• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الكبر
    د. شريف فوزي سلطان
  •  
    الفرق بين إفساد الميزان وإخساره
    د. نبيه فرج الحصري
  •  
    مهمة النبي عند المستشرقين
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (3)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    ماذا سيخسر العالم بموتك؟ (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    فقه الطهارة والصلاة والصيام للأطفال
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    ثمرة محبة الله للعبد (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    خطبة: القلق من المستقبل
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    فوائد وعبر من قصة يوشع بن نون عليه السلام (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    خطبة: المخدرات والمسكرات
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    {وما النصر إلا من عند الله} ورسائل للمسلمين
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرزاق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    الأحق بالإمامة في صلاة الجنازة
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    فضل الصبر على المدين
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    تفسير قوله تعالى: { والذين إذا فعلوا فاحشة أو ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    محاسن الإرث في الإسلام (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
شبكة الألوكة / ملفات خاصة / رمضان / مقالات
علامة باركود

المريض والصيام (3)

المريض والصيام (3 )
د. أمين محمد رضا

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 15/7/2013 ميلادي - 7/9/1434 هجري

الزيارات: 14979

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

المريض والصيام (3)


الجزء الثالث: الخاتمة

أولاً: ملخص الجزأين الأول والثاني:

لهذا البحث ثلاثة أهداف تم بحث اثنين منها في الجزأين السابقين.

أولهما: تحديد معاني كلمات الصحة والمرض والمريض، وظهر بالبحث أن هذا التحديد يكون مستحيلاً عرفًا، ولغة، وتعريفه طبيًّا يستلزم دراسة طويلة مفصلة، أما الإنسان، فيعرف نفسه صحيحًا أو مريضًا، ولا ينتظر تعريفًا من أحد.

 

وثانيهما: تعيين المريض الذي يجوز أو يجب أن يفطر، وآراء علماء الدين في هذا الموضوع كثيرة وشتى، وتتراوح بين التشدد في وجوب الفطر أو الصيام، إلى آراء متدرجة عسرًا ويسرًا بين هذين الرأيين المتطرفين. والهدف الثالث وهو المعروض في المقالة الحالية هو تحديد من يقرر على مسؤوليته الفطر في المرض من عدمه، وكيف يصل إلى هذا القرار.

 

ثانيا: مسؤولية القرار:

لا يمكن أن يتصور عاقل أن رجلاً من علماء الدين أو الطب يمكنه أن يفكر فى القيام بتفتيش ميدانى للبحث عن مرضى المسلمين في رمضان لكى ينصحهم أو يأمرهم بالفطر من عدمه، وإذا حدث أن فكر في هذا الأمر ما أمكنه القيام به، إذ أن ذلك يوجب تكوين فريق عمل كبير من هؤلاء العلماء ينزلون في وقت واحد، فيفحصون جميع أفراد الشعب فحصا مفصلا، وفردا فردا، في الأسواق والطرقات والمساكن والمكاتب والمتاجر، وهذا العمل غير جائز، وإذا جاز فهو مستحيل عمليًّا.

 

إذا فالمسألة لا تبدأ من جهة رجال العلم، أو علماء الدين أو الطب، ولا من أية جهة مسؤولة أو غير مسؤولة، وإنما المسألة تبدأ بالمؤمن الصائم نفسه. فهو يشعر بحالته الصحية التي اعتاد عليها، ثم إذا به يشعر أن هذه الطبيعة تغيرت بشكل أو بآخر، ويقرر أنه مصاب بمرض وليس موضوعنا معرفة كيف يتصرف المريض نحو علاج مرضه. ولكن المطلوب هو كيف يتصرف تجاه صومه في مرضه، والاتجاهات المبوبة فيما يلي هي التي يقابلها الطبيب أثناء ممارسته لمهنته في استقبال المرضى وتوجيههم علاجيا.

 

1- المريض يكتفي برأيه الشخصي: فهو يقرر بينه وبين نفسه أن يصوم أو يفطر، حسب إحساسه بشدة أو خفة مرضه، ومعرفته بقوة احتماله للصوم. وهو يقوم بذلك إن كان إيمانه صحيحا متيقنا أن قراره هذا تحت رقابة ربه، ويراعي في قراره هذه الرقابة مراعاة تامة. إلا أن هذا الرأي قد يكون وليد التعصب للإفطار مهما كان السبب أو كانت النتيجة، أو التعصب للصيام مهما كان السبب أو كانت النتيجة.

 

وقد يقر الصيام خجلا من الناس إذا أفطر، ماذا يقولون عنه؟ أو خوفا من أن يتهم بضعف احتماله للمشقة. أو غير ذلك من النزعات غير الموضوعية التي تساوره بينه وبين نفسه، ولا يمكن أن يعلم بها أحد غير الله. ومع أن هذه النزعات الخفية يمكن أن تعرضه لشدة أو مضاعفات أو خطر في مرضه، إلا أنه لا يمكن لأحد أن يتداركها لخفائها. وهذا المريض في هذه الحالة حسابه وثوابه، واحتمال عقابه، كل ذلك على الله، لأن اتخاذه لموقفه هذا يتم سرا لا علانية.

 

2- المريض يقوم بالاطلاع: فهو يريد أن يتعلم، ويريد أن يصل إلى قرار مبني على علم. وهو اتجاه سليم صحيح. وأول ما يطلع عليه هو كتاب الله، ويقرأ آيات الصيام، ويقرأ فيها ترخيص الله سبحانه وتعالى بالفطر. ولكنه سيجد أيضا فقرتين. كل واحدة منهما تجذبه في اتجاه مختلف عن الأخرى: أن الصيام خير، أي أفضل له، وأن إرادة الله بالبشر عامة، وفي الصيام خاصة، اليسر لا العسر. ويستنتج من ذلك أن الأحرى به سلوك السبيل الأيسر لا الأعسر، حسب تقديره هو نفسه وتبعا لظروفه الصحية.

 

وإذا قرأ كتب السنة فلن يجد إيضاحا أكثر مما ورد في كتاب الله.

 

أما إذا اتجه إلى كتب التفسير والفقه وجد اختلافا كبيرا. وإذا حاول أتن يستقرأ ما يقوله علماء الفقه واللغة فيما هي الحال التي يطلق عليها اسم (المرض)، والتي تعطيه الترخيص بالفطر، ورغب في أن يوضح لنفسه معاني كلمات (الصحة والمرض والمريض) لم تسعفه الكتب في ذلك. وكل ذلك ورد بالتفصيل في الجزأين السابقين من هذا البحث.

 

3- الاستشارة. فإذا ما عجز هذا المريض في اطلاعه في الكتب، أو في تقرير ما يلزم على مسؤوليته وحده، فاستشاراته تكون في أحد الاتجاهات الآتية:

(أ) استشارة كل من هب ودب، وبذلك يتم إرشاده بطريقة عشوائية تجعله يضل طريقه إلى الصواب وهذا الاتجاه شائع بين الناس في أمور دينهم ودنياهم، مما أبعدهم عن كتاب ربهم وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم بسؤال من لا يعلم. والمرضى يعتادون على سؤال بعضهم البعض ويستشيرون جيرانهم وأصدقائهم وأقرباءهم، فتتفاقم حالتهم المرضية وتتضاعف، وقد يصيبهم أذى كبير باستشاراتهم غير الواعية.

 

(ب) استشارة علماء الدين، وهذا أول اتجاه صحيح والآراء التي سيدونها للمريض المستشير لا شك أنها لا تخرج عما هو مذكور في كتب التفسير والفقه والمفصلة في الجزأين الأولين من هذه الدراسة. ولا شك أن العالم الدارس لدينه يمكنه أن يوجه طالب الفتوى توجيهًا محددًا واضحًا، إن كان هذا العالم واعيًا ومخلصًا، ومع ذلك فإن كثيرا من أصحاب المذاهب تصدر عنهم آراء متضاربة، تخيب آمال الناس في استفساراتهم ولذلك كان الشيخ محمود شلتوت - رحمه الله - يقول: وتقدير اليسر والعسر يرجع المؤمن فيه إلى إيمانه وما يحسه في نفسه، ومفتيه في ذلك ضميره، ولا حاجة بعد معرفة المبدأ العام إلى فتوى المفتين التي كثيرا ما توقع الناس في الحيرة والاضطراب (1) محمود شلتوت: الفتاوى. القاهرة: دار القلم 1966.

 

وعالم الدين إذا جلس إليه المريض يستشيره فإنني أرجوه أن يتبادل معه السؤال والجواب عن مرضه، وأن يتعرف على مشكلة المستفتي من الجوانب التي تعينه على إبداء النصيحة الواضحة المعتدلة، مع بيان أنه لا سيطرة للعالم على المؤمن في شيء، لأن مسؤولية المريض في صومه وفطره مسؤولية شخصية عليه وحده وإنما المفتي ناصح أمين. وقد تكون أمانته أن يحيل المريض المستشير إلى طبيبه المعالج، كما أشار بذلك الشيخ شلتوت في المرجع السابق، والشيخ محمد عبده في تفسيره رحمهم الله.

 

والمشكلة الأساسية عند العالم الذي يستفتيه أحد الصائمين عن إحساسه بأنه مريض أم لا هي كيف يمكن لهذا العالم أن يعرف أن هذا المستفتي مريض أم لا، إن كان المرض عنده ليس إلا خروج البدن عن صحته؟ وإن كانت الصحة عنده ليست إلا عدم المرض؟ وإن كانت هذه هي المشكلة الأساسية فكيف يوجه المستفتى في مشكلته الفرعية وهي التعرف على نوع مرضه وإن كان هذا النوع يعطيه رخصة الصوم أم لا يعطيه؟

 

(ج) استشارة الطبيب، وربما كان من الطبيعي أن يكون منطق المريض التفكير في زيارة الطبيب ليعرض مشكلته المرضية عليه وليطلب منه أن يقدم له حلا يريحه من آلامه ومتاعبه الناشئة من مرضه. وربما فكر أيضا في أن يستشير طبيبه في الصيام أو عدم الصيام . خصوصا إن نصحه أحد من يثق في علمهم بذلك وهذا موضوع الفقرة التالية.

 

ثالثا: مسؤولية الطبيب

ربما إذا فكرت في هذه المسؤولية وفكر معي زملائي لتوصلنا إلى النقاط الأساسية الآتية:

1- سيطرة أم نصيحة؟ في كل علاقاته مع مرضاه موقف الطبيب التوجيه والنصح لا الإلزام. فإذا نصح مريضه بتناول دواء أو الخلود للراحة أو إجراء جراحة، أو اتباع نظام خاص في الغذاء، فيجب أن يفهم المريض أن تنفيذ كل هذا لمصلحته الشخصية وبرجاء أن يشفيه الله، باتباع ما علمه الله طبيبه من علاج لمرضه. وكذلك فإذا نصح الطبيب مريضه بالاستمرار في الصيام أو بالكف عنه فهو لمصلحة المريض ورجاء شفاء مرضه، وعلى المريض تبعة طاعته لطبيبه أو عدم طاعته.

 

2- مريض أم صحيح؟ نعم إن هذا الإنسان المتقدم للطبيب طالبا المشورة عنده مشكلة يريد أن يعرضها عليه راجيا الوصول إلى حل لها. وقد يكون هذا الإنسان واحدا من الأنواع الآتية والتمييز بين هذه الأنواع من صميم عمل الطبيب، حسب ما تعلمه في كليته، وما تراكم عنده من خبرة في ممارسة عمله وفي استمراره في متابعة التطورات العلمية والعملية الطبية.

 

(أ) صحيح لا مريض: وهو نوع يعرفه الأطباء جيدا، ولو أنه أحيانا يكون صعبا في الكشف عنه. فقد يظهر صحيح أنه مريض لنفع يصبه بإثبات أنه مريض، مثل الحصول على أجازة أو على تعويض مادي أو أدبي أو على اهتمام من بعض الجهات الرسمية أو على عطف منة ذوي رحمه، أباء أو أمهات أو إخوة أو أخوات أو أبناء أو أزواج، فهو صحيح متمارض، وقد يسوقه على التمارض إلى طلب الترخيص له بالإفطار كمريضٍ في رمضان وهو ليس مريضا، ويهيأ له أن حصوله على ترخيص رسمي من عالم دين أو طبيب يعفيه من المسؤولية أمام الله. وفي هذا الحال لابد للطبيب أن يلقنه درسا في أن مسؤولية الإفطار على عاتق المريض لا الطبيب، وأن مرضه لا يعفيه من الصيام قطعا.

 

(ب) مريض وهمي: وهو نوع آخر يشعر بالمرض، ولكن الطبيب لا يجد عنده أثرا لمرض وعند الأطباء من الخطأ أن يقال له أن صحيح. وهو حقيقة مريض نفسي لا بدني ويستحق العلاج لنفسه لا لبدنه ويسهل على الطبيب إقناعه أن مرضه هذا طفيف ولا يستحق الترخيص بالفطر.

 

(ج) مريض حقا: والطبيب لا عمل له من أول دراسته في كلية الطب إلى تخرجه فيها إلى بقية حياته إلا أن يفحص الناس الذين يحضرون للاستشارة الطبية فيقرر أنهم مرضى ومن أي نوع، وبأي مرض، وبأية درجة ويصف لهم العلاج ألازم على أساس فحصه هذا. وقد يفكر ذلك المريض في استشارة طبيبه عن الصوم من عدمه، ويستحسن أن تكون استشارته هذه موجه إلى طبيبه المعالج لأنه يعلم عن مرضه أكثر مما يعرفه غيره من الناس إلا طبيبه المعالج.

 

3- المريض يفطر أو لا يفطر؟ وقد يجد الطبيب أن مريضه يقع في إحدى الفئات الآتية:

(أ) مريض ينفعه الصيام: وقد سجل الشيخ محمد عبده - رحمه الله - في تفسيره هذه الملاحظة، ويعلمها أيضا جميع الأطباء. ويقع في هذه الفئة أمراض التخمة والبدانة وارتفاع ضغط الدم وارتباكات وظائف الجهاز الهضمي. بشرط ألا يكون أكلهم عند الإفطار في آخر النهار أكلا يتسم بالانتقام من الصيام والنهم وحشو البطون بما يزيد مرضهم تعقيدا، ونصيحة الطبيب لهذه الفئة الاستمرار في الصيام حرصا منه على سلامة صحتهم البدنية والنفسية مع تخفيف وجبة الإفطار.

 

(ب) مريض لا يضره الصيام: وموقف الطبيب بالنسبة لهذه الفئة شائك؛ لأن آراء الفقهاء التي وردت في الجزأين السابقين يعتبروا كل حال ممكن تسميتها (مرضا) تبيح الفطر ولأن المرض فقهيا ولغويا (هو الخروج عن حال الصحة) وقد وضح من التفصيل الوارد فيما سبق أن هذا التعريف وإن كان صحيحا إلا أنه مبهم وغير محدد، وإذا أراد أحد أن يخوض في توضيحه وتحديده لوجد نفسه يدخل في تفصيلات وتشعبات ليست متيسرة إلا بدراسة العلوم الطبية لسنوات طوال. ولتعذر تحديد معاني كل واحدة من كلمات (الصحة والمرض والسقم) فقد اختار كبار الأئمة المذكورين فيما سبق الفطر لأية حالة مرضية أيا كانت خفيفة، بما في ذلك المثلان السابق ذكرهما: (وجع الإصبع) و(الوعكة الخفيفة). ووجه حرج الطبيب في هذا الشأن أنه توجد شعوبا بأكملها لا يكاد يوجد من بينها فرد إلا وجازت له رخصة الإفطار بناء على هذا الرأي المتناهي في التسيير، لأن هذه الشعوب تنتشر فيها أمراض أشد من الوعكة الخفيفة ومن وجع الإصبع، مثل شعبنا الذي يكاد يكون كل فرد فيه مريضا بأكثر من مرض، فغالبيته العظمى تعاني من البلهارسيا والإنكلستوما والديدان الثعبانية والشريطية والكبدية والملاريا، ومن أعداد لا تكاد تحصى من الطفيليات وفقر الدم وسوء التغذية بأنواعها، والجرب، وتضخم الكبد والطحال ومختلف أنواع الرمد وضعف البصر والسمع إلى غيرها من الكثير من الأمراض المتوطنة وغير المتوطنة المتفشية في بلاد المناطق الحارة. ورأي فقهي آخر يحرج الطبيب، وهو الذي يقول (إن من لا يستطيع الوقوف أثناء الصلاة يرخص له بالفطر) هذا الرأي يقسو على المرضى الذين يمكنهم الوقوف أثناء الصلاة، ولكنهم معرضون لخطر بالغ إذا صاموا، ويخفف على مرضى آخرين لا يضرهم الصوم ولا يمكنهم الوقوف في الصلاة بسبب بتر في الساق مثلا، واستقرت حالتهم. هذه الفئة من المرضى الذين هم في تقدير أطبائهم يمكنهم الصيام بدون أدنى ضرر لا يوجد في نظر الأطباء ما يبرر الترخيص لهم بالفطر. وهذه طبعا ستكون نصيحة الطبيب لهم الاختيار متروك للمريض.

 

(ج) مريض يضره الصوم لحاجته إلى شرب الماء: وهذه الفئة تقع فيها أغلب أمراض الكلى لأنها تحتاج إلى شرب كمية كبيرة من السوائل موزعة على اليوم كله نهاره وليله وإلا أصيبت المسالك البولية بضرر بالغ وهذا المريض ينصحه الأطباء طبعا بالفطر، وأنه إذا صام فهو يؤذي ولكن الاختيار والتنفيذ في يد المريض وحده.

 

(د) مريض يضره الصيام لتعطل تعاطي العلاج بالأدوية نهارا: وليس معنى ذلك أن جميع الأمراض من هذا القبيل فتوجد أمراض فيها تناول بعض العقاقير في الفطور والسحور. كما أنه توجد أدوية جديدة طويلة المفعول يكفي أن يتعاطى منها المريض جرعة واحدة كل 24 ساعة وقد تخصص أحد مصانع الدواء في هذا النوع ويقوم في دعايته لها أنها منتجة خصيصا للمسلمين لتسهيل صيامهم في رمضان وغير رمضان إن كانوا مرضى ولم يختلف أحد في أن الأدوية التي يتعاطاها المريض بالفم تفسد الصيام إذا تناولها نهارا، أما الحقن والتحاميل (اللبوسات الشرجية) ففيها خلاف وشكوك كما هو مفصل فيما بعد وعلى كل حال فإن كان تعطيل تعاطي الدواء نهارا بالصيام يضر المريض أو يؤخر شفاءه ولا توجد طريقة لتأجيل العلاج إلى ما بعد غروب الشمس فلا شك أن من واجب الطبيب أن ينصح مريضه بالإقلاع عن الصيام والمريض الذي يخالف هذه النصيحة يؤذي نفسه وأمره إلى الله وحده.

 

(هـ) مريض يضره الصيام قطعا: وذلك بسبب عدم تناول ما يكفيه من السوائل أو الطعام أو الدواء. ويقع في هذه الفئة قرحات المعدة والاثنا عشر ومرض السكر والتسمم البولي وبعض الأمراض الأخرى الأقل انتشارا وهذه الفئة من الأمراض قد تؤذي صاحبها إذا بالغا إذا صام، وقد يشرف على الهلاك وواجب الطبيب المعالج أن يوضح هذه الخطورة لمريضه حتى يكون على حذر منها ويأمره بوجوب الفطر، وأنه إذا خالف هذا الأمر فكأنه ينتحر وحسابه على الله.

 

(و) كل حالة على حدة: لكل مرض أنواع ودرجات ولكل مريض ظروف صحية ومرضية ومعيشية تختلف عنها في مريض آخر. ولذلك فالطبيب المعالج يزن كل حالة على حدى وينصح مريضه بما يجب اتباعه في صيامه أو فطره، حسب وقوع مريضه في إحدى الفئات المذكورة آنفا.

 

رابعا: الحقن والتحاميل.

يجب إلقاء نظرة على استعمال هاتين الطريقتين العلاجيتين أثناء الصيام في رمضان وذلك لسببين:

1- أن استعمالهما قد يساعد المريض على الاستمرار في الصيام من غير تعطيل العلاج.

 

2- أنهما موضع خلاف في الرأي.

 

وواضح أن الخلاف ناشئ من أنهما طريقتان مستحدثتان للعلاج. ولحداثتهما لا يوجد فيهما نص قرآني أو نبوي يوضح تأثيرهما على إفساد الصيام من عدمه. وكل آراء علماء الدين والطب فيهما اجتهادية والنقط المهمة فيهما هي كالتالي:

1- بما أنهما مستحدثتان ولا نص فيهما فهما مباحتان مطلقا للعلاج، ولا أظن أن هذه النقطة فيها خلاف.

 

2- لذلك فهي أيضا لا تفسد الصيام، ولكن هذه النقطة فيها خلاف، وهو طبعا خلاف اجتهادي.

 

3- ما دخل منها في الجوف فهو يفطر، وما لم يدخل فلا يفسد الصيام. وهنا يجب:

(أ) تعريف ما هو الجوف: هل هو المعدة فقط أم أي جزء من الجهاز الهضمي أم أي واحد من تجاويف البدن، أم جزء من البدن عموما، بما أن الجسم وحدة حيوية كاملة وإن كان مركبا من عدة أجهزة متخصصة.

 

(ب) من أين جاءت قاعدة الجوف هذه.

 

4- تفصيل في أنواعها: الحقن إما في الجلد أو تحته أو في العضل أو في المفصل أو في الشرج أو داخل الصدر أو البطن أو العظم أو الجمجمة إلى آخر العديد من الأنواع. وبعض الآراء تميز بين هذه الأنواع وبعضها في إفسادها الصيام أو عدمه. وهذا التفصيل لا يوجد له أساس قرآني أو نبوي أو طبي في علاقته بإفساد الصيام.

 

5- تفصيل في تركيبها: الحقن التي فيها غذاء تفسد الصيام والعكس صحيح مع حاجة هذا القول إلى تعريف علمي لما هو مقصود بالغذاء ومع ملاحظة أن جميع الحقن والتحاميل يوجد في تركيبها العقار الفعال أي المادة العلاجية المطلوبة للمريض، علاوة على المادة الحاملة لهذا العقار وهي في التحاميل مادة دهنية، وفي بقية الحقن الماء، وبذلك لا يخلو أي نوع من الحقن أو التحاميل من غذاء فالماء أهم غذاء للإنسان.

 

وإذا نظر طبيب إلى كل هذه الآراء تعجب لها وعز عليه المجهود الذهني الضائع المؤدي إلى خلافات لا تفيد مسلما صائما أو مفطرا ولا تفيد مريضا أو صحيحا للأسباب الآتية:

1- لأن جميعها تفتقد الأساس العلمي سواء كان هذا الأساس في النصوص الدينية أو العلوم الطبية.

 

2- لأن الحقن كلها إذا شك فيها المريض ولا أقول عالم الدين أو الطبيب فليؤجلها إلى ما بعد غروب الشمس.

 

3- إذا كان العلاج لا يسمح بتأجيل الحقن إلى ما بعد الغروب فلماذا لا يأخذ المريض ما يسره الله سبحانه وتعالى له من ترخيص بالإفطار بسبب المرض الذي يعاني منه والذي يستلزم تناول كل هذه العلاجات التي ذكرت من قبل حتى لا نكرر؟

 

4- إذا رأى المريض كثرة الآراء الخاصة بالحقن وتضاربها، وأصر على الاستمرار في الصوم بالرغم من مرضه، واستعان بالحقنة على مرضه فلماذا لا يساوره الشك في أنه بذلك أفطر دون أن يدري، ثم هو لا يعوض أيام مرضه ويكون صيامه ناقصا دون أن يدري مع أن الأولى به الإفطار لمرضه؟

 

5- إذا رأى المريض أن الحقن والتحاميل لا تفسد الصوم، فمعنى ذلك أنه لا يوجد مرض يبيح الفطر، فكل الأمراض يمكن الاستمرار في الصوم أثنائها مع الاستعانة بالحقن للتغلب على أثارها، فالحقن ممكن أن تتدخل في الجسم كل ما يلزم من عقاقير ومن جميع أنواع الغذاء. وبذلك فهذا المريض يوصد على نفسه الباب الذي رخص الله منه التيسير بالإفطار في المرض.

 

المصدر: مجلة التوحيد، عدد 1490 رمضان هـ، صفحة 34.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • المريض والصيام (1)
  • المريض والصيام (2)

مختارات من الشبكة

  • آداب المريض وزيارته (3/ 15)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أحاديث عن زيارة المريض(مقالة - آفاق الشريعة)
  • آداب المريض وزيارته (9/ 15)(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • شكرا أيها الطبيب(مقالة - حضارة الكلمة)
  • القنديل السادس عشر: في بعض الأحكام الفقهية للصائمين (3) (المريض الذي يُرجى برؤه)(مقالة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)
  • فقه المريض في الصيام (PDF)(كتاب - ملفات خاصة)
  • المريض الذي لا يرجى برؤه وعليه صيام والإطعام عن الأيام المتعددة(مقالة - ملفات خاصة)
  • عبادة المريض(مقالة - آفاق الشريعة)
  • آداب المريض وزيارته (13/ 15)(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • عيادة المجاهر بمعصية(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 16/11/1446هـ - الساعة: 14:43
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب