• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    لم تعد البلاغة زينة لفظية "التلبية وبلاغة التواصل ...
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    البشارة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    حديث: لا نذر لابن آدم فيما لا يملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    خطبة: شهر ذي القعدة من الأشهر الحرم
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    تفسير سورة الكافرون
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (4)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    من مائدة الفقه: السواك
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أهمية عمل القلب
    إبراهيم الدميجي
  •  
    أسوة حسنة (خطبة)
    أحمد بن علوان السهيمي
  •  
    إذا استنار العقل بالعلم أنار الدنيا والآخرة
    السيد مراد سلامة
  •  
    خطبة: أم سليم صبر وإيمان يذهلان القلوب (2)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    تحريم أكل ما ذبح أو أهل به لغير الله تعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    الكبر
    د. شريف فوزي سلطان
  •  
    الفرق بين إفساد الميزان وإخساره
    د. نبيه فرج الحصري
  •  
    مهمة النبي عند المستشرقين
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (3)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / العبادات / الزكاة والصدقة
علامة باركود

الزكاة المفروضة (9): حقوق الله تعالى في أداء الزكاة

الزكاة المفروضة (9): حقوق الله تعالى في أداء الزكاة
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 6/4/2022 ميلادي - 4/9/1443 هجري

الزيارات: 20197

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الزكاة المفروضة (9)

حقوق الله تعالى في أداء الزكاة

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ؛ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ؛ نَحْمَدُهُ حَمْدَ الشَّاكِرِينَ، وَنَسْتَغْفِرُهُ اسْتِغْفَارَ التَّائِبِينَ، وَنَسْأَلُهُ مِنْ فَضْلِهِ الْعَظِيمِ؛ فَهُوَ الْجَوَادُ الْكَرِيمُ، الْبَرُّ الرَّحِيمُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ فَتَحَ لِعِبَادِهِ أَبْوَابَ الْخَيْرَاتِ، وَدَلَّهُمْ عَلَى الْبَاقِيَاتِ الصَّالِحَاتِ، وَوَعَدَهُمْ عَلَيْهَا الْخُلْدَ فِي الْجَنَّاتِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ لَا خَيْرَ إِلَّا دَلَّنَا عَلَيْهِ، وَلَا شَرَّ إِلَّا حَذَّرَنَا مِنْهُ، تَرَكَنَا عَلَى بَيْضَاءَ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا لَا يَزِيغُ عَنْهَا إِلَّا هَالِكٌ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَاسْتَثْمِرُوا هَذَا الشَّهْرَ الْكَرِيمَ فِي الْعَمَلِ الصَّالِحِ؛ فَإِنَّهُ يَبْقَى ذُخْرًا لَكُمْ بَعْدَ مَمَاتِكُمْ، تَجِدُونَهُ مَوْفُورًا بَعْدَ الْقُدُومِ عَلَى رَبِّكُمْ ﴿ وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ ﴾ [الْأَعْرَافِ: 8 - 9].

 

أَيُّهَا النَّاسُ: الزَّكَاةُ قَرِينَةُ الصَّلَاةِ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْآيَاتِ، وَهِيَ قَبْلَ الصِّيَامِ فِي ذِكْرِ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ، وَقَاتَلَ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمُ النَّاسَ عَلَى مَنْعِهَا؛ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَهَمِّيَّتِهَا فِي الدِّينِ، وَعَظِيمِ مَنْزِلَتِهَا عِنْدَ رَبِّ الْعَالَمِينَ، ﴿ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 43]، وَعُقُوبَةُ حَابِسِيهَا وَمَانِعِيهَا ﴿ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ ﴾ [التَّوْبَةِ: 35]؛ وَلِذَا وَجَبَ عَلَى الْمُؤْمِنِ الْعِنَايَةُ بِهَذَا الرَّكْنِ الْعَظِيمِ، وَأَدَاءُ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فِيهِ.

 

وَحُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى فِي الزَّكَاةِ تَنْتَظِمُ فِي أُمُورٍ عِدَّةٍ حَرِيٌّ بِالْمُؤْمِنِ أَنْ يَعْلَمَهَا وَيَعْمَلَ بِهَا فِي إِخْرَاجِ زَكَاتِهِ؛ لِتَكُونَ مَقْبُولَةً عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى:

فَمِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْمُؤْمِنِ فِي إِخْرَاجِ زَكَاتِهِ: الْإِخْلَاصُ فِي إِخْرَاجِهَا، فَلَا يَكُونُ الْبَاعِثُ عَلَى إِخْرَاجِهَا رِيَاءً وَلَا سُمْعَةً وَلَا مُفَاخَرَةً. وَلَا يَكُونُ إِخْرَاجُهَا رَغْمًا عَنْهُ لِأَنَّهُ يَمْنَعُهَا أَوْ يُؤَخِّرُهَا ﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ﴾ [الْبَيِّنَةِ: 5]، وَقَالَ سُبْحَانَهُ فِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ: «أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ، مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَفِي الْحَدِيثِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ، وَلِامْرِئٍ مَا نَوَى».

 

وَلِلرِّيَاءِ مَدْخَلٌ كَبِيرٌ فِي الْإِنْفَاقِ، سَوَاءٌ كَانَ زَكَاةً وَاجِبَةً أَمْ كَانَ صَدَقَةَ تَطَوُّعٍ؛ وَلِذَا ذَمَّ اللَّهُ تَعَالَى أَهْلَ الرِّيَاءِ الَّذِينَ يَحْمِلُهُمْ عَلَى الْإِنْفَاقِ نَظَرُ النَّاسِ وَقَوْلُهُمْ، وَلَا يَدْفَعُهُمْ لِذَلِكَ إِيمَانُهُمْ بِاللَّهِ تَعَالَى ﴿ وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا ﴾ [النِّسَاءِ: 38]، وَفِي حَدِيثِ الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ تُسَعَّرُ بِهِمُ النَّارُ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمُنْفِقِ مِنْهُمْ: «وَرَجُلٌ وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَعْطَاهُ مِنْ أَصْنَافِ الْمَالِ كُلِّهِ، فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: مَا تَرَكْتُ مِنْ سَبِيلٍ تُحِبُّ أَنْ يُنْفَقَ فِيهَا إِلَّا أَنْفَقْتُ فِيهَا لَكَ، قَالَ: كَذَبْتَ، وَلَكِنَّكَ فَعَلْتَ لِيُقَالَ: هُوَ جَوَادٌ، فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ، ثُمَّ أُلْقِيَ فِي النَّارِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

وَمِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْمُؤْمِنِ فِي إِخْرَاجِ زَكَاتِهِ: النُّصْحُ لِلَّهِ تَعَالَى فِي إِخْرَاجِهَا، فَيُخْرِجُهَا مِنْ طَيِّبِ مَالِهِ لَا مِنْ رَدِيئِهِ؛ كَمَا لَوْ كَانَتْ بَهِيمَةَ أَنْعَامٍ أَوْ حُبُوبًا أَوْ ثِمَارًا أَوْ نَحْوَهَا؛ فَاللَّهُ تَعَالَى رَقِيبٌ عَلَيْهِ فِي إِخْرَاجِهَا، وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِإِخْرَاجِ الطَّيِّبِ، وَنَهَى عَنْ إِخْرَاجِ الْخَبِيثِ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 267]، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: «أَمَرَهُمْ بِالْإِنْفَاقِ مِنْ أَطْيَبِ الْمَالِ وَأَجْوَدِهِ وَأَنْفَسِهِ، وَنَهَاهُمْ عَنِ التَّصَدُّقِ بِرَذَالَةِ الْمَالِ وَدَنِيِّهِ - وَهُوَ خَبِيثُهُ - فَإِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا»، وَفِي آيَةٍ أُخْرَى: ﴿ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 92].

 

وَمِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْمُؤْمِنِ فِي إِخْرَاجِ زَكَاتِهِ: مُوَافَقَةُ سُنَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي إِخْرَاجِ زَكَاتِهِ أَوْ صَدَقَتِهِ، وَمِنْ ذَلِكَ: أَنْ يَصْرِفَهَا لِمُسْتَحِقِّهَا، وَلَا يَتَخَلَّصُ مِنْهَا كَيْفَ مَا اتَّفَقَ؛ فَإِنَّهَا عِبَادَةٌ عَظِيمَةٌ يُؤْجَرُ عَلَيْهَا صَاحِبُهَا بِقَدْرِ إِخْلَاصِهِ وَتَحَرِّي السُّنَّةِ فِيهَا. وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ الْمِسْكِينُ الَّذِي يَطُوفُ عَلَى النَّاسِ تَرُدُّهُ اللُّقْمَةُ وَاللُّقْمَتَانِ، وَالتَّمْرَةُ وَالتَّمْرَتَانِ، وَلَكِنَّ الْمِسْكِينَ الَّذِي لَا يَجِدُ غِنًى يُغْنِيهِ، وَلَا يُفْطَنُ بِهِ، فَيُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ، وَلَا يَقُومُ فَيَسْأَلُ النَّاسَ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. وَهَذَا يَسْتَوْجِبُ التَّحَرِّيَ فِي دَفْعِ الزَّكَاةِ الْوَاجِبَةِ لِتَقَعَ فِي يَدِ مَنْ يَسْتَحِقُّهَا عَمَلًا بِالْحَدِيثِ النَّبَوِيِّ، وَمَا أَكْثَرَ الْفُقَرَاءَ الَّذِينَ يَتَعَفَّفُونَ عَنِ السُّؤَالِ، وَيَسْتُرُونَ حَاجَتَهُمْ عَنِ النَّاسِ. وَمَا أَكْثَرَ الَّذِينَ يَتَكَثَّرُونَ بِالسُّؤَالِ وَهُمْ لَيْسُوا مُحْتَاجِينَ، وَيَتَعَرَّضُونَ لِلنَّاسِ فِي مَسَاجِدِهِمْ وَطُرُقِهِمْ وَأَسْوَاقِهِمْ، فَلَا يَحِلُّ دَفْعُ الزَّكَاةِ لَهُمْ دُونَ تَحَرٍّ عَنْهُمْ، وَتَأَكُّدٍ مِنْ حَاجَتِهِمْ.

 

وَمِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْمُؤْمِنِ فِي إِخْرَاجِ زَكَاتِهِ: مُرَاقَبَةُ اللَّهِ تَعَالَى فِي أَدَاءِ الزَّكَاةِ، فَلَا يَبْخَسُ شَيْئًا مِنْهَا، وَلَا يُتْبِعُهَا مَنًّا وَلَا أَذًى، وَقَدْ ذَمَّ اللَّهُ تَعَالَى الْمَنَّ وَالْأَذَى فِي الصَّدَقَةِ فِي ثَلَاثِ آيَاتٍ مُتَتَالِيَاتٍ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى ﴾ [الْبَقَرَةِ: 262 - 264]، «فَأَخْبَرَ أَنَّ الصَّدَقَةَ تَبْطُلُ بِمَا يَتْبَعُهَا مِنَ الْمَنِّ وَالْأَذَى، فَمَا يَفِي ثَوَابُ الصَّدَقَةِ بِخَطِيئَةِ الْمَنِّ وَالْأَذَى». وَفِي آيَةٍ أُخْرَى: ﴿ إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا ﴾ [الْإِنْسَانِ: 9]، فَلَا يُشْعِرُ قَابِضَ الصَّدَقَةِ بِأَنَّهُ دُونَهُ، وَلَا يَدْفَعُهَا إِلَيْهِ أَمَامَ النَّاسِ فَيَكْسِرُهُ وَيُذِلُّهُ، وَلَا يَنْتَظِرُ مِنْهَا ثَنَاءً وَلَا دُعَاءً وَلَا غَيْرَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَنْ أَرَادَ مِنْ وَرَاءِ زَكَاتِهِ جَزَاءً وَلَوْ كَانَ دُعَاءً فَإِنَّهُ لَمْ يُرَاقِبِ اللَّهَ تَعَالَى فِيهَا. وَذَكَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ مِنَ الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ «الْمَنَّانُ الَّذِي لَا يُعْطِي شَيْئًا إِلَّا مَنَّهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى الثَّبَاتَ عَلَى دِينِهِ، وَالِاسْتِقَامَةَ عَلَى أَمْرِهِ، وَالتَّزَوُّدَ مِنَ الْبَاقِيَاتِ الصَّالِحَاتِ فِي هَذَا الشَّهْرِ الْكَرِيمِ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.

 

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَصُونُوا صِيَامَكُمْ مِمَّا يُبْطِلُهُ وَيَخْرُقُهُ، وَاحْبِسُوا جَوَارِحَكُمْ عَنِ الْحَرَامِ، وَالْزَمُوا الْمَسَاجِدَ وَالْقُرْآنَ، وَابْذُلُوا الْخَيْرَ وَالْإِحْسَانَ ﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴾ [الزَّلْزَلَةِ: 7 - 8].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: مِنْ أَعْظَمِ التَّوْفِيقِ أَنْ يُوَفَّقَ الْعَبْدُ فِي دِينِهِ، فَيَعْمَلَ فِيمَا يُرْضِي رَبَّهُ سُبْحَانَهُ، وَيَسْعَى فِي إِتْمَامِ عِبَادَتِهِ، وَإِقَامَتِهَا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَرْضَاهُ عَزَّ وَجَلَّ، سَوَاءٌ كَانَتْ عِبَادَةً بَدَنِيَّةً؛ كَالصَّلَاةِ، أَوْ مَالِيَّةً كَالزَّكَاةِ، وَلِلَّهِ تَعَالَى عَلَى الْعَبْدِ حُقُوقٌ فِي كُلِّ عِبَادَةٍ يَقُومُ بِهَا الْمُسْلِمُ.

 

وَمِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْمُؤْمِنِ فِي إِخْرَاجِ زَكَاتِهِ: اسْتِحْضَارُ مِنَّةِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ فِيهَا؛ فَالْمَالُ مَالُ اللَّهِ تَعَالَى، وَهُوَ مَنْ رَزَقَهُ عَبْدَهُ، كَمَا يَسْتَحْضِرُ مِنَّةَ اللَّهِ تَعَالَى أَنَّهُ جَعَلَ الزَّكَاةَ جُزْءًا يَسِيرًا مِنْهُ، وَهُوَ جُزْءٌ مِنْ أَرْبَعِينَ جُزْءًا، فَجُزْءٌ لِلَّهِ تَعَالَى، وَتِسْعَةٌ وَثَلَاثُونَ جُزْءًا لِلْعَبْدِ يُنْفِقُهَا كَيْفَ يَشَاءُ، ثُمَّ هَذَا الْجُزْءُ الَّذِي أَنْفَقَهُ يَعُودُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا بِبَرَكَةِ مَالِهِ وَتَطْهِيرِهِ، وَيَعُودُ عَلَيْهِ فِي الْآخِرَةِ بِالْأَجْرِ الْوَفِيرِ، فَهُوَ أَكْثَرُ حَظًّا لَهُ مِنَ الْأَجْزَاءِ الْأُخْرَى الَّتِي تَمَتَّعَ بِهَا. ثُمَّ يَلْحَظُ مِنَّةَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ أَنْ هَدَاهُ لِإِقَامَةِ هَذَا الرَّكْنِ الْعَظِيمِ، وَإِخْرَاجِ زَكَاةِ مَالِهِ، وَتَخَلُّصِهِ مِنَ الشُّحِّ وَالْبُخْلِ؛ فَإِنَّ أُنَاسًا كَثِيرِينَ لَمْ يُهْدَوْا لِأَدَاءِ الزَّكَاةِ جَهْلًا أَوْ إِعْرَاضًا وَاسْتِكْبَارًا، أَوْ شُحًّا وَبُخْلًا، تَعْجِزُ نُفُوسُهُمْ عَنْ إِخْرَاجِهَا، وَهُوَ قَدْ وَقَاهُ اللَّهُ تَعَالَى شُحَّ نَفْسِهِ فَأَخْرَجَهَا طَيِّبَةً بِهَا نَفْسُهُ، فَهَذِهِ مِنَّةٌ كُبْرَى مِنَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ ﴿ وَمَنْ يُوقَ شُحَ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [الْحَشْرِ: 9].

 

وَمِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْمُؤْمِنِ فِي إِخْرَاجِ زَكَاتِهِ: أَنْ يُلَاحِظَ تَقْصِيرَهُ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى مَهْمَا أَخْرَجَ مِنْ زَكَاةٍ وَاجِبَةٍ، وَمَهْمَا بَذَلَ مِنْ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ، وَمَهْمَا أَنْفَقَ فِي سُبُلِ الْخَيْرِ؛ فَإِنَّ نِعَمَ اللَّهِ تَعَالَى الدِّينِيَّةَ وَالدُّنْيَوِيَّةَ تُحِيطُ بِهِ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، وَلَنْ يَسْتَطِيعَ أَدَاءَ شُكْرِهَا مَهْمَا فَعَلَ؛ فَاللَّهُ تَعَالَى قَدْ أَنْعَمَ عَلَيْهِ فِي نَفْسِهِ وَأَهْلِهِ وَوَلَدِهِ وَمَالِهِ، وَاللَّهُ تَعَالَى هَدَاهُ لِدِينِهِ، وَعَلَّمَهُ فَرَائِضَهُ وَأَحْكَامَهُ، وَهَوَّنَ عَلَيْهِ الْقِيَامَ بِهَا وَأَدَاءَهَا، وَمِنْهُ الزَّكَاةُ الْوَاجِبَةُ، وَصَدَقَةُ التَّطَوُّعِ. وَاللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ الْكَرِيمِ: ﴿ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ ﴾ [الْحُجُرَاتِ: 17]، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَحْفِرُ الْخَنْدَقَ: «وَاللَّهِ لَوْلَا اللَّهُ مَا اهْتَدَيْنَا، وَلَا تَصَدَّقْنَا وَلَا صَلَّيْنَا...» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

 

فَلْيَسْتَحْضِرِ الْمُؤْمِنُ هَذِهِ الْمَعَانِيَ الْعَظِيمَةَ وَهُوَ يُخْرِجُ زَكَاةَ مَالِهِ.. وَهُوَ يَتَطَوَّعُ بِالصَّدَقَةِ.. وَهُوَ يُفَطِّرُ الصَّائِمِينَ.. وَهُوَ يُنْفِقُ فِي وُجُوهِ الْبِرِّ وَالْإِحْسَانِ؛ حَتَّى يَعْرِفَ فَضْلَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ، وَيَسْتَصْغِرَ بَذْلَهُ وَإِنْفَاقَهُ وَعَمَلَهُ كُلَّهُ؛ فَمَتَى مَا عَظُمَ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِي نَفْسِ صَاحِبِهِ صَغُرَ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى، وَمَتَى مَا صَغُرَ فِي نَفْسِهِ عَظُمَ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى، وَقَدْ غُفِرَ لِامْرَأَةٍ وَدَخَلَتِ الْجَنَّةَ بِتَمْرَةٍ شَقَّتْهَا بَيْنَ ابْنَتَيْهَا، وَغُفِرَ لِبَغِيٍّ بِشَرْبَةِ مَاءٍ سَقَتْهَا كَلْبًا.

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الزكاة المفروضة (1)
  • الزكاة المفروضة (2)
  • الزكاة المفروضة (3)
  • الزكاة المفروضة (4)

مختارات من الشبكة

  • زكاة المصانع والشركات والأسهم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أقسام الزكاة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تعريف الزكاة والدين لغة واصطلاحا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شروط وجوب الزكاة وحكم مانعها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الزكاة ( أحكامها ودليل فرضيتها ومتى فرضت؟ والحث عليها )(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الوجيز في فقه الزكاة (1)(مقالة - ملفات خاصة)
  • زكاة حلي المرأة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تعليم أحكام الزكاة للأطفال(مقالة - موقع عرب القرآن)
  • أفي المال حق سوى الزكاة؟!(مقالة - آفاق الشريعة)
  • منزلة الزكاة في الإسلام(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 18/11/1446هـ - الساعة: 8:24
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب