• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    سلسلة تذكير الأمة بشرح حديث: "كل أمتي يدخلون ...
    الشيخ حسن حفني
  •  
    أمران من عقائد النصارى أبطلهما القرآن بسهولة ويسر ...
    د. محمد أحمد صبري النبتيتي
  •  
    استحباب أن يقدم المسلم صدقة بين يدي صلاته ودعائه
    د. عبدالله بن يوسف الأحمد
  •  
    البر بالوالدين: وصية ربانية لا تتغير عبر الزمان ...
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    حجية خبر الآحاد (PDF)
    مجاهد أحمد قايد دومه
  •  
    الخرقي وكتابه: "المختصر في الفقه" (PDF)
    نورة بنت إبراهيم بن محمد التويجري
  •  
    وقفات مع بداية العام الدراسي (خطبة)
    خالد سعد الشهري
  •  
    من أقوال السلف في البخل والشح
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    نعمة الماء (خطبة)
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    وليس أخو علم كمن هو جاهل (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    تخريج حديث: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    بر الوالدين (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    أسباب البركة في الطعام
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    اختيارات ابن أبي العز الحنفي وترجيحاته الفقهية في ...
    البراء بن عبدالله بن صالح القرعاوي
  •  
    بركة الرزق (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    حديث: أمر رجلا أن يضع يده عند الخامسة على فيه ...
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / عقيدة وتوحيد / الإيمان بالقدر
علامة باركود

التسليم لله (خطبة)

أ. عبدالعزيز بن أحمد الغامدي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 11/3/2017 ميلادي - 13/6/1438 هجري

الزيارات: 77837

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

التسليم لله


الخطبة الأولى

إِخْوَةَ الإِيمَانِ، مَبْدَأٌ قرَّرَهُ ربنا الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ، وَأَسَاسٌ ثَابِتٌ عِنْدَ كُلِّ صَاحِبِ مُعْتَقَدٍ سَلِيمٍ، ألا وهو التَّسْلِيمُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ؛ فهو من ركائز الإسلام وثوابت الإيمان ودلائل الإحسان، هُوَ أَسَاسُ الْمِلِّةِ وَرُكْنُ الدِّينِ، قال الله تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا ﴾ [الأحزاب: 36].


إن التسليم لله تعالى هو الانقياد والخضوع لله جلًّ جلاله بعبادته وفق ما شرع في كل الأحوال.

إن التسليم لأمر الله تعالى يقتضي الرضا بشرع الله وبقدَر الله، واليقين بأن الخير بيد الله تعالى، ولكي يُحَقّق المؤمنُ التسليمَ لابد أن يُحسِن الظن بالله تعالى ويعلم أن الله عزّ وجلّ لم يشرع إلا الخيرَ الأكمل، وأن قدره لعبده المؤمن هو خير، وعلى هذا يرضى ويسلم ويتبع كل ما أمره به الله في كتابه، ويهتدي بسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، يقول الله تعالى: ﴿ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [النساء: 65].

فالتسليم لأمر الله تعالى هو اللبنة التي يرتكز عليها الإيمان، ومن توافرت فيه خصال المؤمنين وسمات الطائعين فاز بالنعيم والرضوان والجنان، قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ﴾ [لقمان: 22].


إخوة الإيمان، إن حقيقة التعبدِ لله تعالى اتباعٌ لما جاء في الكتاب والسنة وحرصٌ عليها؛ وليس اجتهادات لا دليل عليها، وإننا نرى في أركان الإسلام وتشريعاته بجلاء كيف يكون التسليم لله حينما يلتزمُ المسلمُ - حبا وذلا لله - بالاتباع لما جاء في الكتاب والسنة من أحكامها الإجمالية والتفصيلية.

ولَقَدْ عَلَّمَ عَبْقَرِيُّ الْأُمَّةِ وَفَارُوقُهَا عمرُ بن الخطاب رضي الله عنه النَّاسَ عَقِيدَةَ التَّسْلِيمِ يَوْمَ أَنْ قَبَّلَ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ، ثُمَّ قَالَهَا كَلِمَاتٍ خَالِدَاتٍ بَاقِيَاتٍ: (إِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ لَا تَضُرُّ وَلَا تَنْفَعُ، وَلَوْلَا أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُقَبِّلُكَ مَا قَبَّلْتُكَ).


عباد الله، إِذَا شَاعَتِ الِانْحِرَافَاتُ الْفِكْرِيَّةُ، وَكَثُرَتِ التَّفْسِيرَاتُ الزَّائِغَةُ لِلنُّصُوصِ الشَّرْعِيَّةِ فَإِنَّ التَّذْكِيرَ بِالتَّسْلِيمِ للهِ وَالرَّسُولِ وَاجِبٌ بَيَانُهُ. وَإِنَّ أَخْطَرَ مَعْرَكَةٍ عَقَدِيَّةٍ نُوَاجِهُهَا فِي عَالَمِ الْيَوْمِ أَنْ يَهُونَ فِي الْقُلُوبِ مَبْدَأُ التَّسْلِيمِ لِلْوَحْيَيْنِ (القرآنِ والسنة)، لِتُصْبِحَ تِلْكَ النُّصُوصُ مُجَرَّدَ قِطَعٍ أَثَرِيَّةٍ، دُونَ أَنْ يَكُونَ لَهَا حَقٌّ مِنَ التَّعْظِيمِ وَالِامْتِثَالِ.

يَا أَهْلَ الْإِيمَانِ وَالتَّسْلِيمِ... إِنَّ الدَّعْوَةَ لِلتَّسْلِيمِ لِلشَّرِيعَةِ وَنُصُوصِهَا وَإِنْ كَانَ يُخَاطَبُ بِهِ كُلُّ مُسْلِمٍ رَضِيَ بِاللهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِيناً، وَبِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم نَبِيًّا وَرَسُولاً، إِلَّا أَنَّ خِطَابَ التَّسْلِيمِ يُوَجَّهُ أَوَّلَ مَا يُوَجَّهُ إِلَى أهل تِلْكَ الْكِتَابَاتِ الْعَبَثِيَّةِ وَالْأُطْرُوحَاتِ التَّشْكِيكِيَّةِ الذين لَدَيْهَم أَزْمَةٌ مَعَ النَّصوص والأحكام الشرعية.

وَيُخَاطَبُ بِهِ مَنْ جَعَلَ مَشْرُوعَهُ تَطْبِيعَ الْمُحَرَّمَاتِ وَالْمُنْكَرَاتِ فِي الْمُجْتَمَعَاتِ. وَيُخَاطَبُ بِهِ كُلُّ مُسْتَهِينٍ بِالْأَوَامِرِ، مُسْتَخِفٍّ بِالزَّوَاجِرِ.


كَمْ هُوَ مُؤْلِمٌ أن نَرَى التَّسَاهُلَ وعدمَ التسليم لنصوص شرعية صريحة تَطْرُقُ أَسْمَاعَنَا، لِيُلْقِيَهَا الْبَعْضُ خَلْفَ ظَهْرِهِ، ثُمَّ يَمْشِي هُوَ خَلْفَ هَوَاهُ، ﴿ فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ ﴾ [القصص: 50].

إن التَّسْلِيمَ لِنُصُوصِ الْوَحْيَيْنِ لَيْسَ هُوَ اعْتِرَافًا بِصِحَّةِ نِسْبَتِهَا للهِ والرَّسُولِ فحسب، إن التَّسْلِيمَ الْحَقَّ لِلنُّصُوصِ أَنْ يَتَلَقَّى الْعَبْدُ أَوَامِرَ الشَّرْعِ وَنُصُوصَهُ بِالْحَفَاوَةِ فَلَا يَسْتَهِينُ بِهَا، وَبِالِامْتِثَالِ فَلَا يُعْرِضُ عَنْهَا، وَبِالْحُبِّ فَلَا يَكْرَهُ شَيْئاً مِمَّا جَاءَ فِيها، إن التسليم بالتَّحَاكُمِ إِلَى القرآن والسنة، وَاعْتِقَادِ أَنَّ شَرْعَ اللهِ هُوَ الْأَهْدَى وَالْأَكْمَلُ والأوجب علينا.


وَإِذَا امْتَلَأَ قَلْبُ الْعَبْدِ اسْتِجَابَةً وَتَسْلِيمًا نَطَقَتْ جَوَارِحُهُ امْتِثَالاً وَتَصْدِيقاً، وَلَا تَسَلْ بَعْدَهَا عَنِ انْشِرَاحِ صَدْرِهِ، وَقَنَاعَتِهِ بِالْأَحْكَامِ، وَرِضَاهُ بِالْقَدَر، فَلَا شُكُوكَ تَجْثُمُ، وَلَا شُبُهَاتٍ تُؤَثِّرُ، لِيَكُونَ حَالُهُ مَعَ كُلِّ عَاصِفَةٍ فِكْرِيَّةٍ مع القائلين: ﴿ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 22].

وَيَوْمَ أَنْ يَغِيبَ عَنِ الْقَلْبِ مَعَانِي التَّسْلِيمِ فَلَا تَنْتَظِرْ أَنْ يَكُونَ للأَحْكَامِ وَزْنٌ، وَلَا للنُصُوصٍ تَعْظِيمٌ.... إِذَا ضَعُفَ التَّسْلِيمُ حَلَّتِ الْحَيْرَةُ، وَحَضَرَتِ الشُّكُوكُ، وَحَانَ الصُّدُودُ، وَتِلْكَ حَالَةٌ مٌؤْسِفَةٌ فِي الضَّلَالِ، يَتَكَرْدَسُ فِيهَا صَاحِبُهَا مِنْ عَمًى إِلَى عَمًى ﴿ مَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ﴾ [طه: 124].

بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْوَحْيَيْنِ، وَجَعَلَنَا مِنْ أَتْبَاعِ سَيِّدِ الثَّقَلَيْنِ، أقول ما سمعتم وأستغفر الله...

 

الخطبة الثانية

إخوة الإسلام؛ (إنَّ مَنْ كَانَ لِلنَّصِّ الشرعي وَالتَّسْلِيمِ بِهِ أَقْرَبَ فَهُوَ لِوَصْفِ السُّنِّيِّ أَوْلَى)، وَلِذَا فَإِنَّ التَّسْلِيمَ بِالنُّصُوصِ وَتَعْظِيمَهَا وَعَدَمَ تَعْطِيلِهَا مَنْهَجٌ اتَّسَمَ بِهِ أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ وَقَرَّرُوهُ فِي كُتُبِ الْعَقَائِدِ.

إن مُصْطَلَحَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ لَيْسَ دَعْوًى يُتَكَثَّرُ بِهَا، وَلَا انْتِسَاباً يُفْتَخَرُ بِهِ دون عمل، بَلْ هو منهج لَهُ سِمَاتٌ وَعَلَامَاتٌ، وَعَمَلٌ وَإِثْبَاتَاتٌ، وَاقْتِفَاءٌ فِي الِاعْتِقَادِ وَالْهَدْيِ وَالْعِبَادَاتِ لِمَنْهَجِ سَلَفِ الْأُمَّةِ - من الصحابة والتابعين لهم -.


ويَوْمَ أَنْ كَانَ أَهْلُ السُّنَّةِ أَصْحَابَ تَسْلِيمٍ وَتَوْقِيفٍ حَفِظُوا الدِّينَ مِنَ الْبِدَعِ وَالتَّخْرِيفِ (فَمَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ) قَالَهَا النبي الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم، وهو عليه الصلاة والسلام الذي كان يردد في خطبه بـأن أصدقَ الحديث كتابُ الله، وخيرَ الهدي هديُ محمد صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمور محدثاتُها، وكلَّ محدثة بدعة، وكلَّ بدعة ضلالة، وكلَّ ضلالة في النار.

إن أَهْلَ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ أَهْلُ تَسْلِيمٍ؛ لا يُعَارِضُوا النُّصُوصَ الشَّرْعِيَّةَ بِفَلْسَفَاتٍ عَقْلِيَّةٍ؛ وَلَا تَصَوُّرَاتٍ كَلَامِيَّةٍ؛ وَلَا أَذْوَاقٍ بَشَرِيَّةٍ؛ وَلَا مُكَاشَفَاتٍ شَيْطَانِيَّةٍ.


ويَوْمَ أَنْ رَسَخَتْ عَقِيدَةُ التَّسْلِيمِ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ أَثْبَتُوا للهِ مَا أَثْبَتَهُ لِنَفْسِهِ وَمَا أَثْبَتَهُ لَهُ رَسُولُهُ مِنَ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ، وَنَفَوْا مَا نَفَاهُ اللهُ عَنْ نَفْسِهِ وَنَفَاهُ عَنْهُ رَسُولُهُ مِنَ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ، فَكَانُوا أَهْلَ إِثْبَاتٍ بِلَا تَشْبِيهٍ؛ وَتَنْزِيهٍ بِلَا تَعْطِيلٍ.

وَيَوْمَ أَنْ عَظَّمَ أَهْلُ السُّنَّةِ مَبْدَأَ التَّسْلِيمِ مَا غَلَوْا فِي الْأَشْخَاصِ، وَلَا تَمَسَّحُوا بِالْقُبُورِ أَوْ تَعَلَّقُوا بِالْأَمْوَاتِ، وَلَا تَقَرَّبُوا للهِ عَلَى أَنْغَامِ الطُّبُولِ بِالْهَزِّ وَالرَّقَصَاتِ؛ كَمَا تَفْعَلُهُ الصُّوفِيَّةُ الْغُلَاةُ.


إن أَهْلَ التَّسْلِيمِ أهلَ السنة عَبْرَ تَارِيخِهِمْ لَمْ يَكُونواْ أَهْلَ تَخْذِيلٍ لِلْمُسْلِمِينَ، وَلَا تَوَاطُئٍ مَعَ أَعْدَائِهِمُ الْقَتَلَةِ الْمُجْرِمِينَ.

إن أَهْلَ التَّسْلِيمِ أهلَ السنة لَمْ يَكُونوا أَهْلَ تَفْرِيقٍ وَتَحْزِيبٍ، وَلَا أَصْحَابَ غُلُوٍّ وَتَخْرِيبٍ، بَلْ كَانُوا أَجْمَعَ لِلْكَلِمَةِ، وَأَرْحَمَ بِحَالِ الْأُمَّةِ، وَأَغْيَرَ عَلَى دِينِهَا، وَأَسْعَى فِي جَمْعِ كَلِمَتِهَا، وَلِذَا تَوَاصَتْ عِبَارَاتُهُمْ بِالصَّلَاةِ وَالْجِهَادِ خَلْفَ كُلِّ إِمَامٍ بَرٍّ وَفَاجِرٍ، كُلُّ ذَلِكَ جَمْعًا لِلْكَلِمَةِ وَتَوْحِيدًا لِلصَّفِّ.


إن أَهْلَ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ بِمَنْهَجِهِمُ التَّسْلِيمِيِّ الِاتِّبَاعِيِّ يُمَثِّلُونَ حَقِيقَةَ الْإِسْلَامِ وَصَفَاءَهُ وَنَقَاءَهُ، وَعَقِيدَتُهُمْ سَهْلَةٌ وَاضِحَةٌ لِأَنَّهَا مُبْنِيَّةٌ عَلَى النُّصُوصِ وَالتَّسْلِيمِ، وَلَيْسَتْ فَلْسَفَاتٍ وَكَلَامِيَّاتٍ وَلَا خُرَافَاتٍ وَخُزَعْبَلَاتٍ تُصَادِمُ الْعَقْلَ وَالْفِطْرَةَ.

وَلِذَا فَإِنَّ كُلَّ مُسْلِمٍ لَمْ يَتَلَوَّثْ بِالْبِدَعِ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي مُصْطَلَحِ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَأَهْلُ السُّنَّةِ الْمُوَحِّدُونَ أَوْلَى بِهِ مِنْ غَيْرِهِمْ.

إِخْوَةَ الْإِيمَانِ، وَيَوْمَ أَنْ كَانَ مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ يُوَافِقُ الْعَقْلَ وَالْفِطْرَةَ والشرع انْتَشَرَ وَتَمَدَّدَ، وَكَثُرَ أَتْبَاعُهُ وَدُعَاتُهُ، الْأَمْرُ الَّذِي أَزْعَجَ الْأَعْدَاءَ، فَتَحَرَّكَتِ مَرَاكِزُهم الثَّقَافِيَّةُ وَالْقُوَى السِّيَاسِيَّةُ الخادمة لهم لِإِيقَافِ هَذَا الْمَدِّ السُّنِّيِّ وَإِطْفَاءِ نُورِهِ، فَأَصْبَحَ مُشَاهَدًا وَمُعْلَنًا حربُهم الْفِكْرِيَّةُ عَلَى الْمَنْهَجِ السُّنِّيِّ بِإِضْعَافِهِ وَتَقْوِيَةِ خُصُومِهِ، وَإِعَانَةِ الْفِرَقِ الْبِدْعِيَّةِ الضالة عَلَيْهِ.


عباد الله، إن الحَرْبَ الْفِكْرِيَّةَ للأعداءِ قَائِمَةٌ، وَإن مُؤَامَرَاتِهم تُشَاهَدُ، وَبَغْضَاءَهم تُتَنَفَّسُ، وَسَتَبْقَى هَذِهِ الْبِلَادُ بِهُوِيَّتِهَا وَعَقِيدَتِهَا هَدَفاً لِعَدَاوَةِ وَتَحْرِيضِ كُلِّ صَاحِبِ بِدْعَةٍ وفتنة، لأن قَدَرَ هذه البلاد أنها مركزُ المسلمين لوُجُودُ الْحَرَمَيْنِ فِيهَا. فبَلَدُكُمْ قَدَرُهَا الْإِسْلَامُ، وَشَخْصِيَّتُهَا التَّوْحِيدُ، وَوَظِيفَتُهَا نَشْرُ أَنْوَارِ السُّنَّةِ إِلَى أَرْجَاءِ الدُّنْيَا، فَكُونُوا دُعَاةً لِلتَّوْحِيدِ، هُدَاةً لِلْحَقِّ، رُحَمَاءَ بِالْخَلْقِ.


اللهم أعز الإسلام والمسلمين، ومكِّن لأهل السنة الصادقين، واكفنا شر أعدائنا الماكرين. اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه. اللهم اهدنا لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.


اختصار ومراجعة: الأستاذ عبدالعزيز بن أحمد الغامدي





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • فقه الانقياد
  • الانقياد التام لله تعالى
  • سهولة الانقياد للنظم الربانية

مختارات من الشبكة

  • السهر وإضعاف العبودية لله (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: موسى عليه السلام وحياته لله عز وجل(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أدلة حجاب الوجه ومنع الاختلاط ووجوب التسليم لله رب العالمين (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حقيقة الإيمان هي التسليم لله (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كيف نوازن بين التسليم والانقياد لأمر لله وقدره والسعي في الأرض والأخذ بالأسباب ؟(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • البر بالوالدين: وصية ربانية لا تتغير عبر الزمان (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات مع بداية العام الدراسي (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • نعمة الماء (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وليس أخو علم كمن هو جاهل (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بر الوالدين (خطبة)(مقالة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • 51 خريجا ينالون شهاداتهم من المدرسة الإسلامية الأقدم في تتارستان
  • بعد ست سنوات من البناء.. افتتاح مسجد أوبليتشاني في توميسلافغراد
  • مدينة نازران تستضيف المسابقة الدولية الثانية للقرآن الكريم في إنغوشيا
  • الشعر والمقالات محاور مسابقة "المسجد في حياتي 2025" في بلغاريا
  • كوبريس تستعد لافتتاح مسجد رافنو بعد 85 عاما من الانتظار
  • 57 متسابقا يشاركون في المسابقة الرابعة عشرة لحفظ القرآن في بلغاريا
  • طلاب هارفارد المسلمون يحصلون على مصلى جديد ودائم بحلول هذا الخريف
  • المعرض الرابع للمسلمين الصم بمدينة دالاس الأمريكية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 29/2/1447هـ - الساعة: 15:9
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب