح حول المسؤوليات والفرص بمدينة سراييفو
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/12/1446هـ - الساعة: 17:59
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب