• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: علموا أولادكم كيف نتعامل مع المعلم
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    سلسلة شرح الأربعين النووية: الحديث (37) «إن الله ...
    عبدالعزيز محمد مبارك أوتكوميت
  •  
    قصة عجوز بني إسرائيل والمسائل المستنبطة منها
    عبدالستار المرسومي
  •  
    خدعوك فقالوا: قرآنيون! (خطبة)
    محمد موسى واصف حسين
  •  
    عدالة أبي بكرة وصحة حديث ولاية المرأة: دراسة ...
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    رحلة التعافي مع اسم الله الشافي
    د. صلاح عبدالشكور
  •  
    بيع الاستجرار
    عبدالرحمن بن يوسف اللحيدان
  •  
    بم تدرك الصلاة
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    أقوال العلماء في حكم التسمية قبل الوضوء داخل ...
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    آفة الاستعجال وأثرها في تأخر النصر
    د. عبدالله بن يوسف الأحمد
  •  
    إضاءات منهجية من بعض مواقف الإمام مالك العقدية
    محفوظ بن ضيف الله شيحاني
  •  
    آداب المساجد (خطبة)
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    خطبة: كيف يوفق الشباب إلى البركة وحسن العمل؟
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    الفتح المبين من درر اليقين (خطبة)
    السيد مراد سلامة
  •  
    القمة... واعتصموا بحبل الله جميعا (خطبة)
    يحيى سليمان العقيلي
  •  
    الأدلة العقلية على وجود الخالق جل وعلا
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / مواضيع عامة
علامة باركود

أيها الساهرون

أيها الساهرون
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 6/8/2016 ميلادي - 3/11/1437 هجري

الزيارات: 10916

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أيها الساهرون

 

أَمَّا بَعدُ، فَـ ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 21].

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، نِعَمُ اللهِ عَلَى العِبَادِ لا تُحصَى، وَمِنَنُهُ عَلَيهِم لا تُستَقصَى، بَل هِيَ مُتَتَابِعَةٌ لَيلاً وَنَهَارًا، عَامَّةٌ سِرًّا وَجِهَارًا، يَتَقَلَّبُونَ فِيهَا قَائِمِينَ قَاعِدِينَ رَاقِدِينَ، وَيَقتَطِفُونَهَا مُسَافِرِينَ أَو مُقِيمِينَ، وَيَجِدُونَهَا بَادِينَ أَو حَاضِرِينَ، وَمِن تِلكَ النِّعَمِ مَا هُوَ في نَفسِهِ آيَةٌ مِن آيَاتِ اللهِ البَاهِرَةِ، وَسُنَّةٌ مِن سُنَنَهِ المُحكَمَةِ القَاهِرَةِ، لا يَملِكُ العَبدُ حِيَالَهَا إِلاَّ التَّسلِيمَ وَالإِذعَانَ، وَاتِّبَاعَهَا وَعَدَمَ مُخَالَفَتِهَا، مِن ذَلِكُم نِعمَةُ النَّومِ، بل آيَةُ المَنَامِ بِالليلِ، حَيثُ جَعَلَ - تَعَالى - الليلَ لِبَاسًا وَسَكَنًا، لِتَهدَأَ فِيهِ الأَنفَاسُ وَتَسكُنَ الحَوَاسُّ، وَلِتَحصُلَ لِلأَجسَادِ الرَّاحَةُ وَالإِينَاسُ، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا * وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا ﴾ [النبأ: 9، 10] وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ ﴾ [الروم: 23]

 

نَعَم - أَيُّهَا الإِخوَةُ - لَقَد جَعَلَ اللهُ الليلَ لِلهُدُوءِ وَالسَّكَنِ وَالرَّاحَةِ، وَالنَّهَارَ لِلحَرَكَةِ وَالعَمَلِ وَالمَعَاشِ. وَلَمَّا كَانَتِ الأَجيَالُ تَسِيرُ عَلَى تِلكَ الفِطرَةِ السَّلِيمَةِ وَعَلَيهَا تَقُومُ حَيَاةُ النَّاسِ، كَانُوا أَهنَأَ عَيشًا وَأَقوَى أَجسَامًا، وَأَتَمَّ صِحَّةً وَأَوسَعَ صُدُورًا، وَأَقرَبَ لِلطَّاعَةِ وَأَبعَدَ عَنِ المَعصِيَةِ، وَلَكِنَّ عَوَارِضَ هَذِهِ الأَزمِنَةِ المُتَأَخِّرَةِ وَمَا أَكثَرَهَا، أَفسَدَتِ الفِطَرَ وَنَكَّسَتهَا، وَصَادَمَتِ السُّنَنَ وَعَارَضَتهَا، فَقَلَبَ أُنَاسٌ وَخَاصَّةً مِنَ الشَّبَابِ الفِطرَةَ، وَخَالَفُوا الطَّبِيعَةَ وَالسُّنَّةَ، فَصَارُوا في النَّهَارِ جِيَفًا مُنتِنَةً، وَفي الليلِ خَفَافِيشَ سَاهِرَةً، لا يَتَقَيَّدُونَ بِوَقتِ نَومٍ وَلا مَوعِدِ عِبَادَةٍ، وَلا يَرتَبِطُونَ بِسَاعَاتِ عَمَلٍ وَلا زَمَانِ مَعَاشٍ، لَكِنَّهُم عَبِيدُ رَغَبَاتٍ وَشَهَوَاتٍ، وَأَسرَى لِوَسَائِلِ تَوَاصُلٍ وَقَنَوَاتٍ. وَلَمَّا غَفَلَ الأَولِيَاءُ وَصَدَّ الآبَاءُ، وَتَهَاوَنُوا وَتَسَاهَلُوا، وَجَعَلُوا لا يَسأَلُونَ عَمَّن تَحتَ أَيدِيهِم وَلا يَرعَونَهُم، وَلا يَهتَمُّونَ بِتَنظِيمِ حَيَاتِهِم وَلا تَرتِيبِ شُؤُونِ عَيشِهِم، إِذْ ذَاكَ نُكِّسَت طِبَاعٌ وَتَغَيَّرَت أَوضَاعٌ، وَصَارَتِ الأَيَّامُ وَالليالي الَّتي هِيَ مَحَطَّاتُ الحَيَاةِ، وَالَّتي يُتَزَوَّدُ مِنهَا بِالطَّاعَاتِ وَتُكتَسَبُ فِيهَا الحَسَنَاتُ، صَارَت مَقلُوبَةً رَأسًا عَلَى عَقِبٍ، تُقضَى بَينَ سَهَرٍ عَلَى مَعصِيَةٍ، أَو سَمَرٍ عَلَى مُبَاحٍ غَيرِ نَافِعٍ، وَنَومٍ عَنِ الصَّلَوَاتِ وَتَثَاقُلٍ عَنِ الوَاجِبَاتِ، وَإِضَاعَةٍ لِلحُقُوقِ وَتَكَاسُلٍ عَنِ المَسؤُولِيَّاتٍ. لَن نَتَحَدَّثَ كَثِيرًا عَمَّا صَارَ عَلَيهِ لَيلُكُم في زَمَانِنَا - أَيُّهَا السَّاهِرُونَ -، وَلا عَمَّا يُعرَضُ فِيهِ عَلَيكُم وَلا مَا تُشَاهِدُونَ، وَلا أَينَ تَذهَبُونَ وَلا مَاذَا تَفعَلُونَ، فَكُلُّ ذَلِكَ مُحصًى مَحفُوظٌ في كِتَابٍ لا يُغَادِرُ صَغِيَرةً وَلا كَبِيرَةً إِلاَّ أَحصَاهَا، قَالَ - تَعَالى -: ﴿ وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا * اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا ﴾ [الإسراء: 13، 14]

 

نَعَم - أَيُّهَا السَّاهِرُونَ - لَن نُفَصِّلَ فِيمَا أَنتُم عَلَيهِ في لَيلِكُم، وَلَكِنَّنَا سَنَقُولُ لَكُم إِنَّكُم في جِهَةٍ وَهَديُ نَبِيِّكُم في جِهَةٍ أُخرَى، فَقَد كَانَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - يَنَامُ أَوَّلَ الليلِ وَيَقُومُ آخِرَهُ، وَيَكرَهُ النَّومَ قَبلَ العِشَاءِ وَالسَّهرَ وَالحَدِيثَ بَعدَهَا، فَفِي سُنَنِ ابنِ مَاجَه وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ عَن عَائِشَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنهَا - قَالَت: مَا نَامَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - قَبلَ العِشَاءِ وَلا سَمَرَ بَعدَهَا. وَعِندَ التِّرمِذِيِّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ عَن أَبي بَرزَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - قَالَ: كَانَ النَّبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - يَكرَهُ النَّومَ قَبلَ العِشَاءِ وَالحَدِيثَ بَعدَهَا. لَقَد كَانَ هَديُهُ - عَلِيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - هَذَا هُوَ أَكمَلَ الهَديِ وَأَشَدَّهُ مُوَافَقَةً لِلفِطرَةِ، عَدَا أَنَّ النَّومَ قَبلَ العِشَاءِ قَد يُؤَدِّي لِتَأخِيرِهَا عَن وَقتِهَا، وَالحَدِيثَ بَعدَهَا وَالسَّمَرَ رُبَّمَا كَانَ سَبَبًا لِتَركِ صَلاةِ الفَجرِ بِالكُلِّيَّةِ، أَو تَأخِيرِهَا عَن وَقتِهَا وَأَدائِهَا في غَيرِ جَمَاعَةٍ، وَإِذَا تَقَرَّرَ أَنَّ عِلَّةَ النَّهيِ عَنِ النَّومِ قَبلَ العِشَاءِ وَالسَّمرِ بَعدَهَا هِيَ خَشيَةُ تَركِ الصَّلَوَاتِ أَو تَأخِيرِهَا عَن وَقتِهَا، فَاعلَمُوا أَنَّ مَن يُؤَدِّي بِهِ السَّهرُ إِلى تَركِ صَلاةٍ أَو عِدَّةِ صَلَوَاتٍ كَمَا يَحصُلُ في زَمَانِنَا وَأَيَّامِنَا، فَإِنَّهُ لا يَجُوزُ لَهُ السَّهرُ، وَإِلاَّ صَارَ كُلُّ زَمَانِهِ مَعصِيَةً وَإِثمًا وَأَوزَارًا وَخَسَارًا، سَوَاءٌ مِنهُ مَا كَانَ فِيهِ سَاهِرًا فَأَدَّى بِهِ إِلى النَّومِ عَنِ الصَّلاةِ، أَو مَا كَانَ فِيهِ نَائِمًا عَنِ الصَّلاةِ حَقِيقَةً كَمَا هُوَ حَاصِلٌ. وَإِنَّ حُصُولَ مِثلِ هَذَا في بُيُوتِنَا وَمِن أَبنَائِنَا لَيَدُلُّ عَلَى تَنَاسٍ لِلغَايَةِ مِن وُجُودِنَا، وَسُوءِ فَهمٍ لِمَا يَجِبُ أَن تَكُونَ عَلَيهِ حَيَاتُنَا، وَغَفلَةٍ مُستَحكِمَةٍ عَن مَصِيرِنَا، وَإِلاَّ فَإِنَّ الصَّحَابَةَ الكِرَامَ - رَضِيَ اللهُ عَنهُم - لَمَّا جَعَلُوا الغَايَةَ مِن وُجُودِهِم في هَذِهِ الدُّنيَا نُصبَ أَعيُنِهِم، أَورَثَهُم ذَلِكَ فِقهًا دَقِيقًا وَفَهمًا عَمِيقًا، جَعَلَهُم يَحتَسِبُونَ نَومَهُم كَمَا يَحتَسِبُونَ صَحوَهُم، فَفِي الصَّحِيحَينِ أَنَّ أَبَا مُوسَى سَأَلَ مُعَاذَ بنَ جَبَلٍ - رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا -: كَيفَ تَقرَأُ أَنتَ - يَعني القُرآنَ - ؟ قَالَ: سَأُنَبِّئُكَ بِذَلِكَ، أَمَّا أَنَا فَأَنَامُ ثم أَقُومُ فَأَقرَأُ، فَأَحتَسِبُ في نَومَتي مَا أَحتَسِبُ في قَومَتي. فَرَضِيَ اللهُ عَنهُم، عَرَفُوا قِيمَةَ الوَقتِ وَثَمَنَ العُمُرِ وَغَلاءَ سَاعَاتِ الحَيَاةِ، فَنَامُوا لِيَستَعِينُوا بِنَومِهِم عَلَى عِبَادَةِ رَبِّهِم، وَلَم يَصنَعُوا كَالسَّاهِرِينَ في زَمَانِنَا عَلَى مَا لا يَجُوزُ، النَّائِمِينَ في النَّهَارِ عَمَّا يَجِبُ، الآثِمِينَ بِذَلِكَ في مَنَامِهِم وَقِيَامِهِم، المُتَعَرِّضِينَ لِلسَّخَطِ قَائِمِينَ قَاعِدِينَ رَاقِدِينَ، فَأَيُّ انتِكَاسَةٍ هَذِهِ وَأَيُّ انقِلابٍ هَذَا، وَأَيُّ خَسَارَةٍ وَأَيُّ إِفلاسٍ؟!

 

أَيُّهَا السَّاهِرُونَ، هَل أَنتُم مِمَّن يَذكُرُونَ اللهَ في مَجَالِسِ سَمَرِكُم؟! إِن كُنتُم كَذَلِكَ وَفَوَّتْتُم صَلاةَ الفَجرِ أَو غَيرَهَا، فَمَا أَنتُم في هَذَا عَلَى خَيرٍ، وَمَا تِلكَ بِعَلامَةِ فِقهٍ وَلا سِيمَا تَدَيُّنٍ، وَإِن لم تَكُونُوا كَذَلِكَ وَإِنمَّا سَهِرتُم عَلَى قِيلٍ وَقَالٍ وَلَهوٍ، فَانتَبِهُوا لِئَلاَّ تَكُونُوا مِمَّن قَالَ فِيهِمُ النَّبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: (( مَا مِن قَومٍ يَقُومُونَ مِن مَجلِسٍ لا يَذكُرُونَ اللهَ فِيهِ، إِلاَّ قَامُوا عَن مِثلِ جِيفَةِ حِمَارٍ، وَكَانَ عَلَيهِم حَسرَةً يَومَ القِيَامَةِ )) أَخرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.

 

فَاتَّقُوا اللهَ جَمِيعًا - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - وَاعلَمُوا أَنَّ الحَيَاةَ سَاعَاتٌ وَلَحَظَاتٌ، وَأَيَّامٌ وَلَيَالٍ مَعدُودَاتٌ، ثم مَوتٌ وَقَبرٌ يَتلُوهُمَا بَعثٌ وَحِسَابٌ ﴿ فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى * يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ مَا سَعَى * وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرَى * فَأَمَّا مَنْ طَغَى * وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى * وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ﴾ [النازعات: 34 - 41]

♦    ♦   ♦


أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ، وَاشكُرُوهُ وَلا تَكفُرُوهُ.

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، بَعضُ مَن يَسهَرُونَ في الليلِ وَيَكمُنُونَ في بُيُوتِهِم في النَّهَارِ، يَعتَذِرُونَ بِشِدَّةِ الحَرِّ، وَصُعُوبَةِ الحَرَكَةِ في النَّهَارِ مَعَ حَرَارَةِ الشَّمسِ، وَلِهَؤُلاءِ وَغَيرِهِم، فَإِنَّهُ لا يُقَالُ لِلنَّاسِ ابتِدَاءً لا تَسهَرُوا، وَلَكِنْ يُقَالُ لَهُمُ احذَرُوا ثم احذَرُوا، اِحذَرُوا مِن سَهَرٍ تُضِيعُونَ بِسَبَبِهِ صَلاةَ الفَجرِ، فَتَكُونُوا مِنَ المُنَافِقِينَ الَّذِينَ قَالَ فِيهِمُ النَّبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: ((لَيسَ صَلاَةٌ أَثقَلَ عَلَى المُنَافِقِينَ مِنَ الفَجرِ وَالعِشَاءِ، وَلَو يَعلَمُونَ مَا فِيهِمَا لأَتَوهُمَا وَلَو حَبوًا )) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. أَمَّا إِن كَانَ سَهَرُكُم يُضِيعُ عَلَيكُم صَلاةَ الفَجرِ وَالظُّهرِ، وَقَد لا تُدرِكُونَ بِسَبَبِهِ صَلاةَ العَصرِ، فَنَبرَأُ إِلى اللهِ مِن فِعلِكُم، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِمَّا حَلَّ بِكُم، وَنَسأَلُهُ الثَّبَاتَ عَلَى الحَقِّ حَتَّى المَمَاتِ، قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: (( الَّذِي تَفُوتُهُ صَلاةُ العَصرِ فَكَأَنَّمَا وُتِرَ أَهلَهُ وَمَالَهُ )) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. ثم هَل تَظُنُّونَ أَنَّ الَّذِينَ يَنَامُونَ في الليلِ وَيَتَعَرَّضُونَ لِلحَرِّ وَلَهِيبِ الشَّمسِ في النَّهَارِ في ذَهَابِهِم لِلمَسَاجِدِ وَعَودَتِهِم مِنهَا لا يُحِسُّونَ ؟! لا وَاللهِ، وَلَكِنَّهُم عَلِمُوا أَنَّ هَذَا الحَرَّ إِنَّمَا هُوَ نَفَسٌ يَسِيرٌ مِن أَنفَاسِ جَهَنَّمَ، تِلكَ النَّارُ العَظِيمَةُ المُحرِقَةُ، الَّتي يُصهَرُ بِحَمِيمِهَا مَا في البُطُونِ وَالجُلُودُ، وَلِلكَافِرِينَ فِيهَا مَقَامِعُ مِن حَدِيدٍ، وَإِنَّمَا يَدخُلُهَا بَعضُ مَن يَدخُلُهَا بِسَبَبِ تَركِهِ الصَّلاةَ، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ * إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ * فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ * عَنِ الْمُجْرِمِينَ * مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ * وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ * وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ * حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ ﴾ [المدثر: 38 - 47] أَلا فَاتَّقُوا اللهَ رَبَّ العَالَمِينَ، وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتي أُعِدَّت لِلكَافِرِينَ، وَاعلَمُوا أَنَّ هَذِهِ الأَجسَادَ الَّتي تُنَعِّمُونَهَا وَتَحمُونَهَا بِالنَّومِ تَحتَ المُكَيِّفَاتِ مِن شِدَّةِ الحَرِّ وَلَهِيبِ الشَّمسِ، أَحَقُّ بِأَن تُرحَمَ مِن نَارِ الآخِرَةِ وَبُؤسِهَا وَعَذَابِهَا الوَاقِعِ، الَّذِي لَيسَ لَهُ مِن دَافِعٍ، إِلاَّ رَحمَةُ اللهِ ثم صَالِحُ العَمَلِ، وَتَحَمَّلُوا حَرَّ الدُّنيَا قَلِيلاً لِتَنجُوا مِن حَرِّ الآخِرَةِ، فَإِنَّ العَاقِلَ المُوَفَّقَ مَنِ اتَّعَظَ بما يَرَى مِمَّا وَعَظَهُ بِهِ رَبُّهُ في هَذِهِ الدُّنيَا، قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: (( اشتَكَتِ النَّارُ إِلى رَبِّهَا فَقَالَت: يَا رَبِّ أَكَلَ بَعضِي بَعضًا ؛ فَجَعَلَ لها نَفَسَينِ: نَفَسٌ في الشِّتَاءِ وَنَفَسٌ في الصَّيفِ، فَشِدَّةُ مَا تَجِدُونَ مِنَ البَردِ مِن زَمهَرِيرِهَا، وَشِدَّةُ مَا تَجِدُونَ مِنَ الحَرِّ مِن سَمُومِهَا )) أَخَرَجَهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ. وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: (( يُؤتَى بِأَنعَمِ أَهلِ الدُّنيَا مِن أَهلِ النَّارِ، فَيُصبَغُ في النَّارِ صَبغَةً، ثم يُقَالُ لَهُ: يَا بنَ آدَمَ، هَل رَأَيتَ خَيرًا قَطُّ ؟! هَل مَرَّ بِكَ نَعِيمٌ قَطُّ ؟! فَيَقُولُ: لا وَاللهِ يَا رَبِّ. وَيُؤتى بِأَشَدِّ النَّاسِ بُؤسًا في الدُّنيَا مِن أَهلِ الجَنَّةِ فَيُصبَغُ صَبغَةً في الجَنَّةِ فَيُقَالُ لَهُ: يَا بنَ آدَمَ، هَل رَأَيتَ بُؤسًا قَطُّ ؟! هَل مَرَّ بِكَ مِن شِدَّةٍ قَطُّ ؟! فَيَقُولُ: لا وَاللهِ يَا رَبِّ، مَا مَرَّ بي بُؤسٌ قَطُّ وَلا رَأَيتُ شِدَّةً قَطَّ )) رَوَاهُ مُسلِمٌ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تحذير ذوي الإحساس من الفاتن من اللباس
  • من أراد الحج فليتعجل

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • انطلاق فعاليات شهر التاريخ الإسلامي 2025 في كندا بمشاركة واسعة
  • أطباء مسلمون يقودون تدريبا جماعيا على الإنعاش القلبي الرئوي في سيدني
  • منح دراسية للطلاب المسلمين في بلغاريا تشمل البكالوريوس والماجستير والدكتوراه
  • مبادرة "زوروا مسجدي 2025" تجمع أكثر من 150 مسجدا بمختلف أنحاء بريطانيا
  • متطوعو كواد سيتيز المسلمون يدعمون آلاف المحتاجين
  • مسلمون يخططون لتشييد مسجد حديث الطراز شمال سان أنطونيو
  • شبكة الألوكة تعزي المملكة العربية السعودية حكومة وشعبا في وفاة سماحة مفتي عام المملكة
  • برنامج تعليمي إسلامي شامل لمدة ثلاث سنوات في مساجد تتارستان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/4/1447هـ - الساعة: 17:12
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب