• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    علامات الساعة (1)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    تفسير: (يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تحية الإسلام الخالدة
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    الشباب والإصابات الروحية
    د. عبدالله بن يوسف الأحمد
  •  
    من فضائل الصدقة (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / العبادات / الصيام ورمضان وما يتعلق بهما
علامة باركود

(أحوال الناس في استقبال رمضان) (خطبة)

(أحوال الناس في استقبال رمضان) (خطبة)
يحيى بن حسن حترش

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 10/3/2024 ميلادي - 29/8/1445 هجري

الزيارات: 7583

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

(أحوال الناس في استقبال رمضان)

 

الخطبة الأولى

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.


﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].


﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].


﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]، أما بعد:

فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

 

أيها المسلمون عباد الله، وها هو الزمان يجري، وها هي الأيام تنقضي، وها هي الشهور قد انسلخت، وها هي الأعوام قد انقضت، وها هي أمة الإسلام، في مشارق الأرض ومغاربها لم يبقَ لها إلا بضعة أيام حتى تستقبل هلال شهر رمضان، وشهرِ الصيام، والقيام، والقرآن: ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [البقرة: 185].

أتى رمضان مزرعة العباد
لتطهير القلوب من الفساد
فأدِّ حقوقه قولًا وفعلًا
وزادك فاتخذه إلى المعادي
فمن زرع الحبوب وما سقاها
تأوَّه نادمًا يوم الحصاد

 

أمة الإسلام، لقد جعل الله الصيام أحد دعائم الإسلام العظام، وجعل فيه من الآيات ما يعجز عنه جميع الأنام، فها هو العالم كله يعيش في بحار الشهوات، والمشتهيات، والماديات، والمغريات، فيأتي الله بالصيام في شهر رمضان ليجعل سدس العالم طوعًا يقف عن شهواته، ومشتهياته، ليُحلِّق بروحه مع جمال الصوم، ونفحاته، وليرى بقية العالم المعرض عن خالقه، وعبادته، والذين يسعون ويجتهدون في غرس الشهوات، والانكباب حول الملذات بين عباده، أن المسلمين لا يقدمون رغباتهم، وشهواتهم، ولا ما يفتنون، ويُغرون به من قبل أعدائهم، عن طاعة خالقهم، وأن حبه في قلوبهم أعظم من حاجتهم إلى طعامهم، وشرابهم، وضروريات حياتهم.

 

فلو اجتمعت وأجمعت دول العالم، ومفكروها، وعباقرتها، وفلاسفها، ليجعلوا مئات الآلاف من الملايين تصوم يومًا واحدًا فقط ما وجدوا لذلك سبيلًا، ولوجدوا فيهم اختلافًا كثيرًا.

 

فما أعظم هذا الشهر الكريم! وما أجمل أن ترى المسلمين في العالم أجمع وهم في عبادة واحدة لله رب العالمين! إنها شعيرة جليلة، وعبادة مهيبة، تنبيك بعظمة هذا الدين، وبانقياد المسلمين لخالق الأولين والآخرين.

 

ها هو أحد الذين كانوا يعيشون على غير ملة الإسلام يحكي قصة إسلامه، وأنها كانت بسبب رمضان، قال: إنه تعجَّـب من المسلمين في قريته، كيف كانت وجوهُهُم تتقلَّـب في السماء عندما انصرم الشهر الذي قبل شهر الصـوم، وكأنهـم ينتظرون إشارة من خالق الكون، فلما رأوا الهلال فرحوا فرحًا عظيمًا، وكأنهم بُشِّـروا بأعظم البُشْرى، ولم أتوقَّـع أن يكون فرحهم، وبُشْراهم بأنهم سيمتنعون عن الشهوات طيلة شهـر بأكمله، وسيحرمون أنفسهم من الطيبات، والمشتهيات كلٌّ باختياره، ومن تلقاء نفسه!

 

هذه الشهوات التي يتنافس البشر عليها، وتزهق الأرواح من أجلها، وتقوم الحروب، وتُباد أمم بسببها، لكنَّ المسلمين في شهر رمضان يمتنعون عن نسائهم، وعن طعامهم وشرابهم؛ استجابة لخالقهم الذي أمرهم، وكتب الصيام عليهم، قال: فصمتُ معهـم، وأنا لا أعرف الإسلام، ولم أنطـق بالشهادتـين، بل أكتفي بالامتناع عن الشراب والطعام، وكنت أفطر إذا سمعت أذان المسجد لصلاة المغـرب، وأذهب فأصلي معهم في الليل - صلاة التراويح - وأصنع مثل ما يصنعون، غير أنني لا أتكلـم بشيء، لكنني أجد راحة عجيبة، وسكينة لم تعرفها روحي من سنوات عديدة، حتى إذا انتصف الشهر، لاحظني إمام المسجد وكأنني غريب عن القوم، فسأل عنـي، فلما أخبرته بأمري دهش من قصتي اندهاشًا حمله على أن يجمع الناس حولي ليسمعوا منـي، فلما سمعوا قصتي علَّموني الإسلام، فنطقت بالشهادتين، فكبروا وقالوا: أنت أسلمت على يد رمضان، وسمَّوني رمضـان.

فديتكَ زائرًا في كل عام
تُحيَّا بالسلامةِ والسَّلامِ
وتُقبِلُ كالغمام يَفِيضُ حِينًا
وَيبقى بعدَهُ أثرُ الغمامِ
وكم في الناس من كَلِفٍ مَشُوقٍ
إليكَ وكم شجيٍّ مُستَهامِ

 

فيا الله من هذه الآية العظيمة، ومن هذه الشعيرة الجليلة! وكيف لا تكون كذلك، وقد جعل الله في هذا الشهر من الأعمال والفضائل العظام ما لم يجعله في جميع أشهر العام!

 

فمن ذلك تفتيح أبواب الجنان، وتغليق أبواب النيران.


فقد روى البخاري ومسلم رحمهما الله عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب جهنم، وسلسلت الشياطين»[1].

 

سبحان ربي العظيم! أي عون، وأي إكرام من الكريم الرحيم بأن يصفد لك الشياطين في هذا الشهر الكريم؟!

 

وقد يقول قائل ويسأل سائل: وإذا كان ذلك كذلك فما بالنا نرى ما نرى من الشجار والخصام في شهر رمضان؟! يجيبك الإمام القرطبي رضي الله عنه بقوله: «فالجواب من أوجه:

أولًا: إنما تغل عن الصائمين الصوم الذي حوفظ على شروطه، وروعيت آدابه، أما من لم يحافظ عليه فلا يُغل عن فاعله الشياطين.

 

ثانيًا: وقوع الشر له أسباب أخرى من غير الشياطين؛ وهي النفوس الخبيثة، والعادات الركيكة، والشياطين الإنسية»[2].

 

وروى الترمذي، وابن ماجه، وصححه الألباني، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا كان أول ليلة من شهر رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن، وغلقت أبواب النار، فلم يفتح منها باب، وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب، وينادي منادٍ: يا باغي الخير أقْبِل، و يا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار، وذلك كل ليلة»[3].

 

ومن فضائل شهر رمضان، أنه يسمى شهر الصبر كما وصفه بذلك صلى الله عليه وسلم، فقد روى الإمام أحمد في مسنده، وصححه الألباني رحمهما الله عن عَلِيِّ بن أبي طالب رضي الله عنه: أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «صَوْمُ شَهْرِ الصَّبْرِ، وَثَلاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ يَذْهَبْنَ بِوَحَرِ الصَّدْرِ»[4].


فرمضان هو شهر الصبر يا أمة الإسلام، فإن الصبر لا يظهر في شيء من العبادات كظهوره في الصيام؛ لذلك خصَّه الله لنفسه، وضاعف في أجره؛ فقد روى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال الله: «كل عمل ابن آدم له إلا الصيام، فإنه لي، وأنا أجزي به. والصيام جنة، فإذا كان يوم صوم أحدكم؛ فلا يرفث، ولا يصخب، فإن سابَّه أحد أو قاتله فليقل: إني صائم. والذي نفس محمد بيده لخلوفُ فم الصائم أطيبُ عند الله من ريح المسك. للصائم فرحتان يفرحهما، إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربَّه فرح بصومه!»[5].

 

وفي رواية له: «يترك طعامه، وشرابه، وشهوته من أجلي، الصيام لي، وأنا أجزي به، والحسنة بعشر أمثالها»[6].

 

وفي رواية لمسلم: «كل عمل ابن آدم يضاعف، الحسنة بعشر أمثالها، إلى سبعمائة ضعف، قال الله تعالى: إلا الصوم فإنه لي، وأنا أجزي به؛ يدع شهوته، وطعامه من أجلي. للصائم فرحتان: فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه، ولخلوفُ فيه أطيبُ عند الله من ريح المسك»[7].

 

قال القرطبي رضي الله عنه: ومعنى (وأنا أجزي به): «أن الأعمال قد كشفت مقادير ثوابها للناس، وأنها تضاعف من عشرة إلى سبعمائة ضعف إلى ما شاء الله، و(أنا أجزي به)؛ أي: أجازي عليه جزاءً كثيرًا من غير تعيين لمقداره، وهو كقوله: ﴿ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [الزمر: 10]»[8].

 

لهذه الفضائل ولغيرها؛ كان السلف: «يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم رمضان، ثم يدعونه ستة أشهر أن يتقبله منهم».

 

فلتهنأ الأمة الإسلامية بحلول هذا الشهر العظيم، وليهنأ المسلمون جميعًا في مشارق الأرض ومغاربها بهذا الموسم الكريم.

 

إنه فرصة للطائعين؛ للاستزادة من الأعمال الصالحة، والمنافسة في التجارة الرابحة، وفرصة للمذنبين للتوبة والإنابة، والاستغفار عما كان من تقصير في الشهور الماضية، وكيف لا يفرح المؤمن بتفتيح أبواب الجنان، وكيف لا يفرح المذنب بتغليق أبواب النيران؟ يا لها من فرصة لا يحرمها إلا محروم، ولا يفرط فيها إلا خاسر مشئوم.

 

فالله الله يا عباد الله بالجد والتشمير، دون استثقال للصيام، واستطالةٍ للأيام:

رمضان أقبلَ يا أُولي الألبابِ
فاستقبِلوهُ بعدَ طولِ غيابِ
عامٌ مضى من عُمْرِنا في غفلةٍ
فتنبَّهوا فالعمرُ ظلُّ سَحابِ
وتَهيئوا لتصبُّرٍ ومشقَّةٍ
فأُجورُ مَن صَبرُوا بغَيرِ حِسابِ
فاللهُ يجزي الصائمينَ لأنَّهمْ
مِن أجلهِ تعبوا بكلِّ صِعَابِ

 

معاشر المسلمين والمسلمات، في ظل هذه الخيرات، وهذه الفضائل والبركات التي ستحل بنا بعد أيام معدودات، دعونا نتأمل في أحوال كثير من العالم الإسلامي في استقبالهم لشهر رمضان، وكيف هو استعدادهم، لشهر القرآن، والغفران، فنقول – مع الأسف الشديد- إننا نجد العجب العجاب، ونرى في الناس ما يثير الحزن، والاستغراب، فالناس ألوان وأشكال في استقبال رمضان، معظمها مخالفة لشرع الله تعالى، فمنهم من يستقبله بالاحتفالات، والمسابقات، وإعداد برامج الأفلام والمسلسلات التي تظهر فيها المتبرجات السافرات، ومنهم من يستقبله بإعداد الأغاني واللقاءات، مع المطربين والمطربات، والممثلين والممثلات، ومنهم من يستقبله بإعداد المباريات والأمسيات الرمضانية، والانشغال عن الطاعات، والأعمال الإيمانية، وما هكذا تورد يا سعد الإبل! ما هكذا -والله- يُستقبل رمضان؛ بالمعاصي والحرام، ومحاربة الملك الديَّان.


ومنهم من يستقبله بشراء الشاشات؛ ليرى فيها القنوات الهابطات، الساذجات التي تسحق وقته، ووقت أهله، وأولاده، ولا يخرج عليه رمضان إلا وقد ملأ أفكار رعيته، وشحن عقول أهله، وأولاده بالأفلام الساقطة الكرتونية، أو بمشاهدة الألعاب والمسابقات الوهمية، والله المستعان.

 

أهكذا يكون الصيام، يا أمة الإسلام، أهذا هو حظُّك من الصيام، ومن شهر رمضان، وشهر القرآن!

إذا لم يكن في السمع مني تصاوُنٌ
وفي بصري غضٌّ وفي منطقي صمت
فحظِّي إذًا من صومي الجوع والظمأ
فإن قلت إني صمت يومًا فما صمت

 

ومنهم من يستقبله بالنزول إلى الأسواق والازدحام فيها؛ لشراء ألوان الشراب والطعام، وإذا لم يتيسَّر له ذلك أظهر الهم والاغتمام، وكأنه شهر أكل وشرب، لا شهر صيام وقيام، وكأنه شهر الملذات، والمشتهيات، لا شهر الطاعات والقربات، لمثل هؤلاء نقول:

يا خادم الجسم كم تسعى لخدمته
أتطلب الربح فيما فيه خسران
أقبل على النفس واستكمل فضائلها
فأنت بالروح لا بالجسم إنسان

 

هذا - مع الأسف- حال كثير من الناس في استقبال رمضان، وأعظم غرابة، ومرارة، وأشد لؤمًا ونكارةً من لا يحبون الصيام، ويتشاءمون، بل ويكرهون رمضان، ويعدونه قاطعًا لشهواتهم، ومانعًا لهم من مشتهياتهم، وملذاتهم، حتى قال قائلهم:

إذا العشرون من شعبان ولَّت
فواصل شرب ليلك بالنهار
ولا تشرب بأقداح صغار
فإن الوقت ضاق عن الصغار

 

وذكر ابن رجب في لطائف المعارف[9]، قال: كان رجل في زمن الرشيد ينشد ويقول:

أتاني شهر الصوم لا كان من شهر
ولا صمت شهرًا بعده آخر الدهر
فلو كان يعديني الأنام بقوة
على الشهر لاستعديتهم على الشهر

 

قال: فأصابه مرض فكان يصرع في اليوم مرات، ومات قبل أن يبلغ رمضان التالي، بل قد وصل لؤم بعضهم إلى أن يأمر الناس بترك الصيام زعمًا منه أن ذلك يعطلهم عن أعمالهم، ويخفف من إنتاجهم، كما زعم الرئيس التونسي أبو رقيبة حين طلب من الشيخ العلامة الطاهر بن عاشـور أن يفتي للعمال بالفطر في رمضان، فظهر العلامـة الطاهر بن عاشور على الإذاعة، فَتَلا قوله تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183] ثم قال: صـدق الله، وكـذب أبو رقيـبة: ﴿ فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الأنعام: 45].

 

فالصوم جنة، وباب من أبواب الجنة.


قال ابن القيم- رحمه الله -: «وناهيك به من عبادة تكف النفس عن شهواتها، وتخرجها عن شبه البهائم إلى شبه الملائكة المقربين» [10].

 

أيها المسلمون عباد الله، اعلموا - رحمكم الله- أن وجودنا في هذه الدنيا إنما هي لحظات، نعم هي لحظات قليلة، وأنفاس معدودة، وأعمار قصيرة، وآجال محدودة، وكما أننا سوف نستقبل هلال شهر، رمضان بعد ساعات وأيام معدودات، فإننا - والله- سوف نودِّعه عما قريب، وهل تدري يا عبد الله هل سيدخل عليك رمضان بعد هذه الساعات، أم أنه سيُقال: فلان مات؟ وإذا دخل عليك هل ستدرك بقيته، أم أنك ستكون في عداد الأموات؟ كيف لا وقد فارَقَنا، ورحل عنا العشرات، والعشرات، فأين الذين صاموا معنا في العام الماضي؟! بل أين الذين كانوا معنا في الشهر الماضي؟!

هو الموت ما منه ملاذ ومهرب
متى حُط ذا عن نعشه ذاك يركب
نؤمل آمالًا ونرجو نتاجها
وعل الردى مما نرجيه أقرب

 

اليوم يا عبد الله أنت على ظهر الأرض، وغدًا في باطنها، اليوم تنام في غرفتك، وغدًا في خارجها:

فيا نفس ما هي إلا صبر أيامِ
كأن مدتها أضغاث أحلامي

فيا من أعرض عن الله طوال عامه، ويا من جعل الدنيا أكبر همه، ها هو رمضان قد أقبل عليك، فأقبِل عليه، يا ذا الذي ما عرف المساجد ولزم المقايل، ويأيها المفرط الغافل، التوبة التوبة، والبدار البدار، يا من هجر القرآن، ها هو شهر رمضان، شهر القرآن، يا كل معرض عن أوامر رب العالمين، إن لم تتب، وترجع إليه في هذا الشهر العظيم، الذي قد صفدت فيه الشياطين، فمتى؟ إن لم تغير من حياتك، وتعمل فيه ليوم وفاتك في هذا الشهر الكريم، فمتى؟ فالله الله يا عباد الله، الله الله يا عبد الله بالرجوع إلى الله، عُد إلى ربك، واجعل رمضان أول أيام عمرك، كفى بعدًا عن الله، كفى تضييعًا لأوقاتك التي ستُسأل عنها بين يدي الله، كفى!

كفى يا نفس ما كانا
كفاك هوًى وعصيانا
ويا ذا الذي ما كفاه الذنب في رجبٍ
حتى عصى ربَّه في شهر شعبان
ها قد أظلك شهر الصوم بعدهما
فلا تصيره أيضًا شهر عصيان
واتلُ القُرَانَ وسَبِّحْ فيه مجتهدًا
فإنه شهر تسبيح وقرآن
كم كنت تعرف ممن صام في سلف
من بين أهلٍ وجيران، وإخوان
أفناهم الموت واستبقاك بعدهم
حيًّا فما أقرب القاصي من الداني

 

فاحمد الله إن أبقاك الله حيًّا لتدرك رمضان، فإن جيرانك، وأصدقاءك الذين كانوا معك، تحت أطباق الثرى يتمنون لو يفتدون بهذه الدنيا لأجل أن يصوموا رمضان، ولكن هيهات هيهات، فلا رجعة للدنيا لمن مات وفات، إن أدركت رمضان، ومتعك الله بصيام نهاره وقيام ليله، فقد أعطاك الله خيرًا كبيرًا، وفضلك على من حرم منه تفضيلًا عظيمًا.


نعم -أيها الناس- إن من يشهد رمضان ويجتهد فإن درجته في الجنة تعلو على درجة الشهيد الذي استُشهد قبل رمضان؛ فقد روى الإمام أحمد في مسنده، وصححه الألباني رحمهما الله عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، أَنَّ رَجُلَيْنِ مِنْ بَلِيٍّ [وهو حَيٌّ من قُضَاعَةَ] قَدِمَا عَلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ إِسْلَامُهُمَا جَمِيعًا، فَكَانَ أَحَدُهُمَا أَشَدَّ اجْتِهَادًا مِنَ الْآخَرِ، فَغَزَا الْمُجْتَهِدُ مِنْهُمَا فَاسْتُشْهِدَ، ثُمَّ مَكَثَ الْآخَرُ بَعْدَهُ سَنَةً ثُمَّ تُوُفِّيَ، قَالَ طَلْحَةُ: فَرَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ بَيْنَا أَنَا عِنْدَ بَابِ الْجَنَّةِ، إِذَا أَنَا بِهِمَا فَخَرَجَ خَارِجٌ مِنَ الْجَنَّةِ، فَأَذِنَ لِلَّذِي تُوُفِّيَ الْآخِرَ مِنْهُمَا، ثُمَّ خَرَجَ فَأَذِنَ لِلَّذِي اسْتُشْهِدَ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَيَّ، فَقَالَ: ارْجِعْ فَإِنَّكَ لَمْ يَأْنِ لَكَ بَعْدُ، فَأَصْبَحَ طَلْحَةُ يُحَدِّثُ بِهِ النَّاسَ فَعَجِبُوا لِذَلِكَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَحَدَّثُوهُ الْحَدِيثَ، فَقَالَ: «مِنْ أَيِّ ذَلِكَ تَعْجَبُونَ»؟! فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا كَانَ أَشَدَّ الرَّجُلَيْنِ اجْتِهَادًا ثُمَّ اسْتُشْهِدَ، وَدَخَلَ هَذَا الْآخِرُ الْجَنَّةَ قَبْلَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَلَيْسَ قَدْ مَكَثَ هَذَا بَعْدَهُ سَنَةً»، قَالُوا: بَلَى! قَالَ: «وَأَدْرَكَ رَمَضَانَ، فَصَامَ وَصَلَّى كَذَا وَكَذَا مِنْ سَجْدَةٍ فِي السَّنَةِ»؟! قَالُوا: بَلَى! قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «فَمَا بَيْنَهُمَا أَبْعَدُ مِمَّا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ»[11].

 

أسأل الله الكريم أن يبلغنا رمضان، وأن يجعلنا فيه بخير وسلام وأمان!

 

أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب؛ فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

(الخطبة الثانية)

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وصلى الله على نبينا محمد القائل: "من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه".


معاشر المسلمين، والمسلمات، لو تأملنا في حال إخواننا، في بعض الدول، والمحافظات، وهم يستقبلون رمضان في شدة حرارة الصيف، أو في ظل الظروف القاسيات، وليس معهم ما يبرد أجسادهم، ولا ما يسهل عليهم صيامهم، وفوق ذلك اندلاع الحرب التي دبَّت بينهم، فمن دخل عليه رمضان وهو في سلامة، وأمان، وغير ذلك مما فُقد في كثير من البلدان؛ فليحمد الله وليشكره؛ فإن الله شكور يحب الشاكرين.

 

يا من يدخل عليكم رمضان، وأنتم تتنعَّمون بالأجواء الجميلة، والأمطار الغزيرة، اشكروا الله على ما حباكم من جمال الطبيعة، والسلام، والأمان والطمأنينة! معاشر المسلمين والمسلمات، ونحن نعيش بفرحة تهز مشاعرنا، وبشوق يملأ قلوبنا؛ بانتظار شهر رمضان الذي عمَّا قريب سيطرق أبوابنا، دعونا نعد عدتنا، ونتأهَّب لاستقبال هذا الضيف الذي سيهلُّ علينا، وينزل بنا، فمن حق الضيف أن يُحسَن استقباله، وأن يُجهَّز له زاده، ومكانه، فمن أوائل عدتنا، وأخذ أهبتنا لاستقبال شهرنا العظيم، وضيفنا الكريم: تعلم أحكامه، ومعرفة فضله، وآدابه، فكم هي المحظورات، وكم هي الأخطاء والمخالفات التي يقع فيها كثير من الصائمين، والصائمات ولا يسألون عنها عند اقترافها، أو بعد الوقوع فيها، وكل ذلك منشؤه الجهل والتقصير، فتعلم أيها المسلم أمور دينك، لتعبد الله بالطريقة، والكيفية التي يريدها منك؛ فإن الله يبغض كل عالمٍ بأمور الدنيا؛ جاهلٍ بأمور الآخرة.

 

من الاستعداد كذلك لشهر لرمضان: إظهار رابطة الأُخوة والتلاحم، وتحقيق خلق التعاطف والتراحم، وخاصة في هذه الأوضاع الخطيرة، وهذه الفواجع والمواجع المريرة التي تمر بها البلاد اليمنية، وسائر البلدان الإسلامية، فرمضان جاء ليهذب نفوسنا، ويحقق تقوانا وإيماننا، فليس من التقوى والإيمان، أن يبيت الواحد منا شبعان، وجاره بجواره جوعان، كما قال صلى الله عليه وسلم: «ما آمن بي من بات شبعان، وجاره جائع بجواره وهو يعلم به!»[12]، ليس من التقوى والإيمان أن يظهر الجشع والهلع منا في شهر رمضان فنتنافس في احتكار السلع، أو تخزين الطعام، ليس من الإيمان أن يَظهر اغتمامنا، أو نُظهر اهتمامنا بشراء ألوان الطعام، أكثر من بقية العام، وكأنه شهرُ طعام لا شَهر صيام، فالله الله - يا أمة الإسلام- بتحقيق مقاصد الصيام، والله الله بالنظر إلى المساكين، والأيتام، والرحمة بمن لا يجدون الشراب والطعام في شهر الصيام- خاصة في هذه الأيام، وفي ظل هذه الأزمة التي تمر بها بلاد الحكمة والإيمان، فالراحمون يرحمهم الرحمن، الراحمون يرحمهم الرحمن.

 

كذلك من الاستعداد لشهر الصيام، ومما ينبغي أن يصرف له بالغ الاهتمام في شهر رمضان: الابتعاد والحذر، بل والتحذير من كل ما يخل بالصيام، ويمحق علينا بركة الأيام، ويبعدنا من الخيرات، والرحمات التي تتنزل في هذه الأيام العظام؛ بما في ذلك، بل وأعظم ذلك وأخطر من كل ما هنالك فتنة القنوات التي تسحق وتقتل الأوقات، وتفسد الصيام على المسلمين والمسلمات، وهذا - وربي- مقصد عظيم من مقاصد أعداء الإسلام الذين يريدون أن يفسدوا على المسلمين الصيام، ويشغلوهم عن طاعة الرحمن.

 

فأعظم ما نستقبل به شهر رمضان؛ هو الحذر من أعداء الإسلام الذين يبارزون الله بالمعاصي والحرام، وخاصة في هذا الشهر الكريم، وهذا الموسم العظيم، وأعظم ما نستقبل به شهر رمضان هو المحافظة على أوقاتنا، والحذر من أعدائنا الذين يريدون أن يقتلوا علينا أوقاتنا، ويفسدوا علينا صيامنا، ولنعلم أن أعداء الإسلام مذ بزغ نجم هذا الدين، من يهود، ونصارى، ومنافقين؛ ما زالوا وسيزالون يحاولون إفساد هذا الدين، بشتى وسائلهم الماكرة، وطرقهم المحرمة البائرة، لا يرقبون في مؤمن إلًّا ولا ذمة، لا يفرقون بين مكان وبين آخر، ولا بين رمضان وبين غيره، هم العدو فاحذرهم، قاتلهم الله أنى يؤفكون.

كلُّ العِدَا قَد جَنَّدوا طَاقَاتِهِم
ضِدَّ الهُدَى والنورِ ضِدَّ الرِّفعَةِ
إِسلامُنا هُو دِرعُنَا وَسِلاحُنَا
ومنارنا عَبرَ الدُّجَى فِي الظُّلمَةِ
هُو بِالعَقِيدةِ رَافِعٌ أَعلامَهُ
فَامشِي بِظِلِّ لِوَائهَا يَا أُمَّتِي
لا الغَربُ يَقصِد عِزَّنَا كَلا ولا
شَرقُ التَحَلُّلِ إنَّهُ كَالحَيَّةِ
الكُل يَقصدُ ذُلَّنَا وهَوَانَنَا
أَفَغَيرُ رَبِّي مُنقِذٌ مِن شِدَّتي

 

أيها الغيورون على أعراضهم، ومبادئهم، وقيمهم، وأخلاقهم، إن أعداء الإسلام يعرفون تمام المعرفة، أين، ومتى، وكيف يفتكون بالإسلام وأهله، يعرفون خير شهورنا، وأيامنا، وساعاتنا؛ فلذلك هم يُلقون شرَّ سموماتهم، ومكايدهم للمسلمين في خير أوقاتهم، حتى يصرفوهم عن صيامهم وعن طاعة ربهم، لكن أنى لهم أن يُفلحوا، أنى لهم أن ينجحوا ما تمسكنا بديننا، وعقيدتنا:

لن تستطيع حصار فكري ساعة
أو نزع إيماني ونور يقيني
فالنور في قلبي وقلبي في يدي
ربي وربي ناصري ومعيني

 

أمة محمد صلى الله عليه وسلم، اعلموا أن أمتنا أمة الإسلام ما فضلت على غيرها إلا بمزاياها، وفضائلها، ومن أبرز مزاياها أنها لا تقر منكرًا، وتأمر بالمعروف، وإن أمة محمد صلى الله عليه وسلم ما بقي لها إلا أيامٌ معدودات حتى تستقبل هلال شهر رمضان، حتى يدخل عليها شهر الخيرات، والبركات، شهرٌ تُصَفَّد فيه الشياطين، وتُفتَح فيه أبواب الجنان، وتغَلَّق فيه أبواب النيران، شهر الصيام والقيام، شهر الرحمة والغفران، شهر يطعم فيه المسكين، ويكسى فيه اليتيم.

الخير بادٍ فيك والإحسان
والذكر والقرآن يا رمضان
والليل فيك نسائم هفهافة
حنت لطيب عبيرها الرهبان

 

وإن غاية المقصود من هذه الإشارات، وهذه المقدمات أن نعلم أن أصحاب القنوات، وأصحاب الأفلام والمسلسلات، يبارزون الله بالمعاصي في رمضان أكثر من بقية شهور العام، ألسنا نشاهد في رمضان منكرات، ومسلسلات ما رأيناها ولا شاهدناها في غير رمضان؟ أليس إعلام من ينتسبون إلى الإسلام، يبثون تمثيليات وأغنيات وأفلامًا، ساعات معدودة، وفي أوقات محدودة قبل رمضان، ثم إذا جاء رمضان تراهم يشحنون اليوم شحنًا بالأفلام والتمثيليات، واللقاءات والمسرحيات، ولا يذكرون الله إلا قليلًا، وتراهم يلعبون بعقول المسلمين، ويسرقون أوقاتهم، ليصرفوهم عن طاعة رب العالمين، حتى في أوقات الصلوات، وحتى في الليالي الأخيرة، وفي الأوقات المباركات.

 

إذًا أليس إعلام المسلمين يبارزون الله بالمعاصي في رمضان، أكثر من بقية شهور العام؟ فيا بن الإسلام، ويا من منَّ الله عليك بحلول شهر رمضان، حذارِ ثم حذارِ من أن تُخِلَّ بصومك، وتضيع من وقتك، ووقت أولادك وأهلك.

 

إياك ثم إياك، أن تسكت على هذه المنكرات التي في بيتك، وعلى هذه القنوات التي ستسأل عنها بين يدي ربك، والتي هي - والله - من أعظم ما يُعصى الله بها في هذا الشهر العظيم، وقتَك وقتَك يا عبد الله، إياك إياك أن يأخذه عليك أعداء الله، فتخرج من هذا الشهر الكريم مفلسًا، خاسرًا لم تشملك مغفرة الله، ولا رحمة الله؛ كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «رغم أنفه، ثم رغم أنفه، ثم رغم أنفه، قيل: من يا رسول الله؟ قال من أدركه رمضان ولم يغفر له».


فإياك إياك أن يمرَّ عليك يوم من رمضان، وأن تنسلخ عليك ليلة من تلك الليالي العظام، وما عمرتها بذكر وطاعة الرحمن.

 

فاجتهد -رحمك الله - واجتهدي يا بنة الإسلام، ويا أمة الرحمن، لنجتهد جميعًا من أول ساعات هذا الشهر العظيم، ولنملأ نهاره وليله بما يقربنا من رحمة الرب الكريم، ويبيض وجوهنا يوم لقاء الله رب العالمين:

مضى رجبٌ وما أحسنتَ فيهِ
وهذا شهرُ شعبانَ المبارَكْ
فيا من ضيَّع الأوقات جهلًا
بحرمتها أفِق واحذر بَواركْ
فسوف تفارق اللذاتِ قهرًا
ويخْلي الموتُ كرهًا منكَ داركْ
تدارك ما استطعتَ مِن الخطايا
بتوبةِ مخلصٍ واجعل مداركْ
على طلب السلامِ من الجحيمِ
فَخيرُ ذوِي الجَرائمِ من تداركْ

 

أسأل الله العظيم أن يبلغنا وإياكم رمضان سالمين، غانمين، وأن يغفر لنا ولكم ولجميع المسلمين.

 


[1] رواه البخاري (1898)، ومسلم (1079).

[2] المفهم لما أشكل من تلخيص صحيح مسلم (3/ 136).

[3] رواه الترمذي (682) وابن ماجه (1642).

[4] رواه أحمد (23070).

[5] رواه البخاري (1904)، ومسلم (1151).

[6] رواه البخاري (1894).

[7] رواه مسلم (1151).

[8] فتح الباري (4/ 108).

[9] لطائف المعارف (ص146).

[10] مفتاح دار السعادة (2/3).

[11] رواه أحمد (1403).

[12] رواه الطبراني في الكبير (751).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • استقبال رمضان
  • خطبة: استقبال رمضان
  • أحوال الناس في استقبال رمضان (خطبة)
  • خطبة استقبال رمضان
  • خطبة: استقبال رمضان
  • مشاهد رمضانية وشواهد إيمانية
  • حتى يكون أجمل رمضان
  • رمضان زاد للتقوى وبناء النفس
  • رمضان مدرسة الأخلاق
  • خطبة: رمضان والتفاعل مع القرآن
  • موائد رمضان تشهد لهم
  • "رمضان ليس من أجل رمضان، رمضان من أجل بقية السنة"
  • ليكن زماننا كله كرمضان (خطبة)
  • كيف نودع رمضان؟
  • خطبة: من معالم الهدي النبوي الاهتمام بالناس
  • لياقة القلب في رمضان (خطبة)
  • الإسلام يراعي أحوال الناس وطبائعهم

مختارات من الشبكة

  • شرح مائة المعاني والبيان (أحوال المسند - أحوال متعلقات الفعل)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • هذه أحوال السلف الصالح في رمضان فما هي أحوالنا؟(مقالة - ملفات خاصة)
  • خطبة أحوال الناس في رمضان (PDF)(كتاب - ملفات خاصة)
  • خطبة المسجد الحرام 8/10/1431هـ - أحوال الناس بعد رمضان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سلسلة خطب الدار الآخرة (12): أحوال الناس في العرصات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أحوال الناس يوم القيامة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة أحوال النبي مع أمته في الدنيا (3)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة أحوال النبي مع أمته في الدنيا (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة أحوال النبي مع أمته في الدنيا (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أحوال النبي مع أمته في الآخرة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب