• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أوصاف القرآن الكريم في الأحاديث النبوية الشريفة
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    تحريم أكل ما لم يذكر اسم الله عليه
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    أفضل أيام الدنيا (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    الحج وما يعادله في الأجر وأهمية التقيّد بتصاريحه ...
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    تفسير قوله تعالى: { إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    سمات المسلم الإيجابي (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    المصافحة سنة المسلمين
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    الدرس الثامن عشر: الشرك
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    مفهوم الموازنة لغة واصطلاحا
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (5)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    من نفس عن معسر نجاه الله من كرب يوم القيامة
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    خطر الظلمات الثلاث
    السيد مراد سلامة
  •  
    تذكير الأنام بفرضية الحج في الإسلام (خطبة)
    جمال علي يوسف فياض
  •  
    حجوا قبل ألا تحجوا (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    تعظيم المشاعر (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
شبكة الألوكة / ملفات خاصة / رمضان / خطب رمضان والصيام
علامة باركود

فضل الصدقة وأهميتها في رمضان (خطبة)

فضل الصدقة وأهميتها في رمضان (خطبة)
عبدالله بن عبده نعمان العواضي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 17/3/2025 ميلادي - 17/9/1446 هجري

الزيارات: 2420

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

فضل الصدقة وأهميتها في رمضان[1]


إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهدِهِ الله، فلا مضلَّ له، ومن يضلل، فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

 

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]؛ أما بعد أيها المسلمون:

فكلٌّ منكم لديه مالٌ يملكه، قليلًا كان أو كثيرًا، ومالكم هذا منه تأكلون وتشربون، وتلبَسون وتستشفون، وتركبون وتسكنون، ولكم به في الدنيا مآربُ أخرى.

 

فما أعظم المالَ نعمةً حين نجد به الكفاية عن الحاجة، والعزَّ عن الخلق، والراحة من العناء، والتخفيف من كثرة الهمِّ والبلاء!

 

عن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((نعم المالُ الصالح للمرء الصالح))[2].

 

غير أن نعمة المال الحلال لا تكمل حتى يحوِّل منه صاحبه إلى دار الآخرة؛ ليبقى رصيدًا استثماريًّا ينفعه في وقتٍ تعظُم الحاجة إلى الحسنة الواحدة؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [البقرة: 254].

 

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يتصدق أحدٌ بصدقة من كسب طيب، إلا أخذها الله بيمينه، فيُربِّيها لصاحبها كما يُربِّي أحدكم فُلُوَّه، أو قَلُوصَه، حتى تكون مثل الجبل، أو أعظم))[3].

 

فما أجَلَّ نصيب المرء حين يكون له من ماله ما يقدمه بين يديه قبل لقاء ربه! فمالُه الحقيقي هو الذي أرسله إلى الدار الآخرة عبر بريد الصدقات الخالصات؛ فعن مطرف بن عبدالله رضي الله عنه قال: ((أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ: ﴿ أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ ﴾ [التكاثر: 1]، قال: يقول ابنُ آدم: مالي، مالي، قال: وهل لك - يا بنَ آدمَ - من مالك إلا ما أكلتَ فأفنيتَ، أو لبِست فأبليت، أو تصدقت فأمضيت؟))[4]؛ يعني: قدمته إلى دار الجزاء:

أنت للمال إذا أمسكته
وإذا أنفقته فالمال لك

عباد الله، إن الصدقة بالمال طاعة عظيمة، وقُربة جليلة؛ لِما فيها من براهين الإيمان والسخاء، والانتصار على الهوى، وتحصيل الأجور، ودفع المكاره، وبها تُقضى الحاجات، وتهون البليَّات، ويُعان على طاعة الرحمن؛ ولذلك جاء الحثُّ عليها في كتاب الله تعالى وسُنة رسوله عليه الصلاة والسلام؛ دعوةً إليها، وبيانًا لفضلها وثمراتها العاجلة والآجِلة.

 

فإنكم - معشر المسلمين - عندما تقرؤون في القرآن والسُّنة، تجدون نصوصًا كثيرة تتحدث عن الصدقات، فهل يليق بنا إذا مررنا بتلك النصوص ألَّا تهُزَّنا إلى الكرم في ميادين الخير، وألَّا تحثَّنا على المسابقة إلى ذلك البر ولو بالقليل، فرُبَّ قليلٍ سبق في الأجر الكثيرَ.

 

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((سبق درهمٌ مائةَ ألف درهم، فقال رجل: وكيف ذاك يا رسول الله؟ قال: رجل له مال كثير فأخذ من عرضه مائة ألف فتصدق بها، ورجل ليس له إلا درهمان، فأخذ أحدهما فتصدق به))[5].

 

فانظروا - رحمكم الله - في حال عباد الله الأخيار، عندما كانت تمرُّ بهم نصوص الوحي كيف كانوا يمتثلونها، ويبادرون إلى العمل بها.

 

عن أنس رضي الله عنه قال: ((كان أبو طلحة أكثر أنصاريٍّ بالمدينة مالًا، وكان أحب أمواله إليه بَيْرَحى، وكانت مستقبلةً المسجد، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخلها ويشرب من ماء فيها طيِّب، قال أنس: فلما نزلت هذه الآية: ﴿ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ﴾ [آل عمران: 92]، قام أبو طلحة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن الله يقول في كتابه: ﴿ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ﴾ [آل عمران: 92]، وإن أحبَّ أموالي إليَّ بَيْرَحى، وإنها صدقة لله، أرجو برَّها وذُخرها عند الله، فضَعْها يا رسول الله حيث شئت، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بخٍ، ذلك مال رابح، ذلك مال رابح، قد سمعت ما قلت فيها، وإني أرى أن تجعلها في الأقربين، فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه))[6].

 

وعن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير، أنه سمع عقبة بن عامر يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((كل امرئ في ظل صدقته حتى يُفصل بين الناس - أو قال: يُحكم بين الناس - قال يزيد: وكان أبو الخير لا يخطئه يومٌ إلا تصدق فيه بشيء ولو كعكةً أو بصلةً أو كذا))[7].

 

فيا من تريد الثواب الوفيرَ، والأجر الكبير، والتجارة الرابحة، والأرصدة الصالحة؛ تصدَّق، إن الله يجزي المتصدقين.

 

ويا من يطلب دوام ظلال البركة على مالك، والسلامة من شدة المكاره في نفسك وأهلك وعيالك؛ اسقِ حديقة أعمالك بماء الصدقات، واجعل نصيبًا من حلالك مصروفًا في البر والخيرات.

 

ويا من أسرف على نفسه بركوب السيئات، وعظُم تقصيره في عمل الحسنات، اتَّقِ غضب ربك في إنفاقك له فيما يحب؛ فعسى أن تُغفر لك الخطيئات، وتُقبِل بصدقٍ على الطاعات.

 

وأنت يا من تبغي الوقاية من النار يوم المعاد، اتَّقِها واستتر منها بصدقاتك بين العباد، فنِعمتِ الصدقة درعًا تحمي من عذاب الحياة الأخرى، وتدفع عن صاحبها مصائبَ الدنيا.

 

أيها الإخوة الفضلاء، قد يصيب بعضَنا شيءٌ من البخل والإمساك، وتمنعنا من التصدق تأويلات، ونخشى من الحاجة في قادم الأيام، وهذا كله تثبيط للنفس عن الخير، ونفسٌ هذه حالها تحتاج إلى أن تسمع عن أحوال قدوات صالحة؛ لكي تنفُث فيها روح النشاط إلى مديد العطاء، وتتحرر من هذه القيود التي حبستها عن السخاء.

 

عن أنس رضي الله عنه قال: ((ما سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام شيئًا إلا أعطاه، قال: فجاءه رجل فأعطاه غنمًا بين جبلين، فرجع إلى قومه، فقال: يا قومِ أسلموا؛ فإن محمدًا يُعطي عطاءً لا يخشى الفاقة))[8].

 

وقد ذُبحت يومًا في بيت رسول الله شاةٌ فتصدقوا بها، فسألهم عما بقِيَ منها، فأخبروه أنه لم يبقَ إلا كتفها، فقال لهم: ((بقِيَ كلها غيرَ كتفِها))[9] ؛ يعني: بقي لنا عند الله كلها حين تصدقنا به، وأما كتفها فسيذهب بأكلنا له.

 

قال الله: ﴿ مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ ﴾ [النحل: 96].

 

وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: ((أمرَنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا أن نتصدق، فوافق ذلك مالًا عندي، فقلت: اليومَ أسبق أبا بكر إن سبقته يومًا، فجئت بنصف مالي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أبقيتَ لأهلك؟ قلت: مثله، قال: وأتى أبو بكر رضي الله عنه بكل ما عنده، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أبقيت لأهلك؟ قال: أبقيت لهم الله ورسوله، قلت: لا أسابقك إلى شيء أبدًا))[10].

 

واقرؤوا في أخبار المتصدقين في الماضي والحاضر، تجدوا عجبًا في عِظم الكرم والجود.

 

عباد الله، إذا أردتم أن تتصدقوا، فتصدقوا من المال الحلال، وأخلصوا لله في صدقاتكم في كل حال، ولا تجعلوها ابتغاء وجوه العباد، بل ابتغاءَ وجه رب العباد، وأنفقوا من أحسن كسبكم وأطيبه؛ لأنه هو الذي ينتظركم عند الله يوم لقائه، فماذا تحبون أن يكون لكم هناك؟ قال الله: ﴿ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ ﴾ [البقرة: 267].

 

ولا تمنُّوا بالعطاء، ولا تُؤذوا بأقوالكم أو أفعالكم مَن تُعطون من الفقراء؛ قال الله تعالى: ﴿ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [البقرة: 262].

 

واعلموا - معشر المسلمين - أن أحسن الصدقات ما كانت في خفاء؛ فبالإسرار تُخلص النية لرب العالمين، ويُحفظ ماء وجه المسكين؛ ففي الصحيحين في السبعة الأصناف الذين يُظلهم الله في ظله يوم القيامة: ((ورجلٌ تصدق بصدقة فأخفاها، حتى لا تعلم شماله ما صنعت يمينه)).

 

والتمسوا بصدقاتكم القريب والجار، والأحوج والأتقى؛ فإنهم بصدقاتكم أولى.

 

ومتى أردنا الاستمرار في هذه الطاعة، وكمال الأجر على هذه القربة، فلا نستكثر ما أعطينا، ولا نستعظم ما قدَّمنا، وحين نعطي المحتاج، فأجملُ العطاء ما كان بوجه بشوش، وجانب متواضع، ونفس طيبة؛ فإن القليل بذلك كثير، والكثير مع عدمه قليل، ومراعاة مشاعر المحتاجين للصدقات من أحسن القُربات.

 

والموفَّق حقًّا من عمل لنفسه - وهو ما زال على هذه الحياة - صدقةً جارية يستمر نفعها أزمنة مديدة؛ بنى مسجدًا، أو دارَ تعليم نافع، أو بيتًا لفقير، أو أوقف مزرعة على فقير أو مصالح جامع، أو حفر بئرًا، أو طبع كتبًا نافعة، أو وزع مصاحفَ على من يقرأ فيها، فهذا من العمل الصالح الذي لا ينقطع أجره، ما استمر النفع به.

 

وعلى المرأة ألَّا تحرِم نفسها من فعل الصدقات؛ فهي تحتاج إلى ثمراتها في الدنيا والآخرة كما يحتاج الرجل؛ لأنها مكلَّفة مثله.

 

فقد قال النبي عليه الصلاة والسلام للنساء في خطبة عيد: ((تصدَّقن؛ فإن أكثركن حطب جهنم، فقامت امرأة من سِطَةِ النساء سَفْعَاءُ الخدين، فقالت: لِمَ يا رسول الله؟ قال: لأنكنَّ تُكثرن الشَّكاة، وتكفُرن العشير، قال: فجعلن يتصدقن من حُلِيِّهن، يُلقين في ثوب بلال من أقْرِطتِهِنَّ وخواتمهن))[11].

 

وليطمئنَّ كل متصدق على ماله؛ فليس بالصدقة نقص، وليس فيها خسارة تدعو إلى البخل؛ قال الله تعالى: ﴿ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ﴾ [سبأ: 39].

 

وعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبدًا بعفوٍ إلا عزًّا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله))[12].

 

نسأل الله أن يجعلنا من أهل الجود والسخاء، وأن يتقبل منا ما قدَّمنا من عطاء.

 

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين؛ أما بعد أيها المسلمون:

فإن الصدقة في رمضان شأنها عظيم، وأجرها جزيل، وأثرها حسن جليل؛ فهي للمتصدِّق ثواب وإصلاحُ نفسٍ، وللمتصدَّق عليه فرح وتفريجُ كرب، فبها تيسير الصيام، والإعانة على القيام، فكم من فقير تزداد عليه المشقَّات في رمضان، فيجد في الصدقة عليه ما يخفف مشقاته، ويُعينه على عبادته، فيحمَد الله على نعمة الإسلام التي وَجد في ظلها سخاء الأغنياء، ورحمتهم بالفقراء!

 

ولهذا كان جُود نبينا عليه الصلاة والسلام في رمضان يتضاعف أكثر من غيره؛ فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجودَ الناس، وكان أجودَ ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيُدارسه القرآن، فلَرسولُ الله صلى الله عليه وسلم أجودُ بالخير من الريح المرسلة))[13].

 

فما أعظم هذا الوصف بالجود من وصف! فحال رسولنا الجواد كما قيل:

تعوَّد بسط الكف حتى لَوَ انَّه
أراد انقباضًا لم تُطِعه أناملُه
هو البحر من أي النواحي أتيته
فلُجته المعروف والجود ساحلُه

 

فحين تُحِسُّ - أيها المسلم - ألمَ الجوع في رمضان عدة أيام، فتذكَّر آلام الجائعين طوال العام، وحين تقرأ القرآن ستمر بك آيات كثيرة ترغِّب في الإنفاق والعطاء، فاعمل بها متصدقًا على المساكين والفقراء، وأبشر بحُسن الجزاء: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ * لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ ﴾ [فاطر: 29، 30].

 

أيها المؤمنون، إن للصدقة في الإسلام أبوابًا أخرى غير باب المال؛ فالإصلاح بين الناس صدقة، وإعانة الخلق في حاجاتهم صدقة، والكلمة الطيبة صدقة، والمشي إلى الصلاة صدقة، والنصيحة الصادقة صدقة، وذِكر الله صدقة، وإقراض المستقرضين في الخير صدقة، وإنظار المَدين المُعسِر صدقة، والعفو عنه صدقة، وإماطة الأذى، والشفاعة الحسنة من ذي الجاه، والعفو في الحدود والجراحات عمن يستأهل العفو؛ كل ذلك صدقة.

 

قال الله تعالى: ﴿ وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 280]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كل سُلامى من الناس عليه صدقة، كل يوم تطلُع فيه الشمس؛ تعدل بين الاثنين صدقة، وتُعين الرجل في دابته فتحمله عليها، أو ترفع له عليها متاعه صدقة، والكلمة الطيبة صدقة، وكل خُطوة تمشيها إلى الصلاة صدقة، وتُميط الأذى عن الطريق صدقة))[14].

 

وفي رواية: ((فكلُّ تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمرٌ بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى))[15].

 

فتصدقوا - رحمكم الله - صدقة خالصة تنالوا أجرًا، وتصلحوا نفسًا، وابذلوا منها لمحاويج المسلمين تُسعدوا بها قلوبًا، وتفرجوا كروبًا، وتخففوا بها ثقل عناء، وتمسحوا بها دمعةَ شقاء، وأبشروا فما قدمتموه فهو لكم يوم القيامة؛ فإن أَعطيتُم أُعطِيتم، وإن زدتم زِيدَ لكم، وإن اخترتم الطيب الكريم، لقِيكم على أحسن ما يكون من الكرم والطيب.

 

نسأل الله أن يجعلنا من أهل الإنفاق في مرضاته.

هذا، وصلوا على خير البشر...



[1] 14/ 9/ 1446هـ، 14/ 3/ 2025م.

[2] رواه أحمد، والبخاري في الأدب المفرد، وابن حبان، والبيهقي، وهو صحيح.

[3] متفق عليه.

[4] رواه مسلم.

[5] رواه أحمد، وابن حبان، والنسائي، والبيهقي، وهو حسن.

[6] متفق عليه.

[7] رواه أحمد، وابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم، وهو صحيح.

[8] رواه مسلم.

[9] رواه أحمد، وابن أبي شيبة، والبيهقي، وهو صحيح.

[10] رواه أبو داود، والترمذي، والدارمي، والبزار، والبيهقي في الكبرى، وهو صحيح.

[11] متفق عليه.

[12] رواه مسلم.

[13] متفق عليه.

[14] متفق عليه.

[15] رواه مسلم





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • فضل الصدقة
  • في فضل الصدقة
  • فضل الصدقة في الإسلام
  • أفضل الصدقة سقي الماء (بطاقة)
  • أفضل الصدقة
  • فضل الصدقة
  • فضل الصدقة على الزوج والأقارب
  • فضل الصدقة (خطبة)
  • فضل الصدقة على المحتاجين والمعسرين (خطبة)
  • لذة العبادة في رمضان (خطبة)
  • فضل الصدقة على الأقارب (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • مفهوم الفضائل والمناقب والخصائص والبركة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضل العفو والصفح - فضل حسن الخلق - فضل المراقبة (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • فضل القرآن وفضل أهله وأهمية قراءته للمسلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أحاديث في فضل عبادة الحج وأهميتها(مقالة - ملفات خاصة)
  • فضل قيام رمضان وفضل ليلة القدر(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن صالح القصيِّر)
  • خطبة عن الصدقة وأهميتها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الصدقة في رمضان وفضلها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الصدقة في رمضان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضل شهر رمضان في القرآن والسنة: رمضان شهر الرحمة والغفران والعتق من النار(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضل من أدرك رمضان (درس رمضاني)(مقالة - ملفات خاصة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 21/11/1446هـ - الساعة: 10:16
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب