• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
  •  
    خطبة: أم سليم ضحت بزوجها من أجل دينها (1)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    خطبة: التربية على العفة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    التلاحم والتنظيم في صفوف القتال في سبيل الله...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أسس التفكير العقدي: مقاربة بين الوحي والعقل
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    ابتلاء مبين وذبح عظيم (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    فضل من يسر على معسر أو أنظره
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    حديث: لا طلاق إلا بعد نكاح، ولا عتق إلا بعد ملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    كونوا أنصار الله: دعوة خالدة للتمكين والنصرة
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    لا تعير من عيرك
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    من مائدة التفسير: سورة النصر
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أربع هي نجاة الإنسان في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    وحدة المسلمين (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { إذ قال الله يا عيسى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
شبكة الألوكة / ملفات خاصة / رمضان / خطب رمضان والصيام
علامة باركود

الاستعداد لشهر رمضان بين أهل الطاعة والإيمان وأهل الفجور والعصيان

الاستعداد لشهر رمضان بين أهل الطاعة والإيمان وأهل الفجور والعصيان
الشيخ فؤاد بن يوسف أبو سعيد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 17/5/2018 ميلادي - 2/9/1439 هجري

الزيارات: 34869

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الاستعدادُ لشهرِ رمضانَ

بينَ أهلِ الطاعةِ والإيمانِ وأهلِ الفجورِ والعصيانِ

 

إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

 

﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]

﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]

﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]


أما بعد؛ فإن أصدق الحديث كتابُ الله، وخيرَ الهديِ هديُ محمد صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعة ضلالة، وكلَّ ضلالةٍ في النار.

أعاذنا الله وإياكم من النار، ومن كل عمل يقرب إلى النار، اللهم آمين.

الاستعداد لشهر رمضان بين أهل الطاعة والإيمان وأهل الفجور والعصيان..

جاء شهر الصيام بالبركات، فأكرم به من زائر هو آت..

 

هو الشهر الوحيد الذي ذكر اسمه صراحة في القرآن الكريم، قال سبحانه: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ ﴾ [البقرة: 185]


وكما ميَّزه الله سبحانه بإنزال القرآن فيه؛ ميَّزه بأن فرض فيه الصيامَ على هذه الأمَّة؛ أمة محمد عليه الصلاة والسلام، فقال: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ﴾ [البقرة: 185].

 

شهرٌ تستعدُّ لاستقباله الخلائق؛ ففيه تُزَيَّنُ الجنة وتُفتح أبوابها الثمانية، وفيه تغلق النار أبوابها السبعة، ففي الحديث: «إِذَا دَخَلَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الجَنَّةِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ». (خ) (3277).

 

والملائكة الكرام يستعدُّون لهذا الشهر؛ لينادي مناديهم: ("يَا بَاغِيَ الخَيْرِ أَقْبِلْ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ، ...")، (ت) 682)، (جة) (1642).

 

وتستعدُّ الملائكةُ برئاسة الروحِ الأمين؛ جبريلَ عليهم السلام للنزولِ بالبركاتِ والرحماتِ في هذا الشهرِ الفضيل، قال سبحانه: ﴿ تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ ﴾ [القدر: 4]. هذه بعض استعداداتِ أهل السماوات، فكيف باستعداد أهل الأرض لرمضان؟

 

أما كفَّار الجنِّ والشياطينِ والمردة، فينتظرون الأصفاد والأغلال والسلاسل، طيلةَ شهرِ رمضان، فقد قال صلى الله عليه وسلم: ("إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ، وَمَرَدَةُ الجِنِّ..."). (ت) (682)، (جة) (1642)، ("وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ")، (خ) (1899)، ("وَصُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ")، (م) (1079)، ("وَتُغَلُّ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ...")، (س) (2106)، ورواية أخرى عند النسائي: ("وَيُصَفَّدُ فِيهِ كُلُّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ...") (س) (2108).

 

أما أهل الأرض فالناس منهم شقيٌّ وسعيد، ومنهم الكافر والمؤمن، فمنهم من لا يأبه لرمضانَ غابَ أو حضر، ولا يهتمُّ به جاءَ أو ذهب، فلا يلقي له بالا.

 

وأما أهلُ الفجورِ والعصيان، فيستعدُّون لشهر رمضان من شهر رجب، حيث أعدُّوا المسلسلاتِ والأفلامَ والتمثيليات، وشتى الأغاني ومختلفَ الألحانِ وأنواعَ المسرحيات، من شهر رجب أو قبله؛ والاستعداداتُ باللهوِ والخنا والغنا والفجور، فالممثلون والممثلات، والراقصون والراقصات، والماجنون والماجنات، أعدُّوا العُدَّة، وحشدوا البرامجَ والتسجيلات، كسبًا للأموالِ وجلبا للشهوات، وبثًّا للمحرمات، استعدُّوا من قبل رمضانَ بشهر أو شهرين أو أكثر، فهؤلاء يصدق عليهم قول الشاعر:

[يا ذا الذي ما كفاهُ الذنبُ في رجبٍ
حتى عصى ربَّه في شهرِ شعبان
لقد أظلَّك شهرُ الصومِ بعدهما
فلا تصيِّرْه أيضًا شهرَ عصيانِ
واتلُ القرآنَ وسبِّحْ فيه مجتهدًا
فإنَه شهرُ تسبيحٍ وقرآنِ
فاحملْ على جسدٍ ترجو النجاةَ لَهُ
فسوفَ تُضْرَمُ أجسادٌ بنيرانِ
كم كنت تعرفُ مِمَّن صامَ في سَلَفٍ
مِن بين أهلٍ وجيرانٍ وإخوانِ
أفناهم الموتُ واستبقاكَ بعدهمُ
حيًّا فما أقربَ القاصي منَ الداني
ومعجبٌ بثيابِ العيدِ يقطعُها
فأصبَحَتْ في غَدٍ أثوابَ أكفانِ
حتى يَعمُرَ الإنسانُ مسكنَه
مصيرُ مسكنِه قبرٌ لإنسان]

لطائف المعارف لابن رجب (ص: 149)

 

فـ[الحذرَ الحذرَ من المعاصي -يا عبد الله-؛ فكم سلبت من نِعَم، وكم جلبت من نِقَم، وكم خرَّبت من ديار، وكم أخلت دِيَارًا من أهلها فما بقي منهم دَيَّار، كم أخذت من العصاةِ بالثار، كم مَحَتٍ لهم من آثار]. لطائف المعارف لابن رجب (ص: 146- 147).

[يا صاحبَ الذنبِ لا تأمنْ عواقبَهُ
عواقبُ الذنبِ تُخشَى وهي تنتظرُ
فكلُّ نفسٍ ستُجزَى بالذي كسبتْ
وليس للخلقِ من ديَّانِهم وِزْرُ

 

أين حالُ هؤلاءِ الحمقى من قومٍ كان دهرُهم كلُّه رمضان؛ ليلُهم قيام، ونهارُهم صيام]. لطائف المعارف لابن رجب (ص: 147).

 

[وربما كره كثير من -هؤلاء الحمقى- صيامَ رمضان، حتى إنّ بعضَ السفهاءِ من الشعراءِ كان يسبُّه، -أي يسبّ رمضان َومجيءَ رمضان والعياذ بالله-، وكان للرشيد ابنٌ سفيه، -اسمه أحمد أبو عيسى ابْن الرشيد- [1] فقال مرة قبل قدوم رمضان:

دهاني شهر الصَّوْمِ لا كَانَ من شَهْرِ
ولا صُمْتُ شَهْرًا بعده آخِر الدَّهرِ
ولو كَانَ يُعْديني الإمامُ بقُدْرةٍ
على الشّهر لاستعديت جهدي على الشهر

 

• لو وجد قوة لإلغاء الشهر وإبعاده، ويساعده الإمام والناس على ذلك لفعل، فماذا كانت نتيجته؟ فأخذه داءُ الصرْع -أصبح مصروعا- فكان يُصرع في كلِّ يوم مراتٍ متعددة، وماتَ قبل أن يدركَه رمضانُ آخر، وهؤلاء السفهاء يستثقلون رمضان لاستثقالهم العبادات فيه؛ من الصلاة والصيام، فكثيرٌ من هؤلاء الجهال لا يصلِّي إلا في رمضان إذا صام، وكثير منهم لا يجتنب كبائرَ الذنوب إلا في رمضان، فيطولُ عليه ويشقُّ على نفسه مفارقتُها لمألوفِها، فهو يعدُّ الأيامَ والليالي َليعودَ إلى المعصية، وهؤلاء مصرُّون على ما فعلوا وهم يعلمون، فهم هَلكَى، ومنهم من لا يصبر على المعاصي فهو يواقعُها في رمضان!!]. (لطائف المعارف) لابن رجب (ص: 146)

 

وهذه اعترافات عبدٍ مذنب، وكلُّنا لربنا عبد:

أَجَلُّ ذُنُوبِي عِنْدَ عَفْوِكَ سَيِّدِيْ
حَقِيْرٌ وإِنْ كَانَتْ ذُنُوبِي عَظَائِمَا
وما زِلْتَ غَفَّارًا وَمَا زَلْتَ رَاحِمَاً
وما زِلْتَ سَتَّارًا عَلَيَّ الجَرَائِمَا
لَئِنْ كُنْتُ قَدْ تَابَعْتُ جَهْلِيَ في الهَوَى
وَقَضَّيْتُ أَوْطَارَ البَطَالَةِ هَائِمَا
فَهَا أَنَا قَدْ أَقْرَرْتُ يَا رَبُّ بالذِيْ
جَنَيْتُ وَقَدْ أَصْبَحْتُ حَيْرَانَ نَادِمَا

مجموعة القصائد الزهديات (1/ 441)

 

وقال مذنب آخر، وكلُّنا مذنبون:

تَيَقَّنْتُ أنِّي مُذْنِبٌ وَمُحَاسَبٌ
ولم أدرِ هَلْ نَاجٍ أنا أو مُعَاقَبُ
ومَا أنَا إلا بَينَ أمْرَينِ وَاقِفٌ
فإمَّا سَعِيدٌ أمْ بِذَنِبْي مُطَالَبُ
وقد سَبَقْتَ مِنّي ذُنُوبٌ عَظِيمَةٌ
فَيا لَيتَ شِعْرِي ما تَكُونُ العَوَاقِبُ
فَيَا مُنْقِذَ الغَرْقَى وَيا كَاشِفَ البَلا
وَيا مَنْ لَهُ عِندَ المماتِ مَوَاهِبُ
أغِثْنَا بغُفْرانٍ فإنَّك لَم تَزَلْ
مُجِيبًا لمِنْ ضَاقَتْ عليهِ المَذَاهِبُ

(مجموعة القصائد الزهديات) للسلمان (2/ 61)

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.

 

الخطبة الآخرة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله المبعوث رحمة مهداة للعالمين كافة، وعلى آله وصحبه ومن والاه، واهتدى بهداه إلى يوم الدين، أما بعد؛

ومن الناس فئة مؤمنة، موحدة مسلمة لربها مخلصة، قال عنهم ربهم سبحانه وتعالى: ﴿الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ﴾ [البقرة: 3]، فكيف يستعدون لرمضان؟ هؤلاء فهم لا يغيب عن بالهم شهرُ رمضان، شهرُ الرحمة والخيرات والبركات، طول العام، فكما [قال معلى بن الفضل: (كانوا يدعون الله تعالى ستة أشهر أن يبلغَهم رمضان، ويدعونه ستة أشهر أخرى أن يتقبَّلَ منهم).

 

وقال يحيى بن أبي كثير كان من دعائهم: (اللهم سلِّمْني إلى رمضان، وسلِّمْ لي رمضان، وتسلَّمْه مني متقبَّلا).

بلوغ شهر رمضان وصيامُه وقيامُه نعمةٌ عظيمة على من أقدره الله عليه، ويدلُّ عليه حديث عُبَيْدِ بْنِ خَالِدٍ السُّلَمِيِّ رضي الله عنه قَالَ: (آخَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ رَجُلَيْنِ، فَقُتِلَ أَحَدُهُمَا، وَمَاتَ الْآخَرُ بَعْدَهُ بِجُمُعَةٍ، فَصَلَّيْنَا عَلَيْهِ)، -أي على الميت أخيرا- فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ("مَا قُلْتُمْ؟")، فَقُلْنَا: (دَعَوْنَا لَهُ وَقُلْنَا: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ)، (اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ، اللَّهُمَّ أَلْحِقْهُ بِصَاحِبِه)، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ("فَأَيْنَ صَلَاتُهُ بَعْدَ صَلَاتِهِ؟) (وَأَيْنَ صَوْمُهُ بَعْدَ صَوْمِهِ؟) (وَأَيْنَ عَمَلُهُ بَعْدَ عَمَلِهِ؟ فَلَمَا بَيْنَهُمَا كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ"). الحديث بزوائده: (د) (2524)، (س) (1985)، (حم) (16118)، (17950).

 

• فالمتأخر سبق المتقدّم بكثرة ما ناله من خير، فحياة المؤمن خير من وفاته؛ بما فيها من الطاعة وما فيها من العبادة.

فمن رُحم في رمضان فهو المرحوم، ومن حُرِم خيرَه فهو المحروم، ومن لم يتزود لمعاده فيه فهو ملوم.

أتى رمضانُ مزرعةُ العبادِ
لتطهيرِ القلوبِ من الفسادِ
فأدِّ حقوقَه قولاً وفعلا
وزادَك فاتخذْه للمعادِ
فمَنْ زرعَ الحبوبَ وما سقاها
تأوَّهَ نادمًا يوم الحصادِ

 

يا من طالت غيبته عنَّا قد قربت أيام المصالحة، يا من دامت خسارته قد أقبلت أيامُ التجارةِ الرابحة، من لم يربحْ في هذا الشهر ففي أي وقت يربح، ومن لم يُقرَّب فيه من مولاه فهو على بُعْدِه لا يربح]. لطائف المعارف لابن رجب (ص: 148) بتصرف.

 

إنهم الذين يستعدون لرمضان، هم الذين تقلقهم سيئاتهم، وتقضُّ مضاجعَهم خطاياهم، ويريدون التخلُّص منها، وشهرُ رمضان وما فيه من أعمال صالحات، كفاراتٌ للخطايا والسيئات، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ("الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، وَالْجُمُعَةُ إِلَى الْجُمُعَةِ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ)، (كَفَّارَاتٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ)، (إِذَا اجْتُنِبَتْ الْكَبَائِرُ"). (م) 15، 16- (233)، (ت) (214)، (حم) (9186).

 

هؤلاء يستعدُّون للتعرُّض لنفحات الرحمةِ من الرحمن، فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ("تَعَرَّضُوا لِنَفَحَاتِ رَحْمَةِ اللهِ، فَإِنَّ لِلهِ نَفَحَاتٍ مِنْ رَحْمَتِهِ، يُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ"). (طب) (720)، (هب) (1121)، انظر الصَّحِيحَة: (1890).

 

فيا [من صام اليوم عن شهواتِه، أفطر عليها بعد مماتِه، ومن تعجَّل ما حُرِّم عليه قبل وفاتِه، عوقبِ بحرمانه في الآخرة وفواتِه، وشاهِدُ ذلك مِن قوله سبحانه وتعالى عن الذي يقدِّم شهواتِه ونزواتِه في الحياة الدنيا ماذا يحدث له في الآخرة؟ يقول له: ﴿ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا ﴾ [الأحقاف: 20]، الآية، وعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فِي الدُّنْيَا لَمْ يَشْرَبْهَا فِي الْآخِرَةِ، إِلَّا أَنْ يَتُوبَ". (م) 78- (2003) فتعجل شهوته في الدنيا فحُرِمها في الآخرة.

 

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ("مَنْ لَبِسَ الْحَرِيرَ فِي الدُّنْيَا، لَمْ يَلْبَسْهُ فِي الْآخِرَةِ، وَمَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فِي الدُّنْيَا، لَمْ يَشْرَبْهَا فِي الْآخِرَةِ، وَمَنْ شَرِبَ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فِي الدُّنْيَا، لَمْ يَشْرَبْ بِهَا فِي الْآخِرَةِ")، ثُمَّ قَالَ: ("لِبَاسُ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَشَرَابُ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَآنِيَةُ أَهْلِ الْجَنَّةِ"). (ن) (6869)، (ك) (7216)، صَحِيح التَّرْغِيبِ (2050)، الصَّحِيحَة: (384).

أنت في دارِ شتاتٍ
فتأهب لشتاتِك
واجعل الدنيا كيومٍ
صُمتَه عن شهواتِك
وليكن فطرك عند الله
في يوم وفاتِك

 

... وكان النبي صلى الله عليه وسلم يبشر أصحابه بقدوم رمضان، كما خرجه الإمام أحمد والنسائي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُبَشِّرُ أَصْحَابَهُ: «قَدْ جَاءَكُمْ رَمَضَانُ، شَهْرٌ مُبَارَكٌ، افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ، تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ، وَتُغَلُّ فِيهِ الشَّيَاطِينُ، فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ». (حم) (8991)، (س) (2106).

 

قال بعض العلماء: هذا الحديث أصل في تهنئة الناس بعضهم بعضا بشهر رمضان، كيف لا يُبشَّرُ المؤمنُ بفتح أبواب الجنان؟! كيف لا يُبشَّر المذنبُ بغلق أبواب النيران؟! كيف لا يُبشَّر العاقل بوقت يُغَّلُ فيه الشياطين؟! من أين يشبه هذا الزمانَ زمان؟!]. لطائف المعارف لابن رجب (ص: 147، 148) بتصرف.

 

إنهم يستعدون لأن يكونوا عتقاء الله سبحانه من النيران، فَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ("إِنَّ لِلهِ عِنْدَ كُلِّ فِطْرٍ عُتَقَاءَ، وَذَلِكَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ"). (جة) (1643)، (حم) (22256)، انظر صَحِيح الْجَامِع (2170)، صَحِيح التَّرْغِيبِ (1001).

 

• أَيْ: إنّ لله سبحانه وتعالى عند كلِ وقتِ فِطْرِ كلِّ يوم من رمضان، وهو تمام الغروب. عتقاءَ من دخول نار جهنم، وَذَلِكَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ؛ أَيْ: في كلِّ يوم من رمضان. فيض القدير (2/ 606).

 

قَال الْبُخَارِيُّ رحمه الله في صحيحه (ج8/ ص89): وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه: (ارْتَحَلَتِ الدُّنْيَا مُدْبِرَةً، وَارْتَحَلَتِ الآخِرَةُ مُقْبِلَةً، وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بَنُونَ، فَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الآخِرَةِ، وَلاَ تَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا، فَإِنَّ اليَوْمَ عَمَلٌ وَلاَ حِسَابَ، وَغَدًا حِسَابٌ وَلاَ عَمَلٌ).

 

عَنْ أَنَسٍ بن مالك رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ("مَا سَأَلَ رَجُلٌ مُسْلِمٌ اللهَ عز وجل الْجَنَّةَ") ("ثَلَاثَ مَرَّاتٍ قَطُّ") ("إِلَّا قَالَتِ الْجَنَّةُ: اللَّهُمَّ أَدْخِلْهُ إِيَّايَ، وَلَا اسْتَجَارَ مِنَ النَّارِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ إِلَّا قَالَتِ النَّارُ: اللَّهُمَّ أَجِرْهُ مِنِّي"). (حم) (12191)، (12607)، (13781)، (ت) (2572)، (س) (5521)، صَحِيح الْجَامِع (5630)، صَحِيح التَّرْغِيبِ (3654)، وقال الأرناؤوط: إسناده حسن.

 

فاستعدوا لشهر رمضان لتقرؤوا فيه القرآن وتدعوا ربكم الغفور الرحمن، وتذكروه دائما وأبدًا على مرِّ الزمان، وتصلُّوا وتسلموا على رسول الله عليه الصلاة والسلام، وتصلُّوا فيه صلاةَ القيام، وتزوروا فيه الأقارب والأرحام، وتعطفوا فيه على الفقراء والمساكين والأرامل والأيتام، فإن كنتم كذلك من قبل رمضان فزيدوا فيه وأكثروا من الطاعات في تلك الأيام، فاغتنموا تلك المواسم وتعرضوا عباد الله! لتلك النفحات، ولا تضيعوها بمتابعة المسلسلات والأفلام، وإياكم والإسرافَ في الشرابِ والطعام، وكفُّوا وأقلِعوا عن شرب التِّتِن والدخان، وكلَّ ما هو حرام، واجعلوا هذا الرمضان فاتحة عمر جديد مليء بالخير والإنعام.

 

اللهم صلِّ وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى الدين، اللهم ارض عن الخلفاء الأربعة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وسائر الصحابة أجمعين، وارض عنا معهم بمنِّك وكرمِك يا أكرم الأكرمين.

 

اللهم إنا نسألك الجنة، اللهم إنا نسألك الجنة، اللهم إنا نسألك الجنة، اللهم إنا نعوذ بك من النار، اللهم إنا نعوذ بك من النار، اللهم إنا نعوذ بك من النار، اللهم أجرنا من النار ...

 

اللهم بلغنا رمضان، اللهم تقبل منا رمضان، اللهم سلمنا إلى رمضان، وسلم لنا رمضان، وتسلمه منَّا متقبلا.

 

اللَّهُمَّ إِنّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ، وَالْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَالْجُبْنِ وَالْبُخْلِ، وَضَلَعِ الدَّيْنِ وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ، ومن شر فتنة المسيح الدجال.

 

اللهم اغفر وارحم المؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، إنك سميع قريب مجيب الدعوات، يا رب العالمين.

 

وأقم الصلاة فــ ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾ [العنكبوت: 45].



[1] المنتظم في تاريخ الملوك والأمم لابن الجوزي (10/ 200)، تاريخ الإسلام ت تدمري (14/ 472).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • عادات سيئة في شهر رمضان
  • شهر رمضان (شعر)
  • ميزان الفوز والخسران بعد شهر رمضان
  • الاستثمار الذكي لشهر رمضان
  • تنبيه أولي الألباب للاستعداد لشهر رمضان

مختارات من الشبكة

  • الاستعداد الفطري للمعرفة(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • معالم الاستعداد لشهر الزاد شهر رمضان(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • الاستعداد لشهر رمضان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الاستعداد للشهر الفضيل(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الاستعداد الصالح لرمضان "خمس خطط استراتيجية لإدراك خير رمضان" (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • رمضان الخير بين حفاوة الاستقبال وحسن الاستعداد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الاستعداد لرمضان (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • خطبة: الاستعداد لرمضان ونصرة فلسطين(مقالة - ملفات خاصة)
  • يا من تريد الفوز برمضان عليك الاستعداد من الآن(مقالة - آفاق الشريعة)
  • رمضان وما ينبغي من الاستعداد له(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 15/11/1446هـ - الساعة: 15:5
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب