• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أوصاف القرآن الكريم في الأحاديث النبوية الشريفة
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    تحريم أكل ما لم يذكر اسم الله عليه
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    أفضل أيام الدنيا (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    الحج وما يعادله في الأجر وأهمية التقيّد بتصاريحه ...
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    تفسير قوله تعالى: { إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    سمات المسلم الإيجابي (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    المصافحة سنة المسلمين
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    الدرس الثامن عشر: الشرك
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    مفهوم الموازنة لغة واصطلاحا
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (5)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    من نفس عن معسر نجاه الله من كرب يوم القيامة
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    خطر الظلمات الثلاث
    السيد مراد سلامة
  •  
    تذكير الأنام بفرضية الحج في الإسلام (خطبة)
    جمال علي يوسف فياض
  •  
    حجوا قبل ألا تحجوا (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    تعظيم المشاعر (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
شبكة الألوكة / ملفات خاصة / رمضان / خطب رمضان والصيام
علامة باركود

تحفة الأنام بمظاهر اليسر في فريضة الصيام (خطبة)

تحفة الأنام بمظاهر اليسر في فريضة الصيام (خطبة)
السيد مراد سلامة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 16/3/2025 ميلادي - 16/9/1446 هجري

الزيارات: 1572

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تحفة الأنام بمظاهر اليُسر في فريضة الصيام

 

الخطبة الأولى

الحمد لله الذي يسَّر لعباده الطاعات، وسهَّل لهم طريق الجنات؛ الحمد لله القائل في كتابه العزيز: ﴿ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ﴾ [البقرة: 185]، الحمد لله الذي رفع عنا الحرج؛ ﴿ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ﴾ [الحج: 78]، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدالله ورسوله، رفع الله به الإصر والأغلال، وأرسله بالحنفية السمحة؛ ﴿ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ﴾ [الأعراف: 157]؛ أما بعد:

فحديثنا إليكم اليوم - أيها الإخوة الأحباب - عن (تحفة الأنام بمظاهر اليسر في فريضة الصيام)، فأعيروني القلوب والأسماع.

 

اليسر وعدم الغلوِّ من مظاهر الحنفية السمحة:

أيها الأحباب: لقد امتازت شريعة الإسلام عن غيرها من الشرائع السماوية بأنها دستور اليسر والسهولة؛ فقد أرسل الله نبيه صلى الله عليه وسلم ليرفع الإصر والأغلال؛ فقال تعالى: ﴿ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [الأعراف: 157].

 

فتأملوا إلى الشرائع السابقة، فقد اشترطت قتل النفس للتوبة من المعصية، والتخلص من الخطيئة؛ ويدل على ذلك قوله تعالى: ﴿ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ ﴾ [البقرة: 54]، ومثله أيضًا تطهير الثوب بقطعِ موضع النجاسة منه، وبطلان الصلاة في غير موضع العبادة المخصوص، وغير ذلك من الأمور التي كُلِّف بها من نزلت عليهم تلك الشرائع السابقة.

 

ولقد نفى الله تعالى التشدد والغلو عن تلك الشريعة الغرَّاء، وهذا ما أشار إليه الله تعالى في مواطن كثيرة من كتابه العزيز؛ منها قوله تعالى: ﴿ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ﴾ [الحج: 78]، وقوله أيضًا: ﴿ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ﴾ [البقرة: 185]، وقوله عز وجل: ﴿ يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا ﴾ [النساء: 28].

 

والذي يقلِّب سنة النبي صلى الله عليه وسلم لَيرى اليُسر والسماحة متمثلةً في أخلاق ومعاملات النبي صلى الله عليه وسلم؛ فها هو يؤسِّس لخُلق اليُسر في غير ما موطن من سنته الشريفة؛ عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الدين يُسرٌ، ولن يشادَّ الدين أحدٌ إلا غلبه، فسدِّدوا وقاربوا وأبشروا، واستعينوا بالغَدوة والرَّوحة وشيء من الدُّلجة))[1].

 

مظاهر اليُسر في فريضة الصيام:

وهيا - أيها الأحباب - لنقف مع الواقع التطبيقي لمظهر اليسر والسهولة من خلال فريضة الصيام؛ وإليكم بعض تلك المظاهر:

أولًا: إباحة الأكل والشرب ليلًا؛ أي: من بعد غروب الشمس إلى طلوع الفجر؛ كما قال تعالى: ﴿ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ﴾ [البقرة: 187].

 

أخرج أحمد وأبو داود والحاكم، عن معاذ بن جبل قال: "كانوا يأكلون ويشربون ويأتون النساء ما لم يناموا، فإذا ناموا، امتنعوا، ثم إن رجلًا من الأنصار يُقال له: قيس بن صرمة، صلى العشاء، ثم نام فلم يأكل ولم يشرب، حتى أصبح، فأصبح مجهودًا، وكان عمر أصاب من النساء بعدما نام، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر ذلك له؛ فأنزل الله: ﴿ أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ ﴾ [البقرة: 187] إلى قوله: ﴿ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ﴾ [البقرة: 187]"[2].

 

ثانيًا: إباحة الفطر للمرض والسفر؛ لقول الله تعالى: ﴿ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ﴾ [البقرة: 185]، وهذه الرخصة من سماحة الشريعة ويسرها بنص الآية القرآنية.

 

فالمريض الذي يضره الصيام يجب عليه الفطر والقضاء بعد الشفاء، والمريض الذي يشق عليه الصيام ولا يضره، يُستحب له الفطر؛ أخذًا بالرخصة، وإزالة للمشقة، ويقضي بعد شفائه، والمريض مرضًا خفيفًا لا يشق معه الصوم ولا يضره، فإنه يجب عليه الصيام، فإن مات المريض قبل تمكُّنه من قضاء الصوم فلا شيء عليه، وإن تمكَّن من القضاء ولم يقضِ ومات، صام عنه وليُّه أو أطعم عنه.

 

والمسافر الذي يشق عليه الصوم مشقة شديدة يجب عليه الفطر، وعليه تُحمل أحاديث النهي عن الصوم في السفر؛ عن جابر بن عبدالله قال: ((رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلًا قد اجتمع الناس وقد ظُلل عليه، فقال: ما هذا؟ قالوا: رجل صائم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ‌ليس ‌البرَّ ‌أن ‌تصوموا ‌في السفر))؛ [رواه الشيخان][3].

 

وإذا استوى في حق المسافر الصومُ والفِطر لراحته في السفر، فله أن يصوم وله أن يفطر، فمن الناس من يثقل عليه الصوم في السفر ولو لم يكن فيه مشقة، أو كانت مشقته يسيرة، ومنهم من يثقل عليه القضاء لو أفطر، ويريد الصوم في السفر، فمن كان كذلك كان الصوم في حقه مشروعًا، وكان الفطر في حقه مشروعًا، ويفعل الأرفق به؛ لما رُويَ عن أبي الدرداء قال: ((خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان في ‌حر ‌شديد، ‌حتى ‌إن ‌كان ‌أحدنا ليضع يده على رأسه من شدة الحر، وما فينا صائم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعبدالله بن رواحة))؛ [رواه الشيخان][4].

 

ولحديث عائشة رضي الله عنها، أن حمزة بن عمرو الأسلمي قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أصومُ في السفر؟ وكان كثيرَ الصيام، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن شئتَ فصُم، ‌وإن ‌شئت ‌فأفْطِر))؛ [متفق عليه][5].

 

ثالثًا: ومن اليسر إباحة الفطر لمن عجز عن الصوم لكِبَرِ السن، أو لمرض مزمن؛ فيُفطر ويُطعم عن كل يوم مسكينًا؛ والحجة في ذلك قول الله تعالى: ﴿ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ﴾ [البقرة: 184]، قرأها ابن عباس وقال: "... هو الشيخ الكبير، والمرأة الكبيرة، لا يستطيعان أن يصوما، فيُطعمان مكان كل يوم مسكينًا"؛ [رواه البخاري]، وعن قتادة: "أن أنسًا رضي الله عنه ضعُف قبل موته فأفطر، وأمر أهله أن يُطعموا مكان كل يوم مسكينًا"، وعنه رضي الله عنه "أنه ضعُف عن الصوم عامًا، فصنع جفنة من ثريد، ودعا ثلاثين مسكينًا فأشبعهم"؛ [رواه الدارقطني].

 

رابعًا: ومن مظاهر اليسر الفطر للحائض والنُّفساء: فإذا حاضت المرأة أو نفِست، وجب عليها الفطر، وتقضي بعد ذلك؛ لحديث معاذة العدوية قالت: ((قلت لعائشة: أتقضي الحائض الصلاةَ؟ قالت: ‌أحروريةٌ ‌أنتِ؟ كنا نحيض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، أفكنا نقضي؟))؛ [رواه الشيخان][6] ، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((أليس إذا حاضت لم تصلِّ ولم تصُم؟))؛ [رواه الشيخان].

 

خامسًا: ومن اليسر إباحة الفطر للحمل والرضاع، إخوة الإسلام، إذا احتاجت الحامل للفطر في نهار رمضان خوفًا على نفسها من الضعف والتلف، أو خوفًا على جنينها من السقوط أو الموت، فإنها تُفطر وتقضي، وكذلك المرضع إذا خافت على نفسها من الضعف والمرض بسبب الإرضاع، أو خافت أن ينقص حليبها فلا يكفي رضيعها، فإنها تفطر وتقضي؛ والحجة في ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الله تعالى وضع عن المسافر الصومَ، وشطر الصلاة، ‌وعن ‌الحامل ‌أو ‌المرضع الصوم أو الصيام))[7].

 

ولأن في الحمل والإرضاع إضعافًا للبدن كإضعاف المرض له، فالحامل والمرضع في حكم المريض.

 

أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم؛ فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

سادسًا: ومن مظاهر اليسر في الصيام أن من أفطر ناسيًا أو جاهلًا، أو مكرهًا أو مخطئًا، فلا شيء عليه؛ لقول الله تعالى: ﴿ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ﴾ [البقرة: 286]، وفي الحديث: ((قال الله تعالى: قد فعلت))؛ عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله عز وجل تجاوز لي عن ‌أمتي ‌الخطأ ‌والنسيان وما أُكرهوا))[8] ، فيكملون صيامهم، ولا شيء عليهم فيما أكلوا وشربوا، ولا يفسد به صيامهم؛ لقول الله تعالى في الْمُكره: ﴿ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ ﴾ [النحل: 106]، فإذا كان إسلامه لا يبطل بالإكراه على الكفر، فمن باب أولى ألَّا يُفطر إذا أُكره على الفطر في صوم الفريضة؛ عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((‌من ‌نسِيَ ‌وهو‌ صائم ‌فأكل أو شرب، فليُتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه))؛ [رواه الشيخان][9].

 

وكل هذه الأحكام في الصوم والإفطار في رمضان تدل على سماحة الشريعة ويسرها؛ مصداقًا لقول الله تعالى: ﴿ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ ﴾ [المائدة: 6]، ولقوله تعالى: ﴿ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ﴾ [الحج: 78]، وقال سبحانه خلال آيات الصيام: ﴿ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ﴾ [البقرة: 185].

 

سابعًا: النهي عن الوصال:

أيها الأحباب الكرام، ومن مظاهر اليسر والسهولة في الشريعة الغرَّاء، أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أصحابه عن الوصال في الصيام رحمةً ورفقًا بهم؛ عن عبدالله رضي الله عنه: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم واصل فواصل الناس، فشق عليهم فنهاهم، قالوا: إنك تواصل، قال: لستُ كهيئتكم إني أظل أُطعَم وأُسقَى))[10].

 

وعن ابن عمر رضي الله عنهما: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الوصال، قالوا: إنك تُواصِل، قال: إني لست كهيئتكم، إني أُطعم وأُسقى))[11].

 

عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((‌إياكم ‌والوصالَ، ‌إياكم ‌والوصال، قالوا: إنك تواصل يا رسول الله؟ قال: إني لست كهيئتكم، أبيتُ يطعمني ربي ويسقيني، فاكلَفوا من الأعمال ما لكم به طاقة))[12].

 

ثامنًا: ومن مظاهر التيسير في رمضان إباحةُ اللقاء بين الزوجين من غروب الشمس إلى طلوع الفجر؛ فعن البراء قال: "لما نزل صوم رمضان، كانوا لا يقربون النساء رمضان كله، وكان رجال يخونون أنفسهم؛ فأنزل الله تعالى: ﴿ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ ﴾ [البقرة: 187]"[13].

 

ومن ذلك أيضًا: عدم فساد الصوم بالقُبلة شريطة عدم الشهوة؛ فعن عائشة رضي الله عنها قالت: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبِّل إحدى نسائه، وهو صائم، ثم تضحك))[14].

 

يقول الإمام ابن كثير رحمه الله: "هذه رخصة من الله تعالى للمسلمين، ورفعٌ لما كان عليه الأمر في ابتداء الإسلام؛ فإنه كان إذا أفطر أحدهم، إنما يحل له الأكل والشرب والجماع إلى صلاة العشاء، أو ينام قبل ذلك، فمتى نام أو صلى العشاء، حرُم عليه الطعام والشراب والجماع إلى الليلة القابلة"[15].

 

تاسعًا: تيسير النبي صلى الله عليه وسلم على من جامع أهله في نهار رمضان:

أيها الإخوة الكرام، ومن أروع صور اليسر والسهولة والرفق قصةُ ذلك الصحابي، الذي جامع زوجته في نهار رمضان؛ فعن أبي هريرة: ((أن رجلًا جاء النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، هلكتُ، قال: وما ذاك؟ قال: واقعت أهلي في رمضان، قال: أتجد رقبةً؟ قال: لا، قال: أتستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ قال: لا، قال: فأطعم ستين مسكينًا، قال: لا أجد يا رسول الله، قال: فأتى النبي صلى الله عليه وسلم بعرَق، فيه تمر – والعَرَقُ: المكتل - قال: اذهب فتصدق بهذا، قال: أعلى أفقرِ مني؟ فوالذي بعثك بالحق، ‌ما ‌بين ‌لابَتَيها أهل بيت أحوجُ مني، فضحِك رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: اذهب به إلى أهلك))؛ قال الزهري: "وإنما كان هذا رخصةً للرجل خاصةً، ولو أن رجلًا فعل ذلك اليوم لم يكن بدٌّ من التكفير"[16].

 

عاشرًا: النهي عن التشدد في الصيام:

إخوة الإسلام، ولقد نهى النبي عن التشدد في الصوم وسائر العبادات، وعدَّ ذلك ليس من سنته صلى الله عليه وسلم، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: ‌((جاء ‌ثلاثة ‌رهط ‌إلى ‌بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم، فلما أُخبروا كأنهم تقالُّوها، فقالوا: وأين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم؟ قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، قال أحدهم: أما أنا فإني أصلي الليل أبدًا، وقال آخر: أنا أصوم الدهر ولا أُفطر، وقال آخر: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدًا، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ أمَا والله إني لأخشاكم لله، وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سُنتي فليس مني))[17].

 

الدعاء...



[1] أخرجه البخاري (1/ 23، رقم 39)، والنسائي (8/ 121، رقم 5034)، وأخرجه أيضًا: ابن حبان (2/ 63، رقم 351)، والبيهقي (3/ 18، رقم 4518)، والقضاعي (2/ 104، رقم 976).

[2] المسند (5/ 246)، وأخرجه أبو داود (507)، وابن خزيمة (381)، والشاشي (1362).

[3] أحمد (3/ 319 و399)، وابن أبي شيبة (3/ 14)، والدارمي (2/ 9)، والبخاري (1946)، في الصوم، باب: قول النبي صلى الله عليه وسلم لمن ظُلِّل عليه واشتد الحر: ((ليس من البر الصوم في السفر))، ومسلم (1115) في الصيام، باب: جواز الصوم والفطر في رمضان للمسافر في غير معصية.

[4] مسلم (2/ 790 رقم 1122)، البخاري (4/ 182 رقم 1945).

[5] أخرجه البخاري حديث (1943)، ومسلم حديث (1121) وانظر: اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان (684).

[6] أخرجه البخاري (321)، ومسلم (335).

[7] سنن ابن ماجه (1/ 533 رقم 1667).

[8] أخرجه ابن ماجه (2045)، وابن حبان (7219)، والدارقطني (4/ 170، 171)، والحاكم (2/ 198)، والبيهقي (7/ 356).

[9] وأخرجه الدارمي (1726)، والبخاري (1933) وأخرجه مسلم (1155) (171)،

[10] صحيح البخاري ج: 2، ص: 678، باب: بركة السحور من غير إيجاب، حديث: 1822.

[11] صحيح مسلم ج: 2، ص: 774، 11، باب: النهي عن الوصال في الصوم، حديث: 1102.

[12] صحيح مسلم ج: 2، ص: 774، 11، باب: النهي عن الوصال في الصوم، حديث: 1103.

[13] أخرجه البخاري في صحيحه (3/ 198) برقم: (4508).

[14] أخرجه البخاري في صحيحه (3/ 198) برقم: (4508).

[15] تفسير ابن كثير، (1/ 510).

[16] صحيح، أخرجه البخاري (6709)، ومسلم (1111).

[17] أخرجه البخاري في "صحيحه" (8 / 276 رقم 4615) في التفسير، باب: ﴿ لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ ﴾ [المائدة: 87]





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الأبعاد التربوية في فريضة الصيام
  • اليسر في فريضة الصيام (خطبة)
  • كيف نجبر ما انتقص من فريضة الصيام؟
  • إذا استنار العقل بالعلم أنار الدنيا والآخرة (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • فتح الأقفال بشرح تحفة الأطفال للجمزوري (المتوفى سنة 1227 هـ) ومعه منظومة تحفة الأطفال (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • التحفة السنية في ضبط متني تحفة الأطفال والمقدمة الجزرية (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • همم الرجال في شرح تحفة الأطفال ويليه منظومة تحفة الأطفال للإمام سليمان الجمزوري رحمه الله (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • متن تحفة الأطفال المسمى تحفة الأطفال والغلمان في تجويد القرآن للشيخ سليمان بن حسين الجمزوري(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة تحفة الأطفال في علم التجويد (التحفة في تجويد القرآن)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • تحفة الأنام بخلق الاحترام (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تحفة الأنام بعالمية وخصوصيات الإسلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مخطوطة تحفة الأنام في فضائل الشام(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • تحفة الأنام بفتاوى شهر رجب الحرام (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة تحفة الأنام في الوقف على الهمز لحمزة وهشام(مخطوط - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 21/11/1446هـ - الساعة: 14:30
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب