• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أربع هي نجاة الإنسان في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    وحدة المسلمين (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { إذ قال الله يا عيسى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    نعمة الماء (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    تدبر خواتيم سورة البقرة
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    تحريم الإهلال لغير الله تبارك وتعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    مشاهد عجيبة حصلت لي!
    أ. د. عبدالله بن ضيف الله الرحيلي
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (2)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    الدرس السابع عشر: آثار الذنوب على الفرد والمجتمع
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    خطبة: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    سورة الكافرون.. مشاهد.. إيجاز وإعجاز (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    من آداب المجالس (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطر الميثاق
    السيد مراد سلامة
  •  
    أعظم فتنة: الدجال (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
شبكة الألوكة / ملفات خاصة / رمضان / دروس رمضانية
علامة باركود

أنفق ينفق عليك (درس رمضاني)

الشيخ أحمد علوان

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 28/6/2016 ميلادي - 22/9/1437 هجري

الزيارات: 23242

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أَنفِقْ يُنفَقْ عليك

(من دروس رمضان وأحكام الصيام)

للأئمة والدعاة


الحمد لله مجزل العطايا ومسبل النعم، رافع البلايا ودافع النقم، يعلم الخفايا ويرى ما في الظُّلَم، نحمده تعالى ونشكره خلقنا من العدم، وأمدنا بالنعم، وبعد:

فإن الإنفاق قربةٌ إلى الله، وظلةٌ للعباد يوم العرض على الله؛ فالمؤمن ينفق ويجود، ويعطي فيفوز، وهو الذي يثق فيما عند الكريم؛ فقد قال: ﴿ مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النحل: 96].

 

إن الكريم صفة من صفات رب العالمين سبحانه وتعالى، كما أن الجود والكرم من صفات سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم، وكان في رمضان أجود من غيره، فكما جاء عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير، وكان أجودُ ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان جبريل عليه السلام يلقاه كل ليلةٍ في رمضان، حتى ينسلخ، يعرض عليه النبي صلى الله عليه وسلم القرآن، فإذا لقيه جبريل عليه السلام، كان أجودَ بالخير من الريح المرسلة)[1].

 

والمؤمن يتأدب بأدب الله، ويسلك مسلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فينفق حتى لا يكون ممن يبخل، ويجود فلا ينتظر من يسأل، ويعطي عطاء الواثق الجزل.

 

إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أجود الناس، ما حرَم أحدًا، ولا قال لأحد: لا.

ما قال: "لا" قطُّ إلا في تشهُّده ♦♦♦ لولا التشهُّدُ كانت لاءَه نَعَمُ

 

فكان صلى الله عليه وسلم يعطي عطاء من لا يخشى الفقر، وهذا وصف المتصدق عليهم، فقالوا: "ما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام شيئًا إلا أعطاه، قال: فجاءه رجلٌ فأعطاه غنمًا بين جبلين، فرجع إلى قومه، فقال: يا قوم، أسلِموا؛ فإن محمدًا يعطي عطاءً لا يخشى الفاقة"[2].

 

وعن سهل بن سعدٍ رضي الله عنه، قال: جاءت امرأةٌ ببردةٍ، قال: أتدرون ما البردة؟ فقيل له: نعم، هي الشملة منسوجٌ في حاشيتها، قالت: يا رسول الله، إني نسجتُ هذه بيدي أكسوكها، فأخذها النبي صلى الله عليه وسلم محتاجًا إليها، فخرج إلينا وإنها إزاره، فقال رجلٌ من القوم: يا رسول الله، اكسنيها،فقال: ((نعم))،فجلس النبي صلى الله عليه وسلم في المجلس، ثم رجع، فطواها، ثم أرسل بها إليه، فقال له القوم: ما أحسنت، سألتها إياه، لقد علمت أنه لا يرد سائلًا، فقال الرجل: والله ما سألته إلا لتكون كفني يوم أموت، قال سهلٌ: فكانت كفَنَه[3].

 

إن البخل ليس من صفات المؤمن؛ فهو صفة من صفات المنافقين؛ قال تعالى: ﴿ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [التوبة: 67].

 

وقد يكون مِن صفات اليهود؛ قال تعالى: ﴿ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا ﴾ [النساء: 37].

 

عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((السخيُّ قريبٌ من الله، قريبٌ من الجنة، قريبٌ من الناس، بعيدٌ من النار، والبخيل بعيدٌ من الله، بعيدٌ من الجنة، بعيدٌ من الناس، قريبٌ من النار، والجاهل السخي أحب إلى الله عز وجل من عابدٍ بخيلٍ))[4]، فربُّك يحب كل سخيٍ كريم جَوَاد منفق، وهو قريبٌ من الجنة وبعيد من النار، ويكره كل بخيل شحيح ممسك، وهو بعيد عن الجنة وقريب من النار.

 

ويُظهِر عيبَ المرء في الناس بُخلُه
ويستُرُه عنهم جميعًا سَخاؤُه
تَغَطَّ بأثواب السَّخاء فإنني
أرى كلَّ عيبٍ والسخاء غِطاؤُه

 

يقول بعض السلف: "الصلاة توصل صاحبها إلى نصف الطريق، والصيام يوصله إلى باب الملك، والصدقة تأخذ بيده فتدخله على الملك".

 

يقول عبيد بن عمير: "يحشر الناس يوم القيامة أجوع ما كانوا قط، وأعطش ما كانوا قط، وأعرى ما كانوا قط، فمَن أطعم لله أشبعه الله، ومن سقى لله سقاه الله، ومن كسا لله كساه الله".

 

يحكى أن بعض الشعراء امتدح ملكًا جَوَادًا فأعطاه جائزة سنية، فخرج بها من عنده ووزعها على الناس، وأنشد يقول:

لَمَسْتُ بكفِّي كفَّه أبتغي الغِنى ♦♦♦ ولم أَدْرِ أن الجودَ مِن كفِّه يُعْدي

 

فبلغ ذلك الملك فأضعف له الجائزة.

 

وقال ابن عبدالبر: "كان عبدالله بن جعفر كريمًا، جَوَادًا ظريفًا، خليقًا عفيفًا سخيًّا، يسمى بحر الجود، ويقال: إنه لم يكن في الإسلام أسخى منه، ولم يكن مسلم يبلغ مبلغه في الجود، وعوتب في ذلك، فقال: إن الله عودني عادة، وعودت الناس عادة، فأخاف إن قطعتها قُطعت عني"[5]، وقال المدائني: "أول مَن سنَّ القِرى إبراهيم الخليل عليه السلام،وأول من هشَم الثريد هاشمٌ،وأول من فطَّر جيرانه على طعامه في الإسلام عبيدالله بن عباسٍ رضي الله عنهما، وهو أول من وضع موائده على الطريق، وكان إذا خرج من بيته طعامٌ لا يعاود منه شيءٌ، فإن لم يجد من يأكله تركه على الطريق"[6].

 

أخي الصائم، إذا أردت أن يظلك شيء يوم القيامة، يوم تدنو الشمس من رؤوس الخلائق، فعليك بالصدقة؛ فإنها تُظِلُّ صاحبها؛ عن عقبة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الرجل في ظل صدقته حتى يقضى بين الناسِ))[7].

 

تذكر إخوانك من الفقراء والمساكين الصائمين؛ فأطعِمِ الجائع، وأسعد البائس، وواسِ اليتيم، وابذل للأرامل والمحتاجين، وكن أبًا لهم، ورحيمًا بهم، وعطوفًا عليهم.

 

فلا تغرنك الدنيا، ولا تشغلك الأموال، فرعون: الذي تولى أكبر المناصب، كيف كانت نهايته؟! يُعرَض على النار غدوًّا وعشيًّا، وأمية بن خلف: الذي كان يكسر ماله بالفؤوس من الذهب والفضة، أين مصيره؟! فليس لك من مالك إلا ما تصدقتَ به، ونفعت به الناس، وأطعمتَ الجائعين، وأفطرت الصائمين، وواسيتَ المحتاجين؛ فأنفِقْ في رمضانَ لتكون من المحسنين.

 

وصية عملية:

كُنْ ممن يُنفِق فيُخلَف عليه، ولا تكُنْ ممن يُمسِك فيُتلَف له.

♦♦♦


السؤال العشرون: اذكُرْ أسماءَ الكتب التي أنزلها الله على أنبيائه عليهم السلام:

الجواب: خمسة كتب، هي:

نزلت الصحف على سيدنا إبراهيم عليه السلام، والزَّبُور على سيدنا داود عليه السلام، والتوراة على سيدنا موسى عليه السلام، والإنجيل على سيدنا عيسى عليه السلام، والقرآن الكريم على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.

♦♦♦


خاطرة (بعد الفجر): آداب الصدقة:

إن الصدقة من الأعمال التي يحبها الله عز وجل، ويحبها رسوله صلى الله عليه وسلم؛ لذا فعلى المؤمن أن يفعل ما يحبه الله ورسوله، ممتثلًا في ذلك الآداب والفضائل، ومنها:

1-             إخلاص النية:

فهي شرط وأساس لقبول أي عمل، ولا ننسَ أن أول حديث في صحيح البخاري عن النية، وهو حديث عمر: ((إنما الأعمال بالنيات))، وقال عنه الإمام الشافعي: هذا الحديث ثلث العلم، ويدخل في سبعين بابًا من الفقه، ويشير الحديث إلى أن كل عمل لا يراد به وجه الله فهو باطل ومردود على صاحبه.

 

فالمتصدق وجب عليه أن يستحضر نيته قبل أن يتصدق، فلا يتصدق مباهاة، أو مفاخرة، أو ليقول الناس: إنه كريم وجَوَاد، وإنما يتصدق لله.

 

2-             إخراج الزكاة الواجبة قبل النافلة:

فإن وجبَتِ الزكاة في ماله، وجب عليه أن يخرج الزكاة الواجبة أولًا قبل النافلة - الصدقة - والمسارعة إلى ذلك؛ فالواجبة ركن من أركان الإسلام الخمسة، ولا يصح أن يقدِّم النافلة على الفريضة، وكما جاء في الحديث القدسي: ((وما تقرَّب إليَّ عبدي بشيءٍ أحب إليَّ مما افترضتُ عليه...))[8].

 

ونقل ابن حجر عن ابن بطال قوله: "إن الخير ينبغي أن يبادر به؛ فإن الآفات تعرض، والموانع تمنع، والموت لا يؤمن، والتسويف غير محمود، زاد غيرُه: وهو أخلَص للذِّمة، وأنفى للحاجة، وأبعد من المطل المذموم، وأرضى للربِّ، وأمحى للذَّنْب"[9].

 

3-             أن تكون الصدقة مِن حلال:

فالحلال شرط في قبول الصدقة؛ لأن الله طيب لا يقبل إلا الطيب؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أيها الناس، إن الله طيبٌ لا يقبل إلا طيبًا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال: ﴿ يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴾ [المؤمنون: 51]، وقال: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ ﴾ [البقرة: 172]..."[10].

 

4-             تحري المستحقين للصدقة:

قال حجة الإسلام - الغزالي -: "أن يطلب لصدقته مَن تزكو به الصدقة"، فحريٌّ به أن يتحرى الفقراء، والمساكين، والمرضى، والمحتاجين، والأيتام، والأرامل، والغارمين، وقد ذكر الله المستحقين للزكاة، فقال: ﴿ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ ﴾ [التوبة: 60].

 

5-             عدم المنِّ على المتصدَّق عليه:

فليس مِن أخلاق المتصدِّق أن يمُنَّ على مَن تصدق عليه، فإن فعل فقد أبطَل صدقته، وأذهب نفقته؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى ﴾ [البقرة: 264]؛ عن أبي ذر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ثلاثةٌ لا يكلمهم الله يوم القيامة: المنَّان الذي لا يعطي شيئًا إلا مَنَّه، والمُنفِّق سلعته بالحلف الفاجر، والمسبِل إزاره))[11].

 

وليحذَرِ الرجوع في صدقته؛ فإن هذا ليس من فعل الكرام؛ عن ابن عباسٍ: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مثل الذي يرجع في صدقته، كمثل الكلب يقيء، ثم يعود في قيئه فيأكله))[12].

 

6-             إخفاء الصدقة:

كلما كانت الصدقة سرًّا، كان ثوابها أعظمَ أجرًا؛ قال تعالى: ﴿ إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾ [البقرة: 271].

 

ومِن السبعة الذين يظلهم الله في ظله: ((... ورجلٌ تصدق بصدقةٍ فأخفاها حتى لا تعلم شِمالُه ما تنفق يمينه...))[13].

 

وعلة الإخفاء: التخلص من الرياء والسمعة؛ يقول الغزالي: "بالَغَ في فضل الإخفاء جماعةٌ، حتى اجتهدوا ألا يعرف القابض المعطي، فكان بعضهم يلقيه في يد أعمى، وبعضهم يلقيه في طريق الفقير وفي موضع جلوسه حيث يراه ولا يرى المعطي، وبعضهم كان يصره في ثوب الفقير وهو نائم، وبعضهم كان يوصل إلى يد الفقير على يد غيره، بحيث لا يعرف المعطي، وكان يستكتم المتوسط شأنه، ويوصيه بألا يفشيه"[14]، وكان أهل المدينة يقولون: (ما فقدنا صدقة السر حتى مات عليُّ بن الحسين)[15].

 

7-             الصدقة ولو بالقليل:

قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ ﴾ [التوبة: 79]، وعن أبي هريرة أنه قال: يا رسول الله، أي الصدقة أفضل؟ قال: ((جهد المقل، وابدَأْ بمن تعول))[16].

 

فلا تحتقر المعروف مهما قل، ولا تستصغر الصدقة مهما صغرت، فرُبَّ درهمٍ سبق ألف درهم، ورُبَّ جنيهٍ واحد كان سببًا في دخولك الجنة؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اتقوا النار ولو بشق تمرةٍ، فمن لم يجد فبكلمةٍ طيبةٍ))[17].

 

جاء في الإحياء أن ابن مسعود قال: إن رجلًا عبَدَ الله سبعين سنة، ثم أصاب فاحشة، فأحبط عمله، ثم مر بمسكين فتصدق عليه برغيف، فغفر الله له ذنبه، وردَّ عليه عمل السبعين سنة.

 

8-             التصدُّق مما تحب:

فلو كنت تحب المال، فتصدق بالمال، ولو كنت محبًّا للتمر فتصدق به؛ قال تعالى: ﴿ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ ﴾ [آل عمران: 92].

 

كان عبدالله بن عمر يتصدق بالسكَّر، ويقول: سمعت الله يقول: ﴿ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ﴾ [آل عمران: 92]، والله يعلم أني أحب السُّكَّر.

 

وذكر الغزالي عن مجاهد في قول الله عز وجل: ﴿ وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا ﴾ [الإنسان: 8]، فقال: وهم يشتهونه.

 

9-             الاهتمام بالأرحام والقرابة:

عن أبي أيوب الأنصاري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن أفضل الصدقة الصدقة على ذي الرحم الكاشح))[18]... والكاشح: المضمر العداوة في باطنه، وعن سلمان بن عامرٍ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الصدقة على المسكين صدقةٌ، وعلى ذي الرحم اثنتان؛ صدقةٌ وصِلةٌ))[19].

 

ذكر الإمام الغزالي من صفات المتصدق عليه: أن تبحث عن ذوي الأرحام والأقاب، فقال: "أن يكون من الأقارب وذوي الأرحام فتكون صدقةً وصلة رحمٍ، وفي صلة الرحم من الثواب ما لا يحصى، قال علي رضي الله عنه: لأن أصل أخًا من إخواني بدرهمٍ أحب إلي من أن أتصدق بعشرين درهمًا، ولأَنْ أصِلَه بعشرين درهمًا أحب إلي من أن أتصدق بمائة درهمٍ، ولأن أصله بمائة درهم أحب إلي من أن أعتق رقبة"[20].

♦♦♦


درس الفقه:

1- حُكم من يصوم ولا يصلي:

يجب أن نعلم أن الصلاة ليست شرطًا في صحة الصوم، وعليه فمن صام من غير صلاة، فصيامه صحيح، لكنه يأثم؛ لارتكابه كبيرة من الكبائر، وهي ترك الصلاة.

 

ومن الناحية العملية: لو أننا قلنا لتارك الصلاة: صومك غير صحيح، ولا فائدة من صيامك بغير صلاة، فلربما ترك الصيام، فلا صام ولا صلى، لكن عندما يصوم ربما يدفعه إلى الصلاة، وكما قالوا: "ما لا يدرك كله، لا يترك كله".

 

2- حُكم وضع النقط في الأنف والأذن:

أولًا: النقط في الأنف: إذا لم يتجاوز الخيشوم فلا ضرر، "وإن وصل إلى الدماغ أفطر بلا خلاف"[21].

ثانيًا: النقط في الأذن: قالوا: "والتقطير في باطن الأذن مفطرٌ، وإن لم يصل إلى الدماغ مفطرٌ في الأصح، قال في شرح البهجة: لأنه نافذٌ إلى داخل قحف الرأس وهو جوفٌ"[22].

 

3- حكم استعمال الحقن الوريدية أو في العضل للعلاج أو للتقوية:

الراجح من أقوال العلماء أن الحقن الوريدية أو العضلية، لا تبطل الصيام، فالعبرة بالمفطر ما دخل من طريق معتاد كالجوف، والحقن لا تصل إلى الجوف، ما لم تكن حقن جلوكوز مغذية.

 

4- حكم استعمال الحقن الشرجية:

يرى الجمهور أنها تفسد الصوم؛ لأن بها سائلًا يصل إلى الجوف، والماليكة يرون أنها لا تفطر، ولهم رأي يقولون فيه بالكراهة مع استحباب القضاء.

وعليه: فالأولى أن يقضي خروجًا من الخلاف على رأي الجمهور.

 

5- حكم استعمال معجون الأسنان:

استعمال السواك للصائم جائز، ويكره بعد الزوال - بعد الظهر - عند الإمام الشافعي، ويقاس عليه استعمال المعجون، مع مضمضة الفم جيدًا بعد استعماله، حتى لا يذهب أثره إلى الحلق.

والله أعلم.


يراجع كتاب: نصْبُ الخِيام في دُروسِ رَمَضَانَ وأَحْكَامِ الصِّيَام

لفضيلة الشيخ: أحمد علوان، والصادر عن دار الصفوة بالقاهرة.



[1] البخاري (1902)، مسلم (2308).

[2] مسلم (2312).

[3] البخاري (2093).

[4] الترمذي (1961)، وقال: حديث غريب.

[5] الاستيعاب في معرفة الأصحاب، لابن عبدالبر، (ج3، ص882)، تحقيق: علي محمد البجاوي، دار الجيل، بيروت، ط1/ 412هـ = 1992 م.

[6] غذاء الألباب شرح منظومة الآداب، للسفاريني (ج2، ص150).

[7] مسند أحمد (17333)، وأبي يعلى (1766)، وإسناده صحيح.

[8] البخاري (6502).

[9] فتح الباري (ج3، ص299).

[10]مسلم (1015).

[11] مسلم (106).

[12] مسلم (1622).

[13] البخاري (1423)، مسلم (1031).

[14] الإحياء (ج1، ص215).

[15] حلية الأولياء (ج3، ص136).

[16] صحيح ابن حبان (3346).

[17] البخاري (6563)، مسلم (1016).

[18] مسند أحمد (23530)، وقال الأرناؤوط: إسناده صحيح.

[19] الترمذي (658)، وحسنه، والنسائي (2582)، وابن ماجه (1844).

[20] الإحياء (ج1، ص220).

[21] المجموع شرح المهذب، للإمام النووي، (ج6، ص313).

[22] انظر: مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج، للخطيب الشربيني، (ج2، ص156)، نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج، لشهاب الدين الرملي، (ج3، 167)، دار الفكر - بيروت، تاريخ الطبعة: 1404هـ = 1984م.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • حديث: إذا أنفق المسلم نفقة على أهله، وهو يحتسبها كانت له صدقة
  • {يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم}
  • {يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم}
  • من أين اكتسبه وفيم أنفقه؟
  • أبواب الجنة (درس رمضاني)
  • رمضان يعلمنا الإرادة (درس رمضاني)
  • العفو (درس رمضاني)
  • فضل من أدرك رمضان (درس رمضاني)
  • أنفق وكأنه لم ينفق!
  • "أنفق ينفق عليك"

مختارات من الشبكة

  • حديث: إن الله قال لي: أنفق أنفق عليك(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن حمود الفريح)
  • حديث: قال الله: أنفق يا ابن آدم، ينفق عليك(مقالة - مكتبة الألوكة)
  • أنفق ينفق عليك (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أنفق ينفق عليك (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله ثم لا يتبعون ما أنفقوا منا ولا أذى ...)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قوله تعالى : {يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم...}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أنفقوا فقد جاء شهر الخير (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • شرح حديث: من أنفق زوجين في سبيل الله(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن حمود الفريح)
  • تفسير: (والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: وعن ماله فيم أنفقه (إنفاق المال في المحرمات)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 14/11/1446هـ - الساعة: 17:59
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب