• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    {وما النصر إلا من عند الله} ورسائل للمسلمين
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرزاق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    الأحق بالإمامة في صلاة الجنازة
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    فضل الصبر على المدين
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    تفسير قوله تعالى: { والذين إذا فعلوا فاحشة أو ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    محاسن الإرث في الإسلام (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    تفسير: (لقد كان لسبإ في مسكنهم آية جنتان عن يمين ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    علامات الساعة (2)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    ما جاء في فصل الصيف
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
  •  
    خطبة: أم سليم ضحت بزوجها من أجل دينها (1)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    خطبة: التربية على العفة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    التلاحم والتنظيم في صفوف القتال في سبيل الله...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أسس التفكير العقدي: مقاربة بين الوحي والعقل
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    ابتلاء مبين وذبح عظيم (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
شبكة الألوكة / ملفات خاصة / رمضان / فقه الصيام وأحكامه
علامة باركود

المنتقى المشبع من الشرح الممتع (33)

المنتقى المشبع من الشرح الممتع (33)
الشيخ تركي بن عبدالله الميمان

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 22/12/2011 ميلادي - 26/1/1433 هجري

الزيارات: 10323

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

المنتقى المشبع من الشرح الممتع (33)
باب ما يفسد الصوم

 

أي: ما يُبطله، والمفسد للصوم يسمى عند العلماء المُفطّرات، وأصولها ثلاثة، ذكَرها الله - عز وجل - في قوله: ﴿ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 187]، وقد أجمَع العلماء على أنَّ هذه الثلاثة تُفسد الصوم.

 

(ويوجِب الكفارة) هي: عِتق رقبة، فإن لَم يجد، فصيام شهرين متتابعين، فإن لَم يستطع، فإطعام ستين مسكينًا.

 

(من أكل)، والأكل: هو إدخال الشيء إلى المعدة عن طريق الفم، والصحيح: أنه عام، وأن كل ما ابتلَعه الإنسان من نافِع أو ضار، أو ما لا نفْعَ فيه ولا ضرر، فإنه مُفطر.

 

(أو شُرب) الشُّرب: يشمل ما ينفع وما يضرُّ، وما لا نفْعَ فيه ولا ضرر، ويَلحق بالأكل والشرب ما كان بمعناهما، كالإبر المُغذية التي تُغني عن الأكل والشرب.

 

(أو اسْتَعَطَ)، تناوَل السَّعُوط، والسَّعُوط: ما يصل إلى الجوف عن طريق الأنف؛ لأن الأنف مُنفذ إلى المعدة؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - للَقِيط بن صَبِرة : ((وبالِغْ في الاستنشاق، إلاَّ أن تكون صائمًا))، وعلى هذا، فنقول: كل ما وصَل إلى المعدة عن طريق الأنف والفم، فإنه مُفطر.

 

(أو احْتَقَنَه)، الاحتقان: إدخال الأدوية عن طريق الدُّبر، فإذا احتقَن، فإنه يُفطر؛ لأن العلَّة وصول الشيء إلى الجوف، فإذا وصَل إلى الجوف شيءٌ - عن طريق الفم، أو الأنف، أو أيِّ منفذ كان - فإنه يكون مُفطرًا، والقول الراجح في هذه المسألة قول شيخ الإسلام ابن تيميَّة وهو: أنْ لا فِطر بالحقنة؛ لأنه لا يُطلق عليها اسم الأكل والشرب، لا لُغة ولا عُرفًا، وليس هناك دليلٌ أنَّ مناط الحُكم وصول الشيء إلى الجوف.

 

(أو اكتحَل بما يصل إلى حَلْقه)، فإنه مفطر؛ لأنه وصَل إلى شيء مجوف في الإنسان، وهو الحَلْق، ولكنْ في هذا التعليل نظرٌ، والصحيح: أنَّ الكُحل لا يُفطر - ولو وصَل طَعْمُ الكحل إلى الحَلْق؛ لأن هذا لا يُسمَّى أكلاً وشُربًا، ولا بمعنى الأكل والشرب، والأصل عدم التفطير وسلامة العبادة.

 

(أو أدْخَل إلى جوفه شيئًا من أيِّ موضع كان)، "إلى جوفه"؛ أي: إلى شيء مجوف في بدنه، كحَلْقه وبَطنه وصَدْره، والمراد أنه يُفطر بذلك، والصحيح: أنه لا يُفطر إلا أنْ تجعل هذه الفتحة بدلاً عن الفم، بحيث يدخل الطعام والشراب منها؛ لانسداد المرِّيء أو تقرُّحه، ونحو ذلك.

 

(غير إحليله)؛ أي: قناة الذَّكر؛ لأن الذَّكر لا يصل إلى الجوف ما دخَل عن طريقه، (أو استقاء)؛ أي: استدعى القيء؛ لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((مَن استقاء عمدًا، فليقضِ، ومَن ذرَعه القيء، فلا قضاء عليه))، "ذرَعه"؛ أي: غَلَبه.

 

(أو استمْنَى)؛ أي: طلَب خروج المني بأي وسيلة؛ لأن الله - سبحانه وتعالى - قال في الصائم: ((يدَع طعامه وشرابه وشَهوته من أجْلي))، والاستمناء شهوة.

 

(أو باشَر، فأمْنَى)؛ أي: باشَر زوجته، فإنه إذا أنزَل، أفطَر.

 

(أو أمْذَى)؛ أي: فإنه يُفطر، والمَذي: ماء رقيق يَحصل عقب الشهوة بدون أن يحسَّ به الإنسان عند خروجه، والصحيح: أنه لا يُفطر؛ لأن المَذِي دون المَنِي، لا بالنسبة للشهوة، ولا بالنسبة لانحلال البدن، ولا بالنسبة للأحكام الشرعيَّة؛ حيث يُخالفه في كثير منها.

 

(أو كرَّر النظر، فأنْزَل)؛ يعني: فإنه يَفْسُد صومه، فإن نظَر نظرة واحدة، فأنْزَل، لَم يَفْسد صومه؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((لك الأولى، وليست لك الثانية))، إلاَّ أن يستمرَّ حتى يُنزل، فيَفْسُد صومُه.

 

(أو حجَمَ)؛ أي: حجَم غيرَه.

 

(أو احتجَم)، بمعنى: طلَب مَن يحجمه، (وظهَر دَمٌ)، فسَد صومه؛ لحديث شَدَّاد بن أَوْس وغيره أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((أفطَر الحاجم والمحجوم))، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: إنَّ إفطار الصائم بالحجامة له حِكمة، أمَّا المحجوم، فالحِكمة هو أنه إذا خرَج منه هذا الدم، أصاب بدنه الضَّعف، الذي يَحتاج معه إلى غذاءٍ؛ لترتدَّ عليه قوَّته، وأما الحِكمة بالنسبة للحاجم، فهو أنَّ الحاجم عادة يَمصُّ قارورة الحجامة، وإذا مصَّها، فإنه سوف يَصعد الدم إلى فمه، ورُبَّما ينزل إلى بطنه؛ ولهذا قال: لو أنه حجَم بآلات منفصلة لا تحتاج إلى مصٍّ، فإنه لا يُفطر بذلك، والذي يظهر لي - والعلم عند الله - أنَّ ما ذهَب إليه شيخ الإسلام أَوْلَى، فإذا حجَم بطريق غير مباشر، ولا يحتاج إلى مصٍّ، فلا معنى للقول بالفطر؛ لأن الأحكام الشرعية يُنظر فيها إلى العِلل الشرعيَّة، وعلى ما ذهَب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية، وهو أنَّ على الفطر بالحجامة معلومة، فيقول: إنَّ الفصد (قطْع العِرْق)، والشرط (شَق العِرق) يُفسدان الصوم، وكذلك لو أرعَف نفسه، حتى خرَج الدم من أنفه، بأن تعمَّد ذلك ليخفَّ رأسه، فإنه يُفطر بذلك، وقوله - رحمه الله - أقربُ للصواب.

 

(عامدًا) وضده غير العامد، وهو نوعان: أحدهما: أن يحصل المفطر بغير اختياره بلا إكراهٍ، مثل: أن يَطير إلى فمه غبارٌ، فلا يفطر، والدليل قوله تعالى: ﴿ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ ﴾ [الأحزاب: 5].

 

الثاني: أن يفعل ما يُفطر مُكرَهًا عليه، فلا يَفْسُد صومه؛ لقوله تعالى: ﴿ مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ [النحل: 106].

 

(ذاكرًا لصومه، فسَد، لا ناسيًا)؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((مَن نَسِي وهو صائم، فأكل أو شَرِب، فليتمَّ صومه، فإنما أطعمَه الله وسقاه))، ولقوله تعالى: ﴿ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِيْنَا أَوْ أَخْطَأْنَا ﴾ [البقرة: 286]، فقال الله تعالى: "قد فعلت".

 

(أو مُكرهًا)؛ لقوله تعالى: ﴿ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ ﴾ [الأحزاب: 5]، ومقتضى كلام المؤلِّف أنه لا يُشترط أن يكون عالِمًا، والصحيح اشتراطُ العلم، فتكون شروط المُفطرات ثلاثة: العلم، والذِّكر، والعَمْد، وضد العِلم الجهل، والجهل ينقسم إلى قسمين:

(1) جهل بالحكم الشرعي؛ أي: لا يدري أنَّ هذا حرام.

 

(2) جَهْل بالحال؛ أي: لا يدري أنه في حالٍ يَحرُم عليه الأكل والشرب، وكلاهما عُذر. والدليل قوله تعالى: ﴿ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِيْنَا أَوْ أَخْطَأْنَا ﴾ [البقرة: 286]، وإذا انتفَت المؤاخذة، انتفى ما يترتَّب عليها؛ أمَّا الجهل بالحُكم، فدليله حديث عَدِي بن حاتم - رضي الله عنه -: "أنه أرادَ أن يصوم وقرأ قوله تعالى: ﴿ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ ﴾ [البقرة: 187]، فأتى بعقال أسود - حبل تُربَط به يدُ البعير - وأتى بعقال أبيض، وجعَلهما تحت وسادته، وجعَل يأكل وينظر إلى الخَيْطين؛ حتى تبيَّن الخيط الأبيض من الخيط الأسود"، ولَم يأمُره بالقضاء؛ لأنه جاهل، وأمَّا الجهل بالحال، فقد ثبَت في الصحيح عن أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنهما - قالت: "أفطرنا في يوم غيمٍ على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم طلعَت الشمس"، ولَم يأمُرهم النبي - صلى الله عليه وسلم – بالقضاء.

 

(أو طار إلى حَلْقه ذبابٌ أو غُبار)؛ أي: فلا يُفطر؛ لأنه بغير قصْدٍ.

 

(أو فكَّر، فأنْزَل)، فإنه لا يَفْسُد صومه؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((إنَّ الله تجاوَز لأُمَّتي ما حدَّثتْ به أنفسَها، ما لَم تعمل أو تتكلَّم)).

 

(أو احْتَلَم)؛ أي: فلا يُفطر؛ لأنَّ النائم غير قاصدٍ.

 

(أو أصبَح في فيه طعام، فلفَظه)؛ أي: لا يَفْسُد صومُه؛ لأنه لَم يَبتلِع طعامًا بعد طلوع الفجر.

 

(أو اغتَسَل، أو تَمَضْمَض)، فدخَل الماء إلى حَلْقه، فإنه لا يُفطر؛ لعدم القصْد.

 

(أو استنْثَر)، والمراد استنشَق، فإذا استنشَق، ثم نزَل الماء إلى حَلْقه، فإنه لا يُفطر؛ لعدم القصْد.

 

(أو زادَ على الثلاث)؛ أي: في المضمضة أو الاستنشاق، فدخَل الماء إلى حَلْقه، فإنه لا يُفطر؛ لعدم القصد.

 

(أو بالَغ، فدخَل الماء إلى حَلْقه، لَم يفسد)؛ لعدم القصد، مع أنه مَكروه للصائم، فجعَل مناط الحُكم وصولَ الماء إلى الحَلْق، لا إلى المعدة، وظاهر كلام شيخ الإسلام ابن تيمية أنَّ مناط الحُكم وصول المفطر إلى المعدة، ولا شكَّ أنَّ هذا هو المقصود؛ إذ لَم يَرِدْ في الكتاب والسُّنة أنَّ مناط الحكم هو الوصول إلى الحَلْق.

 

(ومَن أكَل شاكًّا في طلوع الفجر، صحَّ صومه)؛ لأن الله تعالى قال: ﴿ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ﴾ [البقرة: 187]، وضدُّ التبيُّن: الشك والظن، فما دُمنا لَم يَتبيَّن الفجر لنا، فلنا أن نأكلَ ونشرب؛ لقوله تعالى: ﴿ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِيْنَا أَوْ أَخْطَأْنَا ﴾ [البقرة: 286]، وهذا من الخطأ، ولحديث أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنهما - حيث أكلوا يَظنون غروب الشمس، ثم طلعَت.

 

(لا إن أكَل شاكًّا في غروب الشمس)؛ أي: فلا يصحُّ صومه؛ لأنَّ الله يقول: ﴿ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ﴾ [البقرة: 187]، فلا بد أن يتمَّ إلى الليل، ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا أقبَل الليل من ها هنا - وأشار بيده إلى الشرق - وأدبَر النهار من ها هنا - وأشار إلى المغرب – وغروب الشمس، فقد أفطَر الصائم))، والفرق بين مَن أكَل شاكًّا في طلوع الشمس، ومن أكَل شاكًّا في غروب الشمس، أنَّ الأوَّل بانٍ على أصل، وهو بقاء الليل، والثاني أيضًا بانٍ على أصل، وهو بقاء النهار، فلا يجوز أن يأكل مع الشكِّ في غروب الشمس، وعليه القضاء، ما لَم نعلم أنه أكَل بعد غروب الشمس، ويجوز أن يأكل إذا تيقَّن أو غلَب على ظنِّه أنَّ الشمس قد غربَت، حتى على المذهب إذا غلَب على ظنِّه أن الشمس قد غرَبت، فله أن يُفطر ولا قضاء عليه ما لَم يتبيَّن أنها لم تَغرب، فإذا تبيَّن أنها لم تَغرب، فالصحيح: أنه لا قضاءَ عليه.

 

والدليل على أنه يجوز الفطر بالظنِّ مع أنَّ الأصل نقاء النهار؛ حديث أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنها - قالت: "أفطرنا في يوم غيمٍ في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم"، وإفطارهم بناءً على ظنٍّ قطعًا؛ لقولها في الحديث: "ثم طلعت الشمس".

 

(أو مُعتقدًا أنه ليلٌ، فبانَ نهارًا)، فالفقهاء لا يَعذِرون بالجهل، ويقولون العِبرة بالواقع، والقول الراجح: أنه لا قضاءَ عليه، وسبَق دليله.

 

(فصل) عقد المؤلِّف فصلاً خاصًّا للجماع؛ لكونه أعظمَ المُفطرات تحريمًا، وأكثرَها تفصيلاً، والجماع من مُفطرات الصائم، ودليله الكتاب والسُّنة والإجماع؛ أمَّا الكتاب، فقوله تعالى: ﴿ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 187].

 

وأما السُّنة، فستأتي، وأما الإجماع، فهو منعقد على أنه مُفطر.

 

(ومَن جامَع في نهار رمضان)، فيَشمل كلَّ مَن جامَع في نهار رمضان، ولكن ليس هذا على العموم، بل لا بد من شروط:

(1) أن يكون ممن يَلزمه الصوم.

 

(2) ألاَّ يكون هناك مُسقِط للصوم.

 

(3) أن يكون في قُبُلٍ أو دُبرٍ، وإليه الإشارة بقوله: (في قُبلٍ أو دُبرٍ، فعليه القضاء)؛ لأنه أفسَد صومَه الواجب، وذهَب بعض العلماء إلى أنَّ مَن أفسَد صومه عامدًا بدون عذرٍ، فلا قضاء عليه، وهذا هو الراجح، والفرق بين هذه المسألة وبين مَن شَرَع في الصوم: أنَّ مَن شرَع في الصوم، فقد الْتَزَم وألْزَم نفسه به، فإذا أفسَده، أُلْزِم بقضائه كالنَّذر، بخلاف مَن لَم يَصُم أصلاً. (والكفَّارة)؛ احترامًا للزمن، وظاهر كلام المؤلِّف أنه لا فرْقَ بين أن يُنزل أو لا يُنزل، فإذا أوْلَج الحشفة في القُبل أو الدُّبر، فإنه يَلزمه القضاء والكفَّارة.

 

(وإن جامَع دون الفرج، فأنزَل)، ذكَر المؤلِّف أنَّ عليه القضاء دون الكفارة؛ لأنه أفسَد صومه بغير الجِماع.

 

(أو كانت المرأة معذورة)، بجهْل أو نسيان أو إكراهٍ، فإنَّ عليها القضاء دون الكفارة، والدليل على وجوب الكفارة بالجماع، حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - الثابت في الصحيحين: "أنَّ رجلاً أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: هلكَت، قال: ((ما أهلكَك؟))، قال: وقَعتُ على امرأتي في رمضان وأنا صائم، فسأله النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((هل تجد رَقبة؟))، فقال: لا، قال: ((هل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟))، قال: لا، قال: ((هل تستطيع أن تُطعم ستين مسكينًا؟))، قال: لا، ثم جلَس الرجل، فجِيء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بتمرٍ، فقال: ((خُذْ هذا تصدَّق به))، قال: أعلى أفقر مني يا رسول الله؟ والله ما بين لابَتَيْها أهل بيتٍ أفقرُ مني، فضَحِك النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم قال: ((أطعمه أهلَك))، والمرأة إذا كانت مطاوعة، فعليها القضاء والكفارة كالرجل؛ لأن الأصل تَساوِي الرجال والنساء في الأحكام إلاَّ بدليل، والصحيح: أنَّ الرجل إذا كان معذورًا بجهْلٍ أو نسيان، أو إكراهٍ، فإنه لا قضاءَ عليه ولا كفارة.

 

(أو جامَع مَن نوى الصوم في سَفَره، أفطَر ولا كفارة)؛ لأنه مسافر، والمسافر يُباح له الفطر، (وإن جامَع في يومين، أو كرَّره في يوم، ولَم يُكفِّر، فكفارة واحدة في الثانية، وفي الأولى اثنتان)؛ أي: إذا جامَع في يومين بأنْ جامَع في اليوم الأول من رمضان، وفي اليوم الثاني، فإنه يَلزمه كفَّارتان؛ لأن كلَّ يوم عبادة مستقلة، وقيل: لا تَلزمه إلا كفارة واحدة، وهذا القول - وإن كان له حظٌّ من النظر والقوة - لكن لا تَنبغي الفُتيا به.

 

(إن جامَع ثم كفَّر، ثم جامَع في يومه، فكفارة ثانية)؛ أي: إذا جامَع في يوم واحدٍ مرتين، فإن كفَّر عن الأوَّل، لَزِمه كفَّارة عن الثاني، وإن لَم يُكفِّر عن الأوَّل، أجْزَأه كفارة واحدة؛ لأن الموجَب والموجِب واحدٌ، واليوم واحد، فلا تتكرَّر الكفارة، والقول الثاني: لا يَلزمه عن الثاني كفارة؛ لأن يومَه فسَد بالجماع، وإذا تأمَّلت المسألة، وجَدت أن القول الثاني أرجحُ.

 

(وكذا مَن لَزِمه الإمساك إذا جامَع)، مثاله: لو قامَت البيِّنة في أثناء النهار بدخول الشهر، وكان الرجل قد جامَع زوجته في أوَّل النهار، قبل أن يعلمَ بالشهر، فيَجب عليه القضاء والكفارة؛ لأنه لَزِمه الإمساك في هذا اليوم، والقول الثاني: أنه لا يَلزمه الإمساك؛ لأن هذا اليوم في حقِّه غير محترم؛ إذ إنه في أوَّله مُفطر بإذنٍ من الشرع، وليس عندنا صوم يجب في أثناء النهار، إلا إذا قامت البيِّنة، فهذا شيء آخر، وعلى هذا لا تَلزمه الكفارة إذا حصَل الجِماع، وهذا هو القول الراجح؛ قال ابن مسعود - رضي الله عنه -: "مَن أفطَر في أوَّل النهار، فليُفطر آخره"؛ أي: مَن أُبيح له أن يُفطر في أول النهار، أُبيح له أن يُفطر في آخره.

 

(ومَن جامَع وهو معافًى، ثم مَرِض، أو جُنَّ، أو سافَر، لَم تَسقط)، فلَزِمته الكفارة؛ لأنه حين الجِماع من أهل الوجوب، وهذه عكس المسألة السابقة.

 

(ولا تجب الكفارة بغير الجماع في صيام رمضان)، بيَّن المؤلِّف ما تجب به الكفارة من المُفطرات، فبيَّن أنَّها لا تجب بغير الجِماع في صيام رمضان، فهذا شرطان: الأول: أن يكون مُفسدُ الصوم جماعًا.

 

والثاني: أن يكون في صيام رمضان، وتزيد شرطين آخرين: أحدهما: أن يكون الصيام أداءً، والثاني: أن يكون ممن يَلزمه الصوم.

 

وظاهره أنَّ الكفارة تجب بالجِماع، وإن لَم يحصل إنزال، وهو كذلك؛ لأنَّ الكفارة مرتَّبة على الجماع؛ لقوله في حديث الأعرابي: "وقعتُ على امرأتي"، فجعَل العلة الوِقاع، ولَم يذكر الإنزال.

 

(وهي)؛ أي: كفارة الوطء في نهار رمضان (عِتق رقبة، فإن لَم يجد، فصيام شهرين متتابعين، فإن لَم يَستطع، فإطعام ستين مسكينًا)؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال للرجل الذي قال: إنه أتى أهله في رمضان: ((أعْتِق رقبة))، فقال: لا أجد، قال: ((صُم شهرين متتابعين))، فقال: لا أستطيع، قال: ((أطْعِم ستين مسكينًا))، قال: لا أجِد، فجعَلها النبي - صلى الله عليه وسلم - مرتَّبة، والصحيح أن المُعتبر في صيام الشهرين هو الأَهِلَّة؛ سواء في الشهر الكامل، أو في الشهر المُجزَّأ، قوله: ((فإطعام ستين مسكينًا))، فلو أنَّ الإنسان احتاطَ وأطعَم لكلِّ مسكين نصفَ صاعٍ، لكان حسنًا، وقيل: إنه لا يتقدَّر، بل يُطعم بما يُعَدُّ إطعامًا، فلو أنه جمَعهم وغدَّاهم، أو عشَّاهم، أجزأ ذلك؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال للرجل الذي جامَع أهله في نهار رمضان: ((هل تستطيع أن تُطعم ستين مسكينًا؟))، وهذا هو الصحيح.

 

(فإن َلم يَجِد، سقَطت)؛ أي: الكفارة؛ لقوله تعالى: ﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا ﴾ [الطلاق: 7]، وقوله: ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ﴾ [التغابن: 16]، ولعموم القاعدة الشرعيَّة، وهي أنه لا واجِب مع عجزٍ، فالواجبات تَسقط بالعجز عنها، فإن أغناه الله في المستقبل، فإنه لا يَلزمه؛ لأنها سقطَت عنه.

 

مسألة: كلما جاءَت الرقبة مطلقة، فلا بد من شرط الإيمان؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((أعْتِقها؛ فإنها مؤمنة))، والذي يظهر لي أنه لا يُشترط سلامة الرَّقبة من العيوب.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (1)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (2)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (3)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (4)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (5)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (6)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (7)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (8)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (9)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (10)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (11)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (13)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (12)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (14)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (15)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (16)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (17)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (18)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (19)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (21)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (22)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (23)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (24)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (25)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (26)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (27)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (28)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (29)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (30)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (31)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (32)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (34)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (35)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (36)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (37)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (38)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (39)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (40)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (41)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (42)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (43)

مختارات من الشبكة

  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (47)(مقالة - ملفات خاصة)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (46)(مقالة - ملفات خاصة)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (45)(مقالة - ملفات خاصة)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (44)(مقالة - ملفات خاصة)
  • المنتقى المشبع (20) باب صلاة العيدين(مقالة - ملفات خاصة)
  • بلوغ التقى في شرح المنتقى: المقدمة وكتاب الطهارة (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • كتاب المنتقى شرح موطأ الإمام مالك (نسخة كاملة سبعة أجزء)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • كتاب المنتقى شرح موطأ الإمام مالك (ج7)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • كتاب المنتقى شرح موطأ الإمام مالك (ج6)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • كتاب المنتقى شرح موطأ الإمام مالك (ج5)(مخطوط - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 16/11/1446هـ - الساعة: 14:43
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب