• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: فضائل الصلاة وثمارها من صحيح السنة
    بكر البعداني
  •  
    تفسير: (وقالوا نحن أكثر أموالا وأولادا وما نحن ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    الإسلام أمرنا بدعوة وجدال غير المسلمين بالحكمة ...
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    أسباب الحقد والطرق المؤدية له
    شعيب ناصري
  •  
    خطبة: أشبعوا شبابكم من الاحترام
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    وثلاث حثيات من حثيات ربي
    إبراهيم الدميجي
  •  
    ذكر الله يرطب اللسان
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    خطبة: الذكاء الاصطناعي
    د. فهد القرشي
  •  
    الجمع بين حديث "من مس ذكره فليتوضأ"، وحديث "إنما ...
    عبد السلام عبده المعبأ
  •  
    ألا إن سلعة الله غالية (خطبة)
    ساير بن هليل المسباح
  •  
    خطبة المولد
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    خطبة: فضل عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    النهي عن التشاؤم (خطبة)
    أحمد إبراهيم الجوني
  •  
    التقوى خير زاد
    د. عبد الرقيب الراشدي
  •  
    روايات عمرو بن شعيب عن جده: دراسة وتحقيق (PDF)
    د. غمدان بن أحمد شريح آل الشيخ
  •  
    الحمد لله (3) حمد الله تعالى نفسه
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / مواضيع عامة
علامة باركود

المولد النبوي (خطبة)

المولد النبوي (خطبة)
الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي التميمي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 4/12/2018 ميلادي - 26/3/1440 هجري

الزيارات: 113071

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

المولد النبوي

 

الْخُطْبَةُ الأُولَى

إنَّ الحَمْدَ للهِ، نَحْمَدُهُ، ونستعينُهُ، ونستغفِرُهُ، ونعوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا، مَنْ يهدِ اللهُ فلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبدُهُ ورسُولُهُ، وَخَلِيلُهُ - صَلَّى اللهُ عليهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كثيرًا.

 

أمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللهِ - حقَّ التَّقْوَى؛ واعلَمُوا أنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى. وَاِعْلَمُوا بِأَنَّ خَيْرَ الْهَدْيِّ هَدْيُ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ -، وَأَنَّ شَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثُاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

 

عِبَادَ اللهِ، يُحْتَفَلُ فِي بَعْضِ أَنْحَاءِ الْعَالَمِ فِي هّذِهِ الأَيَّامِ بِعِيدَيْنِ: أَحَدُهُمَا شِرْكِيٌّ، وَالآخَرُ بِدْعِيٌّ، فَأَمَّا الْعِيدُ الشِّرْكِيٌّ فَهُوَ اِحْتِفَالُ النَّصَارَى بِعِيدِهِمْ، الَّذِي يَزْعَمُونَ أَنَّهُ مِيلَادُ الْمَسِيحِ عِيسَى، عَلَيهِ السَّلاَمُ، الَّذِي يَدَّعُونَ كَذِبًا أَنَّهُ اِبْنُ اللهِ - تَعَالَى اللهُ عَنْ ذَلَكَ عُلُوًّا كَبِيرًا -! وَوَصَفَ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ - فِعْلَهُمْ هَذَا بِأَنَّهُ شَتْمٌ لَهُ؛ حَيْثُ قَالَ -عَزَّ وَجَلَّ - كَمَا فِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ: «كَذَّبَنِي ابْنُ آدَمَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، وَشَتَمَنِي وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، فَأَمَّا تَكْذِيبُهُ إِيَّايَ؛ فَزَعَمَ أَنِّي لاَ أَقْدِرُ أَنْ أُعِيدَهُ كَمَا كَانَ، وَأَمَّا شَتْمُهُ إِيَّايَ، فَقَوْلُهُ: لِي وَلَدٌ، فَسُبْحَانِي أَنْ أَتَّخِذَ صَاحِبَةً أَوْ وَلَدًا» (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ). فَلَقَدْ زَعَمَ هَؤُلَاءِ الْمَارِقُونَ وَالْأَفَّاكُونَ الْكَاذِبُونَ؛ أَنَّ للهِ صَاحِبَةً وَوَلَدًا، وَجَعَلُوا فِي نِهَايَةِ كُلِّ سَنَةٍ مِيلَادِيَّةٍ اِحْتِفَالاً بِهَذَا الْإِفْكِ الْمـُبِينِ؛ الَّذِي تُنْكِرُهُ الْعُقُولُ الْمُؤْمِنَةُ، وَتَنْفُرُ مِنْهُ الْقُلُوبُ الَّتِي لِرَبِّهَا خَاشِعَةٌ، قَاَلَ اللهُ -تَعَالَى-: ﴿ ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ * مَا كَانَ لِلَّهِ أَن يَتَّخِذَ مِن وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُون ﴾ [مريم: 34- 35] وَعَجِبْتُ وَاللهِ كَيْفَ اِسْتَسَاغَ مُسْلِمٌ أنْ يُشَارِكَهُمْ بَاطِلَهُمْ؟! وَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الكُفْرِ، التِيِ تَكَادُ الْجَمَادَاتُ أَنْ تَنْخَلِعَ مِنْ هَوْلِهَا. فَقَالَ - تَعَالَى - مُنْكِرًا قَوْلَهم: ﴿ لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدّاً * أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَداً * وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَدًا ﴾ [مريم: 89- 91].

 

عِبَادَ اللهِ، إِنَّ عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يحذَرَ مِنَ الْمُتَسَاهِلِينَ بِمِثْلِ هَذِه الأَعْيَادِ الشِّرْكَيَّةِ، وَوَاصِفِي المُحَذِّرِينَ مِنْهَا وَمُجْتَنِبِيهَا بِالتَّخَلُّفِ وَالرَّجْعِيَةِ، وَقَدْ بَيَّنَ اللهُ غَايَةَ أُولَئِكَ المُنَافِحِينَ عَنِ البَاطِلِ، الْمهُوِّنِينَ الشِّرْكَ، الْمُمَيعِينَ لِقَضَايَا التَّوْحِيدِ، المُهَوِّنِينَ مِنْ خَطَرِ هَذِهِ الأَعْيَادِ بِقَوْلِهِ: ﴿ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ ﴾ [الأنعام: 121]. وَإِنَّنِي أَنْصَحُ نَفْسِي وَإِخْوَانِي، ألَّا نَنْجَرِفَ وَرَاءَ هَذَا التَّزْيِينِ الشَّيْطَانِيِّ، وَأَلَّا نحْتَفِلَ بـِهَذِهِ الأَعْيَادِ الشِّرْكَيَّةِ، وألَّا نَنْصَاعَ لِمِثْلِ هَذِهِ الأَرَاجِيفِ الضَّالَّةِ الْمُضَلِّلَةِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ ﴾ [هود: 113]؛ فَهَذِهِ أَعْيَادٌ كُفْرِيَّةٌ لَا يَجُوزُ التَّهْنِئَةُ بهَا؛ فَضْلاً عَنْ حُضُورِهَا، وَالاِحْتِفَاءِ وَالرِّضَا بـِهَا؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ إِقْرَارًا لِأَهْلِ الشِّرْكِ عَلَى شِرْكِهِمْ. وَقَدْ أَفْتَتْ الَّلجْنَةُ الدَّائِمَةُ بِأَنَّهُ: "لَا يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ تَهْنِئَةُ النَّصَارَى بِأَعْيَادِهِمْ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ تَعَاوُنًا مَعَهُمْ عَلَى الإِثْمِ وَالعُدْوَانِ، وَقَدْ نَهَانَا اللهُ عَنْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: ﴿ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ﴾ [المائدة: 2]، وَلِأَنَّ فِي هَذِهِ التَّهْنِئَةِ تَوَدُّدًا إِلَيْهِمِ، وَطَلَبًا لِمَحَبتِّهِمْ، وَإِشْعَارًا بِالرِّضَا عَنْهُمْ، وَعَنْ شَعَائِرِهُمْ، وَهَذَا لَا يجُوزُ؛ بَلُ الوَاجِبُ إِظْهَارُ بُغْضِهِمْ وَالعَدَاوَةِ لَهُمْ؛ لِأَنَّهُم يُحَادُّونَ اللهَ جَلَّ وَعَلَا، وَيُشْرِكُونَ مَعَهُ غَيْرَهِ، وَيَجْعَلُونَ لَهُ صَاحِبَةً وَوَلَدًا" انْتَهَتْ فَتْوَى الَّلجْنَةِ.

 

وَمَعَ الأَسَى الشَّدِيدِ، نَجِدُ أَنَّ بَعْضَ أَهْلِ الإِسْلَامِ قَدْ يمَّمُوا وُجُوهَهُمْ نَحْوَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغربِ؛ لِحُضُورِ هَذِهِ الأَعْيَادِ، وَالْمُشَارَكَةِ فِي هَذِهِ الْمُنَاسَبَاتِ الْمُغْضِبةِ لِلْرَبِّ، وَالجَالِبَةِ لِسَخَطِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، والْمظْهِرَةِ لِلْضَّعْفِ وَالوَهَنِ، وَلَقَدْ بَيَّنَ شَيْخُ الإِسْلَامِ -رَحِمَهُ اللهُ - أَنَّ بَيْعَ الْمُسْلِمِينَ لَهمْ فِي أَعْيَادِهمْ، مَا يَسْتَعِينُونَ بِهِ عَلَى عِيدِهِم، مِنَ الطَّعَامِ أَوِ الِّلبَاسِ، وَالرَّيْـحَانِ، وَنَحْوَ ذَلِكَ، أَوْ إِهْدَاءَ ذَلِكَ لَهُمْ، يُعَدُّ نَوْعًا مِنْ إِعَانَتِهِمْ عَلَى إِقَامَةِ عِيدِهِمْ الْمُحَرَّمِ. وَبَيَّنَ - رَحِمَهُ اللهُ - عَدَمَ جَوَازِ أَكْلِ مَا ذُبِحَ فِي أَعْيَادِهِمْ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ، وَلِأَنَّ فِي أَكْلِهِ تَعْظِيمٌ لِشِرْكِهِمْ. وَنُقِلَ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ العِلْمِ كَرَاهِيَةُ رَكُوبِ السُّفُن ِالتِيِ يَركَبُ فِيهَا النَّصَارَى إِلَى أَعْيَادِهِمْ؛ مَخَافَةَ نُزُولِ السَّخْطَةِ عَلَيهِمْ بِشِرْكِهِمْ الَّذِي اجْتَمَعُوا عَلَيْهِ. انْتَهَى كَلَامُهُ رَحِمَهُ اللهُ. (انظر: الاقتضاء 2 /520-528). فَانْظُرْ إِلَى شِدَّةِ التَّحْذِيرِ حَتَّى مِنَ الرُّكُوبِ فِي بَاخِرَةٍ لَيْسَ لِبَعْضِ رُكَّابِهَا مَقْصَدٌ حَرَامٌ، فَكَيْفَ بِمَنْ شَدَّ الرِّحَالَ لِحُضُورِ أَعْيَادِهِمْ، وَالاجْتِمَاعِ مَعَهُمْ، فِي المَرَاقِصِ وَالمَلَاهِي، وَمَلَاعِبِ الوَثَنِيَّةِ احْتِفَالاً بِهَا؟!

 

عِبَادَ اللهِ، أَمَّا الْعِيدُ الثَّانِي الْمُقَامُ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ فِي بَعْضِ أَنْحَاءِ الْعَالَمِ؛ فَهُوَ عِيدٌ بِدْعِيٌّ؛ أَلَا وَهُوَ اِحْتِفَالُ الْبَعْضِ بِمَوْلِدِ الرَّسُولِ، - صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ -، وَهَذَا الْاِحْتِفَالُ عَلَيْهِ الْكَثِيرُ مِنَ الْمآخِذِ، وَمِنْ ذَلِكَ:

أَوَّلًا: إِنَّ هَذَا الْاِحْتِفَالَ بِالْمَوْلِدِ لَمْ تَعْرِفْهُ أُمَّةُ الإِسْلَامِ مِنْ قَبْلَ أَنْ يَبْتَدِعَهُ للنَّاسِ الْمَذْهَبُ الْبَاطِنِيُّ الْخَبِيثُ؛ حَيْثُ اِبْتَدَعَتْهُ الدَّوْلَةُ الْعُبَيْدِيَّةُ الْفَاطِمِيَّةُ (بَنُو عُبَيْدِ الْقَدَّاحُ) فِي الْقَرْنِ الثَّالِثِ؛ تَقْلِيدًا للنَّصَارَى الَّذِينَ اِحْتَفَلُوا بِرَأْسِ السَّنَةِ الْمِيلَادِيَّةِ؛ فَاحْتَفَلُوا هُمْ بِرَأْسِ السَّنَةِ الْهِجْرِيَّةِ. وَلَوْ اِسْتَطَاعُوا أَنْ يَتَّخِذُوا مِنَ النَّبِيِّ، -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-، إِلهًا كَمَا فَعَلَ النَّصَارَى بِاتِخَاذِهِمْ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَهًا لَفَعَلُوا؛ وَلَكِنَّ اللهَ حَمَى نَبِيَّهُ مِنْ ذَلِكَ بِدُعَائِهِ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-، حِينَ قَالَ: «اللَّهُمَّ لَا تجعَلْ قَبْرِي وَثَنًا يُعْبَدُ» (رَوَاهُ مَالِكٌ مُرْسَلًا، وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانيُّ).

 

ثَانِيًا: إِنَّ التَّارِيخَ الْمُحْتَفَلَ فِيهِ بِمَوْلِدِهِ، -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-، هُوَ فِي الْـحَقِيقَةِ تَارِيخُ وَفَاتِهِ؛ فَلَعَلَّ الدَّوْلَةَ الْفَاطِمِيَّةَ الْبَاطِنِيَّةَ، اِبْتَدَعَتْ هَذَا الْيَوْمَ لِلْاِحْتِفَالِ فَرَحًا بِيَوْمِ وَفَاتِهِ، - صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ -، فَانْطَلَتْ هَذِهِ الْحِيلَةُ عَلَى الْمُحْتَفِلِينَ. أَمَّا تَارِيخُ مِيلَادِهِ، -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-، فَلَيْسَ مَعْرُوفًا عَلَى وَجْهِ الدِّقَّةِ، وَلَوْ عُرِفَ أَيْضًا؛ فَلَا يَجُوزُ الْاِحْتِفَالُ بِهِ؛ لأَنَّهُ أَمْرٌ مُحْدَثٌ.

 

ثَالِثًا: لَوْ كَانَ فِي هَذَا الْمَوْلِدِ الْمَزْعُومِ خَيْرًا؛ لَبَادَرَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ، -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-، وَأَصْحَابُهُ مِنْ بَعْدِهِ، وَلَكِنَّهُمْ مَا فَعَلُوا، فَهَلْ خَفِيَ هَذَا الْخَيْرُ الْمَزْعُومُ عَلَى النَّبِيِّ، - صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ -، وَعَلَى أَصْحَابِهِ وَالتَّابِعِيـنَ مِنْ بَعْدِهِمْ، وَوُفِّقَ إِلَيْهِ خَلِيفَةٌ فَاطِمِيٌّ؟ مَذْهَبُهُ كُفْرِيٌّ بِإِجْمَاعِ الأُمَّةِ الإِسْلَامِيَّةِ، الَّتِي أَجْمَعَتْ عَلَى أَنَّ الْمَذَاهِبَ الْبَاطِنِيَّةَ مِنْ: نُصَيْرِيَّةٍ، وَدُرْزِيَّةٍ، وَإِسْمَاعِيلِيَّةَ؛ لَيْسَتِ مِنَ الإِسْلَامِ فِي شَيْءٍ.

 

رَابِعًا: إِنَّ هَذَا الدِّينَ أَكْمَلَهُ اللهُ وَأَتَمَّهُ، بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتـِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ ﴾ [المائدة: 3]، وَمَا أَكْمَلَهُ اللهُ لَا يَعْتَرِيهِ نُقْصَانٌ. وَمَا أَتَمَّهُ فَلَا يَحْتَاجُ إِلَى زِيَادَةٍ، وَالْاِحْتِفَالُ بِالْمَوْلِدِ يُعْتَبَرُ زِيَادَةً عَلَى مَا شَرَعَهُ اللهُ لِعِبَادِهِ، وَإِحْدَاثًا فِي دِينِهِ. خَامِسًا: هُنَاكَ مَنْ يَقُولُ: أُرِيدُ مِنَ الْاِحْتِفَالِ بِمَوْلِدِهِ أَنْ أُظْهِرَ مَحَبَّتِي للنَّبِيِّ، - صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ -. وَيُرَّدُّ عَلَيْهِ بِأَنَّ مَحَبَّةَ النَّبِيِّ، - صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ -، تَكُونُ بِطَاعَتِهِ، فَتَأْتَمِرُ بِأَوَامِرِهِ، وَتَنْتَهِي عَنْ نَهْيِهِ، وَبِاِتِّبَاعِ نَهْجِ نَبِيِّهِ، - صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ -، كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ ﴾ [آل عمران: 31].

 

لَوْ كَانَ حُبُّكَ صَادِقًا لأَطَعْتَهُ *** إِنَّ الْمُحِبَّ لِمَنْ يُحِبُّ مُطِيعُ

 

فَلَيْسَتِ الْمَحَبَّةُ بِالاِبْتِدَاعِ فِي دِينِ اللهِ، بَلْ الْمَحَبَّةُ بالاِتِّبَاعِ. الَّلهُمَّ اُرْزُقْنَا سَبِيلَ الْمُرْسَلِينَ، وَجَنِّبْنَا طَرِيقَ الْمُبْطِلِينَ، وَاجْعَلْنَا هُدَاةً مَهْدِيِّينَ، وَاحْفَظْنَا بِالإِسْلَامِ قَائِمِينَ وَقَاعِدِينَ. أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ.

 

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى عِظَمِ نِعَمِهِ وَاِمْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشَهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدَهُ وَرَسُولُهُ، وَخَلِيلَهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيرَاً. أمَّا بَعْدُ.. فَاِتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللهِ- حَقَّ التَّقْوَى، وَاِعْلَمُوا أَنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى.

 

عِبَادَ اللهِ، هُنَاكَ مَنْ يَقُولُ: لَقَدِ اِحْتَفَى النَّبِيُّ، -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-، بِيَوْمِ مَوْلِدِهِ بِصِيَامِ يَوْمِ الاِثْنَيْنِ، حَيْثُ قَالَ عِنْدَمَا سُئِلَ عَنْ سَبَبِ صِيَامِهِ: «فِيهِ وُلِدْتُ وَفِيهِ أُنْزِلَ عَلَيَّ»، أَيْ: الْقُرْآنُ (رَوَاهُ مُسْلِمٌ). وَيُرَّدُّ عَلَى هَذَا الْاِسْتِدْلَالِ بِمَا يَلِي:

أَوَّلًا: لَيْسَ فِي هَذَا الْحَدَثِ حُجَّةٌ لَكُمْ؛ لأَنَّكُم جَعَلْتُمْ الاِحْتِفَالَ بِالْمَوْلِدِ يَوْمَ عِيدٍ لَكُمْ، وَالصَّوْمُ يَتَنَافَى مَعَ الْعِيدِ، وَلِذَلِكَ يَحْرُمُ صِيَامُ أَيَّامِ الأَعْيَادِ. وَأَنْتُمْ تَحْتَفِلُونَ لَا تَصُومُونَ. فَأَيُّ اِتِّبَاعٍ لَهُ، -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-، بِفِعْلِكُمْ هَذَا؟!

 

ثَانِيًا: لَمْ يَذْكُرْ النَّبِيُّ، -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-، أَنَّ عِلَّةَ صِيَامِ يَوْمِ الاِثْنَيْـنَ أَنَّهُ وُلِدَ فِيهِ فَقَطْ، بَلْ ذّكّرّ عِلَلًا أُخْرَى؛ فَقَالَ: "وَفِيهِ أُنْزِلَ عَلَيَّ" أَيْ: الْقُرْآنُ، وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ قَالَ، -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-: «تُعْرَضُ الأَعْمَالُ يَوْمَ الِاثْنَيْـنِ وَالخَمِيسِ، فَأُحِبُّ أَنْ يُعْرَضَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ» (رَوَاهُ التِّرِمذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ). فَهُنَا جَعَل، -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-، عِلَّةَ صِيَامِهِ لِيَوْمِ الاِثْنَيْنَ أَنَّهُ تُعْرَضُ فِيهِ الأَعْمَالُ عَلَى اللهِ، فَلَمْ يَكُنْ صِيَامُهُ بِسَبَبِ مَوْلِدِهِ فَقَطْ، بَلْ ذَكَرَ عِلَلًا أُخْرَى.

 

ثَالِثًا: هُمْ يَحْتَفِلُونَ بِيَوْمٍ فِي السَّنَةِ، وَالرَّسُولُ، -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-، كَانَ يَصُومُ كُلَّ أُسْبُوعٍ، فَهَلْ اِقْتَدُوا بِهِ وَصَامُوا كُلَّ يَوْمِ اِثْنَيْنِ اِتِّبَاعًا لَهُ، -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-، دُونَمَا الاِقْتِصَارِ عَلَى حَفْلٍ وَاحِدٍ فِي كُلِّ عَامٍ؟ لَا بَلْ وَمُخَالِفٌ لِلْمَنْهَجِ وَالطَّرِيقَةِ. حَمَانِي اللهُ وَإِيَّاكُمْ مِنْ الْبِدَعِ وَمُضِلَّاتِ الْفِتّنِ، وجَعَلَنِي وَإِيَّاكُمْ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ.

 

الَّلهُمَّ اِحْمِ بِلَادَنَا وَسَائِرَ بِلَادِ الإِسْلَامِ مِنَ الفِتَنِ، وَالمِحَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَن، الَّلهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا، لِمَا تُحِبُ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، الَّلهُم ارْفَعْ رَايَةَ السُّنَّةِ، وَاِقْمَعْ رَايَةَ البِدْعَةِ، الَّلهُمَّ احْقِنْ دِمَاءَ أَهْلِ الإِسْلَامِ فِي كُلِّ مَكَانٍ. «اللهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا الَّتِي فِيهَا مَعَادُنَا، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ».

 

اللَّهُمَّ اُنْصُرِ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى حُدُودِ بِلَادِنَا، وَاِرْبِطْ عَلَى قُلُوبِهِمْ، وَثَبِّتْ أَقْدَامَهُمْ، وَانصُرْهُمْ عَلَى الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ. اللهُمَّ أَكْثِرْ أَمْوَالَ مَنْ حَضَرَ، وَأَوْلَادَهُمْ، وَأَطِلْ عَلَى الْخَيْرِ أَعْمَارَهُمْ، وَأَدْخِلْهُمُ الْجَنَّةَ.

 

رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.

سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ، وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ. وَقُومُوا إِلَى صَلَاتِكمْ يَرْحَمكُمُ اللهُ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • المولد النبوي
  • المولد النبوي
  • حكم الاحتفال بالمولد النبوي
  • المولد النبوي
  • رسالة لكل من يحتفل بالمولد النبوي أو يرى جواز الاحتفال به
  • المولد النبوي (١٤٤٣هـ) (خطبة)
  • بمولده نصر الله العرب المشركين على النصارى أهل الثالوث الصليبيين حفاظا على بلد الله الأمين
  • بدعة الاحتفال بالمولد النبوي
  • خطبة المولد

مختارات من الشبكة

  • خطبة (المولد النبوي)(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • فضل زيارة المسجد الحرام والمسجد النبوي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الهدي النبوي في التربية والتعليم: بعض سماته وأساليبه(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • جوامع الكلم النبوي: دراسة في ثراء المعاني من حديث النغير(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تحرير قدر الصاع النبوي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • دروس وعبر وفوائد من السيرة النبوية (2) المولد النبوي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مسلمو ديربي يثقفون الناس عن الإسلام تزامنا مع ذكرى المولد النبوي(مقالة - المسلمون في العالم)
  • مخترع المولد النبوي(مقالة - موقع الشيخ أحمد بن حسن المعلِّم)
  • مسائل في الكلام عن المولد النبوي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المولد النبوي(محاضرة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بعد ست سنوات من البناء.. افتتاح مسجد أوبليتشاني في توميسلافغراد
  • مدينة نازران تستضيف المسابقة الدولية الثانية للقرآن الكريم في إنغوشيا
  • الشعر والمقالات محاور مسابقة "المسجد في حياتي 2025" في بلغاريا
  • كوبريس تستعد لافتتاح مسجد رافنو بعد 85 عاما من الانتظار
  • 57 متسابقا يشاركون في المسابقة الرابعة عشرة لحفظ القرآن في بلغاريا
  • طلاب هارفارد المسلمون يحصلون على مصلى جديد ودائم بحلول هذا الخريف
  • المعرض الرابع للمسلمين الصم بمدينة دالاس الأمريكية
  • كاتشابوري تحتفل ببداية مشروع مسجد جديد في الجبل الأسود

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 27/2/1447هـ - الساعة: 9:48
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب