• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    ما انتقد على «الصحيحين» ورجالهما، لا يقدح فيهما، ...
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    على ضفاف عاشوراء {ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه} ...
    وضاح سيف الجبزي
  •  
    وما ظهر غنى؟
    السيد مراد سلامة
  •  
    سؤال وجواب في أحكام الصلاة
    الشيخ صلاح نجيب الدق
  •  
    خطبة: يكفي إهمالا يا أبي
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    خطبة: فتنة التكاثر
    عبدالعزيز أبو يوسف
  •  
    تحريم الاستغاثة بغير الله تعالى فيما لا يقدر عليه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بأن الله تعالى ...
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    إبراهيم عليه السلام في القرآن الكريم
    د. وفا علي وفا علي
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { ودت طائفة من أهل ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    إطعام الطعام من أفضل الأعمال
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    { لا تكونوا كالذين كفروا.. }
    د. خالد النجار
  •  
    دعاء من القرآن الكريم
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    تخريج حديث: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    أخلاق وفضائل أخرى في الدعوة القرآنية
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    مراتب المكلفين في الدار الآخرة وطبقاتهم فيها
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب / في النصيحة والأمانة
علامة باركود

ابدأ بنفسك

ابدأ بنفسك
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 31/12/2016 ميلادي - 2/4/1438 هجري

الزيارات: 33222

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ابدأ بنفسك

 

أَمَّا بَعدُ، فَـ ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم وَالَّذِينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 21].

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، أَرَأَيتُم وُقُوفَ المُؤمِنِينَ في الجَمَاعَةِ صُفُوفًا مُنتَظِمَةً، وَاستِوَاءَهُم مُتَحَاذِينَ بِلا تَقَدُّمِ أَحَدٍ مِنهُم عَلَى الآخَرِ وَلا تَأَخُّرٍ عَنهُ، كَم في هَذَا مِنَ التَّعوِيدِ لَهُم عَلَى النِّظَامِ، وَإِشعَارِهِم بِالتَّسَاوِي في أَصلِ الخَلقِ، وَتَربِيَتِهِم عَلَى التَّوَاضُعِ وَعَدَمِ التَّكَبُّرِ والتَّعَالي، وَأَعجَبُ مِن هَذَا لِمَن يَرَاهُ فَيَتَأَمَّلُهُ، مَا يَحصُلُ بَعدَ الإِقَامَةِ وَقَبلَ تَكبِيرِ الإِمَامِ، مِن سُرعَةِ انتِظَامِ المُصَلِّينَ في صُفُوفٍ مُستَوِيَةٍ مُتَرَاصِّينَ، وَاستِعدَادِهِمُ التَّامِّ لِلتَّحَوُّلِ إِلى هَيئَةٍ وَاحِدَةٍ في لَحَظَاتٍ خَاطِفَةٍ، دُونَ حَاجَةٍ إِلى كَثِيرِ أَمرٍ أَو كَبِيرِ تَوجِيهٍ مِن إِمَامٍ أَو غَيرِهِ .وَفي هَذِهِ السُّرعَةِ في انتِظَامِ صُفُوفِ الصَّلاةِ - أَيُّهَا الإِخوَةُ - إِشَارَةٌ بَيِّنَةٌ وَدَلالَةٌ قَوِيَّةٌ إِلى أَنَّهُ مِنَ اليَسِيرِ عَلَى المُسلِمِينَ أَن يَأتَمِرُوا بِالأَوَامِرِ وَيَنتَهُوا عَنِ النَّوَاهِي؛ فَيَكُونُوا عَلَى هَيئَةٍ هِيَ الأَكمَلُ وَالأَجمَلُ وَالأَفضَلُ، فَمَا السِّرُّ الَّذِي يَجعَلُهُم يَنتَظِمُونَ في صُفُوفِ الصَّلاةِ بِسُرعَةٍ، بَينَمَا قَد يَتَبَاطَؤُونَ في امتِثَالِ كَثِيرٍ مِنَ الأَنظِمَةِ، سَوَاءٌ مِنهَا الشَّرعِيَّةُ، أَوِ المَدَنَيَّةُ الَّذِي فَرَضَهَا عَلَيهِم وُلاةُ الأُمُورِ بِمُقتَضَى المَصلَحَةِ؟! إِنَّ السِّرَّ بِاختِصَارٍ، أَنَّ كُلَّ فَردٍ في حَالِ إِقَامَةِ الصَّلاةِ، يَبدَأُ بِنَفسِهِ وَيُقبِلُ عَلَى شَأنِهِ، وَيَهتَمُّ بِإِصلاحِ ذَاتِهِ، وَيَحرِصُ عَلَى أَن يَكُونَ في مَكَانِهِ الصَّحِيحِ بَينَ مَن هُم حَولَهُ، فَتَكُونُ النَّتِيجَةُ حُصُولَ هَذَا التَّغيِيرِ الهَائِلِ في الجَمَاعَةِ خِلالَ لَحَظَاتٍ مَعدُودَةٍ، يَستَوِي في ذَلِكَ آحَادٌ مِنَ المُصَلِّينَ في المَسَاجِدِ الصَّغِيرَةِ وَالمُتَوَسِّطَةِ، وَعَشَرَاتٌ أَو مِئَاتٌ في الجَوَامِعِ الكَبِيرَةِ المُكتَظَّةِ، أَو حَتَّى الآلافُ المُؤَلَّفَةُ مِنهُم كَمَا في الحَرَمَينِ الشَّرِيفَينِ زَادَهُمَا اللهُ تَشرِيفًا.

 

أَجَل - أَيُّهَا الإِخوَةُ - إِنَّهُ حِينَمَا يَبدَأُ كُلُّ مُسلِمٍ بِنَفسِهِ وَيَفعَلُ الصَّوَابَ لأَنَّهُ صَوَابٌ، وَيَتَّجِهُ لِتَنفِيذِ مَا يَخُصُّهُ مِنَ الوَاجِبِ عَلَيهِ وَيُرَكِّزُ عَلَى المَطلُوبِ مِنهُ، فَإِنَّهُ سُرعَانَ مَا تَصلُحُ جَمَاعَةُ المُسلِمِينَ وَيَنتَظِمُ شَأنُهَا وَيَعلُو بُنَيَانُهَا، وَإِلاَّ فَتَصَوَّرُوا لَو أَنَّ كُلَّ مُصَلٍّ تَبَاطَأَ في القِيَامِ حِينَ سَمَاعِ الإِقَامَةِ، وَتَلَبَّثَ انتِظَارًا لِغَيرِهِ حَتَّى يُصلِحَ شَأنَهُ ثم يَأتِيَ هُوَ بَعدَهُ، إِذًا لَذَهَبَ الوَقتُ وَالنَّاسُ بَينَ قَائِمٍ وَمَاشٍ وَمُتَقَدِّمٍ وَمُتَأَخِّرٍ، وَلَحَدَثَ مِنَ الفَوضَى مَا يَحُولُ بَينَهُم وَبَينَ أَدَاءِ صَلاتِهِم بِخُشُوعٍ وَطُمَأنِينَةٍ. وَمِن ثَمَّ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى الأُمَّةِ أَن تَأخُذَ دَرسًا مِن سُرعَةِ قِيَامِهَا إِلى الصَّلاةِ وَسُهُولَةِ انتِظَامِهَا في صُفُوفِهَا عِندَ سَمَاعِ الإِقَامَةِ، وَأَن تَجعَلَ ذَلِكَ مَنهَجًا لَهَا في سَائِرِ مَا يَجِبُ عَلَيهَا أَو يُطلَبُ مِنهَا فِعلُهُ. مَا أَجمَلَ المُسلِمَ وَقَد تَوَجَّهَ إِلى نَفسِهِ أَوَّلاً وَحَاسَبَهَا، وَأَلزَمَهَا تَنفِيذَ مَا يَعنِيهَا وَبَادَرَ إِلَيهِ، قَبلَ أَن يَشتَغِلَ بِالآخَرِينَ مَاذَا فَعَلُوا وَلِمَ قَصَّرُوا، وَقَبلَ أَن يَتَّخِذَ مِن خَطَئِهِم وَتَقصِيرِهِم مُسَوِّغًا لَخَطَئِهِ وَتَقصِيرِهِ!

اِبدَأْ بِنَفسِكَ... مَنهَجٌ لِلإِصلاحِ قَوِيمٌ، يَجِبُ أَن يَسِيرَ عَلَيهِ أَفرَادُ الأُمَّةِ؛ لِيَسلُكُوا بِهِ أَقصَرَ طُرُقِ إِصلاحِ مَجمُوعِهَا، وَلِيَصلُحَ بِهِ شَأنُ مُجتَمَعَاتِهِم، الَّتي مَا هِيَ في الوَاقِعِ إِلاَّ صَرحٌ عَظِيمٌ هُم لَبِنَاتُهُ وَأَعمِدَتُهُ، صِغَارًا وَكِبَارًا وَرِجَالاً وَنِسَاءً، وَرُؤَسَاءَ وَمَرؤُوسِينَ وَرَعِيَّةً وَمَسؤُولِينَ.

 

وَمَا أَحسَنَ مَا وَجَّهَ إِلَيهِ ذَلِكَ الشَّاعِرُ إِذ قَالَ:

يَا أَيُّهَا الرَّجُلُ المُعَلِّمُ غَيرَهُ
هَلاَّ لِنَفسِكَ كَانَ ذَا التَّعلِيمُ
تَصِفُ الدَّوَاءَ لِذِي السِّقَامِ وَذِي الضَّنَى
كَيمَا يَصِحُّ بِهِ وَأَنتَ سَقِيمُ
اِبدَأْ بِنَفسِكَ فَانْهَهَا عَن غَيِّهَا
فَإِذَا انتَهَت عَنهُ فَأَنتَ حَكِيمُ
فَهُنَاكَ يُقبَلُ مَا تَقُولُ وَيُقتَدَى
بِالفِعلِ مِنكَ وَيَنفَعُ التَّعلِيمُ


وَخَيرٌ مِن هَذَا وَأَصدَقُ وَأَوثَقُ وَأَعمَقُ، قَولُ اللهِ - تَعَالى -: ﴿ أَتَأمُرُونَ النَّاسَ بِالبِرِّ وَتَنسَونَ أَنفُسَكُم وَأَنتُم تَتلُونَ الكِتَابَ ﴾  [البقرة: 44] وَقَولُهُ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ ﴾ [الصف: 2، 3] وَقَولُهُ - تَعَالى - عَلَى لِسَانِ شُعَيبٍ - عَلَيهِ السَّلامُ - لِقَومِهِ: ﴿ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ ﴾ [هود: 88].

 

حِينَمَا يَبدَأُ أَحَدُنَا بِنَفسِهِ فَيَأمُرُهَا بِالمَعرُوفِ وَيَنهَاهَا عَنِ المُنكَرِ، وَيَأطِرُهَا عَلَى الحَقِّ أَطرًا وَيُقِيمُهَا عَلَى الصِّرَاطِ، فَإِنَّ ذَلِكَ هُوَ أَوَّلُ بَرَكَةِ العِلمِ وَأَكبَرُ أَسَبَابِ الثَّبَاتِ، قَالَ - تَعَالى -: ﴿ وَلَو أَنَّهُم فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيرًا لَهُم وَأَشَدَّ تَثبِيتًا ﴾  [النساء: 66].

 

حِينَمَا يَبدَأُ أَحَدُنَا بِنَفسِهِ فَيَعمَلُ الخَيرَ وَيُبَادِرُ بِهِ، فَإِنَّهُ يَكُونُ قُدوَةً حَسَنَةً لِمَن يَرَاهُ فَيَعمَلُ مِثلَ عَمَلِهِ، وَبِذَلِكَ يَنَالُ أُجُورًا كَثِيرةً وَتَتَضَاعَفُ حَسَنَاتُهُ، قَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " مَن سَنَّ في الإِسلامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجرُهَا وَأَجرُ مَن عَمِلَ بِهَا مِن بَعدِهِ مِن غَيرِ أَن يَنقُصَ مِن أُجُورِهِم شَيءٌ " وَقَالَ: " مَن دَلَّ عَلَى خَيرٍ فَلَهُ مِثلُ أَجرِ فَاعِلِهِ" رَوَاهُمَا مُسلِمٌ وَغَيرُهُ.

 

حِينَمَا يَبدَأُ المَرءُ بِنَفسِهِ فَيَفعَلُ الخَيرَ وَيُسَارِعُ إِلى كُلِّ بِرٍّ، فَإِنَّهُ بِذَلِكَ يَقطَعُ الطَّرِيقَ عَلَى الشَّيَاطِينِ المُتَرَبِّصَةِ بِهِ وَبِإِخوَانِهِ، حَيثُ يَفرَحُ أُولَئِكَ الأَعدَاءُ بِمُخَالَفَةِ العَبدِ أَمرَ رَبِّهِ، وَيَبتَهِجُونَ بِوُقُوعِهِ في النَّهيِ، وَيَسُرُّهُم تَبَاطُؤُهُ عَنِ الخَيرِ وَتَقَاعُسُهُ عَن رَكبِ الصَّالِحِينَ، وَيَغِيظُهُم وَيَأكُلُ قُلُوبَهُم سُرعَةُ سَيرِهِ في طَرِيقِ العُبُودِيَّةِ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " إِذَا قَرَأَ ابنُ آدَمَ السَّجدَةَ فَسَجَدَ اعتَزَلَ الشَّيطَانُ يَبكِي يَقُولُ: يَا وَيلَتِي، أُمِرَ ابنُ آدَمَ بِالسُّجُودِ فَسَجَدَ فَلَهُ الجَنَّةُ، وَأُمِرتُ بِالسُّجُودِ فَأَبَيتُ فَلِيَ النَّارُ " رَوَاهُ مُسلِمٌ .

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، لَو تَأَمَّلنَا كَلامَنَا في مَجَالِسِنَا، أَو مَا نَكتُبُهُ في وَسَائِلِ التَّوَاصُلِ وَنُرسِلُهُ لِبَعضِنَا، لَعَجِبنَا لِمَا نَعِيشُهُ مِن تَنَاقُضٍ في تَنَاوُلِنَا لِلأُمُورِ، إِذ كَيفَ يَحلُمُ امرُؤٌ بِتَغيِيرِ العَالَمِ كُلِّهِ، بَل كَيفَ يَأمَلُ أَن يُغَيِّرَ مُجتَمَعَهُ الصَّغِيرَ مِن حَولِهِ، وَهُوَ لم يَبدَأْ في تَغيِيرِ نَفسِهِ الَّتي بَينَ جَنبَيهِ وَيَشرَعُ في إِصلاحِهَا؟! وَلَيسَ مَعنَى هَذَا - أَيُّهَا الإِخوَةُ - أَنَّهُ لا يَسُوغُ لَأَحَدٍ أَن يَنصَحَ غَيرَهُ وَيُوَجِّهَهُم إِلى الصَّوَابِ وَهُوَ لَيسَ بِكَامِلٍ وَلا مُخطِئٍ، لا وَاللهِ لَيسَ هَذَا هُوَ المَقصُودَ، وَإِنَّمَا المَقصُودُ أَن نَجتَهِدَ قَدرَ الطَّاقَةِ وَنَبذُلَ الوُسعَ وَنَتَّقِيَ اللهَ مَا استَطَعنَا، وَأَن نَأخُذَ بِما يُمكِنُنَا مِنَ الخَيرِ وَنُجَاهِدَ أَنفُسَنَا عَلَى المُبَادَرَةِ، وَلأَن يَتَقَدَّمَ المَرءُ في الخَيرِ خَطَوَاتٍ وَيَأخُذَ مِن كُلِّ بِرٍّ بِحَظٍّ وَنَصِيبٍ وَلَو كَانَ قَلِيلاً، خَيرٌ مِن أَن يَبقَى في مَكَانِهِ أَو يَتَأَخَّرَ فَيُؤَخَّرَ، وَفي الحَدِيثِ عَن أَبي سَعِيدٍ الخُدرِيِّ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - قَالَ: رَأَى رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - في أَصحَابِهِ تَأَخُّرًا فَقَالَ لَهُم: " تَقَدَّمُوا وَأْتَمُّوا بي وَلْيَأتَمَّ بِكُم مَن بَعدَكُم، لا يَزَالُ قَومٌ يَتَأَخَّرُونَ حَتَّى يُؤَخِّرَهُمُ اللهُ " رَوَاهُ مُسلِمٌ.

 

أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ: ﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ * وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ﴾ [آل عمران: 133 - 136].

 

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - حَقَّ التَّقوَى، وَتَمَسَّكُوا مِنَ الإِسلامِ بِالعُروَةِ الوُثقَى، وَاحذَرُوا أَسبَابَ سَخَطِ رَبِّكُم فَإِنَّ أَجسَامَكُم عَلَى النَّارِ لا تَقوَى، وَاعلَمُوا أَنَّ مَن لم يَبدَأْ بِنَفسِهِ، فَلا خَيرَ فِيهِ لِغَيرِهِ...

عَجِبْتُ لِمَن يَبكِي عَلَى مَوتِ غَيرِهِ
دُمُوعًا وَلا يَبكِي عَلَى مَوتِهِ دَمَا
وَأَعجَبُ مِن ذَا أَن يَرَى عَيبَ غَيرِهِ
عَظِيمًا وَفي عَينَيهِ عَن عَيبِهِ عَمَى

 

فَاحرِصُوا - رَحِمَكُمُ اللهُ - عَلَى إِصلاحِ أَنفُسِكُم وَتَقوِيمِهَا، وَابدَؤُوا بِهَا فَجَاهِدُوهَا، فَإِنَّ جِهَادَهَا مِن أَعظَمِ الجِهَادِ كَمَا قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " أَفضَلُ المُؤمِنِينَ إِسلامًا مَن سَلِمَ المُسلِمُونَ مِن لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَأَفضَلُ المُؤمِنِينَ إِيمَانًا أَحسَنُهُم خُلُقًا، وَأَفضَلُ المُهَاجِرِينَ مَن هَجَرَ مَا نَهَى اللهُ - تَعالى - عَنهُ، وَأَفضَلُ الجِهَادِ مَن جَاهَدَ نَفسَهُ في ذَاتِ اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ - " رَوَاهُ الطَّبَرَانيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.

 

مَا أَجمَلَهُ وَأَحسَنَهُ أَن يَبدَأَ المَرءُ بِنَفسِهِ في كُلِّ أَمرٍ مِن أُمُورِ الخَيرِ وَالبِرِّ وَالصَّلاحِ وَالإِصلاحِ، فَيُؤَدِّيَ مَا افتَرَضَ اللهُ عَلَيهِ مِن حَقِّهِ وَمِن حُقُوقِ خَلقِهِ، وَيَجتَنِبَ مَا نَهَى اللهُ عَنهُ وَرَسُولُهُ! اِبدَأْ بِنَفسِكَ وَأَصلِحْ أُسرَتَكَ، اِبدَأْ بِنَفسِكَ وَرَبِّ أَبنَاءَكَ عَلَى كُلِّ فَضِيلَةٍ وَكُفَّ عَنِ النَّاسِ شَرَّهُم، اِبدَأْ بِنَفسِكَ وَأَعطِ الطَّرِيقَ حَقَّهَا وَلا تُؤذِ النَّاسَ فِيهَا، اِبدَأْ بِنَفسِكَ وَكُنْ حَسَنَ الأَخلاقِ مَعَ الآخَرِينَ وَعَامِلْهُم بِأَحسَنَ مِمَّا يُعَامِلُونَكَ بِهِ، وَلا تُقَلِّدْهُم في تَقصِيرِهِم أَو تُعَامِلْهُم بِمِثلِ سُوئِهِم، اِبدَأْ بِنَفسِكَ وَصِلْ مَن قَطَعَكَ وَأَعطِ مَن حَرَمَكَ، وَأَحسِنْ إِلى رَحِمِكَ وَأَقَارِبِكَ وَجِيرَانِكَ، اِبدَأْ بِنَفسِكَ إِن وَجَدتَ مَشرُوعًا مِن مَشرُوعَاتِ الخَيرِ أَو سَمِعتَ بِدَعوَةٍ لِلتَّبَرُّعِ لإِخوَانِكَ المَنكُوبِينَ، وَسَاهِمْ وَلا تَقُلْ أَينَ أَصحَابُ الأَموَالِ وَأَربَابِ التِّجَارَاتِ؟!

 

إِنَّكَ إِن كُنتَ هَكَذَا سَبَّاقًا إِلى الخَيرِ مُبَادِرًا إِلى البِرِّ، كُنتَ مِنَ المُقَرَّبِينَ إِلى رَبِّكَ وَمَولاكَ، القَائِلِ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ * فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ ﴾ [الواقعة: 10 - 12] اللَّهُمَّ اجعَلْنَا مِنَ السَّابِقِينَ المُسَابِقِينَ، المُسَارِعِينَ المُبَادِرِينَ، وَلا تَجعَلْنَا مِمَّنِ استَهوَتهُمُ الشَّيَاطِينَ، فَأَصبَحُوا حَيَارَى مَحرُومِينَ مَخذُولِينَ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • حديث عن الأمانة
  • ثق بقدراتك واعتز بنفسك
  • اخدم نفسك
  • ابدأ بنفسك أيها الإنسان

مختارات من الشبكة

  • إذا أردت الراحة والسعادة فابدأ بنفسك(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ابدأ بنفسك أولاً(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • خطبة عيد الأضحى المبارك 1446هـ (من وضع ثقته في الله، فلن يضيعه الله أبدا)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ابدأ بتمرة(مقالة - ملفات خاصة)
  • من أين أبدأ طلب العلم؟(استشارة - الاستشارات)
  • احتراف الإعراب يبدأ من هذه الخطوة | كيف أبدأ دراسة النحو بطريقة صحيحة من الصفر؟(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • ابدأ بقلبك قبل أن يحل الضيف(مقالة - ملفات خاصة)
  • كيف أبدأ حياتي؟(استشارة - الاستشارات)
  • أخي المدخن: ودع التدخين وابدأ حياة جديدة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • فعاليات متنوعة بولاية ويسكونسن ضمن شهر التراث الإسلامي
  • بعد 14 عاما من البناء.. افتتاح مسجد منطقة تشيرنومورسكوي
  • مبادرة أكاديمية وإسلامية لدعم الاستخدام الأخلاقي للذكاء الاصطناعي في التعليم بنيجيريا
  • جلسات تثقيفية وتوعوية للفتيات المسلمات بعاصمة غانا
  • بعد خمس سنوات من الترميم.. مسجد كوتيزي يعود للحياة بعد 80 عاما من التوقف
  • أزناكايفو تستضيف المسابقة السنوية لحفظ وتلاوة القرآن الكريم في تتارستان
  • بمشاركة مئات الأسر... فعالية خيرية لدعم تجديد وتوسعة مسجد في بلاكبيرن
  • الزيادة المستمرة لأعداد المصلين تعجل تأسيس مسجد جديد في سانتا كروز دي تنريفه

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 19/1/1447هـ - الساعة: 10:1
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب