• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    نهاية عام وبداية عام (خطبة)
    عبدالعزيز أبو يوسف
  •  
    التواصل العلمي الموضوعي بين الصحابة: عائشة وأبو ...
    محفوظ أحمد السلهتي
  •  
    راحة القلب في ترك ما لا يعنيك
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    الإلحاد
    د. عالية حسن عمر العمودي
  •  
    يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    الإسلام يدعو إلى العدل
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    من مائدة التفسير سورة قريش
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    عناية النبي - صلى الله عليه وسلم- بحفظ القرآن ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    خطبة: فوائد الأذكار لأولادنا
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    إمامة الطفل بالكبار
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    القران الكريم في أيدينا، فليكن في القلوب
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    مقام العبودية الحقة (خطبة)
    د. عبدالرزاق السيد
  •  
    الصدقات والطاعات سبب السعادة في الدنيا والآخرة
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الخشوع المتخيل! الخشوع بين الأسطورة والواقع
    شهاب أحمد بن قرضي
  •  
    الانقياد لأوامر الشرع (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    الوقت في الكتاب والسنة ومكانته وحفظه وإدارته ...
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
شبكة الألوكة / ملفات خاصة / رمضان / خطب رمضان والصيام
علامة باركود

متعرضون للنفحات في شهر البركات

الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 18/6/2016 ميلادي - 13/9/1437 هجري

الزيارات: 14093

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

متعرضون للنفحات في شهر البركات

 

أَمَّا بَعدُ، فَـ ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 21].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، ثِنتَا عَشرَةَ لَيلَةً مِن رَمَضَانَ مَضَت، وَمَا زَالَ المُسلِمُونَ بِعَونِ اللهِ وَتَوفِيقِهِ يَزدَادُونَ هِمَّةً وَنَشَاطًا، يُجَدِّدُونَ العَهدَ مَعَ رَبِّهِم، وَيَتَسَابَقُونَ في التَّقَرُّبِ إِلى مَولاهُم، حَرِيصِينَ عَلَى أَن يَأتُوا مِنَ الأَعمَالِ أَفضَلَهَا، وَيُقَدِّمُوا مِنَ الحَسَنَاتِ أَكمَلَهَا، وَيَختَارُوا مِنَ القُرُبَاتِ أَحسَنَهَا وَأَجمَلَهَا، يَجِدُّونَ في لَيلِهِم وَنَهَارِهِم، وَيَجتَهِدُونَ في تَصحِيحِ مَسَارِهِم، وَيَسلُكُونَ إِلى الخَيرِ كُلَّ سَبِيلٍ، وَيَطلُبُونَ الأَجرَ مِن كُلِّ بَابٍ، يَحدُوهُم في كُلِّ ذَلِكَ ظَنٌّ حَسَنٌ بِرَبِّ العَالَمِينَ، وَأَمَلٌ صَادِقٌ في أَن تَشمَلَهُم رَحمَتُهُ، أَو تُدرِكَهُم نَفحَةٌ مِن نَفَحَاتِهِ، فَيَكُونُوا مِنَ العُتَقَاءِ مِنَ النَّارِ، وَيَسعَدُوا سَعَادَةً دَائِمَةً لا يَشقَونَ بَعدَهَا أَبَدًا.

 

مَا أَجمَلَ المُسلِمِينَ شَبَابًا وَشِيبًا وَكُهُولاً، وَهُم يَتَسَابَقُونَ إِلى مَسَاجِدِهِم قُبَيلَ الأَذَانِ أَو مَعَهُ، لِيَركَعُوا للهِ رَكَعَاتٍ مُطمَئِنَّةً، وَيَسجُدُوا بَينَ يَدَيهِ سَجَدَاتٍ خَاشِعَةً، وَيَقرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ لَهُم مِن كِتَابِهِ، أَو يَرفَعُوا إِلَيهِ دَعوَةً خَالِصَةً! وَمَا أَحسَنَهُم وَقَد أَدرَكُوا تَكبِيرَةَ الإِحرَامِ مَعَ الإِمَامِ، وَصَفُّوا مَعَ إِخوَانِهِم عَلَى مِثلِ صُفُوفِ المَلائِكَةِ! ثم مَا أَجمَلَهُم بَعدَ ذَلِكَ وَقَد بَقُوا في أَمَاكِنِهِم مُطمَئِنِّينَ سَاكِنِينَ، يُسَبِّحُونَ وَيَحمَدُونَ وَيُكَبِّرُونَ وَيُهَلِّلُونَ، ثم يُكمِلُ أَحَدُهُم لَحَظَاتٍ إِيمَانِيَّةً عَاشَهَا قَبلَ الصَّلاةِ مَعَ كِتَابِ اللهِ، فَيُتِمُّ جُزءًا بَدَأَهُ، أَو يَختِمُ سُورَةً شَرَعَ فِيهَا!

 

إِنَّهُم في تِلكَ اللَّحَظَاتِ الإِيمَانِيَّةِ المُبَارَكَةِ، الَّتي يُتَاجِرُونَ فِيهَا مَعَ رَبِّهِمُ الكَرِيمِ، إِنَّهُم لَيَرجُونَ أَن يَنَالُوا أُجُورًا مُضَاعَفَةً وُعِدُوا بها، فَغَدَوا لِعَظِيمِ إِيمَانِهِم بِرَبِّهِم وَتَصدِيقِهِم بِمَوعُودِهِ لَكَأَنَّمَا يَرَونَهَا بِأَعيُنِهِم، بَل لَكَأَنَّمَا أَحَدُهُم يَذُوقُ حَلاوَتَهَا وَيَستَطعِمُ لَذَّتَهَا في لَحظَتِهِ، يَجِدُهَا في خُطُوَاتِهِ إِلى المَسجِدِ، وَيَذُوقُهَا في أَدَائِهِ النَّافِلَةَ قَبلَ صَلاتِهِ وَبَعدَهَا، وَيَحتَسِبُهَا في انتِظَارِهِ الصَّلاةَ، وَيُحِسُّ بها في كُلِّ حَرفٍ مِن كِتَابِ اللهِ يَقرَؤُهُ، وَيَستَشعِرُهَا في رَفعِ يَدَيهِ لِتَكبِيرَةِ الإِحرَامِ مَعَ الإِمَامِ، وَتَسِيرُ مَعَهُ وَهُوَ يُؤَدِّي صَلاتَهُ مَعَ الجَمَاعَةِ، وَيَتَنَفَّسُهَا مَعَ كُلِّ تَسبِيحَةٍ وَتَحمِيدَةٍ وَتَكبِيرَةٍ وَتَهلِيلَةٍ، ثم لا يَزَالُ يَجِدُ رَوحَهَا سَعَةً في صَدرِهِ، وَطُمَأنِينَةً في قَلبِهِ، وَرَاحَةً في نَفسِهِ، تُرَغِّبُ إِلَيهِ اللُّبثَ في مُصَلاَّهُ وَالجُلُوسَ في مَسجِدِهِ، حَتى لَكَأَنَّمَا يَسمَعُ مَلائِكَةَ الرَّحمَنِ وَهِيَ تَستَغفِرُ لَهُ حَالَ جُلُوسِهِ، أَو تَكتُبُ لَهُ حَسَنَاتٍ وَتَمحُو عَنهُ سَيِّئَاتٍ، فَمَا أَوفَرَ حَظَّهُ وَقَد حَظِيَ بِكُلِّ هَذِهِ الكَرَامَاتِ مِن رَبِّهِ، وَمَا أَسعَدَهُ وَقَدِ اجتَمَعَت لَهُ كُلُّ هَذِهِ الفَضَائِلِ مِنَ الغُفُورِ الشَّكُورِ! وَتَاللهِ لَولا إِيمَانُهُ بِرَبِّهِ وَاحتِسَابُهُ مَا عِندَهُ، وَطَمَعُهُ في جَنَّتِهِ وَمَا أَعَدَّهُ لِعِبَادِهِ الصَّالِحِينَ، لَجَلَسَ في بَيتِهِ، أَو لَنَامَ عَلَى فِرَاشِهِ، أَو لَلَبِثَ يَطرُدُ دُنيَاهُ، أَو لاشتَغَلَ بِلَهوٍ أَو لَعِبٍ أَو قَضَاءِ شَهوَةٍ، وَلَكِنَّ شُعُورَهُ بِأَنَّ رَمَضَانَ أَيَّامٌ مَعدُودَاتٌ سَرِيعَةُ المُرُورِ، وَلَيَالٍ كَرِيمَةٌ خَاطِفَةُ العُبُورِ، يَدفَعُهُ لاغتِنَامِ وَقتِهِ، وَيُشَجِّعُهُ عَلَى مُسَابَقَةِ الزَّمَنِ، وَيَقُودُهُ لاستِثمَارِ فُرَصِ العُمُرِ، وَكُلَّمَا فَتَرَت نَفسُهُ أَو تَكَاسَلَت، أَو وَجَدَ مِنهَا ضَعفًا أَو تَرَاجُعًا، قَالَ لها يَا نَفسُ اصبِرِي قَلِيلاً وَتَجَمَّلِي، وَوَاصِلِي المَسِيرَ وَتَحَمَّلِي، وَاقرَئِي سِيَرَ الصَّالِحِينَ وَتَأَمَّلِي، لِتَعلَمِي أَنَّ رَسُولَ اللهِ قَد وَاصَلَ صِيَامَ اليَومَينِ وَالثَّلاثَةِ لِمَا يَجِدُهُ مِن حَلاوَةِ العِبَادَةِ، وَأَنَّهُ قَد تَفَطَّرَت قَدَمَاهُ مِن طُولِ القِيَامِ لِمَا يَلقَاهُ مِن لَذَّةِ المُنَاجَاةِ، وَأَنَّهُ كَانَ في رَمَضَانَ أَجوَدَ بِالخَيرِ مِنَ الرِّيحِ المُرسَلَةِ لِيَقِينِهِ بِأَنَّ رَبَّهُ سَيُخلِفُ عَلَيهِ وَيُعطِيهِ حَتى يَرضَى، وَأَنَّهُ كَانَ يَعتَكِفُ في مَسجِدِهِ يَتَحَرَّى لَيلَةَ القَدرِ لِعِلمِهِ بِشَرَفِهَا وَمَا يَتَنَزَّلُ فِيهَا، وَهَكَذَا كَانَ مَن بَعدَهُ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَصَالِحِي الأُمَّةِ..

 

فَتَشَبَّهِي إِن لم تَكُوني مِثلَهُم ♦♦♦ إِنَّ التَّشَبُّهَ بِالكِرَامِ فَلاحُ


أَيُّهَا المُسلِمُونَ، مَا يُقَلِّبُ النَّاظِرُ بَصَرَهُ يَمنَةً وَيَسرَةً في هَذَا الشَّهرِ المُبَارَكِ، إِلاَّ رَأَى زَكَوَاتٍ تُخرَجُ بِنُفُوسٍ طَيِّبَةٍ، وَصَدَقَاتٍ تُبذَلُ بِأَرِيحِيَّةٍ تَامَّةٍ، وَتَفطِيرًا لِلصَّائِمِينَ في سُرُورٍ وَغِبطَةٍ، وَأَفوَاجًا تَقطَعُ القِفَارَ وَتَتَحَمَّلُ مَشَقَّةَ الأَسفَارِ، آمِّينَ البَيتَ الحَرَامَ يَبتَغُونَ فَضلاً مِن رَبِّهِم وَرِضوَانًا، وَيَرجُونَ بِأَدَاءِ العُمرَةِ في هَذَا الشَّهرِ أَن يَنَالُوا أَجرَ حَجَّةٍ، فَالحَمدُ للهِ الَّذِي أَعَانَ عِبَادَهُ عَلَى طَاعَتِهِ وَحَبَّبَهَا إِلَيهِم، وَوَفَّقَهُم لَهَا وَيَسَّرَ لهم فِعلَهَا، وَإِلاَّ لَمَا اهتَدُوا إِلى خَيرٍ سَبِيلاً، فَكَم في هَذِهِ الأَرضِ مِمَّن أُوتُوا عُقُولاً ثَاقِبَةً وَأَفهَامًا نَيِّرَةً، وَأَذهَانًا صَافِيَةً وَمَدَارِكَ وَاسِعَةً، فَأَعمَلُوهَا في إِصلاحِ دُنيَاهُم، وَأَدأَبُوهَا في التَّفكِيرِ فِيمَا يُرِيحُ أَجسَادَهُم، فَبَلَغُوا في دَرَجَاتِ الدُّنيَا مَا بَلَغُوا، وَنَالُوا مِن زِينَتِهَا مَا نَالُوا، وَلَكِنَّهُم لم يُهدَوا لإِسلامِ وُجُوهِهِم للهِ، وَلم يَتَعَرَّفُوا إِلَيهِ بِآيَاتِهِ الكَونِيَّةِ أَوِ القُرآنِيَّةِ ﴿ يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ ﴾ [الروم: 7].

 

أَلا فَاتَّقُوا اللهَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - وَاحمَدُوهُ إِذَ هَدَاكُم وَاصطَفَاكُم، وَكَفَاكُم وَآوَاكُم، وَقُولُوا كَمَا يَقُولُ أَهلُ الجَنَّةِ إِذَا دَخَلُوهَا: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ ﴾ [الأعراف: 43] فَإِنَّ الشُّكرَ طَرِيقُ الزِّيَادَةِ ﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ﴾ [إبراهيم: 7].

♦   ♦   ♦

 

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا ﴾ [الطلاق: 5].

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، يَا مَن وَفَّقَكُمُ اللهُ في هَذَا الشَّهرِ المُبَارَكِ فَنَوَّعتُمُ الأَعمَالَ الصَّالِحَاتِ، وَأَخَذتُم مِن كُلِّ خَيرٍ بِسَبَبٍ، اِستَبشِرُوا وَأَمِّلُوا خَيرًا، فَإِنَّ رَبَّكُم جَوَادٌ كَرِيمٌ، يُضَاعِفُ لِكُلِّ مَن عَمِلَ صَالِحًا بِكُلِّ حَسَنَةٍ عَشرَ أَمثَالِهَا، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا ﴾ [الأنعام: 160] وَهَذَا الجَزَاءُ الكَبِيرُ - أَيُّهَا الإِخوَةُ - يَنَالُهُ كُلُّ عَامِلٍ بِفَضلِ اللهِ وَرَحمَتِهِ، غَيرَ أَنَّ عَطَاءَهُ - تَعَالى - لا يُحَدُّ بِحَدٍّ، بَل إِنَّهُ وَهُوَ الوَاسِعُ العَلِيمُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ أَضعَافًا كَثِيرَةً لا يُحصِيهَا غَيرُهُ، وَمِن ثَمَّ كَانَ مِن فِقهِ المُسلِمِ وَتَوفِيقِ اللهِ لَهُ وَخَاصَّةً في هَذَا الشَّهرِ الكَرِيمِ، أَن يَحرِصَ عَلَى بَذلِ الأَسبَابِ الَّتي تُضَاعَفُ بها أُجُورُهُ وَحَسَنَاتُهُ، فَيَتَحَرَّى إِخلاصَ العَمَلِ للهِ وَأَن يُتَابِعَ فِيهِ رَسُولَ اللهِ، قَالَ - تَعَالى -: ﴿ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ﴾ [المائدة: 27] وَقَالَ -صلى الله عليه وسلم-: " مَن صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِهِ " مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. وَمِن أَسبَابِ مُضَاعَفَةِ الأَجرِ أَن يَكُونَ نَفعُ العَمَلِ مُتَعَدِّيًا، وَأَثَرُهُ في النَّاسِ كَبِيرًا ظَاهِرًا، وَفِعلُهُ يَدعُو الآخَرِينَ لِلتَّشَبُّهِ بِصَاحِبِهِ وَالاقتِدَاءِ بِهِ أَو مُشَارَكَتِهِ فِيهِ، وَمِن ذَلِكَ تَعلِيمُ العِلمِ وَإِرشَادُ الجَاهِلِينَ، وَالدَّعوَةُ إِلى الخَيرِ وَالنَّهيُ عَنِ الشَّرِّ، وَالعَمَلُ في مَشرُوعَاتِ تَفطِيرِ الصَّائِمِينَ وَدَعمُهَا، وَالمُسَاهَمَةُ في دَعمِ المَشرُوعَاتِ الخَيرِيَّةِ وَالأَوقَافِ، الَّتي فِيهَا إِعَانَةٌ لِلمُسلِمِينَ عَلَى أُمُورِ دِينِهِم، أَو إِغَاثَةٌ لهم في شُؤُونِ دُنيَاهُم، وَنَفعُهَا مُستَمِرٌّ وَإِحسَانُهَا مُتَسَلسِلٌ، قَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " مَن سَنَّ في الإِسلامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجرُهَا وَأَجرُ مَن عَمِلَ بها بَعدَهُ مِن غَيرِ أَن يَنقُصَ مِن أُجُورِهِم شَيءٌ... " رَوَاهُ مُسلِمٌ. وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " إِذَا مَاتَ الإِنسَانُ انقَطَعَ عَنهُ عَمَلُهُ إِلاَّ مِن ثَلاثَةٍ: إِلاَّ مِن صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَو عِلمٍ يُنتَفَعُ بِهِ أَو وَلَدٍ صَالِحٍ يَدعُو لَهُ " رَوَاهُ مُسلِمٌ وَغَيرُهُ. وَمِنَ الأَعمَالِ المُضَاعَفَةِ الأَجرِ مَا كَانَ لَهُ وَقعٌ عَظِيمٌ في نَفسِ مَن يَحتَاجُ إِلَيهِ، كَكَشفِ كُربَةٍ مَكرُوبٍ، أَو قَضَاءِ حَاجَةِ مُحتَاجٍ، أَو سَدَادِ دَينٍ مَدِينٍ، أَو إِنجَاءِ مُشرِفٍ عَلَى الهَلَكَةِ مِنهَا، أَو تَنفِيسِ عُسرٍ أَو إِزَالَةِ ضَرَرٍ، وَإِذَا كَانَتِ امرَأَةٌ بَغِيٌّ قَد سَقَـت كَلبًا فَغُفِرَ لها بَغيُهَا، فَكَيفَ بِمَن أَحسَنَ إِلى المُسلِمِينَ في رَمَضَانَ، وَأَدخَلَ عَلَيهِمُ السُّرُورُ في شَهرِ الإِحسَانِ، وَقَضَى حَاجَاتِهِم وَفَرَّجَ كُرُبَاتِهِم عَنِ احتِسَابٍ وَإِيمَانٍ؟! وَمِن أَسبَابِ مُضَاعَفَةِ الحَسَنَاتِ الصَّدَقَةُ مِنَ الكَسبِ الطَّيِّبِ، قَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " مَن تَصَدَّقَ بِعَدلِ تَمرَةٍ مِن كَسبٍ طَيِّبٍ وَلا يَقبَلُ اللهُ إِلاَّ الطَّيِّبَ، فَإِنَّ اللهَ يَقبَلُهَا بِيَمِينِهِ ثم يُرَبِّيهَا لِصَاحِبِهَا كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُم فَلُوَّهُ حَتى تَكُونَ مِثلَ الجَبَلِ " رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ.

 

وَمِن أَسبَابِ مُضَاعَفَةِ الأَجرِ أَن يَكُونَ العَبدُ حَسَنَ الإِسلامِ حَسَنَ الطَّرِيقَةِ، تَارِكًا لِلذُّنُوبِ غَيرَ مُصِرٍّ عَلَى شَيءٍ مِنهَا؛ قَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " إِذَا أَحسَنَ أَحَدُكُم إِسلامَهُ فَكُلُّ حَسَنَةٍ يَعمَلُهَا تُكتَبُ لَهُ بِعَشَرِ أَمثَالِهَا إِلى سَبعِ مِئَةِ ضَعفٍ..." مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

 

أَلا فَاتَّقُوا اللهَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - وَاحرِصُوا عَلَى إِحسَانِ أَعمَالِكُم تُضَاعَفْ أُجُورُكُم، أَدُّوا صَلاةَ الفَرِيضَةِ مَعَ الجَمَاعَةِ تُضَاعَفْ لَكُم، وَقُومُوا مَعَ الإِمَامِ في التَّرَاوِيحِ حَتى يَنصَرِفَ يُكتَبْ لَكُم قِيَامُ لَيلَةٍ، وَدَاوِمُوا عَلَى قِيَامِ لَيَالي رَمَضَانَ كُلِّهَا تُدرِكُوا لَيلَةَ القَدرِ، فَإِنَّ إِدرَاكَهَا خَيرٌ مِن عِبَادَةِ أَلفِ شَهرٍ، وَاصبِرُوا وَلا تَمَلُّوا، وَدَاوِمُوا عَلَى الأَعمَالِ الصَّالِحَةِ وَانصَبُوا، فَعَن عَائِشَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنهَا - أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ لها في عُمرَتِهَا: " إِنَّ لَكِ مِنَ الأَجرِ عَلَى قَدرِ نَصَبِكِ وَنَفَقَتِكِ " رَوَاهُ الحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • داعي الإيمان ونفحات رمضان
  • النفحات الإيمانية في الدروس الرمضانية
  • شهر الصوم رحمات ونفحات
  • رمضان .. كنوز ونفحات
  • نفحات مباركات في شهر البركات
  • في شهر البركات كن من المسابقين إلى الخيرات
  • استعدادات المخلوقات لاستقبال شهر البركات (خطبة)
  • إشراقات من وحي شهر البركات (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • رمضان شهر الخيرات وموسم البركات والنفحات شهر تفتح فيه أبواب الجنة(مقالة - ملفات خاصة)
  • ألمانيا: المسلمون هم أكثر المتعرضين للتفرقة العنصرية(مقالة - المسلمون في العالم)
  • وداعا يا رمضان يا شهر البركات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • رمضان شهر البركات(مقالة - ملفات خاصة)
  • أبو البركات الأنباري (ت 577 هـ) وكتابه (لمع الأدلة في أصول النحو) بين الإبداع والتقليد (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • أقرب المسالك لمذهب الإمام مالك لأبي البركات أحمد الدردير(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • حصول البركات بطاعة الله ورسوله عليه الصلاة والسلام وقوله تعالى: وإن تطيعوه تهتدوا(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • الاستصحاب عند أبي البركات الأنباري (ت 577هـ)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • بركات السحور وقول النبي صلى الله عليه وسلم: فإن في السحور بركة(مقالة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • بركات السحور وقول النبي صلى الله عليه وسلم: تسحروا فإن في السحور بركة(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ندوة دولية في سراييفو تبحث تحديات وآفاق الدراسات الإسلامية المعاصرة
  • النسخة الثانية عشرة من يوم المسجد المفتوح في توومبا
  • تخريج دفعة جديدة من الحاصلين على إجازات علم التجويد بمدينة قازان
  • تخرج 220 طالبا من دارسي العلوم الإسلامية في ألبانيا
  • مسلمو سابينسكي يحتفلون بمسجدهم الجديد في سريدنيه نيرتي
  • مدينة زينيتشا تحتفل بالجيل الجديد من معلمي القرآن في حفلها الخامس عشر
  • بعد 3 سنوات أهالي كوكمور يحتفلون بإعادة افتتاح مسجدهم العريق
  • بعد عامين من البناء افتتاح مسجد جديد في قرية سوكوري

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 27/12/1446هـ - الساعة: 15:51
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب