• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة عن الرياء
    د. رافع العنزي
  •  
    خطوة الكبر وجمال التواضع (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    أكبر مشايخ الإمام البخاري سنا
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    بطاعة الله ورسوله نفوز بمرافقة الحبيب (صلى الله ...
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    خطبة: نعمة تترتب عليها قوامة الدين والدنيا
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة عن الصمت
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    يا محزون القلب، أبشر
    تهاني سليمان
  •  
    كسب القلوب مقدم على كسب المواقف (خطبة)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    الإمداد بالنهي عن الفساد (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    سورة البقرة: مفتاح البركة ومنهاج السيادة
    د. مصطفى يعقوب
  •  
    لطائف من القرآن (3)
    قاسم عاشور
  •  
    المشتاقون إلى لقاء الله (خطبة)
    د. عبد الرقيب الراشدي
  •  
    من صفات الرجولة في القرآن الكريم
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    إنسانية النبي صلى الله عليه وسلم
    محمد عبدالعاطي محمد عطية
  •  
    الكشف الصوفي
    إبراهيم الدميجي
  •  
    تفسير: ( وقالوا آمنا به وأنى لهم التناوش من مكان ...
    تفسير القرآن الكريم
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب / في النصيحة والأمانة
علامة باركود

قفوا ولا ترجفوا

الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 12/4/2015 ميلادي - 23/6/1436 هجري

الزيارات: 8792

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

قفوا ولا ترجفوا


أَمَّا بَعدُ، فَـ ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم وَالَّذِينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 21]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ [التوبة: 119].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، في مِثلِ حَالِنَا اليَومَ، وَالمُسلِمُونَ يَخُوضُونَ حُرُوبًا مَعَ أَعدَائِهِم في جِهَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ، لا يَفتَأُ النَّاسُ يَتَحَدَّثُونَ في مَجَالِسِهِم عَمَّا يَقَعُ هُنَا وَهُنَاكَ، وَيَجعَلُونَ مَا يَجرِي مِن أَحدَاثٍ وَمُشكِلاتٍ فَاكِهَةً لاجتِمَاعَاتِهِم، وَمَادَّةً يَتَبَادَلُونَ حَولَهَا الآرَاءَ وَالتَّصَوُّرَاتِ، وَيَتَنَاوَلُونَهَا بِالتَّعلِيقَاتِ وَالتَّعقِيبَاتِ، وَهَذَا وَإِن كَانَ لَيسَ عَيبًا في ذَاتِهِ، إِلاَّ أَنَّ مِمَّا يُذَمُّ وَيُعَابُ وَلا يُرضَى، أَن يَخُوضَ النَّاسُ فِيمَا يَعلَمُونَ وَفِيمَا لا يَعلَمُونَ، وَأَن يَتَحَدَّثُوا فِيمَا يَتَصَوَّرُونَ وَفِيمَا لا يَتَصَوَّرُونَ، وَأَن يَنتَشِرَ فِيهِم التَّزَيُّدُ في الكَلامِ وَالمُبَالَغَاتُ، وَيَنقُلُوا الأَرَاجِيفَ وَالشَّائِعَاتِ، وَيَجعَلُوا الصَّغِيرَ كَبِيرًا وَالحَقِيرَ خَطِيرًا، وَيَتَنَاوَلُوا أَحدَاثًا مُتَوَهَّمَةً وَنَتَائِجَ مُتَوَقَّعَةً، تُبنَى مِنهَا جِبَالٌ تَقصِمُ الظُّهُورَ، أَو تُفتَلُ حِبَالٌ تَلتَفُّ حَولَ الرِّقَابِ، في تَهوِيلٍ وَتَخوِيفٍ وَبَثٍّ لِلفَزَعِ في النُّفُوسِ، حَتَّى لَكَأَنَّمَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنهُم هُوَ النَّذِيرُ العُريَانُ، الَّذِي يَقُولُ لِلنَّاسِ قَد صَبَّحَكُمُ العَدُوُّ أَو مَسَّاكُم، في حِينِ أَنَّ الأَمرَ لا يَعدُو أَن يَكُونَ جَعجَعَةً وَلا طِحنٌ، وَكَلامَ مُرجِفِينَ يُفسِدُونَ أَكثَرَ مِمَّا يُصلِحُونَ.

 

نَعَم أَيُّهَا المُسلِمُونَ إِنَّهَا لا تَخلُو أَيُّ أَحدَاثٍ تَمُرُّ بِالأُمَّةِ مِن أَقوَامٍ مُرجِفِينَ، يَنقُلُونَ الأَحدَاثَ بِصُورَةٍ مُزَيَّفَةٍ، مِلؤُهَا الإِثاَرَةُ وَالتَّخوِيفُ وَالتَّخذِيلُ، وَبَثُّ القَلَقِ في النُّفُوسِ وَتَثبِيطُ العَزَائِمِ وَإِسقَاطُ الهِمَمِ. وَقَد وُجِدَ المُرجِفُونَ في زَمَنِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ وَأَصحَابِهِ، فَكَانُوا لا يَفتَؤُونَ يَنشُرُونَ في المُؤمِنِينَ مَا يَسُوءُهُم، مِن تَحقِيرِ شَأنِهِم وَتَهوِيلِ شَأنِ عَدُوِّهِم، أَو يُشِيعُونَ عَنِ المُسلِمِينَ إِذَا خَرَجُوا في غَزوٍ أَنَّهُم قُتِلُوا أَو هُزِمُوا، أَو أَنَّ العَدُوَّ قَد خَلَفَهُم عَلَى المَدِينَةِ وَأَهلِيهِم. وَأَمَّا في زَمَانِنَا الَّذِي تَنَوَّعَت فِيهِ أَجهِزَةُ التَّوَاصُلِ وَانتَشَرَتِ الشَّبَكَاتِ، وَضَعُفَ الوَازِعُ الدِّينِيُّ وَهَزُلَتِ العُقُولُ، وَتَلَوَّثَتِ الأَفكَارُ وَاختَلَطتِ الرُّؤَى، فَقَدِ ازدَادَ الإِرجَافُ وُجُودًا وَانتِشَارًا، وَظَهَرَ مَسمُوعًا وَمَقرُوءًا وَمُصَوَّرًا، يُنشِئُهُ في الغَالِبِ قَومٌ أُشرِبَت نُفُوسُهُمُ الإِعجَابَ بِالكُفَّارِ، وَالانبِهَارَ بما لَدَيهِم مِن عُدَّةٍ وَعَتَادٍ وَصِنَاعَةٍ وَثَقَافَةٍ، فَغَدُوا لا يَألُونَ في وَصفِهِم بِالقُوَّةِ، وَالمُبَالَغَةِ في تَعظِيمِ مَا يَملِكُونَ مِن أَسلِحَةٍ فَتَّاكَةٍ وَآلاتٍ مُدَمِّرَةٍ، وَكَأَنَّمَا هُم بَإِرجَافِهِم هَذَا يَقُولُونَ لِلمُسلِمِينَ: ارفَعُوا أَيدِيَكُم وَضَعُوا أَسلِحَتَكُم، وَالزَمُوا بُيُوتَكُم وَابكُوا عَلَى أَنفُسِكُم، فَلا طَاقَةَ لَكُم بِهَؤُلاءِ وَجُنُودِهِم!! وَمِن دُونِ هَؤُلاءِ قَومٌ مِن أَشبَاهِ العَوَامِّ وَإِن حَسِبُوا أَنفُسَهم مِنَ المُثَقَّفِينَ، لا يَعرِفُونَ تَثَبُّتًا وَلا تَبَيُّنًا، وَلا يُهِمُّهُم أَن يَكُونُوا أَصحَابَ مِصدَاقِيَّةٍ أَو أَن يُنقَلَ عَنهُمُ الكَذِبُ، فَتَرَاهُم عِندَ كُلِّ حَدَثٍ يَكتُبُونَ وَيُحَلِّلُونَ وَيَنشُرُونَ، وَيُفَصِّلُونَ كَمَا يَتَخَيَّلُونَ أَو يَتَوَهَّمُونَ؛ وَكُلُّ هَمِّ أَحَدِهِم أَن يَكتُبَ شَيئًا يَقرَؤُهُ النَّاسُ وَيَخُوضُونَ فِيهِ، دُونَ نَظَرٍ إِلى عَوَاقِبِهِ الوَخِيمَةِ وَمَآلاتِهِ الضَّارَّةِ، أَو مَا قَد يُسَبِّبُهُ مِن تَلَوُّثٍ فِكرِيٍّ، أَوِ اضطِرَابٍ أَمنِيٍّ أَو خَلَلٍ اجتِمَاعِيٍّ، أَو إِضعَافٍ لِلرُّوحِ المَعنَوِيَّةِ لِلمُجتَمَعَاتِ المُسلِمَةِ، أو تَحطِيمٍ لما تَحمِلُهُ القُوَى الإِيمَانِيَّةُ مِن تَفَاؤُلٍ بِانتِصَارِ الإِسلامِ وَأَهلِهِ المُصلِحِينَ، وَاندِحَارِ الكُفرِ وَحِزبِهِ المُفسِدِينَ.

 

إِنَّ الإِرجَافَ أَيُّهَا المُسلِمُونَ في أَوقَاتِ الحُرُوبِ وَالفِتَنِ وَالمِحَنِ، يَظهَرُ في صُوَرٍ مُتَعَدِّدَةٍ وَأَشكَالٍ مُختَلِفَةٍ، بَينَ نَشرِ أَحَادِيثَ مُوضُوعَةٍ، وَبَثِّ قِصَصٍ مَكذُوبَةٍ، وَنَقلِ رِوَايَاتٍ بَاطِلَةٍ، وَتَهوِيلِ أَخبَارٍ غَيرِ مَوثُوقٍ فِيهَا، وَتَضخِيمِ أَنبَاءٍ غَيرِ صَحِيحَةٍ، وَنَقلِ أَحدَاثٍ مِن مَصَادِرَ مَجهُولَةٍ. وَأَمَّا الإِرجَافُ الَّذِي يَكُونُ هَدَفُهُ أُولِي الأَمرِ وَالمُجَاهِدِينَ وَالعُلَمَاءَ وَالدُّعَاةَ وَالمُصلِحِينَ، فَحَدِّثْ عَنهُ وَلا حَرَجَ، فَهَذَا مُبَدَّعٌ وَذَاكَ مُفَسَّقٌ، وَهَذَا مُخَطَّأٌ وَذَلِكَ مَشكُوكٌ في نِيَّتِهِ، وَلا تَسَلْ عَن خُطُورَةِ الطَّعنِ في القَادَةِ وَالمُجَاهِدِينَ وَالعُلَمَاءِ وَالمُصلِحِينَ؛ فَكَم يُخَذِّلُ عَنِ اتِّبَاعِهِم، وَيَصُدُّ عَنِ الخَيرِ الَّذِي يَحصُلُ بِالالتِفَافِ حَولَهُم، وَيَحُولُ دُونَ التَّعَاوُنِ عَلَى البِرِّ وَالتَّقوَى، وَيَؤُولُ بِالنَّاسِ إِلى التَّفَرُّقِ وَالاختِلافِ وَالتَّنَازُعِ وَالشِّقَاقِ، وَعَدَمِ ثِقَةِ بَعضِهِم في بَعضٍ، وَمِن ثَمَّ يَكُونُ الفَشَلُ وَذَهَابُ الرِّيحِ، وَالقُعُودُ عَن جِهَادِ الأَعدَاءِ، وَتَعوِيقُ مَسِيرَةِ الدَّعوَةِ وَنَشرِ الدِّينِ الحَقِّ.

 

إِنَّ الإِرجَافَ وَإِذَاعَةَ المَرءِ بِكُلِّ مَا يَصِلُهُ، دُونَ رَدٍّ لِلأَمرِ لأَهلِهِ العَالِمِينَ بِهِ، إِنَّهُ لَمِمَّا يَخفِضُ شَأنَ المُسلِمِينَ وَيُوهِنُ قُوَاهُم عَن جِهَادِ أَعدَائِهِم، وَيُضعِفُ هِمَمَهُم عَنِ العَمَلِ الدَّعَوِيِّ وَالإِصلاحِيِّ، وَيَخدِمُ الأَعدَاءَ مُبَاشَرَةً وَيَصُبُّ في مَصَالِحِهِم، حَيثُ يَنفَرِدُونَ بِالمُجتَمَعَاتِ الإِسلامِيَّةِ الَّتِي قَعَدَ أَبنَاؤُهُا عَنِ التَّنَاصُرِ وَالتَّعَاوُنِ، وَمَاتَت في نُفُوسِهِم الآمَالُ في إِعَادَةِ أَمجَادِ أُمَّتِهِم، وَشُغِلُوا بِتَنَاقُلِ الأَحدَاثِ الكَاذِبَةِ، الَّتِي تُوحِي بِهَزِيمَةِ المُسلِمِينَ وَكَسرِ شَوكَتِهِم. وَمِن آثَارِ الإِرجَافِ السَّيِّئَةِ أَن يَتَوَقَّفَ المُسلِمُونَ عَن إِغَاثَةِ إِخوَانِهِم في البِلادِ الَّتِي تَسَلَّطَ عَلَيهَا الأَعدَاءُ، وَلا يُحِسُّوا بِمُصَابِهِم وَلا يَحمِلُوا هَمَّهُم، هَذَا عَدَا مَا يُصَابُ بِهِ الجَمِيعُ مِن سُوءِ ظَنٍّ بِرَبِّهِم، وَضَعفِ تَوَكُّلٍ عَلَيهِ، وَالتِفَاتٍ عَنِ الاستِعَانَةِ بِهِ وَاستِغَاثَتِهِ، إِلى التَّعَلُّقِ بِالمَخلُوقِينَ وَالاستِنصَارِ بِهِم وَبِهَيئَاتِهِم وَمُنَظَّمَاتِهِم، أَوِ الوُصُولِ إلى حَالٍ مُزرِيَةٍ مِنَ اليَأسِ مِن رَوحِ اللهِ وَالقُنُوطِ مِن رَحمَتِهِ، وَعَدَمِ اليَقِينِ بِنَصرِةِ لِعِبَادِهِ المُؤمِنِينَ، وَامتِلاءِ النُّفُوسِ بِالهَمِّ وَالحَزَنِ، وَإِحَاطَةِ العَجزِ وَالكَسَلِ بها.

 

أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ أَيُّهَا المُسلِمُونَ وَلْنَحذَرِ الإِرجَافَ بِكُلِّ صُوَرِهِ وَأَشكَالِهِ؛ فَإِنَّهُ مُحَرَّمٌ لما فِيهِ مِن أَذِيَّةٍ لِلمُسلِمِينَ، وَأَصحَابُهُ مُتَعَرِّضُونَ لِلَّعنِ وَالطَّردِ مِن رَحمَةِ اللهِ، قَالَ تَعَالى: ﴿ لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا * مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا * سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا ﴾ [الأحزاب: 60 - 62] إِنَّهُ لَوَاجِبٌ عَلَى المُسلِمِ أَن يَتَثَبَّتَ وَيَتَبَيَّنَ، وَأَن يُمَحِّصَ الأَخبَارَ قَبلَ نَقلِهَا وَسَردِهَا، وَأَن يَرُدَّ الأَمرَ إِلى أَهلِهِ المُختَصِّينَ بِهِ، وَأَلاَّ يَستَجرِيَهُ الشَّيطَانُ أَو يَستَخِفَّهُ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ، فَيَندَمَ اليَومَ أَو غَدًا، قَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُم فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَومًا بِجَهَالَةٍ فَتُصبِحُوا عَلَى مَا فَعَلتُم نَادِمِينَ ﴾ [الحجرات: 6] وقال تعالى: ﴿ وَإِذَا جَاءَهُم أَمرٌ مِنَ الأَمنِ أَوِ الخَوفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَو رَدُّوهُ إِلى الرَّسُولِ وَإِلى أُولي الأَمرِ مِنهُم لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَستَنبِطُونَهُ مِنهُم وَلَولا فَضلُ اللهِ عَلَيكُم وَرَحمَتُهُ لاتَّبَعتُمُ الشَّيطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً ﴾ [النساء: 83].

 

الخطبة الثانية

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالى حَقَّ تُقَاتِهِ، وَسَارِعُوا إِلى مَغفِرَتِهِ وَمَرضَاتِهِ، وَاحذَرُوا مِن نَقَلَةِ الكَذِبِ وَرُوَاتِهِ، وَلا تَكُونُوا أَبوَاقًا لَهُم بِنَقلِ كُلِّ مَا تَسمَعُونَ أَو تَقرَؤُونَ، أَو أَدَوَاتٍ لِلقَصِّ وَاللَّصقِ وَالنَّسخِ وَالنَّشرِ، فَبِئسَ مَطِيَّةُ الرَّجُلِ زَعَمُوا، وَيَكفِي المَرءَ مِنَ الإِثمِ نَقلُهُ لِكُلِّ خَبرٍ بِمُجَرَّدِ سَمَاعِهِ، وَبَثُّهُ دُونَ تَثَبُّتٍ أَو تَبَيُّنٍ، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: " كَفَى بِالمَرءِ كَذِبًا أَن يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ " رَوَاهُ مُسلِمٌ، وَعِندَ أَبي دَاوُدَ وَغَيرِهِ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ: " كَفَى بِالمَرءِ إِثمًا أَن يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ "

 

نَعَم أَيُّهَا الإِخوَةِ إِنَّهُ لإِثمٌ كَبِيرٌ أَن يَنقُلَ المَرءُ كُلَّ مَا وَصَلَهُ وَيُسَارِعَ في بَثِّهِ وَنَشرِهِ، فَكَيفَ إِذَا كَانَ مَا يَنقُلُهُ يَحوِي إِخَافَةً لِلآخَرِينَ، أَو يَحمِلُ إِرجَافًا في الصُّفُوفِ وَإِضعَافًا لِلعَزَائِمِ؟! وَأَمَّا مَن وَفَّقَهُ اللهُ، فَكَانَ لِلِسَانِهِ خَازِنًا وَلِقَلَمِهِ حَافِظًا، لا يَنقُلُ الأَخبَارَ إِلاَّ بَعدَ تَثَبُّتٍ وَتَبَيُّنٍ، وَرَدٍّ لِلأَمرِ إِلى أَهلِهِ، فَعَلَيهِ أَن يَثِقَ بِرَبِّهِ، وَأَن يُقَوِّيَ رَجَاءَهُ بِهِ سُبحَانَهُ ، مُفَوِّضًا الأَمرَ إِلَيهِ، مُعتَمِدًا عَلَيهِ؛ مُكثِرًا مِن قَولِ: ﴿ حَسبُنَا اللهُ وَنِعمَ الوَكِيلُ ﴾ [آل عمران: 173] كَمَا فَعَلَ عِبَادُ اللهِ المُتَوَكِّلُونَ ﴿ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَد جَمَعُوا لَكُم فَاخشَوهُم فَزَادَهُم إِيمَانًا وَقَالُوا حَسبُنَا اللهُ وَنِعمَ الوَكِيلُ * فَانقَلَبُوا بِنِعمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضلٍ لم يَمسَسْهُم سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضوَانَ اللهِ ﴾ [آل عمران:173، 174].

 

ثُمَّ لنَعلَمْ جَمِيعًا أَيُّهَا المُسلِمُونَ أَنَّ الحَقَّ وَالبَاطِلَ يَتَعَالَجَانِ وَيَتَصَارَعَانِ إِلى أَن تَقُومَ السَّاعَةُ، وَكَم مِن مِحنَةٍ وَقَعَت لِلمُسلِمِينَ عَلَى مَرِّ التَّارِيخِ، فَكَانَت لَهُم في أَثنَائِهَا عَطَايَا عَمِيمَةٌ وَمِنَحٌ جَسِيمَةٌ، وَمَا ارتِفَاعُ رَايَةِ الجِهَادِ مِن هَذِهِ البِلادِ، لِحَربِ المُبتَدَعَةِ وَدَحرِ البَاطِنِيَّةِ، وَنَصرِ أَهلِ السُّنَّةِ وَحِمَايَةِ دِيَارِهِم وَالذَّبِّ عَن أَعرَاضِهِم، إِلاَّ تَوفِيقٌ مِنَ اللهِ وَفَضلٌ مِنهُ وَمِنَّةٌ؛ فَليَستَبشِرْ أَولِيَاءُ اللهِ وَجُنُودُهُ وَلْيَصبِرُوا، وَلْيُصَابِرُوا وَلْيُرَابِطُوا، مُعتَصِمِين بِحَبلِ اللهِ وَاثِقِينَ بِهِ، جَاعِلِينَ الأَرَاجِيفَ وَالشَّائِعَاتِ خَلفَ ظُهُورِهِم؛ فَإِنَّمَا هِيَ مِن جُندِ الشَّيطَانِ وَكَيدِهِ ﴿ إِنَّ كَيدَ الشَّيطَانِ كَانَ ضَعِيفًا ﴾ [النساء: 76] ﴿ إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيطَانُ يُخَوِّفُ أَولِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُم وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُؤمِنِينَ ﴾ [آل عمران: 175].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • اخسؤوا أيها الحوثيون فلن تعدوا قدركم
  • إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم

مختارات من الشبكة

  • موقفان تقفهما بين يدي الله (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الشمل أشتات (قصيدة)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • يا محزون القلب، أبشر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفة تأمل في غزوات رسول الله صلى الله عليه وسلم وسراياه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التفوق الإنساني للحضارة الإسلامية أوقاف الحيوانات نموذجا(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • موقف الرسول صلى الله عليه وسلم من الديون (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • ماذا قدموا لخدمة الدين؟ وماذا قدمنا نحن؟ (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المزابنة والمحاقلة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • توقيف أهل التوفيق على أربعين حديثا في مناقب الصديق (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • خطبة: موقف المسلم من فتن أعداء الأمة(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بحث مخاطر المهدئات وسوء استخدامها في ضوء الطب النفسي والشريعة الإسلامية
  • مسلمات سراييفو يشاركن في ندوة علمية عن أحكام زكاة الذهب والفضة
  • مؤتمر علمي يناقش تحديات الجيل المسلم لشباب أستراليا ونيوزيلندا
  • القرم تشهد انطلاق بناء مسجد جديد وتحضيرًا لفعالية "زهرة الرحمة" الخيرية
  • اختتام دورة علمية لتأهيل الشباب لبناء أسر إسلامية قوية في قازان
  • تكريم 540 خريجا من مسار تعليمي امتد من الطفولة حتى الشباب في سنغافورة
  • ولاية بارانا تشهد افتتاح مسجد كاسكافيل الجديد في البرازيل
  • الشباب المسلم والذكاء الاصطناعي محور المؤتمر الدولي الـ38 لمسلمي أمريكا اللاتينية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 14/6/1447هـ - الساعة: 9:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب