• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الرزق (خطبة)
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    منهج الراسخين في العلم: الترجيح والتسليم رد على ...
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    جرأة الجاهلين على الوحيين
    محمد بن عبدالله العبدلي
  •  
    قاعدة اقتضاء النهي الفساد عند الحنابلة (PDF)
    فاطمة بنت محمد بن صالح الأبو علي
  •  
    تفسير آية المائدة ٧٥: {كانا يأكلان الطعام} وفيه ...
    الشيخ عايد بن محمد التميمي
  •  
    اللهم إنا نعوذ بك من الزمهرير (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    الصاحب الأمين.. قامع المرتدين (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    الإكثار من الصلاة والسلام على خير الأنام صلى الله ...
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    ماذا يسرق منك الإدمان؟
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    أخلاقيات الحرب في الإسلام
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    نفي الند والكفو
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    وقفة
    إبراهيم الدميجي
  •  
    من اختيارات ابن أبي العز الحنفي وترجيحاته الفقهية ...
    سفيان بن صالح الغانم
  •  
    في رحاب بر الوالدين (خطبة)
    د. عبدالرزاق السيد
  •  
    نور الله... لا يطفأ
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    تحريم القول بخلق كلام الله ومنه القرآن
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب / في النصيحة والأمانة
علامة باركود

والعاقبة للتقوى

والعاقبة للتقوى
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 5/7/2012 ميلادي - 16/8/1433 هجري

الزيارات: 24474

حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعةأرسل إلى صديقتعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

والعاقبة للتقوى


أَمَّا بَعدُ، فَأُوصِيكُم - أَيُّهَا النَّاسُ - وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ - فَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُوهُ ﴿ وَاعلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ المُتَّقِينَ ﴾.

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ:

قَصَصُ القُرآنِ وَمَا جَاءَ فِيهِ مِن أَخبَارِ السَّابِقِينَ، وَمَا احتَوَتهُ مِن أَحدَاثٍ وَمَوَاقِفَ لِرُسُلِ اللهِ مَعَ أَقوَامِهِم، لم تُنزَلْ عَلَى هَذِهِ الأُمَّةِ لِلاستِمتَاعِ بها وَكَفَى، أَو لِمَعرِفَةِ تَسَلسُلِهَا التَّأرِيخِيِّ وَالتَّسَلِّي بها فَحَسبُ، وَلَكِنَّهَا جَاءَت لِحِكَمٍ عَظِيمَةٍ وَغَايَاتٍ جَلِيلَةٍ، لِيَستَفِيدَ مِنهَا الفَردُ في حَيَاتِهِ، وَتَستَلهِمَهَا الأُمَّةُ في مَجمُوعِهَا، وَيَتَّخِذَهَا الوُلاةُ مُنطَلَقًا لِتَسيِيرِ شُؤُونِ حُكمِهِم وَمُرتَكَزًا لِتَثبِيتِ دَعَائِمِ مُلكِهِم، وَتَستَمِدَّ مِنهَا الرَّعِيَّةُ مَثَلاً لما سَيَكُونُ عَلَيهِ حَالُ مَن أَحسَنَ، أَو عَاقِبَةُ مَن أَسَاءَ، فَلا تَطغَى حِينَ تَغنى، وَلا تَيأَسُ حِينَ تَبأَسُ، قَالَ - سُبحَانَهُ -:  ﴿ لَقَد كَانَ في قَصَصِهِم عِبرَةٌ لأُولي الأَلبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفتَرَى وَلَكِنْ تَصدِيقَ الَّذِي بَينَ يَدَيهِ وَتَفصِيلَ كُلِّ شَيءٍ وَهُدًى وَرَحمَةً لِقَومٍ يُؤمِنُونَ ﴾ وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ وَكُلاًّ نَقُصُّ عَلَيكَ مِن أَنبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ في هَذِهِ الحَقُّ وَمَوعِظَةٌ وَذِكرَى لِلمُؤمِنِينَ * وَقُلْ لِلَّذِينَ لا يُؤمِنُونَ اعمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُم إِنَّا عَامِلُونَ * وَانتَظِرُوا إِنَّا مُنتَظِرُونَ * وَللهِ غَيبُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرضِ وَإِلَيهِ يُرجَعُ الأَمرُ كُلُّهُ فَاعبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعمَلُونَ ﴾ وَقَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ فَاقصُصِ القَصَصَ لَعَلَّهُم يَتَفَكَّرُونَ ﴾ وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ وَلَقَد أَرسَلنَا رُسُلاً مِن قَبلِكَ مِنهُم مَن قَصَصنَا عَلَيكَ وَمِنهُم مَن لم نَقصُصْ عَلَيكَ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأتيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذنِ اللهِ فَإِذَا جَاءَ أَمرُ اللهِ قُضِيَ بِالحَقِّ وَخَسِرَ هُنَالِكَ المُبطِلُونَ ﴾.

 

إِنَّ في قَصَصِ القُرآنِ تَثبِيتًا لِلقُلُوبِ، وَمَوعِظَةً وَذِكرَى لِلنُّفُوسِ، وَتَصبِيرًا لِلمُنتَظِرِينَ وَطَمأَنَةً لِلمُتَرِقِّبِينَ، وَبَيَانًا لما عِندَ اللهِ مِنَ النَّصرِ المُبِينِ وَالتَّمكِينِ لِعِبَادِهِ المُتَّقِينَ، وَمَا يَحُلُّ مِنَ المَثُلاتِ بِالمُعَانِدِينَ المُتَمَرِّدِينَ، وَزِيَادَةَ إِخبَارٍ بِأَنَّ اللهَ لَيسَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَجرِي وَيَكُونُ.

 

أَلا وَإِنَّ ممَّا دَلَّت عَلَيهِ قَصَصُ القُرآنِ وَخُتِمَ بِهِ بَعضُهَا لِيَكُونَ قَاعِدَةً عَظِيمَةً يَسِيرُ عَلَيهَا عِبَادُ اللهِ وَلا يَحِيدُونَ، لِتَكُونَ لهمُ العَاقِبَةُ الحَمِيدَةُ وَالنِّهَايَةُ السَّعِيدَةُ، مَا صُرِّحَ بِهِ في أَكثَرَ مِن قِصَّةٍ مِن أَنَّ العَاقِبَةَ لِلمُتَّقِينَ، فَبَعدَ أَن قَصَّ اللهُ - تَعَالى - لَنَا مَا جَرَى لِنُوحٍ مَعَ قَومِهِ، قَالَ - تَعَالى -: ﴿ تِلكَ مِن أَنبَاءِ الغَيبِ نُوحِيهَا إِلَيكَ مَا كُنتَ تَعلَمُهَا أَنتَ وَلاَ قَومُكَ مِن قَبلِ هَذَا فَاصبِرْ إِنَّ العَاقِبَةَ لِلمُتَّقِينَ ﴾  وَذَكَرَ - تَعَالى - وَصِيَّةَ مُوسَى - عَلَيهِ السَّلامُ - لِقَومِهِ بَعدَ أَن هَدَّدَهُم فِرعَونُ بِتَقتِيلِ أَبنَائِهِم وَاستِحيَاءِ نِسَائِهِم، فَكَانَ ممَّا أَوصَى بِهِ أَنْ: ﴿ قَالَ مُوسَى لِقَومِهِ استَعِينُوا بِاللهِ وَاصبِرُوا إِنَّ الأَرضَ للهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِن عِبَادِهِ وَالعَاقِبَةُ لِلمُتَّقِينَ ﴾ وَقَالَ - سُبحَانَهُ - بَعدَ ذِكرِ إِهلاكِ قَارُونَ الطَّاغِيَةِ: ﴿ تِلكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا في الأَرضِ وَلا فَسَادًا وَالعَاقِبَةُ لِلمُتَّقِينَ ﴾ وَفي خِطَابِهِ - تَعَالى - لِنَبِيِّهِ محمدٍ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: ﴿ وَأمُرْ أَهلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصطَبِرْ عَلَيهَا لا نَسأَلُكَ رِزقًا نَحنُ نَرزُقُكَ وَالعَاقِبَةُ لِلتَّقوَى ﴾.

 

إِنَّهَا قَاعِدَةٌ قُرآنِيَّةٌ تَحكِي سُنَّةً رَبَّانِيَّةً، وَتُكَرِّرُ الوَعدَ ممَّن لا يُخلِفُ المِيعَادَ بِحُسنِ العَاقِبَةِ لِلمُتَّقِينَ في الدُّنيَا قَبلَ الآخِرَةِ، وَالتَّمكِينِ لهم في الأَرضِ وَنَصرِهِم عَلَى عَدُوِّهِم. وَمِن ثَمَّ فَإِنَّ عَلَى المُتَّقِينَ أَن يَكُونُوا عَلَى ثِقَةٍ ممَّا وَعَدَهُم بِهِ رَبُّهُم مَا دَامُوا عَلَى عَهدِهِ سَائِرِينَ، وَأَلاَّ يَكُونُوا مِنهُ في شَكٍّ مَهمَا طَالَ لَيلُ الانتِظَارِ أَو غَشِيَتهُم ظُلمَةُ الظَّالِمِينَ، فَلِبَاسُ التَّقوَى خَيرٌ، وَعَاقِبَةُ أَهلِهَا خَيرٌ. وَمَهمَا مَرَّ بِأُمَّةِ الإِسلامِ مِن ضَعفٍ وَتَفَرُّقٍ وَتَشَرذُمٍ، أَو تَسَلُّطِ أَعدَاءٍ وَتَفَوُّقِ مُنَاوِئِينَ، فَإِنَّ كُلَّ هَذَا الزَّبَدِ لا يَجُوزُ أَن يَطغَى عَلَى التَّصَوُّرِ الصَّحِيحِ بِأَنَّ العَاقِبَةَ لِلمُتَّقِينَ، وَأَصحَابُ العَقِيدَةِ السَّلِيمَةِ، لا يَجُوزُ لهم مَهمَا طَالَ عَلَيهِمُ لَيلُ الابتِلاءِ، أَن يَبحَثُوا خَارِجَ دَائِرَةِ الإِسلامِ أَو يَذهَبُوا غَربًا أَو شَرقًا، لِيَستَورِدُوا مَبَادِئَ أُخرَى غَيرَ مَبدَئِهِمُ الرَّصِينِ، أَو يَعتَنِقُوا مَذَاهِبَ مُختَلِفَةً لا تَمُتُّ بِصِلَةٍ إِلى دِينِهِم، ظَانِّينَ أَنَّ هَذَا سَيَكُونُ طَرِيقًا لِنَصرِهِم عَلَى أَعدَائِهِم وَتَمكِينِهِم في دِيَارِهِم، غَافِلِينَ عَن كَونِ شُعُورِهِمُ البَائِسِ بِالهَزِيمَةِ في دَاخِلِ نُفُوسِهِم، وَانبِهَارِهِم بِتَقَدُّمِ أَعدَائِهِم، وَغَفلَتِهِم عَن سِرِّ عِزِّهِم، هُوَ أَوَّلَ أَسبَابِ هَزِيمَتِهِم أَمَامَ أُولَئِكَ الأَعدَاءِ، وَعَدَمِ تَمَكُّنِهِم مِنَ التَّغَلُّبِ عَلَيهِم.

 

وَيَا سُبحَانَ اللهِ! كَيفَ يَبحَثُ مُنهَزِمٌ عِندَ عَدُوِّهِ عَن أَسبَابِ انتِصَارِهِ، وَهُوَ الَّذِي نُزِّلَت عَلَيهِ مِن رَبِّهِ الآيَاتُ البَيَّنَاتُ، بِأَنَّ العَاقِبَةَ لِلمُتَّقِينَ، وَبَشَّرَهُ نَبِيُّهُ بِأَنَّ أُمَّتَهُ بَاقِيَةٌ وَظَاهِرَةٌ إِلى آخِرِ الزَّمَانِ، لها العَاقِبَةُ الحَسَنَةُ وَالسَّنَاءُ وَالرِّفعَةُ وَالتَّمكِينُ، قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: "إِنَّ رَبِّي قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنِّي إِذَا قَضَيتُ قَضَاءً فَإِنَّهُ لا يُرَدُّ، وَإِنِّي أَعطَيتُكَ لأُمَّتِكَ أَلاَّ أُهلِكَهُم بِسَنَةٍ عَامَّةٍ، وَأَلاَّ أُسَلِّطَ عَلَيهِم عَدُوًّا مِن سِوَى أَنفُسِهِم يَستَبِيحُ بَيضَتَهُم، وَلَوِ اجتَمَعَ عَلَيهِم مَن بِأَقطَارِهَا حَتَّى يَكُونَ بَعضُهُم يُهلِكُ بَعضًا، وَيَسبي بَعضُهُم بَعضًا" رَوَاهُ مُسلِمٌ.

 

وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: "بَشِّرْ هَذِهِ الأُمَّةَ بِالسَّنَاءِ وَالرِّفعَةِ وَالدِّينِ وَالتَّمكِينِ في الأَرضِ، فَمَن عَمِلَ مِنهُم عَمَلَ الآخِرَةِ لِلدُّنيَا لم يَكُنْ لَهُ في الآخِرَةِ مِن نَصِيبٍ" رَوَاهُ أَحمَدُ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.

 

أَلا فَمَا أَحوَجَ الأُمَّةَ الإِسلامِيَّةَ، بِجَمَاعَاتِهَا وَأَفرَادِهَا أَن يَتَدَبَّرُوا مَا أُنزِلَ إِلَيهِم مِن رَبِّهِم، وَيَستَفِيدُوا الدُّرُوسَ مِنَ السِّنِينَ الَّتي سَارُوا فِيهَا خَلفَ أَعدَائِهِم في مَنَاهِجِهِم وَقَوانِينِهِم، مُخَالِفِينَ أَمرَ رَبِّهِم في أَنظِمَةِ حُكمِهِم وَسُلُوكِهِم، وَمَا جَنَوهُ جَرَّاءَ ذَلِكَ اللَّهَثِ مِن تَخَلُّفٍ وَتَرَاجُعٍ وَضَعفٍ، وَشِدَّةِ تَأَثُّرٍ بِغَيرِهِم وَعَدَمِ تَأثِيرٍ فِيمَن سِوَاهُم، ممَّا يَدُلُّ عَلَى حَاجَتِهِم إِلى التَّقوَى، وَخُصُوصًا وَهُم يَعِيشُونَ هَذِهِ الأَزمِنَةَ الَّتي تَعُجُّ بِالصَّوَارِفِ وَالمُغرِيَاتِ وَالفِتَنِ وَالمُلهِيَاتِ، وَالَّتي لَوَتِ الأَعنَاقَ عَن مَعرِفَةِ الحَقِّ وَاتِّبَاعِهِ، وَصَرَفَتِ الأَبصَارَ إِلى زَهرَةِ الحَيَاةِ الدُّنيَا، وَأَذهَلَتِ العُقُولَ عَن أَنَّ العَاقِبَةَ لِلمُتَّقِينَ.

 

أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ: ﴿ اُدعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالحِكمَةِ وَالمَوعِظَةِ الحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتي هِيَ أَحسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعلَمُ بِالمُهتَدِينَ * وَإِنْ عَاقَبتُم فَعَاقِبُوا بِمِثلِ مَا عُوقِبتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرتُم لَهُوَ خَيرٌ لِلصَّابِرِينَ * وَاصبِرْ وَمَا صَبرُكَ إِلاَّ بِاللهِ وَلا تَحزَنْ عَلَيهِم وَلا تَكُ في ضَيقٍ مِمَّا يَمكُرُونَ * إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوا وَالَّذِينَ هُم مُحسِنُونَ ﴾.

 

الخطبة الثانية

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ، وَاحمَدُوهُ وَلا تَجحَدُوهُ، وَاشكُرُوا لَهُ وَلا تَكفُرُوهُ، وَكُونُوا مَعَ المُتَّقِينَ في كُلِّ شَأنِكُم، وَالزَمُوا التَّقوَى فِيمَا تَأتُونَ وَفِيمَا تَذَرُونَ، وَلا تَغُرَّنَّكُمُ الحَيَاةُ الدُّنيَا فَتَمُدُّوا أَعيُنَكُم إِلى مَا مُتِّعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ مِن زَهرَتِهَا، فَإِنَّمَا كُلُّ ذَلِكَ فِتنَةٌ، وَمَا عِندَ اللهِ خَيرٌ وَأَبقَى، وَالعَاقِبَةُ لِلتَّقوَى.

 

غَيرَ أَنَّ ممَّا يَجِبُ أَن يُعلَمَ أَنَّ تِلكَ العَاقِبَةَ الحَسَنَةَ لأَهلِ التَّقوَى، مَرهُونَةٌ بِتَحقِيقِ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ مِن نَحوِ قَولِهِ لِسَيِّدَ المُتَّقِينَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: ﴿ فَاصبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمدِ رَبِّكَ قَبلَ طُلُوعِ الشَّمسِ وَقَبلَ غُرُوبِهَا وَمِن آنَاءِ اللَّيلِ فَسَبِّحْ وَأَطرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرضَى * وَلا تَمُدَّنَّ عَينَيكَ إِلى مَا مَتَّعنَا بِهِ أَزوَاجًا مِنهُم زَهرَةَ الحَيَاةِ الدُّنيَا لِنَفتِنَهُم فِيهِ وَرِزقُ رَبِّكَ خَيرٌ وَأَبقَى * وَأمُرْ أَهلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصطَبِرْ عَلَيهَا لا نَسأَلُكَ رِزقًا نَحنُ نَرزُقُكَ وَالعَاقِبَةُ لِلتَّقوَى ﴾ فَالمُتَّقُونَ مُبتَلَونَ بِأَعدَاءٍ كُثُرٍ، مِن كُفَّارٍ وَمُشرِكِينَ وَمَلاحِدَةٍ وَمُنَافِقِينَ، وَسَيَسمَعُونَ مِنهُم وَيَجِدُونَ أَذًى كَثِيرًا، بَينَ كُفرٍ وَاستِهزَاءٍ وَجُحُودٍ وَإِعرَاضٍ، فَيَجِبُ أَلاَّ تَضِيقَ بِذَلِكَ صُدُورُهُم، وَأَلاَّ تَذهَبَ أَنفُسُهُم حَسَرَاتٍ عَلَيهِم، وَأَن يَتَّجِهُوا إِلى رَبِّهِم وَخَالِقِهِم وَمَن بِيَدِهِ الأَمرُ كُلُّهُ، فَيُسَبِّحُوا بِحَمدِهِ وَيَذكُرُوهُ عَلَى كُلِّ أَوقَاتِهِم وَفي جَمِيعِ أَحوَالِهِم، وَلا يَغفَلُوا عَنهُ وَلا يَنسَوهُ، وَلا تَشغَلَهُم عَنهُ أَعرَاضُ الحَيَاةِ الدُّنيَا وَزِينَتُهَا وَمَتَاعُهَا، وَمَا فِيهَا مِن مَالٍ وَأَولادٍ وَجَاهٍ وَسُلطَانٍ؛ لأَنَّهَا عَلَى مَا فِيهَا مِن رَوَاءٍ وَجَمَالٍ وَبَهَاءٍ، فَإِنَّمَا هِيَ زَهرَةٌ سَرِيعَةُ الذُّبُولِ، وَالعَاقِبَةُ لِلتَّقوَى.

 

فَلْنَتَّقِي اللهَ - أُمَّةَ الإِسلامِ - وَلْنُحَقِّقِ العُبُودِيَّةَ التَّامَّةَ لَهُ - تَعَالى - وَلْنُقَوِّ العِلاقَةَ بِهِ - سُبحَانَهُ -، فَإِنَّهُ الَّذِي لَهُ ﴿ غَيبُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرضِ وَإِلَيهِ يُرجَعُ الأَمرُ كُلُّهُ فَاعبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعمَلُونَ ﴾ جَعَلَني اللهُ وَإِيَّاكُم وَالمُسلِمِينَ ممَّن إِذَا أُنعِمَ عَلَيهِ شَكَرَ، وَإِذَا ابتُلِي َ صَبَرَ، وَإِذَا أَذنَبَ استَغفَرَ.





حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعةأرسل إلى صديقتعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • ألفاظ النصر والتمكين في القرآن الكريم – دراسة دلالية –
  • والعاقبة للمتقين
  • من الغثائية إلى التمكين
  • والعاقبة للمتقين
  • التقوى
  • ما معنى تقوى الله؟
  • والعاقبة للمتقين (خطبة)
  • العاقبة للمتقين
  • والعاقبة للتقوى (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • خطبة: ماذا بعد الحج(مقالة - آفاق الشريعة)
  • السخرية بالخلق حكمها وعواقبها(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • عواقب الطغيان وخيمة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • القمار والميسر... متعة زائفة، وعاقبة مؤلمة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإمداد بالنهي عن الفساد (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فقه الإحسان (5) الإحسان إلى الخلق(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • عمود الإسلام (22) قسمت الصلاة بيني وبين عبدي(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • تحريم الاستعانة بغير الله تعالى فيما لا يقدر عليه إلا الله جل وعلا (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حقوق العلماء (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ماذا يسرق منك الإدمان؟(مقالة - ملفات خاصة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • سلسلة ورش قرآنية جديدة لتعزيز فهم القرآن في حياة الشباب
  • أمسية إسلامية تعزز قيم الإيمان والأخوة في مدينة كورتشا
  • بعد سنوات من المطالبات... اعتماد إنشاء مقبرة إسلامية في كارابانشيل
  • ندوة متخصصة حول الزكاة تجمع أئمة مدينة توزلا
  • الموسم الرابع من برنامج المحاضرات العلمية في مساجد سراييفو
  • زغرب تستضيف المؤتمر الرابع عشر للشباب المسلم في كرواتيا
  • نابريجني تشلني تستضيف المسابقة المفتوحة لتلاوة القرآن للأطفال في دورتها الـ27
  • دورة علمية في مودريتشا تعزز الوعي الإسلامي والنفسي لدى الشباب

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 4/7/1447هـ - الساعة: 16:46
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب