• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الكبر
    د. شريف فوزي سلطان
  •  
    الفرق بين إفساد الميزان وإخساره
    د. نبيه فرج الحصري
  •  
    مهمة النبي عند المستشرقين
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (3)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    ماذا سيخسر العالم بموتك؟ (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    فقه الطهارة والصلاة والصيام للأطفال
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    ثمرة محبة الله للعبد (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    خطبة: القلق من المستقبل
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    فوائد وعبر من قصة يوشع بن نون عليه السلام (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    خطبة: المخدرات والمسكرات
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    {وما النصر إلا من عند الله} ورسائل للمسلمين
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرزاق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    الأحق بالإمامة في صلاة الجنازة
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    فضل الصبر على المدين
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    تفسير قوله تعالى: { والذين إذا فعلوا فاحشة أو ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    محاسن الإرث في الإسلام (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
شبكة الألوكة / ملفات خاصة / رمضان / خطب رمضان والصيام
علامة باركود

حضرت العشر فشمروا

حضرت العشر فشمروا
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 17/6/2017 ميلادي - 22/9/1438 هجري

الزيارات: 15472

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

حضرت العشر فشمروا

 

أَمَّا بَعدُ، فَـ ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 21].

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، بِغُرُوبِ الشَمسِ لَيلَةَ البَارِحَةِ، دَخَلَتِ العَشرُ الأَوَاخِرُ مِن رَمَضَانَ، وَبَلَغنَا جَمِيعًا بِذَلِكَ مَوسِمًا مِن أَعظَمِ المَوَاسِمِ لِزِيَادَةِ الإِيمَانِ، إِنَّهَا أَفضَلُ لَيَالي العَامِ كُلِّهِ عَلَى الإِطلاقِ، وَالَّتي مَا غَابَت شَمسُ العَامِ عَلَى لَيَالٍ هِيَ أَفضَلُ مِنهَا وَلا أَجَلُّ وَلا أَعظَمُ، إِنَّهَا العَشرُ الَّتي جَعَلَ اللهُ فِيهَا دُرَّةَ اللَّيالي وَتَاجَهَا وَشَامَتَهَا، لَيلَةُ القَدرِ الَّتي هِيَ خَيرٌ مِن أَلفِ شَهرٍ، وَالَّتي مَن أَدرَكَهَا فَقَد فَازَ بِعَظِيمِ الثَّوَابِ وَمُضَاعَفِ الأَجرِ، وَمِن ثَمَّ فَإِنَّ إِدرَاكَ العَشرِ - أَيُّهَا الصَّائِمُونَ - يُعَدُّ نِعمَةً وَأَيَّ نِعمَةٍ؟! وَمَن كَانَ مِن ذَلِكَ في شَكٍّ أَو رَيبٍ فَلْيَتَذَكَّرْ كَم مِن نَفسٍ في المَقَابِرِ لم تُدرِكْ رَمَضَانَ، وَأُخرَى أَدرَكَت أَوَّلَهُ ثم لم تُدرِكْ آخِرَهُ، وَلْيَتَأَمَّلْ قَولَ رَبِّ العَالَمِينَ: ﴿ حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ﴾ [المؤمنون: 99، 100] وَقَولَهُ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾ [المنافقون: 10] أَمَّا وَقَد نَسَأَ اللهُ في أَعمَارِنَا، وَمَدَّ لَنَا في آجَالِنَا، وَفَسَحَ لَنَا فَبَلَغنَا خَوَاتِيمَ رَمَضَانَ وَأَكمَلَ لَيَالِيهِ وَأَفضَلَهَا، فَلْنَحمَدِ اللهَ عَلَى هَذِهِ النِّعمَةِ الجَلِيلَةِ، وَلْنَعلَمْ أَنَّ اللهَ - تَعَالى - لم يَجعَلْ لَيلَةَ القَدرِ في العَشرِ الأَوَاخِر مِن رَمَضَانَ إِلاَّ لِشَرَفِهَا وَعِظَمِ قَدرِهَا وَعُلُوِّ مَكَانِهَا، إِذْ إِنَّهَا لا تَأتي إِلاَّ بَعدَ أَن تَكُونَ نُفُوسُ المُستَعجِلِينَ قَد كَلَّت وَمَلَّت، وَعَزَائِمُ الخَائِرِينَ قَد ضَعُفَت وَفَتَرت، وَرَوَاحِلُ المُتَبَاطِئِينَ قَد هَزُلت وَتَقَاصَرَ سَيرُهَا، وَلم يَبقَ إِلاَّ الصَّابِرُونَ المُجِدُّونَ المُخلِصُونَ، وَمَعَ ذَلِكَ فَقَد أَخَفَاهَا - سُبحَانَهُ - في لَيَالٍ عَشرٍ؛ لِيَبلُوَنَا أَيُّنَا أَحسَنُ عَمَلاً، وَيَختَبِرَنَا أَيُّنَا أَعظَمُ صَبرًا، وَيَمتَحِنَ إِيمَانَنَا وَيَقِينَنَا، وَيَرَى أَصدَقَنَا وَأَثبَتَنَا في طَلَبِ أَكبَرِ الجَوَائِزِ وَأَعظَمِهَا.

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، لَقَد كَانَ خَيرُ الوَرَى وَأَفضَلُ البَرِيَّةِ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - يَنَامُ في العِشرِينَ الأُولى وَيُصَلِّي، وَيَقُومُ وَيَرقُدُ، وَأَمَّا العَشرُ الأَوَاخِرُ فَلَم يَكُنْ يَقضِيهَا في بَيتِهِ أَبَدًا، وَلا يَضَعُ فِيهَا جَنبَهُ مُتَمَدِّدًا، وَلا يُغمِضُ طَرفَهُ رَاقِدًا، لَقَد كَانَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - يُطَلِّقُ الدُّنيَا بِرُمَّتِهَا، وَيُلقي بِهَا خَلفَ ظَهرِهِ بِأَجمَعِهَا، وَيَتَخَفَّفُ مِن سَائِرِ أَعمَالِهَا، بَل وَيَتَفَرَّغُ مِن جَمِيعِ أَشغَالِهَا، يَشُدُّ مِئزَرَهُ، وَيَترُكُ نِسَاءَهُ، وَيَضرِبُ قُبَّتَهُ وَيَعتَكِفُ في مَسجِدِهِ، وَيُحيِي لَيلَهُ لِيَخلُوَ بِرَبِّهِ. يَخلُو بِهِ فَيُنَادِيهِ وَيُنَاجِيهِ، وَيَدعُوهُ وَيَرغَبُ إِلَيهِ، وَيَقُومُ حَتَّى تَتَفَطَّرَ قَدَمَاهُ شُكرًا للهِ، وَيُوَاصِلُ صِيَامَهُ اليَومَينِ وَالثَّلاثَةَ؛ لِعِظَمِ مَا كَانَ يَمتَلِئُ بِهِ قَلبُهُ مِنَ المَعَارِفِ وَالفُتُوحَاتِ الرَّبَّانِيَّةِ، وَحُلوِ مَا يَجِدُهُ وَيَستَطعِمُهُ مِنَ الهِبَاتِ السَّمَاوِيَّةِ، كَانَ يَعِيشُ وَقتَهُ كُلَّهُ لِرَبِّهِ، وَيَبذُلُ قُصَارَى جُهدِهِ لِمَولاهُ، هَذَا وَهُوَ أَكثَرُ الأُمَّةِ أَعمَالاً، وَأَعظَمُهَا أَمَانَةً وَأَشغَالاً، وَيَحمِلُ مُسؤُولِيَّاتٍ ثِقَالاً، وَقَد غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ، لَكِنَّهُ مَعَ كُلِّ هَذَا لم يَكُنْ في العَشرِ يُلوِي عَلَى شَيءٍ غَيرِ عِبَادَةِ رَبِّهِ، وَلا يَهتَمُّ بِشَيءٍ سِوَى مَا يُقَرِّبُهُ مِن مَولاهُ، يَفعَلُ كُلَّ هَذَا تَحَرِّيًا لِلَيلَةِ القَدرِ، وَأَمَلاً في إِدرَاكِهَا وَالفَوزِ بِجَزِيلِ الأَجرِ، وَقَد حَثَّ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - أُمَّتَهُ عَلَى التَّزَوُّدِ مِن بَرَكَاتِ هَذِهِ العَشرِ وَنَدَبَهُم لِتَحَرِّي لَيلَةِ القَدرِ، عَن عَائِشَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنهَا - قَالَت: كَانَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - إِذَا دَخَلَ العَشرُ شَدَّ مِئزَرَهُ وَأَحيَا لَيلَهُ، وَأَيقَظَ أَهلَهُ " مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. وَعَنهَا قَالَت: كَانَ رَسُولُ اللهِ يَجتَهِدُ في العَشرِ الأَوَاخِرِ مَا لا يَجتَهِدُ في غَيرِهِ " رَوَاهُ مُسلِمٌ. وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " تَحَرَّوا لَيلَةَ القَدرِ في العَشرِ الأَوَاخِرِ مِن رَمَضَانَ " رَوَاهُ البُخَارِيُّ.

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، إِنَّ العَشرَ غَنِيمَةٌ عَظِيمَةٌ، إِذَا ذَهَبَت وَمَضَت فَلَن تَعُودَ إِلاَّ عَلَى الأَحيَاءِ، وَهَل لَدَى أَحَدٍ مِنَّا ضَمَانٌ بِأَن يَعِيشَ حَتَّى يُدرِكَهَا مِن قَابِلٍ؟! أَلا فَلْنَغتَنِمْهَا بِهِمَّةٍ وَنشَاطٍ، وَلْنَختِمِ الشَّهرَ المُبَارَكَ بِخَيرِ أَعمَالِنَا؛ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ، وَوَاللهِ لَو ضَيَّعَ أَحَدُنَا العِشرِينَ الأُوَلَ، ثُمَّ بَلَّغَهُ اللهُ خَيرَ اللَّيَالي وَأَفضَلَهَا، فَعَادَ فِيهَا إِلى رَبِّهِ وَتَابَ مِن ذَنبِهِ، وَقَامَ مُنَاجِيًا خَالِقَهُ طَالِبًا عَفوَهُ، لَكَانَ حَرِيًّا بِالخَيرِ الكَثِيرِ وَالرِّبحِ الوَفِيرِ، كَيفَ لا وَالحَبِيبُ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - يَقُولُ في الحَدِيثِ المُتَّفِقِ عَلَيهِ: " مَن قَامَ لَيلَةَ القَدرِ إِيمَانًا وَاحتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِهِ " فَلْيُدرِكِ العَاقِلُ نَفسَهُ، وَلْيَنتَبِهِ الحَصِيفُ لِذَاتِهِ، وَلْيَغتَنِمَ لَيلَةً شَرِيفَةً مُنِيفَةً، عِبَادَةُ الرَّبِّ فِيهَا تَعدِلُ عِبَادَةَ ثَلاثَةٍ وَثَمَانِينَ عَامًا. إِنَّ التَّعَبَ مَخلُوفٌ، وَالنَّومَ مُدرَكٌ، وَقَد خَالَطنَا الدُّنيَا وَاشتَغَلنَا بِهَا حَتَّى أَمرَضَت قُلُوبَنَا وَأَشقَت أَروَاحَنَا، وَالمَحرُومُ - أَيُّهَا الإِخوَةُ - مَن تَمُرُّ عَلَيهِ لَيلَةُ القَدرِ وَهُوَ في لَهوٍ وَسَمَرٍ، النَّاسُ مِن حَولِهِ يُصَلُّونَ، وَيَركَعُونَ وَيَسجُدُونَ، وَيَذكُرُونَ اللهَ وَيَدعُونَ وَيَبتَهِلُونَ، وَهُوَ مَشغُولٌ بِمَلءِ بَطنِهِ، أَو إِسعَادِ عَينَيهِ بِمُشَاهَدَةِ القَنَوَاتِ، أَو إِمتَاعِ أُذُنَيهِ بِالغِيبَةِ وَالنَّمِيمَةِ وَالاستِهزَاءِ، أَو عَاكِفٌ عَلَى سَمَاعِ مَا حَرَّمَهُ اللهُ، أَو نَائِمٌ في فِرَاشِهِ يَغُطُّ في غَفلَتِهِ وَيَتَقَلَّبُ في أَحلامِهِ، أَو يَتَمَشَّى في الأَسوَاقِ يَجمَعُ أَغرَاضِ عِيدِهِ وَيُجَهِّزُ مَلابِسَهُ.

 

أَجَل - أَيُّهَا الإِخوَةُ - إِنَّ مَن حُرِمَ الخَيرَ في لَيلَةِ القَدرِ لَهُوَ المَحرُومُ حَقًّا، وَالَّذِي قَرَّرَ ذَلِكَ هُوَ الصَّادِقُ المَصدُوقُ الَّذِي لا يَنطِقُ عَنِ الهَوَى، حَيثُ قَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " إِنَّ هَذَا الشَّهرَ قَد حَضَرَكُم، وَفِيهِ لَيلَةٌ خَيرٌ مِن أَلفِ شَهرٍ، مَن حُرِمَهَا فَقَد حُرِمَ الخَيرَ كُلَّهُ، وَلا يُحرَمُ خَيرَهَا إِلاَّ مَحرُومٌ " رَوَاهُ ابنُ مَاجَه وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، إِنَّ للهِ في كُلِّ لَيلَةٍ عُتَقَاءَ مِنَ النَّارِ، فَهَل تُرَونَهُم يَكُونُونَ مِن أَهلِ الشَّوَارِعِ اللاَّهِينَ السَّامِدِينَ، أَم مِن أَحلاسِ المَجَالِسِ الفَارِغِينَ، أَم مِنَ العَاكِفِينَ الرَّاكِعِينَ السَّاجِدِينَ؟! لَيسَ أَسعَدُ النَّاسِ بِالعِيدِ بَعدَ رَمَضَانَ، مَن ضَيَّعَ وَقتَهُ في لَيَالِ العَشرِ بِتَجهِيزِ الجَدِيدِ، وَلَكِنَّ أَسعَدَهُم بِالعِيدِ وَأَحرَاهُم بِالفَرَحِ فِيهِ وَالسُّرُورِ وَالحُبُورِ، هُم أَهلُ العَمَلِ الصَّالحِ وَالقُرُبَاتِ، وَالصَّلَوَاتِ وَالخَلَوَاتِ وَالدَّعَوَاتِ، أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ - إِخوَةَ الإِيمَانِ - وَلْنُودِعْ خَيرَ اللَّيالي أَفضَلَ مَا نَقدِرُ عَلَيهِ مِن طَاعَاتٍ وَقُرُبَاتٍ، وَلٍنَستَثمِرْ دَقَائِقَهَا وَالسَّاعَاتِ، وَلْنُصَوِّمِ العُيُونَ وَالأَلسِنَةَ وَالآذَانَ وَالقُلُوبَ، وَلْيَكُنْ لأَحَدِنَا مِنَ الاعتِكَافِ حَظٌّ وَلَو لَيلَةً وَاحِدَةً، فَمَا زَالَت أَبوَابُ الجَنَّةِ مُفَتَّحَةً، وَأَبوَابُ النَّارِ مُغَلَّقَةً، وَمَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ مُصَفَّدَةً، وَمَا زِلنَا نَعِيشُ أَجوَاءَ النِّدَاءِ الرَّبَّانيِّ العَظِيمِ: " يَا بِاغِيَ الخَيرِ أَقبِلْ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقصِرْ " وَكَم بَينَ أَيدِينَا مِنَ الفُرَصِ وَالغَنَائِمِ، صَدَقَةً وَبِرًّا وَإِحسَانًا، وَصَلاةً وَتَنَفُّلاً وَقِيَامًا، وَقِرَاءَةً لِلقُرآنِ وَذِكرًا، وَلُزُومًا لِلمَسَاجِدِ وَاعتِكَافًا، وَتَفَرُّغًا لِلعِبَادَةِ وَدُعَاءً، وَتَحَرِّيًا لِلَيلَةِ القَدرِ وَاصطِبَارًا ﴿ يُرِيدُ اللهُ لِيُبَيِّنَ لَكُم وَيَهدِيَكُم سُنَنَ الَّذِينَ مِن قَبلِكُم وَيَتُوبَ عَلَيكُم وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ * وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا * يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا ﴾ [النساء: 26، 28].

♦ ♦ ♦

 

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - حَقَّ التَّقوَى، وَتَمَسَّكُوا مِنَ الإِسلامِ بِالعُروَةِ الوُثقَى ﴿ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى * وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى ﴾ [الليل: 5، 11].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، قَبلَ أَيَّامٍ قَلِيلَةٍ، مَلأَ الفَرَحُ قُلُوبَنَا وَخَالَجَ السُّرُورُ أَفئِدَتَنَا، وَتَبَادَلنَا التَّهَانِيَ بِحُلُولِ شَهرِ الخَيرِ وَالطَّاعَةِ وَالإحسَانِ، وَهَا نَحنُ اليَومَ في العَشرِ الأَخِيرَةِ، فَيَا مَن قَصَّرَ في العِشرِينَ وَكُلُّنَا مُقَصِّرُونَ، هَا أَنتَ قَد وُفِّقتَ لإِدرَاكِ العَشرِ الأَخِيرَةِ، فَانتَبِهْ وَاستَأنِفِ العَمَلَ الصَّالِحَ وَبَادِرْ بِالطَّاعَةِ، وَضَاعِفِ الجُهدَ وَسَابِقْ وَنَافِسْ، عَجِّلْ بِالمَعرُوفِ وَسَارِعْ بِالإحسَانِ، فَـ " التُّؤَدَةُ في كُلِّ شَيءٍ خَيرٌ إِلاَّ في عَمَلِ الآخِرَةِ " عِبَادَ اللهِ، كَم في هَذِهِ اللَّيَالي النَّيِّرَةِ مِن جِبَاهٍ سَاجِدَةٍ، وَقُلُوبٍ خَاشِعَةٍ وَعُيُونٍ دَامِعَةٍ، وَأَكُفٍّ مَرفُوعَةٍ وَأَفئِدَةٍ ضَارِعَةٍ، وَأَقدَامٍ مُنتَصِبَةٍ في مَحَارِيبِهَا، وَصُفُوفٍ مُنتَظِمَةٍ في مَسَاجِدِهَا. خُشُوعٌ وَدُمُوعٌ، وَتَضَرُّعٌ وَدُعَاءٌ، وَنَشِيجٌ وَبُكَاءٌ، وَقُلُوبٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِالسَّمَاءِ، وَجُنُوبٌ مُتَجَافِيَةٌ عَنِ الأَرضِ، عَظُمَت في اللهِ المَطَامِعُ، فَهُجِرَتِ المَجَالِسُ وَالمَضَاجِعُ، يَتَلَذَّذُونَ بِمُنَاجَاةِ مَولاهُم وَخَالِقِهِم، وَيَأنَسُونَ بِالخَلوَةِ بِهِ وَتَطِيبُ قُلُوبُهُم بِالقُربِ مِنهُ، قَد أَنسَتْهُم لَذَّةُ الطَّاعَةِ كُلَّ لَذَائِذِ الدُّنيَا، وَأَطَارَ ذِكرُ المَرجِعِ وَالمَعَادِ النَّومَ مِن عُيُونِهِم، فَقَامُوا خَاشِعِينَ مُتَبَتِّلِينَ، يَدعُونَ رَبَّهُم خَوفًا وَطَمَعًا، وَيَخِرُّونَ لِلأَذقَانِ سُجَّدًا، لِسَانُ الوَاحِدِ مِنهُم: اللَّهُمُّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ العَفوَ فَاعْفُ عَنِّي، أُولَئِكَ هُمُ الأَخيَارُ الأَبرَارُ، قَد عَرَفُوا هَولَ المَطلِعِ وَعَظَمَةَ الجَبَّارِ، فَأَعَدُّوا لِلمَوقِفِ عُدَّتَهُ، وَاتَّخَذُوا لِلرَّحِيلِ أُهبَتَهُ، فَلا تَعلَمُ نَفسٌ مَا أُخفِيَ لَهُم مِن قُرَّةِ أَعيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعمَلُونَ.

 

أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ - أَيُّهَا الصَّائِمُونَ - وَلْنُشَارِكِ الصَّالِحِينَ وَلْنَتَشَبَّهْ بِالمُفلِحِينَ، وَلْنَسْتَعِنْ بِاللهِ وَلْنَحْذَرِ الكَسَلَ ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [آل عمران: 200].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • فضل العشر الأواخِر من رمضان
  • العشر الأواخر من رمضان وليل الصالحين
  • العشر الأواخر من رمضان وزكاة الفطر
  • فضل العشر الأواخر من رمضان وخصائصها
  • توجيهات عامة في العشر الأواخر من رمضان

مختارات من الشبكة

  • يسألونك عن العشر: فضل الأيام العشر من ذي الحجة(مقالة - ملفات خاصة)
  • لماذا اجتهادنا في العشر الأول من ذي الحجة أقل منه في العشر الأواخر من رمضان؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • النصائح العشر لليالي العشر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الوصايا العشر مع فضائل العشر (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الفضائل العشر في أيام العشر(مقالة - ملفات خاصة)
  • الكنوز العشر في الأيام العشر الأولى من ذي الحجة (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الوصايا العشر في العشر من ذي الحجة!(مقالة - ملفات خاصة)
  • مخطوطة رفع الإشكال لظهور العشر في العشر في غالب الأشكال(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • وجاءت العشر فهنيئا لمن اجتهد وشمر(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • أتاكم رمضان فشمروا (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 16/11/1446هـ - الساعة: 14:43
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب