• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    تفسير: (وقالوا نحن أكثر أموالا وأولادا وما نحن ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    الإسلام أمرنا بدعوة وجدال غير المسلمين بالحكمة ...
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    أسباب الحقد والطرق المؤدية له
    شعيب ناصري
  •  
    خطبة: أشبعوا شبابكم من الاحترام
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    وثلاث حثيات من حثيات ربي
    إبراهيم الدميجي
  •  
    ذكر الله يرطب اللسان
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    خطبة: الذكاء الاصطناعي
    د. فهد القرشي
  •  
    الجمع بين حديث "من مس ذكره فليتوضأ"، وحديث "إنما ...
    عبد السلام عبده المعبأ
  •  
    ألا إن سلعة الله غالية (خطبة)
    ساير بن هليل المسباح
  •  
    خطبة المولد
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    خطبة: فضل عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    النهي عن التشاؤم (خطبة)
    أحمد إبراهيم الجوني
  •  
    التقوى خير زاد
    د. عبد الرقيب الراشدي
  •  
    روايات عمرو بن شعيب عن جده: دراسة وتحقيق (PDF)
    د. غمدان بن أحمد شريح آل الشيخ
  •  
    الحمد لله (3) حمد الله تعالى نفسه
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    المؤمنون حقا (خطبة)
    الشيخ الحسين أشقرا
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

خطبة: ولا يحقره..

الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 27/1/2018 ميلادي - 11/5/1439 هجري

الزيارات: 24309

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

خطبة: (ولا يحقره..)

 

أَمَّا بَعدُ، فَـ ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 21].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، دِينُنَا الرَّبَّانِيُّ العَظِيمُ، لم يَكُنْ دِينَ مَسجِدٍ فَحَسبُ، يُؤَدِّي مُعتَنِقُهُ رَكَعَاتٍ وَيُومِئُ بِسَجَدَاتٍ، أَو يَعقِدُ أَنَامِلَهُ بِتَسبِيحَاتٍ وَيَرفَعُ يَدَيهِ بِدَعَوَاتٍ، ثم يَنطَلِقُ بَعدَ ذَلِكَ لِيَعِيشَ حَيَاةً أُخرَى مُغَايِرَةً، تَستَعبِدُهُ فِيهَا نَفسٌ أَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ، أَو يُسَيِّرُهُ هَوًى مُتَّبَعٌ، أَو يُؤُزُّهُ شَيطَانٌ رَجِيمٌ، أَو تَقُودُهُ عَادَاتٌ سَيِّئَةٌ، أو تَتَحَكَّمُ فِيهِ مُؤَثِّرَاتٌ قَاهِرَةٌ أَو شَهَوَاتٌ غَالِبَةٌ.

 

نَعَم - أَيُّهَا الإِخوَةُ - إِنَّ في دِينِنَا مِنَ المَبَادِئِ وَالقِيَمِ وَالأَخلاقِ، مَا يُنَظِّمُ حَيَاةَ المَرءِ مُنذُ أَن يُوجَدَ عَلَى هَذِهِ الدُّنيَا حَتى يُرَدَّ إِلى رَبِّهِ، وَكُلَّمَا كَانَ الإِنسَانُ مُتَمَسِّكًا بِهَذِهِ المَبَادِئِ العَظِيمَةِ، مُتَشَبِّعًا مِن تِلكَ القِيَمِ النَّبِيلَةِ، مُنطَوِيًا قَلبُهُ عَلَى أَحسَنِ الأَخلاقِ وَأَجمَلِ الشِّيَمِ، كَانَ ذَلِكَ هُوَ حَظَّهَ مِنَ الخَيرِ، وَكُلَّمَا كَانَ العَكسُ وَفَرَّطَ المُسلِمُ في مَبَادِئِ دِينِهِ وَقِيَمِهِ وَأَخلاقِهِ، كَانَ ذَلِكَ حَظَّهُ مِنَ الشَّرِّ، قَالَ – صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " أَلا أُخبِرُكُم بِخَيرِكُم مِن شَرِّكُم؟ خَيرُكُم مَن يُرجَى خَيرُهُ وَيُؤمَنُ شَرُّهُ، وَشَرُّكُم مَن لا يُرجَى خَيرُهُ وَلا يُؤمَنُ شَرُّهُ " رَوَاهُ أَحمَدُ وَالتِّرمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَقَالَ – عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " خِيَارُكُم أَحَاسِنُكُم أَخلاقًا، المُوَطَّؤُونَ أَكنَافًا، وَشِرَارُكُم الثَّرثَارُونَ المُتَفَيهِقُونَ المُتَشَدِّقُونَ " رَوَاهُ البَيهَقِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَقَالَ – عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " إِنَّ شَرَّ النَّاسِ مَنزِلَةً عِندَ اللهِ يَومَ القِيَامَةِ مَن تَرَكَهُ النَّاسُ اتِّقَاءَ فُحشِهِ " مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. وَكَمَا أَنَّ لِلأَخلاقِ الحَسَنَةِ أُصُولاً تَجمَعُ أَطرَافَهَا وَتَلُمُّ شَعَثَهَا، فَإِنَّ لِلأَخلاقِ السَّيِّئَةِ حُفَرًا وَمَهَاوِيَ وَمُستَنقَعَاتٍ، مَتَى مَا سَقَطَ فِيهَا الفَردُ، كَانَ حَرِيًّا بِتَشَرُّبِ مَا يَصُبُّ فِيهَا مِن شَرٍّ، وَمِن تِلكُمُ الأَخلاقِ السَّيِّئَةِ القَبِيحَةِ، الَّتِي تُوقِعُ المُتَّصِفَ بِهَا في جَرَائِمَ بَشِعَةٍ في حَقِّ إِخوَانِهِ المُسلِمِينَ، خُلُقُ احتِقَارِ المُسلِمِ لأَخِيهِ المُسلِمِ.

 

نَعَم – أَيُّهَا الإِخوَةُ – احتِقَارُ المُسلِمِ وَاستِصغَارُهُ، وَالاستِخفَافُ بِهِ وَازدِرَاؤُهُ، فَعَن هَذَا الخُلُقِ القَبِيحِ تَصدُرُ كَبَائِرُ وَجَرَائِمُ وَمُوبِقَاتٌ، فَيَقتُلُ المُسلِمُ المُسلِمَ، وَيَتَنَاوَلُ عِرضَهُ وَيَهتِكُهُ، وَيَعتَدِي عَلَيهِ في مَالِهِ فَيَسلُبُهُ، وَيَظلِمُهُ وَيَبغي عَلَيهِ وَيَخذُلُهُ، وَيَكذِبُهُ وَيَغُشُّهُ وَيَخدَعُهُ، قَالَ – صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: " المُسلِمُ أَخُو المُسلِمِ، لا يَظلِمُهُ وَلا يَخذُلُهُ، وَلا يَكذِبُهُ وَلا يَحقِرُهُ، التَّقوَى هَاهُنَا - وَيُشِيرُ إِلى صَدرِهِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ - بِحَسْبِ امرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحقِرَ أَخَاهُ المُسلِمَ، كُلُّ المُسلِمِ عَلَى المُسلِمِ حَرَامٌ: دَمُهُ ومَالُهُ وَعِرضُهُ " رَوَاهُ مُسلِمٌ. وَقَولُهُ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " بِحَسبِ امرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَن يَحقِرَ أَخَاهُ المُسلِمَ " يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَو لم يَكُنْ في الإِنسَانِ مِن خِلالِ الشَّرِّ وَرَذَائِلِ الأَخلاقِ إِلاَّ أَن يَحقِرَ أَخَاهُ المُسلِمَ لَكَانَ كَافِيًا، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى عِظَمِ إِثمِ مَن يَحقِرُ إِخوَانَهُ المُسلِمِينَ وَيَزدَرِيهِم تَكَبُّرًا عَلَيهِم وَعُلُوًّا.

 

إِنَّ مِن شَأنِ المُسلِمِ المُعَظِّمِ لأَخِيهِ المُسلِمِ، الرَّاعِي لِحُرمَتِهِ المُقَدِّرِ لِشَخصِهِ، أَن يُوصِلَ إِلَيهِ النَّفعَ بِكُلِّ صُوَرِهِ، وَيَكُفَّ عَنهُ الضَّررَ بكل أَشكَالِهِ، وَيُحِبَّ لَهُ مِنَ الخَيرِ مَا يُحِبُّهُ لِنَفسِهِ. وَتَاللهِ مَا تَمَادَى النَّاسُ اليَومَ في ظُلمِ إِخوَانِهِم وَخِذلانِهِم، وَالكَذِبِ عَلَيهِم وَغِشِّهِم، وَالوُقُوعِ في أَعرَاضِهِم وَاتِّهَامِهِم بِمَا لَيسَ فِيهِم، وَسَبِّهِم وَشَتمِهِم وَتَعيِيرِهِم، وَهَمزِهِم وَلَمزِهِم وَنَبزِهِم بِالأَلقَابِ، إِلاَّ حِينَ امتَلأَتِ الصُّدُورُ بِالكِبرِ وَالتَّعَاظُمِ وَالخُيَلاءِ، وَلم تَمتَلِئِ العُيُونُ بِمَن أَمَامَهَا احتِقَارًا لَهُم وَازدِرَاءً وَاستِصغَارًا، وَلِذَا قَرَنَ النَّبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ – بَينَ هَاتَينِ الخَصلَتَينِ القَبِيحَتَينِ، حَيثُ قَالَ فِيمَا رَوَاهُ مُسلِمٌ: " الكِبرُ بَطَرُ الحَقِّ وَغَمطُ النَّاسِ " وَغَمطُ النَّاسِ هُوَ الطَّعنُ فِيهِم وَالإِزرَاءُ عَلَيهِم، وَازدِرَاؤُهُم وَالسُّخرِيَةُ بِهِم، وَالمُتَكَبِّرُ يَنظُرُ إِلى نَفسِهِ بِعَينِ الكَمَالِ، وَإِلى غَيرِهِ بِعَينِ النَّقصِ، وَلِذَا فَهُوَ يَستَخِفُّ بِهِم وَيُهِينُهُم، وَيَستَصغِرُهُم وَيُذِلُّهُم، وَلا يَعبَأُ بِهِم وَلا يَهتَمُّ بِشَأنِهِم، بَل لا يَرَاهُم أَهلاً لأَنْ يَقُومَ بِحُقُوقِهِم، وَلا أَن يَقبَلَ مِن أَحَدٍ مِنهُمُ الحَقَّ إِذَا أَورَدَهُ عَلَيهِ. وَإِنَّهُ لَعَجِيبٌ أَن يَرفَعَ اللهُ شَأنَ الإِنسَانُ فَيَخلُقَهُ في أَحسَنِ تَقوِيمٍ، وَيُسَخِّرَ لَهُ مَا في السَّمَاوَاتِ وَالأَرضِ، وَيُكرِمَهُ بِالعَقَلِ وَالسَّمعِ وَالبَصَرِ، وَيَجعَلَ مِن جِنسِهِ الأَنبِيَاءَ وَالمُرسَلِينَ، ثم يَحقِرَهُ إِنسَانٌ مِثلُهُ، إِنسَانٌ ضَعِيفٌ مِسكِينٌ، لم يَخلُقْ نَفسَهُ وَلم يُوجِدْهَا، وَلم يَختَرْ لَهَا أَصلاً وَلا فَصلاً، وَلا نَسَبًا وَلا حَسَبًا، وَلا لَونًا وَلا جِنسًا، بَل وَلا يَملِكُ لِنَفسِهِ وَلا لِغَيرهِ نَفعًا وَلا ضَرًّا، وَلا مَوتًا وَلا حَيَاةً وَلا بَعثًا وَلا نُشُورًا!!

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، إِنَّ المُسلِمَ المُتَوَاضِعَ اللَّيِّنَ الجَانِبِ لإِخوَانِهِ، يَرَى كُلَّ وَاحِدٍ مِنهُم بِعَينِ الإِكبَارِ وَالإِجلالِ، يُعَظِّمُهُ وَيُوَقِّرُهُ، وَيُنزِلُهُ مَنزِلَتَهُ اللاَّئِقَةَ بِهِ، وَمِن ثَمَّ فَإِنَّهُ لا يُرَى بَينَهُم إِلاَّ مَحبُوبًا مَمدُوحًا، مَدعُوًّا لَهُ بِالخَيرِ مَذكُورًا بِهِ، مَحفُوظًا حَقُّهُ مَصُونًا عِرضُهُ، وَأَمَّا الشَّامِخُ بِأَنفِهِ المُصَعِّرُ خَدَّهُ، المُستَكبِرُ عَلَى غَيرِهِ المُحتَقِرُ لِمَن حَولَهُ، فَإِنَّهُ لا يَعِيشُ في النَّاسِ إِلاَّ مَكرُوهًا مَذمُومًا، مَدعُوًّا عَلَيهِ مَهتُوكًا عِرضُهُ، بَل إِنَّهُ لا يُعَامَلُ مِنَ النَّاسِ إِلاَّ بِمِثلِ خُلُقِهِ، فَهُم لا يَفتَؤُونَ يَتَكَبَّرُونَ عَلَيهِ، وَيَرَونَهُ مَهِينًا حَقِيرًا وَإِنَّ تَرَفَّعَ وَتَعَالى.

 

أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ – أَيُّهَا المُسلِمُونَ – وَلْنَخفِضِ الجَنَاحَ لِلمُؤمِنِينَ، فَقَد أَمَرَ اللهُ بِذَلِكَ نَبِيَّهُ فَقَالَ: ﴿ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الحجر: 88] وَلْنَحذَرِ التَّعَالِيَ وَالتَّعَاظُمَ عَلَى النَّاسِ مَهمَا احتَقَرَتهُم أَعيُنُنَا أَو صَغُرَ شَأنُهُم في الظَّاهِرِ؛ فَقَدِ استَهَانَ إِبلِيسُ بِآدَمَ وَسَخِرَ مِنهُ قَائِلاً: ﴿ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ ﴾ [الأعراف: 12] فَبَاءَ بِالخَسَارَةِ وَالخِذلانِ وَأَبعَدَهُ اللهُ ﴿ قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ ﴾ [الأعراف: 13] وَالمِيزَانُ عِندَ اللهِ التَّقوَى، وَالتَّقوَى مَحَلُّهَا القَلبُ، وَاللهُ أَعلَمُ بِمَنِ اتَّقَى، قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " كَم مِن أَشعَثَ أَغبَرَ ذِي طِمرَينِ لا يُؤبَهُ لَهُ، لَو أَقسَمَ عَلَى اللهِ لأَبَرَّهُ " رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ. وَالحَذَرَ الحَذَرَ مِن رُؤيَةِ النَّفسِ وَالاستِهزَاءِ بِالآخَرِينَ وَتَحقِيرِهِم مَهمَا كَانَ أَحَدُنَا مُطِيعًا لِرَبِّهِ مُنعَمًا عَلَيهِ في نَفسِهِ، فَإِنَّهُ رُبَّمَا كَانَ تَحقِيرُهُ وَاستِهزَاؤُهُ بِإِخوَانِهِ سَبَبًا في انتِكَاسِهِ وَزَوَالِ نِعمَةِ اللهِ عَنهُ، فَقَد رَوَى مُسلِمٌ أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - حَدَّثَ " أَنَّ رَجُلاً قَالَ: وَاللهِ لا يَغفِرُ اللهُ لِفُلانٍ. وَإِنَّ اللهَ - تَعَالى - قَالَ: مَن ذَا الَّذِي يَتَأَلَّى عَلَيَّ أَلاَّ أَغفِرَ لِفُلاَنٍ؟! فَإِنِّي قَد غَفَرتُ لِفُلانٍ وَأَحبَطتُ عَمَلَكَ " أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ: ﴿ وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ﴾ [لقمان: 18].

♦♦ ♦♦ ♦♦

 

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ – تَعَالى - وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ * وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [الحشر: 18، 19].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، احتِقَارُ النَّاسِ وَازدِرَاؤُهُم وَالتَّكَبُّرُ عَلَيهِم وَالتَّعَاظُمُ أَمَامَهُم وَاستِصغَارُهُم، لا يَصدُرُ إِلاَّ مِن جَاهِلٍ بِرَبِّهِ وَجَاهِلٍ بِنَفسِهِ، وَأَمَّا مَنِ امتَلأَ قَلبُهُ عِلمًا بِاللهِ، وَازدَادَ مَعرِفَةً بِأَسمَائِهِ وَصِفَاتِهِ، وَأَجَلَّ رَبَّهُ وَعَظَّمَهُ وَأَحَبَّ لِقَاءَهُ، وَعَرَفَ بَعدَ ذَلِكَ نَفسَهُ عَلَى حَقِيقَتِهَا وَأَدرَكَ قِيمَتَهَا، وَاطَّلَعَ عَلَى عُيُوبِهَا وَآفَاتِهَا، وَاستَشعَرَ نَقصَهَا وَما يَعتَرِيهَا مِن ضَعفٍ، فَإِنَّهُ يَمتَلِئُ إِيمَانًا بِقُوَّةِ اللهِ وَيَزدَادُ خُشُوعًا، وَيَنكَسِرُ قَلبُهُ لِخَالِقِهِ انقِيَادًا وَخُضُوعًا، وَيَخفِضُ جَنَاحَ الذُّلِّ لِعِبَادِ اللهِ تَوَاضُعًا، وَتَعمُرُ جَوَانِحَهُ الرَّحمَةُ بِهِم وَالشَّفَقَةُ عَلَيهِم احتِسَابًا لِمَا عِندَ اللهِ.

 

أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ – أَيُّهَا الإِخوَةُ - وَلْنَعلَمْ أَنَّ الزَّمَانَ لا يَثبُتُ عَلَى حَالٍ، وَالدُّنيَا لا تَدُومُ عَلَى شَأنٍ، فَتَارَةً فَقرٌ وَتَارَةً غِنًى، وَحِينًا عِزٌّ وَحِينًا ذُلٌّ، وَآنًا صِحَّةٌ وَعَافِيَةٌ، وَآنًا مَرَضٌ وَابتِلاءُ، وَلَكِنَّ السَّعِيدَ مَن لازَمَ أَصلاً وَاحِدًا عَلَى كُلِّ حَالٍ، أَلا وَهُوَ تَقوَى اللهِ وَالتَّوَاضُعُ وَحُسنُ الخُلُقِ في كُلِّ حِينٍ، فَهَذَا الَّذِي يَزِينُ العَبدَ وَيَبقَى مَعَهُ؛ إِذْ بِالتَّقوَى يَكمُلُ قِيَامُهُ بِحُقُوقِ اللهِ، وَبِحُسنِ الخُلُقِ يَكمُلُ قِيَامُهُ بِحُقُوقِ عِبَادِهِ، قَالَ – تَعَالى -: ﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [آل عمران: 133، 134] وَعَن أَبي هُرَيرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - عَن أَكثَرِ مَا يُدخِلُ النَّاسَ الجَنَّةَ. فَقَالَ: " تَقوَى اللهِ وَحُسنُ الخُلُقِ " الحَدِيثَ رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ. وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " مَا مِن شَيءٍ يُوضَعُ في المِيزَانِ أَثقَلُ مِن حُسنِ الخُلُقِ، وَإِنَّ صَاحِبَ حُسنِ الخُلُقِ لَيَبلُغُ بِهِ دَرَجَةَ صَاحِبِ الصَّومِ وَالصَّلاةِ " رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " مَا نَقَصَت صَدَقَةٌ مِن مَالٍ، وَمَا زَادَ اللهُ عَبدًا بِعَفوٍ إِلاَّ عِزًّا، وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ للهِ إِلاَّ رَفَعَهُ اللهُ " رَوَاهُ مُسلِمٌ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • مؤسساتنا وثقافة الإهانة والتحقير
  • خطبة: الله أحق أن يستحيى منه
  • خطبة: الدعاء
  • "ولا يحقره" (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • خطبة: أشبعوا شبابكم من الاحترام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: الذكاء الاصطناعي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ألا إن سلعة الله غالية (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المولد(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • خطبة: فضل عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • النهي عن التشاؤم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المؤمنون حقا (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عام دراسي أطل (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: مواسمنا الإيمانية منهج استقامة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من أسباب النصر والتمكين (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بعد ست سنوات من البناء.. افتتاح مسجد أوبليتشاني في توميسلافغراد
  • مدينة نازران تستضيف المسابقة الدولية الثانية للقرآن الكريم في إنغوشيا
  • الشعر والمقالات محاور مسابقة "المسجد في حياتي 2025" في بلغاريا
  • كوبريس تستعد لافتتاح مسجد رافنو بعد 85 عاما من الانتظار
  • 57 متسابقا يشاركون في المسابقة الرابعة عشرة لحفظ القرآن في بلغاريا
  • طلاب هارفارد المسلمون يحصلون على مصلى جديد ودائم بحلول هذا الخريف
  • المعرض الرابع للمسلمين الصم بمدينة دالاس الأمريكية
  • كاتشابوري تحتفل ببداية مشروع مسجد جديد في الجبل الأسود

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 27/2/1447هـ - الساعة: 12:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب