• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    إشراقة آية {وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون ...
    علي بن حسين بن أحمد فقيهي
  •  
    تفسير قوله تعالى: { ولا يحزنك الذين يسارعون في ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    حديث القرآن عن عيسى عليه السلام وأمه (خطبة)
    أ. د. حسن بن محمد بن علي شبالة
  •  
    الله الخالق الخلاق (خطبة) – باللعة النيبالية
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    الوصف بالجاهلية (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    منهج الاستدلال بين القرآن والسنة: دراسة نقدية ...
    محمد بن عبدالله العبدلي
  •  
    تلك نتائج السرائر!
    عبدالرحيم بن عادل الوادعي
  •  
    التقوى زاد المؤمن (خطبة)
    الشيخ أحمد إبراهيم الجوني
  •  
    أصحاب الأخدود (خطبة)
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    حقوق القرآن
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    صفة الوجه
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    حديث: لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار
    د. عمر بن محمد عمر عبدالرحمن
  •  
    من مائدة الفقه: صفة الاغتسال والمسح على الجبيرة
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الإسلام يدعو للحفاظ على النفس البشرية ويحرم قتلها ...
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    الإعاقة الباطنية: عمى البصيرة، وأمراض القلوب
    سلامة إبراهيم محمد دربالة النمر
  •  
    الحسنات: تلك العملة الصعبة
    محمد شفيق
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / السيرة والتاريخ / السيرة
علامة باركود

الخليفة الرابع علي بن أبي طالب رضي الله عنه (2)

أحمد بن عبدالله الحزيمي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 22/2/2017 ميلادي - 26/5/1438 هجري

الزيارات: 20510

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الخليفة الرابع علي بن أبي طالب رضي الله عنه (2)

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ، لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَاهُ، وَلَا رَادَّ لِما قَضَاهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَلَا مَعْبُودَ بِحَقٍّ سِوَاهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ ومُصطَفَاهُ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنْ وَالَاهُ... أَمَّا بَعْدُ:

فَأُوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ: ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [المائدة: 100].

 

عِبَادَ اللهِ... مَا يَزَالُ الْحَدِيثُ عَنْ أَوَّلِ فِدَائِيٍّ فِي الْإِسْلامِ، وَعَنْ أَسَدٍ مِنْ أُسُودِ الدِّينِ وَسَيِّدٍ مِنْ سَادَاتِ الْمُجَاهِدِينَ.

 

رَابِعُ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، وَرَابِعُ أَفْضَلِ الْبَشَرِ بَعْدَ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ، أَميرُ الْمُؤْمِنِينَ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

 

وَلَقَدْ كَانَتْ لِهَذَا الصَّحَابِيِّ مَوَاقِفُ بُطُولِيَّةٌ رَائِعَةٌ تَدُلُّ عَلَى شَجَاعَتِهِ، وَنُصْرَتِهِ لِهَذَا الدِّينِ، فَقَدْ كَانَ عَامِلاً مُهِمًّا فِي نَصْرِ الْمُسْلِمِينَ فِي شَتَّى الْمَعَارِكِ، وَمَا بَارَزَ أَحَدًا إلَّا صَرَعَهُ.

 

وَهُوَ مِنَ النَّفَرِ الْقِلَّةِ الَّذِينَ ثَبَتُوا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ أُحُدٍ. وَكَانَ اللِّوَاءُ بِيَدِهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي أَكْثَرِ الْمَشَاهِدِ.

 

شَهِدَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ الْمَشَاهِدَ كُلَّهَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَّا غَزْوَةَ تَبُوكَ, فَقَدْ اسْتَخْلَفَهُ النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلامُ عَلَى الْمَدِينَةِ فِي هَذِهِ الْغَزْوَةِ.

 

وَمِنْ صُورِ شَجَاعَتِهِ أَنَّهُ لَمَّا حَاصَرَتِ الْأحْزَابُ الْمُسْلِمِينَ فِي غَزْوَةِ الْخَنْدَقِ فِي السَّنَةِ الْخَامِسَةِ مِنَ الْهِجْرَةِ، انْدَهَشَتِ الْأحْزَابُ لِمَا رَأَتْ مِنْ تَحَصُّنِّ الْمُسْلِمِينَ بِالْخَنْدَقِ، فَلَمْ يَحْصُلْ قِتَالٌ، وَإِنَّمَا تَرَاشَقُوا بِالنَّبْلِ، وَاسْتَطَاعَتْ فَوَارِسُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ أَنْ تَجْتَازَ الْخَنْدَقَ، فَكَانَ مِنْ هَؤُلَاءِ فَارِسٌ كَبِيرٌ ضَخْمٌ يُدْعَى: (عَمْرَو بْنَ عَبْدِ وُدٍّ)، فَدَعَا إِلَى النِّزَالِ وَقَالَ: مَنْ يُبَارِزُ أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ؟! فَيَسْكُتُونَ. مَنْ يَتَقَدَّمُ لِيُبَارِزُنِي؟ فَلَا يَبْرُزْ أحَدٌ، وَلَكِنَّ عَلِيًّا لَمْ يَرْضَ بِذَلِكَ، فَيَقُولُ: أَنَا يا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلامُ: إِنَّهُ عَمْروٌ!! فقَالَ عَلِيٌّ: وَإِنْ كَانَ عَمْرًا. فَخَرَجَ إِلَيْهِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، فَقَالَ عَمْروٌ: ارْجِعْ يا ابْنَ أَخِي فَإِنَّ مِنْ أَعْمَامِكَ مَنْ هُوَ أَسَنُّ مِنْكَ، فَإِنِّي أَكْرَهُ أَنَّ أُهْرِيقَ دَمَكَ، فَقَالَ لَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: وَلَكِنَِّي وَاللهِ لَا أَكْرَهُ أَنَّ أُهْرِيَق دَمَكَ، فَغَضِبَ وَنَزَلَ فَسَلَّ سَيْفَهُ كَأَنَّهُ شُعْلَةُ نَارٍ، ثُمَّ أَقْبَلَ نَحْوَ عَلِيٍّ مُغْضَبًا، وَتَبَارَزَ الْبَطَلَانِ، وَبَرَقَتْ السُّيُوفُ، وَارْتَفَعَ الْغُبَارُ، وَكَانَ عَلَيهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلامُ يَدْعُو اللهَ لِيَنْصُرَ عَلِيًّا، وَانْجَلَى الْغُبَارُ، فَإِذَا بَعَلِيٍّ وَاقِفٌ عَلَى صَدْرِ عَمْروٍ، وَقَدْ حَزَّ رَأْسَهُ، وَسَيْفُهُ يَقْطُرُ دَمًا، فَكَبَّرَ الرَّسُولُ عَلَيهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلامُ، اللهُ أكْبَرُ، وَانْطَلَقَتْ هُتَافَاتُ الْمُسْلِمِينَ: اللهُ أكْبَرُ اللهُ أكْبَرُ. فَرَجَعَتْ خَيْلُ الْبَاغِينَ مُنْهَزِمَةً.

 

وَمِمَّا يُذْكَرُ مِنْ قُوَّتِهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مَا أَخْرَجَهُ ابنُ إِسْحَاقَ فِي "الْمَغَازِي": مِنْ حَدِيثِ أَبِي رَافِعٍ قَالَ: "خَرَجْنَا مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ حِينَ بَعَثَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَايَتِهِ، فَضَرَبَهُ رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ، فَطَرَحَ تُرْسَهُ مِنْ يَدِهِ، فَتَنَاوَلَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بَابًا كَانَ عِنْدَ الْحِصْنِ، فَتَتَرَّسَ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ، فَلَمْ يَزَلْ فِي يَدِهِ وَهُوَ يُقَاتِلُ، حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَلْقَاهُ مِنْ يَدِهِ حِينَ فَرَغَ، فَلَقَدْ رَأَيْتُنِي فِي نَفَرٍ، سَبْعَةٌ أَنَا ثَامِنُهُمْ، نَجْهَدُ عَلَى أَنْ نَقْلِبَ ذَلِكَ الْبَابَ فَمَا نَقْلِبُهُ".

 

وَمَعَ هَذِهِ الشَّجَاعَةِ وَهَذِهِ الْقُوَّةِ إلَّا أَنَّهُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ -كَمَا عِندَ أَحْمَدَ-: "كُنَّا إِذَا احْمَرَّ الْبَأْسُ، وَلَقِيَ الْقَوْمُ الْقَوْمَ، اتَّقَيْنَا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَا يَكُونُ مِنَّا أَحَدٌ أَدْنَى مِنَ القَوْمِ مِنْهُ". فَمَا أَحَدٌ أَشْجَعَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيه وآلِهِ وَسَلَّمَ.

 

عِبَادَ اللَّهِ... لَمَّا تُوفِّي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَايَعَ عَلِيٌّ أَبَا بِكْرٍ الصَّدِيقِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، فَكَانَ أحَدَ وُزَرَائِهِ وَمُسْتَشارِيهِ، وَظَلَّ طِيلَةَ حَيَاةِ أَبِي بَكْرٍ نِعْمَ الْعَوْنُ وَالْوَزِيرُ، يُسَاهِمُ فِي إِدَارَةِ الدَّوْلَةِ وَتَصْرِيفِ الشُّؤُونِ بِصِدْقٍ وَإِخْلاَصٍ، وَكَذَلِكَ كَانَ مَعَ عُمَرَ، فَقَدْ كَانَ لَهُ وَزِيرَ صِدْقٍ، حَتَّى زَوَّجَهُ بِنْتَهُ أُمَّ كُلْثُومٍ، وَكَثِيرًا مَا كَانَ عُمَرُ يَسْتَخْلِفُهُ عَلَى الْمَدِينَةِ إِذَا غَابَ عَنْهَا, وَكَانَ فِي عَهِدِ عُمَرَ مِنْ كِبَارِ رِجَالِ الدَّوْلَةِ الَّذِينَ تُعْقَدُ عَلَيْهِمُ الْآمَالُ، حَتَّى جَعَلَهُ عُمَرُ مِنَ السِّتَّةِ الَّذِينَ يُخْتَارُ مِنْهُمُ الْخَلِيفَةُ مِنْ بَعْدِهِ, وذَكَرَ ابنُ عبدِ الْبَرِّ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَقَوْلُهُ : "لَوْلَا عَلِيٌّ لَهَلَكَ عُمَرُ".

وَفَوْقَ هَذَا وَذَاكَ سَمَّى أَبْنَاءَهُ بِأَسْمَائِهِمْ.

 

وَلَمَّا اسْتُخْلِفَ عُثْمَانُ بَايَعَهُ فِيمَنَ بَايَعَ مِنْ جُمْهُورِ الصَّحَابَةِ، وَالْتَزَمَ نُصْحَهُ وَمُؤَازَرَتَهُ، وَكَانَ مَوْقِفُهُ مِنْهُ حِينَ ثَارَتِ الْفِتْنَةُ مَوْقِفَ النَّاصِحِ وَالْمُدَافِعِ عَنْهُ. وَلَمَّا أَطْبَقَ الثُّوَّارُ عَلَى قَصْرِ الْخَلِيفَةِ الشَّهِيدِ أَرْسَلَ عَلِيٌّ ابْنَيْهِ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ بِسَيْفَيْهِمَا لِلدِّفَاعِ عَنْهُ، حَتَّى نَفَذَ قَضَاءُ اللهِ.

 

وَقَدْ بُويِعَ بِالْخِلاَفَةِ بَعْدَ مَقْتَلِ عُثْمَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَكَانَتْ أيَّامُهُ أيَّامَ فِتَنٍ وَمَعَارِكَ دَامِيَةٍ، وَمَعَ هَذِهِ الْفِتَنِ الَّتِي أَحَاطَتْ بِخِلاَفَتِهِ فَقَدْ كَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ شَدِيدًا فِي الْحَقِّ، مُقِيمًا لِلْعَدْلِ، خَاشِعًا للهِ، مُجْتَهِدًا فِي نُصْحِ الْأُمَّةِ، يُولِّي الْأَخْيَارَ، وَيُحَاسِبُ الْمُقَصِّرِينَ، وَلَا يَخَافُ فِي اللهِ لَوْمَةَ لاَئِمٍ، زَاهِدًا فِي الدُّنْيَا، بَعِيدًا عَنِ التَّرَفِ.

 

وَكَمَا كَانَتْ حَيَاتُهُ جِهَادًا فَقَدْ كَانَ مَوْتُهُ اسْتِشْهَادًا رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، حَيْثُ لَمْ يَسْلَمْ مِنْ شَرِّ الْخَوَارِجِ؛ إِذْ أَنَّهُمُ اتَّفَقُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ عَلَى قَتْلِ عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ وَعَمْروِ بْنِ الْعَاصِ فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ، ظَنًّا مِنْهُمْ أَنَّ ذَلِكَ سَيَحْسِمُ الْخِلاَفَ وَيُوَحِّدُ كَلِمَةَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى خَلِيفَةٍ جَدِيدٍ تَرْتَضِيهِ كُلُّ الْأُمَّةِ، وَنَجَحَ الشَّقِيُّ التَّعِيسُ عَبْدُالرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجِمٍ -وَالَّذِي كَانَ مِنْ شِيعَةِ عَلِيٍّ- فِي مُهِمَّتِهِ؛ حَيْثُ قَامَ بِطَعْنِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ بِسَيْفٍ مَسْمُومٍ سَمَّهُ شَهْرًا كَامِلاً، وَكَانَ عَلِيٌّ وَقْتَهَا يَمْشِي فِي شَوَارِعِ الْكُوفَةِ وَطُرُقَاتِهَا لِيُوقِظَ النَّاسَ بِنَفْسِهِ -وَهُوَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ- لِصَلاَةِ الْفَجْرِ, فَطَعَنَهُ الْمُجْرِمُ وَهُوَ يَقُولُ: "يا عَلِيٌّ! أَتُرِيدُ أَنْ تُحَكِّمَ فِي كِتَابِ اللهِ أَصْحَابَكَ؟ إِنِ الْحُكْمُ إلَّا للهِ". وَظَلَّ يُرَدِّدُ هَذَا الْوَقِحُ قَوْلَ اللهِ جَلَّ وَعَلا: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ ﴾ [البقرة: 207] أَسَمِعْتُمْ إِلَى هَذَا الْهُرَاءِ وَإِلَى هَذَا الْكَذِبِ؟ بَاسِمِ الدِّينِ يُقْتَلُ عَلِيٌّ؟! بَاسِمِ الدِّينِ يُقْتَلُ عُثْمَانُ؟! بَاسِمِ الدِّينِ يُقْتَلُ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ؟! إِنَّه الزُّهْدُ الْكَاذِبُ, وَالْوَرَعُ الْمَغْلُوطُ، وَالْفَهْمُ الْمَقْلُوبُ لِلدِّينِ, وَالْمَشْهَدُ يَتَكَرَّرُ فِي وَقْتِنَا الْحاضِرِ فَقَدْ عَانَتِ الْأُمَّةُ مِنْهُمْ فِي قَدِيمِ عَصْرِهَا وَحَدِيثِهِ. قَالَ ابْنُ حَجْرٍ فِي تَرْجَمَةِ ابْنِ مُلْجِمٍ هَذَا: كَانَ مِنْ كِبَارِ الْخَوَارِجِ، وَهُوَ أَشْقَى هَذِهِ الْأُمَّةِ بِالنَّصِّ الثَّابِتِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ. قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَلِىٍّ رَضِىَ اللهُ عَنْهُ: "أَشْقَى النَّاسِ الَّذِي عَقَرَ النَّاقَةَ، وَالَّذِي يَضْرِبُكَ عَلَى هَذِهِ -وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ- حَتَّى تُبَلَّ مِنْهُ هَذِهِ، يَعْنِي لِحْيَتَهُ". رَوَاهُ الْإمَامُ أَحْمَدُ والنَّسَائِيُّ، وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ.

 

وَعِنْدَمَا هَجَمَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى ابْنِ مُلْجِمٍ لِيَقْتُلُوهُ نَهَاهُمْ عَلِيٌّ قَائِلاً: "إِنْ أَعِشْ فَأَنَا أوْلَى بِدَمِهِ قِصَاصًا أَوْ عَفْوًا، وإِنْ مِتُّ فَأَلْحِقُوهُ بِي أُخَاصِمُهُ عِنْدَ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَلَا تَقْتُلُوا بِي سِوَاهُ، ﴿ إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ﴾". وَحِينَمَا طَلَبُوا مِنْهُ أَنْ يَسْتَخْلِفَ عَلَيْهِمْ وَهُوَ فِي لَحَظَاتِهِ الْأَخِيرَةِ قَالَ لَهُمْ: "لَا آمُرُكُمْ وَلَا أَنْهَاكُمْ، أَنْتُمْ بِأُمُورِكُمْ أَبْصَرُ".

 

قُتِلَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي لَيْلَةِ السَّابِعِ عَشْرَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ، سَنَةَ أَرْبَعِينَ مِنَ الْهِجْرَةِ. وَنَامَ عَلَى فِرَاشِ الْمَوْتِ وَهُوَ يُرَدِّدُ: "لَا إلَهَ إلَّا اللهُ", وَظَلَّ يُرْدِدُهَا مَرَّاتٍ كَثِيرَة حَتَّى لَقِيَ اللَّهَ جَلَّ وَعَلا، وَلِسَانُهُ غَضًّا طَرِيًّا بِكَلِمَةِ التَّوْحِيدِ.

وَكَانَتْ مُدَّةُ خِلاَفَتِهِ خَمْسَ سِنِينَ إلَّا ثَلاثَةَ أَشْهُرٍ وَنَصْفَ شَهْرٍ.

نَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى أَنْ يُعْلِيَ رَايَةَ الْحَقِّ وَالسُّنَّةِ وَأَنْ يُخْزِيَ أهْلَ الْكُفْرِ وَالْفِتْنَةِ إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.

بَارَكَ اللهُ لِي ولكم...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ للهِ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ؛ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللهِ شَهِيدًا. وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ إقْرَارًا بِهِ وَتَوْحِيدًا, وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا مَزِيدًا.... أَمَّا بَعْدُ:

وَأَمَّا عَنْ مَكَانِ دَفْنِهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَقَدْ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلامِ ابْنُ تِيمِيَّةَ رَحِمَهُ اللهُ: "وَأَمَّا الْمَشْهَدُ الَّذِي بِالنَّجَفِ فَأَهْلُ الْمَعْرِفَةِ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِقَبْرِ عَلِيٍّ بَلْ قِيلَ إنَّهُ قَبْرُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ يَذْكُرُ أَنَّ هَذَا قَبْرُ عَلِيٍّ وَلَا يَقْصِدُهُ أَحَدٌ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِمِائَةِ سَنَةٍ، مَعَ كَثْرَةِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ وَالشِّيَعَةِ وَغَيْرِهِمْ وَحُكْمِهِمْ بِالْكُوفَةِ. وَإِنَّمَا اتَّخَذُوا ذَلِكَ مَشْهَدًا فِي مُلْكِ بَنِي بُوَيْهٍ -الْأَعَاجِمِ- بَعْدَ مَوْتِ عَلِيٍّ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِمِائَةِ سَنَةٍ" انْتَهَى كَلاَمُهُ.

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ... إِنَّهُ حَتَّى لَوْ عُلِمَ أَنَّ هَذَا الْقَبْرَ أَوْ ذَاكَ هُوَ الْمَكَانُ الَّذِي دُفِنَ فِيهِ عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَوْ غَيْرُهُ مِنَ الصَّحَابَةِ، بَلْ وَلَوْ كَانَ نَبِيًّا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، فَإِنَّهُ لَا يَشُكُّ مُوَحِّدٌ عَاقِلٌ أَنَّ مَا يَفْعَلُهُ أُولَئِكَ الْقُبُورِيُّونَ عِنْدَ تِلْكَ الْقُبُورِ مِنَ الدُّعَاءِ وَالطَّوَافِ وَالذَّبْحِ وَالزَّحْفِ إِلَى قَبْرِهِ، أَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ مِنَ الشِّرْكِ الْأكْبَرِ وَالْكُفْرِ الْمُخْرِجِ مِنْ مِلَّةِ الْإِسْلامِ.

 

أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ... لَمَّا مَاتَ عَلِيٌّ ذَهَبَ النَّاسُ إِلَى ابْنِهِ الْحَسَنِ لِيُبَايِعُوهُ، فَبَايَعُوا الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَأَرْضَاهُ، إلَّا أَنَّ الْحَسَنَ حَقَنَ دِمَاءَ الْمُسْلِمِينَ، وَحَقَّقَ مَا قَالَهُ مِنْ قَبْلُ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَتَنَازَلَ الْحَسَنُ عَنِ الْأَمْرِ لِمُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ جَمِيعًا، وَبِذَلِكَ حَقَنَ الْحَسَنُ الدِّمَاءَ، وَانْتَقَلَ الْمُلْكُ إِلَى مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَأَرْضَاهُ، لِيُحَقِّقَ الْحَسَنُ دَلِيلاً مِنْ دَلائِلِ النُّبُوَّةِ الْخَالِدَةِ، كَمَا وَرَدَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَعَدَ يَوْمًا عَلَى الْمِنْبَرِ وَأَجْلَسَ إِلَى جَانِبِهِ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ ثُمَّ نَظَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى النَّاسِ وَنَظَرَ إِلَى الْحَسَنِ وَقَالَ: "إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ مِنَ المُسْلِمِينَ".

 

رَضِيَ اللهُ عَنْكَ أَبَا الْحَسَنِ وَأَرْضَاكَ، وَطَابَ ذِكْرُكَ حَيًّا وَمَيِّتًا، وَرَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنِ الآلِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ، وَعَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْغُرِّ الْمَيَامِينَ، وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَاجْمَعْنَا مَعَهُمْ -يَا اللَّهُ- فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ، مَعَ الْحَبيبِ الْمُصْطَفَى سَيِّدِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ، بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلامَ....





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الخليفة الرابع علي بن أبي طالب رضي الله عنه (1)
  • ليث بني غالب علي بن أبي طالب

مختارات من الشبكة

  • التلقب بملك الملوك(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: موعظة الإمام مالك بن أنس للخليفة هارون الرشيد رحمهما الله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم أجاز نكاح امرأة على نعلين(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • سالم بن عبد الله بن عمر رحمه الله وأثره في الجانب الاجتماعي والعلمي في المدينة المنورة(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • السيرة النبوية للأطفال(مقالة - موقع عرب القرآن)
  • تراجم: المأمون – عبدالحميد الكاتب – عبدالله بن معاوية – طارق بن زياد – الأحنف بن قيس - عمرو بن العاص(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • مخطوطة حديث محمد بن عبدالله بن المثنى بن أنس بن مالك الأنصاري عن شيوخه(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • تراجم الشعراء (الخنساء – العباس بن مرداس - أمية بن أبي الصلت - زهير بن أبي سلمى - عنترة)(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • مخطوطة فوائد أبي محمد عبدالله بن محمد بن جعفر بن حيان أبي الشيخ(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • من باب الكفاءة والخيار(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسلمات سراييفو يشاركن في ندوة علمية عن أحكام زكاة الذهب والفضة
  • مؤتمر علمي يناقش تحديات الجيل المسلم لشباب أستراليا ونيوزيلندا
  • القرم تشهد انطلاق بناء مسجد جديد وتحضيرًا لفعالية "زهرة الرحمة" الخيرية
  • اختتام دورة علمية لتأهيل الشباب لبناء أسر إسلامية قوية في قازان
  • تكريم 540 خريجا من مسار تعليمي امتد من الطفولة حتى الشباب في سنغافورة
  • ولاية بارانا تشهد افتتاح مسجد كاسكافيل الجديد في البرازيل
  • الشباب المسلم والذكاء الاصطناعي محور المؤتمر الدولي الـ38 لمسلمي أمريكا اللاتينية
  • مدينة كارجلي تحتفل بافتتاح أحد أكبر مساجد البلقان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/6/1447هـ - الساعة: 21:20
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب