• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الرد على شبهات حول صيام عاشوراء
    د. ثامر عبدالمهدي محمود حتاملة
  •  
    صلة السنة بالكتاب
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    خطبة: ماذا بعد الحج
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    خطبة في فقه الجزية وأحكام أهل الذمة
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    تفسير: (قل من يرزقكم من السماوات والأرض قل الله ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تحريم الاستعانة بغير الله تعالى فيما لا يقدر عليه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    الستر فريضة لا فضيحة (خطبة)
    د. مراد باخريصة
  •  
    فوائد ترك التنشيف بعد الغسل والوضوء
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    إطعام الطعام من خصال أهل الجنة
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    صفة الوضوء
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    التمييز بين «الرواية» و«النسخة» في «صحيح البخاري»
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    أسماء الله الحسنى من خلال الجزء (السابع والعشرون) ...
    محمد نور حكي علي
  •  
    شرح متن طالب الأصول: (1) معنى البسملة
    أبو الحسن هشام المحجوبي ويحيى بن زكرياء ...
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (القريب، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    قبسات من علوم القرآن (3)
    قاسم عاشور
  •  
    من دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم
    الشيخ محمد جميل زينو
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / السيرة والتاريخ / السيرة
علامة باركود

خطبة عن عدل النبي صلى الله عليه وسلم

أبو زيد السيد عبد السلام رزق

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 1/12/2019 ميلادي - 4/4/1441 هجري

الزيارات: 32396

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

خطبة عن عدل النبي صلى الله عليه وسلم

 

أما بعد:

فسنعيش اليوم أيها الأحبة مع عدل النبي صلى الله عليه وسلم في حق ربه ومع أصحابه ومع نسائه وحتى مع أعدائه، لقد عدل النبي صلوات الله تعالى عليه في الغضب والرضا، ولم يظلِم يومًا أحدًا، إنه عدل مَن بعثَه الله تعالى؛ ليُخرج العباد من ظُلم الأديان إلى عدل الإسلام، ومن عبادة الأوثان إلى عبادة الواحد الديَّان، إنه عدلُ مَن نصَر المظلومين قبل بَعثته، فشهِد حلف الفضول في نصرة المظلومين، وأخذ يُثني عليه بعد النبوة، ويقول: لقد شهِدت في دار ابن جدعان حلف الفضول في نصرة المظلوم، لو دُعيت إلى مثله في الإسلام لأجبتُ؛ فعن عبدالرحمن بن عوف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "شهِدتُ مع عمومتي حلف المطيبين، فما أحب أن أنكُثَه وأن لي حُمر النَّعَم"[1].

 

إنه عدل من أقسم أن يطبِّق العدل مع أبنائه إن هم فرَّطوا في حق الله، فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّهُمْ شَأْنُ الْمَرْأَةِ الْمَخْزُومِيَّةِ الَّتِي سَرَقَتْ، فَقَالُوا: وَمَنْ يُكَلِّمُ فِيهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: وَمَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إِلَّا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ حِبُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَلَّمَهُ أُسَامَةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ، ثُمَّ قَامَ فَاخْتَطَبَ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ، وَايْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا»[2]،

 

إنه عدل من قام بالعدل بين الناس جميعًا، فلم يظلم أحدًا، ولم يشهد يومًا على ظلم وجَور، فلما خصَّ النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ أحد أبنائه بهبة وعطية دون إخوته، وأراد أن يشهد النبي على ذلك، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يَا بَشِيرُ، أَلَكَ وَلَدٌ سِوَى هَذَا؟»، قَالَ نَعَمْ، فَقَالَ: «أَكُلَّهُمْ وَهَبْتَ لَهُ مِثْلَ هَذَا؟»، قَالَ: لاَ، قَالَ: «فَلاَ تُشْهِدْنِي إِذًا فَإِنِّي لاَ أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ»[3]، ثم أطلقها رسول الله صريحةً: "اتَّقُوا اللَّهَ وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلادِكُمْ"، إنه عدل من أخبرنا وهو الصادق الذي لا ينطق عن الهوى؛ كما في صحيح مسلم من حَدِيثِ زُهَيْرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الْمُقْسِطِينَ عِنْدَ اللَّهِ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ عَزَّ وَجَلَّ وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ الَّذِينَ يَعْدِلُونَ فِي حُكْمِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ وَمَا وَلُوا».

 

عدَل النبي صلى الله عليه وسلم في حق ربه، فقام بمقام العبودية لله كما ينبغي، يقوم على خدمة أهله حتى إذا جاء وقت الصلاة مضى وكأنه لا يعرفهم، وهو القائل صلى الله عليه وسلم «وجُعِلَتْ قرة عيني في الصلاة»[4]، ما نام النبي عن صلاة الفجر في حياته إلا ليلة واحدة أمر بلالًا أن يكلأ لهم الفجر، فناموا فَمَا أَيْقَظَهُمْ إِلاَّ حَرُّ الشَّمْسِ، ما تخلف عن صلاة الجماعة إلا في مرض الموت، تنام عينه وقلبه يقظان متعلق بربه، يتابع الصيام في الأيام الحارة وهو على سفر؛ عَنْ أَبِي الدرداء رضي اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ فِي يَوْمٍ حَارٍّ حَتَّى يَضَعَ الرَّجُلُ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ، وَمَا فِينَا صَائِمٌ، إِلَّا مَا كَانَ مِنْ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَابْنِ رَوَاحَةَ"[5]، كان يواصل الصيام اليومين والثلاثة، وينهى عن الوصال، وبيَّن أنه صلى الله عليه وسلم ليس كأُمَّته؛ فإنه يبيت عند ربه يُطعمه ويسقيه"[6].

 

ويختلي صلى الله عليه وسلم بربه في ظلمات الليالي، مناجيًا ربَّه، باكيًا من خشيته، منتصبًا قائمًا حتى تتورَّم قدماه؛ ثبت في صحيح ابن حبان عن عطاء قال: دخلت أنا وعبيد بن عمير على عائشة، قال ابن عمير: أخبرينا بأعجب شيء رأيتِه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فسكتت، ثم قالت: لَمَّا كان ليلة من الليالي، قال: يا عائشة، ذريني أتعبَّد الليلة لربي، قلت: والله إني لأحبُّ قربك وأحبَّ ما سرَّك، قالت: فقام فتطهَّر، ثم قام يصلي، قالت: فلم يزل يبكي حتى بلَّ حِجره، قالت: ثم بكى، فلم يزل يبكي حتى بلَّ لِحيته، قالت: ثم بكى، فلم يزل يبكي حتى بلَّ الأرض، فجاء بلال يؤذنه بالصلاة، فلما رآه يبكي، قال: يا رسول الله، لِمَ تبكي وقد غفَر الله لك ما تقدَّم وما تأخَّر، قال: أفلا أكون عبدًا شكورًا، لقد نزلت عليَّ الليلة آية، ويلٌ لمن قرأها ولم يتفكر فيها: ﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ ﴾ [آل عمران: 190][7]، وكان ورده من الصلاة كل يوم وليلة أكثر من أربعين ركعة منها الفرائض سبع عشر ركعة[8].


قام مجاهدًا في سبيل الله وأوذي في الله، وابْتُلي وتحمَّل ما لا يتحمَّله بشرٌ، ولسان حاله: يا رب، إن لم يكن بك عليَّ غضبٌ، فلا أبالي، نشر الدين في الجزيرة العربية، وأخذ يقاتل في سبيل الله مَن كفر به؛ حتى لا يُعبَدَ أحدٌ في الأرض غير الله تعالى، فصلى عليه ربُّنا وسلم ما زيَّنت النجوم وجهَ السماء.

 

عدل النبي صلى الله عليه وسلم مع الناس:

أمر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم بالعدل بين الناس؛ كما قال جل جلاله: ﴿ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ ﴾ [الشورى: 15]، فبالعدل تصلُح أمور الناس، وتستقيم أمورهم، وتَطيب نفوسهم، وتزول ضغائنهم، وقف النبي عليه الصلاة والسلام في بدر بين الصفوف يعدِلها بقضيب في يده، فمرَّ بِسَوَادِ بنِ غَزِية حليف بني النجار وهو خارج من الصف، فضرَبه بالقضيب في بطنه وقالَ: «استقِم يا سَوَادْ»، فقال: أوجعتني يا رسول الله وقد بُعثتَ بالحق والعدل، فَأَقِدْني من نفسك، فكشف الرسول عليه الصلاة والسلام عن بطنه، وقال: «استقِد يا سواد»، فاعتنقه سواد وقبَّل بطنه، فقال عليه الصلاة والسلام: «ما حملك على ذلك؟»، فقال: يا رسول الله، قد حضر ما ترى من الجهاد، فأردتُ أن يكون آخر العهد أن يمسَّ جِلْدِي جِلدَك، فدعا له بخير"[9]، وفي عام الفتح سنة ثمان من هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم، دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة تعلوه السكينة، عزيزًا منتصرًا، دخل صلوات الله وسلامه عليه المسجد الحرام، ثم أخذ مفتاح الكعبة من عثمان بن طلحة، ثم (جلَسَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في المسجدِ، فقام إليه عليُّ بنُ أبي طالبٍ ومِفتاحُ الكعبةِ في يدِه، فقال: يا رسولَ اللهِ، اجمَعْ لنا الحِجابةَ مع السِّقايةِ، صلَّى اللهُ عليكَ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أين عُثمانُ بنُ طَلْحةَ؟ فدُعِيَ له، فقال له: هاكَ مِفْتاحُكَ يا عُثمانُ، اليومُ يومُ وفاءٍ وبِرٍّ)، والحديث أشار الشيخ أحمد شاكر إلى صحته.

 

ولَمَّا ارتفع السعر على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وطلب الناس منه أن يحدِّد الأسعار، خاف أن يقع ظلمٌ على التجار، فيَبخَسهم أموالهم، فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: غَلَا السِّعْرُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، لَوْ سَعَّرْتَ، فَقَالَ: "إِنَّ اللهَ هُوَ الْخَالِقُ الْقَابِضُ، الْبَاسِطُ الرَّازِقُ، الْمُسَعِّرُ، وَإِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَلْقَى اللهَ وَلَا يَطْلُبُنِي أَحَدٌ بِمَظْلَمَةٍ ظَلَمْتُهَا إِيَّاهُ فِي دَمٍ وَلَا مَالٍ"[10]، ومن روائع عدله صلى الله عليه وسلم أنه نفَح أحد الناس في غزوة حنين بسوط في يده، فأعطاه النبي ثمانين نعجة بهذه الضربة، فعن عَبْداللَّهِ بْن أَبِي بَكْرٍ عَنْ رَجُلٍ مِنَ الْعَرَبِ، قَالَ: زَحَمْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ حُنَيْنٍ وَفِى رِجْلِي نَعْلٌ كَثِيفَةٌ، فَوَطِئْتُ بِهَا عَلَى رِجْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَنَفَحَنِي نَفْحَةً بِسَوْطٍ فِي يَدِهِ وَقَالَ: «بِسْمِ اللَّهِ أَوْجَعْتَنِي»، قَالَ: فَبِتُّ لِنَفْسِي لاَئِمًا، أَقُولُ: أَوْجَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: فَبِتُّ بِلَيْلَةٍ كَمَا يَعْلَمُ اللَّهُ، فَلَمَّا أَصْبَحْنَا إِذَا رَجُلٌ يَقُولُ: أَيْنَ فُلاَنٌ، قَالَ: قُلْتُ: هَذَا وَاللَّهِ الَّذِي كَانَ مِنِّى بِالأَمْسِ، قَالَ: فَانْطَلَقْتُ وَأَنَا مُتَخَوِّفٌ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ: «إِنَّكَ وَطِئْتَ بِنَعْلِكَ عَلَى رِجْلِي بِالأَمْسِ فَأَوْجَعْتَنِي، فَنَفَحْتُكَ نَفْحَةً بِالسَّوْطِ، فَهَذِهِ ثَمَانُونَ نَعْجَةً فَخُذْهَا بِهَا»[11].

 

عدله صلى الله عليه وسلم مع أهله ونسائه: ومن ذلك ما ورد في صحيح البخاري عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ بَعْضِ نِسَائِهِ، فَأَرْسَلَتْ إِحْدَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ بِصَحْفَةٍ فِيهَا طَعَامٌ، فَضَرَبَتْ التي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِهَا يَدَ الْخَادِمِ، فَسَقَطَتْ الصَّحْفَةُ فَانْفَلَقَتْ، فَجَمَعَ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِلَقَ الصَّحْفَةِ، ثُمَّ جَعَلَ يَجْمَعُ فِيهَا الطَّعَامَ الَّذِي كَانَ فِي الصَّحْفَةِ، وَيَقُولُ: غَارَتْ أُمُّكُمْ ثُمَّ حَبَسَ الْخَادِمَ، حَتَّى أُتِىَ بِصَحْفَةٍ مِنْ عِنْدِ التي هُوَ فِي بَيْتِهَا، فَدَفَعَ الصَّحْفَةَ الصَّحِيحَةَ إِلَى التي كُسِرَتْ صَحْفَتُهَا، وَأَمْسَكَ الْمَكْسُورَةَ فِي بَيْتِ الَّتِي كَسَرَتْ.

 

عدله صلى الله عليه وسلم مع أعدائه:

قام النبي صلى الله عليه سلم بالعدل حتى مع من ناصبوه العداء، وأرادوا حبسه، وأخرَجوه من بلده مكة، وحاولوا قتله مرات ومرات، لكنه ما انتقم لنفسه قط، صلى عليه ربنا وسلم ما دار في السماء فلك، وما سبَّح في الملكوت ملك، عَنْ ابْنِ أَبِي حَدْرَدٍ أَنَّهُ كَانَ ليهودي عَلَيْهِ أَرْبَعَةُ دَرَاهِمَ، فَاسْتَعْدَى عَلَيْهِ رَسُولَ اللهِ-صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إنَّ لي عَلَى هَذَا أَرْبَعَةَ دَرَاهِمَ وَقَدْ غلبني عَلَيْهَا، فَقَالَ: «أَعْطِهِ حَقَّهُ»، قَالَ: وَاَلَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا أَقْدِرُ عَلَيْهَا، قَالَ: «أَعْطِهِ حَقَّهُ»، قَالَ: والذي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا أَقْدِرُ عَلَيْهَا، قَدْ أَخْبَرْتُهُ أَنَّكَ تَبْعَثُنَا إلَى خَيْبَرَ، فَأَرْجُو أَنْ يُغَنِّمنَا الله شَيْئًا فَأَرْجِعُ فَأَقْضِيَهُ، قَالَ: «أُعْطِهِ حَقَّهُ»، قَالَ: وَكَانَ النبي إذَا قَالَ ثَلاثًا لَمْ يُرَاجَعْ، فَخَرَجَ بِهِ ابْنُ أَبي حَدْرَدٍ إلَى السُّوقِ وَعَلَى رَأْسِهِ عِصَابَةٌ وَهُوَ مُتَّزِرٌ بِبُرْدَةٍ، فَنَزَعَ الْعِمَامَةَ عَنْ رَأْسِهِ فَاتَّزَرَ بِهَا، وَنَزَعَ الْبُرْدَةَ ثُمَّ قَالَ: اشْتَرِ مِنِّي هَذِهِ الْبُرْدَةَ، فَبَاعَهَا مِنْهُ بِأَرْبَعَةِ دَرَاهِمَ، فَمَرَّتْ عَجُوزٌ فَقَالَتْ: مَا لَكَ يَا صَاحِبَ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فَأَخْبَرَهَا، فَقَالَتْ: هَا دُونَكَ هَذَا الْبُرْدَ عَلَيْهَا طَرَحَتْهُ عَلَيْهِ.." [12]، ووصى النبي بالمعاهدين في بلاد المسلمين من اليهود والنصارى، وحذَّر من ظلمهم في سنن أبي داود بسند صححه الألباني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أَلَا مَنْ ظَلَمَ مُعَاهِدًا أَوْ انْتَقَصَهُ، أَوْ كَلَّفَهُ فَوْقَ طَاقَتِهِ، أَوْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ، فَأَنَا حَجِيجُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ"[13]، وهو القائل: «أَلاَ وَمَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَهُ ذِمَّةُ اللَّهِ وَذِمَّةُ رَسُولِهِ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ رِيحَ الْجَنَّةِ وَإِنْ رِيحَهَا لَتُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ سَبْعِينَ خَرِيفًا»[14].

 

الخطبة الثانية

عباد الله، لقد عدل النبي صلى الله علية وسلم في جميع أموره، حتى في قضائه، فمِن عدل النبي صلى الله عليه وسلم في القضاء: عن عَنْ أُمِّ سَلَمَة عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ، وَأَقْضِيَ لَهُ عَلَى نَحْوِ مَا أَسْمَعُ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا، فَلَا يَأْخُذْ فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنْ النَّارِ"[15].

 

عباد الله، لقد علِمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم العدل، فعلَّمنا أن نتقي الله ونعدل بين أولادنا، وألا نخصَّ أحدٌ الأبناء بعطية دون آخر؛ لأن هذا من الظلم والجَور، وألا نحرم النساء والضعفاء من الميراث الذي هو حقُّ الله لهم، وعلَّمنا أن من قضى بين الناس لا بد أن يعدِل، وتوعَّد مَن ظلَم الناس وأكَل حقوقهم، واستباح دماءهم، وعلَّمنا رسول الله أن نعدِل بين النساء، أما المودة القلبية، فهذا لا يَملِكه أحدٌ، وعلَّمنا أن نتحلل من المظالم قبل أن يأتي يوم لا مردَّ له من الله، هذا وصلى الله وسلم علي الهادي البشير والسراج المنير...

 



[1] صحيح الأدب المفرد للألباني الجزء 1 صفحة رقم 223.

[2] صحيح البخاري الجزء 4 حديث رقم 3475.

[3] صحيح مسلم الجزء 5 حديث رقم 4269.

[4] النسائي 7/ 61، وأحمد 3/ 128، وانظر: صحيح النسائي 3/ 827.

[5] صحيح البخاري الجزء 3 حديث رقم 1945.

[6] البخاري برقم 1961 - 1964 ومسلم برقم 1102 - 1103.

[7] حسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب حديث رقم 1468.

[8] كتاب الصلاة لابن القيم ص 140.

[9] حسنه الألباني في السلسلة الصحيحة الجزء 6 حديث رقم 2835.

[10] صححه الألباني في صحيح الجامع الصغير الجزء 1 حديث رقم 1846.

[11] صححه الألباني في السلسلة الصحيحة في الجزء 7 حديث رقم 3043.

[12] مسند أحمد ط الرسالة الجزء 24 حديث رقم 15489.

[13] صححه الألباني في السلسلة الصحيحة في الجزء 1 حديث رقم 445.

[14] حسنه الألباني في غاية المرام في تخريج أحاديث الحلال والحرام الجزء 1 حدث رقم 471.

[15] صحيح البخاري الجزء 9 حديث رقم 6967.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • عدل النبي مع زوجاته
  • عدل النبي صلى الله عليه وسلم
  • عدل النبي صلى الله عليه وسلم: عدالة الإسلام
  • عدل النبي صلى الله عليه وسلم

مختارات من الشبكة

  • خطبة: موسى عليه السلام وحياته لله عز وجل(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: تهديد الآباء للأبناء بالعقاب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: ماذا بعد الحج(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة في فقه الجزية وأحكام أهل الذمة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الستر فريضة لا فضيحة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • {ونضع الموازين القسط ليوم القيامة} (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • إزالة الغفلة (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • خطبة: العدل ضمان والخير أمان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الورد والآس من مناقب ابن عباس (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أنين مسجد (4) وجوب صلاة الجماعة وأهميتها (خطبة)(مقالة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ستولاك تستعد لانطلاق النسخة الثالثة والعشرين من فعاليات أيام المساجد
  • موافقة رسمية على مشروع تطويري لمسجد بمدينة سلاو يخدم التعليم والمجتمع
  • بعد انتظار طويل.. وضع حجر الأساس لأول مسجد في قرية لوغ
  • فعاليات متنوعة بولاية ويسكونسن ضمن شهر التراث الإسلامي
  • بعد 14 عاما من البناء.. افتتاح مسجد منطقة تشيرنومورسكوي
  • مبادرة أكاديمية وإسلامية لدعم الاستخدام الأخلاقي للذكاء الاصطناعي في التعليم بنيجيريا
  • جلسات تثقيفية وتوعوية للفتيات المسلمات بعاصمة غانا
  • بعد خمس سنوات من الترميم.. مسجد كوتيزي يعود للحياة بعد 80 عاما من التوقف

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 21/1/1447هـ - الساعة: 23:22
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب