• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    السنة في حياة الأمة (1)
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    خطبة: عاشوراء
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    تفسير: (قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    الدرس التاسع والعشرون فضل ذكر الله
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    وجوب إعفاء اللحية وتحريم حلقها ووجوب قص الشارب
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    وبشر الصابرين..
    إلهام الحازمي
  •  
    أشنع جريمة في التاريخ كله
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    تحريم الاستعاذة بغير الله تعالى فيما لا يقدر عليه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    البخل سبب في قطع البركة
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    قصة المنسلخ من آيات الله (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    نعمة الأولاد (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    خطبة (المسيخ الدجال)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    وقفات تربوية مع سورة العاديات
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    من أسباب الثراء الخفية
    د. عبدالله بن يوسف الأحمد
  •  
    قبسات من علوم القرآن (1)
    قاسم عاشور
  •  
    ﴿ ولقد صدقكم الله وعده ﴾
    د. خالد النجار
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

خطبة: وتحبون المال حبا جما

خطبة: وتحبون المال حبا جما
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 20/1/2018 ميلادي - 4/5/1439 هجري

الزيارات: 36228

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

وتحبون المال حبًّا جمًّا

 

أَمَّا بَعدُ، فَـ ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 21].

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، مِن أَكثَرِ مَا يَشغَلُ النَّاسَ في هَذَا الزَّمَانِ، طَلَبُ المَالِ وَجَمعُهُ وَالاستِزَادَةُ مِنهُ، وَالتَّفكِيرُ فِيمَا يَجعَلُهُ مُتَوَفِّرًا في الأَيدِي في كُلِّ وَقتٍ، وَيُيَسِّرُ تَحصِيلَهُ وَالتَّصَرُّفَ فِيهِ بِحَسَبِ الرَّغَبةِ، وَإِنَّهُ لَيَقِلُّ أَن تَجلِسَ اليَومَ في مَجلِسٍ أَو تَغشَى مُجتَمَعًا، إِلاَّ وَجَدتَ جُلَّ الحَدِيثِ عَنِ المَالِ وَالغِنى، وَأَلفَيتَ مَدَارَ النِّقَاشِ مَا يَدخُلُ عَلَى الفَردِ وَمَا يُنفِقُهُ، مَعَ الإِغرَاقِ في تَحلِيلِ الشُّؤُونِ المَالِيَّةِ وَمَدَى ثَبَاتِهَا أَو تَذَبذُبِهَا، وَالتَّعَرُّضِ لِلقَضَايَا الاقتِصَادِيَّةِ وَاستِشرَافِ مَا تَصِيرُ إِلَيهِ مَصَادِرُهَا وَالتَّحَدِّي الَّذِي يُوَاجِهُهَا. وَمَا يَزالُ النَّاسُ يَتَرَقَّبُونَ وَيَسأَلُونَ وَيَستَفسِرُونَ، وَيَسبَحُونَ في الأُمنِيَّاتِ وَالأَحلامِ، آمِلِينَ صُدُورَ عَلاوَةٍ في رَاتِبٍ، أَو زِيَادَةٍ في مُكَافَأَةٍ، أَو تَخفِيضِ ثَمَنِ بِضَاعَةٍ، أَو إِرخَاصِ سِعرِ سِلعَةٍ، وَتَجِفُ القُلُوبُ وَتَرجِفُ مَعَ كُلِّ تَغَيُّرٍ اقتِصَادِيٍّ، وَتُقَطِّبُ الوُجُوهُ مَعَ كُلِّ نَقصٍ في عَطَاءٍ، وَتَبتَسِمُ الأَفوَاهُ مَعَ كُلِّ هِبَةٍ، وَتَتَّسِعُ الصُّدُورُ بِكُلِّ زِيَادَةٍ. وَهَذَا الحِرصُ عَلَى المَالِ وَحُبُّهُ، وَاستِشرَافُ النُّفُوسِ إِلَيهِ وَتَطَلُّعُهَا إِلى وَفرَتِهِ، وَرَغبَتُهَا في زِيَادَتِهِ وَالاستِكثَارِ مِنهُ، كُلُّ ذَلِكَ في الحَقِيقَةِ جِبِلَّةٌ إِنسَانِيَّةٌ، وَفِطرَةٌ مَغرُوسَةٌ في قَلبِ ابنِ آدَمَ، قَالَ – جَلَّ وَعَلا -: ﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ ﴾ [آل عمران: 14] وَقَالَ – تَعَالى -: ﴿ وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَمًّا * وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا ﴾ [الفجر: 19، 20] وَقَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا ﴾[المعارج: 19 - 21] وَقَالَ – جَلَّ وَعَلا -: ﴿ وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ ﴾ [العاديات: 8] وَفي الصَّحِيحَينِ قَالَ – صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: "يَهرَمُ ابنُ آدَمَ وَتَشِبُّ مِنهُ اثنَتَانِ: الحِرصُ عَلَى المَالِ وَالحِرصُ عَلَى العُمُرِ" وَفِيهِمَا أَيضًا: "لَو كَانَ لابنِ آدَمَ وَادِيَانِ مِن مَالٍ لابتَغَى ثَالِثًا، وَلا يَملأُ جَوفَ ابنِ آدَمَ إِلاَّ التُّرَابُ، وَيَتُوبُ اللهُ عَلَى مَن تَابَ " أَجَل – أَيُّهَا الإِخوَةُ – إِنَّ المَالَ مَحبُوبٌ لِلنُّفُوسِ، وَهِيَ مَجبُولَةٌ عَلَى جَمعِهِ وَالضَّنِّ بِهِ وَالشُّحِّ، وَلِذَا كَانَ مِنَ البِرِّ وَعَلامَاتِ التُّقَى وَصِدقِ الإِيمَانِ أَن يُخَالِفَ العَبدُ هَوَى النَّفسِ وَطَبِيعَتَهَا، فَيُنفِقَ المَالَ وَيَجُودَ بِهِ مَعَ حُبِّهِ، قَالَ – سُبحَانَهُ -: ﴿ لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 177] وَقَالَ – جَلَّ وَعَلا -: ﴿ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ﴾ [آل عمران: 92] وَقَالَ – تَعَالى -: ﴿ وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا ﴾ [الإنسان: 8].

 

وَمَعَ أَنَّ الحِرصَ مِن طَبَائِعِ النُّفُوسِ، إِلاَّ أَنَّ الاندِفَاعَ مَعَهَا فِيهِ، مِمَّا يَجلِبُ لَهَا الشَّرَّ وَيَمنَعُهَا كَثِيرًا مِنَ الخَيرِ، فَقَد حَرَصَ آدَمُ عَلَى الأَكلِ مِنَ الشَّجَرَةِ، فَأَخرَجَهُ اللهُ مِنَ الجَنَّةِ، ثم لم يَزَلِ الحِرصُ مِن بَعدِ ذَلِكَ مِن أَسبَابِ فَسَادِ دِينِ المَرءِ وَطُولِ هَمِّهِ، وَتَشَتُّتِ قَلبِهِ وَاستِمرَارِ غَمِّهِ، فَعِندَ أَحمَدَ وَالتِّرمِذِيِّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: "مَا ذِئبَانِ جَائِعَانِ أُرسِلا في غَنَمٍ بِأَفسَدَ لَهَا مِن حِرصِ المَرءِ عَلَى المَالِ وَالشَّرَفِ لِدِينِهِ" وَقَالَ – عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: "مَن كَانَتِ الدُّنيَا هَمَّه، فَرَّقَ اللهُ عَلَيهِ أَمرَهُ، وَجَعَلَ فَقرَهُ بَينَ عَينَيهِ، وَلم يَأتِهِ مِنَ الدُّنيَا إِلاَّ مَا كُتِبَ لَهُ، وَمَن كَانَتِ الآخِرَةُ نِيَّتَهُ، جَمَعَ اللهُ لَهُ أَمرَهُ، وَجَعَلَ غِنَاهُ في قَلبِهِ، وَأَتَتهُ الدُّنيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ" رَوَاهُ أَحمَدُ وَابنُ مَاجَه وَاللَّفظُ لَهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَأَمَّا أَضَرُّ مَا يَكُونُ الحِرصُ وَأَسوَؤُهُ وَأَخبَثُهُ، فَهُوَ مَا يَصِلُ بِالنَّاسِ إِلى أَن تَكُونَ مَوَالاتُهُم في المَالِ وَمُعَادَاتُهُم لأَجلِهِ، وَرِضَاهُم عَلَى المُعطِي بِقَدرِ عَطَائِهِ وَسُخطُهُم عَلَى المَانِعِ بِقَدرِ مَنعِهِ، وَسُؤَالُهُم إِيَّاهُ تَكَثُّرًا، وَإِرَاقَةُ مَاءِ وُجُوهِهِمُ استِجدَاءً لِقَلِيلِهِ، وَأَن يُصَاحِبُوا الأَغنِيَاءَ وَيُجَامِلُوهُم وَيَسعَوا في خِدمَتِهِم وَإِرضَائِهِم وَلَو كَانُوا مِن أَفجَرِ خَلقِ اللهِ، وَيَزهَدُوا في الفُقَرَاءِ وَالمُقَلِّينَ وَيَحتَقِرُوهُم وَلَو كَانُوا مِن أَتقَى عِبَادِ اللهِ، وَهَذِهِ وَاللهِ هِيَ التَّعَاسَةُ الَّتي مَا بَعدَهَا تَعَاسَةٌ، وَالشَّقَاءُ الَّذِي لا شَقَاءَ بَعدَهُ، قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: "تَعِسَ عَبدُ الدِّينَارِ وَعَبدُ الدِّرهَمِ وَعَبدُ الخَمِيصَةِ، إِنْ أُعطِيَ رَضِيَ وَإِنْ لم يُعطَ سَخِطَ، تَعِسَ وَانتَكَسَ وَإِذَا شِيكَ فَلا انتَقَشَ " رَوَاهُ البُخَارِيُّ. وَقَالَ – عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: "ثَلاثَةٌ لا يَنظُرُ اللهُ إِلَيهِم يَومَ القِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِم وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ: رَجُلٌ كَانَ لَهُ فَضلُ مَاءٍ بِالطَّرِيقِ فَمَنَعَهُ مِنِ ابنِ السَّبِيلِ، وَرَجُلٌ بَايَعَ إِمَامًا لا يُبَايِعُهُ إِلاَّ لِدُنيَا، فَإِنْ أَعطَاهُ مِنهَا رَضِيَ وَإِنْ لم يُعطِهِ مِنهَا سَخِطَ، وَرَجُلٌ أَقَامَ سِلعَتَهُ بَعدَ العَصرِ فَقَالَ وَاللهِ الَّذِي لا إِلَهَ غَيرُهُ لَقَد أُعطِيتُ بِهَا كَذَا وَكَذَا فَصَدَّقَهُ رَجُلٌ " رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ. وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " مَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَسأَلُ النَّاسَ حَتَّى يَأتيَ يَومَ القِيَامَةِ وَلَيسَ في وَجهِهِ مُزعَةُ لَحمٍ " رَوَاهُ مُسلِمٌ. وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " مَن سَأَلَ النَّاسَ أَموَالَهُم تَكَثُّرًا فَإِنَّمَا يَسأَلُ جَمرًا، فَلْيَستَقِلَّ أَو لِيَستَكثِرْ " رَوَاهُ مُسلِمٌ. أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ – أَيُّهَا المُسلِمُونَ – وَلْنَقنَعْ بما آتَانَا اللهُ وَلْنَسأَلْهُ البَرَكَةَ فِيهِ، وَحَذَارِ مِن إِضَاعَةِ الأَعمَارِ في طُولِ الأَمَانِيِّ وَمَدِّ الآمَالِ، فَقَد قَالَ رَبُّنَا – تَبَارَكَ وَتَعَالى -: ﴿ وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى * وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى ﴾ [طه: 131، 132].

 

♦♦ ♦♦ ♦♦

 

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ﴾ [الطلاق: 2، 3].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، لَو تَأَمَّلَ مُتَأَمِّلٌ في الغِنى وَمَا يَؤُولُ إِلَيهِ، لَوَجَدَ كَثِيرًا مِنهُ وَإِن كَانَ مَسَرَّةً في الدُّنيا وَسَعَةً وَرَاحَةً، إِلاَّ أَنَّهُ مَضَرَّةٌ في الآخِرَةِ وَضِيقٌ وَشَقَاءٌ، إِذْ لا يَخلُو أَصحَابُ الأَموَالِ مِن أَن يَكُونَ أَحَدُهُم قَد جَمَعَ المَالَ مِن حَرَامٍ وَأَنفَقَهُ في حَرَامٍ، أَو جَمَعَهُ مِن حَرَامٍ وَأَنفَقَهُ في حَلالٍ، أَو جَمَعَهُ مِن حَلالٍ وَأَنفَقَهُ في حَرَامٍ، أَو جَمَعَهُ مِن حَلالٍ وَأَنفَقَهُ في حَلالٍ، فَأَمَّا الثَّلاثَةُ الأَوَّلُونَ فَهُم بِأَموَالِهِم مُعَذَّبُونَ، وَأَمَّا الصَّنفُ الأَخِيرُ فَهُوَ مَوقُوفٌ وَمَسؤُولٌ، وَمُحَاسَبٌ عَن كُلِّ كَبِيرٍ وَصَغِيرٍ وَجَلِيلٍ وَحَقِيرٍ، مِن أَينَ اكتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنفَقَهُ؟! وَمَاذَا عَمِلَ فِيهِ؟! فَلَعَلَّهُ قَد ضَيَّعَ بِسَبَبِهِ فَرضًا أَو تَركَ وَاجِبًا، أَو تَشَاغَلَ عَن صَلاتِهِ أَو عَجَّلَ سُجُودَهَا وَرُكُوعَهَا، أَو ضَيَّعَ طُمَأنِينَتَهَا وَخُشُوعَهَا، أَو دَعَاهُ حُبُّهُ المَالَ لِلبُخلِ بِالزَّكَاةِ وَالصَّدَقَةِ، أَو تَركِ الحَجِّ وَالجِهَادِ مَعَ قُدرَتِهِ، أَو أَنفَقَ مَالَهُ في مُبَاهَاةٍ وَخُيَلاءَ وَسَرَفٍ وَتَبذِيرٍ، أَو فَرَّطَ فِيمَا أُمِرَ بِهِ مِن صِلَةِ الرَّحِمِ فِيهِ، أَو نَقَصَ حَقَّ جَارٍ أَو ضَيفٍ أَوِ ابنِ سَبِيلٍ. قَالَ – عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: "إِنَّمَا الدُّنيَا لأَربَعَةِ نَفَرٍ: عَبدٌ رَزَقَهُ اللهُ مَالاً وَعِلمًا، فَهُوَ يَتَّقِي فِيهِ رَبَّهُ، وَيَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ، وَيَعلَمُ للهِ فِيهِ حَقًّا، فَهَذَا بِأَفضَلِ المَنَازِلِ، وَعَبدٌ رَزَقَهُ اللهُ عِلمًا وَلم يَرزُقْهُ مَالاً، فَهًوَ صَادِقُ النِّيَّةِ، يَقُولُ لَو أَنَّ لي مَالاً لَعَمِلتُ بِعَمَلِ فُلانٍ، فَهُوَ بِنِيَّتِهِ فَأَجرُهُمَا سَوَاءٌ، وَعَبدٌ رَزَقَهُ اللهُ مَالاً وَلم يَرزُقْهُ عِلمًا، يَخبِطُ في مَالِهِ بِغَيرِ عِلمٍ، وَلا يَتَّقِي فِيهِ رَبَّهُ وَلا يَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ، وَلا يَعلَمُ للهِ فِيهِ حَقًّا، فَهَذَا بِأَخبَثِ المَنَازِلِ، وَعَبدٌ لم يَرزُقْهُ اللهُ مالاً وَلا عِلمًا، فَهُوَ يَقُولُ لَو أَنَّ لي مَالاً لَعَمِلتُ فِيهِ بِعَمَلِ فُلانٍ، فَهُوَ بِنِيَّتِهِ فَوِزرُهُمَا سَوَاءٌ " رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَابنُ مَاجَه وَقَالَ الأَلبَانيُّ: صَحِيحٌ لِغَيرِهِ. أَجَل – أَيُّهَا الإِخوَةُ – إِنَّ كَثرَةَ المَالِ إِذَا لم يَصحَبْهَا حُسنُ تَدبِيرٍ لَهُ، فَإِنَّهَا سَتَكُونُ حَسرَةً عَلَى صَاحِبِهَا وَوَبَالاً عَلَيهِ، فَفِي الصَّحِيحَينِ عَن أَبي ذَرٍّ – رَضِيَ اللهُ عَنهُ – قال: كُنتُ أَمشِي مَعَ النَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - في حَرَّةِ المَدِينَةِ فَاسْتَقْبَلَنَا أُحُدٌ، فَقَالَ: " يَا أَبَا ذَرٍّ " قُلتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: " مَا يَسُرُّني أَنَّ عِندِي مِثلَ أُحُدٍ هَذَا ذَهَبًا، تَمضِي عَلَيَّ ثَالِثَةٌ وَعِندِي مِنهُ دِينَارٌ إِلاَّ شَيئًا أَرصُدُهُ لِدَينٍ، إِلَّا أَن أَقُولَ بِهِ في عِبَادِ اللهِ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا عَن يَمِينِهِ وَعَن شِمَالِهِ وَمِن خَلفِهِ، ثُمَّ مَشَى فَقَالَ: " إِنَّ الأَكثَرِينَ هُمُ الأَقَلُّونَ يَومَ القِيَامَةِ إِلاَّ مَن قَالَ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا، عَن يَمِينِهِ وَعَن شِمَالِهِ وَمِن خَلفِهِ، وَقَلِيلٌ مَا هُم... " أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ، وَلْنَكُنْ بما عِندَهُ أَوثَقَ مِنَّا بما في أَيدِينَا وَبِما عِندَ النَّاسِ، وَلْنَحذَرِ الطَّمَعَ وَزِيَادَةَ الحِرصِ؛ فَإِنَّ شِدَّةَ الحِرصِ وَكَثرَةَ المَالِ لا تُكسِبُ الجَمَّاعَ الطَّمَّاعَ غِنًى حَقِيقِيًّا، وَلا تُزِيلُ عَنِ الشَّحِيحِ المَنَّاعِ صِفَةَ الفَقرِ، وَمَن تَجَاوَزَ الكَفَافَ لم يُغنِهِ إِكثَارُهُ، وَكَثرَةُ الأَمَانِيِّ تُعمِي الأَبصَارَ وَالبَصَائِرَ، وَلَرُبَّمَا طَابَ عَيشٌ بِكَفَافٍ، وَشَقِيَت أَجسَامٌ بِغِنًى، وَامتَلأَتِ النُّفُوسُ خَوفًا وَالقُلُوبُ وَجَلاً، وَتَثَلَّمَ دِينٌ وَذَهَبَت تَقوَى، وَالأَرزَاقُ مَكتُوبَةٌ ومَقَادِيرُ اللهِ غَالِبَةُ، لا تُنَالُ بِشِدَّةِ الحِرصِ وَالمُغَالَبَةِ، ولا تَزِيدُهَا كَثرَةُ الإِلحَاحِ وَالمُطَالَبَةِ، فَذَلِّلُوا لِلمَقَادِيرِ أنفُسَكُم، وَاعلَمُوا أَنَّكُم لن تنَالوا ولو حَرَصتُم إِلاَّ حَظَّكُم. عَن حَكِيمِ بنِ حِزَامٍ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ – قَالَ: سَأَلتُ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - فَأَعطَاني، ثُمَّ سَأَلتُهُ فَأَعطَاني، ثُمَّ سَأَلتُهُ فَأَعطَاني، ثُمَّ قَالَ: " يَا حَكِيمُ، إِنَّ هَذَا المَالَ خَضِرَةٌ حُلوَةٌ، فَمَن أَخَذَهُ بِسَخَاوَةِ نَفسٍ بُورِكَ لَهُ فِيهِ، وَمَن أَخَذَهُ بِإِشرَافِ نَفسٍ لم يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ، وَكَانَ كَالَّذِي يَأكُلُ وَلا يَشبَعُ، وَاليَدُ العُليَا خَيرٌ مِنَ اليَدِ السُّفلَى " قَالَ حَكِيمٌ: فَقُلتُ يَا رَسُولَ اللهِ، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ لا أَرزَأُ أَحَدًا بَعدَكَ شَيئًا حَتَّى أُفَارِقَ الدُّنيَا. فَكَانَ أَبُو بَكرٍ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - يَدعُو حَكِيمًا إِلى العَطَاءِ فَيَأبى أَن يَقبَلَهُ مِنهُ، ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - دَعَاهُ لِيُعطِيَهُ فَأَبى أَن يَقبَلَ مِنهُ شَيئًا، فَقَالَ عُمَرُ: إِنِّي أُشهِدُكُم يَا مَعشَرَ المُسلِمِينَ عَلَى حَكِيمٍ أَنِّي أَعرِضُ عَلَيهِ حَقَّهُ مِن هَذَا الفَيءِ فَيَأبى أَن يَأخُذَهُ، فَلَم يَرزَأْ حَكِيمٌ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ بَعدَ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى تُوُفِّيَ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • أكل المال الحرام
  • فتنة المال
  • الوعي المالي
  • البركة في المال
  • أخلاقيات التفاوض المالي
  • ادخار المال وتوفيره
  • خطبة: { ولا يغتب بعضكم بعضا }

مختارات من الشبكة

  • امرأة تحب العربية وتحبها العربية(مقالة - حضارة الكلمة)
  • خطبة: وعن ماله فيم أنفقه (إنفاق المال في المحرمات)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كيف تحب أن يرفع عملك؟! (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • {وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم} (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة عامل الناس بما تحب أن يعاملك الله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ألا تحبون أن يغفر الله لكم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ألا تحبون أن يغفر الله لكم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إنفاق المال طلبا لمرضاة الله تعالى(مقالة - موقع د. زيد بن محمد الرماني)
  • بركة المال الحلال، وتلف المال الحرام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عبروا عن مشاعر الحب والود لمن تحبون(مقالة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الزيادة المستمرة لأعداد المصلين تعجل تأسيس مسجد جديد في سانتا كروز دي تنريفه
  • ختام الدورة التاسعة لمسابقة "جيل القرآن" وتكريم 50 فائزا في سلوفينيا
  • ندوة في سارنيتسا تبحث تطوير تدريس الدين الإسلامي وحفظ التراث الثقافي
  • مشروع للطاقة الشمسية وتكييف الهواء يحولان مسجد في تيراسا إلى نموذج حديث
  • أكثر من 5000 متطوع مسلم يحيون مشروع "النظافة من الإيمان" في زينيتسا
  • في حفل مميز.. تكريم المتفوقين من طلاب المسلمين بمقاطعة جيرونا الإسبانية
  • ندوة دولية في سراييفو تبحث تحديات وآفاق الدراسات الإسلامية المعاصرة
  • النسخة الثانية عشرة من يوم المسجد المفتوح في توومبا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 7/1/1447هـ - الساعة: 15:12
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب